في هذا المقال من سلسلة مقالات مدخل إلى عالم الأعمال سنتحدث عن خطوتين هامتين في عملية إدارة الموارد البشرية، وتتمثل في كل من توظيف الأشخاص واختيار الموظفين، وهي الخطوة الأبرز لاختيار من هم الموارد البشرية الخاصة بها، التي سيكون على الشركة التعامل معهم وإدارتهم.
كيف توظف الشركات الأشخاص؟
بعد أن تُنشِئ شركةٌ ما منصبًا جديدًا، أو بعد أن يشغُرَ أحدُ المناصب التي لديها، تبدأ تلك الشركة في البحث عن أشخاصٍ مؤهلين، تتوفر لديهم الشروط التي يتطلبُها ذلك المنصب، أو تلك الوظيفة، وهناك مصدران اثنان تحصل منهما شركةٌ ما على المتقدمين للوظائف، وهما سوق العمل الداخلية، والخارجية، ويمثَّل سوقَ العمل الداخلية الموظَّفون الذي يعملون لدى الشركة في ذلك الوقت؛ أما سوق العمل الخارجية، فهي مجموعة المتقدمين المحتملين للعمل من خارج الشركة.
الصورة 8.5: يُعَدُّ التوظيف عبر الإنترنت من بين أكثر القصص نجاحًا في ذلك الفضاء الافتراضي خلال العقد الماضي، وتبرزُ المنصات الإلكترونية لينكد إن (LinkedIn)، و مونستر (Monster)، و كارير بيلدر (CareerBuilder) بوصفها من أكثر مواقع الإنترنت نشاطًا بالنسبة للباحثين عن وظيفة، وللجهات الموظِّفة السّاعية إلى تشكيل فريق عمل.
سوق العمل الداخلية
يُمكن تسهيلُ التوظيف الداخلي إلى حدٍّ بعيد عبر استخدام نظام معلومات خاص بالموارد البشرية، يتضمن قاعدة بيانات لموظف ما، مع معلومات حول الخبرة الوظيفية السابقة لكل موظف، ومهاراته، ومجال دراسته، وشهاداته الأكاديمية، وتفضيلات العمل، والمهن لديه، وأدائه، وحضوره، ومن أكثر نتائج التوظيف الداخلي شيوعًا: الترقيات، والتنقل بين الوظائف. وتعمد معظم الشركات إلى ترقية موظفيها داخليًا، وتدير التنقَّل صعودًا لموظفيها، ومنها شركة السكك الحديدية بي إن إس إف (BNSF)، وشركة وول مارت (Walmart)، وشركة بوينغ (Boeing)، وشركة فنادق ريتز كارلتون (Ritz-Carlton).
سوق العمل الخارجية
تتألف سوق العمل الخارجية من مرشَّحين لملء الشواغر لدى الشركات، عندما لا يمكن استخدام الموظفين الحاليين في شركة ما لذلك الهدف؛ فالتوظيف (Recruitment) هو عملية جذب الأشخاص ذوي المؤهلات، لتشكيل مجموعة متقدّمين إلى وظائف، وهناك عدد كبير من الطرق المستخدَمة لجذب المتقدمين للعمل، ومنها المطبوعات، والمذياع، والشبكة العنكبوتية، والإعلانات التلفزيونية...إلخ. وتستخدمُ شركاتُ الضيافة، والترفيه المعارضَ بشكل متكرر لجذب المتقدمين للعمل، ومنها شركتا ريتز كارلتون (Ritz-Carlton) وسيكس فلاغز (Six Flags). ومعرِض العمل (Job Fair)، أو ما يُسمّى فاعلية التعريف بالشركة (Corporate Open House)، وهو حَدَثٌ، أوِ احتفالية، تستمر ليوم واحد، أو يومين، يتلقى خلالها المتقدمون للعمل ملخَّصًا حول فرص العمل، ويُؤخَذون في جولاتٍ على مقرات عمل الشركةِ، المنظِّمةِ للفعالية، ويُشجَّعون فيها على التقدم إلى الوظائف الشاغرة لدى تلك الشركة، أما بالنسبة للشركات التي تحتاج إلى توظيف محاسبين، أو مهندسين، أو مديري مبيعات، أو غير ذلك من مناصب مهنية، وعلمية، فمن الشائع جدًا أن تلجأ إلى توظيف خريجي الكليات الجامعية لشُغل تلك الوظائف، وهناك شركاتٌ تُنظِّم معارض عمل، ومقابلات في أحرام الجامعات مع طلاب السنوات الجامعية الأخيرة، الذين على وشك التخرُّج، ومن تلك الشركات (ديلويت (Delloite) وسيسكو سيستمز (Cisco Systems)، وسيلز فورس دوت كوم (Salesforce.com)، والآلاف من الشركات الأخرى.
التوظيف والبحث عن عمل عبر الإنترنت
غيَّرت شبكةُ الإنترنت، ومنصات وسائل التواصل الاجتماعي، والبرمجيات المتخصصة، تغييرًا كاملًا وجهَ عملية التوظيف التقليدية، فهناك عشرات الشركات التي تتيح للمتقدمين للوظائف البحثَ عن وظائف شاغرة، ونشرَ سيرهم الذاتية، والتقدُّم لوظائف تُعلن عنها الشركات، ومنها شركة مونستر دوت كوم (Monster.com)، و إنديد (Indeed)، و ستارت واير (StartWire)، وغلاس دور (Glassdoor). كما توفِّر معظمُ الشركات روابط تُوصِل الباحثين عن عمل، إلى موقع الشركة التي تطلب موظفين عبر الإنترنت، وإلى الصفحة الخاصة بالعمل المطلوب، وهذا يُمكَّن المتقدمين للوظيفة من الاطلاع على ثقافة الشركة، والاستماع إلى شهادات الموظفين حول طبيعة العمل لدى تلك الشركة، أو قراءتها، ويتيح لهم -أيضًا- البحث عن وظائف إضافية شاغرة قد يهتمون بها.
وقد تتلقى شركاتٌ كبرى آلاف طلبات التقدُّم إلى وظائف لديها عبر الإنترنت كل شهر، ولغرض مراجعة آلاف السير الذاتية، وطلبات التوظيف المُقدَّمَة عبر الإنترنت، وتقييمها، تستخدم الشركاتُ برمجياتٍ معينة لمسح طلبات المتقدمين، وتتبُّعِها باستخدام كلمات مفتاحية لمطابقة المهارات، وسواها من متطلباتٍ وظيفيّة خاصة بوظيفة معينة، كما غيَّرت وسائلُ التواصل الاجتماعي من الطريقة التي تعتمدها الشركاتُ للبحث عن المتقدمين للعمل، والتحقق من المعلومات التي أدلَوا بها.
إدارة التغيير
الشبكات الاجتماعية والتوظيف عبر الإنترنت
لقد باتَ شائعًا استخدامُ الإحالات، والشبكات الاجتماعية الاحترافية، للتعريف بفرص العمل، وخصوصًا بالنسبة للمناصب الإدارية، والمهنية، والفنية، إذ تُسهِّلُ التطبيقات البرمجية، والشبكات الاجتماعية المختلفة إحالاتِ الموظفين، والتحققَ من الجهات المرجعية، والتوظيف، بناء على شبكة من العلاقات الشخصية، فشركتا إكسكيونت (ExecuNet)، وإكسيكرانك (ExecRank) هما مثالان من بين المواقع المهنية الكثيرة التي تتيح لأعضائها البحث عن جهاتِ اتصالٍ، وشبكات، تضمُّ خبراء، ومحترفين في مجالات عملهم.
ويمثِّل موقع لينكد إن (LinkedIn) الشبكةَ الاجتماعية الأكثر شيوعًا بين المحترفين، وهو قاعدةُ بيانات عملاقة من جهات الاتصال التي تتضمن ملفّاتٍ تعريفية توفِّرُ نظرةً عامة حول خبرة الشخص المهنية في الماضي، والحاضر، ومهاراته، وإحالاته الخاصة بالعمل، وارتباطاته المهنية، وذات الصلة بمجال الأعمال التجارية، ويمكن للعضو في موقع لينكد إن البحث عبر شبكة واسعة من جهات الاتصال، بناء على معارفه ذوي الصلة بالعمل، أمّا أساسُ البحث، فيمكن أن يكون وظيفةً ما، أو مسمًّى وظيفيًا، أو شركة ما، أو منطقة جغرافية، أو رمزًا بريديًا، أو عُضويةً في مؤسسةٍ مهنية، ويستخدم موقعُ لينكد إن مفهومًا مفاده: أنّه لا وجود لانفصالٍ بين شخصين اثنين يتجاوز ستة أشخاص، أو أنه يمكن لأيّ شخصٍ أن يكون متواصلًا مع أي شخصٍ آخر عبر أشخاص آخرين لا يزيد عددُهم عن ستة، وبوجود أكثر من 530 مليون شخص حول العالم يستخدمون موقع لينكد إن، تُمثِّل شبكةُ ذلك الموقع منصَّةً مثالية لأصحاب العمل الباحثين عن موظفين من جهة، ولأولئك المتطلِّعين إلى الحصول على وظيفة.
ومثل سواه من الشبكات الاجتماعية، يقوم موقع لينكد إن على الاشتراك الطوعي، وعلى رضا الأعضاء بخصوص إدراجهم ضمن شبكته، ولو لم يكُنِ الحالُ كذلك، لأصبح احترامُ الموقع لخصوصيةَ الأشخاص، واستخدامُ شبكاتهم الاجتماعية، مثارَ جدل.
إظهار الخصائص المميزة للتوظيف
يتضمن إظهارُ الخصائص المميِّزة للتوظيف (Recruitment Branding) تقديمَ صورة دقيقة، وإيجابية عن الشركة للأشخاص الذين يجري توظيفُهم، فوكالة كاربون سمولان (Carbone Smolan Agency) هي شركة استشارية في مجال صورة الشركات، وسمعتها تساعد في تطوير خطط إظهار الخصائص المميِّزة للتوظيف لدى الشركات، وتتضمن المواد التعريفية التي طوَّرَتها تلك الشركة استعراضًا واقعيًا للعمل، يجري خلاله إطْلاعُ المرشَّحين له على تفاصيله الواقعية، وعلى التفاصيل الخاصة بالشركة الموظِّفة -كذلك- ليتمكنوا من تقييم توقعاتهم الخاصة بالوظيفة، والشركة، فيما يخص المهماتِ الوظيفية التي تُسندها للموظفين، ومعاييرَ الأداء فيها، والفُرَص الترويجية، وثقافتها، وسواها من خصائص العمل الأخرى.
اختيار الموظفين
كيف تختارُ الشركاتُ المؤهلين من المتقدمين للوظائف؟
بعد أن تستقطبَ شركةٌ ما عددًا كافيًا من المتقدمين للعمل، يبدأ خبراءُ التوظيف عمليةَ الاختيار من بينهم، فاختيار الموظفين هو عملية تحديد أيٍّ من الأشخاص من ضمن مجموع المتقدمين للوظيفة، يمتلكُ المؤهلات الضرورية للنجاح في أدائها. وتُظهِر الصورةُ 8.6 الخطواتِ المُتَّبَعةَ في عملية اختيار الموظفين، وفي حال نجحَ أحدُ المتقدمين للوظيفة في اجتياز كل خطوةٍ، أو عقبةٍ في عملية الاختيار تلك، فمن المحتَمَل جدًا أن يتلقى عرضَ عمل، ويُعرَف ذلك بنهج العقبات المتسلسلة (Successive Hurdles Approach) في فحص المتقدمين للوظيفة، وبالمقابل، يمكن أن يُرفَضَ أيُّ متقدِّمٍ للوظيفة عند كل خطوة، أو عقبة من عقبات عملية اختيار المتقدمين للوظيفة. وفيما يلي عرضٌ لخطوات عملية اختيار الموظفين، أو عقباتها:
- الفحص الأولي (Initial Screening): خلال هذه المرحلة، يُكمِل المتقدم نموذجَ طلبِ توظيف، أو يتقدِّم بسيرته الذاتية، أو يقوم بكلا الأمرين معًا، ثم تُجرى معه مقابلةٌ تستمر لمدة ثلاثين دقيقة، أو أقل، ويتضمنُ طلبُ التوظيف معلوماتٍ حول الخلفية التعليمية للمتقدِّم للوظيفة، وخبرته السابقة في مجال العمل، والواجبات الوظيفية التي سبق له أن أدَّاها.
- اختبار التوظيف (Employment Testing): بعد الانتهاء من الفحص الأولي، قد يُطلَب من المتقدم للوظيفة الخضوع لاختبارٍ واحد، أو أكثر، مثل اختبارات وندرليك (Wonderlic Personnel Tests) التي توفر مجموعة من الاختبارات السابقة للتوظيف لكل مرحلة من مراحل العملية التوظيفية، ويمكن لتلك الاختبارات، التي تُطبَّق بشكل فردي، أو جماعي، تقييمُ القدرة الإدراكية للمتقدمين للوظيفة: القدرة على التعلم، والتكيف، وحل المشاكل. وإمكانية التحفيز: المواقف، والسلوك، والإنتاجية. والمعرفة والمهارات: المهارة الشفوية، والمهارة في الرياضيات، وفي إدخال البيانات، واستخدام البرمجيات.
تستخدم السيدة مارثا لاكرويكس ( Martha LaCroix)، وهي نائب رئيس الموارد البشرية في شركة يانكي كاندل (Yankee Candle) -تقييماتِ الشخصية للتأكد من أن ثقافة الشركة ستناسب الموظفين المحتملين، وقدِ استعانت بالمؤشر التنبؤي (Predictive Index) في تحديد أسوأ مديري المتاجر لدى شركتها، وأفضلهم، أداءً، وذلك بهدف تطوير وصفٍ سلوكيٍّ يتضمن أفضل الممارسات لمدير المتجر صاحب الأداء الأفضل. وقدِ استُخدِمَ ذلك الوصف لاختبارات الشخصية، ولتطوير أسئلة تُطرَح في المقابلات، بحيث تكشف عن كيفية تصرف متقدِّمٌ ما للعمل في ظروف عملٍ بعينها.
الصورة 8.6: خطوات عملية اختيار الموظفين
- مقابلة اختيار الموظف (Selection Interview): تُعَدُّ مقابلة اختيار الموظف الأداةَ الأكثر استخدامًا في عملية اتخاذ القرارات التوظيفية، وتتضمن تلك المقابلةُ نقاشًا معمقًا حول خبرة المتقدِّم العملية، ومهاراته، وإمكاناته، وتعليمه، واهتماماته المهنية، وبالنسبة للمناصب الإدارية، ولتلك التي تتطلب تعليمًا عاليًا، فقد يُجري المقابلةَ مع المتقدم للوظيفة أشخاصٌ عديدون، من بينهم الرئيس التنفيذي الأعلى للمنصب الذي تريد الشركة أن تعهدَ به لأحد المتقدمين، وتهدف هذه المقابلةُ إلى تحديد مهارات التواصل لدى المتقدم للوظيفة، ودرجة تحفُّزِهِ للوظيفة، كما يمكن أن تُعرَضَ خلالها على المتقدِّم للوظيفة مواقفُ عمل واقعية، مثل كيفية التعامل مع زبون مُستاء من أمرٍ ما في الشركة، ويُطلَب من المتقدم أن يشرح كيف ستيعامل مع تلك المشكلة، فالمديرة كارولين موري (Carolyn Murray) التي تعمل لصالح شركة دبليو إل غور & أسوشيتس (W.L. Gore & Associates) المُصنِّعة لقماش غور-تكس (Gore-Tex) وغيره من منتجات، تُنصِتُ إلى الملاحظات العابرة، التي قد تكشف الحقيقة وراء أجوبة المتقدم عن أسئلتها، وتعطي السيدة كارولين أمثلة على ثلاثة مرشحين للعمل لم يوفَّقوا في الإجابة على أسئلتها، مُشبِّهَةً المقابلاتِ التي أجرتها معهم بلعبة بيسبول. اطلِع على الجدول 8.2.
الإخفاق في لعبة المقابلة | ||
---|---|---|
الرمية (السؤال الموجَّه إلى المتقدم للوظيفة) | محاولة ضرب الكرة (إجابة المتقدم إلى الوظيفة) | الإخفاق في إصابة الكرة (رد فعل المحاور على إجابة المتقدم للوظيفة) |
"أعطني مثالًا على خلاف وقع بينك وبين أحد أعضاء فريقك الوظيفي". | "طلب مني مديرنا التعامل مع الطرود المرسلة كلها عبر خدمة فيديكس الخاصة بفريقنا، لقد فعلتُ ما طلب، ولكني أعتقد أن قيامي بذلك كان مَضيعةً لوقتي". | "نعمل في شركة غور في ضوء مفهوم الفريق، ويكشِف جوابُها أنها لن تبادر إلى مساعدة أحد أعضاء فريقها عندما يحتاج إلى ذلك". |
"أخبِرني كيف حللتَ مشكلةً كانت تعترضُ تنفيذ مشروعك". | "لم يكن أحد المهندسين في فريقنا يقوم بما عليه من مهام، وكنا نقترب من الموعد النهائي لإنجاز العمل، ولذلك قمتُ بإنجاز بعض عمله". | "ربما يكون المرشح للوظيفة قد حلَّ مشكلة إنجاز العمل قبل الموعد النهائي، ولكنه لم يفعل شيئًا لمنع تكرارها مجددًا". |
"ما هو الشيء الذي ترغب بتغييره في منصبك الحالي؟" | "أعملُ بائعًا في الوقت الحالي، وقد أصبح عملي هذا مملًا، وأريد الآن تولي مسؤولية إدارة الآخرين". | "يبدو أنه لا يحقق أقصى استفادة من منصبه الحالي، كما أنه يشتكي، فهل سيجد عمله التالي "مُمِلًا" -أيضًا- ويعاود الشكوى منه مجدّدًا؟". |
الجدول 8.2
- التحقق من الخلفية، والجهات المرجعية للمتقدم للوظيفة (Background and Reference Check): في حالِ اجتازَ المتقدمُ للوظيفة مقابلةَ اختيار الموظفين، تتحقق معظمُ الشركات من خلفيته، ومن جهاته المرجعية، وفي السنوات الأخيرة، بات عددٌ متزايد من الشركات الموظِّفة تتحقق بعناية من خلفيات المتقدمين لشغل وظائف لديها، وعلى وجه الخصوص ماضيهم القانوني، وأسباب تركهم عملهم السابق، وحتى جدارتهم الائتمانية، ومن تلك الشركات أميركان إيرلاينز (American Airlines)، وديزني (Disney)، ومايكروسوفت (Microsoft).
- الفحوصات الجسدية، وتحليل المخدرات (Physical Exams and Drug Testing): قد تطلب شركةٌ ما من المتقدم للوظيفة الخضوع لفحص طبي للتأكد من قدرته الجسدية على تنفيذ المهام التي يتضمنها العمل، ومن الشائع -كذلك- إجراءُ فحص المخدرات في قطاعَي النقل، والرعاية الصحية، وهناك شركاتٌ تطبِّقُ فحص المخدرات لأسباب تتعلق بالسلامة في العمل، والإنتاجية، وصحة الموظفين، مثل شركة الخطوط الجوية ساوث ويست (Southwest Airlines)، وشركة السكك الحديدية بي إن إس إف (BNSF)، وتكساس هلث ريسورسز (Texas Health Resources)، ومؤسسة الخدمة البريدية للولايات المتحدة (US Postal Service).
- اتخاذ القرار بالتوظيف (Decision to Hire): في حال اجتياز المتقدم للوظيفة خطوات اختيار الموظف كلها اجتيازًا مُرضيًا، أوِ اجتازَ عقباتِ عملية الاختيار بنجاح، يُتَّخَذ القرارُ بتوظيفه، وقد يكون حصول المتقدم للوظيفة على العمل مشروطًا باجتياز فحصٍ جسديٍ، أو فحص مخدرات، أو كليهما معًا، والذي يتَّخِذُ القرارَ بتوظيف المتقدم للوظيفة -عادة- هو مديرُ ذلك الموظف الجديد.
ومن الجوانب المهمة في عملية توظيف الأشخاص، واختيارهم؛ معاملةُ المتقدمين للوظائف على أنهم زبائن مهمون؛ وفي الواقع قد يكون بعض المتقدمين زبائن لدى الشركة.
الجودة ورضا الزبون
تركُ تأثير على الموظفين المحتملين لشركة ريتز كارلتون المحتملين يمثل لقاؤُك مع مندوب موارد بشرية، الاحتكاكَ الأول مع الشركة التي تتقدم لشغل وظيفة لديها، وعلى الشركات تقديم خدمة زبائن جيدة، إذا ما أرادت توظيف أكثر الأشخاص كفاءةً. ولدى الشركات فرص كثيرة من أجل ترك انطباعٍ حول مؤسساتها خلال تلك المراحل الأساسية في عملية اختيار الموظفين، التي تتضمن قنوات اتصال متنوعة، ومنها:
- ترحيبٌ شخصيٌ بالمتقدمين خلال معرض العمل، الذي تقيمه الشركة الموظِّفة، أو خلال المقابلة ذاتها.
- الاتصالات الهاتفية مع متقدم للوظيفة التي يجريها خبيرُ الموارد البشرية، وأيُّ محادثاتٍ لاحقة بين قسم الموارد البشرية، وذلك الشخص.
- المراسلات عبر البريد الإلكتروني، التي تتضمن تأكيدًا على تلقّي قسم الموارد البشرية في الشركة طلبَ المتقدم للوظيفة، وتشكرهم على إرسالهم طلبات توظيف إليها.
- رسالة شكر توجّهُها الجهةُ الموظِّفة بعد المقابلة الثانية.
ومن الشركات المعروفة بتعاملُها الجيد مع المتقدمين للوظائف؛ شركة فنادق ريتز كارلتون (Ritz-carlton Hotels) التابعة لمجموعة ماريوت الدولية (Marriott International)، فعندما كان أحد فنادق ريتز كارلتون في واشنطن العاصمة في مرحلة توظيف أشخاص، لتشكيل فريق موظفين لفندق جديد هناك، كان الهدفُ إظهارَ ثقافة تلك الشركة، التي تُعنى بتقديم الخدمات للمتقدمين لوظائف لديها.
فمع وصول المتقدمين لوظيفة لدى ريتز كارلتون في واشنطن العاصمة، إلى مكان إجراء المقابلة، استُقبِلوا بترحيبٍ حار من عدد من الموظفين الذين ألقوا عليهم التحية، وتمنَّوا لهم حظًا طيِّبًا، ثم جرت مرافقتُهم على أنغام البيانو، والكمان، وصولًا إلى قاعة الانتظار، حيث قُدِّمَت لهم المشروبات، والأطعمة الخفيفة، وفي البداية، أجاب المتقدمون على استبانة نموذجيّةٍ، ثم انتقل من اجتازها منهم إلى مقابلةٍ منظَّمة، ومطوَّرة مِهنيًا، وبعدها جرت مرافقةُ الأشخاص المتقدمين للوظيفة إلى ما يُسمّى "وداع الأحباب" الذي تلقوا خلاله الشكر من القائمين على تنظيم عملية التقدم للوظيفة، ووُزِّعَت عليهم شوكولا ريتز كارلتون، وسار معهم أشخاصٌ من طاقم الفندق إلى خارجه. لقد كان هدف مديري فندق ريتز كارلتون منحَ المتقدمين للوظيفة تجربةً تشبه تلك التي يتوقعون المرور فيها لو كانوا نزلاء فيه، ويتلقى كل متقدم للوظيفة رسالة شخصية تتضمن شكره لقدومه إلى معرض العمل، ثم يتلقى رسالةً أخرى، أولئك الذين يجري ترشيحهم لتقلد إحدى الوظائف، ولكنهم يُرفَصون لاحقًا. إذًا، يريد القائمون على فنادق ريتز كارلتون ترك انطباع إيجابي لدى المتقدمين إلى وظائف لديها؛ لأنه قد يرتاد أحدُهم فندقًا لديها بوصفه نزيلًا هناك، أو أحدُ أولاده، أو بناته.
كما لا تتوقف فنادق ريتز كارلتون عن إظهار خدمة مثالية خلال عملية تأهيل الموظفين، فعلى كل موظف جديد لديها، الخضوع لتدريب يمتد لسبعة أيام قبل أن يمارس أيّ عمل لديها، ويُخصَّص منها يومان كاملان، يجري فيهما التركيز على استيعاب الموظف الجديد لقِيَم ريتز كارلتون، وفلسفتها، وذلك بهدف تقديم تجربة عاطفية مميزة للموظفين خلال أيام عملهم الأولى هناك، ويحصل ذلك بدءًا من اللحظة التي يأتي فيها الموظفون الجدد إلى التدريب في الساعة 6.00 صباحًا، فيرون المديرين ذوي المراتب العليا في الفندق المقصود على نسق واحد في الخارج، يُصفِّقون ويهتفون تحيةً لهم، وتبدو الرسالة هنا مهمة، وكأنها تقول لهم: "أنتم مهمون بالنسبة لنا، وسنعاملكم تمامًا بالطريقة ذاتها التي نريد منكم أن تعاملوا النزلاء".
كما أنَّ الفريق القيادي لدى ريتز كارلتون منخرطٌ في تسهيل البرنامج، ويوجّه رسالة قوية حول أهمية الالتزام الرضائي، وتقول تلك الرسالة: "خلال الأيام القليلة القادمة، سنوجِّهُكم إلى حقيقتنا، إلى قلبنا، وروحنا، وأهدافنا، ورؤيتنا، وأحلامنا، لتنضموا إلينا، وتصبحوا جزءاً مِنّا، وليسَ مجرد موظفين لدينا".
وكان مدير العمليات الأسبق لدى فنادق ريتز كارلتون، وهو هورست شولتز (Horst Schultz)، أولَ من طبَّق شعارَها القائل: "نحنُ سيداتٌ، وسادة، يخدمون سيداتٍ وسادةً" في منتصف ثمانينات القرن العشرين، وهو شعار لا يزال في صميم قيم ريتز كارلتون. ويقول شولتز في خطابٍ وجهه إلى موظفيه: "لستم خَدَمًا، ولسنا -كذلك- فمهنتنا هي تقديم خدمة، ونحن سيداتٌ، وسادة، تمامًا مثل نزلائنا الذين نحترمهم، بوصفهم سيداتٍ، وسادة، وهو الوصف ذاته الذي يجب أن نُحتَرَمَ على أساسه".
ترجمة -وبتصرف- للفصل (Managing Human Resources and Labor Relations) من كتاب introduction to business.
أفضل التعليقات
لا توجد أية تعليقات بعد
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.