اذهب إلى المحتوى

كيف ترتب أولوياتك وتزيد من إنتاجيتك


مجد اسماعيل

السؤال الحالي الذي يُطرَح على المديرين هو: كيف تنجح في إنجاز مهامك اليومية الكثيرة؟، وهو السؤال المؤرِّق الدائم لهم، ولذا بدأنا بالبحث عن إجابة محددة بدقة حول كيفية تحديد الأولويات، بحيث يكون المدير هناك مع فريق موظفيه، ويُنجِز في الوقت ذاته العمل الخاص به.

لقد جمعت آنا كولانتس Ana Collantes وفريقها بعض الشهادات، واطلعوا على الأساس العلمي الذي ترتكز عليه الإنتاجية، فصيغ في منهج من خمس قواعد ستُحدِث ثورةً في الطريقة التي تنجز فيها المهام في عملك، وبالنسبة لفريقك وشركتك.

سنتحدث تاليًا عن كيفية ترتيب أولوياتك، والشعور بالتحكم والتوقع وتتبع الأمور ومعرفة متى يكون الأمر الطارئ طارئًا غعلًا.

كيف تحدث الإنتاجية؟

لو أردت الحصول على نظام تحديد أولويات ناجح، فعليك البدء بفهم الكيفية التي يعالج فيها دماغك المهام ويساعدك في أن تكون مُنتِجًا. سوف نستكشف الأساس العلمي الذي ترتكِز عليه الإنتاجية، كما ستفهم كيف تؤثر عليك قائمةُ الأشياء التي لا ينتهي إنجازُها، والسببَ الذي يجعلك تشعر بأنك لا تُنجِز ما يكفي، وأنك لستَ الوحيد في هذا الصراع.

دعك من قوة الإرادة

اقتباس

سأبدأ يومي يوم الاثنين بقائمة بالأمور التي عليّ إنجازُها.

في المرة القادمة، سأُبلي أفضل في جمع التقييمات.

في كتابه "قوة الإرادة لا تفي بالغرض"، حيث يشرح بنيامين هاردي السبب في أنّ قوة الإرادة لا تساعدك في إنجاز الأشياء، ولا تعدو كونها تتعلق بقدرتك على دفع نفسك لفعل أمر ما بصرف النظر عن ماهيته. وما لا تأخذه هذه الذهنيةُ بالحسبان، هو العوامل الخارجية الحقيقية (غير المتوقعة أحيانًا) التي تؤثّر في كيفية استجابتك للحياة وشعورك تجاهها، لذا لا تُعوِّل كثيرًا على قوة الإرادة لإنجاز الأشياء، بل ادفع نفسك للتركيز على المهام ذات الأهمية، أو لتحسين إنتاجيتك، واتبع بدلًا من ذلك مناهج توصلك إلى تحقيق ذلك، بصورة مستقلة عن شعورك أو قوة إرادتك.

احذر من غريزة التأجيل لديك

أظهرت الدراسات أن أدمغتنا تميل إلى تجنّب المشاكل المعقدة، والذهاب مباشرةً نحو المهام البسيطة وتلك التي لا تتطلب جهدًا ذهنيًا، فقبل أن نبدأ إنجاز المهام أو المشاريع، تفكّر أدمغتنا نحو الأمام فتكتشف الأجزاء الصعبة، ثم تقرر التركيز على المهام البسيطة الأسهل في الإنجاز، والتي لا تحتاج لبذل كثير من الجهد الذهني، ولهذا فإن أردتَ تحسين ترتيب أولوياتك، فعليك استيعاب أن دماغك قد ينظّم الأشياء وفقًا لدرجة تعقيدها، وليس بالضرورة وفقًا لدرجة إلحاحها أو أهميتها.

أخذ الاستراحات ضروري لإنتاجيتك

لِنقُل إنك تعلم ما ستمنحه أولويةً، ولكنك ما تزال تفشل في إنهاء المهام. ربما يعود سبب ذلك إلى افتقادك لأوقات التركيز والاستراحات، لهذا فيجب ألا تكون الاستراحات قابلةً للتفاوض، لأنه ثبتَ أنّ الاستراحات تجعلك أكثر إنتاجيةً.

فكِّر فيما يفعله العدّاؤون خلال سباق الماراثون: فهم لا يجرون بسرعة من بداية السباق الممتد 42 كيلومترًا وحتى نهايته، بل يوزعون خطواتهم وطاقتهم على تلك المسافة. وينطبق الأمر ذاته على الموسيقيين المحترفين، إذ لا يتدرب هؤلاء طوال اليوم دون توقف، بل يحددون جلسة التدريب بتسعين دقيقة، ويأخذون استراحات خلالها أيضًا، فبدلًا من صرف طاقتهم على امتداد اليوم؛ فهم يركّزون ويعملون بجدّ، ثم يستريحون استعدادًا لمعاودة التدريب لاحقًا.

احجز وقتًا للمهام الصعبة، وحافظ على الاستراحات خلالها، ولا تستهلك طاقتك على طول اليوم، بل ركِّزها على أداء العمل بجد ضمن وقت محدد، ثم أتْبِع ذلك باستراحات.

هناك أمر لا شك فيه، وهو أننا لا نعلم ما سيحمله الغد لنا، لهذا احرص على شحن طاقتك، وعلى أن يكون لديك ما يكفي منها استعدادًا لما هو قادم، مع المحافظة مسبقًا على الطاقة التي تحتاجها للعمل الأكثر تعقيدًا.

تعدد المهام يبطئ تقدمك

أظهرت الدراسات أن الأشخاص متعددي المهام لا ينجزون سوى القليل، لأن تعدد المهام يجعلك تعمل قليلًا على كل مهمة دون أن تُكمِل إنجاز الكثير. ورغم أنه ستكون هناك دائمًا بعض المهام المتعددة التي عليك إنجازُها، فاحرص على وضع حدود لنفسك، وركِّز على أمر واحد حينما يكون ذلك ممكنًا، فهنا تحديدًا تتجلى فائدة ترتيب الأولويات الصحيح.

القواعد الخمسة لكيفية ترتيب الأولويات

اقتباس

في مسعىً منا لتطوير هذه القواعد الخمسة، فقد محّصنا جيدًا في الأبحاث؛ وطالعنا الأبحاث الأكاديمية ذات الصلة، وحضرنا مؤتمرات عبر الويب، وتحدّثنا إلى مديرين، لهذا جرِّب هذه القواعد التي خرجنا بها، وراقِب مستوى إنتاجيتك يرتقع، وتحكَّم في قدرتك على ترتيب أولوياتك. آنا كولانتس

تتمثل هذه القواعد في الآتي:

1. ركز على ما يحتاج إليه فريقك فعلًا

إنّ من أفضل ما تفعله بوصفك مديرًا مواجهةَ المشاكل التي قد يعاني منها فريقك، واستيعابها، قبل أن تتعقد أكثر، ويعني ذلك اتباعَ نظام يجعلك شخصًا يستبق الأمور ويتجنب المشاكل فيما يتعلق بسعادة فريقك. فمعرفتك الدقيقة للمشاكل التي يعاني منها فريقك نقطة تحوّل في هذا المجال.

تأتي طريقة أخرى أساسية -لمعرفة على ما ستركّز- مباشرةً من التقييمات التي يبديها موظفوك، ولهذا لا تنتظر طويلًا قبل جمعِها، وأبقِ الباب مفتوحًا ليتواصل معك الموظفون، بحيث تتمكن من ترتيب أولوياتك بالنسبة للمشاكل التي تبدو مستمرةً بينهم.

2. اتبع نظام مستويات لأجل عمل فريقك

يعيش المديرون واقِعَين اثنين هما: عملهم اليومي، ودورهم الإداري. ومن شأن ترتيب أولوياتك على نحو سليم- ضمن مجموعة المهام تلك- أن يساعدك في أن تصبح منتِجًا ومتحكِّمًا. لقد أوصى كل من كريس دو وآدم مورغان من جمعية Real Creative Leadership في أحد المؤتمرات عبر الويب التي أجرياها؛ بضرورة اتباع نظام مستويات مع فريقك لتحديد أولويات العمل، وإليك كيف صاغا ذلك النظام فعليًا:

  • المستوى 1: هل إنجاز مهمة ما أولوية للفريق لتحقيق أهدافنا؟ إذا كان الجواب "نعم"، فتُعَد تلك مهمةَ مستوىً أول تتطلب إسهام المدير وعنايته.
  • المستوى 2: أما لو لم تكن المهمة من أولويات الفريق، ولكنها على درجة ما من الأهمية، فهذا يجعلها في المستوى 2. وبالنسبة للفريق، يعني ذلك إمكانية إنجازها بأكثر من طريقة، ويمكن- حتى- الاستعانة بمصادر خارجية لإنجازها، أي تعهيدها.
  • المستوى 3: أما إذا كانت المهمة متعلقةً بالاتصالات الداخلية والعمل الداخلي، فهذا يجعلها في المستوى 3. إذ يأتي مديرو الفريق بنماذج ومبادئ توجيهية، ولكنهم يسمحون لأعضاء ذلك الفريق بتولي المبادرة "بأنفسهم، والإتيانِ بالنتائج بالكيفية التي يريدون".

يقول آدم مورغان:

اقتباس

يعتمد ما هو صحيح بالنسبة لفريقك على ما تحدده بوصفه قيِّمًا ومهمًّا.

عندما يكون لديك نظام مستويات قيد التطبيق، ويأتي إليك أعضاء فريقك بمهمة جديدة، فستتمكن من الإحاطة بالأمر بمجرد تحديد المستوى الذي تنتمي إليه تلك المهمة، أي ستنجح بثقة في تحديد ما إذا كان تدخُّلك مطلوبًا، أو ما إذا كان يكفي الاقتصار على تشجيع أعضاء فريقك ليؤمِنوا بقدراتهم ويكونوا مستقلين.

3. اتبع نظام أولويات لعملك الخاص

نوصي بشدة باستخدام مصفوفة إيزنهاور لاتخاذ القرار، فخلافًا لغيرها من الأساليب؛ تساعدك هذه المصفوفة- التي تمثل أسلوبَ تحديد أولوياتٍ رباعيًا- في التفكير العميق بما يمكنك تفويضه وما يمكنك رفضُه، وهذا ما لا غنى عنه لقدرتك على أن تصبح مديرًا منتِجًا ومؤثِّرًا.

01eisenhower-decision-matrix-1024x553.png

مصدر الصورة: Officevibe

4. ممارسة الثقة

من العناصر الأساسية للإنتاجية معرفة متى تُفوِّض، فإذا كنت مديرًا، فأنت مسؤول عن أداء مجموعة من الأشخاص، ولهذا السبب فقد تكون تفعل أكثر مما عليك بدون أن تعلم، ولكن لِمَ يكون صعبًا جدًا أحيانًا أن تفوِّض الآخرين؟ الجواب غالبًا سيكون: "قلة الثقة".

يقول مايلز كارتر Myles Carter، وهو مدير محتوى لدى شركة البرمجيات المسماة شيرغايت Sharegate:

اقتباس

أنجحُ اللحظات التي أبليتُ فيها حَسَنًا في تفويض المهام كانت أثناء وجود كثير منها بحاجة إلى إنجاز، إذ كان عليّ منحُ الثقة للأشخاص لإنجاز أعمالهم، ولإنجازها على خير ما يُرام. لم يكن لديّ الوقت لفعل غير ذلك، فقد اضطُررتُ إلى التنحي عن أداء عدد من الأعمال. وسرعان ما أدركتُ فعالية السماح للأشخاص بأن يكونوا مستقلين ويشعروا بالتمكين الممنوح لهم.

مارِسِ الثقة بالآخرين وارتَح لتفويض المهام، وبعدها ستتمكن من التركيز أكثر على المهام التي تتطلب دورك الإداري.

5. اعكس عاداتك الرقمية وغيرها

شاركت امرأة تُدعى ليز ويليتس Liz Willits -وهي صاحبةُ شركة ومؤثِّرةٌ في مجال التسويق- في منشور على موقع لينكد إن قائمةً بالخطوات التي تتبعها لتُحافِظ على إنتاجيتها:

اقتباس

يفعل الأشخاصُ المُنتِجون هذه الأشياء السبعة:

  1. تعطيل تلقّي الإشعارات في تطبيق الرسائل سلاك Slack.
  2. تعطيل إشعارات البريد الإلكتروني.
  3. الرد على الإشعارات المذكورة أعلاه ضمن مواعيد محددة.
  4. تفعيل وضع الطيران في الهاتف المحمول.
  5. استخدام أداة للإنتاجية والتركيز. (تستخدم ليز الأداة المسماة Motion).
  6. إلغاء 90% من الاجتماعات.
  7. استبدال تلك الاجتماعات الملغاة بتحديثات برنامج Slack أو البريد الإلكتروني.

ووفق ما أظهرته التعليقات على المنشور أعلاه؛ فسيختلف التعاطي مع ما جاءَ فيه من مدير لآخر، إذ ليس بوسع كل شخص أن يعطّل إشعارات البريد الإلكتروني أو يلغي الجزء الأكبر من اجتماعاته، ولكن بوسعنا جميعًا إعادة النظر بالأنشطة اليومية التي نعلق بها والتي تستغرق كثيرًا من وقتنا، لهذا توقّف عن إعطاء الأولوية لأمور لا تستدعي ذلك، وألغِ ما لا يساعدك في إنجاز عملك (مثل الاجتماعات التي يمكن استبدالها بوثيقة مكتوبة بعناية).

اقتباس

نصيحة احترافية: يمكنك الأخذ بجزء من نصيحة "ليز"المذكورة أعلاه، وتطبيقها على جزء من وقتك فقط (مثل: تعطيل جميع الإشعارات من الساعة 2 حتى 4 بعد الظهر، أو إلغاء كل الاجتماعات في أيام الثلاثاء). احرص على إبلاغ أعضاء فريقك بذلك ليعلموا به، وابقَ متاحًا للحالات الطارئة.

الخلاصة

ترتبط الإنتاجية بترتيب الأولويات ارتباطًا عضويًا، وهذا الأمر مهم للمديرين خصوصًا، لأنهم موظفون لديهم مهام ينبغي إنجازُها، ومديرون في الوقت ذاته، فينشطون على هذين المحورين، لهذا التزِم بالقواعد الخمسة التي عرضناها في هذا المقال، وسرعان ما ستلمس التغيير.

ترجمة -وبتصرّف- للمقال How to prioritize: 5 rules to be a more productive manager لصاحبته Ana Collantes.

اقرأ أيضًا


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...