اذهب إلى المحتوى

لقد ركَّزنا في المقالات السابقة من هذا الباب من سلسلتنا على العوامل التي تدفع إلى التغيير، وتناولنا أيضًا أبعاد التغيير التي ينبغي أخذها في الحسبان عند الرغبة في إحداث تغيير. سنبيِّن في هذا المقال عدة أساليب مختلفة لتصميم التغيير وتنفيذه.

في الواقع، إنَّ معظم القادة والمديرين في المؤسسات مسؤولون عن إدارة التغيير إلى حدٍّ ما، ويشير مصطلح إدارة التغيير (change management) إلى عملية تصميم التغيير وتنفيذه. هناك مصطلح آخر مرتبط بإدارة التغيير وهو التطوير التنظيمي (organizational development) الذي يُعدُّ مجال تخصُّصي يركِّز على كيفية تصميم التغيير وإدارته.

استشاري التطوير التنظيمي هو الشخص الذي لديه خبرة في عمليات إدارة التغيير وقد يكون من أعضاء المؤسسة نفسها أو من خارجها؛ فالاستشاري الداخلي هو الذي يعمل موظفًا داخل المؤسسة ويركِّز على كيفية إحداث تغيير من داخلها، أمَّا الاستشاري الخارجي فهو من متخصِّصي التطوير التنظيمي من خارج المؤسسة وعُيِّن لكي يُقدِّم خبرته لفترة قصيرة من الزمن وعادةً ما يُستعان به في حالة التغييرات الكبرى. تزداد فعالية القادة والمديرين في إدارة التغيير إذا كانوا مدركين لممارسات إدارة التغيير الشائعة، بالإضافة إلى وجهات نظر متخصِّصي التطوير التنظيمي والممارسات الخاصة بهم.

الافتراضات الأساسية بشأن التغيير

هناك العديد من نماذج التغيير المتاحة أمام المديرين، ولكن قد يصعُب إدراك الاختلافات بين هذه النماذج عند محاولة إجراء عملية تغيير مخطَّط له. لقد وُضعت العديد من الأساليب والطرق للتطوير التنظيمي ولإدارة التغيير، وقد استُخدمت خلال القرن الماضي، لكن في حقيقة الأمر قد يكون من العسير معرفة أيّ النماذج هو الأكثر ملاءمة لموقف معين؛ إذ إنَّ لكل نموذج من نماذج التغيير مواطن قوة وجوانب قصور ومن المهم إدراك طبيعتها، وينبغي أن تتوافق طريقة التغيير المستخدمة في وضع معين مع متطلبات ذلك الوضع.

هناك العديد من الأسئلة التي سيُساعدنا طرحها ومناقشتها على تحديد الطريقة المناسبة للاستخدام في عملية التغيير المخطَّط له، وسنوضِّح بعض هذه الأسئلة فيما يلي.

يرتبط السؤال الأول بالأحوال والظروف التي تدفع إلى التغيير: هل المؤسسة تعاني من عجز أو قصور يجعلها بحاجة إلى إصلاحات كبيرة أم أنَّ أدائها عالي وهناك حاجة إلى بعض التنقيح والتحسين؟

من الدوافع الشائعة للتغيير هو تصوُّر أنَّ المؤسسة قد تكون في حالة خلل وقصور وتنطوي على مشكلات جسيمة، ويمكننا تشبيهها في هذه الحالة بمريض في مستشفى يحتاج إلى عناية طبية شديدة. قد تتطلَّب المؤسسة التي تعاني من الخلل إجراء تغيير تحويلي، بحيث يُعاد النظر في افتراضاتها ومعتقداتها الأساسية وأفكارها التنظيمية ومن ثمَّ إدخال تعديلات جذرية وشاملة عليها. غالبًا ما تؤدِّي تلك التصوُّرات إلى ما يُعرف بالتغيير القائم على إصلاح نقاط الضعف (deficit-based change)، إذ يفترض المديرون والقادة أنَّ الموظفين سوف يتغيَّرون إذا كانوا يعلمون بأنَّهم سوف يواجهون عواقب وخيمة إن لم يُقدموا على ذلك التغيير.

في المقابل، قد يرى المديرون والقادة أنَّ المؤسسة تعمل بكفاءة عالية، كما لو كانت لاعبًا أولمبيًا أو فريقًا بارعًا جدًّا. قد تتطَّلب المؤسسة ذات الأداء العالي إجراء تغيير تدريجي بينما تُواصل الاعتماد على مقوماتها وأسسها المتينة لصقل وتحسين إمكانياتها من أجل الاستمرار في أدائها العالي. غالبًا ما تؤدي تلك التصوُّرات إلى ما يُعرف بالتغيير القائم على تعزيز نقاط القوة (abundance-based change)، إذ يفترض المديرون والقادة أنَّ الموظفين سوف يتغيَّرون إذا شُجِّعوا على تحقيق المزيد من التفوُّق في عملهم.

يتعلَّق السؤال المهم الثاني بآليات التغيير: ما هي افتراضاتنا بشأن كيفية إحداث التغيير؟ هذا السؤال حاسم لأنَّ الإجابات تحدِّد الأساليب المناسبة لتصميم التغيير المخطَّط له وتحدِّد أيضًا التصوُّرات المتعلِّقة بمدى فاعلية التغيير.

يعتمد أسلوب التغيير من أعلى إلى أسفل (top-down change) على افتراض أنَّ المؤسسة ذات هيكل تنظيمي ميكانيكي، إذ سوف تتولَّى مجموعة صغيرة نسبيًا من الأفراد في المؤسسة تصميم عملية التغيير وإرشاد الآخرين في مختلف أرجاء المؤسسة بشأن كيفية تطبيق تلك العملية وتوضيح كيف ستأخذ الأمور مجراها. معظم الموظفين في أسلوب التغيير من أعلى إلى أسفل لا يشاركون في عملية تصميم التغيير ومن المتوقَّع منهم في أغلب الأحيان اتباع الإرشادات الموجَّهة إليهم من قِبل قادتهم ومديريهم في المؤسسة. بعبارة أخرى، يعتمد أسلوب التغيير هذا على التنظيم الرسمي لإضفاء الصفة الشرعية على التغيير ودفع عجلته.

هناك أسلوب آخر يُقابل أسلوب التغيير من أعلى إلى أسفل ويُسمَّى أسلوب التغيير الطارئ (emergent change) أو التغيير من أسفل إلى أعلى (bottom-up change)، ويعتمد هذا الأسلوب على الاعتقاد بأنَّ الموظفين سوف يزداد إسهامهم في إحداث التغيير إذا شاركوا بأنفسهم في عملية تصميم التغيير. من الممارسات الشائعة التي تتماشى مع أسلوب التغيير الطارئ هي الإدارة بالمشاركة، والتي يُقصد بها إشراك الموظفين في التشاورات المتعلِّقة بقرارات العمل الرئيسية.

قد تكون الاختلافات بين أسلوبي التغيير من أعلى إلى أسفل والتغيير من أسفل إلى أعلى كبيرة. على سبيل المثال، قد يقرِّر المديرون والقادة الذين يستخدمون أسلوب التغيير من أعلى إلى أسفل أنَّ هناك حاجة إلى إعادة تشكيل الهيكل التنظيمي للمؤسسة من أجل استيعابٍ أفضل للتحوُّل الكبير الذي طرأ على العمل، وقد يفترضون أنَّ بإمكانهم تبنِّي الهيكل التنظيمي الجديد وأنَّ الأعمال الروتينية المعتادة التي يؤدِّيها الموظفون وأنماط سلوكهم ستتغيَّر بعد ذلك تدريجيًا بطبيعة الحال.

قد يناقض أسلوب التغيير من أسفل إلى أعلى المنطق السابق؛ إذ قد يعمل الموظفون في البداية معًا لاستكشاف المهام التي ينبغي تنفيذها لحل مشكلة معينة متعلِّقة بالعمل وقد يجرِّبون إجراء التغييرات الممكنة، وبعد ذلك قد يُعيد المديرون تشكيل الهياكل التنظيمية لكي تتناسب مع الطريقة الجديدة أو الطارئة لأداء العمل، وقد يكون تغيير الهيكل التنظيمي في عملية التغيير من أسفل إلى أعلى هو الخطوة الأخيرة، وذلك على النقيض من أسلوب التغيير من أعلى إلى أسفل.

يواجه العديد من المديرين الذين يفكِّرون في استخدام أسلوب التغيير من أسفل إلى أعلى تحديًا ألا وهو أنَّهم لا يستطيعون السيطرة مباشرة على عمليات التغيير المخطَّط له؛ بل يجب عليهم أن يعتمدوا على الإجراءات التي توحِّد الموظفين معًا لتحقيق هدف معين وأن يتوقَّعوا منهم اتخاذ ردود الفعل المناسبة، وهذا يتطلَّب أن يكون لدى المديرين ثقة كبيرة بأنَّ عملية إشراك الموظفين سوف تؤدِّي إلى إحداث التغييرات المرغوبة.

من الناحية العملية، غالبًا ما تُستخدم إجراءات كلّ من التغيير من أعلى إلى أسفل والتغيير من أسفل إلى أعلى معًا. على سبيل المثال، قد يمارس المديرون والقادة سلطاتهم وصلاحياتهم (من أعلى إلى أسفل) من أجل تحديد وإعلان التغيير اللازم إجراؤه. قد يُحدِّدون بعد ذلك عمليات وإجراءات تتيح مشاركة الموظفين من مختلف أقسام المؤسسة وتمنحهم صلاحيات للمساهمة في تصميم طريقة إحداث التغيير. ينخرط الموظفون في جميع مستويات المؤسسة إلى حدٍّ كبير في عملية التغيير من بدايتها إلى نهايتها من أجل تحقيق هدف عام محدَّد. يؤدِّي هذا الأسلوب إلى تشجيع الموظفين على التنظيم الذاتي من خلال شبكة العلاقات غير الرسمية، إذ يتّخذ الموظفون القرارات وينفِّذونها بأقل قدر من التوجيه. يُمكننا القول عمومًا بأنَّه كلَّما كان التغيير المحتمل أكثر تعقيدًا، زادت الحاجة إلى إشراك الموظفين في التخطيط للتغيير وتطبيقه.

يتعلَّق السؤال الأخير بالعقلية المتصلة بالتغيير: ما هي معتقداتنا الأساسية بشأن الناس والتغيير؟

هناك نوعان من العقليات المتصلة بالتغيير وهما يؤثِّران على اختيار الأسلوب الذي يمكن استخدامه لإحداث التغيير. النوع الأول يُسمَّى العقلية التقليدية (conventional mindset)، إذ يفترض المديرون والقادة أنَّ معظم الناس يميلون إلى مقاومة التغيير وأنَّه ينبغي عليهم الإدارة بطريقة تشجِّع الناس على تقبُّل التغيير، وقد ينظرون إلى أفراد المؤسسة على أنَّهم مجرَّد أشياء -أو حتى عقبات في بعض الأحيان- ينبغي إدارتها أو السيطرة عليها من أجل إحداث التغيير المطلوب في المؤسسة. عندما يحمل المديرون والقادة العقلية التقليدية، فإنَّهم يميلون إلى أن يفترضوا أنَّ وجهات نظرهم هي أكثر منطقية وعقلانية من وجهات نظر الموظفين، وسيعملون جاهدين لإقناع الموظفين بصحة قراراتهم ولإثبات وجهة نظرهم بالاعتماد على المنطق، وقد يميلون أيضًا إلى استخدام أساليب قد يراها الموظفون استغلالية أو تهديدية. يشير بعض المؤلفين إلى أنَّ العقلية التقليدية هي النمط الافتراضي أو السائد للتغيير في معظم المؤسسات.

في المقابل، النوع الثاني هو العقلية الإيجابية أو التقديرية (positive or appreciative mindset)، إذ يفترض المديرون والقادة أنَّ الناس يميلون إلى تبنِّي التغيير عندما يشعرون بالتقدير وبأنَّ لهم قيمة جوهرية ومسؤوليات وصلاحيات. ينظر المديرون الذين يتبنّون هذه العقلية إلى الموظفين الذين يعملون في المؤسسة على أنهم شركاء -وأحيانًا مناصرين للتغيير- بإمكانهم القيام بأشياء عظيمة. عندما يحمل المديرون والقادة العقلية التقديرية، فإنَّهم يتيحون للموظفين المشاركة من خلال الحوارات الهادفة ويحاولون القيادة واضعين غايات المؤسسة نصب أعينهم، وقد يبدؤون عملية التغيير من خلال تسليط الضوء على القيم المشتركة التي يحملها أفراد المؤسسة بهدف توفير بيئة يشعر فيها الموظفون بصلة عميقة مع بعضهم بعضًا. يستغلُّ المديرون وجود بنية اجتماعية قوية داخل المؤسسة ويدفعون الموظفين للانخراط في التغيير من خلال العمليات التي تعتمد على المشاركة والتي تتيح لأولئك الموظفين تحديد أهداف وإجراءات مشتركة من أجل إحداث تغييرات كبيرة.

IBM-China.jpg

مبنى شركة IBM في الصين. IBM هي شركة مقرها الرئيسي في الولايات المتحدة ولديها العديد من الأقسام الموزَّعة جغرافيًا. يظهر في الصورة "مبنى التنين" الذي يُعدُّ مقر للشركة في جمهورية الصين. (مصدر الصورة: حساب bfishshadow/ فليكر/ مستخدمة تحت رخصة المشاع الإبداعي Attribution 2.0 Generic (CC BY 2.0))

قد ينشأ عن الأسئلة الثلاثة السابقة طرق مختلفة وعديدة لتصميم التغيير وتنفيذه. على سبيل المثال، من الممكن أن تكون إحدى عمليات التغيير قائمة على إصلاح نقاط الضعف واتجاهها من أعلى إلى أسفل ومستندة إلى العقلية التقليدية، بينما قد تكون عملية تغيير أخرى قائمة على تعزيز نقاط القوة واتجاهها من أسفل إلى أعلى ومستندة إلى العقلية الإيجابية. قد تكون عمليات التغيير الأخرى متنوعة في تصميمها وتنفيذها، وقد يكون الهدف من التغيير إصلاح نقاط الضعف ولكن يُستخدم أسلوب التغيير القائم على تعزيز نقاط القوة من أجل إحداث تغيير جذري من خلال عملية اتجاهها من أسفل إلى أعلى ومستندة إلى المشاركة والعقلية التقديرية. تجدر الإشارة إلى أنَّه من النادر العثور على أسلوب معين يناسب تمامًا الظروف والأوضاع الموجودة في بيئة العمل في وقتنا الحالي.

سنتطرق فيما يلي إلى نماذج التغيير الشائعة التي يمكن تحليل مدى ملائمتها للاستخدام في المؤسسة عن طريق الأسئلة الثلاثة التي ذكرناها أعلاه.

الاستدامة والإدارة المسؤولة

لماذا يهتم اتحاد الهوكي الوطني بشأن التغيُّر المناخي؟ ولماذا عيَّن كيم ديفيس نائبًا للرئيس التنفيذي؟

يُعدُّ اتحاد الهوكي الوطني (NHL) من التنظيمات الأكثر نبذًا للعنصرية؛ إذ تتنوع تركيبته الديموغرافية تنوّعًا كبيرًا وينحدر معظم الموظفين الذين يعملون فيه من ولايات شمال الولايات المتحدة وكندا ودول شمال أوروبا. لقد كان اتحاد الهوكي الوطني بحاجة إلى إحداث تحوُّل جذري في النهج الذي يتبعه إزاء قضية الشمول والتنوُّع نتيجةً لتزايد الاهتمام بالقضايا الاجتماعية والتغيُّر الديموغرافي في عصرنا الحالي، لذلك قررَّ المسؤولون توظيف أفضل من يعمل في مجال إدارة التغيير، ووقع اختيارهم على واحدة من الموظفين التنفيذيين البارعين والتي لم تنغرس فيها الثقافة القديمة لرياضة الهوكي، الأمر الذي يجعلها أكثر مرونة وحيادية.

أدركت كيم ديفيس أنَّها مختلفة عن العديد من الرؤساء التنفيذيين والمديرين والمدربين واللاعبين في اتحاد الهوكي الوطني. لقد رحبَّت بالتحدي المصاحب لوظيفتها الجديدة، وقد كان هذا التحدي من العوامل التي شجَّعتها على قبول المنصب. إنَّها لا تُشبه غيرها ممَّن شغلوا منصب نائب الرئيس التنفيذي في اتحاد الهوكي الوطني، إذ إنَّ جميع من تولَّى إدارته منذ تأسيسه وعلى مدار أكثر من 100 عام كانوا رجالًا من فئة البيض. عندما عيَّن الاتحاد كيم ديفيس -وهي امرأة سوداء- نائبًا للرئيس التنفيذي، فإنَّ الاتحاد قد أحدث نقلة فكرية كبيرة طال انتظارها في مجال التأثير الاجتماعي ومبادرات النمو والشؤون التشريعية.

عندما كان اتحاد الهوكي الوطني يحاول التأقلُم مع الواقع الجديد والترحيب بالأشخاص الذين يشعرون أنَّهم لا ينتمون لهذه الرياضة أو الذين لم تُتح لهم فرصة الانتماء إليها، كان الشخص المثالي الذي سوف يساعدهم على المبادرة بالتغيير هو شخص من خارج السرب؛ شخص لم يتشرَّب ثقافة الهوكي القديمة التي أصبحت لا تنسجم مع المعايير الاجتماعية الحالية.

إذا قارننا رياضة الهوكي بالرياضات الرئيسية الأخرى التي تُمارس في أمريكا الشمالية، فإنَّنا نجدها تُتَّهم أحيانًا اتهامًا جائرًا بأنَّها لا تبالي بالتغيير أو تقاومه. يعمل اتحاد الهوكي الوطني جاهدًا لتعزيز التزامه نحو تحقيق الشمول والتنوُّع، وذلك من خلال تنفيذ عدد من المبادرات مثل: مبادرة إعلان المبادئ (Declatation of Principles) ومبادرة الهوكي للجميع (Hockey is For Everyone)، ولكن التغيير –في الحقيقة- ليس سهلًا بالنسبة لللاعبين والمدربين والإداريين ومشجعي هذه الرياضة. تمثِّل ديفيس سعي اتحاد الهوكي الوطني لرعاية رياضة الهوكي من خلال التغيير الاجتماعي على المستوى الداخلي والخارجي. لقد كان التغيير الاجتماعي هو مجال خبرة ديفيس طوال حياتها المهنية، فقد عايشت تسعة عمليات اندماج مختلفة في البنك الأمريكي «JPMorgan Chase»، وكانت مهمتها مساعدة الموظفين على الاستعداد للتغيير.

قالت كيم ديفيس ذات مرة: «لا يشعر معظم الناس بالارتياح تجاه التغيير، وما يقصدونه غالبًا هو أنَّهم يرتاحون للتغيير، ولكنَّهم لا يرتاحون للتغيير الذي يمسَّهم؛ الأمر كله يتعلَّق بالأمور التي تحدث لنا، فكيف يمكن للقائد مساعدة الأشخاص على تجاوز ذلك؟» وأضافت: «قد لا نتمكَّن من السيطرة على ردود فعل المشجِّعين "القدامى" لهذه الرياضة، وهذا في الواقع هو المجتمع المصغَّر الذي يُبالَغ في إيلاء الاهتمام به في رياضتنا. سيتغيَّر هذا عندما يصبح لدينا مشجعون جدد، وخمِّن ما الذي سيحدث؟ حتى أبناء هذا النموذج الكلاسيكي لمشجعينا -الرجال البيض لن يدعموا التمسُّك بالأفكار القديمة حتى لو كان آباؤهم يفعلون ذلك.»

ربما لن تجد أيّ مدير تنفيذي آخر لرياضة الهوكي يتناول موضوعًا مثل هذا دون التفوُّه بعبارات مغمغمة، وهذا هو سبب تعيين كيم ديفيس؛ فهي من الأشخاص الذين لم يكونوا منتمين لرياضة الهوكي، ولكن أصبحت جزءًا من عائلتها الآن، وهي تمثّل أولئك الذين كانوا منبوذين من قِبل هذه الرياضة سابقًا.

أمَّا فيما يتعلَّق بالتغيُّر المناخي، فلماذا حضر اتحاد الهوكي الوطني مؤتمر التغيُّر المناخي في باريس؟ يجيب غاري بيتمان –رئيس ومفوّض اتحاد الهوكي الوطني- عن هذا السؤال بقوله: «ترتبط رياضتنا -التي ربما تكون فريدة من نوعها مقارنة بمعظم الرياضات الاحترافية الأخرى- ارتباطًا وثيقًا بالبيئة. نحتاج إلى طقس بارد، ونحتاج إلى مياه عذبة لكي نتمكَّن من اللعب؛ فرياضتنا تتأثَّر تأثُّرًا مباشرًا بالتغيُّر المناخي وندرة المياه العذبة، لذلك أنشأنا وكالة «NHL Green» لزيادة هذا النوع من الوعي في جميع مؤسساتنا. على مدار السنوات الخمس الماضية، نفذَّنا عددًا كبيرًا من الأنشطة مثل: مبادرة استعادة الطعام التي كانت تهدف إلى التبرُّع بجميع الأطعمة غير المستخدمة التي نُعِدُّها في ساحاتنا لبنوك الطعام المحلية، وبرنامج إصلاح الأضرار الناجمة عن تسرُّب المياه، وقد تُوِّج كل ذلك بإصدار تقرير الاستدامة في عام 2014 الذي كان الأول من نوعه على مستوى الاتحادات الرياضية للمحترفين في الولايات المتحدة، وذلك مهم بالنسبة لنا.»

في الحقيقة إنَّ لاعبي اتحاد الهوكي الوطني مهتمُّون بقضية التغيُّر المناخي أيضًا، ومن هؤلاء اللاعب المتقاعد مؤخرًا أندرو فيرينس الذي نفَّذ مبادرات خضراء، مثل مبادرة «NHL Players Association Carbon Neutral Challenge». عندما كان فيرينس يلعب ضمن فريق بوسطن بروينز -أحد أبطال كأس ستانلي- كان يرغب في أن يكون لديه وظيفة بعد التقاعد من اتحاد الهوكي الوطني، لذلك قرَّر الالتحاق بكلية هارفارد للأعمال، وحصل منها على شهادة في استدامة الشركات والابتكار. لم يكن تحوُّل فيرينس لهذا المجال بعد تقاعده مستغربًا، وذلك لأنَّه كان يولي اهتمامًا كبيرًا للاستدامة في حياته، وقد عبَّر عن هذا الأمر بقوله: «لقد كان لدي طوال حياتي شغف تجاه قضايا البيئة والاستدامة، وأردتُ قبل مغادرة اتحاد الهوكي الوطني أن أعزِّز ذلك من خلال الحصول على قدر من التعليم الرسمي. عندما سجَّلت للفصل الأول، أدركتُ في أعماقي أنَّها لحظة مهمة في حياتي.»

أشار المفوّض غاري بيتمان إلى أنَّ المرحلة التالية المتصلة بقضية الاستدامة هي «… إشراك المزيد من اللاعبين بشأن هذه القضية لأنَّ هذا يؤدِّي إلى توصيل رسالتنا للمشجِّعين من خلال المنشورات التي نضعها على منصات التواصل الاجتماعي الخاصة بنا والتي يصل عدد متابعيها إلى 12 مليون متابع. ولكن عندما يشارك أندرو فيرينس، نحصل على تفاعل أكبر بكثير. ينبغي علينا تثقيف رياضيينا بشأن هذه القضية لأنَّهم نشؤوا على البرك المجمدة، حتى يدركوا العلاقة بين تعلُّم اللعب في الخارج والقضايا البيئية.»

ترجمة -وبتصرف- للفصل Managing Change من كتاب Principles of Management

اقرأ أيضًا


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...