إذا نظرنا إلى المؤسسات من ناحية الأنشطة التي تؤدِّيها، فسنجد أن المؤسسات أنظمة معقدة نسبيًا لأنَّها تعمل على تنفيذ الكثير من الأنشطة في آنٍ معًا. تتطلَّب العديد من هذه الأنشطة اهتمامًا من المديرين من حيث التخطيط لها والرقابة عليها، لذلك يضع المديرون أنواعًا مختلفة من الخطط لتوجيه سير العمل ولمتابعة أنشطة المؤسسة المختلفة ومراقبتها.
سنبيِّن في هذا المقال العديد من الخطط شائعة الاستخدام. تتضمَّن تصنيفات الخطط الرئيسية: الخطط حسب التسلسل الهرمي للإدارة، والخطط حسب تكرار الاستعمال، والخطط حسب المدى الزمني، والخطط حسب النطاق التنظيمي، وخطط الطوارئ. يُبيِّن الجدول العديد من أنواع الخطط التي تقع ضمن هذه التصنيفات.
أنواع الخطط المستخدمة في المؤسسات | |
---|---|
الخطط حسب التسلسل الهرمي للإدارة |
|
الخطط حسب تكرار الاستعمال |
|
الخطط حسب المدى الزمني |
|
الخطط حسب النطاق التنظيمي |
|
خطط الطوارئ |
|
(حقوق النشر محفوظة لجامعة رايس، OpenStax، مستخدمة تحت رخصة المشاع الإبداعي (CC-BY 4.0)) |
الخطط حسب التسلسل الهرمي للإدارة
تتكوَّن المؤسسات من ثلاث مستويات، ولكل مستوى احتياجاته التنظيمية الخاصة به، ويرتبط كل مستوى من المستويات الثلاثة (المؤسسي والإداري والتنفيذي) بنوع معين من الخطط. يُبيِّن الجدول السابق أنَّ الخطط تنقسم حسب التسلسل الهرمي للإدارة إلى: خطط استراتيجية، وخطط إدارية، وخطط تشغيلية. من المعلوم أنَّ هناك ترابطًا بين هذه الخطط الثلاث؛ إذ إنَّها تُسهم جميعًا في تلبية الاحتياجات التنظيمية للمستويات الثلاث، ويجري التخطيط للعمليات اليومية في المستوى التنفيذي من مستويات التسلسل الهرمي في المؤسسة.
الإدارة الاستراتيجية هي أحد جوانب عملية الإدارة، وهي تُركِّز على تحقيق تكامل شامل بين الأقسام المختلفة داخل المؤسسة، وتحقيق التكامل بين المؤسسة وبيئة العمل الخارجية في الوقت نفسه. تُحدِّد الإدارة الاستراتيجية الأساليب التي يُمكن من خلالها زيادة انسجام المؤسسة مع بيئة عملها بُغية تحقيق أهدافها.
توضِّح الخطط الاستراتيجية الاحتياجات التنظيمية على مستوى المؤسسة بكاملها، وتضع رؤية طويلة المدى للمؤسسة، وتبيِّن أيضًا سبب إنشاء المؤسسة وأهدافها الاستراتيجية واستراتيجياتها التشغيلية، وتتضمّن الخطط الاستراتيجيّة أيضًا عبارات الإجراءات (الخطوات العمليّة) التي تبيِّن كيفية تحقيق الأهداف الاستراتيجية الخاصة بالمؤسسة.
من عناصر التخطيط الاستراتيجي صياغةُ رسالة المؤسسة؛ التي تبيِّن سبب إنشاء المؤسسة، والتي تجيب عن السؤال: «ما هي الأعمال التي ينبغي علينا تولِّيها؟» في الواقع، تُعدُّ رسالة المؤسسة وخطتها الاستراتيجية مستنداتٍ مهمة توجِّه مسار الأنشطة التي تُنفِّذها المؤسسة. تتميَّز الخطط الاستراتيجية بخصائص معينة، وتتضمَّن هذه الخصائص ما يلي:
- تُعدُّ من الخطط طويلة المدى، وتُحدِّد مركز المؤسسة في بيئة عملها الخارجية.
- واسعة وشاملة وتتضمَّن العديد من الأنشطة التنظيمية.
- تعمل على تحقيق التكامل بين أنشطة المؤسسة وتوجِّهها وتراقبها على المدى القريب والبعيد.
- تُحدِّد ضوابط عملية اتخاذ القرارات الإدارية.
تُحدِّد الخطط التشغيلية مسارات العمل والإجراءات والأنشطة التي تُطبَّق في المستوى التنفيذي في المؤسسة. أمَّا الخطط الإدارية فهي تُشكِّل حلقة الوصل بين الخطط التي تُوضع على المستوى المؤسسي والخطط التشغيلية، وتربط أيضًا جميع الخطط التي تُوضع لمختلف وحدات المؤسسة.
الخطط حسب تكرار الاستعمال
تُصنَّف الخطط أيضًا حسب عدد مرَّات استعمالها. هناك بعض الخطط التي تُستعمل استعمالًا متكرّرًا، وهناك خطط أخرى تُستعمل مرة واحدة فقط. تُوضع الخطط الدائمة (standing plans)، مثل القواعد والسياسات والإجراءات، من أجل التعامل مع القضايا التي يواجهها المديرون مرارًا وتكرارًا. على سبيل المثال، قد يقلق المديرون بشأن تأخُّر الموظفين عن العمل، وهي مشكلة قد تحدث لدى جميع القوى العاملة وفي مختلف المؤسسات. قد يقرِّر هؤلاء المديرون وضع سياسة ثابتة لكي تُنفَّذ تلقائيًا في كل مرة يتأخَّر فيها الموظف عن العمل. يُطلق على الإجراءات التي تُنفَّذ بموجب الخطط الدائمة إجراءات التشغيل القياسية.
تُوضع الخطط فريدة الاستعمال (Single-use plans) من أجل استعمالها في مواقف أو مشكلات استثنائيّة، وغالبًا ما تُستبدل بعد استعمالها لمرة واحدة. يستخدم المديرون عمومًا ثلاثة أنواع من الخطط فريدة الاستعمال، وهي: البرامج والمشاريع والموازنات. يحتوي الجدول السابق على وصف موجز للخطط الدائمة والخطط فريدة الاستعمال.
الخطط حسب المدى الزمني
تبيِّن الخطط التي تقع ضمن هذا التصنيف ما الذي ستفعله المؤسسة في المستقبل، وتعكس هذه الخطط حاجة المؤسسة إلى التخطيط والتفكير في الأمور المستقبلية، وتتضمَّن ثلاثة أنواع، هي: الخطط قصيرة المدى، والخطط متوسطة المدى، والخطط طويلة المدى. تجدر الإشارة إلى أنَّ طول المدة الزمنية التي تغطيها الخطط تختلف اختلافًا كبيرًا فيما بين المؤسسات في مختلف أنحاء العالم؛ وذلك بسبب تميُّز كل قطاع عمل عن القطاعات الأخرى في طبيعة عمله، إلى جانب اختلاف التوجُّهات الزمانية في المجتمعات المختلفة (يمكنك الاطلاع على الاختلافات التي حدَّدها هوفستد بين الثقافات حول العالم على أساس التوجُّه نحو المستقبل).
من المثير للدهشة أنَّ رجل الأعمال الياباني (كونوسوكي ماتسوشيتا) الذي أسَّس شركة (ماتسوشيتا) التي تحمل اسمه (والتي أصبح اسمها باناسونيك فيما بعد) قد وضع خطة مدتها 250 عامًا، ومع ذلك لا تُعدُّ خطته نموذجًا شائعًا للخطط طويلة المدى في الشركات!
لا يقتصر الاختلاف بين الخطط قصيرة المدى ومتوسطة المدى وطويلة المدى، لا يقتصرُ على طول المدة الزمنية التي تغطيها؛ بل هناك أوجه اختلاف أخرى بينها. في الواقع، كلَّما كانت مدة الخطة أطول، ازدادت حالات عدم اليقين أمام المخططين في معظم الأحيان. نتيجةً لذلك، غالبًا ما تكون الخطط طويلة المدى أقل وضوحًا من الخطط قصيرة المدى، كما أنَّها غالبًا ما تبتعد عن الطابع الرسمي وتكون ذات تفاصيل أقل ومرونة أكبر مقارنةً بالخطط قصيرة المدى، وذلك بهدف التعامل المناسب مع المواقف المُبهمة (التي لم تتضمّنها الخطّة). بالإضافة إلى ذلك، تميل الخطط طويلة المدى إلى أن تكون ذات طابع إرشادي وتوجيهي أكثر من غيرها.
يظهر في الصورة برج تلفزيون (سابورو) الذي رُكِّبت عليه ساعات رقمية مقدَّمة من شركة (ماتسوشيتا)، وهي شركة يابانية تعمل في مجال تصنيع الإلكترونيات. اقترح مؤسس الشركة (كونوسوكي ماتسوشيتا) تركيب هذه الساعات؛ إذ رأى أنَّ هذه الساعات الرقمية ستلفت الانتباه إلى البرج. يحظى (ماتسوشيتا) بمكانة كبيرة بصفته رائدًا في الفكر الإداري في اليابان، ويُعدُّ من الداعمين للتخطيط طويل المدى، لدرجة أنَّه قد وضع خطة مدتها 250 عامًا. (مصدر الصورة: حساب Arjan Richerter/ فليكر/ مستخدمة تحت رخصة المشاع الإبداعي Attribution 2.0 Generic (CC BY 2.0))
الخطط حسب النطاق التنظيمي
تُصنَّف الخطط أيضًا حسب نطاقها التنظيمي، وتركِّز بعض هذه الخطط على المؤسسة بأكملها. على سبيل المثال، طوَّر رئيس جامعة (مينيسوتا) خطةً تهدف إلى جعل هذه الجامعة واحدة من أفضل خمس مؤسسات تعليمية في الولايات المتحدة الأمريكية. في المقابل، هناك خطط أخرى ذات نطاق أضيق لأنَّها تركِّز على مجموعة جزئية من أنشطة المؤسسة أو وحدات العمل فيها، مثل وحدة الخدمات الغذائية في الجامعة. يُمكنك الرجوع إلى الجدول السابق لمعرفة المزيد من التفاصيل المتعلِّقة بالخطط المصنَّفة حسب النطاق التنظيمي.
خطط الطوارئ
غالبًا ما تُجري المؤسسات ما يُعرف بالتخطيط للطوارئ (الذي يُعرف أيضًا باسم التخطيط بالسيناريو أو تخطيط "ماذا لو"). ذكرنا سابقًا أنَّ عملية التخطيط تُبنى على افتراضات معينة حول الأمور التي يُتوقَّع أن تحدث في بيئة عمل المؤسسة. تُوضع خطط الطوارئ من أجل التعامل مع المُستجدّات والطوارئ التي لم تشملها عمليّة التخطيط أو التي لم تكن في حسبان المخطّطين أثناء وضعهم لمخطّطهم (تبيّن أن الافتراضات في المخطط غير صحيحة)؛ وهذا يعني أنَّ التخطيط للطوارئ يُحدِّد مسارات العمل البديلة التي سوف تُنفَّذ إذا عرقلت الأحداث غير المتوقَّعة مسار العمل المخطَّط له.
تتيح خطط الطوارئ لإدارة المؤسسة اتخاذ إجراءات فورية إذا أصبحت الخطط الراهنة غير مناسبة أو غير قابلة للتنفيذ نتيجةً للأحداث غير المخطَّط لها، مثل حدوث إضرابات أو مقاطعة للمنتجات أو كوارث طبيعية أو تغيُّرات اقتصادية كبيرة. على سبيل المثال، تضع شركات الطيران خطط طوارئ للتعامل مع الهجمات الإرهابية والكوارث الطبيعية وحوادث الطيران المؤسفة. في الواقع، إنَّ معظم خطط الطوارئ لا تُنفَّذ أبدًا، ولكنَّها مهمة للغاية عند الحاجة لها.
ترجمة -وبتصرف- للفصل Types of Plans من كتاب Principles of Management
اقرأ أيضًا
- المقال التالي: التخطيط وصياغة الأهداف في المؤسسات
- المقال السابق: كيف تجري عملية التخطيط في المؤسسات
أفضل التعليقات
لا توجد أية تعليقات بعد
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.