سنتحدث في هذا المقال عن هيكل الملكية الفردية، حيث سنتعرف على أبرز مزاياها وعيوبها، إلى جانب التعرف على الضرائب المتعلقة بها، كما سنتحدث عن الهياكل التجارية منخفضة المخاطر.
الملكية الفردية sole proprietorship هي كيان تجاري يملكه ويديره فرد واحد، وله هيكل رسمي ضئيل للغاية، لا يستدعي الإيداع ولا التّسجيل لدى الحكومة. يُعَدّ هذا النوع من الأعمال شائعًا جدًا لأنه سهل وغير مكلف في التكوين، ويُسمّى صاحب هذه الشّركة "المالك الوحيد" "sole proprietor"، وهو مرادف للعمل التجاري، وبالتالي فهو مسؤول شخصيًا عن جميع ديون الشركة، كما لا يدفع ضريبة دخل منفصلة على الشركة، بل يصرّح بجميع الخسائر والأرباح على إقراراته الضريبية الشّخصيّة.
نظرة عامة على الملكية الفردية
يُطلق على رواد الأعمال الذين يديرون أعمالهم الخاصة اسم المالك الوحيد. ووفقًا لمؤسَّسة الضرائب، يوجد أكثر من 23 مليون ملكية فردية في الولايات المتحدة، وهي أكثر بكثير من أيّ نوع آخر من الكيانات التجارية، وتعني هذه الإحصائية أنّ الملكية الفردية هي الهيكل التجاري الأكثر شيوعًا إلى حدّ بعيد. ويعود السبب الرئيسي وراء اختيار العديد من رواد الأعمال لشكل الملكية الفردية إلى عدم اضطرارهم للاختيار، أو الحصول على مشورة مهنية، أو إنفاق أيّ أموال فوق الحاجة. يُعَدّ رائد الأعمال الذي بدأ لتوِّه في ممارسة الأعمال التجارية تلقائيًا مالكًا ملكية فردية، ما لم يختر أن يصبح نوعًا مختلفًا من الكيانات ويقدِّم تلك الأوراق. ولا يتعيَّن على رائد الأعمال الذي يصبح مالكًا وحيدًا، أن يذهب إلى محامٍ أو محاسب بالضرورة، أو أن يقدِّم أيّ مستندات، وهذا يجعل الملكية الفردية سريعةً وسهلةً ورخيصة من حيث التكوين والتشغيل.
من المزايا الأخرى الدّاعية إلى تبنّي الملكيّة الفرديّة النمو السريع لاقتصاد العمل الحرّ. فيفضّل بعض الأفراد العمل بمفردهم بدلاً من أن يصبحوا موظفين بدوام كامل. كونك عاملا حرّا يضعك في مكان ما بين المالك والموظّف بدوام كامل. فالعديد من النّاشطين في اقتصاد العمل الحرّ، بدءًا من السّائقين في أوبر إلى معلّمي التّصميم، هم متعاقدون يتبنّون نظام الملكية الفرديّة.
ومع ذلك، لا يزال النّقاش دائرًا حول ما إذا كان ينبغي احتساب عمّال الوظائف المؤقَّتة هؤلاء مالكين فرديّين. أقرّت ولاية كاليفورنيا الأمريكيّة مؤخّرًا قانونًا جديدًا يوسِّع حماية الأجور والمزايا لآلاف العمال الذين كانوا في السابق مالكين فرديّين يعملون لحسابهم الخاص في اقتصاد العمل الحرّ، ويستند القانون الجديد إلى افتراض أنّ تصنيف هؤلاء خطأ على أساس متعاقدين مستقلّين لا موظّفين، وهو ما يجعلهم يفقدون المزايا الأساسية، مثل الحد الأدنى للأجور وأيام المرض المدفوعة والتأمين الصحي.
الملكية الفردية هي أبسط طريقة لتشغيل نشاط تجاري، حيث تفرض مصلحة الضّرائب الأمريكيّة الضّريبة فيه على المالك مباشرةً، ويُسمح للمالكين الفرديين بخصم نفقات أعمالهم المتعلِّقة بدخلهم، ويتعيّن على صاحب عمل وموظف دفع المبلغ الكامل لضرائب العمل للضمان الاجتماعي والرعاية الطبية.
يمكن للمالك أيضًا العمل بموجب العمل بصفة Doing Business As أو اختصارًا DBA، وذلك بالتقدّم إلى الجهة الوصيّة بطلب DBA للعمل تحت اسم مستعار. وهذا لا يعني أنّ المنظّمة بعد حملها اسمًا مستعارًا ستصبح منظّمةً جديدة، وغير منفصلة عن مالكها؛ بل هو مجرّد اسم يمكن لأيّ كيان تجاري التقدّم بطلب للحصول عليه، ويساعد ذلك خاصّة في توضيح مجال الخدمة أو نوعها، مثل أحمد الدهّان، كما يشيع أن يسمّي المالك الوحيد نشاطه التّجاري بإضافة "شركة ذات مسؤولية محدودة" أو "شركة" إلى الاسم المستعار، لكنّ هذا لا يغيّر حقيقة هيكله التّجاري، ولا يوفّر له مزايا تلك الشّركات الّتي يتبنّى أنواعها في الاسم.
مزايا وعيوب الملكية الفردية
المالك الوحيد مسؤول شخصيًا عن كلّ شيء، فهو المستثمر، والمالك، ومدير المشروع التجاري؛ وهو مسؤول شخصيًا عن جميع الضرائب، وأيّ ديون غير مدفوعة لمشروع الأعمال؛ كما أنّ ليس له نشاط تجاري ليبيعه، فلا يمكنه إلاّ بيع الأصول المتعلِّقة بعمله. لذا فالملكية الفرديّة هي أسهل طريقة لبدء عمل تجاريّ، ولكنّها مرادفة تمامًا لصاحب ذلك العمل.
الضرائب على الملكيات الفردية
لا تخضع الملكية الفردية للضريبة على أساس كيان. بل تَعبُر جميع الأرباح إلى المالك الذي يدفع ضرائب الدخل الفردي عليها، ولا يهمّ ما إذا كان المالك يأخذ المال من العمل أو يتركه فيه، إذ تخضع جميع الأرباح لضريبة المالك الفردي. تتطلّب هذه المنطقة تخطيطًا كبيرًا وقد تكون عيبًا محتملًا، اعتمادًا على كيفية موازنة معدَّل الضّرائب الشخصي للمالك الفردي مع معدَّل ضرائب الشركة.
هياكل تجارية منخفضة المخاطر في ريادة الأعمال
شاعت على مدار العقد الماضي بدائل مختلفة للوظائف التّقليديّة، مما أدى بالعديد إلى أن يصبحوا رواد أعمال بدلاً من موظَّفين، فقد أفاد المكتب الأمريكي لإحصائيات العمل أنّه في عام 2019، بلغ عدد العمال المستقلّين 55 مليون شخص، وهو ما يمثِّل أكثر من 35 بالمائة من القوة العاملة الأمريكية. يُوفِّر هذا فرصةً وتحديًا في الوقت ذاته، فعندما يعمل المرء موظّفًا في شركة ما، فمستقبله غير مضمون، لكنّه طالما بقي هنالك كسب أجره؛ والأمر معكوس في حالة المتعاقدين أو المستقلّين، فالأمان رهن الاجتهاد.،صحيح أنّ لا أحد يترأّس المستقلّ ليطرده، لكنّه إذا لم يتعاقد للعمل فلن يحصل على أجر ثابت، وهناك العديد من الأمثلة اليوم على أشخاص أصبحوا أصحاب مشاريع صغيرة.
تمرّ هذه العملية بمجموعة متنوعة من الأسماء، مثل: الاقتصاد التشاركي، والاقتصاد الحرّ، واقتصاد الوظائف المؤقتة، أو اقتصاد النظراء أو الاقتصاد التعاوني. ويتّسع المجال من القيادة لشركة، مثل: ليفت، وأوبر، إلى تقديم الخدمات في مواقع، مثل مستقل، وخمسات، وآب وورك.
لا يعني تقديم خدماتك بهذه الطريقة الجديدة، التحكم في نوع مشروع ريادة الأعمال الذي تريده، إذ يمكنك عمل معظم هذه الأنواع من الأشياء، مثل: مالك وحيد أو شركة ذات مسؤولية محدودة، أو شركة (ص). وقد انخفض عدد الشركات التّقليديّة كثيرًا خلال 35 سنة الأخيرة وفقًا لمصلحة الضّرائب، في حين تضاعف إجمالي عدد الشركات العابرة، بما في ذلك الشركات ذات المسؤولية المحدودة، والشركات(ص)، والشراكات، والملكية الفردية ثلاث مرات إلى أكثر من 30 مليونًا في الولايات المتّحدة الأمريكيّة وحدها. ويُعَدّ تفسير هذه الإحصائيات بسيطًا للغاية، فسرعان ما أصبحت الشركات ذات المسؤولية المحدودة واحدةً من أكثر الهياكل التجارية شعبيةً بسبب سهولة التشكيل، والتشغيل؛ وبالمثل، تُعَدّ الملكية الفردية سريعةً وسهلةً ومنخفضة التكلفة موازنةً بالشركات التي يصعب تكوينها وتشغيلها.
رائد أعمال في الميدان
نيك ولوك جام
في مقابلة مع ذا بالانس The Balance، لخّص رائد الأعمال ليروي باوتيستا طريقةً ليصبح صاحب شركة صغيرة، فقد عمل في مطاعم راقية، وشركات تموين ناجحة لمدة عقدين، قبل تسريحه خلال التّراجع الاقتصادي، فلم يبتئِس باوتيستا، أو يقبل بعمل رديء، بل رأى بدلًا من ذلك أنّها فرصة ليفعل أخيرًا ما طلب منه زملاؤه في العمل وأصدقاؤه عمله، وهو الاستقلال بنفسه، وإعداد الصلصات والتتّبيلات، وبيعها في الأسواق المحلية. ومن هنا نشأت شركة نيك ولوك Nic & Luc بدافع الضرورة.
كان يبيع في الأصل عددًا قليلًا من النكهات، والتي رفعها الآن إلى ما يقرب من عشرين نكهة. بالنسبة للعديد من الشركات الصغيرة، تُستخدم كلمة "محلّي" حيلةً تسويقيةً، ولكن بالنسبة إلى نيك ولوك، فهي جزء من غرض العمل وقيمة أساسية، ويعتقد باوتيستا أنه من المهم دعم الشركات المحلية الأخرى مثله.
هذه ليست قصةً قد يرويها شخص، مثل: جيف بيزوس، أو بيل جيتس، فهي قصّة أقلّ رونقًا، لكنّها توضِّح كيف أصبح الناس على جميع المستويات أصحاب أعمال، إذ يجب على كلّ واحد منهم، بما في ذلك ليروي باوتيستا في هذه القصة، اتّخاذ قرارات بشأن الأشياء الرّوتينيّة، مثل: الضرائب، والمسؤولية.
بهذا تكون قد تعرفت على وصف هيكل الملكية في الملكية الفرديّة، إلى جانب معرفة مزايا ومساوئ الإدارة لمالك وحيد.
ترجمة وبتصرف للفصل Business Structure Options: Legal, Tax, and Risk Issues من كتاب Entrepreneurship.
أفضل التعليقات
لا توجد أية تعليقات بعد
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.