اذهب إلى المحتوى

مهما تنوّعت جودة لحظاتك في العمل، فلا غنى عن وجود الأصدقاء هناك لتحقيق الرضا الوظيفي وتخفيف التوتر والمحافظة على تواصلك مع عملك.

جاء في صحيفة Psychology Today حول هذا الموضوع:

اقتباس

تُنشئ الصداقات أرضيةً يمكننا عبرها تعزيز مهاراتنا الاجتماعية وتطوير مسيرتنا المهنية وتلقّيَ التعاطف والدعم.

ولكنّ الصداقة قد تبدو أمرًا يصعب التعامل معه عندما تكون مدير الفريق، أو تمارس أحد الأدوار القيادية، خصوصًا عندما يكون من أصدقائك أشخاص تتولى إدارتهم.

تحدثنا إلى مديرين حقيقيين مرّوا بهذه التجربة، فشاركونا بعض الملاحظات حول كيفية التعامل بثقة مع وضع مماثل، وبدون أن تفقد قدرتك على التطوّر الكامل بوصفك قائدًا وصديقًا في آن معًا، وبما أن بعض الأشخاص الذين التقينا بهم للاستفسار حول هذا الموضوع ما يزالون يعملون مع أصدقائهم ومديريهم الحاليين، فقد طلبوا منا إبقاء هواياتهم مجهولة.

ما الذي يجعل أصدقاء العمل بتلك الأهمية؟

اقتباس

قد يؤدي كونُك مديرًا إلى عزلك عن فريقك.

قد تعتقد أنك عندما تصبح مديرًا فستفقد القدرة على مصادقة أعضاء فريقك، خاصةً وقد سمعنا في مرات كثيرة مديرين يقولون أنك قد تشعر بالوحدة بما أنك المدير.

ولكنّ السماح للوحدة بأن تسود لديك قد يأتي بنتائج تؤثّر في تطوّرك بوصفك مُحترِفًا، وكذا في قدرتك على مواجهة الصعوبات أيضًا، فإن شعرتَ بأنْ لا أحد هناك تتبادل معه الأفكار، أو تتواصل أو تشارك تجاربك معه؛ فيُتحمَل أن يتكون لديك شعور بالعُزلة وفقدان التواصل مع فريقك ومكان عملك.

وفقًا لدراسة قائمة على الملاحظة أجراها كل من Sigal Barsade وHakan Ozcelic لفهم تأثير الوحدة على الأداء في العمل؛ فقد وجدا أنّ الوحدة أدّت فعلًا إلى انسحاب من العمل وإلى إنتاجية وتحفيز وأداء أقل.

كيف توفر الصداقات في العمل دعما عاطفيا؟

ستمرّ بمواقف يكون عليك فيها التعامل مع موظفين صعبي المِراس، أو قد تحاول تخفيف حدة خلاف نشبَ بين أفراد الفريق، وهي مواقف جديدة عليك بوصفك مديرًا، ولا تخلو غالبًا من عواطف ترافقها. ورغم أن عليك تعلُّم كيفية التحكّم بالعواطف أثناء العمل والتعبير عنها، إلا أنه ستحصل مواقف مثل تلك لا محالة ما دام البشرُ مجبولين على العواطف.

إنّ وجود صديق لك تتصرف معه على طبيعتك وتعبّر له عن عواطفك، أمرٌ لا غنى عنه لصحّتك عمومًا، وللنجاح في التعامل مع الضغط الذي يولّده دورُك في العمل، وللوصول إلى السعادة في العمل.

نعلم أن وجود الأصدقاء في مكان العمل أمر مهم، ولكنّه ليس دائمًا بتلك السهولة عندما تمارس دورًا قياديًا، لذا إليك بعض النصائح لمساعدتك في العثور على أصدقاء بمكان العمل.

من الوحدة إلى مصادقة الآخرين: العثور على أصدقاء في العمل

أنشئ تواصلًا متينًا مع فريقك

حتى لو رأيتَ أنّ مصادقة أفراد فريقك أمر صعب بسبب دورك القيادي بينهم بوصفك مديرًا، فلا يزال بوسعك نسج علاقات قوية معهم ولكن بحدود، حتى مع الأصدقاء منهم.

اقتباس

في الصداقات ثمة مجال كبير للرمادية، فلا شيء ثابت هناك.

قد لا تستطيع الاعتماد على واحد من أفراد فريقك لمناقشة خلاف ما ضمن الفريق، أو للحديث عن مشكلة حصلت بينك وبين رئيسك في العمل، لكن مع ذلك بوسعهم دعمك ومساعدتك والتواصل معك، وإذا أردتَ البدء بأمر ما، فليكُن بناء الثقة، فبحكم التجربة؛ يمكن أن يمثل ذلك نقطة تحوّل بخصوص العمق الذي يمكنك التواصل فيه مع أعضاء فريقك.

تواصل مع مديرين آخرين داخل مؤسستك

من أفضل النصائح المهنيّة التي يمكن إسداؤها حول هذا الموضوع هو العثور على مديرين آخرين في مؤسستك، ورغم أنه قد يكون مُقلِقًا أن تحاول الوصول إلى أشخاص من خارج فريقك -خاصةً في سياق العمل عن بُعد، حيث يمكن أن تتعامل مع أشخاص لم تلتقِ بهم قطّ-، فسيستوعب زميلُك المدير كثيرًا مما تمرّ به، إذ يدرك زملاؤك المديرون أمورًا، مثل ما يعنيه أن تكون صلةَ وصل بين مرؤوسيك ورؤسائك، وإيجادِ توازن سليم بين إدارة فريقك وضمان أن يُنجز عملُك، والتعاملِ مع الصعوبات، وحلّ المشاكل ضمن فريقك، وسوى ذلك من الأمثلة التي تجعل عملك -بوصفك مديرًا- مُجزِيًا ومُجهِدًا في آن معًا. إذًا، قد تساعدك هذه القواسم المشتركة مع المديرين الآخرين في بدء مناقشات وتعزيز صداقات معهم.

وسع شبكتك

عندما يكون العثور على أصدقاء في العمل صعبًا، بسبب انطواء دورك الإداري على كثير من المعلومات السرّية، أو لأن لديك تأثيرًا كبيرًا على الحياة اليومية للأشخاص المعنيين، فقد يكون تحقيق ذلك داخل مؤسستك أمرًا أكثر صعوبةً.

ومن هنا تنبع أهمية العثور على شبكة من حولك، بحيث يمكنك البدء عبر بناء علامتك التجارية الشخصية على الإنترنت بوصفك مديرًا، أو بطلب المشورة عبر الإنترنت، ثم تبدأ ببطء خوض النقاشات. كما يمكنك الانضمام إلى مجموعات على الإنترنت تضم مديرين من ضمن مجال عملك، إذ لا حصرَ للفرص والخيارات، حيث يمكنك العثور على صداقات حقيقية حتى خارج مكان العمل حيث تعمل.

محرج أم لا: عندما تصبح رئيس أصدقائك

تختار العديد من الشركات التطوُّر من الداخل، فذلك أقل تكلفةً وأكثر استغلالًا للوقت، لأنه يحتاج إلى تدريب أقل، ويُعَدّ طريقةً ممتازةً للتعرّف على إمكانات الأشخاص. بهذه الطريقة يبدأ العديد من الناس وظيفتهم الجديدة بوصفهم مديرين، فقد يجدون أنفسهم يحصلون فيه على ترقية، فتتمثل وظيفتهم الجديدة في إدارة فريق كامل من الموظفين يُحتَمل أن يكون من أعضائه أصدقاء لهم. إليك ما قاله بعض المديرين الذين مرّوا بمثل تلك التجربة:

سيبدو الأمر محرجا في البداية فقط

اقتباس

لقد غيَّر ذلك من الديناميكية قليلًا.

لقد غيَّر ذلك من الديناميكية قليلًا، فقد كنتُ مضطرًا إلى تحمُّل كل الإحراج الذي سبَّبه ذلك في بداية الأمر، إذ هناك بعض الموضوعات التي لم نعُد نناقشها، لكننا نحترم بعضنا بعضًا ومضينا قُدمًا في ذلك الوضع. ما نزال أصدقاء مقرّبين من بعضنا حتى يومنا هذا.

يتمثل الأمر الأهم الذي عليك توقُّعُه هنا في تغيُّر الديناميكية، إذ يترافق التغيير دائمًا مع فترة تعديل؛ لذا توقَّعْ تلك الفترة التي تمر فيها واعلم أنها ستمضي مع الوقت.

التواصل المبكر والمستمر أساسي

اقتباس

عندما حصلتُ على ترقية، خشيتُ إخبارَ صديقتي المقرَّبة في العمل عن ذلك.

عندما حصلتُ على ترقية، خشيتُ إخبارَ صديقتي المقرَّبة في العمل؛ وذلك لأننا كنا زملاءً ونمارس العمل ذاته. وبعدما سمعتُ الخبر شعرت بأني عاجزة عن إبلاغها به؛ فلم أُرِد إفساد الأمور. بدأتِ المشكلة عندما أَذاع نائبُ الرئيس الخبر، فقد كان عليه الإفصاح عن أنّ النقاش حول ذلك كان مطروحًا منذ شهور عديدة، وأنني وافقتُ على قبول هذه الفرصة، وهذا بالذات ما جعل الأمور أكثر إحراجًا بالنسبة لنا؛ فبعد توضيح ما حدث، كان أكثر ما أزعج صديقتي عِلمُها بأنني لم أكُن مرتاحًا لفكرة إبلاغها بالأمر، فقد أحبّتْ أن تسمعه مني وأن تسعدَ لأجلي!

يُعَد هذا قرارًا صعبًا، خصوصًا إذا كانت المعلومة سرية، بحيث لا يعود إليك القرار بالإفصاح عن ترقيتك المُقبِلة. ولكن ومن خلال نقاشاتنا مع المديرين وجدنا أن هناك أداة شائعة لمواجهة ذلك، ألا وهي التواصل، فإذا كنت قادرًا على ذلك؛ تحدّث إلى أصدقائك حالما تسنح الفرصة، فأغلبُ الظن أنهم سيسعدون لأجلك.

اقتباس

علمتُ النظرة التي كانت لديّ تجاه فريقي الجديد، وكنتُ عارفًا أيَّ نوع من المديرين أريد أن أكون، لهذا أخبرتُ صديقتي بخطتي بدافع الحماسة أكثر من أي شيء آخر، لكنها لم تتفاجأ بطموحي أبدًا فهي تعرفني جيدًا ورأتني مُحقِّقًا ذلك لا محالة. ولكني عندما انتقلتُ إلى ممارسة دوري الجديد، وعدّلتُ الأمور ضمن الفريق، فقد ساعدها ذلك في التنبّؤ بتوقعاتي، حتى لو تضمَّنتْ تلك التوقعات أن أرسم لها أهدافًا جديدة.

إنّ الإبقاء على استمرار التواصل، وإدراك ضرورة مرور بعض الوقت قبل أن تجد الطرائق المناسِبة للعمل معًا، يمكنه أن يساعدك وصديقَك في الانتقال إلى الديناميكية الجديدة. سيعلم صديقك ما عليه توقُّعه منك بوصفك مديره، وهذا سيساعده في التعامل مع التغييرات المُقبلة.

للتعاطف أهمية بالغة

ينطبق ذلك على طرفي علاقة الصداقة. لذا فكِّر من جانبك لدقائق في كيف ستشعر إذا أصبح صديقُك مديرَك في العمل؛ وعلى صديقك أن يفكر في شعوره إذا أصبح مديرًا. وحتى لو أمضى صديقك وقتًا للتكيف مع وضعه الجديد، فسيكون التعاطف أفضل سبيل لفهم تصرفاته، فمن خلال نقاشاتنا مع المديرين وجدنا أن التعاطف كان غالبًا أول خطوة نحو تحقيق توازن بين الصداقة والعمل والقيادة.

أرادنا الترقية نحن الاثنان

اقتباس

كلانا أردنا الترقية، فقد اعتدنا أن نعمل بجد معًا، وكنا متحمسَين للوصول إلى الأهداف ذاتها؛ أما عندما أصبحتُ مديرًا، فقد كان عليّ إفساح المجال لصديقي ليعبّر عن انزعاجه وخيبة أمله. في الواقع كنتُ لِأشعرَ بما يشعر به، لكني فكّرتُ فيما كنتُ لِاُريدَ منه أن يتصرف لو أن الحال معكوسًا، وفي أنَّ التعاطف قد ساعدنا فعليًا على تجاوز التوتر.

الشفافية والإجراءات الواضحة تحققان العدالة

اقتباس

تتمثَّل أكبرُ مخاوفي في احتمال اعتقاد أفراد فريقي أني سأُحابي صديقيَّ المُقرَّبَين في الفريق على حساب باقي أعضائه، ولذا سارعتُ في اتخاذ قرار مفاده أني سأتبع مناهج بخصوص تقدير الموظفين لدي وإسناد المشاريع إليهم. كان من شأن تبنّي أنظمة حيادية -يستغلها أصحاب المهارات، والمتفوقون، ومن لديهم الوقت لإنجاز مشاريع محددة- توصِل لهم رسالةً مفادها أن الأمر ليس بيدي، بل أنّ الكرة في ملعبهم، فلا تفضيلية مزاجية تحت قيادتي.

بالنسبة لتقدير الموظفين والفرص والمزايا وتكوين الأفكار؛ فسيساعدك تبنّي خطة وإجراءات واضحة في إيصال فكرة لفريقك مفادها أنك لن تفضّل أحدًا منهم بذاته.

اقتباس

نصيحة احترافية: احرص على أن تكون المقاييس التي تستخدمها واقعيةً ولا غموض فيها، فلو قلتَ مثلًا أنك تقدّر التفاني في العمل؛ فذلك سيفتح المجال لكثير من التفسير، لهذا كن أكثر تحديدًا بقولك إنك تثمِّن التعاون مع فِرَق العمل من خارج المؤسسة والإتيان بأفكار جديدة وتحقيق الأهداف المرسومة، وغيرها، فالهدف هو أن تكرِّس بيئة عمل يسودها الإنصاف.

تكلم في الأمر وخض النقاش غير المريح

اقتباس

جميعنا نعلم أن هناك مشكلةً يلاحظها الجميع لكن لا أحد يريد الحديث عنها. كان لديّ أصدقاء مميزون في الفريق قبل أن أصبح مديرًا، والأسوأ أنَّ رأيي كان حاسمًا -جزئًيا- في تحديد لمن ستُمنح الترقية التالية، وعلمتُ حينها أنه رغم الاحتدام الذي سيتخلل النقاشات، فقد اضطررتُ إلى الحديث لأعضاء الفريق حول ذلك، وقد أجملتُ هواجس أعضاء فريقي وكنتُ صريحًا معهم حول الكيفية التي سيُتَّخَذ فيها القرار، فاقتضى الأمرُ مني التحلّي بالشجاعة، لكني أعتقد أن أعضاء فريقي احترموا قراري في النهاية وحظيَ بتقدير أصدقائي.

قد يسبب ذلك التوترَ، ولكنّ خوض تلك النقاشات العصيبة سيُعدّك لنجاح طويل الأمد، لهذا اسمح لنفسك بأن تكون غير مرتاح إلى حد ما، واستبِق الأمور بطرح مواضيع النقاشات بنفسك، وسجَّل ما ناقشته لتجنُّب سوء التفاهم لاحقًا.

اقتباس

تمكنتُ في النهاية من الحفاظ على كل صداقاتي بعد حصولي على الترقية، بل واضطررتُ إلى إطلاق بعض التحذيرات الانضباطية، لكنَّي أعتقد أنَّ أكثر ما ساعدني هو تعاملي مع جميع أفراد فريقي بمستوى الاحترام والشفافية ذاته الذي أريده من مدير ما لو كنتُ موظفًا يعمل تحت إدارته.

يحتاج الأمر إلى بعض الوقت وإلى التعاطف والشفافية، لكنّ بوسعك الوصول إلى توازن سليم بشأن صداقاتك في مكان العمل، لهذا تعلّمْ متى تتكئ على الصداقات بثقة، ومتى تلتزم بدورك بوصفك قائدًا ومديرًا. وما التوتر والضغط اللذَين تشعر بهما سوى دليل على أنك شخصٌ مُكترِث.

ترجمة -وبتصرّف- للمقال Navigating friendships at work and being your friends’ manager لصاحبه Ana Collantes.

اقرأ أيضًا


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...