اذهب إلى المحتوى

التعريف بالذكاء العلائقي وكيفية بناء علاقات عمل ممتازة


Shadi Albadrasawi

أليست العلاقات صعبة؟ واجه جميعنا تحديات في حياتنا مثل التعرّف إلى شخص ما للمرّة الأولى، والعمل مع شخص بوجهة نظر مختلفة، وحلّ النزاعات، وربما مجرد أن نتعلم أن نثق بشخص ما، إذن ليس من المفاجئ أن نجد أشخاصًا وقد كرّسوا حياتهم لدراسة طبيعة العلاقات البشرية، فالبشر كائنات معقدة، ونحن نعتقد أن من المدهش التعلم عنهم!

سنحت في وقت سابق من هذا العام فرصة رؤية Esther Perel المعالجة النفسية البارزة والمؤلفة صاحبة أكبر مبيعات، وهي تحلّل نظام علاقاتنا المعقّد، بناءً على حقيقتها الثابتة التي تقول أن طبيعة علاقاتك هي ما يحدّد طبيعة حياتك، جامعة في دراستها لا العلاقات بين الأشخاص المحبّبين فقط، بل كشفت أيضًا عن التعقيدات وراء العلاقات الاحترافية بين الزملاء، وأيقظت كلمات Esther القوية اهتمامًا عميقًا في داخلنا بمفهوم جديد غير معهود: الذكاء العلائقي.

ما ستتعلمه في هذه المقالة:

  • ما يعنيه الذكاء العلائقي.

  • أهمية بناء علاقات في محيط العمل.

  • التوفيق بين تكوين العلاقات وإنجاز المهمات.

  • تمارين لبناء شبكة اتصالات أقوى في عملك.

  • كيف تقيس الذكاء العلائقي بالنسبة لفريقك.

ما هو الذكاء العلائقي؟

يوجد عدة طرق لتعريف الذّكاء العلائقي، لكن مما لا يدعو إلى الدهشة أن أفضل طريقة هي من كتاب Esther:

اقتباس

"الذّكاء العلائقي هو قدرتنا كبشر على التواصل مع الآخرين وبناء الثقة."

ربّما سمعت بالذكاء العاطفي من قبل، وقد تتسائل ما علاقته بالذكاء العلائقي، والأمر من منظورنا، هو أن الذّكاء العاطفي القوي يُعزّز الذكاء العلائقي ويطوّره ويوسّع نطاقه، فعندما تكون قادرًا على تشخيص وفهم مشاعرك والآخرين، تكون أكثر جاهزيّة لبناء العلاقات معهم.

في عالم الأعمال الجديد، حيث تتقدم المهارات السلوكية على المهارات التقنية من حيث الأولوية، فإن الذكاء العلائقي نقطة قوة في التنافس في العمل، وعلى الرغم من أنها عُدّت يومًا ما "مهارات شخصية" (أو كما يفضل أن يسميها Josh Bersin، علّامة الموارد البشرية، "مهارات القوة")، فإنها اليوم، متمثلة في قدرتنا على التواصل الفعّال، والتأثير، وبناء الثقة، وحل الخلافات، أصبحت مهمة أكثر من أي وقت مضى، لذا دعونا نخوض أكثر فيها.

ما أهمية الذكاء العلائقي في محيط عملنا؟

يتطور محيط العمل على نحو مذهل، ويصعب على المنظمات والأفراد اللحاق بالرّكب، فحتى بينما تستمر مؤسسة Gallup ببثّ أبحاثها، فإن السؤال ليس ما إذا كانت هذه التغييرات ستحدث، بل كيف نتعامل معها.

يظهر العديد من الدراسات، أنه بينما نحن متواصلون أكثر في العالم الرقمي، فإننا نواجه صعوبة في إيجاد مثل هذا التواصل على أرض الواقع، فكما تعزّز علاقاتنا حيواتنا الشخصية، فإنها كذلك تُعزّز الأداء والنجاح في العمل. تؤدي العلاقات الأمتن إلى المزيد من النقاشات الجادّة، والحلول الإبداعية، وفي نهاية المطاف، دخولٍ أعلى.

مؤشر العلاقة المتينة أثره على العمل
الانفتاح ومشاركة الأفكار بصدق إزالة العوائق التي تجعل المحادثات صعبة أو حساسة، ويزداد التماسك بين الزملاء
رغبة الجميع بمشاركة الخبرات والمعلومات لإفادة الغير كسر الحواجز بين الزملاء وتوحيد أهدافهم وتحقيقها أسرع وأكفأ
تجربة الأفكار الجديدة على مستوى الفرد والجماعة والتفكير الإبداعي التخلص من الخوف من الفشل ودعم الابتكار والإبداع

كما تقول Esther Perel:

اقتباس

"مهما كانت كمية المال أو الطعام المجاني أو الاغراءات التي تقدمها، فإنها لن تعوض عن الضرر الذي تحدثه العلاقات السامة في محيط العمل."

وتحث المنظمات على إعادة ترتيب استثماراتهم للوقت والمصادر وتسليط الضوء أكثر على جودة العلاقات في محيط العمل.

لكن ماذا بشأن العمل؟

دعونا نرجع خطوة للخلف لنرى الإشكالية هنا، والتي تتمثل في السؤال: ألن يؤدي التركيز أكثر على العلاقات إلى المجازفة بمدى إنجاز العمل؟

لدى المدراء الكثير من الواجبات لإنجازها، وقد تحتار بين إعطاء الأولوية لاحتياجات فريقك وتطوير الذكاء العلائقي، واحتياجاتك رئيسك، لكن لدينا أخبار سارة هنا وهي أن بناء العلاقات لا يجب أن يكون على حساب أداء الفريق، بل على العكس.

يُنظر أحيانًا إلى القيادة المتمركزة حول إنجاز الأهداف بأنها نقيض تلك المتمركزة حول العلاقات، إلا أننا نؤمن بقوة بأنهما لا يتناقضان بالضرورة، فالتركيز على العلاقات وتعزيزها يمكن أن يؤدي إلى أداء وإنتاج أفضل على المدى البعيد، كما يقولون:

اقتباس

"قد تمشي أسرع وحيدًا، لكن معنا، سنقطع مسافة أطول."

لا يعني التركيز على العلاقات محاولة جعل الجميع أصدقاء، أو ضمان أنه لن يحدث أي انزعاجات أو خلافات، بل يُفترَض بالبناء الصحيح للعلاقات ألّا يثبّط الخلافات نفسها بل يشجع المنافسة بين الأفكار والعمل بالتكيف مع الخلافات، حتى تُحلّ عندما تظهر، مؤدية إلى مردود إيجابي.

لا يساهم وجود ذكاء علائقي قوي في فريقك في بناء ثقافة الاندماج فقط، بل أيضًا إلى توليد أفكار إبتكارية أفضل كَمًا ونوعًا، وتعزيز روح الحيوية والتعاون في الفريق، وتقوية الإحساس بالأهداف والغايات المشتركة. لهذا فإنه من الضروري للمدراء تشجيع وتبني هذه الروابط داخل وخارج الفريق، ولا تقلق، فنحن هنا للمساعدة في هذا بالضبط.

كيفية بناء الذكاء العلائقي

إذًا، كيف تبني الذكاء العلائقي، سواء لك أم لفريقك؟ لا يوجد وصفة سرية لذلك، لكن أفضل بداية هي أن الاستماع بإنصات وبفضول من الصميم.

تمكنّا في ورشة عمل الذكاء العلائقي في مؤتمر Montreal C2 لعام 2019 من إيجاد تواصل حقيقي خلال 90 دقيقة فقط بين أناس لم يعرفوا شيئًا عن بعضهم قبل المؤتمر، واختبر الحضور كيف ساعدهم التمرن على الإنصات المصاحب بحُبّ التعارف في أداء نفس المهام أفضل في نهاية الورشة من أدائهم في بدايتها.

تمارين لممارسة حب التعارف والاستماع المنصت في مجموعة

جرب هذه التمارين مع فريقك للمساعدة في تحقيق التواصل الصادق:

الاستماع دون النظر

ادعُ مجموعة من 3 أو 4 أشخاص واطلب منهم إغلاق أعينهم والحديث لمدة 5 دقائق، محاولين إيجاد 3 أشياء مشتركة بينهم وتميزهم عن المجموعات الأخرى. قد يكون هذا غير مريح في البداية، لكن فقدان التواصل البصري يدفع الناس إلى التركيز أكثر على ما يُقال.

بدء المحادثات

اجعل الجميع يجلسون في مجموعة واختر بعض الأسئلة التي يمكنهم أن يسألوا بعضهم، يمكنك البدء بأسئلة خفيفة مثل:

  • هل يمكنك أن تخبرنا عن شخص واحد أثر في حياتك؟
  • هل تظن أن العالم سيكون أفضل أم أسوأ بعد 100 عام من الآن؟
  • ما الشيء الجديد الذي تعلمت فعله العام السابق؟
  • هل يمكنك أن تشاركنا ذكرى عزيزة لك؟

هناك مئات الأسئلة المشابهة ليسألها الناس بعضهم البعض، ويمكنك أيضًا أن تدعو الناس إلى إضافة أسئلتهم الخاصة، فالتواصل يبدأ من المعرفة البسيطة التي يتبادلها الناس عن أنفسهم بين بعضهم.

الواقعية والاستماع المنصت

ادعُ الناس لممارسة الاستماع المنصِت في أزواج، واطلب من شخص واحد -المتكلم- أن يشارك وضعًا ما يمر به الآن ولم يتخذ قرارًا بشأنه بعد، وأن يشاركه بينما يستمع شريكه (المستمع).

بعد ثلاث دقائق، اطلب من المستمعين أن يستمعوا بأسلوب مختلف، إما بالبقاء صامتين أو بتوجيه أسئلة حادة، وشدّد على أن على المستمع أن يقاوم رغبته في التدخل بأفكاره محاولًا التخفيف عن الطرف الآخر.

إليك أمثلة على أسئلة حادّة يمكن توجيهها:

  • ما هو شعورك حيال هذا الوضع؟

  • لمَ يؤثر فيك؟

  • ما الذي تهتم فيه من أعماقك؟

  • ما هو أكثر شيء تحتاجه؟

  • ممّ أنت خائف؟

  • ماذا تعلمك هذه التجربة عن نفسك؟

  • ما الذي قد يعطيك بعض الدافعية للأمام؟

  • ما هو تصورك لأفضل سيناريو يمكن أن يحصل؟

اجعل الأزواج يتبادلون الأدوار، واستخلص من الجميع رأيهم في تجربة الاستماع ومدى جودتها وأثرها على المتكلم.

نصيحة إدارية: لبناء ذكاءك العلائقي الخاص، تمرن على تنفيذ الفكرة من هذه التمارين من يوم لآخر، فمثلًا، وجه بعض الأسئلة الحادة في محادثات تدريبية، أو وجهًا لوجه مع زملائك الموظّفين.

كيف يمكنك أن تقيم جودة علاقاتك مع من تعمل معهم؟

جودة العلاقات كجميع العلوم الإنسانية، سهلة القياس، لكن تحديد ذلك القياس بدقة أمر صعب. يمكنك أن تعبر عن علاقاتك بتعبيرات مثل أنكم "تتماشون جيدًا" أو "تتناغمون مثاليًا" لكنك لن تسمع أبدًا أحدًا يقول أنه يحب زوجته بمقياس 8 من 10، إذ لا يمكن وضع رقم لقياس لهذه الأمور، لذا، فمن الأسهل تمثيلها بشيء ملموس.

عندما يستطيع المدراء تحديد المجالات التي يختبرها الموظفون والتي تتحرك فيها الفِرَق والتي تحتاج إلى العناية بها، يكونون أفضل استعدادًا للتصرف بفعالية.

ساعدنا العلم في تحديد المكونات الرئيسية التي تسهم في اندماج الموظفين، ومن بينها، العلاقات بين الأقران ومع المدير، ويمكن الوصول إلى فهم أفضل للعناصر لنميز بدقة الجيد منها وما يحتاج إلى تحسين، من خلال توجيه أسئلة محددة.

إليك بعض الأسئلة التي تُسأل لتقييم العلاقات بين أقران العمل عبر استبيان Plus Survey:

  • هل تحترم الناس الذين تعمل معهم؟

  • هل تشعر أن أقرانك يساهمون في تحقيق أهداف الفريق؟

  • هل تشعر بأنك جزء من فريق؟

  • هل يرحب أقرانك بالآراء المخالفة لهم؟

  • هل يمكنك الاعتماد على أقرانك عندما تحتاج مساعدة؟

  • هل تثق بأقرانك؟

الخلاصة

في النهاية، العلاقات الإنسانية معقدة، وتتطلب العمل الجاد والكثير من الوقت لبنائها، لكن عندما تكون صادقة، عميقة وذات مغزى، فإنها تسمو بحياتنا إلى مستوى آخر تمامًا، ففي عالم تطغى عليه التكنولوجيا، من الضروري لجميعنا أن يتمهل قليلًا ويتواصل مع من حوله، لأنهم هم من يشاركوننا حياتنا، ويملكون خبرات معبرة، وينتجون منتجات رائعة أو يزوّدوننا بخدمات استثنائية.

عندما نستثمر في علاقات محيط العمل، نصبح أكثر من مجرد أشخاص يعملون معًا، بل فريقًا متماسكًا يبني يدًا بيد وموحد الهدف والمغزى.

ترجمة وبتصرف للمقال Building Great Relationships at Work with Relational Intelligence لصاحبيه Julie Jeanotte و Valerie Gobeil


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...