"أعط محتاجًا سمكة، تطعمه ليوم واحد، علّمه كيف يصطادها، تطعمه طيلة عمره".
رغم مُضيّ ما يزيد عن مئة وثلاثين عامًا على هذه المقولة لصاحبتها آنّا ايزابيل ريتشي، فإنّنا لا زلنا نستخدمها، وتشير هذه الحكمة التقليديّة إلى أنه من الأفضل دومًا تعليم الناس كيف يصطادون. في الحقيقة فكّرنا بهذا الأمر مرارًا في فريق الدعم لمشروع Buffer. لا سيما مع ملاحظتنا أن الإتجاه السائد في السوق يميل لتجاهل هذه الحكمة كليًا.
قد تكون هذه الفكرة صالحة بشكل أوسع للعاملين في الدعم الفنّي، فنحن في النهاية نُجتذب لهذا الاتجاه ﻷننا نحب أن نعلّم الآخرين، ونشعر بالألم عندما لا يحبّ الناس التقنية التي نحبّ، الأمر الذي يعطي عملنا قوّته وتفرّده.
رغم ذلك، فلدى جميع البشر ميل فطريّ للتعلّم بشكل ذاتي، وفضول لنضغط على كلّ مفتاح مستكشفين وظيفته، نحبّ أن نتعلم كيف ولماذا تجري كل عمليّة، لهذا يبدأ الناس بطلب المساعدة منّا في مراحل باكرة، هكذا تعلّمنا حبّ المساعدة، وانتهى بنا المطاف لنكتب هذه القواعد. أحيانًا أضطرُّ لخرق هذه العادة لتحسين مهاراتي في خدمة الزبائن لدرجة أفضل. هناك العديد من المرات التي حاولتُ فيها تعليم الزبون بينما كان يُفترض بي أن أقدّم له الحل المُنجَز بشكل جاهز.
ورغم أننا في Buffer نُشتَهر بالرسائل الالكترونية الشخصية المفصّلة، إلا أنني تعلّمت إمكانية إسعاد الزبون برسالة إلكترونية تقول "كل شيء جاهز" فحسب.
علّمتني تجربتي أنه ثمّة حالات يجدر بفريق خدمة الزبائن أن يكون أقل تعليمًا وشرحًا للعميل فيها، إليكم بعض السيناريوهات للتأمل:
1- عندما لا يحتاج الزبون لتكرار هذه الخطوة ثانيةً
غالبًا ما أضبطُ نفسي أثناء محاولتي تعليم الناس أمورًا لن يحتاجوا فعلها مرّة ثانية، على سبيل المثال؛ هناك عدّة خطوات عليك فعلها لتدمج عدّة حسابات تتبع لجهة واحدة فيBuffer. يمكن أن يقوم العميل بهذا مع بعض المشقّة، أو يمكنني تولّي هذه المهمة بنفسي.
رغم ذلك، كثيرًا ما أراسل الزبائن بالخطوات المفصّلة؛ ﻷنني أريدهم أن يفهموا آليّة عمل التطبيق ولمَ واجهتهم هذه المشكلة. يحتاج الأمر تدريبًا لتكتسب القدرة على التمييز وتقرّر متى عليك أن تشرح لهم، ومتى عليك أن تقدّم لهم سمكة جاهزة.
2- عندما يكون أداؤك أسرع، ويكون لديك العديد من العملاء ينتظرون مساعدتك
هذه الأمر جدليّ بالفعل، لكنّي سأشرح سبب تفكيري بهذه الطريقة: إذا كان بإمكاني فعل شيء ما بسرعة أكبر بكثير من إملائي الخطوات على العميل، عليّ القيام بذلك. وفقًا لخبرتي فإن هذا لا يضرّ عادة بمستخدمي Buffer، إذ غالبًا ما يشكرني الناس عقب أداء الخدمة. قد تأتيني رسائل من قبيل "هلّا شرحت لي كيف يمكنني القيام بهذا في المرات القادمة؟" لكنّ نادرًا ما يحصل هذا.
هناك سيناريوهات تعلّمك الكثير حقًّا، وما ذكرته آنفًا دليلٌ واضحٌ على منتج مهمّ ومطلوب.
أحد الأمور التي يجب على مدراء الإنتاج سؤال فريق خدمة العميل عنها؛ هي ما إذا كانوا يلجؤون لتقديم الحلول الجاهزة للعملاء على الدوام عوضًا عن تعليمهم تنفيذ الخطوات بأنفسهم، أيّ تطوير في المنتج سيجنيه المدراء من هذا؟ اسألوا فريق خدمة العملاء عن الخطوات التي تحيّر الزبائن ويستوضحونها منهم باستمرار، ثم اجعلوا هذه الخطوات أوضح، يمكنكم فعل ما هو أفضل من هذا بتطوير العملية بحدّ ذاتها وتبسيط خطواتها.
3-عندما يحاول العميل مرارًا دون نتيجة
ذكرتُ هذا السيناريو رغم أنّه جليّ، فالقائمة لن تكتمل من دونه. أحيانًا نواجه مهامًا على الزبون تعلّم أدائها بنفسه، لكنّها لا تعمل لسبب أو لآخر، في هذه الحالة، قدّم للعميل "السمكة" الأفضل بحوزتك، واخدمه بنفسك، اشكره على وقته الثمين، وقدّم له دعوة بإعادة تعليمه الخطوات لاحقًا.
الاستثناءات:
الحالة الوحيدة التي لا أسلك فيها هذه السيناريوهات هي تلك المتعلّقة بالأمان، حتى لو كان عليّ أن أراسل شخصًا ما بعدة خطوات ليستطيع تغيير كلمة السرّ الخاصة بحسابه، إجراء تعديل ما في الفواتير، إدارة حساب موظف سابق عنده؛ لا أتوانى عن ذلك.
وأرى أن هذا يندرج ضمن سياق شعور العميل بالأمان، فإذا كنتَ تقوم بهذه الخطوات معه، فإنك ستقوم بها مع سواه ممن يحاول الولوج إلى حسابه. حسب تجربتي غالبًا ما يفهم العملاء الخطوات الخاصة بالأمان، بل ويرغبون في اجتياز عدد من الخطوات ﻷن هذا يعني أن من يحاول اختراق حسابهم عليه اجتياز ذات العقبات.
هل سبق أن خَبِرتَ أيًا من هذه التجارب؟ كيف عالجتها؟ سيكون من دواعي سروري قراءة تعليقاتكم، تجاربكم، التحديات التي واجهتكم في هذا المضمار.
تُرجم بتصرّف من مقال customer support teach or fish لكاتبه Carolyn Kopprasch.
أفضل التعليقات
لا توجد أية تعليقات بعد
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.