اذهب إلى المحتوى

كيف تجري عملية التخطيط في المؤسسات


هيفاء علي

تتميَّز عملية التخطيط الفعَّال بأنَّها تُركِّز على المستقبل وتتمتّع بالشموليّة والمنهجية ويُمكن التشاور بشأنها، وتنطوي على بحثٍ واسعٍ عن البدائل وتحليل المعلومات ذات الصلة، وتتسِّم بأنَّها عملية منهجية بطبيعتها، وغالبًا ما تكون قائمة على المشاركة. يُقسِّم نموذج التخطيط المبيَّن في هذا القسم هذه الوظيفة الإدارية إلى عدة خطوات، كما هو موضَّح في الشكل التالي. إنَّ اتباع خطوات هذا النموذج يُساهم في تحقيق متطلَّبات التخطيط الفعَّال في المؤسسات.

Planning-Process.jpg

عملية التخطيط (المصدر: مقتبس من كتاب «Principles of management: An analysis of managerial functions»، هارولد كونتز وسيريل أودونيل، 1972. ص 113)

الخطوة الأولى: إدراك الوضع الراهن

يُشير الباحثان في مجال الإدارة هارولد كونتز (Harold Koontz) وسيريل أودونيل (Cyril O’Donnell) إلى أنَّ الخطوة الأولى في عملية التخطيط هي الإدراك. يعمل المديرون في هذه الخطوة على تكوين الأساس الذي سوف يبنون عليه خططهم، ويُحدِّد هذا الأساس الوضع الحالي للمؤسسة والتزاماتها ونقاط قوتها ونقاط ضعفها، ويُوضّح أيضًا رؤيتها المستقبلية. من المعلوم أنَّ للأحداث والوقائع الماضية دور مهم في تحديد سير عمل المؤسسة ووجهتها المستقبلية، لذلك يجب على المديرين في هذه المرحلة فهم طبيعة مؤسستهم وتاريخها، وكما يقولون: «كلما تأمَّلت فيما مضى، كُنتَ أشدَّ بصيرةً في المستقبل.»

الخطوة الثانية: صياغة عبارات الأهداف

الخطوة الثانية من خطوات عملية التخطيط هي تحديد وجهة المؤسسة أو غايتها النهائية، وغالبًا ما يتطلَّب ذلك تحديد الأهداف. يُحدِّد المديرون الذين يعملون في مختلف مستويات الهرم الإداري للمؤسسة عددًا من الأهداف، كما يضع كلٌّ منّا أهدافع الخاصة بك، مثل الحصول على درجة معينة في مادة دراسية ما.

من الجدير بالذكر أنَّه لا بُدَّ من توافق الخطط التي تُوضع في مختلف المستويات الإداريّة مع بعضها بعضًا، وأن تصبَّ جميعًا في مصلحة المؤسسة ككل. على سبيل المثال، يجب أن تتوافق الخطط التي تضعها لجنة المناهج التابعة لقسم التسويق بالجامعة مع خطط القسم وتدعمها، والتي بدورها تُساهم في تحقيق أهداف كلية إدارة الأعمال، و يُفترض في الوقت نفسه أن تدعم الخطط التي تضعها هذه الكلية أهداف الجامعة. يتضّح ممَّا سبق أنَّ المديرين يُسهمون في بناء تسلسل معقَّد من الخطط التنظيمية (كما هو موضح في الشكل التالي)، وذلك من أجل تحقيق الأهداف العامة لمؤسستهم.

Organization-Plans-Network.jpg

مثال عن تسلسل الخطط التنظيمية (حقوق النشر محفوظة لجامعة رايس، OpenStax، مستخدمة تحت رخصة المشاع الإبداعي (CC-BY 4.0))

التخطيط للأهداف والتخطيط للمجال

يُمكن صياغة عبارات الأهداف من خلال تحديد الغايات المنشودة أو تحديد المسار المطلوب نحو وُجهة معينة لتحقيق مجموعة من النتائج التي تعود بالنفع. يُقصد بالتخطيط للأهداف (goal planning) أن يضع الأفراد أهدافًا معينة ومن ثمَّ يُحدِّدون عبارات الإجراءات (الخطوات العمليّة) التي ستبيِّن كيفية تحقيق هذه الأهداف.

على سبيل المثال، قرَّرت الطالبة الجامعية الجديدة نسرين أنّها تودُّ الحصول على درجة البكالوريوس في الكيمياء الحيوية (الهدف)، ثمَّ وضعت خطة دراسية مدتها أربع سنوات لكي تُعينها على تحقيق هذا الهدف. استخدمت نسرين في هذا المثال أسلوب التخطيط للأهداف؛ إذ إنَّها قد وضعت هدفًا في البداية ثمَّ حدَّدت الإجراءات والخطوات اللازمة لتحقيق ذلك الهدف.

التخطيط للمجال/ للمسار (domain/directional planning) هو أسلوب آخر للتخطيط، يضع بواسطته المديرون مسار عمل يقود المؤسسة نحو مجال واحد محدَّد (ومن ثمَّ يصرفها عن المجالات الأخرى). قد يكون ضمن المجال المحدَّد عدة أهداف دقيقة ومناسبة. على سبيل المثال، قرَّر خريج المدرسة الثانوية نبيل أنَّه يودُّ التخصُّص في مجال متعلِّق بالأعمال التجارية في الجامعة، لذلك فهو سيعمل على اختيار مجموعة متنوعة من المواد الدراسية من منهج كلية إدارة الأعمال خلال السنوات الأربع القادمة، ولكنَّه لن يختار تخصصًا محدَّدًا.

بعد أن يختار نبيل المواد التي سيدرسها بناءً على إمكانيّة دراسته لها وما إذا كان مهتمًّا بها، فإنَّه سيُحقِّق عددًا كافيًا من الإنجازات ضمن المجال الذي اختاره؛ الأمر الذي سيُمكِّنه من التخرُّج في تخصُّص التسويق مثلًا. استخدم نبيل في هذا المثال أسلوب التخطيط للمجال، ولم يستخدم تخطيطًا للأهداف إطلاقًا، ولكنَّه سيُحقِّق في النهاية واحدًا من الأهداف التي وضعها ضمن هذا المجال المعتمد.

يُعدُّ تطوير الأوراق اللاصقة المعروفة باسم بوست-ايت (Post-it) التي تُنتجها شركة ثري أم (3M) من الأمثلة التي توضِّح كيفية حدوث التخطيط للمجال؛ إذ كانت تُبذل الجهود في مختبرات الأبحاث التابعة لشركة (3M) من أجل تطوير أنواع جديدة من المواد اللاصقة، وكانت إحدى النتائج مادة لاصقة لم تكن فائدتها معروفة بسبب انخفاض قدرتها على لصق الأشياء بقوة.

أدرك آرثر فراي (Arthur L. Fry) الذي يعمل في أحد أقسام شركة (ثري أم) أنَّ هذه المادة اللاصقة -التي أنتجها سبنسر سيلفر (Spencer F. Silver) والذي يعمل أيضًا في نفس الشركة- يُمكنها الالتصاق بالورق لفترات طويلة ويُمكن إزالتها دون إتلاف الورق، وذلك بعد أن تضايق فراي بسبب سقوط مؤشرات الصفحات (page markers) من أحد الكتب الخاصة به وهو في الكنيسة.

جرَّب فراي استخدام المادة اللاصقة الجديدة على مؤشرات الصفحات وأوراق الملاحظات، ومن هنا جاءت فكرة المنتج الذي يُدعى (Post-it) والذي حظي بشعبية كبيرة وأدرَّ لشركة (3M) الكثير من الأرباح. أشار جيف نيكولسون (Geoff Nicholson)، الذي كان له الفضل في رواج منتج (Post-it)، أشار إلى أنَّه بدلًا من الانخراط في عملية التخطيط لفترة طويلة، يجب تسريع عجلة الابتكار واتخاذ القرارات مبكرًا بشأن الاستمرار في تطوير المنتج المبتكَر أو الانتقال إلى تطوير منتجات أخرى.

PostIt-Notes.jpg

تظهر في الصورة أوراق الملاحظات (Post-it) التي تُنتجها شركة 3M، غالبًا ما يُستخدم هذا المُنتج عند إنشاء المستندات المشتركة والتعديل عليها، مثل الخطة الإستراتيجية للشركة. كيف يمكن أن تؤثِّر التكنولوجيا الحديثة التي تسمح لعدة أشخاص بمشاركة المستندات الإلكترونية، مثل ملفات Word أو PowerPoint، على مبيعات المُنتج (Post-it) من وجهة نظرك؟ (مصدر الصورة: حساب Kevin Wen/ فليكر/ مستخدمة تحت رخصة المشاع الإبداعي Attribution 2.0 Generic (CC BY 2.0))

من المواقف التي قد يُجري المديرون فيها تخطيطًا للمجال:

  1. عندما تكون هناك ضرورة واضحة للمرونة.
  2. عندما لا يتمكَّن الأفراد من الاتفاق على الأهداف.
  3. عندما تكون بيئة العمل الخارجية للمؤسسة غير مستقرة وغامضة بدرجة كبيرة.
  4. عندما تكون المؤسسة في أولى مراحلها أو عندما تمرُّ بمرحلة انتقالية.

بالإضافة إلى ذلك، يقتصر إجراء التخطيط للمجال غالبًا على مستوى الإدارة العليا في المؤسسة؛ إذ يكون المديرون مسؤولين عن التعامل مع بيئة العمل الخارجية وتكون المهام غير واضحة المعالم. في المقابل، يسود إجراء التخطيط للأهداف (صياغة أهداف متناغمة مع المجال المحدَّد) غالبًا في المستوى التنفيذي في المؤسسة، والذي تَقلُّ فيه حالات عدم اليقين.

التخطيط الهجين

أحيانًا يحدث دمج بين التخطيط للمجال والتخطيط للأهداف، وهذا يؤدِّي إلى تشكيل أسلوب ثالث يُسمَّى التخطيط الهجين. في هذا الأسلوب، يبدأ المديرون بدراسة مخطط سير العمل العام ويسعون إلى سلوك اتّجاه معين. في بداية العمل يسلك المديرون منهج التخطيط للمجال (الذي يكون أشمل وأوسع وأكثر مرونة) ويكتسبون المعلومات مع مرور الوقت، ومن ثمَّ تقل حالات الغموض وعدم اليقين، وتُصبح الأولويات والتفضيلات أكثر وضوحًا، ويُصبح المديرون قادرين على الانتقال إلى مرحلة التخطيط للأهداف، ويتمكَّنون من وضع أهداف أكثر تحديدًا في المجال المحدَّد. مجمل القول هو أنَّ الانتقال من التخطيط للمجال إلى التخطيط للأهداف يحدث عندما تتراكم المعرفة وتزداد الخبرات، ويُصبح هناك ميل لتحقيق هدف معين، وتُحدَّد عبارات الإجراءات.

نتائج التخطيط للأهداف والتخطيط للمجال والتخطيط الهجين

لا يؤثِّر تحديد الأهداف على الأداء مباشرةً فحسب؛ بل يُشجِّع المديرين أيضًا على التخطيط تخطيطًا أفضل، وهذا يعني أنَّه بعد تحديد الأهداف، يزداد ميل الأفراد إلى التفكير بطريقة منهجية بشأن كيفية تحقيق هذه الأهداف. لكن عندما تتَّسم الأهداف بالغموض وعدم الوضوح، كما هو الحال عند إجراء التخطيط للمجال، فإنَّ الأفراد يجدون صعوبة في وضع خطط عمل مفصَّلة وواضحة، ومن ثمّ يُصبح أداؤهم أقل فاعلية. تجدر الإشارة إلى أنَّ المقالات التي تحدّثنا فيها عن التحفيز تتطرَّق إلى نظرية الهدف (goal theory) والتي تعكس أهميّة تحديد الأهداف في زيادة فعاليّة وإنتاجيّة الأفراد. تُشير الدراسات إلى أنَّه ينتج عن التخطيط للأهداف مستويات أداء أعلى مقارنةً بالتخطيط للمجال وحده.

الخطوة الثالثة: الافتراض

يضع المديرون في هذه الخطوة الافتراضات التي سيحدِّدون بناءً عليها عبارات الإجراءات. إنَّ مدى جودة ونجاح أي خطة يعتمد على مدى جودة افتراضاتها الأساسية، لذلك يجب خلال عملية التخطيط وضع افتراضات بشأن الأحداث المستقبلية ومتابعتها وتحديثها تحديثًا دوريًا.

يجمع المديرون المعلومات من خلال دراسة بيئات العمل الداخلية والخارجية لمؤسستهم، ثمَّ يستخدمون هذه المعلومات لوضع افتراضات حول الأحداث المستقبلية المُحتملة. لكي تتضِّح هذه الخطوة أكثر، دعونا ننظر إلى ما فعلته الطالبة نسرين التي أشرنا إليها في مثالٍ سابق. جلست نسرين تفكِّر في كيفية توفير المال الكافي الذي سيُمكنِّها من دفع الرسوم الدراسية المطلوبة لإكمال دراستها الجامعية، ومن ثمَّ الحصول على درجة البكالوريوس في الكيمياء الحيوية، وتوقَّعت أنَّها ستحتاج إلى العثور على وظيفة صيفية بدوام كامل على مدار عامين، بالإضافة إلى مدَّخراتها والأموال التي قدَّمها لها والديها.

بناءً على ذلك، دوَّنت نسرين في خطتها التي تمتدُّ لأربع سنوات أنَّها بحاجة إلى إيجاد وظيفة صيفية بدوام كامل في الفترة ما بين الانتهاء من الدراسة الثانوية وبداية السنة الجامعية الأولى، وأخرى في الفترة ما بين نهاية السنة الجامعية الأولى وبداية السنة الجامعية الثانية.

ستعمل نسرين في الصيف الذي يسبق بداية السنة الجامعية الثالثة والصيف الذي يسبق بداية السنة الجامعية الرابعة للحصول على التدريب المناسب والبحث عن فرص العمل المتاحة للخريجين؛ الأمر الذي سيُسعد والديها! تُعدُّ الخطة التي تُوضع لتحديد كيفية دفع الرسوم الدراسية وإكمال التعليم في غاية الأهمية، ولكن لا يقتصر استخدام مهارات التخطيط الفعَّال على الأمور المتعلِّقة بالعمل أو الدراسة فقط؛ بل يمكن لأي فرد استخدامها في شتّى المجالات والأنشطة الحياتيّة.

الخطوة الرابعة: تحديد مسار التنفيذ (عبارات الإجراءات)

يُحدِّد المديرون في هذه الخطوة كيفية الانتقال من وضعهم الحالي والتحرًّك نحو هدفهم (أو نحو مجالهم)، ويعملون على صياغة عبارات إجراءات ( خطوات عمليّة) تُوضِّح بالتفصيل ما يجب فعله ومن سيفعله ومتى وكيف سيفعلونه. يُبيِّن مسار التنفيذ كيف ستنتقل المؤسسة من وضعها الراهن إلى وضعها المستقبلي المنشود، وتتضمّن هذه الخطوة:

  • تحديد البدائل استنادًا إلى البحث والتجريب والخبرة.
  • تقييم البدائل بناءً على مدى إسهام كلٍّ منها في مساعدة المؤسسة على تحقيق أهدافها أو إحراز تقدُّم في المجال المحدَّد.
  • اختيار مسار التنفيذ بعد معرفة مزايا كل بديل ودراستها بعناية.

الخطوة الخامسة: صياغة خطط داعمة

نادرًا ما تقتصر عملية التخطيط على تبنِّي خطة عامة؛ إذ غالبًا ما يحتاج المديرون إلى وضع واحدة أو أكثر من الخطط الداعمة أو الثانويّة من أجل تدعيم خطتهم الأساسية وتفصيلها. على سبيل المثال، افترض أنَّ إحدى المؤسسات ترغب في تقليل معدل دوران الموظفين، ولذلك قرَّرت تقليل عدد أيام العمل من خلال الانتقال من نظام أسبوع العمل الذي مدته 5 أيام وعدد ساعات العمل فيه 40 ساعة إلى نظام أسبوع العمل الذي مدته 4 أيام وعدد ساعات العمل فيه 40 ساعة أيضًا.

تتطلَّب هذه الخطة الرئيسية وضع مجموعة من الخطط الداعمة، فقد يحتاج المديرون إلى تطوير سياسات شؤون الموظفين المتعلِّقة بأجور ساعات العمل الإضافي، وستكون هناك حاجة لوضع عدد من الخطط الإدارية الجديدة التي ترتبط بتحديد مواعيد الاجتماعات، وكيفية التعامل مع المكالمات الهاتفية، وكيفية التعامل مع الزبائن والمورِّدين، بمعنى آخر وضع خطط عمل ثانوية والتي ستحتاجها الشركة لتنظيم تداعيات تنفيذ الخطّة الرئيسية.

العلاقة بين التخطيط والتنفيذ والرقابة

بعد أن ينتهي المديرون من الخطوات الخمس لعملية التخطيط وبعد أن يضعوا ويُنفِّذوا خططًا معينة، فإنَّه يجب عليهم مراقبة تنفيذ هذه الخطط ومتابعتها. يضطلع المديرون بأداء مهمة الرقابة (التي سوف نتناولها بمزيد من التفصيل لاحقًا في مقالات هذا الباب من سلسلتنا) عن طريق ملاحظة سلوكيات الموظفين والأنشطة التي تجري داخل المؤسسة، ومن ثمَّ مقارنتها بعبارات الأهداف وعبارات الإجراءات التي وُضعت أثناء عملية التخطيط، ويتخذون على إذر هذه المراقبة إجراءات تصحيحية إذا لاحظوا أي انحراف عن المسار المُحدّد وأي نتائج غير متوقَّعة أو غير مرغوب فيها.

نُلاحظ ممَّا سبق أنَّ هناك ارتباط وثيق بين عملية التخطيط وعملية الرقابة (فعملية التخطيط تتبعها عملية رقابة، ثمَّ تتبعها عملية تخطيط أخرى، وهكذا). تمدُّ عملية التخطيط عملية الرقابة بالمعايير التي سيُقيَّم السلوك بناءً عليها عند إجراء الرقابة. في المقابل، إنَّ مراقبة السلوك التنظيمي (عملية الرقابة) يُزوِّد المديرين بمجموعة من البيانات والمدخلات التي تُساعدهم على الاستعداد لعملية التخطيط القادمة (استدراك أخطاء وُضعت في سياق المُخطط السابق وتبيّن وجود نقاط ضعفٍ فيها بعد مراقبة خطوات تنفيذها)؛ أي أنَّ عملية الرقابة توفِّر معلومات تُسهم في تحسين إدراك الوضع الراهن (الخطوة الأولى من عملية التخطيط).

انطلاقًا من أهمية إدارة الجودة الشاملة وإجراء تحسين مستمر على الإجراءات المطبَّقة وكذلك على السلع والخدمات، فإنَّ هناك عددًا من المؤسسات التي ربطت بين أنشطة التخطيط والرقابة التي تجري فيها من خلال تبنِّي وتطبيق دورة ديمنج (المعروفة أيضًا بدورة شيوارت)، ومن هذه المؤسسات فرع شركة أي بي ام (IBM) الموجود في مدينة روشستر في ولاية مينيسوتا.

لقد لوحظ كثيرًا أنَّ العديد من المؤسسات التي تخطِّط لا تدرك حقيقةً أهمية التعلُّم المستمر والاستفادة من التجارب السابقة، إذ إنَّ خططهم إما تُوضع على الرف ويتراكم عليها الغبار أو تُصاغ وتُنفَّذ ويُلتزَم بها ولكن دون مراجعتها بانتظام وتعديلها. في الواقع، غالبًا ما تُنفَّذ الخطط دون تحديد الوضع الحالي للمؤسسة منذ البداية، ولذلك لا يُمكن إجراء مقارنات بين الوضع القديم والوضع الجديد أو تقييم فعالية الخطة الموضوعة.

تُساعد دورة ديمنج (الموضحة في الشكل التالي) المديرين على تقييم آثار مسار التنفيذ المحدَّد من خلال دمج نتائج عملية التعلُّم التي تجري داخل المؤسسة في عملية التخطيط، وتتألَّف دورة ديمنج من أربع مراحل رئيسية هي:

  1. خطِّط: صياغة الخطة باتباع خطوات عملية التخطيط التي وضَّحناها سابقًا.
  2. نفِّذ: تطبيق الخطة.
  3. تحقَّق: متابعة نتائج مسار التنفيذ المحدَّد. يُصبح لدى المؤسسة معلومات تتعلَّق بفعالية الخطة في هذه المرحلة.
  4. صحِّح: التصرُّف بناءً على المعلومات الجديدة، وتعديل الخطة، والرجوع إلى المرحلة الأولى من مراحل دورة ديمنج، إذ تبدأ المؤسسة التي تسعى إلى التعلُّم والتحسين المستمر دورة تخطيط جديدة.

    Deming-Cycle.jpg

دورة ديمنج (حقوق النشر محفوظة لجامعة رايس، OpenStax، مستخدمة تحت رخصة المشاع الإبداعي (CC-BY 4.0))

ترجمة -وبتصرف- للفصل The Planning Process من كتاب Principles of Management

اقرأ أيضًا


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...