اذهب إلى المحتوى

ألاحظ بين الفينة والأخرى السيناريو التالي: يبدي أصحاب رؤوس الأموال المخاطرين اهتمامهم بالشركة الناشئة، ويدفعون بالمؤسسين إلى جولات التمويل، ثم يدعونهم إلى لقاء شركائهم في مؤسّسة الاستثمار المُخاطر، ليواجهوهم بعدها بالرفض.

وهذا الرفض مؤلم جدًّا وغير متوقع بالنسبة لمؤسسي الشركة. فقد كان المستثمر متحمّسًا بشأن فكرة المشروع، وكان إيجابيًّا جدًّا في كلامه، ولم يبد مخاوفه تجاه أي شيء، وقد وعد المؤسسين بالاستثمار في شركتهم النّاشئة، وفق شروط مناسبة جدًّا. ولكن ما الذي دفع المستثمر إلى رفض هذه الاتفاق في النهاية؟

venture-capital-investment.png

يجب على المؤسسين الانتباه إلى عدد من الأمور عند التعامل مع أصحاب رؤوس الأموال المخاطرين، ومنها:

1. يسمع المؤسسون ما يرغبون في سماعه فقط

عندما يعرض عليَّ أحد مؤسسي الشركات الناشئة رسالة إلكترونية من المستثمر المحتمل، فإني فهمي لمضمون الرسالة يكون عادةً مختلفًا وبصورة تامة عن فهمه.

المستثمرون كالسياسيين بارعون في التلاعب بالكلمات، فهم يعرفون الطريق إلى إثارة حماس المؤسسين. وفي المقابل، يميل المؤسسون إلى الاستماع للأمور الإيجابية فقط، ويظنّون أن الرغبة في الاستثمار موجودة لدى جميع المستثمرين. ولكن الواقع مخالف لهذا تمامًا. ففي معظم الأحيان يرفض أصحاب رأس المال المخاطر الاستثمار في الشركات الناشئة.

2. المؤسسون ليسوا جاهزين بشكل جيد للحصول على الاستثمار

إن السبب الرئيسي الذي يمنع المؤسسين من الحصول على الاستثمار هو عدم جاهزيتهم لذلك.

إن الدخول في عملية التمويل دون الاستعداد التام لها يعني الافتقار إلى مقومات النجاح، والخروج عن الجدول الزمني المخطّط للشركة النّاشئة.

من الأمثلة الشائعة أن يشعر صاحب رأس المال المخاطر بالحماس تجاه شركة معينة، ويشجّع مؤسس الشركة على الإسراع في العمل، ثم يدعوه إلى حضور اجتماع الشركاء (اجتماع يحضره الشّركاء في مؤسسة الاستثمار المُخاطر)، فيلبي المؤسّس الدعوة ويحضر الاجتماع لكن دون تقديم أي عرض، أو الأسوأ من ذلك، تقديم عرض رديء.

يأتي الرفض -والحال هذه- سريعًا؛ ذلك لأنّ المؤسس لم يفكّر في العديد من الجوانب المهمّة المُتعلّقة بمشروعه التجاري.

ما هي خطته لاكتساب العملاء؟ ما هي كلفة اكتساب العميل CAC وما هي قيمة العميل الكُلّية (LTV (Long Time Value؟ ما هو السوق المستهدف؟ ما هي الإنجازات التي سيحققها قبل الوصول إلى جولة التمويل القادمة؟

هذه هي الأمور الأساسية التي يتوقع أصحاب رأس المال المخاطر من مؤسسي الشركة التفكير فيها والإجابة عنها.

إن البحث عن الاستثمار دون استعداد أو تحضير يعني الدخول في مخاطرة كبيرة، وسيواجه المؤسس الرفض بشكل شبه مؤكد.

3. يخشى صاحب رأس المال المخاطر من تفويت فرصة ثمينة

لماذا يرفض صاحب رأس المال المخاطر تمويل الشركة بعد أن أبدى كل هذا التفاعل مع المؤسس إن كان يعلم أنّه غير مستعد لذلك؟

ببساطة، يخاف صاحب رأس المال المخاطر من أن يفوّت فرصة ثمينة.

تأتي العائدات التي يحصل عليها معظم المستثمرين الجريئين من شركة ناجحة واحدة فقط. تخيل - والحال هذه - أن يفوت المستثمر الجريء فرصة مشاركة تلك الشركة الناجحة، وتخيل أن تكون تلك الشركة هي Google أو Uber أو Facebook.

لا يفوّت صاحب رأس المال المخاطر أي صفقة، وعلى هذا الأساس فإنّه يفضّل اللقاء بمؤسس للشركة الناشئة في أسرع وقت ثم تجاوزه إلى مؤسس آخر، بدلًا من عدم عقد الصفقة لأنّه فوّت الفرصة.

4. يمتلك صاحب رأس المال المخاطر حدا أقصى من الاستثمارات

قد يكون هذا الأمر صادمًا ومفاجئًا، حيث أن المُؤسّسات الاستثمارية تحتاج أن تتقابل مع عدد مُعيّن من الشّركات النّاشئة بشكل دوري.

لن يتوقف الشركاء عن مقابلة المؤسسين حتى لو قاموا بتوظيف جميع رأس المال الذي بحوزتهم، وحتى لو وصل المستثمرون إلى الحدّ الأقصى من الاستثمارات التي بإمكانهم القيام بها.

لذا من المستحسن أن تسأل الشركاء الذين ترغب في عقد الصفقة معهم حول قدرتهم الفعلية على الاستثمار في الوقت الحالي.

لن يكذب عليك الشركاء إن طرحت عليهم هذا السؤال، ولكنهم قد لا يتطرقون إلى هذا الموضوع إن لم تسألهم عنه.

5. اللقاء السريع بالشركاء هو الطريق إلى الحصول على الرفض

يتفاعل المستثمر الجريء سريعًا مع المؤسس، ولكنّه لا يعقد صفقة الاستثمار بنفس السرعة، لذا إن تمت دعوتك إلى حضور اجتماع الشركاء (الخاص بمؤسسة الاستثمار التي ينتمي إليها هذا المُستثمر) بعد وقت قصير من أول تواصل معه فهذا مؤشّر قوي على أنك ستواجه الرفض.

الدعوة السريعة إلى الاجتماع بالشركاء هو الطريق إلى الحصول على الرفض في أغلب الحالات.

في العادة تعقد شركة التمويل استثمارًا أو استثمارين على الأكثر كل شهر، ولكنها لا تملك القدرة على اتخاذ قرار التمويل النهائي بسهولة.

ما الذي سترغب في سماعه هو أنّ العمل على صفقة الاستثمار في شركتك يُسجّل تقدّمًا، وأنّ الشركة بصدد دراسة العرض، ويتلخّص ذلك في أن يجري المستثمر الجريء الأبحاث المطلوبة، محاولًا التعرف على المجال الذي تنشط فيه، والسوق المستهدف، والعوائق التي تقف في طريق نجاح الشركة. وبمعنى آخر فإن المستثمر الجريء يُحضّر لعقد الصفقة.

قيام الشركة بهذه الأعمال يعني التمهيد لعقد صفقة معك، أما عدم قيامها بذلك يعني رفض الصفقة.

لا يمكن لأي مؤسّسة تمويل جريء أن تمنحك استثمارًا مهما كان حجمه دون المرور بالمراحل آنفة الذّكر؛ لأنّها إن تجاوزت تلك المرحلة فقد تفشل في أداء مهمّتها الأساسية، وقد تخذل شركاءها الذي استثمروا أموالهم لديها.

من المؤلم حقًّا أن يتواصل المؤسسون مع المستثمرين الجريئين بشكل سريع ثم ينتهي بهم المطاف إلى مواجهة الرفض، والأصعب من ذلك أن لا يدرك المؤسسون قواعد اللعبة التي يقدمون عليها، مع أنّهم لو أمعنوا النظر والتفكير فإن الأمور ستزداد وضوحًا ويسرًا.

تجنب الوقوع في خطأ الإسراع إلى حضور اجتماع الشركاء، بل قم بالتحضير بشكل جيد، وادرس الجوانب المهمّة من مشروعك التجاري، وتفاعل بشكل سريع مع المستثمر لكن دونما إفراط، لتكون مفعمًا بالثقة عند حضور الاجتماع.

ترجمة -وبتصرّف- للمقال The fast route into a partner meeting is a route to a NO لصاحبه Alex Iskold.


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...