اذهب إلى المحتوى

تأثير التضخم على قرارات الإدارة


محمد ناولو2

أُخِذت هذه المقالة من ورقة بحثية قُدمت في ندوة أكاديمية العلوم السياسية في جامعة كولومبيا في تاريخ 11 نوفمبر عام 1974 تحت عنوان "التضخم وتأثيراته المالية والاجتماعية والاقتصادية" وقد تراجعت البيانات الواردة هنا عن فترة الركود بين عامي 1974 و1975 منذ تقديم هذه الورقة البحثية؛ مع ذلك تشرح المقالة بناءً على تلك الورقة البحثية التضخم في عالم الأعمال وآثاره المتنوعة، لتساعدك بصفتك عاملًا حرًا أو صاحب عمل أو أي شخص عادي على إدارة أعمالك وأموالك في ظل تزايد مشكلة التضخم أكثر في كل سنة عن سابقتها.

يُعَد الركود نتاجًا غير مرغوب فيه للتضخم، أما التضخم فهو مشكلة مألوفة تتمثل في الكثير من الأموال (الطلب) مقابل القليل من البضائع (العرض)، وبالتالي ستميل الأسعار إلى الارتفاع أكثر وأكثر في كل مكان.

ما الذي يجب أن يفعله مديرو الأعمال للتغلب على مشكلة التضخم؟ يبحث هذا المقال عن إجابة لهذا السؤال. يجب في البداية تعريف مجموعة من المصطلحات، فما هي الإدارة؟ وما هو العمل؟ وما هو الخطر الناجم عن التضخم؟

يمكن تعريف الإدارة من خلال كتاب بيتر دراكر Peter Drucker على أنها مهام ومسؤوليات وممارسات، فالإدارة هي تخطيط وتنظيم ومسؤولية وربحية؛ إضافة إلى كونها قيادةً وانضباطًا وممارسةً وأداءً ومحاسبةً وتسويقًا ومهامًا وتواصلًا ومعلومات، أي باختصار، الإدارة هي اتخاذ القرارات.

ما هو العمل؟ العمل هو خدمة أو بالأحرى هو عامل مُوظَّف، ولكن من وظَّفه؟ الجواب هو المستهلك، فبالرغم من أن الأعمال تهدف إلى الربحية وتحقيق مصلحة شخصية إلا أنها تخضع لسيادة المستهلك، إذ يقول لودفيج فون ميزس Ludwig von Mises:

اقتباس

"الإنتاج من أجل الربح هو حُكمًا إنتاج من أجل الاستخدام، لأنه لا يمكن للأرباح أن تُجنى إلا من خلال تزويد المستهلكين بتلك الأشياء التي يرغبون في استخدامها على الفور".

لذا فإن اختبار قرارات المديرين ومعرفة تأثيراتها في زيادة الإيرادات أو خفض التكاليف هو أمر في غاية الأهمية، ويمكن القول بأن إدارة الأعمال هي إدارة الأرباح، إذ يكافئ المستهلك الإدارة الفعالة بالأرباح ويعاقب الإدارة غير الفعالة بالخسائر.

أين تكمن المخاطر عندما نعكس تأثير التضخم المالي على الإدارة؟ تُعَد الأعمال -أو على نطاق أوسع القطاع الخاص- المصدر الرئيسي للوظائف، كما تُعَد الأعمال المصدر الأكبر للناتج الاقتصادي، أي أنها تعطي الجزء الأكبر من الدخل الحقيقي في مجتمعنا، بما في ذلك من طعام وملبس ومأوى وتنقّل وطب ومعلومات وغير ذلك.

وبالتالي ما هو الخطر الناجم عن التضخم؟ لا شيء أقل من انهيار نظام الأعمال ذاته، وبينما نشير إلى التأثير السلبي للتضخم على قرارات الإدارة، فنحن نتجنب الحديث عن أكبر تأثير سلبي حتى النهاية، وهو احتمالية الدخول في ركود حاد أو حتى كساد.

يمكن للمدراء الحصول على نظرة عامة حول مشكلة التأقلم مع الأسعار المرتفعة من خلال ملاحظة تخريب التضخم للوظائف الرئيسية للمال.

التأثير على وظائف المال

كما قيل لنا في اقتصاديات 101 أن المال هو بالأساس وسيلة للتبادل؛ إذًا من الواضح تمامًا أنه بموجب التضخم المالي سيضطر مديرو المشتريات والتوظيف إلى دفع المزيد من الأموال مقابل الحصول على ذات الكمية أو البضاعة والخدمات بما في ذلك أجور اليد العاملة.

يجب على مدير التسعير أيضًا أن يسارع لتجنب ضغط سعر التكلفة؛ وبالتالي يجب أن يسعى إلى الحفاظ على أسعاره قبل التكلفة بقدر ما تتيح له المنافسة والعوامل الأخرى.

ومن المفارقات أن المال في التضخم يصبح مثل "البطاطس الحارة" لدرجة أن بعض المديرين -ولا سيّما المشاركين في المعاملات الدولية- لا يريدون الاحتفاظ به ويفضلون الاحتفاظ بالبضائع عوضًا عنه. في الواقع، يميل بعض المديرين للتجارة بالمواد الخام واستبدالها بالبضائع الجاهزة، والعكس صحيح، إذ تؤدي هذه المبادلة إلى التخفيف من الخسائر، في الوقت الذي يتراجع فيه دور المال كوسيلة للتبادل.

ذُكِر أيضًا في اقتصاديات 101 أن المال يملك وظيفةً مهمةً أخرى، وهي الاحتفاظ بالقوة الشرائية بمرور الوقت، ولكن يُعَد التضخم لصًا لهذه الوظيفة، وبذلك يكون المدير المالي تحت الضغط ليزج بكامل السيولة التي يمتلكها في سوق العمل بأقصى سرعة ممكنة، وذلك بغية أن يقي نفسه من التضخم.

سيضطر المديرون أيضًا إلى الموازنة ما بين مكاسب ومخاطر خياراتهم الاستثمارية، كما سيرغبون بتسريع عملية تحصيل أموالهم المستحقة من الدائنين، مما يؤدي إلى تفاقم الضغط العام على السيولة.

يمكن القول من جديد بأن المال هو معيار القيمة، أي أنه الوحدة الأساسية للحساب ومقياس للأسعار النسبية، وهنا يأتي التضخم ليخرّب هذه الوظيفة، إذ تتراجع قيمة العملة يومًا بعد يوم، فالدولار لم يَعُد دولارًا بمرور الوقت؛ ولم يَعُد بالإمكان التنبؤ بقيمته، وبالتالي لا يمكن إجراء حسابات اقتصادية دقيقة.

فقيمة الدولار منذ سنة تعادل اليوم 80 سنتًا ومن ثم 70 سنتًا وبعدها 60 سنتًا وهكذا دواليك. وهو ما يفرض إجراء حسابات دقيقة اعتمادًا على طول فترة التضخم ووتيرته وكل السجلات المالية القديمة. يُستخدم مفهوم "حسابات التضخم" كأداة معتادة لإنجاز الحسابات المالية، فهو يسمح بإجراء بعض المقارنات بين فترات المحاسبة.

يمكن القول بأن مقارنة التغيرات في مؤشر أسعار المستهلك ومؤشر أسعار الجملة ومعامل انكماش السعر الضمني للناتج القومي الإجمالي لا يمكن عَدُّه مقياسًا علميًا للتضخم بعد، ومن المعروف أن التضخم غير متوازن، فبعض الأسعار تزداد بسرعة وبعضها تبقى معتدلة وبعضها الآخر تصبح في تراجع.

يُعَد الدولار الثابت أداةً غير ملائمة للشركات متعددة الجنسيات، إذ تستخدم هذه الشركات عملات مختلفةً لكل منها تاريخ تضخم مختلف، كما تتنوع معدلات التضخم وأسعار الصرف في الأسواق النقدية، لذلك أصبح تحويل العملات الأجنبية إلى الدولار الأمريكي لأجل القوائم المالية الموحدة أمرًا أكثر صعوبةً.

أخيرًا، حددت اقتصاديات 101 وظيفةً رابعةً للمال وهو أنه معيار للديون، لذا يمكن القول أن أحد أكثر التداعيات سلبيةً للتضخم هو أنه يخرب العلاقات بين الدائن والمدين. وبعبارة أخرى، أصبح المال كمعيار للديون معيارًا قليل الأهمية، إذ يكون المستدين قادرًا على سداد ديونه بمبالغ أرخص من تلك التي اقترضها في البداية، وبذلك فإن التضخم يؤذي الدائن ويفيد المستدين.

يعني ذلك أنه يجب على المديرين الماليين أن يعيدوا النظر بالقروض التي يقرضونها، مثل الحصول على الأوراق التجارية وشهادات الإيداع. وعلى نفس المنوال، يتعين على المديرين الماليين إعادة النظر بالقروض التي يقترضونها، مثل الحصول على خطوط ائتمان مصرفية وإصدار سندات الشركات.

سواءً بالنسبة للإقراض أو الاقتراض، يجب على المديرين الماليين أن يدركوا أن أكبر عنصر في ارتفاع معدلات الفائدة اليوم هو مستوى التضخم.

يشير القسم السابق إلى بعض التشوهات النقدية الحالية، فالهدف من هذه الورقة البحثية إعطاء وجهات النظر حول الجانب الإداري من التضخم وتفاصيل بعض التداعيات لتأثير التضخم على اتخاذ القرارات.

يمكن القول بأن السيطرة على هذا التشويه أمر إعلامي، إذ يعتمد القرار الجيد على المعلومات الجيدة، ومع ذلك، تتعرض الكثير من هذه المعلومات للتجاهل، إن لم يكن معظمها من الناحيتين الكمية والنوعية، وبالتالي يجب على المديرين السعي وراء تصحيح معلوماتهم المتعلقة بالتضخم قدر الإمكان.

تأثير التضخم على حساب الأرباح

في عام 1974، كان المسؤولون في المناصب العليا يتهمون الشركات بأن أرباحها مفرطة وغير معقولة، كما وصفها البعض بكونها فاحشةً. في الواقع، تبدو هذه الصفات بلا قيمة عند النظر في سوق الأوراق المالية الكارثي، كما تبدو أقل قيمةً عند تصحيح هذه الأرقام لتتناسب مع حالة التضخم.

يمكن الحصول على نتائج مثيرة من خلال ثلاث تصحيحات رئيسية:

  1. تراجع قيمة حساب معدل إهتلاك المصانع والمعدات، وذلك بسبب حساب معدلات الإهتلاك على أساس التكلفة الأصلية عوضًا عن تكلفة استبدالها بعد التضخم. أدت هذه الممارسة منذ فترة طويلة إلى المبالغة العامة في حساب أرباح الشركات، بما يترتب على ذلك من دفع مبالغ إضافية لضرائب دخل الشركات وحتى دفع مبالغ زائدة عن أرباح الأسهم، ونتج عن ذلك تناقص في رأس المال المحتمل.

اعترفت مصلحة الضرائب بهذه المشكلة وتعاملت معها إلى حد ما من خلال إعداد ائتمانات ضريبية للاستثمار واعتماد طرق جديدة في حساب معدلات الإهتلاك. استفاد المديرون الماليون من هذه التعديلات بدرجات متفاوتة. ومع ذلك، فقد ثبت أن هذه التعديلات غير كافية في ضوء تضخمنا الذي يصل إلى رقمين، لذلك ما تزال هناك حاجة ماسة إلى اعتماد طرق جديدة وأكثر فاعليةً وتنافسيةً في حساب معدلات الإهتلاك.

  1. أدى التضخم إلى تآكل القوة الشرائية للدولار بنسبة وصلت إلى أكثر من 40% بين عامي 1965 و1974، لذلك في هذا الصدد وحده، وعلى الرغم من ضخ أكثر من تريليون دولار (بأسعار عام 1974) في المصانع والمعدات، إلا أن أرباح الشركات أظهرت زيادات طفيفة بالقيمة الحقيقية منذ عام 1965. يمكن تحويل الأجور المالية إلى أجور حقيقية، وبالتالي يمكن للمديرين الماليين تحويل أرباح الأموال إلى أرباح حقيقية. ولكي تكون على يقين بذلك، فإن نتائج الربع الثاني من عام 1974 كانت أعلى بحوالي 25% مقارنةً مع نتائج الربع الثاني من عام 1973، لكن التحكم بالأسعار خرج تمامًا عن السيطرة في 30 أبريل عام 1974، مما أتاح الفرصة لعدة شركات لمواكبة العرض والطلب الحقيقيين.

علاوةً على ذلك، إذا استُبعدت المكاسب الكبيرة لبعض صناعات المواد الأساسية، جنبًا إلى جنب مع الأرباح الخارجة عن المألوف لصناعة السيارات، فإن الجزء الأكبر من الشركات الصناعية حققت زيادةً معتدلةً بنسبة تراوحت بين 10% إلى 11% في النصف الأول من عام 1974، وهذه النسبة مساوية تقريبًا لمعدل التضخم.

على أي حال، قد يرغب المديرون الماليون للشركات ومديرو العلاقات العامة في تقليص أرقام أرباحهم وتذكير الجمهور بعائد الشركة بالقيمة الحقيقية. ومع ذلك، يتردد المديرون في كثير من الأحيان في القيام بذلك، ويدينون بالفضل للمساهمين، ويشعرون بالفخر نتيجة تحقيق أرباح "قياسية" على حد تعبيرهم، ولذلك يعاني الاقتصاد، نظرًا لرغبة الإدارة في تحقيق أرباح جيدة خلال حقبة تشهد تضخمًا كبيرًا.

  1. المبالغة في الأرباح، وذلك بسبب للمبالغة في حساب قيم المخزون من المنتجات والمعدات، إذ تسمي بعض السلطات مكاسب المخزون "أرباحًا وهميةً"، والتي تختفي لحظة حساب قيمة المخزون مع أخذ التضخم بالحسبان.

ظهرت ضخامة أرباح المخزون في حسابات وزارة التجارة بمعدل سنوي بلغ 37.9 مليار دولار في الربع الثاني من عام 1974، بزيادة قدرها 31 مليار دولار عن الربع الأول و20 مليار دولار عن السنة الفائتة.

وبعد التفكير من منظور حكيم ومنطقي، سجلت أرباح الشركات بعد الضرائب معدلًا سنويًا موسميًا بلغ 85.6 مليار دولار في الربع الثاني من عام 1974، بزيادة قدرها 500 مليون دولار فقط عن الربع الأول، على الرغم من وجود 6.9 مليار دولار من أرباح المخزون.

يتحول عدد غير قليل من المديرين الماليين من أسلوب ما يرِد أولًا يصرف (الداخل أولًا يخرج أولًا) أولًا FIFO إلى أسلوب ما يرِد أخيرًا يصرف أولًا (الداخل أخيرًا يخرج أولًا) LIFO لجعل أرباح شركاتهم أكثر مصداقيةً ولتقييم المخزون بصورة أدق، وهو أمر يرتبط بالوقت بالدرجة الأولى.

في مقال افتتاحي في 1 أكتوبر عام 1974، انتقدت صحيفة وول ستريت جورنال Wall Street Journal المديرين الماليين الذين وقعوا في معضلة حساب ربحية السهم واستخدموا طريقة FIFO لتحقيق المطلوب، فمع ارتفاع أسعار المخزون نتيجة التضخم، رفع أسلوب FIFO من قيمة الإيرادات بنسبة جيدة، ولكنه أدى في الوقت ذاته إلى وضع المزيد من الضرائب على هذه الأرباح.

في الواقع، لا تتجاهل أسواق رأس المال مثل هذه الحسابات غير المنطقية، فقد أشارت المجلة أيضًا إلى دراسة أجراها شيام سوندر Shyam Sunder أستاذ المحاسبة في كلية إدارة الأعمال في جامعة شيكاغو، والتي تفوقت فيها 118 شركة تعتمد على أسلوب LIFO على السوق في ارتفاع أسعار أسهمها بنسبة 4.7% في بورصة نيويورك.

أجرى الاقتصادي جورج تيربورغ George Terborgh من معهد الآلات والمنتجات المتحالفة في واشنطن جميع التعديلات الثلاثة السابقة على أرباح الشركات لعام 1973، وقد وجد أن هذه الأرباح المعدلة وصلت إلى أقل من 60% مما كانت عليه في عام 1965، كما لاحظ انخفاض الأرباح بدرجة أكبر؛ والتي كانت حوالي 3 مليارات دولار فقط، أو ما يعادل 16% مما كانت عليه عام 1965.

لذلك، لم تكن التوقعات على الاستثمار الرأسمالي الحقيقي والنمو الاقتصادي الحقيقي كبيرةً جدًا، ويُعزى ذلك إلى التضخم الكارثي الذي حصل في العامين 1971 و1972.

التأثير على تخطيط المخزون

يعطل التضخم أيضًا عملية تخطيط المخزون، كما أشرنا منذ قليل إلى الاختلاف بين طريقتي LIFO وFIFO. بصورة مثالية، يجب أن تبقى نسبة مخزون المبيعات منخفضةً قدر الإمكان لتقليل تكلفة التخزين والأموال المقيدة في المخزون.

يحرض التضخم على ظهور كل أنواع الشكوك، نظرًا لارتفاع أسعار المواد الخام والبضائع نصف الجاهزة والبضائع الجاهزة، فمع هذا الارتفاع في الأسعار، يتعرض مديرو المشتريات بصورة طبيعية لإغراءات استباق الأحداث، من خلال تسريع عمليات الشراء الآجلة.

يدرك مدير المشتريات بالطبع أن تكلفة التخزين والأموال المقيدة سوف ترتفع، لكنه يرى أن هذه التكاليف يمكن تعويضها من خلال الحصول على بضائع بأسعار أقل مما يمكن الحصول عليه بعد التضخم.

علاوةً على ذلك، عندما تزداد مستويات الشراء، سيبدأ المديرون بالقلق حيال توافر البضائع، لذلك فإنه يدخل عن غير قصد في نشاط مضاربة الأسعار، كما يسرع من علميات الشراء الآجل؛ لكن مع كل هذا، قد لا تتقدم نسبة المبيعات إلى المخزون إذا تبنى مديرو المشتريات الآخرون نفس سلوك التمويل وزادوا أيضًا من مشترياتهم الآجلة؛ وبالتالي ستكون النتيجة ارتفاع مبيعاته بارتفاع مخزونه.

سيكون ذلك صحيحًا خاصةً إذا كان مدير المشتريات يعتمد على صناعة المواد الأساسية في عمله. ولكن يميل مثل هذا السلوك في بناء مخزون يُحفَّز بارتفاع الطلبات إلى أن يكون قصير الأمد.

التأثير على تخطيط رأس المال

يعرقل التضخم عملية تخطيط رأس المال بذات الطريقة، فقد يكون العمل جيدًا والعمل المتراكم كبيرًا، لكن التوقعات على المدى الطويل ما تزال غير واضحة، وبذلك يُوضع كل من مدير التخطيط ومدير المشتريات في ذات المأزق، إذ لا يريد مدير التخطيط أن يربط موارده المالية بالتكاليف الثابتة للآلات والمعدات غير المُستَغلة وتحمل عبء النفقات غير الضرورية من جهة، ومن جهة أخرى، يطمع بإمكانية الحصول على طاقة إنتاجية قصوى بتكلفة أقل بكثير مما ستكون عليه في مراحل التضخم اللاحقة.

تظهر هذه المعضلة خصوصًا في صناعات المواد الأساسية، مثل الطاقة والمعادن والورق والمواد الكيميائية وما إلى ذلك، إذ تتطلب هذه الصناعات رأس مال كبير، ونظرًا لأن هذه الصناعات تتناسب مع الكميات الكبيرة وتتطلب فترات زمنية طويلة لبناء منشآت جديدة، فهي تميل إلى الظهور على شكل مجموعات عوضًا عن المتطلبات المتباعدة.

تتفاقم هذه العملية بسبب التضخم ودورة الأعمال، والتي تعطي تقلبات أوسع وجانبًا من التعطش لصناعة السلع الرأسمالية. وعلى أي حال، يتأصل هذا الجانب في صناعة السلع الرأسمالية، فحسب نظرية المسرِّع لجي إم كلارك J. M. Clark فإن التغير في الطلب على السلع الاستهلاكية يميل إلى أن يكون تغيرًا متسارعًا في الطلب على السلع الرأسمالية، بفرض أن الاقتصاد يعمل بكامل طاقته. وهنا، يُظهر التضخم مشكلة المسرِّع من خلال تقديم مؤشرات مبالغ فيها حول الطلب على السلع الاستهلاكية والرأسمالية.

يبدو أن التضخم ودورة الأعمال نفسها بدأت عن طريق التوسع الائتماني ومعدلات الفائدة المنخفضة المصطنعة، وذلك بمساعدة وتحريض البنك المركزي. تعطي معدلات الفائدة المنخفضة رجال الأعمال مؤشرات خاطئةً لتوفر رأس المال الحقيقي، والتي أصبحت ممكنةً من خلال زيادة المدخرات النقدية، وذلك عندما يسرّع البنك المركزي من نمو المخزون النقدي.

تؤدي الزيادة الكبيرة للمعروض النقدي إلى توفر الكثير من الأموال مقابل القليل من السلع، مما يؤدي لاحقًا إلى الوصول إلى مرحلة الركود التضخمي، وهو مزيج من التضخم ومعدلات الفائدة المرتفعة جدًا والركود الاقتصادي (سنوضح العملية الدورية بالكامل في نهاية المقال).

تحسنت القدرة التنافسية الدولية في الوقت الذي تخلفت فيه أمريكا عن منافسيها الرئيسيين من مختلف أنحاء العالم في وتيرة الاستثمار. سنعرض فيما يلي مقارنةً لمعدلات استثمار رأس المال في عام 1973، وذلك بالاعتماد على إجمالي الاستثمار المحلي الخاص كنسبة مئوية من الناتج القومي الإجمالي GNP:

الولايات المتحدة 16%
ألمانيا 26%
فرنسا 28%
اليابان 37%

لذلك، فإن احتياجات الولايات المتحدة لرأس المال ضخمة، وقد أجرت بورصة نيويورك عام 1973 دراسةً فنيةً دقيقةً حول احتياجات رأس المال وإمكانية الادخار للاقتصاد الأمريكي حتى عام 1985، وقد هدفت الدراسة إلى وضع توقعات منطقية للعرض والطلب الرأسمالي في الولايات المتحدة على مدار الـ 12 عامًا القادمين، كما توصلت الدراسة إلى الاستنتاج التالي:

إمكانية الإدخار 4,050,000,000,000$
متطلبات رأس المال 4,700,000,000,000$-
المحصلة $650,000,000,000

بعبارة أخرى، تشير الأرقام إلى أن إمكانية الادخار المقدرة حاليًا في الاقتصاد الأمريكي حتى عام 1985 -من جميع المصادر المحلية- هي أكثر بقليل من 4 تريليون دولار، وفي الوقت ذاته، من الممكن أن تصل متطلبات رأس المال إلى إجمالي كبير قدره 4.7 تريليون دولار، أو أكثر من ثلاثة أضعاف معدل الاثني عشر سنةً الماضية بالدولار الحالي؛ وهنا نلاحظ أن فجوة رأس المال المؤلمة تقدر بـ 650 مليار دولار أو 54 مليار دولار سنويًا.

أيضًا، يمكن أن يؤدي استمرار التضخم إلى تفاقم هذه المشكلة، وبالتالي سيؤثر في العمليتين الحساستين لتكوين رأس المال، وهما الادخار والاستثمار.

التأثير على الأجور

تشكل الأجور ما يقارب ثلاثة أرباع أو أكثر من التكاليف الصناعية، ويمكن أن تكون أكثر بكثير مما يظنه معظم رجال الأعمال، إذ يُدفع جزء كبير من هذه المبالغ بطريقة غير مباشرة، وذلك عند شراء السلع والخدمات المختلفة، إذ يتضمن سعر هذه السلع والخدمات الكثير من تكلفة العمالة.

النقطة المهمة هي أن التضخم المتمثل في زيادة التكلفة هو إلى حد كبير تضخم في الأجور، لذلك وحسب مبدأ "التوظيف الكامل" تزداد الأجور وتتناسب طردًا مع التضخم.

مع كل ذلك، من المرجح أن تُحدَّد أجور العمال وساعات عملهم وظروف العمل في أحكام العقود، والتي لا يفضلها عادةً مدراء العلاقات الصناعية. يمكن أن يسبب التضخم استهتارًا في العمل، فقد تغلب على العمل أيضًا الممارسات التقييدية، مما يعيق تحسين إنتاجية العمال، والتي تُعَد عمليًا المصدر الوحيد لمكاسب الأجور الحقيقية. يؤدي انخفاض الإنتاجية أيضًا إلى تضخم عدد قليل من السلع.

تتصف بعض ممارسات العمل التقييدية بالوضوح والمباشرة، مثل قيود الحجم على عرض فرشاة الطلاء والبكرات، وفرض مسافة 150 ميلًا على رجال القطار، وتحديد حجم رافعات البضائع التي يستخدمها عمال الشحن، وهناك بعض الممارسات التقييدية التي تكون غير مباشرة وغير واضحة، مثل ترتيبات قاعة التوظيف في بعض مجالات التوظيف، والسيطرة على سوق العمل من خلال الحد من الداخلين إلى قوة عاملة معينة مثل البناء.

والأهم من ذلك، تتضخم أجور عقد العمل عندما تتعدى الزيادات المتفق عليها في الأجور مكاسب الإنتاجية، وبالتالي تتعرض الشركة لضغوط استرداد التكلفة الإضافية من عملائها. ستفعل الشركات ذلك بلا شك إذا استوعبت النقابة النمط السائد، وفي حال استوعب النظام المصرفي زيادة الأجور مع زيادة الطلب.

سترتفع نسبة البطالة في حال عدم الاستقرار، وحتى مع حصول شيء من الاستقرار؛ وستستمر البطالة في التوسع بسبب ضغوط الطلب الإضافية الناجمة عن الأموال الجديدة، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع غير اقتصادي في تكاليف العمالة.

يمكن أيضًا أن ينخفض الطلب من أصحاب العمل، وذلك لأن التضخم يؤدي إلى زيادة الحد الأدنى للأجور وتسويات نقابات العمال، فضلًا عن متطلبات السوق؛ وبالتالي فإن العلاقة واضحة بين الزيادة في تكاليف العمالة ومعدل التضخم.

في الوقت ذاته، يساعد التضخم على منح الإدارة عقلية التكلفة المضافة. قد يتجاهل صاحب العمل الأمر إذا كان الطلب كبيرًا ويتنازل ويرفع أسعاره، وهو ما يحدث عادةً في المراحل الأولى من التضخم.

منذ سنوات عديدة، كان الطلب على زيادة الأجور بنسبة 4% أو 5% عمليًا، أما بعدها فصار سائقو الشاحنات أو عمال مناجم الفحم أو عمال الهاتف يطالبون بزيادة من 20% إلى 30%، ليصلوا بعد المفاوضات إلى نسبة تتراوح بين 10% إلى 15%، وهذا ما جرى في الربع الثالث من عام 1974، إذ وصل متوسط زيادة الأجور للعقود الجديدة للنقابات الرئيسية إلى حوالي 11.3% بعد أن كان 10% في الربع الثاني.

وبطبيعة الحال، تتفاقم هذه العملية باستخدام بنود مؤشر تكلفة المعيشة، إذ تغطي هذه البنود حوالي خمسة ملايين من القوى العاملة، وهذا الرقم في ازدياد.

تساعد بنود مؤشر تكلفة المعيشة على حصول زيادة طفيفة في التضخم، كونها ترفع الأجور وتكاليف العمالة مع ارتفاع مؤشر أسعار المستهلك، وبالتالي تميل إلى دفع الأسعار ومؤشر أسعار المستهلك CPI نحو الأعلى أو خلق بطالة وضغط من أجل التوسع النقدي.

التأثير على العمليات الدولية

تتأثر القرارات في المجال الدولي بصورة كبيرة بالتضخم. فعلى سبيل المثال، يجب على مديري أموال الشركات الحذر عند التعامل مع الأموال التي تشهد قيمتها تخبطًا في السنوات الأخيرة، كما يجب عليهم أخذ الحيطة والحذر من العملات المهددة بالتضخم مستقبلًا، وذلك لحماية أموالهم الاستثمارية من التآكل بسبب التضخم أو نتيجة انخفاض قيمة هذه العملات.

تعرضت العديد من العملات في السنوات الأخيرة للتضخم، ليس هذا فحسب، بل جرى التعديل على قيمة بعض العملات، إضافةً إلى تعويمها وإعادة ربطها، فقد خضع الدولار الأمريكي نفسه مثلًا لتخفيضين في قيمة العملة منذ ديسمبر 1971 وحتى تاريخ نشر هذه الورقة البحثية في نوفمبر 1974، مما أدى إلى اضطراب كبير في ملف العملات الخاص بالشركات متعددة الجنسيات.

اضطر عدد لا بأس به من الشركات متعددة الجنسيات -بما في ذلك البنوك- إلى تلقي خسائر بالغة بسبب تقلبات العملة، ومن الأمثلة الشهيرة التي يمكن ذكرها هو إفلاس بنك فرانكلين الوطني، حيث وجد مديرو أموال الشركات أنه من الضروري زيادة الحيطة والاستعداد للتحويل بين العملات للتقليل من هذه الخسائر.

ومن جديد، أدى تضاعف أسعار النفط الذي فرضه اتفاق أوبك OPEC إلى لجوء مجالس إدارة الشركات إلى أفكار أخرى بشأن مشاريع التوسع الصناعي، إذ لم تصبح الطاقة في جميع أنحاء العالم باهظة الثمن فحسب، بل أصبحت مرتبطةً بالمشكلات السياسية التي تنطوي على توفرها الأساسي. وفي الواقع، هناك إمكانية متزايدة لخضوع الشركات والمصانع والمعامل للتأميم ومصادرة الملكية، وهو احتمال ناتج عن التضخم العام وعوامل أخرى أيضًا.

أدى ارتفاع تكلفة النفط إلى ارتفاع كل السلع الأساسية الأخرى، بما في ذلك القمح والأرز والسكر والزنك والقصدير والألمنيوم والحديد وغير ذلك، وهو ما أدى إلى الإضرار بميزانية المدفوعات في كل دولة صناعية رئيسية، وبالتالي كانت النتيجة أن هذه الدول تميل الآن إلى التقليل من وارداتها غير الطاقية وتدفع صادراتها بقوة أكبر لتعويض ارتفاع أسعار النفط.

ووفقًا لذلك، من المحتمل أن تؤمن الوكالات الحكومية تمويل ائتمان التصدير لمديري أموال الشركات في جميع الدول التي تمارس فيها شركاتهم أعمالًا. ومن المحتمل أيضًا ظهور عوائق جديدة أمام دخول السلع التي يرغبون في استيرادها إلى تلك الدول؛ ويتجلى تأثير ذلك في زيادة القيود التجارية لتضييق الأسواق العالمية، مع تسريع المنافسة العالمية بطريقة مثيرة للسخرية.

أدى نموذج أوبك OPEC أيضًا إلى تحفيز دول نامية أخرى لاستغلال السلع الأساسية التي تنعم بها. فعلى سبيل المثال، ضاعفت دول البوكسيت bauxite أسعار الألمنيوم، ولا سيّما دولتي جامايكا وغويانا، وقد ظهرت حركات مماثلة من الدول المنتجة للنحاس والبن والقصدير وغيرها.

لذلك، بدأنا نرى كيف أن التضخم يعطّل بصورة متزايدة العلاقات الاقتصادية الدولية الطبيعية للشركات متعددة الجنسيات.

تأثير ضوابط الأسعار على الإدارة

يُعَد الأثر السياسي أحد آثار التضخم العديدة، وذلك من خلال ميل الحكومات للتفاعل مع التضخم بضبط الأجور والأسعار. والأمر المثير للسخرية في رد الفعل الحكومي يتجلى في أن الحكومة نفسها مسؤولة إلى حد كبير عن التضخم الذي تسعى إلى تصحيحه، وأن ضبط الأجور والأسعار يعالج الأعراض لا الأسباب؛ فهم بذلك يقمعون التضخم ويخفونه ويتسببون بالنقص والتشوهات، بينما يسمحون للعوامل التي تؤدي إلى التضخم بأن تصبح أكثر ضراوةً، وتُعَد فترة السياسة الاقتصادية من تاريخ 15 أغسطس(الشهر 8 من السنة) 1971 إلى تاريخ 30 أبريل 1974 خير مثال على ذلك.

لقد واجه مدراء الشركات في هذه الفترة عمومًا ضغط سعر التكلفة، فوجدوا أن أسعار البيع لا تتناسب مع تكاليف التصنيع، وعلى رأسها تكاليف العمالة والفوائد؛ وهنا انتقل العديد من مدراء الشركات من السوق المحلية المنظمة إلى أسواق غير منظمة في الخارج نتيجة هذا الضغط.

أدى هذا الوضع إلى تفاقم الأسعار، وزيادة نقص المنتجات الناتجة عن حقبة ضبط الأجور والأسعار، وقد تعيّن على مديري الشركات أيضًا التعامل مع الطلب المتزايد وتأخيرات الشحن وثغرات الجودة ومضاعفة التدخلات البيروقراطية، وفي نهاية المطاف انهيار الضوابط نفسها، كما أدى هذا الانهيار بدوره إلى سلسلة من الزيادات في الأجور والأسعار، والتي تطاردنا يومًا بعد يوم.

لم تَقُد الضوابط إلى التقليل من الأرباح فحسب، بل أدت أيضًا إلى الحد من الاستثمارات المالية، وقد أدرك العديد من المسؤولين عن صناعات المواد الأساسية أنهم تعدوا حدود طاقتهم وأن حجم الأعمال المتراكم لا يمكن قياسه بالأشهر بل بالسنوات؛ فمع تقلص الأرباح، عجز مديرو الشركات عن رفع صناديق الأسهم نظرًا لانخفاض أسعار أسهمهم، كما لم يتمكنوا من الذهاب إلى سوق السندات مع معدلات فائدة متضخمة تصل إلى مستويات مكونة من رقمين، وتمثلت النتيجة في انخفاض العرض في جميع أنحاء البلاد.

التضخم ودورة الأعمال

تُعَد دورة الأعمال من أبرز اهتمامات الإدارة، فدائمًا ما تُطرح أسئلة مثل: هل يجب على الشركة توسيع عملياتها أم تقليصها؟ ما الذي ينتظرنا مستقبلًا؟ هل هو الازدهار أم الانهيار؟ الإدارة عاجزة عن فعل أي شيء حيال دورة الأعمال في ظل التضخم، والضرائب تبدو مثل الموت لا ترحم.

كل ما يمكن للإدارة القيام به هو محاولة توقع الدور الذي يستحسن القيام به والتصرف وفقًا لذلك، لكن تبين فيما بعد أن التنبؤ غير فعال خلال السنوات الأخيرة، وقد تحدث عن ذلك والتر هيلر Walter Heller رئيس مجلس المستشارين الاقتصاديين في عهد الرئيسين كينيدي وجونسون Kennedy and Johnson في اجتماع في ديسمبر 1973 للرابطة الاقتصادية الأمريكية في نيويورك، قائلًا:

اقتباس

"من الواضح أن الاقتصاديين في فترة إعادة اختبار. لقد أطاحت أزمة الطاقة بنا وبمعاييرنا، كما فعلت أزمة الغذاء أيضًا، ومع الأسف، لم يكن بالإمكان التنبؤ بالتضخم هذه السنة، فهناك الكثير من الأشياء التي لا يمكن أن نعرفها".

ولكن لماذا يُدفَع مجتمع الأعمال بأكمله فجأةً إلى الكثير من النكسات الحادة في الأرباح أو الخسائر المباشرة؟ لماذا حتى الإدارات المرموقة المشهورة بسجلها الحافل في تحقيق الأرباح وتجنب الخسائر تتراجع إيراداتها فجأةً؟ وأكثر من ذلك بالنسبة لإدارات السلع الرأسمالية.

يمكن القول أن التضخم هو أصل دورة الأعمال، كما أشار لودفيج فون ميزس Ludwig von Mises وفريدريك فون هايك Friedrich von Hayek الحائز على جائزة نوبل عام 1974، فقد لاحظا على وجه الخصوص أن ظهور دورة الأعمال تزامن تقريبًا مع أصول النظام الاحتياطي الجزئي المصرفي، إضافةً إلى البنوك المركزية.

لقد انتقدوا التوسع في القروض الائتمانية غير المعتمدة على المدخرات الفعلية، إضافةً إلى مبدأ "الأموال السهلة"، والتي تحدث عندما يعمل بنك الاحتياطي الفيدرالي على تحفيز الاقتصاد من خلال تراكم النقد داخل النظام المصرفي، مما يؤدي ذلك إلى خفض أسعار الفائدة ويسهل على البنوك والمقرضين إقراض الأموال.

انتقد لودفيج فون ميزس Ludwig von Mises وفريدريك فون هايك Friedrich von Hayek البنوك المركزية لمساعدتها وتحريضها على تعزيز حالة "الأموال السهلة" من خلال ضخ احتياطيات بنكية إضافية لزيادة النقد، وانتقدوا البنوك المركزية لأنها أصبحت مطابع عملاقة تعمل على تمويل العجز الحكومي.

بالنسبة للإدارة، فهي تنظر إلى العملية من منظورها الخاص، إذ يضع التوسع الائتماني ضغطًا على أسعار الموارد، ولكنه يساعد على تحسين الأرباح، كما يساعد على إطلاق مشاريع جديدة بسبب توفر رأس المال.

يتزايد التضخم مع ارتفاع معدلات الفائدة، ما يؤدي إلى انخفاض سوق الأسهم وتراجع مستويات الدفع من المستهلكين، وبالتالي فشل الشركات، لا سيّما مع فقدان الديون لقيمتها. وهنا يتباطأ التوسع ويبدأ الركود. إذا سُمِح للركود بأن يأخذ مجراه وإذا تراجعت مستويات التضخم، فقد يكون ذلك جزءًا من الحل، لكن إذا لم يتم استيفاء هذين المعيارين، فيمكن أن تتحول حالة الركود إلى كساد.

باختصار، إن تأثيرات التضخم على قرارات الإدارة متعددة، وليست هناك طريقة تحول دون الخسائر، إذ تكاد هذه الخسائر أن تكون حتميةً للإدارة وللمجتمع، وذلك نظرًا لتدهور الحسابات الاقتصادية وزيادة حالات التردد وتراجع القوة الشرائية وغيرها من الأضرار التي يسببها الركود.

قد يكون أفضل حل للتضخم هو اقتلاع جذوره الأساسية، بمعنى آخر، يجب القضاء على العجز والحد من عملية طباعة الأموال.

ترجمة -وبتصرّف- للمقال The Impact of Inflation on Management Decisions لصاحبه William H. Peterson.

اقرأ أيضًا


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...