اذهب إلى المحتوى

هل شعرت يومًا أنت أو فريقك، بأنكم ترزحون تحت العبء الذي تُحمِّلُكم إياه التغييرات التي تحدث في الشركة؟ ربما سبقَ لك أن مررتَ مع فريقك عبر وضع تسوده الريبة أو عدم اليقين، مثل التحوّل إلى العمل عن بُعد؛ أو أنك قدتهم عبر مراحل مفصلية استراتيجية الطابع، أو تغييرات هيكلية، أو خلال مرحلة شهدت استحواذًا.

يبدو أن التغيير مستمرٌ هذه الأيام، بصرف النظر عن السيناريو الذي تحقق فعلًا، ورغم أنّ تلك اللحظات ليست يسيرةً دائمًا، لكنها حتمية لا مفرّ منها. تمثّل قيادةُ الموظفين أثناء مرحلة التغيير فرصةً مميزةً لك لتطبيق أفضل مهارات القيادة التي لديك، ولكن من جهة أخرى، قد يُشعِرُك التغيير (وموظفيكَ أيضًا) بأنكم تفقدون السيطرة.

نحن هنا لنساعدك في استعادة تلك السيطرة. اتّبِع إطارَ العمل -الذي نعرضه لك في هذا المقال- المكون من خمس خطوات لقيادة فريقك خلال مرحلة التغيير، ومساعدتِه على التكيُّف معه، وتكوين القدرة على الصمود، والاستعداد على نحو أفضل للمرة القادمة التي تهبّ فيها رياح التغيير.

ما معنى القيادة أثناء مرحلة التغيير؟

عندما تقود فريقك أثناء مرحلة تشهد تغييرًا مؤسسيًا، فإنك تمثّل صلة الوصل بين كبار المسؤولين التنفيذيين في الشركة الذين يتخذون القرارات من جهة، وبين فريق موظفيك الذين يتأثرون بتلك القرارات من جهة أخرى؛ فأنت هنا بمثابة صوتِ الشركة.

يُعَد هذا المنصب حسّاسًا، حيث يتطلبُ إتقانُ ممارسته الوقتَ والخبرة معًا، فالقيادة أثناء التغيير تعني حشدَ الموظفين نحو اتجاه جديد، ويعني ذلك ضمانَ حصولهم على جميع المعلومات التي يحتاجون إليها لاستيعاب التغيير الذي يُجرى، إضافةً إلى تلقّيهم التوجيهَ الضروري للتكيّف مع الصعوبات التي تبرز بالتوازي مع ذلك التغيير.

يبدو تحقيقُ ذلك سهلًا من الناحية النظرية، ولكننا واثقون أنك خبير كفاية، بحيث تُدرك أن الأشخاص لا يستجيبون للتغيير في روتينهم على نحو جيد دائمًا.

اقتباس

قُدِ التغيير ولا تسمح له بقيادتك.

من ضمن مهامك -بوصفك مديرًا- توقُّعُ مقاومةِ موظفيك للتغيير، ورسمُ الخطوط العريضة لخطتك الهادفة إلى جعلهم يستجيبون له. يمكن لذلك أن يكون صعبًا إذا انتابَكَ -أنت أيضًا- شعور بأنّ التغيير قد فُرِض عليك، وهنا تحديدًا سيتضح أن التغيير في الذهنية أمرٌ مفيد! تولَّ قيادةَ التغيير، ولا تسمح له بأن يقودك.

إطار عمل من خمس خطوات للقيادة أثناء مرحلة التغيير

ليست هناك فترة انتقالية نحو التغيير متماثلة تمامًا بالنسبة لجميع الشركات؛ فقيادة الفريق أثناء مرحلة التغيير الناجحة تعني تطبيقَ بعض الخطوات الأساسية لضمان النجاح، وذلك بالتعامل مع جميع الجوانب ذات الصلة بتلك المرحلة، بالتوازي مع مساعدة فريقك على إنجاز ذلك التغيير.

وبالتوازي مع الحديث بالتفصيل عنِ الإطار المكون من خمس خطوات، سنعرِّج على بعض السيناريوهات الخاصة بأنواع محددة من التغيير التي قد تصادفها في شركتك.

1. كن واضحا بشأن الرؤية الكامنة وراء التغيير

يغدو تقبُّلُ التغيير أكثر صعوبةً عندما لا يكون مفهومًا، وهذا ما يجعل شرحَ الرؤية من إجرائه -أي بيان سببه- ـ أمرًا ضروريًا. وهنا يأتي دورُك، وذلك بأن تدمج التغيير بالصورة الأكبر للشركة وتقييمها. قدِّمْ معلوماتٍ كاملة لجعلِ لموظيفك يطبقون التغيير بوصفِ ذلك جزءًا من الصورة الأكثر شمولًا.

السيناريو: واجهت شركتُك أوقاتًا عصيبة وأُعيدَ هيكلتها، وبعد إعادةِ هيكلةٍ أُلغيَت فيها بعضُ المناصب. قد يشعر فريقك بفقدان الأمان؛ وقد يرتبط ذلك بوظائفهم أو بالتمهيد لمسار جديد، وهنا تُطبَّق القيادةُ الفعالة لتوفير مزيد من المعلومات للموظفين على نحو متعاطف، كأن تقول لهم:

اقتباس

أُدركُ مدى صعوبة التكيُّف مع هذا الوضع الجديد، وأودّ أن أشرح السببَ وراءه مِن منظورٍ تجاري، فالدور الذي كان يؤديه ذلك الموظف ذو طبيعة مؤقتة، وكان الهدف منه مساعدتنا في تطوير مهاراتنا في تلك الناحية؛ أما وقد مرّت سنتان، فقد تطوّرت لدينا تلك المهاراتُ بحيث لم نعد بحاجة إلى ذلك المنصب، وسيمكّنُنا تطبيقُها على نحو مستقل من المضيّ قُدُمًا وتطوير جوانب أخرى في الشركة، بحيث نستمر في الازدهار ونبقى ضمن المنافسة. ينسجم كل ذلك مع القيمة المتمثلة في النمو المستمر.

2. وفر الأرضية لفريقك

لا يحقق مجردُ إملاء التغيير على موظفيك الاستجابةَ المرجوّة منهم نحوه. فصحيح أنهم ليسوا "جزءًا" من عملية صنع القرار التي تجري على مستوى الإدارة العليا للشركة، لكنَّ لهم تأثيرًا على كيفية سير الأمور. وعندما يشعر الموظفون بأنهم يمارسون تحكُّمًا بالقرارات التي تؤثّر في عملهم، فإنهم يُظهِرون حسًّا أعلى بالمسؤولية.

اقتباس

لا يشعر حاليًا ما نسبته 32% من الموظفين المسجّلين ضمن قاعدة بياناتنا بأنهم منخرطون -على نحو سليم- في القرارات التي تؤثِّرُ في عملهم. المصدر: Officevibe team engagement solution.

حوِّلْ ذلك إلى فرصة لموظفي فريقك يشاركون فيها أسئلتهم ومخاوفهم، وحتى ملاحظاتهم، وانظر إلى الأمر بوصفه فرصةً لبناء حسٍّ مجتمعيٍّ ضمن فريقك، وذلك عبر مقاربة التغيير معًا بنقاشات مفتوحة، ووفِّر الأرضية لموظفيك.

3. شارك خطة عمل مع الخطوات التالية

في الأحوال العادية، ربما يتساءل موظفوك عن "ما الخطوة التالية؟" أخبرهم بذلك قدر استطاعتك، فمن شأن معرفتهم بما هو آتٍ أن يُخفف توتّرهم ويحفِّزهم، وذلك بالتوازي مع البدء بالتغيير. ليس عليك امتلاك جميع الأجوبة، ولكن الوضوح والتبصُّر ينبغي أن يُمثّلان عناصرًا يُعوَّلُ عليها ضمن قائمة إدارة التغيير الخاصة بك.

السيناريو: شركتك تتحول إلى استراتيجية الاعتماد الأساسي على التكنولوجيا الرقمية Digital-First

يمثّل هذا تحدّيًا كبيرًا نشعر بالحماس تجاهه للبدء به معكم. ينبغي أن يكون لديكم كثير من الأسئلة، ولذا أودّ أن أُحيطكم علمًا بما أعرف أنه قادم بالنسبة لنا. سيرسل فريق تقنية المعلومات في شركتنا -خلال الأسبوع المقبل- استبيانًا لاستيعاب الاحتياجات التقنية بعيدة المدى في المنزل لكلٍّ منكم، كما سأرتِّبُ لاجتماعٍ بغيةَ الاطلاع معًا على "المبادئ التوجيهية للعمل عن بعد" التي وضعها ذلك الفريق. سيكون عظيمًا لو استفدنا من هذا الوقت لمناقشة كيفية توظيف تلك المبادئ ضمن ثقافة فريقنا، وحالما أعلمُ المزيد حول الخطوات القادمة، فستكونون أول من أخبره بها".

4. خذ مقاومة التغيير بالحسبان وتعامل معها

بصرف النظر عن أسلوب القيادة الذي تتبعه، أو عن مدى جودة شرحك خطوةَ التغيير لموظفيك، فهناك فرصة لا بأس بها لظهور مقاومةٍ له من بعض أعضاء فريقك. لا تترك هذا الأمر بلا معالجة، فمن شأن عدم تلقّي استجابةٍ للتغيير إعاقةُ اندماج الموظفين، وعندما يفعل أحد الموظفين ذلك، فقد يؤثّر ذلك سلبًا في معنويات باقي زملائه. لا تتجاهل مدى سهولة تأثُّر اندماج موظفي فريقك؛ ففي دراسة حديثة أجرتها مؤسسة غالوب Gallup، أشارت إلى أنّ ما نسبتُه 70% من اندماج الموظفين يتأثر بمديرهم.

حان الوقت لزيادة اجتماعاتك الفردية مع الموظفين الذين يُبدون مقاومة للتغيير. أجرِ معهم نقاشات جدية واذهب معهم بعيدًا في النقاش لاستيعاب أسباب تلك المقاومة، وحاوِل كشف أسباب قلقهم تجاه التغيير، فغالبًا لا يكون هناك سبب لمعارضة التغيير سوى الخوف منه، وذلك وفقًا لمجلة فوربس:

اقتباس

يجعلُ الخوفُ التغييرَ شخصيًا إلى حدٍّ بعيد؛ إذ يخاف الناسُ على دخلهم ويقلقون بشأن علائلاتهم، ويتساءلون عمّا سيحدث لمسيرتهم المهنية. وعندما يخاف الناس، فإنهم يعجزون حرفيًا عن الاستماع والتفكير على نحو موضوعي.

السيناريو: شركتك تنمو بسرعة.

ربما يصعُب على الموظفين الذين أمضَوا وقتًا طويلًا في الوظيفة تقبُّلُ التغيير بعد أن يعتادوا على طريقة عمل محددة. ويكون قد تكرَّسَ لديهم روتينٌ خاص بهم وعملياتٌ محددة، وعلاقات متينة ومصالح مشتركة مع بعضهم بعضًا. ثم يأتي التغيير ليقلب كل ذلك رأسًا على عَقِب. وقد يظنون أن الشركة غدت أكبر من أن يتمكنوا من تقديم شيء لها، أو قد يشكّون فيما إذا كانوا ما يزالون موظفين فاعلين، أو صالحين للعمل فيها.

اقتباس

شكرًا على الوقت الذي منحتَني إياه لعقد هذا الاجتماع الفردي. أعلم أننا تحدثنا -بوصفنا فريقًا- عن النمو القادم لفريقنا وشركتنا، لكني أود معرفة كيف تسير الأمور معك على المستوى الشخصي. لقد كنتَ مع شركتنا منذ البداية وأقرُّ بذلك، فما الأفكار التي تدور في ذهنك؟ كلّي آذانٌ مصغِية.

5. كرس وقتا لتقدير الموظفين

عندما يُزعزع تغييرٌ كبير يقينَ فريقك، فمن المهم أن تحتفل بالانتصارات، سواءً كانت صغيرةً أم كبيرة، لأن ذلك يساعد في منع التأثيرات السلبية للتغيير. وحتى لو لم يكن تحقيق الأهداف قد بدأ بعد، وفريقُك داخلٌ في مرحلةٍ عاصفة؛ فلتلقِ الضوءَ على إنجازات أخرى، مثل الكيفية التي استطاع الفريقُ التكيُّفَ وفقًا لها. تساعد الإيجاببةُ والتشجيع على تحفيز الموظفين للمضيّ قُدُمًا.

نصائح لإيصال فكرة التغيير بفعالية

خطط للتواصل مسبقا

ليس عليك في هذه اللحظة أن توصِل الرسالة حول التغيير فورًا وعلى نحو كامل؛ بل إنّ أخذ وقتك لانتقاء العناصر الرئيسية التي عليك الحديث عنها لموظفيك سيساعدك ليس فقط في إيصال الأخبار الجديدة لهم، بل وفي تقديم إجاباتٍ على أسئلتهم كذلك.

لكي تكون واضحًا، أجِب على الأمور التالية في رسالتك الموجهة لموظفيك حول التغيير:

  • مَن المشمول بالتغيير؟ وكيف سيؤثر عليه؟
  • ما التفاصيل الرئيسية للتغيير؟
  • متى سيُطبَّق التغيير؟
  • لماذا يُجرى هذا التغيير؟ وما الرؤية من ورائه؟

لا تشارك كثيرا من المعلومات في المرة الواحدة

احرص على ألا تُدليَ بكثير من المعلومات دفعةً واحدة، لأن سماع ذلك قد يُلقي بعبءٍ ثقيل على معنويات الموظفين، ويمنعهم من استيعاب العناصر الأكثر أهميةً في رسالتك. ابدأ بالحديث عن النقاط الأكثر أهميةً؛ وهي التغيير وسببُ إجرائه.

وفيما يتعلق بالتواصل بشأن التغيير، ليس الأفضل دائمًا أن تبوح بالكثير؛ بل يساعِد أكثر التركيزُ على إيصال المعلومات المناسبة في الوقت المناسب، مع ضمان أن تُعطى تلك المعلومات من المستوى المناسب في الشركة. المصدر: مؤسسة غالوب (Gallup).

وبالتوازي مع المضيّ قُدمًا بالتغيير، يمكنك البدء بمشاركة المعلومات حول العناصر الإجرائية أكثر بطبيعتها. اعمل وفق منحنىً متصاعد، بالتوازي مع تعريف موظفيك بما هو قادم على طول الطريق.

وفر مساحة آمنة للنقاشات الصريحة

عندما يتحقق التغيير، فلِزامٌ عليك أن تقودَ بتعاطُفٍ، وأن توفّرَ أمانًا نفسيًّا. اجعل موظفيك يثقون بك بشأن الأسئلة التي يطرحون، والمخاوف التي يُفصحون لك عنها. ذكّرهم بأن من الطبيعي أن تنتابهم مشاعر القلق من التغيير؛ ثم أفسح لهم المجال للتحدث حوله. وبمجرد أن يبدؤوا بمصارحتك بمشاعرهم تجاه ذلك التغيير، تغدو قادرًا على قياس مدى قابلية الفريق للتكيُّف مع التغيير وتقبُّلِه.

لِنُصارح أنفسنا بالقول إنّ النقاشات العصيبة عصيبة فعلًا؛ ولكنّ الخوض فيها واجتيازها ليسا أمرًا مستحيلًأ، فالاستعانة بأدواتِ تقديم ملاحظاتٍ وتقييمات تُخفي هوية من يُبدونها، يمنح موظفيك حرية البوح بما يدور في أذهانهم من أفكار ومشاعر، وبما يحتاجون إليه، بحيث تستطيع الاطلاع على مخاوفهم مباشرةً، ومن مصدرها. وبذلك تحصل على أكثر ما تريد معرفته أهميةً، وتغدو قادرًا على التعامل مسبقًا مع تلك الأمور العصيبة.

يمضي التغييرُ بنا قُدُمًا ويساعدنا على التطور؛ فبدونه سنراوح مكاننا ولن نتقدم قيد شعرة. وعندما تتقبّل فكرةَ أن التغيير جزء طبيعي من عملك، فستتعلم المرونة. وإذا اعتنقتَ هذه الفكرة وسِرتَ بها عبر مسيرتك المهنية، فستطوِّر نظرتك المستقبلية، بحيث تضع خطط طوارئ لك ولشركتك وفريقك.

ترجمة وبتصرف للمقال Leading through change: a 5-step framework لصاحبتَيه Alison Robins و Erika Khanna.

اقرأ أيضًا


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...