إنّ ثقافة الشركة ليست من الأمور الثابتة التي لا تتغيّر، فهي دائمة التطوّر.
هناك بعض القرارات الكبيرة التي تخص الشركات والتي يجب اتخاذها بشكل صائب لأنّ لها تأثير هائل على ثقافة الشركة. تُستنبط هذه القرارات من أجوبة بعض الأسئلة الكبيرة مثل: كيف يجب أن نعطي التغذية الراجعة للموظفين؟ ما هي قِيم الشركة؟ كيف نهيكل مؤسستنا؟
وهناك أيضًا العديد من القرارات الصغيرة التي يقدم عليها جميع أفراد الفريق يوميًا. قد يكون من السهل أن نغفل عنها عندما ننشغل بمعالجة القرارات الكبيرة والعاجلة، لكنّها أمور تستحق أن نولي لها الاهتمام.
إنّ التنازل عن تلك القرارات سيجعل ثقافة شركتك تسير تدريجيًا في الاتجاه الخاطئ حتى تصل إلى مرحلة تكون فيها غير قابلة للتمييز. فبالنتيجة، ما يشكّل ثقافة الشركة على مرّ الزمن هو تراكم تلك التّغيّرات البسيطة.
نحن نحاول في شركتنا، Wistia، أن نسأل أنفسنا سؤالًا أساسيًا مع كل قرار نتخذه لكي نوجّه تطوّر ثقافتنا: "هل ستزيد أو تقل احتمالية رغبتي في العمل هنا (في هذه الشركة) بعد هذا القرار؟".
اسأل نفسك كمؤسس شركة ناشئة
قد ترغب، كمؤسس شركة ناشئة، أن تبذل كلّ ما في وسعك من أجل شركتك. فمن السهل أن تأخذ التجارب الجيّدة والسيئة على محمل شخصي، كما أنّ احترامك لذاتك غالبًا ما يكون مرتبطًا بالشركة.
لكن من المفارقات في هذا الموضوع أنّه من الممكن أن يدّمر الشّغف الزائد ثقافة شركتك.
يختلف استثمارك في نجاح الشركة، كمؤسس، عن طريقة استثمار موظفيك فيها. وهذا النوع من الاستثمار والملكية هو من الدوافع الكبيرة التي يمكن أن تلقي بظلالها على الأسباب الأخرى التي بدأت بها شركتك.
يندفع بعض مؤسسي الشركات بشكل كبير في سبيل النجاح مقوّضين قدرات فريقهم على القيام بأعمال كبيرة من خلال التركيز على المدى القريب، اتباع التّوجّهات Trends الحالية، وتقليد المنافسين.
إنَ إطلاق الاندفاع أو الشغف دون قيود يمكن أن يؤدي في الواقع إلى قرارات ضعيفة تنتهي بالمساومة على ثقافة الفريق. وبالتالي، وقبل أن تدرك ذلك، ستنُشئ مكانًا لا يرغب فريقك في العمل فيه، ومن المحتمل ألّا ترغب أنت أيضًا في العمل فيه.
كيف بدأنا شركتنا
كمؤسسين، كنّا أنا وشريكي مبتدئين، لذلك لم نكن نفهم كيفيّة الإدارة والقيادة، وكانت قرارتنا وسلوكياتنا مستوحاة من بعض الأفكار المسبقة حول ما يعنيه كون الشخص مسؤولًا، ومبينة على أقوال وأفكار المديرين الذين كنا نشاهدهم على التلفاز وفي الأفلام. فكانت تصوراتنا أنّ المدير هو الذي يخبر الناس بما يجب عليهم فعله، وأنّ الاجتماعات المغلقة ومحادثات المكاتب السريّة هي جزء من عملنا، بالإضافة إلى التحقق من وجود إجابة لكل شيء.
في السابق، لم نكن نعامل الموظفين في شركتنا بأفضل طريقة مُمكنة، كما استغرقنا وقتًا طويلًا في حل المشاكل القائمة. وبعد أن بدأت هذه المشاكل بالظهور بشكل متكرر، بدأنا نسأل أنفسنا:
"إن لم تكن هذه شركتنا، هل كنا سنرغب حقًا في العمل هنا؟"
لم تكن هذه هي الشركة التي نرغب في العمل لديها حتى تراجعنا خطوة إلى الوراء ونظرنا إلى شركتنا من زاوية مختلفة، بعدها قررنا التغيير.
أصبح اتخاذ القرارات وتطبيقها أسهل من خلال هذه الأسئلة:
- هل نرغب في العمل لدى شركة حيث القرارات فيها مكتنزة ومركزية بدلًا من توزيعها عبر الفريق؟ بالطبع لا.
- هل يبدو تنفيذ أوامر الآخرين أكثر متعة وجاذبية من تحديد جدول المهام الخاص بك؟
لقد أدركنا أننا المسؤولان عن ثقافة الشركة. ليس لأنّنا نملك الشركة فحسب، ولكن أيضًا لأنّه يجب أن نعيش ونعمل مع ما ساعدنا على إنشائه. وعندما بدأنا بإيلاء الاهتمام لتلك القرارات اليومية التي تبدو صغيرة، شعرنا بالدافع لبناء ثقافتنا الخاصة المميزة بناءً على تصوّراتنا حول بيئة العمل الممتعة.
ارجع دائما إلى "لماذا"
لقد كنا نعمل على تأسيس Wistia لمدة تقارب 10 سنوات، إذ قمنا ببناء شركة واحدة في المدة التي يمكن أن يطلق الناس 5 شركات خلالها.
خلال هذه السنوات المليئة بالنجاحات والإخفاقات، تعلّمنا أنّه في كثير من الأحيان نرجع إلى سبب قيامنا بالأمور التي نقوم بها، خصوصًا إذا كنت مؤسس شركتك. تسأل نفسك: "لماذا أرغب في العمل في هذه الشركة من بين جميع الأماكن في العالم التي يمكنني العمل فيها؟".
إذا لم تقم ببناء الثقافة التي ترغب في العمل فيها، سيبدأ شغفك بالفتور وستتوقّف رغبتك في العمل عند مرحلة من المراحل. لكن إذا قمت ببناء تلك الثقافة، وكنت محظوظًا قليلًا، سينتهي الأمر بامتلاكك وظيفة تحبّها ولا تفكّر في التخلي عنها.
تساءل عن كل شيء
عندما تنمو شركتك، لن تتمحور ثقافتها حول المؤسسين، ولا حول المدير التنفيذي ولا الفريق الأولي فقط. بل ستُعنى بكل شخص يتساءل حول قراراته الفردية، وكيف تشكّل هذه القرارات بيئة الأشخاص من حوله. فعندما يسأل كل شخص نفسه حول كيفية تأثير أفعاله على ثقافة الشركة، ستُنشأ حلقة إيجابية من التغذية الراجعة.
ستشكّل القيم الفردية لزملائك في الفريق قيم الشركة ككل، وبمرور الوقت ستتمكن من تعزيز مجتمع من أشخاص متحمّسين للوصول إلى العمل كل يوم.
العمل الممتع
في الأساس، نحن جميعًا نكره القيام بالأعمال التي لا نستمتع بها. وعندما يكون العمل غير مهم بالنسبة لنا، لن نبذل قصارى جهدنا ولن نقدّم أفضل ما لدينا. لهذا السبب كان "العمل الممتع" أحد قيم شركتنا. فنحن نؤمن بأنّ القدرة على العثور على طرق للقيام بالعمل بصورة أكثر متعة يمكن أن تعزز القدرة على الاستمرار في هذا العمل لوقت أطول، وبالتالي القيام به بشكل أفضل.
لذلك إذا كنّا نهدف إلى "العمل الممتع"، سنضع أنفسها بفعّالية في موضع رائع يمكّننا من بناء شركة يمكن لها أن تدوم طويلًا.
النمو الرائع ينبع من الثقافة الرائعة
إنّ تعزيز ثقافة قوية للشركة أمر صعب للغاية، لأنّها مسألة تيقّظ مستمر وعادة يومية، وليست إجراء لمرة واحدة فقط. وعندما تضع الثقافة ضمن أولوياتك، سيكون لها تأثير إيجابيّ على احتمالية نجاح شركتك. انظر إلى الشركات في مجالك والتي تتفوّق من ناحية الأداء (المداخيل والأرباح) ورفاهية موظفيها، وستجد أنّه وراء إنجازاتها تلك تقبع ثقافة شركة قوية.
لذلك امضِ وابنِ الشركة التي ترغب في العمل لديها، وابنها لبِنة لبِنة.
ترجمة -وبتصرّف- للمقال Build the Company You Want to Work For لصاحبه: Chris Savage.
حقوق الصورة البارزة: Designed by Freepik.
أفضل التعليقات
لا توجد أية تعليقات بعد
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.