سنتحدث في هذا الباب من سلسلة مدخل إلى عالم الأعمال عنِ الملكية التجارية الفردية، وعن سواها من أشكال الملكية التجارية الأخرى، بما في ذلك الشراكة والشركة، ونوازن بين إيجابيات كلٍّ منهما، وسلبياته. سنتطرق في أول مقال منه، أي هذا المقال، إلى نوعين من من الملكية التجارية والمتمثلة في الملكية التجارية الفردية، والملكية التجارية التشاركية، عن طريق الشراكات، وسنكمل في المقالات التالية شرح بقية الأنواع.
تبوأ زمام الشركة وحدك: الملكية التجارية الفردية
ما هي إيجابياتُ، وسلبيات الملكية التجارية الفردية، بوصفها إحدى أشكال منظمات الأعمال؟
هناك شخصٌ يُدعى جيرمي شيبرد، كان يعملُ موظَّفًا بدوام كامل لشركة خطوطٍ جوية، وفي الثانية والعشرين من عمره، قصدَ سوقَ بيعِ لآلئ تجذبُ الناظرين في الصين، باحثًا عن هديّةٍ لإحداهنَّ، ثم اختار بالفطرةِ إحدى سلاسل اللؤلؤ المعروض، ومضى في سبيله، وعندما عاد إلى الولاياتِ المتحدة، قدَّر أحدُ الصاغةِ قيمةَ تلك السلسلةِ بعشرين ضعف المبلغ الذي دفعه جيريمي لابتياعها، ثم صرف ذلك الرجل الشيك الخاص براتبه للشهر الذي تلا تلك الحادثة، وسافر عائدًا إلى آسيا، حيثُ اشترى كلّ لؤلؤةٍ تمكن من دفعِ ثمنها، ثم أسس في العام 1996 شركته المعروفة بـ بيرل بارادايز أو جنّة اللؤلؤ، Pearl Paradise، ثم حُوِّلَت إلى شركةً على الإنترنت في العام 2000. وقدِ اختار جيريمي الملكية التجارية الفردية -وهي شركةٌ يؤسسها، ويملكها، ويشغّلها، وغالبًا ما يموِّلها شخصٌ واحد- وذلك بوصفها الطريق الأسهل لبدء شركةٍ وليدة، ولم يرغب جيريمي أن يكون معه شركاء، كما أن انخفاض مستوى المسؤولية أغناهُ عن دمجِ شركته.
وقد أيقنَ جيريمي -الطليقُ في تحدُّثِ اللغات المندرينية الصينية، واليابانية، والإسبانية، والمنغمسُ في الثقافة الآسيوية -أن الإنترنت هو خيرُ سبيل لتسويق لآلئه، حيث تبيع شركتهُ حوالي 1000 قطعة من اللؤلؤ يوميًا، وتقدِّمُ طيفًا واسعًا من مجوهرات اللؤلؤ حول العالم عبر 14 موقعًا إلكترونيًا، ويتيح متجرُه الذي افتُتح مؤخرًا في لوس أنجلوس للزبائن مِنَ المشاهير، التسوُّقَ وفقًا لموعدٍ مُسبَق، وبمبيعاتٍ تبلغ سنويًا عشرين مليون دولار، وتُعدّ شركةُ بيرل بارادايز، رائدةَ سوق اللؤلؤ من جهة حجم المبيعات.
موازنة بين أشكال مؤسسات الأعمال التجارية | |||
---|---|---|---|
شكل المؤسسة | الرقم | المبيعات | الأرباح |
الملكية التجارية الفردية | 72% | 4% | 15% |
الشراكات | 10% | 15% | 27% |
شركات المساهمة | 18% | 81% | 58% |
الجدول 4.1
إيجابيات الملكية التجارية الفردية
لهذا الشكل من المُلكية التجارية إيجابياتٌ تُبرِّرُ شيوعَه:
- رخيص وسَهلُ الإنشاء: فمثلما اكتشفَ جيريمي شيبرد، أن الملكية التجارية الفردية لا تحتاج إلا إلى بعض الشروط القانونية (بعض التراخيص المحلية)، وأنّ تأسيسها ليس مُكلِفًا، وهما سببان يجعلانها المؤسسةَ التجارية التي يقعُ عليها اختيارُ العديد من أصحاب الشركات الناشئة.
- استئثارُ المالك بالأرباح كافة: يجني مالكُ المؤسسة التجارية ذاتِ المُلكية الفردية الأرباحَ التي تدرُّها شركته، وكلما ارتفعت كفاءةُ تشغيلِ تلك الشركة، ازادت ربحيَّتُها.
- سيطرةٌ مباشرة على الشركة: يتّخذ مالكُ الشركة ذات الملكية الفردية كافةَ القراراتِ المتعلقة بها منفردًا؛ فلا يحتاج إلى التشاور مع أحدٍ في هذا الشأن.
- هامشُ حرّيَةٍ أوسع فيما يخص الأنظمة الحكومية: تتمتع الشركة ذات الملكية الفردية بحرية أوسع من سواها، عندما يتعلق الأمر بالرقابة الحكومية عليها.
- ضرائب خاصة: لا يدفع أصحابُ الشركات المملوكةِ ملكيةً فردية، ضرائبَ خاصةً كالتي يدفعها أقرانُهُم ممنوحو حقوقِ الامتياز، أو شركاتُ المساهمة؛ بل تُستوفى الضرائبُ منها على أساس الدخل الفردي المُصرَّح عنه بموجب الإقرار الضريبي.
- سهولةُ الحَلّ: بغياب مالكين شركاء لصاحب الشركة ذات الملكية الفردية، بوسعِ هذا الأخير بيعُ الشركة، أو إغلاقُها متى شاء ذلك.
سلبيّاتُ الملكية التجارية الفردية
تُعدُّ الملكية التجارية سيفًا ذا حدَّين؛ فبالتوازي مع الحرية التي تمنحها لمالك الشركة الفردِ، فإنه يعتريها بعضُ السلبيات التي سنأتي على ذكرها الآن:
- عدم تحديد المسؤولية: تعد الشركةُ ذات الملكية الفردية، ومالكها كُلًّا واحدًا لا يتجزّأ، ويتجلى ذلك الاتحاد في تحمُّل المالك مسؤولية الديون التي تترتب عليها، حتى وإن تجاوزت تلك الديونُ قيمةَ الشركة ذاتِها، وقد يضطر مالكو ذلك النوع من الشركات إلى بيع ممتلكاتهم الشخصية، مثل السيارة، أو المنزل، أو غير ذلك منِ استثماراتٍ يملكونها، للوفاء بمطالباتٍ، ودعاوى تواجههم.
- صعوبة الحصول على رأس مال: ليست أصولُ الشركة بمنأىً عن مطالباتِ الدائنين، لذا ينظر مُقرضو الشركات ذات الملكية الفردية إليها كاستثمارٍ ينطوي على مجازفة عالية، لأنَّ مسؤولية المالك غيرُ محدودة، وعلى مالكي تلك الشركات -غالبًا- استخدامُ أموالهم الشخصية، مثل الاقتراض عبر بطاقات ائتمانهم الخاصة، أو رهن منازلهم، أو بيعِ استثماراتهم؛ لغرض تمويل شركاتهم، كما يمكنُ أن تصطدمَ خطط توسيع ذلك النوع من الشركات بالعجز عن توفير تمويلٍ إضافي.
- تواضُعُ الخبرةِ الإدارية: يعتمدُ نجاحُ الشركة المملوكة من قبل مالكٍ فرد على موهبةِ ذلك المالك، ومهاراته، وهو المنوط به الاضطلاعُ بمهام، ومسؤوليات عديدة، على رأسها اتخاذ كافة القرارات، وغالبًا لا يكون أولئك المالكون ماهرين بشكل متساوٍ في أداء مهامهم كافة، المتعلقة بإدارة الشركة، فقد يكون مصمّمُ جرافيك، فنانًا بكل ما للكلمة من معنى، ولكن لا معرفة لديه بأمور الحسابات، ولا بإدارة الإنتاج، أو بكيفية تسويق منتجاته.
- صعوبةُ العثور على موظفينَ أكْفاء: ليس بوسع أصحاب هذه الشركات تقديم الأموال، ولا الأرباح الإضافية، ولا الترقية التي توفرها لموظفيها الشركاتُ الكبرى عادةً، وهذا ما يجعل الموظفين المحتمَلين السَّاعين إلى أفضل الفرص الوظيفية يصدّون عنها.
- تكريسُ كل الوقت والجهد للشركة: تتطلب إدارةُ هذا النوع منَ الشركات تضحياتٍ على الصعيد الشخصيّ، والتزامًا، وتفانيًا يستغرق وقتَ مالكيها كله، وهو ما يشغلُ حياتهم على مدار الساعات، والأيام.
- عدم الاستقرار: قد يكونُ العُمرُ الافتراضي لهذه الشركات مجهولًا، فقد يفقدُ المالكُ اهتمامه بالشركة، أو يمرُّ بعارضٍ صحي، أو يتقاعدُ، أو يُتَوفّى، وبذلك لا تعود الشركةُ موجودةً، ما لم يتخِذ إجراءاتٍ تضمنُ استمرارها، أو يعرضها للبيع.
- الخسائرُ مسؤوليةُ المالك: يُعد مالك شركةٍ من هذا النوع، هو المسؤول عن خسائرها كافة، التي تلحق بها، بالرغم من أن القوانين الضريبية تسمح باقتطاعِ تلك الخسائر من مصادر الدخل الشخصي الأخرى.
إذًا، قد تكون الملكية التجارية الفردية خيارًا ملائمًا لتشغيل شركةٍ ناشئة، ليسَ لديها موظفون -من قبل شخص واحد- حيث تكون نسبةُ تعرضه للمسؤولية ضئيلةً، ولكن هذا النوع من الشركات يتسم بأنه خيار مؤقت، حين لم يعد مالكوها قادرين -بعد فترةٍ من الزمن- على تشغيلها بالموارد الإدارية، والمالية المحدودة، وذلك بسبب نموها المتزايد، وفي هذه المرحلةِ من عمر الشركة، قد يقرر المالكُ اتخاذَ شخصٍ، أو أكثر، شركاء ليضمن استمراريتها وازدهارها.
تقاسم العبء في الشراكات
ما هي إيجابيات العمل في إطار شراكة مع أطراف أخرى، وما المخاطر التي على الشركاء أخذُها بالحسبان؟
تُعرَّفُ الشراكة بأنها رابطةٌ بين شخصين، أو أكثر، يتفق فيها الشركاءُ على تشغيل مشروعٍ تجاريٍّ معًا؛ سعيًا إلى تحقيق الربح، ويُطرَح هنا سؤالٌ مفادُه: هل يمكن أن تشكل الشراكةُ خطرًا على حُسن سير العمل التجاري؟ لنفترض أن هناك شريكين، هما رون و ليز، يملكان صالون تجميل ناجحًا وعصريًا. وبعد مضي سنواتٍ على تشغيله، بدا واضحًا وجودُ خلافاتٍ في الرؤى بينهما حول الشركة؛ فليز سعيدةٌ بوضع الشركة الراهن، بينما يريد رون توسيع الشركة عبر جلب مستثمرين، وافتتاح صالونات في أماكن أخرى.
كيف يخرجان من هذا المأزق؟ الجواب هو بطرحِ بعض الأسئلة الجدية من قبيل: أيُّ النظرتين المستقبليتين هي الأكثرُ واقعيةً؟ هل هناك من إمكانية واقعية لتوسيع الشركات وفقًا لرؤية رون؟ كيف سيعثر على مستثمرين يحولون حُلمَه في افتتاح صالوناتٍ في أماكن عديدة إلى حقيقة؟ هل يرغبُ في حلّ الشراكة، والبدء من جديد بمفرده؟ ومن منهما سيكون الأحقَّ بزبائنهما الحاليين؟
ثم يُدرك رون أن توسيع الشركة -وفقًا لرؤيته- سيتطلبُ خوضَ مخاطرةٍ ماليةٍ كبرى، وأن شراكته مع ليز توفر مزايا عديدة سيفقدها في حال قرر حلَّ شراكته معها، وبَدءَ شركته الخاصة منفردًا، وبعد أن فكّرَ مليًّا، قرر إبقاء الوضع على ما هو عليه.
فتأسيسُ الشراكة أمرٌ بسيطٌ نسبيًا، بالنسبة لأولئك الذين لا يفضلون تأسيس شركاتهم منفردين، إذ توفر شكلًا مشتركًا لملكية العمل التجاري، فنجدُها خيارًا شائعًا في أوساط مقدّمي الخدمات المهنية مثل: شركات المحاماة، والمحاسبة، وهندسة العمارة، وسماسرة البورصة، وشركات العقارات.
ويتفقُ الأطرافُ، إما شفاهةً، أو كتابةً، على تقاسُم أرباح المشروع المشترك، وخسائره، ويُنصَحُ بإبرام عقد شراكةٍ مكتوب؛ ينص صراحة على أحكام تلك الشراكة، وشروطها، وذلك تفاديًا لأي نزاعاتٍ مستقبلية قد تثور بين الشركاء، وعادة ما تتضمن اتفاقاتٌ مثل تلك اسمَ الشراكة، والهدف منها، وإسهاماتِ كلّ طرفٍ فيها (أموال، أصول، مهارات، مواهب)؛ كما تحدِّدُ مسؤوليات كل طرفٍ، وواجباتِه، وآلية التعويض الخاصة بهم (راتب، مشاركة في الأرباح، إلخ). ويجب أن يحتويَ اتفاقُ الشراكةِ كذلك على نصوصٍ خاصة بقبول شركاء جُدد، وبيع حصص الشراكة، وإجراءات تسوية النزاعات، وحلّ الشركة، وتوزيع ممتلكاتها.
وهناك نوعان للشراكة: عامة ومحدودة، ففي الشراكة العامة يتقاسمُ كافةُ الشركاء الإدارةَ، والأرباح، ويشتركون في ملكية أصولِها، ويتصرّفُ كلٌّ منهم نيابة عنِ الشركة، وعلى عاتق كلِّ شريكٍ مسؤوليةٌ غير محدودة عن الالتزاماتِ التجارية للشركة، أما في الشراكةُ المحدودة، فنجد نوعين من الشركاء: شريك عامٌّ واحد أو أكثر، والذي عليه/عليهم مسؤولية غير محدودة. وشريكٌ واحد أو أكثر ذو/ ذوو مسؤولية محدودة، وتقتصر مسؤوليته/مسؤوليتهم على مقدار استثمارته / استثماراتهم في الشركة، ومن النتائج المترتبة على الشراكة محدودة المسؤولية، أن الشركاء فيها يوافقون على ألا يشاركوا في الإدارة اليومية للشركة؛ إذ يساهم هؤلاء الشركاءُ محدودوا المسؤولية في تمويل الشركة، بينما يحتفظ الشركاءُ العامّون بالسيطرة التشغيلية فيها.
وهناك أيضًا شراكةٌ محدودة المسؤولية (Limited Liability Partnerships) أو (LLP) اختصارًا، والتي تُشبه الشراكة العامة مع اختلافٍ مفادُهُ؛ أنّ الشركاء في الأولى لا يُعدّون مسؤولين عن ديون الشركة، والتزاماتِها، وثمة نوع آخر من الشراكة يُسمّى الشراكة محدودةُ المسؤوليةِ المحدودةُ (Limited Liability Limited Partnerships) أو (LLLP) اختصارًا، والتي تعد شراكةً محدودة في الأساس، ويُضاف إليها محدودية المسؤولية، فتحمي بذلك الشريك العامّ، أو الشركاء العامين، من ديون المؤسسة التجارية والتزاماتِها.
إيجابيات الشراكة
فيما يلي بعضُ إيجابيات الشراكة التي تتبادر بسرعة إلى الذهن:
-
سهولة التأسيس: يسهُل تأسيسُ الشراكة، مَثَلُها مَثَلُ الشركة المملوكة ملكية فردية؛ فيتفق فيها الشركاءُ على ممارسة عملٍ تجاري معًا، ويحررون عقدَ شراكةٍ، وتتّسِمُ الأحكامُ الناظمةُ للشراكة في القوانين الوطنية للدول بالبساطة، بالنسبة لمعظم أنواع الشراكات.
-
تَوَفُّرُ رأسِ المال: نظرًا لمساهمةِ شخصين، أو أكثر بالمواردِ المالية، يمكن للشراكات توفيرُ الأموال اللازمة لِسَدّ نفقاتِ التشغيل، وتوسيع العمل التجاري، كما أنّ من شأنِ القوةِ المالية المتحدة بفضل إسهامات كلٍّ الشركاء، زيادةُ قدرة الشركة على استقطاب أموالٍ من مصادرَ خارجيةٍ.
-
تنوُّعُ المهاراتِ والخبرات: يتقاسمُ الشركاءُ مسؤولياتِ إدارة الشركة، وتشغيلها، والتي يزيدُ من فرص نجاحها دمجُ مهاراتِ أولئكَ الشركاء لرسمِ أهدافها، وإدارتها، وحلّ المشاكل التي تواجهها، ولانتقاءِ الشريك الأفضل، عليكَ الوقوف بدقةٍ على ما لديكَ من نقاطِ قوةٍ، وضعف، وإدراكُ ما تحتاجُه منَ الشريك الذي يقع عليه اختيارُك في نهاية المطاف، فخيرُ الشراكاتِ هو تلك التي تجمعُ بين أشخاصٍ يُكمِّلُ بعضُهُمُ الآخرَ، وليسَ التي قوامها أشخاصٌ ذوو خبراتٍ، ومهاراتٍ، ومواهبَ متشابهة لا تُضيفُ للشركة أيَّ جديدٍ، وبوسعك الاسترشادُ بالنصائح الواردة في الجدول 4.2 لتُحسِنَ اختيار الشريك.
-
المرونة: ينخرطُ الشركاءُ العامّونَ بنشاطٍ في إدارة شركتهم، وبوسعهمُ الاستجابةُ بسرعةٍ للتغيرات التي تطرأ على بيئة الشركة.
-
لا ضرائبَ خاصة: لا يُفرَضُ على الشركاء دفعُ ضرائب دَخل، بل عليهم تقديمُ إقرارٍ بدخل الشركة إلى دائرة الإيرادات الداخلية (في الولايات المتحدة) يبيّنون فيه كيف جرى توزيع الأرباح، والخسائر فيما بينهم، وبعدها يُبلَّغُ عن خسارة كل شريكٍ، أوعنِ الربح الذي حققه، بموجب الإقرار الضريبي الخاص بالدخل الشخصي لكلِّ من أولئك الشركاء، إلى جانب أي أرباحٍ فُرضت عليها ضرائب، وفقًا لمعدَّلِ ضريبة الدخل الشخصي.
-
تحرُّرٌ نِسبيٌّ منَ الرقابة الحكومية: فيما عدا القواعد التي تفرضها القوانين الوطنية للدول، بخصوص التراخيص اللازمة لتأسيس الشراكة، فالرقابةُ الحكوميةُ على أنشطتها ليست شديدة.
الشركاءُ المثاليون |
---|
انتقاءُ الشركاء علمٌ، وفنٌّ في آن واحد، وقد يحوز أحدُهم على المؤهلات المطلوبة كلها لترشيحه شريكًا، ولكن، هل فعلًا يُشاركُكَ الرؤى، والأفكارَ ذاتَها حول هذه الشركة؟ هل هو شخصٌ صريح، ومُباشَر؟ إنّ الأمانةَ، والنزاهة، والأخلاقَ من الأمور المهمة، لأنك قد تُحاسَبُ على ما يفعلُه شريكُك، تحدَّث معه عن كل شيء، واتّبِع حدسَك الذي قد لا يخيب، اطرحِ الأسئلة التالية على نفسك، ثم على شريكك المُحتَمل، ووازن بين أجوبتك، وأجوبته:
|
الجدول 4.2
سلبيات الشراكة
على مالكي الشركاتِ ألا يغفلوا عنِ السلبياتِ التالية، التي تعتري الشراكة، إذا ما فكّروا في تحويل شركاتهم إلى هذا النوع من الملكيات التجارية:
-
عدمُ تحديدِ المسؤولية: يتحمّلُ الشركاءُ العامّونَ كافة، مسؤوليةً غير محدودة عن ديون شركتهم؛ إذ يمكن في الواقع عدُّ أيّ شخصٍ مسؤولًا شخصيًّا عن جميع ديون الشركةِ، وعن تنفيذِ الأحكام القضائية الصادرة بحقها (بسبب تصرفاتٍ غير قانونية يرتكبها أحدُ الشركاء مثلًا)، وذلك بصرفِ النظر عمّن تسبَّبَ بذلك، ومثلما هو الحال في الشركة ذاتِ الملكية الفردية، قد يؤدي فشلُ الشركةِ -في حالة الشراكة- إلى خسارةِ الشركاء العامّين ممتلكاتِهمُ الشخصيةَ، ولتجنُّب الوقوع في مأزقٍ مماثل، باتَ العديد منَ الدول يسمح بتأسيس شراكاتٍ محدودةِ المسؤولية، تُحصِّنُ كلَّ شريكٍ منَ المسؤوليةِ عنِ الأفعالِ التي ارتكبها شركاءُ آخرون، وتجعل مسؤولياتهم مقتصرةً على الضرر الناتج عن أفعالهم.
-
احتمالية وقوع خلافاتٍ بين الشركاء: قد تتعارض الأفكار لدى الشركاء بشأن كيفيةِ إدارة الشركة، والأشخاصِ الذين سيوظّفون، وتوزيعِ المسؤوليات، وتوقيت توسيع شركتهم، ويمكن للاختلافاتِ بين شخصيات الشركاء، -وأنماطِ العمل التي يفضّلها كلٌّ منهم- أن توصِلَ إلى صِداماتٍ بينهم، أو إلى انقطاع التواصل، وهذا ما يستدعي -أحيانًا- تدخُّل أطرافٍ خارجية لإنقاذ الشركة.
-
صعوبة توزيع الأرباح: لا يثيرُ تقسيمُ الأرباح مشاكلَ تُذكَر في حال ساهم الشركاءُ بوقتٍ، وخبرة، ورأسِ مالٍ بشكلٍ متساوٍ، ولكنّ المشاكل تطفو على السطح في حال قدَّم أحدُ الشركاء مالًا أكثر من سائر الشركاء، أو كرَّسَ غيرُهُ وقتًا أطولَ، فليس سهلًا في هذه الحال الوصولُ إلى صيغةِ تقاسُمِ أرباحٍ عادلة بين الشركاء.
-
صعوبةُ حلِّ الشراكة، أو الخروج منها: ثمة قاعدةٌ في الشراكاتِ تقول: إنّ تأسيسَها أسهلُ منَ الخروج منها، فعندما يرغب أحدُ الشركاء في ترك الشركة، ينبغي تخمينُ حصته، وإلى من ستُباعُ تلك الحصة، وهل سيكون ذلك المشتري المحتمَل مقبولًا من الشركاء الآخرين جميعهم أم لا؟ وفي حالِ انسحبَ أحدُ الشركاء الذي يملك 50% من كيان الشركة، أو تُوُفّيَ، أو غدا عاجزًا جسديًا، فلا بد من حلّ الشراكة، أو إعادة تنظيمها، وتفاديًا لمثل هذه المشاكل، يحتوي معظم اتفاقاتِ الشراكاتِ، على نصوصٍ توجيهية خاصةٍ بنقل الحصص في الشراكة، وتحتوي تلك الاتفاقاتُ -أيضًا- على نصوصِ بيعٍ، وشراء، تتيح مسبقًا للشركاء الأحياء، شراءَ حصة شريكٍ متوفّىً، كما يمكن للشركاء -أيضًا- شراءُ شهادة (بوليصة) تأمينٍ على الحياة، مكرَّسة لتمويل شراء حصة شريكٍ متوفى.
وغالبًا ما تُشبَّهُ الشراكاتُ التجاريةُ بالزواج، إذ يُعدّ حُسْنُ اختيار الشريك في كلتا الحالتين أمرًا بالغَ الأهمية، ولذا، إذا كنتَ موشكًا على تأسيس شراكة تجارية، فلتُكرِّس وقتًا كافيًا تُقيِّم خلاله أهدافك، وأهداف الشخص المرشَّح، ليدخل معك شريكًا، وشخصيتيكما، وخبرتيكما، ونمط العمل الخاص بكل منكما، وذلك قبل أن تغدوَ شراكتكما واقعًا.
ترجمة -وبتصرف- للفصل (Forms of Business Ownership) من كتاب introducti_on to business.
أفضل التعليقات
لا توجد أية تعليقات بعد
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.