اذهب إلى المحتوى

بدائل القيادة

هناك العديد من العناصر التي يمكن أن تعوّض عن تأثيرات السلوكيات القيادية أو أن تُثبِّطها (انظر الجدول التالي)، إذ يُمكن لبدائل القيادة (substitutes for leadership) أن توضِّح المهام والأدوار المتوقَّعة من أفراد المؤسسة أو تحفِّزهم على العمل أو تُشعرهم بالرضا عن الذات (الأمر الذي يؤدِّي إلى عدم ضرورة أن يسعى القائد بنفسه لتحقيق ذلك). تُكمِّل هذه البدائل في بعض الحالات دور القائد؛ فعلى سبيل المثال، تُساهم خصائص أفراد المجموعة في بعض الأحيان في تقليل الحاجة إلى وجود قائد، كما هو الحال عندما يؤدِّي الحِرفي الخبير أو العامل ذو المهارات العالية عمله بمعايير عالية دون الحاجة إلى تعزيز أو موجّه خارجي.

بالإضافة إلى ذلك، قد تستعيض خصائص المهمة في بعض الأحيان عن دور القائد أو تُكمِّله، كما هو الحال عندما تُسهم طبيعة العمل نفسه (مثل حل مشكلة مثيرة للاهتمام أو تأدية وظيفة مألوفة) في شعور الفرد بالرضا عن ذاته. قد تؤدي خصائص المؤسسة ذاتها في بعض الأحيان إلى تقليل الحاجة إلى وجود القائد، كما هو الحال عندما تكون قواعد العمل واضحة ومحدَّدة للغاية بحيث يكون الموظفون مُدركين تمامًا لما يتوجَّب عليهم فعله بدون الحاجة إلى توجيهات أو أوامر تصدر عن القائد.

بدائل ومُثبِّطات السلوكيات القيادية
  القيادة الداعمة القيادة التوجيهية
أ‌. خصائص المرؤوسين
1. امتلاك الخبرة، والقدرة، والتدريب   بديل
2. التوجه المهني بديل بديل
3. عدم الاهتمام بالمكافآت التي تُقدِّمها المؤسسة مُثبِّط مُثبِّط
ب‌. خصائص المهمة
1. المهمة منظمة وروتينية وواضحة   بديل
2. النتائج المترتبة على المهمة   بديل
3. طبيعة المهمة مُرضية بديل  
ج. خصائص المؤسسة
1. ترابط مجموعة العمل بديل بديل
2. ضعف السلطة (ضعف تحكُّم القائد بالمكافآت التي تقدِّمها المؤسسة) مُثبِّط مُثبِّط
3. الرسميّة (وضوح الخطط والأهداف والمسؤوليات)   بديل
4. ضعف المرونة في التعامل (قواعد وإجراءات صارمة وجامدة)   مُثبِّط
5. بُعد القائد عن المرؤوسين ومحدودية التواصل بينهم مُثبِّط مُثبِّط
مقتبس من «Leadership in organizations»، تأليف: غاري يوكل.

مثبطات القيادة

في المقابل، فإنَّ مُثبِّطات القيادة (Neutralizers of leadership) تكون ذات نتائج عكسيّة وسلبيّة؛ فهي تُعيق تصرُّف القائد وتأثيره على الأتباع بالطريقة التي يُريدونها. على سبيل المثال، يمنع خط التجميع المحوسب القائد من تحديد مُخطَّط سير العمل، كما أنَّ العقد النقابي الذي ينصُّ على دفع الأجور بناءً على الأقدمية يمنع القائد من صرف الأجور بناءً على جدارة الموظفين.

لكن قد تكون المُثبِّطات مفيدة في بعض الأحيان؛ فعلى سبيل المثال، من فوائد العقود النقابية توضيح الإجراءات التأديبية وتحديد مسؤوليات الإدارة وطاقم العاملين. يجب على القادة الإلمام بالمثبِّطات الموجودة وتأثيراتها لكي يستطيعوا التخلُّص من مساوئها أو الاستفادة من المزايا المُصاحبة لها (مثل وضوح المسؤوليات التي ينصُّ عليها العقد النقابي على سبيل المثال). على سبيل المثال، إذا كان نظام الاتصال في المؤسسة ضعيفًا ويحُدُّ من فعاليّة القائد، فقد يحاول القائد إزالة هذا المُثبِّط عن طريق تطوير (أو إقناع المؤسسة بتطوير) نظام أكثر فاعلية.

يختلف الموظفون اختلافًا كبيرًا من حيث مركزيّة انتباههم أثناء العمل، ويؤثِّر ذلك على فاعلية القيادة. تشير مركزيّة انتباه الموظف إلى توجُّهه الإدراكي أثناء العمل؛ فهو يعكس الأشياء أو الأحداث المتنوعة التي يُفكِّر فيها الفرد أثناء وجوده في مكان العمل وما درجة تفكيره فيها، إذ يُفكِّر بعضهم كثيرًا في وظيفته أو في زملاء العمل أو في القائد أو في عوامل خارجيّة ليس لها علاقة بالعمل، بينما يغرق البعض الآخر في أحلام اليقظة.

تجدر الإشارة إلى أنَّ لمركزيّة انتباه الموظف خصائص "سمة" وخصائص "حالة". على سبيل المثال، تختلف مركزيّة انتباه الموظف اختلافًا كبيرًا من دقيقة لأخرى (من خصائص "الحالة")، في حين أن هناك ثبات نسبيّ في تنوّع بعض الأمور التي يُفكِّر فيها الموظفون أثناء العمل (من خصائص "السمة").

تشير الدراسات إلى أنَّه كلَّما زاد تركيز الأتباع على العوامل التي ليس لها علاقة بالعمل، قلَّت استجابتهم لتأثير القائد وسلوكه، وهذا يعني أنَّ شدة التركيز على أمور حياتية غير مرتبطة بالعمل (مثل قضاء الوقت مع العائلة والأصدقاء) من شأنه أن يُثبِّط من تأثير القائد على دافعية الأتباع أو مواقفهم أو سلوكياتهم. لوحظ أيضًا أنَّ شدة تركيز الأتباع على القائد -سواء كان إيجابًيا أم سلبيًا- يُعزِّز من تأثير القائد على الأتباع.

القيادة الإدارية

أنت الآن القائد! نصائح مهمة للمديرين الجدد

القيادة والإدارة مفهومان مختلفان جدًّا، وكونك مديرًا لا يعني فقط أن تحصل على السلطة أو تصبح مسؤولًا عن زملائك السابقين أو أنك ستبدأ بفرض أوامرك وإطلاقها هنا وهناك. لا شك أنَّ تولي هذا المنصب يمنحك قدرة التأثير على مُخرجات الشركة ونتائجها والتحكّم في تصرّفات وسلوكيّات موظفيها، ولكنَّه أيضًا يمنحك القدرة على رسم معالم النمو المهني والشخصي للمرؤوسين أيضًا.

يُشير ستيف كيتنغ -أحد كبار المديرين في شركة تورو- إلى أنَّه ينبغي على المرء ألا يظنّ بأنَّ تعيينه مديرًا سيجعله قائدًا تلقائيًّا؛ فالحقيقة هي أنَّ من يُصبح المدير تُتاح له فُرصة القيادة وقد لا يُصبح قائدًا بالضرورة. إنَّ الشركات بحاجة إلى مديرين من أجل توجيه وإدارة العمليات التي تحدث فيها، ولكنَّ الموظفين (العنصر البشري) بحاجة إلى قائد. يرى كيتنغ أنَّ القادة بحاجة إلى امتلاك عقلية تهتم بالأفراد، وأنَّ مهمة القائد هي مساعدة أفراد المؤسسة على النجاح، ويقول: «إذا كنت لا تهتم بالناس، فلا يمكنك قيادتهم».

إنَّ من المهم وجود قواعد أساسية يلتزم بها الشخص الذي حصل على ترقية وأصبح مديرًا على أقرانه، إذ يُشير كيتنغ إلى أنَّ الترقية لا تعني انتهاء علاقات الصداقة مع الزملاء، على الرغم من أنّها تغيّر طبيعتها بعض الشيء. إذا حصل أحد زملائك على ترقية، فإنَّ عليك التفكير مليًّا وتأمُّل المدير الجديد بدلًا من التذمُّر والحسد؛ فكِّر مليًّا في الأسباب التي أدَّت إلى ترقيته والمهارات أو الخصائص التي حالت دون أن تكون أنت الشخص الأنسب للحصول على تلك الترقية.

تنصح كارول ووكر -رئيسة شركة (Prepared to Lead) المتخصِّصة في تقديم الاستشارات الإدارية- المديرين الجدد بتطوير فلسفة قياديّة خاصّة في العمل، وتحثُّهم على وضع فلسفة أساسية تمدُّهم بالإرشادات اللازمة لتأدية مهام القيادة اليومية وتُساعدهم على تطوير قدرات مرؤوسيهم، وإرشادهم كيف يصبحوا قادةً خدومين ومتعاونين… والأهم إنسانيين. يجب أن يُركِّز المديرون على تطوير الموظفين ونجاحهم، وأن يُدركوا أنَّ الموظفين لا يعملون لصالحهم؛ بل لصالح المؤسسة ولخدمة أنفسهم.

إنَّ مهمة المديرين هي تنسيق علاقات العمل، وعليهم أن يدركوا أنهم ليسوا محورها. يجب ألَّا تُسند الأعمال إلى الأفراد بطريقة عشوائية؛ بل يجب مراعاة مهارات الموظف ومستوى تطورهم وخبراتهم، وتؤكِّد ووكر على ذلك بقولها: «الموظف الذي يفهم لماذا طُلِب منه تأدية مهمة معيّنة غالبًا ما يَعدُّها مهمته الخاصة». يجب أن يُركِّز جدول أعمال القائد على إنجاح الموظفين، وليس على تألُّقه الشخصي؛ إذ تزداد استجابة الموظفين عندما يشعرون أنَّ قائدهم لا يعمل من أجل نجاحه الخاص؛ بل من أجل نجاح الموظفين.

لقد بيَّنت دراسة استقصائية أجرتها شركة (HighGround) أنَّ هناك عنصرًا مهمًا يتجاهله معظم المديرين الجدد وحتى العديد من المديرين المتمرسين القُدامى، ألا وهو: سؤال الآخرين عن آرائهم بهم؛ فجميع الأفراد بحاجة للتطوُّر والتحسُّن، ومن ضمنهم المديرين. تفرض الإدارة التقليدية نظام تقييم من أعلى إلى أسفل؛ أي أنَّ المديرين يُقيِّمون مرؤوسيهم (الأقل منهم منصبًا)، ولكن اكتشفت العديد من الشركات أنَّ من المفيد تغيير مجرى الأمور من خلال طرحِ المديرين السؤال التالي على الموظفين: «كيف يمكنني أن أكون مديرًا أفضل؟».

لا شكَّ أن التقييم من أسفل لأعلى لن يؤتي ثماره إلَّا إذا شعر الموظفون بأنَّ آراءهم مسموعة فعلًا، لذلك يتوجَّب على المديرين إقامة علاقة جيِّدة مع الموظفين لكي يتجنّبوا التعرُّض لآراء سلبية أثناء تقييمهم من قبل موظفيهم. إنَّ الاستماع إلى انتقادات المرؤوسين يبني الثقة ويساعد المديرعلى التأكُّد من أنَّ أسلوبه في القيادة يدفع الموظفين نحو النجاح. بالإضافة إلى ذلك، فإنَّ هذا السؤال البسيط، الذي يظهر من خلاله اهتمام المدير بالموظفين واحترامه لهم، هذا السؤال يُعدُّ بمثابة مصدر إلهام لأولئك الموظفين، وممَّا لا شك فيه هو أنَّ الإلهام جانب مهم من جوانب عملية القيادة.

يُمكن تلخيص مهام القائد الأساسية في: توجيه الموظفين أثناء تأديتهم لأعمالهم اليومية وبناء ثقافة عمل إيجابية ومساعدة الموظفين على تطوير مهاراتهم، بالإضافة إلى السعي المستمر لتحسين نفسه وفريق العمل الخاص به من خلال تبادل الآراء والتغذية الراجعة والحرص على وضع الموظف المناسب في المكان المناسب.

ترجمة -وبتصرف- للفصل Substitutes for and Neutralizers of Leadership من كتاب Principles of Management

اقرأ أيضًا


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...