اذهب إلى المحتوى

الآن وقد أصبح مصطلح Ramen Profitability (ربحية الكفاف) منتشرًا، عليَّ أن أشرح بدقة ما تستلزمه تلك الفكرة.

يعني مصطلح Ramen profitable أنَّ الشركة الناشئة تجني ما يكفي من المال لتغطية نفقات المؤسسين. إنه نوع مختلف من الربحية عن ذلك الذي اعتادت الشركات الناشئة أن تطمح إليه. تعني الربحية التقليدية أنَّ الرهان الكبير يؤتي ثماره أخيرًا، بينما تكمُن الأهمية الأساسية لربحية الكفاف في أنَّها تمنحك المزيد من الوقت.

لم تكُن الشركة الناشئة في الماضي تجني أرباحًا إلا بعد أن تحصل على استثمار وتنفق الكثير من المال؛ فقد لا تُصبع شركةٌ تصنع المكونات الصلبة للحاسوب مُربحة طيلة خمس سنوات تنفق خلالها 50 مليون دولارًا، ولكن عندما تصبح مُربحة قد تحقّق عوائد قدرها 50 مليون دولارًا سنويًا. يعني هذا النوع من الربحية أن الشركة الناشئة قد نجحت.

ربحية الكفاف هي النقيض الآخر؛ أي شركة ناشئة تُصبح مُربحة بعد شهرين، على الرغم من أنَّ عوائدها 3000 دولارًا فقط شهريًا؛ لأنَّ مجموع الموظّفين ليس سوى شابين في الخامسة والعشرين من العمر يمكنهما العيش عمليًا دون تكاليف. لا يعني تحقيق عائد شهري قدره 3000 دولارًا أن الشركة قد نجحت، ولكن أنًّها تتشارك مع الشركة المربحة بالطريقة التقليدية في شيءٍ: عدم احتياج أيٍ منهما للحصول على استثمار لتبقى على قيد الحياة.

إنّ فكرة ربحية الكفاف غير مألوفة لمعظم الناس لأنَّها لم تصبح قابلة للتنفيذ سوى مؤخرًا، وما تزال غير قابلة للتنفيذ في الكثير من الشركات الناشئة؛ مثل الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا الحيوية، ولكنها قابلة للتنفيذ في العديد من الشركات الناشئة في البرمجيات لأنها رخيصة جدًا الآن. فالتكلفة الحقيقية للكثير منها هي نفقات المؤسسين المعيشية.

تكمن الأهمية الأساسية لهذا النوع من الربحية في أنَّك لا تعود تحت رحمة المستثمرين. إذا كنت ما زلت تخسر المال فستضطر في النهاية إما إلى البحث والحصول على استثمار أو إيقاف الشركة النّاشئة، ولكن حين تحقق ربحية الكفاف سيختفي هذا الخيار المؤلم. سيكون بإمكانك الحصول على استثمار، ولكنك لن تكون مضطرًا إلى فعل ذلك في الحال.

* * *

الميزة الأكثر وضوحًا لعدم الحاجة إلى الحصول على استثمار هو أنَّه سيكون بإمكانك الحصول على شروط استثمار أفضل. قد يستغلَّك المستثمرون أحيانًا إذا علموا أنك بحاجة إلى المال، وقد يماطل بعضهم عمدًا لأنَّهم يعرفون أنَّك ستزداد ستكون قابلًا “للعصر” مع مرور الوقت..

ولكن هناك أيضًا ثلاث مزايا أقل وضوحًا لربحية الكفاف. إحداها أنها تجعلك أكثر جاذبيةً للمستثمرين، فإذا كانت شركتك الناشئة مُربحة بالفعل، حتّى ولو كان ذلك على نطاق ضيق، يوضح ذلك: (1) أنَّ بإمكانك إقناع شخص ما على الأقل بأن يدفع لك؛ (2) أنَّك جادّ للغاية بشأن بناء أشياء يريدها الناس؛ و(3) أنَّك منضبطٌ بما يكفي للحفاظ على النفقات مُنخفضة.

يُطمئن ذلك المستثمرين لأنَّك تُعالج ثلاثةً من أكبر مخاوفهم. من الشائع في عملهم أن يموِّلوا شركات ذات مؤسسين أذكياء وسوق كبير؛ لكنها تفشل برغم ذلك. عندما تفشل تلك الشركات، يرجع ذلك عادةً إلى: (1) أنَّ الناس لا يقبلون الدفع مقابل ما صنعَته الشركات؛ لأنه كان من الصعب بيعه لهم، على سبيل المثال، أو لأنَّ السوق لم تكن مستعدّة بعد؛ (2) أنَّ المؤسسين لم ينتبهوا إلى ما يحتاجه المستخدمون وحلُّوا مشكلةً أخرى بدلًا من ذلك؛ و(3) أنَّ الشركة أنفقت الكثير وبذَّرت تمويلها قبل أن تبدأ في جني المال. إذا كنتَ تحقّق ربح الكفاف فقد تجنَّبتَ تلك الأخطاء بالفعل.

من المزايا الأخرى لربحية الكفاف أنَّها ترفع الروح المعنوية. تشعر عندما تؤسِّس الشركة في البداية أنًّها نظريةٌ قليلًا؛ فهي شركة من الناحية القانونية، ولكنَّك تشعر وكأنك تكذب عندما تدعوها كذلك. عندما يبدأ الناس في دفع مبالغ كبيرة من المال لك، تبدأ بالشعور أنَّ الشركة حقيقية. وتكون نفقات معيشتك هي أكثر العلامات الفارقة التي تشعر بها؛ لأنَّ المستقبل يتغير عند تلك النقطة، إذ تصبح النجاة هي الوضع الافتراضي بدلًا من الموت.

تكون دفعة بهذا الحجم للروح المعنوية قيِّمة جدًا لشركةٍ ناشئة، لأن الحِمل المعنوي لإدارة شركة ناشئة هو ما يجعل الأمر صعبًا. لِمَ لا يفعله المزيد من الناس؟ بسبب المخاطرة المالية؟ لا يملك الكثير من الشباب في عمر الخامسة والعشرين أي شيء على أيَّة حال. بسبب الساعات الطويلة؟ يعمل الكثير من الناس لساعات طويلة بنفس القدر في الوظائف العادية. ما يمنع الناس من تأسيس الشركات الناشئة هو الخوف من تحمُّل الكثير من المسؤولية، ولا يُعَد هذا الخوف غير عقلاني؛ فمن الصعب حقًا تحمُّلها. وسيزيد أي شيء يزيل عنك بعضًا من هذا الحِمل من فُرصَك في النجاة.

ربما تكون الشركة الناشئة التي تحقق ربحية الكفاف أكثر قابليةً للنجاح، وهو أمرٌ مثير للغاية، بالنظر إلى التوزيع ثنائي النمط للنتائج في الشركات الناشئة؛ فإما تفشل أو تجني الكثير من المال.

الميزة الرابعة لربحية الكفاف هي أقلُّها وضوحًا، ولكنها ربما تكون أكثرها أهميةً. إذا لم تكُن بحاجة للبحث وتأمين استثمار، فلن تحتاج إلى إيقاف العمل على الشركة للحصول عليه،. فمهمّة الحصول على استثمار مُشتِّتٌة بشدة، ستكون محظوظًا إذا وصلَت إنتاجيتك إلى ثُلث ما كانت عليه من قبل، وقد يستمر الأمر لأشهرٍ.

لم أفهم، أو بالأحرى لا أتذكَّر، تمامًا سبب كَون الحصول على استثمار مُشتِّتًا حتى وقتٍ سابق من هذا العام، كنتُ قد لاحظت أن الشركات الناشئة التي نموِّلها سرعان ما تتوقف ببطءٍ عندما تبحث عن مُستثمرين، ولكنني لم أتذكَّر السبب تحديدًا حتى بدأت Y Combinator نفسها في جمع المال. كانت تجربتنا سهلةً نسبيًا؛ فقد وافق أول من طلبنا منهم، ولكن استغرقنا تخطيط التفاصيل شهورًا، لم أنجز أي عمل حقيقي تقريبًا خلال ذلك الوقت، لماذا؟ لأنني كنتُ أفكِّر في الأمر طوال الوقت.

تكون هناك مشكلة واحدة في كل وقت هي الأكثر إلحاحًا في أي شركة ناشئة، وهذا هو ما تفكِّر فيه قبل خلودك إلى النوم ليلًا وعندما تغتسل صباحًا. عندما تشرع في رحلة البحث عن استثمار، يصبح هو المشكلة التي تفكر فيها. تغتسل مرة واحدة في الصباح، وإذا كنتَ حينها تفكِّر في المستثمرين، فأنت لا تفكِّر في المُنتَج.

بينما إذا كان بإمكانك اختيار وقت البحث عن مُستثمرين، فيمكنك اختيار وقتٍ لستَ مشغولًا فيه بشيءٍ آخر، كما يمكنك على الأرجح الإصرار على إنهاء دورة الاستثمارية بسرعة. ربما تتمكن حتى من تجنب احتلال الدورة لأفكارك إنْ لم تهتم بما إذا كانت ستغلق تلك الدورة بحصولك على الاستثمار من عدمه..

* * *

لا تعني ربحية الكفاف أكثر مما يتضمَّنه التعريف؛ فهي لا تعني بأنّك ستموّل الشركة الناشئة من مُدخّراتك الخاصة (أو ما يُعرف بـ bootstrapping)، وأنَّك لن تحصل على تمويل قط. لا يبدو أن ذلك ينجح كثيرًا من الناحية التجريبية؛ فالقليل من الشركات الناشئة تنجح دون الحصول على استثمارات. ربما يصبح الأمر أكثر شيوعًا مع انخفاض تكلفة الشركات الناشئة. وعلى الجانب الآخر، المال موجود، في انتظار استثماره. إذا كانت الشركات الناشئة بحاجةٍ أقل إليه فستتمكَّن من الحصول عليه بشروطٍ أفضل، ممَّا سيجعلها سيدفعها أكثر للحصول عليه وهو ما سيُحدث توازنًا. [ii]

هناك شيء آخر لا تتضمَّنه ربحية الكفاف، وهو فكرة جو كراوس «Joe Kraus» القائلة بأنَّ عليك وضع نموذج عملك في مرحلة البيتا عندما يكون منتجك في مرحلة البيتا؛ فهو يعتقد أنه عليك جعل الناس تدفع لك منذ البداية. أعتقد أنّ ذلك مُقيِّدٌ للغاية. لم يفعل «فيس بوك» ذلك، وقد أبلى أفضل من معظم الشركات الناشئة. لم يكن جني المال على الفور أمرًا غير ضروري فقط، بل على الأرجح كان ليصبح ضارًّا. ولكنني أعتقد أن قاعدة «جو» قد تكون مفيدة للكثير من الشركات الناشئة. عندما يبدو المؤسسون مُشتَّتين، أقترح عليهم أحيانًا محاولة جعل العملاء يدفعون لهم مقابل شيءٍ ما، على أمل أن يدفعهم ذلك القيد للتنفيذ.

الفرق بين فكرة «جو» وبين ربحية الكفاف أنَّ الشركة التي تعمل بمبدأ ربحية الكفاف لا تحتاج إلى أن تجني المال في البداية كما سيفترض بها لاحقًا، عليها فقط أن تجني المال. المثال الأكثر شهرةً هو شركة «غوغل»، التي كانت تجني المال في البداية من خلال ترخيص البحث لمواقع مثل «ياهو».

هل ثمَّة جانب سلبي لربحية الكفاف؟ الخطر الأكبر على الأرجح هو احتمالية تحويلها الشركة إلى شركة استشارية. على الشركات الناشئة أن تكون شركات مُنتج؛ بمعنى أنَّها تصنع شيئًا واحدًا يستخدمه الجميع. السمة المُحدِّدة للشركات الناشئة أنَّها تنمو بسرعة، ولا يُمكن للخدمات الاستشارية أن تنمو كما ينمو المنتَج. [iii] ولكن من السهل جدًا جني 3000 دولارًا شهريًا من الخدمات الاستشارية، بل سيكون ذلك في الحقيقة سعرًا رخيصًا لبعض طلبات البرمجة. لذا قد يكون هناك إغراءٌ للتحّول نحو الاستشارة، وإخبار أنفسكم أنَّكم شركة ناشئة تعمل بمبدأ ربحية الكفاف، بينما في حقيقة الأمر لستم شركة ناشئة على الإطلاق.

من المقبول القيام ببعض الأعمال الاستشارية في البداية، فعادةً ما تضطر الشركات الناشئة إلى فعل أشياء غريبة في البداية. ولكن تذكَّر أن ربحية الكفاف ليست هي الغاية. غاية الشركة الناشئة هي النمو لحجمٍ كبير جدًا، أما ربحية الكفاف فهي خدعة لضمان عدم الموت في الطريق نحو تلك الغاية.

 تشير كلمة رامن إلى وجبة يابانية، وهي أرخص وجبة متاحة تقريبًا.رجاءً لا تنظر إلى المصطلح بحَرفيّة، فالتغَذِّي على الرامن فقط سيكون غير صحي للغاية. يمثّل كلٌ من الأرز والفاصولياء مصدرًا أفضل للغذاء. ابدأ بالاستثمار في جهاز طبخ الأرز إذا لم تكن تملك واحدًا.

وجبة الأرز والفاصولياء لشخصين:

  • زيت زيتون أو زبدة
  • بصل أصفر
  • خضروات طازجة أخرى، يمكنك التجربة
  • 3 فصوص ثوم
  • علبة 12 أوقية فاصولياء بيضاء أو فول أو لوبياء
  • مكعبات مرقة كنور لحم أو خضروات
  • ملعقة كبيرة فلفل أسود مطحون طازج
  • 3 ملاعق كبيرة كمّون مطحون
  • كوب أرز جاف، يفضل أن يكون بنيًّا

ضع الأرز في جهاز طبخ الأرز، أضف الماء كما هو موضَّح على عبوة الأرز. (المقدار الشائع: كوبان من المياه لكل كوب أرز) شغِّل جهاز طبخ الأرز وانسَ الأمر.

قطِّع البصل والخضروات الأخرى واقليها في الزيت، على نار هادئة، حتى يُحمَّر البصل. أضف الثوم المُقطَّع والفلفل والكمّون والمزيد من الدهون ثم قلِّب. اطهِهم لدقيقتين أو ثلاث دقائق، ثم أضف الفاصولياء (لا تجفّف الفاصولياء)، ثم قلِّب. أضف مكعبات المرقة وغطِّ المقلاة واطهِ المكوّنات على نار هادئة قليلًا لعشر دقائق إضافية على الأقل. قلِّبهم بحذرٍ لتجنب الالتصاق.

إذا أردتَ توفير النقود، اشترِ الفاصولياء بعبوات ضخمة من المتاجر التي تقدّم تخفيضات. والبهارات أيضًا تكون أرخص كثيرًا عند شرائها بالجملة. إذا كان هناك متجر خضروات هندي بالقرب منك، ستجد لديه أكياسًا كبيرة من الكمّون بنفس سعر الأوعية الصغيرة في المتاجر الكبرى.

[ii] هناك احتمالية كبيرة أن يزيد انتقال السلطة من المستثمرين إلى المؤسسيين من حجم مجال الاستثمار المغامر بالفعل. أعتقد أن المستثمرين حاليًا منحازون جدًا للقسوة على المؤسسين. إذا أُجبِروا على التوقف، سيعمل مجال الاستثمار المغامر بأكمله على نحوٍ أفضل، وربما ترى أمرًا مثل الزيادة في التجارة التي تراها دائمًا عند إزالة القوانين المُقيِّدة.يمثِّل المستثمرون أحد أكبر مصادر الألم للمؤسسين، إذا توقَّفوا عن إحداث هذا القدر من الألم، سيصبح أن يكون المرء مؤسسًا أمرًا أفضل، وإذا أصبح أن يكون المرء مؤسِّسًا أمرًا أفضل، سيكون المزيد من الناس مؤسِّسين.   

 [iii] من المفهوم أنّ الشركة الناشئة قد تنمو بقدرٍ كبير من خلال تحويل الاستشارة إلى شكلٍ قد يتوسَّع. ولكن إذا فعلت ذلك، ستكون في الحقيقة شركة إنتاجيّة. شكرًا لجيسيكا ليفينجستون لقراءة النسخ الأولية من هذا المقال.


ترجمة -وبتصرّف- للمقال Ramen Profitable لصاحبه  Paul Graham (بول جراهاممُؤسس حاضنة مشاريع واي كومبيناتور (Y Combinator). اطّلع على باقي مقالات بول جراهام المترجمة إلى العربية


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...