اذهب إلى المحتوى

تعرفنا سابقًا على مفهوم قرار الشراء وأنواعه، ثم أكملنا بعده الحديث عن مراحل عملية الشراء التي تنقسم إلى ما قبل اتخاذ قرار الشراء والتي ناقشناها في المقال السابق وعند الإقدام على فعل الشراء والتي سنناقشها هنا في هذا المقال بالتفصيل. 

لنتذكر أولًا مراحل عملية الشراء التي تمر فيها وهي:

  1. التعرف على المشكلة Problem Recognition.
  2. البحث عن المعلومات Information Search.
  3. تقييم البدائل Evaluation of alternatives.
  4. فعل الشراء Product Choice.
  5. سلوك ما بعد الشراء Post-purchase Behavior.

كما ذكرنا، تصنف النقاط الثلاث الأولى في مرحلة ما قبل الشراء والتي ناقشناها سابقًا بينما تصنف النقاط التالية لها ضمن مرحلة الإقدام على فعل الشراء والتي سنناقشها تاليًا.

1. قرار الشراء Product Choice

تقود عملية تقييم البدائل إلى تكوين مجموعة من الأولويات وقبل اتخاذ القرار تظهر بعض العوامل الّتي تتدخل وتتوسط بين نوايا المستهلك واتخاذ القرار الفعلي مثل اتجاهات المستهلك نحو منتج ما أو بعض العلامات التجارية أو رأي الأسرة والأصدقاء، فوجود النية وحدها لا يؤدي بالضرورة لحدوث عملية الشراء الفعلي لذا من المهم أن يتكرر النشاط الإعلاني لتنشيط المبيعات، كما يجب تدريب رجال البيع أكثر وأكثر على التأثير على المستهلكين ودفعهم عبر مراحل اتخاذ القرار بسرعة أكبر.

ولكن السؤال الوجيه هنا، هل فعلًا يُجري المستهلك حسابات ذهنية معقدة في كلّ مرة نتخذ فيها قرار الشراء؟ بالطبع لا! غالبًا ما يستخدم المستهلك قواعد الاستدلال لتبسيط القرارات من خلال استخدام بعض خصائص المنتجات. ويمكن أن تتراوح هذه القواعد من القواعد العامة جدًا (مثل المنتجات مرتفعة السعر هي المنتجات ذات الجودة العالية أو يشتري المستهلك نفس العلامة التجارية الّتي اشتراها في المرة السابقة أو يشتري نفس العلامة التجارية لمنتج معين الّذي تشتريه والدته دائمًا.

الاستدلالات أو الاختصارات الذهنية

يتمثل أحد الطرق المختصرة للاستدلال المستخدمة بشكل متكرر في الميل إلى استنتاج الأبعاد المخفية للمنتجات من السمات الّتي يمكن ملاحظتها. إذ يعمل جانب المنتج المرئي شكل المنتج أو طريقة تغليفة …إلخ كإشارة تنقل بعض الجودة الأساسية في عقل المستهلك. تشرح هذه الاستدلالات لماذا يبذل شخص ما يحاول بيع سيارة مستعملة جهدًا كبيرًا للتأكد من أن المظهر الخارجي للسيارة نظيف ولامع، لأن غالبية المشترون المحتملون يحكمون على الحالة الميكانيكية للسيارة من خلال مظهرها الخارجي، لذلك يقع الكثير من المستهلكين في هذا الفخ خصيصًا عند شرائهم لمنتجات مستعملة.

هذه الاستدلالات تتطور لتصبح معتقدات السوق وتنتشر بين المستهلكين (مثل جهاز آيفون يتميز بحماية أكبر من الأجهزة المنافسة أو مثلًا الجهاز المُصنّع في ألمانيا أو اليابان يتميز بالجودة والمتانة العالية …إلخ).

وأخيرًا يشتري المستهلك المنتج الّذي وقع الاختيار عليه نتيجة للخطوات السابقة.

2. سلوك ما بعد الشراء Post-purchase Behavior

لا تنتهي عملية الشراء باتخاذ القرار وحسب، وإنما تمتد لما بعد الشراء لأنه في الواقع لا يتوقف المستهلك في التفكير بالسلعة الّتي اشتراها ومدى ملاءمتها لإشباع حاجاته فإذا شاهد إعلانات عن بدائل أفضل أو توافر السلعة في أماكن أخرى بأسعار أقل أو سمع انتقادًا من أفراد الأسرة أو أحد الأصدقاء بخصوص اختياره فسيشعر بعدم الرضا عن اختياره.

رضا العميل Customer Satisfactions

هي الحالة التي يشعر بها المستهلك بعد استخدام المنتج وتعكس مستوى التوافق بين الأداء الفعلي المدرك والأداء المتوقعّ، وفي هذا السياق لا بدّ أن نذكر نظرية عدم التثبت Disconfirmation Theory والّتي تحدد ثلاث حالات عندما يتصل الأمر بمطابقة التوقع مع الإدراك وهي على الشكل التالي:

  1. الأداء الفعلي يساوي الأداء المتوقع: وهي حالة التثبت وهنا ينتج لدينا حالة الرضا للمستهلك يمكن أن تؤدي مع الوقت لتشكيل اتجاهات إيجابية وتفضيلية نحو العلامة الّتي اختيرت وهذا الاحساس الإيجابي سيؤثر على المستهلك في الشراء التالي.
  2. الأداء الفعلي أفضل من المتوقع: وهي حالة تحدث عندما يتفوق المنتج على توقعات المستهلك مما يخلق حالة تجعل المستهلك أكثر من راضي وتسمى إبهاج المستهلك Customer Delight.
  3. الأداء الفعلي أدنى من الأداء المتوقع: تسمى هذه الحالة التثبيت السلبي وتسبب هذه الحالة خيبة أمل وعدم رضا المستهلك عن أداء المنتج ويمكن أن تدفع المستهلك لعدم الشراء في المرات القادمة.

يترتب على شعور العميل بعدم الرضا عن المنتج أو العلامة التجارية أحد ردود الفعل التالية:

  1. عدم القيام بأي فعل No Response: وهم المستهلكين السلبيين الّذين لا يعلقوا على فشل المنتج في تلبية احتياجاتهم.
  2. الشكوى ضمن المتجر Voice Response: وهم المستهلكين المجاهرين الّذين لهم الفضل في تحسين المنتجات ويجب على الشركات الاعتناء الشديد بهم وتشجيعهم على إبداء آرائهم ومقترحاتهم حتى ولو تكلفت الشركات بتقديم الهدايا والخصومات لهم.
  3. الشكوى للأصدقاء Private Response: وهم المستهلكين الّذين لا يتحدثون إلى أصحاب المتجر وإنما ينشرون سلبيات المنتج بين أصدقائهم مما ينتج عن ذلك سمعة سلبية.
  4. الشكوى لطرف ثالث Third-party Response: وهم المستهلكين الّذين يمكن أن يتخذوا بعض الإجراءات القانونية.

من الواضح أن الاستجابات المترتبة على عدم الرضا كاشكوى لطرف ثالث أو الشكوى باستخدام الاتصالات الشفهية أو الكلمة المنطوقة Online & Offline Word Of Mouth ويمكن أن تسبب ضررًا كبيرًا لسمعة الشركة وعلامتها التجارية لذلك يجب الحرص دومًا على الانتباه لردة فعل المستهلك عند تجربته للمنتج (سيكون لنا مقال مفصل حول كيفية التعامل مع العملاء الغاضبين).

أما في الحالات الأفضل هو السعي لما بعد رضا المستهلك وهو ولاء المستهلك Customer Loyalty يهتم الباحثون والمسوقون بتحقيق مستويات عالية من رضا الزبائن بوصف الرضا عن العلامة التجارية المحدد الرئيسي لولاء الزبائن وبالتالي استمرار الربحية على المدى الطويل ويتمثل الولاء للعلامة التجارية بالتزام العميل بشراء العلامة ووجد اتجاهات تفضيلية قوية نحوها. عمومًا يمكن تقسيم السوق استنادً إلى درجة ولاء المستهلك للعلامة التجارية إلى أربع مجموعات من المشترين:

  1. الولاء القوي أو الأعمى Hard-Core Loyals: وهم المستهلكون الّذين يشترون علامة تجارية واحدة في كلّ الأوقات.
  2. الولاء المنقسم لعدة علامات Split Loyals: وهم المستهلكون الّذين يظهرون الولاء لعلامتين تجاريتين أو ثلاثة.
  3. الولاء المتحول Shifting Loyals: وهم المستهلكون الّذين يتحولون من تفضيل علامة تجارية معينة إلى أخرى.
  4. عديمي الولاء Switchers: وهم المستهلكون الّذين يتنقلون بين العلامات التجارية ولا يظهرون الولاء لأي علامة تجارية بل يشترون أي علامة تعرض عليهم.

يعكف الكثير من أصحاب المتاجر والمسوقين على تتبع درجة ولاء المستهلكين للعلامة التجارية خاصتهم من خلال اعتماد مقاييس مثل معدل الاحتفاظ بالعملاء ومعدل التحول عن العلامة التجارية.

الصراع المعرفي في مرحلة ما بعد الشراء

يعرف الصراع أو التنافر المعرفي Cognitive Dissonance في علم النفس بأنه الشعور بالتوتر نتيجة وجود معلومات أو معتقدات أو أفكار متضاربة لدى الفرد، ويواجه المستهلك عادةً هذا الشعور بعد اتخاذه قرار الشراء، وخصيصًا في حالات عدم التأكد وارتفاع الشعور بالمخاطرة أيًا كان نوع هذه المخاطرة مالية أم اجتماعية أم نفسية أو حتى العدد الكبير للبدائل وصعوبة الموازنة بينها يمكن أن يسبب التنافر المعرفي، ويمكن تعريف هذه الحالة بعدم التوازن النفسي الناتج عن تلقي المستهلك لمعلومات متضاربة بعد اتخاذه لقرار الشراء، الأمر الّذي يدفعه إلى محاولة تخفيضه ويتبع المستهلك عدة طرق للتخفيف من حدة هذا التنافر وهي:

  • البحث عن معلومات الّتي تدعم قراره، كثيرًا ما يميل المستهلك لمتابعة إعلان عن سلعة اشتراها فعلًا فيشعر بالرضا كلما تكرر عرض الإعلان لأنه يجد فيه تأكيدًا على حسن اختياره ويحاول تجنب المعلومات السلبية عن السلعة الّتي اشتراها.
  • محاولة تكييف إدراكه للمعلومات بالشكل الّذي يدعم قراره والحكمة باتخاذه.
  • العمل على تقليل قيمة البدائل الأخرى والانتقاص من مزاياها حتى وإن كان يخدع نفسه.
  • النظر إلى الجانب الجيد في قراره الشرائي والتركيز على الجوانب الإيجابية وإهمال الجوانب السلبية.
  • الاعتراف بأنه ارتكب خطأ، ولا سبيل لتصحيحه وسيتعلم المستهلك من هذا الخطأ في المرات القادمة.

يحاول المسوقون عبر الوسائل الترويجية التأكيد للمستهلك على صحة قراره ويجدر بالذكر أن الإدارة الصحيحة لتوقعات المستهلك تقلل من الشعور بالتنافر عن طريق تقديم وعود واقعية في الإعلانات وعلى لسان المختصين في المجال الّذي يكون فيه المنتج وذلك لبناء توقعات واقعية لدى المستهلك وعدم حدوث فجوة بين القيمة المتوقعة والقيمة المدركة للمنتج، وعمومًا إن التواصل الدائم مع المستهلكين وطمأنتهم وإرشادهم ومساعدتهم على الاستخدام الأفضل للمنتج على التقليل من حدة هذا الصراع. فمثلًا تدعي العديد من المنتجات ذات السعرات الحرارية المنخفضة أن لديها كلّ المذاق ونصف السعرات الحرارية، مما يسمح للمستهلك بتجنب الاضطرار إلى الاختيار بين المذاق الأفضل والسعرات الحرارية الأقل.

الخاتمة

تعرفنا في هذا المقال على ما المرحلة التي تأتي بعد تقييم البدائل المتاحة، من خلال اتخاذ قرار الشراء، وما بعده من رضا المستهلك أو سخطه، وعمومًا إن هذه السرد المختصر لأبرز الحالات الّتي يمر بها المستهلكين ما هي إلا النقاط الرئيسية الّتي يمر بها المستهلك ويوجد العديد من الحالات التفصيلية الّتي سنناقشها في مقالات منفصلة لاحقًا، سنستعرض في المقال القادم دور العلامة التجارية وأهميتها في رفع سعر المنتجات والتوقعات أيضًا في عقل المستهلك.


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...