اذهب إلى المحتوى

عكف فريق المنتجات في فيس بوك بعد إطلاق خاصية "آخر الأخبار" News Feed على دراسة سلوك المستخدمين، ليعرفوا كيف يمكن حثُّهم على التفاعل والبقاء في الموقع أو العودة إليه مجددًا. ولاحظ الفريق أن هناك احتمالًا كبيرًا جدًا في بقاء المستخدم الواحد فترة أطول إذا استطاع تكوين 10 صداقات أو أكثر في 14 يوما.

وقد افترض الفريق أن 10 أصدقاء مجتمعين يمكن أن يوفروا محتوى يكفي لإنعاش صفحة أخبار المستخدم وجعله يعود مرة أخرى إلى الموقع. لقد كان هذا العدد بالنسبة لفيس بوك "10 أصدقاء" عددًا سحريًا بكل معنى للكلمة، فرغم أن الآليّة التي تحكم الأمر لم تكن واضحة، إﻻ أن المستخدمين الذين كوّنوا 10 صداقات أو أكثر لم يتركوا الموقع بعد 14 يومًا.

startup-magic-moment.png

تكلفة الحصول على المستخدم CAC مقابل قيمة المستخدم الكلية LTV

وقبل أن ندخل في تفصيل ماهية اللحظة السحرية وأهميتها، دعنا أولًا نذكر مبدأين مهمّيْن، وهما تكلفة الحصول على المستخدم أو جلبه ليستعمل خدمتك (Cost of Customer/User Acquisition (CAC، ثم قيمته كمستخدم مدى الحياة Life-Time Value (LTV) of a customer/user.

ولشرح المبدأين ببساطة شديدة، فإن تكلفة الحصول على المستخدم CAC هي ما تدفعه لقاء جذب كل مستخدم جديد لخدمتك أو منتجك، أما قيمته مدى الحياة LTV فهي مقدار المال الذي تربحه من وراء كل مستخدم لخدمتك طالما بقيت خدمتك حية وعاملة في السوق، وطالما بقي مستخدمًا لها.

تحتاج الشركة الناشئة كي تبني خدمة أو منتجًا حيًّا (قابل للنمو والاستمرار) أن تثبت أنها تستطيع الحصول على المستخدمين بأسعار عملية وغير مكلفة، وأنها تستطيع إبقاءهم لأطول فترة ممكنة.

وهناك مجموعة من المعادلات والحسابات التي تؤكد أهمية استرداد تكلفة الحصول على المستخدم في غضون 12 شهرًا، وأن قيمة المستخدم يجب أن تكون 3 أمثال هذه التكلفة من أجل أن تكون الشركة ناجحة وفعّالة.

و ﻻ يلبث اﻷمر أن يصير صعبًا بعض الشيء، فأنت هنا لا تحاول فقط أن تحصل على المستخدمين بسرعة، وإنما تريد أن تحافظ على هؤلاء المستخدمين. توجد شركات ناشئة تستطيع جذب المستخدمين ليسجّلوا في منتجاتها، لكنها لا تستطيع أن تحافظ عليهم، لأن المنتج ﻻ يحثُّهم على التفاعل معه أو ﻷنهم ﻻ يدركون حاجتهم إليه بعد أو ﻷن المنتج نفسه ﻻ يلبي حاجة للسوق، فيسجّل المستخدمون ثم لا يلبثون أن يغادروا بسرعة. إن قيمة المستخدم هنا صغيرة جدًا مقارنة بتكلفة الحصول عليه، لذا لا يمكن أن تكون الشركة مُربِحة، ولن تصمد طويلًا.

اللحظة السحرية

لكي نشرح مفهوم اللحظة السحرية، فإني أريدك أن تفكر في الأمر على هذا النحو: يمر كل مستخدم بسلسلة من الخطوات والأفعال منذ تسجيله في الخدمة إلى استخدامه للمنتج بأي شكل كان، وكل مجموعة من هذه الخطوات تمثّل حالة محددة. وبالتالي يمكن تصنيف كل مستخدم في حالة مختلفة حسب المسار التي يتخذه.

إن اللحظة السحرية هنا هي حالة مميزة للغاية، فبمجرد أن يصل المستخدم إلى هذه الحالة، فإن احتمال تركه للخدمة أو المنتج يكون أقل بكثير. بعبارة أخرى:

Quote

"إن المستخدم العادي الذي يصل إلى اللحظة السحرية سيظل مستخدمًا لفترة طويلة، وستكون قيمته عالية، وسيكون مربحًا للشركة"

لهذا فإن اللحظة السحرية تساعد على استقرار الشركة. ربما يبدو التلخيص الأخير لها وكأنه تعريف مقلوب، وهو كذلك بالفعل.

إن الفكرة أن تعمل بشكل عكسي من الحالة التي تريدها أو النتيجة التي تود الحصول عليها، وهي بالطبع مستخدم دائم للمنتج وقيمته عالية ومُربِح للشركة، ثم تنظر في المسار الذي يوصلك إلى هذه النتيجة وهذه الحالة.

26916-fb (1).png

ألق نظرة على المخطط بالأعلى، في حالة فيس بوك، فإن المستخدم يسجّل في الموقع، ثم يعبث هنا وهناك، ولكن في النهاية، يكوّن 10 صداقات في خلال 14 يومًا. يصادف أن تكون هذه لحظة سحرية بالنسبة لفيس بوك، إذ أن المستخدم الذي يصل إلى هذه الحالة لا يترك الموقع لمدة ثلاث سنوات على الأقل. وبالتالي يمكننا القول إنّ حثَّ المستخدمين على تكوين 20 صديقًا يضمن عملًا مزدهرًا لفيس بوك.

دعنا ننتقل الآن إلى مثال آخر، وهو Netflix (خدمة مُشاهدة الفيديوهات لدى الطّلب)، إذا سجّل المستخدم ولم يشاهد أية أفلام، فسيلغي اشتراكه ويترك الخدمة، يمكننا أن نضع تخمينًا للحظة السحرية بالنسبة لشبكة Netflix أنها تمثّل معدلًا محددًا من مشاهدة الأفلام بالنسبة للزمن، أي س فيلم في ص وقت.

مثال: إذا شاهد المستخدم فيلمًا واحدًا على الأقل خلال 3 أشهر، فإنه سيظل يستخدم الخدمة لمدة عامين أو أكثر.

يمكن تطبيق منطق اللحظات السحرية على أي نوع من الشركات، بما في ذلك مجال البرمجيات الموجّهة للشّركات. فمثلًا بالنسبة للخدمات والمنتجات الموجّهة للشركات (Business to Business (B2B، فإن اللحظة السحرية تكون أكثر تعقيدًا، ﻷن حدوث الصفقة ﻻ يمثل سوى الضغط على الزناد ﻹصابة اللحظة السحرية، لكنه ﻻ يضمن إصابتها.

دعني أوضح الأمر بمثال، إذا استثمرت شركة "س" مالًا في صفقة حلول أمنية security solution، ثم لم تر عائدًا من هذا الاستثمار (Return On Investment (ROI، فستلغي اشتراكها بالتأكيد.

هنالك نستطيع القول أن اللحظة السحرية التي تحول دون هجر العميل تحدث إذا أثبت المنتج منفعته للعميل، وأبقى ذلك على اشتراكه، ويجب اعتبار ذلك كمتطلبات لحدوث هذه اللحظة السحرية.

كيف تصل للحظتك السحرية

إن حيلتك لكي تجد لحظة سحرية في منتجك هي أن يكون لديك افتراض عن السبب الذي يربط المستخدم بهذا المنتج، ويبقيه مستخدمًا له بشكل دائم.

ولكي تصل إلى هذا الافتراض، فإنك تحتاج أن تتصرف مثل العالِم في المختبر، أي تعتمد على حدسك في الوصول إلى ما تريد، لكن في نفس الوقت تكون مرنًا في كيفية الوصول إليه.

فلتبدأ أولًا ببناء القمع القاعدي minimum funnel، حيث تصل كل حالة بالمستخدم إلى ما تظن أنه اللحظة السحرية، وابحث كثيرًا في السبب الذي يجعلك تظن أن هذه الحالة بالذات هي اللحظة السحرية لمنتجك أو لشركتك. بكلمة أخرى، لماذا قد يعود المستخدم إليك مرة أخرى، ما هي حلقة التغذية الراجعة Feedback Loop؟

mm.png

ثانيًا، فكّر في هذا القمع لفترة زمنية معينة، تذكر أن الوقت الذي احتاجه المستخدم في فيس بوك للحصول على 10 أصدقاء كان أسبوعين أو 14 يومًا. فلتعرف أنت ما هو الوقت الذي يحتاجه المستخدم للوصول إلى هذه اللحظة السحرية؟

إن اللحظات الأولى من الاستخدام حرجة جدًا، ذلك اليوم الأول، والأسبوع الأول، إذ أن دورة انتباه المستخدم قصيرة جدًا. وإذا لم ينشط في هذه الفترة، فلا يُتوقع أن يبقى مستهلكًا للخدمة أو المنتج.

وبعد أن تبني هذا القمع، فلا تتوقف عن قياسه وتحليله. فلن تجد طريقة تتأكد بها إلا بالحصول على بيانات كافية عن لحظتك السحرية وأنت في الطريق إليها، وبالحصول على بيانات عن معدل انحسار المستخدمين churn بشكل عام. وبمجرد أن تحصل على هذه البيانات يجب أن تكون قادرًا على تحديد اللحظة السحرية لمنتجك أنت، عبر كثير من التنقيح والاختبار.

ثم ما إن تعرف لحظتك السحرية، فإن النقطة التالية هي تحسين القمع الذي يوصل كل مستخدم إلى هذه الحالة، عبر توجيههم إلى تنفيذ إجراءات محددة إلى أن يصلوا إلى اللحظة السحرية.

تذكر كيف ظل فيس بوك يخبرنا أن نكوّن عشر صداقات، وكيف ظل يرشح لنا أشخاصًا قد نعرفهم لكي يحضّنا على بناء هذه الصداقات!، لقد كان يدفعنا للوصول إلى لحظته السحرية.

لقد اكتشف فيس بوك لحظته بالتأكيد، وهو دورك الآن أن تقرر ما يصلح لمنتجك وشركتك. ما هي لحظتك السحرية؟ وكيف ستجعل المستخدمين يصلون إليها؟

ترجمة -وبتصرف- للمقال WHAT IS THE MAGIC MOMENT FOR YOUR STARTUP لصاحبه Alex Iskold.


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

Waleed Fathy

نشر

مقال رائع وبه معلومات قيمة بخصوص تكوين قاعدة عملاء جيدة والحفاظ عليها .. ومن جانبي أرى أن جودة المنتج الخاص بالشركة هو عامل أساسي للمحافظة على العميل لأنه بمثابة أول الخيط في شبكة عريضة من العملاء الذين يثقون بمنتجك .. فقدتعرض منتجك بشكل جيد أمام العميل ولكن سرعان ما تفقده  لأنه يتفاجئ بعدم مطابقة المنتج لما قدمته له من عرض أو وصف للمنتج وبالتالي ستترك انطباع سيء لدى العميل ومن ثم ستفقده وربما للأبد.
شكرا لك  أسامه على المقال الرائع

بتاريخ On ٢٠‏/٨‏/٢٠١٦ at 10:18 قال Waleed Fathy:

ومن جانبي أرى أن جودة المنتج الخاص بالشركة هو عامل أساسي للمحافظة على العميل لأنه بمثابة أول الخيط في شبكة عريضة من العملاء الذين يثقون بمنتجك 

المحتوى هو الملك!



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...