اذهب إلى المحتوى

سأبدأ المقال بقصتين واقعيتين توضح أهمية ولاء العملاء لأشهر الشركات التجارية في يومنا لتكون تمهيدًا لأهم موضوع يخص الشركات والعلامات التجارية ألا وهو ولاء العملاء.

مقدمة عن أهمية ولاء العملاء

سأروي قصتان، الأولى من شركة أمازون وبطلها جيف بيزوس، والثانية من شركة ريفولف لبيع الملابس بالتجزئة- ويرويها دانيال مكارثي لتوضيح الإجراءات المتخذة في سبيل تعزيز ولاء العملاء لشركتهما التجارية.

في وقت ما من شهر أكتوبر عام 2004 استدعى جيف بيزوس عددًا من أعضاء فريق أمازون إلى يخته الفاخر لمناقشة موضوع مهم يتعلق بمستقبل شركة أمازون. في ذلك الوقت كانت أمازون خرجت حديثًا من الخسائر التشغيلية الّتي كانت تحققها في السنوات السابقة، وتكافح جاهدةً لتجنب الوقوع مرة أخرى فيها، وازداد الأمر صعوبةً في ظل هيمنة وول مارت على الأسواق آنذاك. بعد أن وصل جميع أعضاء الفريق وانبهروا طبعًا بحجم اليخت الّذي يمتلكه هذا الملياردير -كما يروي رافيندران وهو أحد المدعوين-. كان هذا الاجتماع لمناقشة مستجدات مشروع سري كان الفريق يعمل عليه لسنوات دون أن يفصح عن ماهيته لأحد باستثناء أعضاء الفريق الّذي يعمل عليه واطلقوا عليه اسم وهمي "فوتثرما". وما إن جلس أعضاء الفريق وحضروا أنفسهم لبدء الاجتماع المنتظر وقف جيف بيزوس ناظرًا إليهم وقال لهم في لهجته الّتي يغلب عليها الجدية "أريد أن أحفر خندقًا حول عملائنا الحاليين".

المتابع لطريقة تفكير جيف بيزوس آنذاك يعرف تمامًا هدف جيف الرئيسي ألا وهو "التركيز على العملاء" وليس المنافسين. في الحقيقة هذا ما أكد عليه جيف منذ رسالته الأولى الموجهة للعاملين وحاملي الأسهم في شركة أمازون عام 1997 والّتي نصت على أن تركيزه سينصبُ على العملاء بل إنه كان يطلب من موظفيه أيضًا أن يستيقظوا كلّ يوم ولديهم خوف من شيء واحد فقط، ألا وهو العملاء وليس المنافسين. في حقيقة إذا نظرنا عميقًا في جحر الأرنب سنجد هذا المنطق صائب إلى حد ما؛ لأنه بحسب تغييرات آراء وشخصيات العملاء سيكون لديك العديد من الاقتراحات والشكاوي منهم وبما أن شركة أمازون لا تراهن أبدًا على رضا العملاء فهي في تطوير وتحديث مستمر بما يتناسب مع أرائهم وتطلعاتهم. ومن المعروف عن جيف بيزوس آنذاك بأنه يتمتع بعقلية صارمة في العمل. وهذا ما جعله يسابق الزمن ويتغلب على معظم منافسيه بل إنه في عام 2004 أطلق سياسة عمل جديدة تنص على "العمل بطريقة عكسية" انطلاقًا من متطلب معين من العملاء وليبدأ بعدها الفريق في بناء الأطر والإجراءات المناسبة لتحقيق هذا المتطلب. وهذه الطريقة كانت جديدة إذ من الشائع آنذاك بناء الميزات أولًا وبعدها تعرض على الزبائن ويسوق لها. ولكن ليس الجميع مثل عقلية جيف بيزوس!

بالرغم من أن رافيندران لم يذكر كثيرًا مما قاله جيف في ذلك الاجتماع، إلا أنه أكد أن مجمل حديثه كان عن أنه يجب علينا كشركة أمازون "عدم أخذ أفضل عملائنا كأمر مسلم به". أطلقت شركة أمازون بعد هذا الاجتماع بستة أسابيع تقريبًا واحدًا من أذكى برنامج الولاء الّذي عرفته البشرية! إنه برنامج أمازون برايم Amazon Prime، وما كان هذا الاجتماع إلا لمناقشة النقاط النهائية منه.

بطل القصة الثانية هو دانيال مكارثي من شركة ريفولف لبيع الملابس بالتجزئة، وفيها يحاول دانيال مكارثي وبيتر فادر معرفة القيمة الحقيقية للعملاء من خلال دراسة خطط بعض الشركات لبرامج ولاء العملاء وتأثير وجود هذه البرامج على الشركات، وكيف يمكن تقييم الشركة من خلال تحليل عملائها، ويوضح ذلك في سياق قصة طرح شركة ريفولف غروب Revolve Group في البورصة. للوهلة الأولى يمكن أن نرى شركة ريفولف بأنها من الشركات النمطية لبيع الملابس بالتجزئة ولكن حدثت مفاجأة يوم طرحها في البورصة. إذ بلغ سعر الاكتتاب العام الأولي 1.2 مليار دولار أمريكي، وانفجر سعر السهم في نفس اليوم بنسبة 89٪ إضافية عند التداول، مما جعلها من أفضل عروض الاكتتاب العام في اليوم الأول لعام 2019. وأدى الارتفاع المفاجئ في تقييم الشركة إلى ما يقرب من أربعة أضعاف ونصف من أرباح الشركة على مدار السنة الّتي سبقت طرح الشركة في البورصة، وحوالي خمسة أضعاف أرباح أفضل شركة منافسة لها في مجال بيع الملابس بالتجزئة.

ولكن ما الّذي حدث؟ لماذا فشل المستثمرون في الأصل في معرفة مدى قوة شركة ريفولف؟ لماذا لم تستطع شركات التأمين تحديد سعر الاكتتاب العام لشركة ريفولف بدقة؟ في الحقيقة الّذي حدث مع شركة ريفولف ليس مفاجئ أبدًا لأنه حدث شيء مماثل مع شركتي أوبر وليفت. لم يكُ تقييم شركة ريفولف بهذا السعر المرتفع مجرد مصادفة. وإنما نشأ من الأُسس القوية المبنية عليها هذه الشركة، والّتي لم تقدرها شركات التأمين المسؤولة عن تحديد سعر الاكتتاب العام. كانت قوة شركة ريفولف لا تتعلق بالأرباح الّتي حققتها في السنوات المنصرمة بل تكمن قوتها الحقيقية في احتفاظها بعملائها لسنوات طويلة، وهذا يعني أن أرباحها ستكون على المدى الطويل وحتى وإن كانت إيراداتها أقل من تكاليف النمو الخاصة بها.

أما الآن، فلنكمل في تحليل نجاح الاكتتاب العام لشركة ريفولف. في الحقيقة إن نجاح شركة ريفولف يمثل توجها جديدًا نحو منهجية حديثة للاستثمار في أسواق البورصات العالمية والّتي يحركها العملاء. وتدعى هذه المنهجية تقييم الشركات على أساس العملاء. وهذا وجه التشابه بين قصة جيف بيزورس وشركة ريفولف الشركتين ركزتا على نفس النقطة وهي العملاء.

ما هو تقييم الشركات على أساس العملاء؟

انتشر في الآونة الأخيرة طريقة جديدة في تقييم الشركات على أساس العملاء Customer Based Company Valuation (ويشار لها اختصار CBCV) وتُعَد هذه الطريقة نموذجًا جديدًا لتقييم الشركات الّذي يستند إلى دراسة سلوك العملاء الحاليين والمحتملين بالإضافة إلى القوائم المالية والّتي لا غنى عنها في عمليات تقييم الشركات. يتطلب هذا النوع من التقييم وجود قاعدة للعملاء، بالإضافة إلى البيانات الّتي تغذي هذه القاعدة. يتألف النموذج من أربعة نماذج فرعية مترابطة تحكم الطريقة الّتي سيتصرّف بها عميل كلّ شركة، وتتمثل هذه النماذج الفرعية فيما يلي:

  1. نموذج الاستحواذ على عملاء جدد: والّذي يتوقع تدفّق العملاء الجدد.
  2. نموذج الاحتفاظ بالزبائن: الّذي يتوقع المدة الّتي سيبقى العملاء خلالها نشطين.
  3. نموذج الشراء: الّذي يتوقع تواتر تكرار الصفقات بين العميل والشركة.
  4. نموذج حجم سلّة المشتريات: والّذي يتوقع مقدار المال الّذي سيُنفقه العملاء في كلّ عملية شراء.

من خلال جمع هذه النماذج معًا سنفهم السلوكيات الأساسية لكل عميل من عملاء الشركة، وتوقيت الاستحواذ على هؤلاء العملاء، وحجم الأموال الّتي سيُنفقونها مع مرور الوقت، وهكذا دواليك. يعطينا جمع مجمل الإنفاق المتوقع من الزبائن التوقعات المحتملة للإيرادات الربع سنوية والإيرادات السنوية، كما يمكن لهذه النماذج معًا أن تقدّم تقديرات دقيقة عن مصادر الإيرادات المستقبلية أيضًا، وبناء على ذلك يمكن للمرء وضع تقديرات أفضل بكثير للقيمة الحقيقية لشركة ما.

يُعدُّ هذا النموذج البسيط شاملًا بغضّ النظر عن مجال نشاط الشركة، ولكنّ طريقة تحديده بالضبط تتوقف على نموذج عمل الشركة، وبالتحديد ما إذا كانت الشركة تعتمد على الاشتراكات أم لا؛ ففي الشركات المعتمدة على الاشتراكات، مثل نوادي اللياقة البدنية أو شركات الاتصالات، يعلم المدراء عمومًا مقدار المال الّذي سينفقه الزبائن كلّ شهر، وهم قادرون على أن يلاحظوا مباشرة أي تناقص في أعداد الزبائن لأنهم يقومون بإلغاء عقودهم وإقفال حساباتهم فعليًا، وهذا الأمر يبسّط طريقة بناء النموذجين الفرعيين للاحتفاظ والشراء.

في الحقيقة هذه المنهجية في تقييم الشركات يمكن أن تفسر عقلية شائعة وخطيرة في آن واحد وهي "النمو بأي ثمن" والّتي تدفع الشركات إلى الاستمرار في التوسع بالرغم من تحقيق خسارة تشغيلية للشركة ولكن على أمل أن تستفيد الشركة لاحقًا من هذا الانتشار الكبير بين المستهلكين. سنتعمق لاحقًا في طريقة تقييم الشركات بالاعتماد على العملاء ولكن حاليًا وقبل المضي قدمًا لنعود قليلًا إلى الوراء ولنتعرف على مفهوم العام لولاء العملاء Customer Loyalty.

مفهوم ولاء العملاء Customer Loyalty

هنالك العديد من التعاريف الّتي حاولت توضيح ماهية الولاء بطريقة موضوعية أهمها:

اقتباس

 هي الإلتزام الداخلي العميق لإعادة شراء المنتج أو الخدمة بصورة مستمرة في المستقبل من علامة تجارية ما أو مجموعة من العلامات التجارية بالرغم من المؤثرات المحيطية والجهود التسويقية المنافسة الّتي تهدف لتحويل المستهلك لعلامتها التجارية.

ويعرّف أيضًا، بأنه رغبة العميل في الشراء من علامة تجارية معينة مرارًا وتكرارًا وهذا نتيجة لتجربة العملاء الإيجابية ورضا العملاء وقيمة المنتجات أو الخدمات الّتي يتلقاها العميل من الشركة.

ولكن هنا لا بدّ لنا من التوقف قليلًا ولِنتفكر في الأمر وفي هذا الصدد يمكن للسائل أن يسأل:

  • لماذا يجب أن تحافظ الشركات على عملائها حتى بعد شرائهم لمنتجاتها؟
  • ألا يُعَد البحث عن عملاء جدد وتحقيق انتشار أوسع أفضل من زيادة النفقات على عميل اشترى منتج الشركة؟
  • هل هنالك مدة معينة للحفاظ على عملاء الشركة أم أنه يجب على الشركات الاحتفاظ على العملاء للأبد؟
  • أليس من الأفضل على الشركات التركيز على تطوير منتجاتها وزيادة عمليات البيع بدلًا الالتفات إلى هذه التحديثات الجديدة في معاملة العملاء؟
  • ألا يعد السعي وراء راحة العملاء إلى هذه الدرجة هدرًا للسيولة النقدية للشركة وخصيصًا إذا كانت شركة ناشئة؟
  • لماذا نركز على الصيحات الحديثة في الأسواق مثل برامج الولاء مع أنه يمكننا عدم المخاطرة والتركيز على النقاط الأساسية والمعروفة لدى جميع الشركات مثل التسويق وتطوير فريق المبيعات؟
  • ما الّذي رآه جيف بيزوس في عملائه الأمر الّذي جعله يريد أن يحفر خندقًا حولهم؟
  • وأخيرًا هل يجب علينا البدء فورًا ببناء برنامج ولاء العملاء أم من الأفضل الانتظار حتى رؤية تجارب الشركات المنافسة؟
  • ماذا لو نفذّتُ برامج ولاء العملاء وبنيته وصرفت عليه أمولًا ولم ينجح؟

سنحاول في سلسلة المقالات التالية الإجابة على هذه الأسئلة إجابةً تفصيلية لكي لا نظلم أي نقطة من هذه النقاط.

أشار مقال منشور في مجلة هارفارد بزنس ريفيو Harvard Business Review إلى أن تكلفة الحصول على عميل جديد يكون حوالي 5-25% أكثر من تكلفة البيع للعملاء الحاليين، بل إن العملاء الحاليين ينفقون بمعدل 67٪ أكثر من العملاء الجدد. لذلك، ولاء العملاء يؤتي ثماره حقًا! أثناء نظرنا للأرقام السابقة لا بد لنا من التفكير في كيفية الحفاظ على عودة العملاء إلى شركاتنا وعلاماتنا التجارية.

لا شك بأن اكتساب عملاء جدد يكلف أكثر من الاحتفاظ بالعملاء الحاليين، ولذلك فإن فكرة توظيف العملاء المخلصين وتنشيطهم لتوظيف عملاء جدد هي فكرة سديدة بل إن ولاء العملاء يرتبط ارتباطًا وثيقًا مع التسويق الشفوي Word Of Mouth للعلامة التجارية، إذ يبدأ العملاء بالحديث عن ميزات برامج الولاء الّتي تقدمها شركتك لمن حولهم والتوصية بعلامتك التجارية. وتضع كبرى الشركات برنامج كامل للحفاظ على ولاء العملاء باستمرار، ولضمان اختيار العميل لهم دون المنافسين.

إن وضع خطة لبناء ولاء العملاء سيلعب دورًا مهمًا في تعزيز جسور الثقة بين العلامة التجارية والعميل وهذا ما تسعى إليه جميع العلامات التجارية، إلا أن هذا الأمر يحتاج لزمن طويل نسبيًا لكسب عوائد مجدية منه وخصيصًا إذا وازناه مع السعي نحو المبيعات كما أنه يتطلب مجهود عالٍ للحفاظ على رضا الزبائن على المدى الطويل.

فوائد الولاء للعلامة التجارية

إن فوائد مفهوم ولاء العملاء لا يقتصر على المستهلك فحسب وإنما يمتد إلى الشركة والمستثمرين والعلامة التجارية وحتى البيئة التنافسية في البلد الّذي تكون فيه هذه الشركة ومن أهم ثلاثة مستفيدين من ولاء العملاء هم المستهلكون والشركات والمستثمرون.

فوائد الولاء للعلامة التجارية بالنسبة للمستهلكين

يعد المستهلك الهدف الأساسي من فكرة ولاء العملاء وجميع برامج الولاء وجميعها تهدف لزيادة الرفاهية المستهلك وتعزيز ثقته ومعاملته معاملةً احترافية، وعمومًا هذه من أبرز فوائد برامج ولاء العملاء:

1. منتجات مجانية والحصول على العروض الحصرية

في بعض الأحيان يمكن أن يحصل العملاء على منتجات مجانية لقاء انضمامهم إلى برنامج ولاء معين فمثلًا يحصل العملاء المشتركين في برنامج أمازون برايم على إمكانية الوصول إلى أفلام ومسلسلات وبرامج تلفزيونية مجانية من خلال خدمة أمازون برايم فيديو Amazon Prime Video، وذلك بدون دفع أي رسوم إضافية. كما يمكن أيضًا أن تتيح بعض الشركات إمكانية وصول العملاء لمنتجات حصرية مميزة خاصة بهم لأنهم انضموا إلى برامج ولاء الشركة.

2. معاملة احترافية وإمكانية استرداد جزء من الأموال

تتعامل الشركات مع المشتركين ببرامج ولاء العملاء باحترافية عالية كما تقدم لهم خدمات سريعة نظرًا لأن ليسوا عملاء عاديين بل إنهم عملاء مخلصون للعلامة التجارية وللشركة أيضًا الأمر الّذي ينعكس على راحة العميل وحصوله على خدمة مميزة بدون دفع رسوم إضافية. كما يمكن أن تقدم بعض برامج الولاء إمكانية استرداد جزء من المال لقاء وصول المشترك إلى حد معين من الاستهلاك الشهري مثل استرداد 10% من الأموال في حال الشراء بقيمة 2500 دولار أمريكي.

فوائد الولاء للعلامة التجارية بالنسبة للشركات

هنالك العديد من الفوائد الّتي يمكن أن تجنيها الشركات من ولاء العملاء وبل إن برامج ولاء العملاء الاحترافية يمكن أن تنقل الشركات من مرحلة الأولية إلى مرحلة النضج. وعمومًا هذه من أبرز فوائد برامج ولاء العملاء:

1. ارتفاع الإيرادات والمبيعات وزيادة العائد على الاستثمار

تساعد زيادة الاحتفاظ بالعملاء على زيادة الأرباح لمجرد أن العملاء المخلصين يثقون بالفعل في علامتك التجارية وبالتالي من المرجح أن ينفقوا المزيد. وفقًا لمقال هارفارد بزنس ريفيو يمكن أن تؤدي زيادة الاحتفاظ بنسبة 5٪ من عدد العملاء في برامج ولاء العملاء إلى زيادة الإيرادات بنسبة 25% وحتى 95٪. يمكنك تخصيص تجربة التسوق للعميل من خلال تجميع بياناته ودراستها لتقديم اقتراحات أفضل يما يتناسب مع اهتماماته مما سيزيد من احتمالية شراء عملائك لهذه المنتجات المقترحة. يذكر أن معظم المستهلكين المعاصرين يفضلون التجربة الشخصية في التسوق خصيصًا جيل الألفية يمكنك جمع المعلومات من خلال تشجيع عملائك على ملء ملفات التعريف كجزء من برنامج الولاء الخاص بك، كما يمكنك الحصول على البيانات وصفية عامة لتتمكن من إنشاء حملات تسويقية مستهدفة، وزيادة ارتباطك بالعملاء، وحتى تنفيذ برنامج الإحالة الخاص بك.

كما أن برامج الولاء القوية يمكنها زيادة قيمة عمر العميل وعائد الاستثمار ROI، إذ يعكف العديد من المستهلكين بزيادة مبلغ إنفاقهم لزيادة النقاط وللحصول على المكافأة الّتي تقدمها لهم. لذلك من المرجح أن ينفق أعضاء برنامج الولاء الخاص بك أكثر خلال كلّ زيارة إلى متجرك الإلكتروني، الأمر الّذي يمكن أن يؤدي إلى بناء قاعدة عملاء للذين يشترون من المتجر بصورة متكررة وإنشاء تدفق ثابت للزيارات إلى المتجر الإلكتروني مما يخلق تدفقًا ثابتًا للدخل ومع نمو برنامج الولاء الخاص بك، ستزيد الأرقام ويصبح من السهل التنبؤ بها.

2. توفير المال وجذب المزيد من العملاء الجدد

يعد إنشاء برنامج ولاء وتنفيذه هو استثمار طويل الأمد؛ لأن استراتيجيات الاحتفاظ بالعملاء غالبًا ما تكون أقل تكلفة من جذب عملاء جدد. يمكن أن يكون اكتساب عملاء جدد أكثر تكلفة بنسبة 25٪ من الاحتفاظ بالعملاء الحاليين كما وضحنا آنفًا. يمكن لبرنامج المكافآت الجيدة جذب عملاء جدد بعدة طرق منها تقديم نقاط أو خصومات للتسجيل، فستتمكن تلقائيًا من إضافة عملاء جدد إلى قائمتك البريدية لمجرد أن العملاء يريدون الاستفادة من الخصومات. وفي الوقت نفسه، إذا رأى العميل برنامج ولاء جيد ومكافآته في متناول اليد وليست تعقيدية فمن المرجح أن يجرب علامتك التجارية لمجرد أنه يمكن الوصول إلى المكافآت بسهولة، ومن ناحية أخرى يمكن أن يشارك العملاء الراضين عن علامتك التجارية تجاربهم مع الأصدقاء حتى بدون برنامج إحالة. وبالتأكيد من السهل إلى حد ما دمج مكافآت الولاء والإحالة في نظام أساسي متعدد القنوات من أجل زيادة الإحالات وجذب عملاء جدد.

3.تواصل شخصي مع العميل وقياس دقيق للأداء

إن برنامج الولاء الشامل والمخصص سيجعل عملائك يشعرون بأن لديهم علاقة عاطفية مع علامتك التجارية وسيزيد صبر العميل في حالة وقوع حوادث مؤسفة. يمكنك زيادة التقدير من خلال دمج نقاط "المفاجأة والبهجة" أو المكافآت للمناسبات الخاصة مثل عيد ميلاد العميل أو تاريخ اشتراكه في خدمتك …إلخ. كما أن برامج الولاء تمنحك طريقة مباشرة للتواصل مع العملاء، والّتي يمكن أن تكون مفيدة بشكل خاص في حالات الطوارئ مثل استدعاء العميل إلى المتجر الفعلي لمطابقة تواريخ الشراء في حالات معينة.

كما يمكنك الاستفادة من برنامج الولاء الخاص بك للترويج للمبيعات والمناسبات الخاصة وعرض المنتجات الجديدة. كما يمكننا من قياس الولاء من خلال المشاركة إذ تسمح لنا بيانات برنامج الولاء بتتبع التحليلات وعرض التقارير، وقياس مدى فاعلية ولاء العملاء في مبيعاتك، كما يمكنك قياس معدلات الاحتفاظ المهمة مثل مشاركة البرنامج، وتكرار الشراء ..إلخ

4. فرصة كبيرة للنمو

بالرغم من أن بعض برامج الولاء تعمل بصورة مؤتمتة 100% إلا أنه يجب علينا ألا نتقاعس عن تطويره وإدخال العامل البشري بدمج المزيد من الجوانب التسويقية، بما في ذلك التسويق بالإحالة والتسويق الشفوي. فمثلًا إذا احتاجت شركتك إلى صور لعملاء يحملون منتجك الجديد فسيكون عملاؤك الأوفياء هم المصدر الأول الّذي سيمدك بهذه الصور. لأنه من الأفضل دومًا الترويج لعلامتك ولمنتجاتك الجديدة لأشخاص مطلعين على منتجاتك القديمة. كما يمكن لبرامج الولاء أن تكون مؤتمتة 100% من خلال بعض المنتجات البرمجية الّتي تقدمها شركات متخصصة مثل شركة Hubspot.

فوائد الولاء للعلامة التجارية بالنسبة للمستثمرين

إن غالبية أصحاب الشركات ينغمسون في تفاصيل إدارة شركاتهم وزيادة معدلات البيع وتحسين الإيرادات وعندما تنفذ الأموال من بين أيديهم يلجأون إلى المستثمرين أصحاب الأموال ولكن قبل أن يذهبوا إلى هؤلاء المستثمرين هل عرف أصحاب الشركات كيف يفكر أصحاب الأموال؟ في الحقيقة معظم أصحاب الشركات لم يجهزوا شركاتهم لتكون مشجعة للاستثمار ولنتجنب الحديث بالعموميات ولنبسط هذه الفكرة بمثال واقعي.

لنتخيل بأنك مؤسس لشركة ما -بغض النظر عن نشاط الشركة- وحققت هذه الشركة نموًا سريعًا. وتحديدًا حققت الشركة في الأشهر الأربعة الأولى من عملها أرباحًا صافية بلغت 1000 و2500 و4500 و7000 دولار أمريكي على التتالي. ولكن في الشهر الخامس لم يبقى لديك أموالًا كافية لتغطية التكاليف التشغيلية للشركة، وقررت الذهاب إلى المستثمرين لعرض شركتك عليهم والحصول على الأموال من خلال جولة تمويلية أولى. وفعلًا بدأت بمراسلة شركات الاستثمار وعرض فكرتك عليهم ولحسن الحظ ردت عليك إحدى الشركات وأبلغتك بقبول فكرتك وتأهلك للدخول أمام المستثمرين.

جاء اليوم المنشود ودخلت إلى القاعة الّتي يتواجد بها المستثمرين وبدأت بعرض قصة نجاح شركتك وكيف استطعت بناء فريق شغوف وقوي؛ يؤمن بفكرة الشركة ويحبُ ما يعمل، وسردت لهم بأن شركتك استطاعت تحقيق أرباحًا صافيةً في الأشهر الأربعة الأولى وأنك تتوقع بأن شركتك ستحقق 10000 آلاف دولار خلال الشهر الخامس، وهكذا دواليك وأثناء حديثك عن الأموال الّتي ستحققها في الشهر السادس والسابع والسنة التالية والخمس سنوات اللاحقة قاطعك أحد المستثمرين قائلًا: كلامك جميل وشركتك واعدة وحماسك رائع، ولكن ما الّذي يجعلك واثقًا بأن شركتك ستحقق في الشهر الخامس 10000 دولار؟ ومن أين لك بكل هذا التفاؤل حول مستقبل الشركة؟ وما الّذي سيضمنُ تحقيقك لهذا الرقم تحديدًا؟

تنظر في نفسك وتحاول البحث عن إجابة منطقية لأسئلة هذا المستثمر وتفكر في القول له بأنك ستحافظ على وتيرة العمل نفسها وستُضمن له سير العمليات مثل الأشهر السابقة ولكنك سرعان ما تجد أن هذا الكلام ليس ما يريده المستثمر؛ إنه يريد دليلًا دامغًا يدعم توقعاتك ولا يريد المراهنة بأمواله في وعود وأحلام وردية وأشياء لا تقاس. في الحقيقة إذا أراد المستثمرون الاعتماد على الأرقام فقط بدون الدخول في تحليل شخصية صاحب الشركة وربطها مع مجال دراسته مثلما يفعل بعض المستثمرين الملائكيين Angels Investors فلغالبًا لن تحصل شركتك على التمويل الّذي تنتظره، أو يمكن أن تحصل على تمويلٍ جشعٍ بعد تنازلك عن حصة كبيرة في شركتك وهذا -برأيي الشخصي- أسوأ من عدم حصولك على تمويل.

ماذا لو قلت لك بأن هذا السيناريو الحزين لشركتك يمكن أن يتغير 180 درجة إذا أدخلنا متغيرًا واحدًا إلى معادلة الشركة ألا وهو برنامج ولاء العملاء وإليك كيف سيتغير السيناريو.

لنفترض بأن شركتك حققت إيرادات الأشهر الأربعة الأولى 1000 و3000 و6000 و10000 دولار أمريكي على التتالي، ولنفترض بأن شركتك تعتمد على نظام الاشتراكات الشهري، ويدفع المشتركون رسومًا ثابتة قدرها 100 دولار شهريًا مقابل خدمات تقدمها شركتك على مدار الشهر (مثل خدمة الوجبات السريعة اليومية أو الحليب الطازج اليومي …إلخ)، والشركة استطاعت الاستحواذ على العديد من العملاء في الأشهر الأربعة الأولى وكان عددهم 10 و20 و30 و40 عميلًا على التتالي (أي إجمالي 100 عميل). وكان معدل زيادة نمو العملاء خطي وبزيادة 10 عملاء عن الشهر السابق، وكان تكلفة الخدمة الّتي تقدمها للعميل 50 دولار أمريكي و50 دولار صافي أرباح. ولكن أين فكرة ولاء العملاء في الأمر؟ في الحقيقة إحدى مميزات نظام الاشتراكات الشهري أنه يقدم للشركة مقياسًا مهمًا لمعرفة كيفية أداء الشركة وهو "معدل ولاء العملاء" وهو مقياس يعبر عن مدى رضا العميل عن الخدمة المقدمة من الشركة. بعبارة أخرى أي أنه يقيس مدى رغبة العميل في المحافظة على اشتراكه مع الشركة. ولنفترض أنه في شركتك معدل النمو الشهري للعملاء يتضاعف كلّ شهر ومعدل ولاء العملاء تاريخي وبلغ 100% أي أن جميع العملاء الذين اشتركوا مع شركتك ما زالوا حتى الآن مشتركين (فرضنا بأن المعدل 100% لتسهيل الحسابات الرياضية فقط).

تتمثل الخطوة الأولى في التنبؤ بإيرادات الشهر الخامس في معرفة مقدار الإيرادات الّتي ستأتي من العملاء المحتفظ بهم. سيظل 100 عميل الّذين حصلت الشركة عليهم خلال الأشهر الأربعة الأولى، وسيضاف 50 عميل جديد في الشهر الخامس. وبالتالي عائد الشهر الخامس من العملاء المحتفظ بهم هو 15000 دولار أمريكي أما صافي الأرباح سيكون 50 دولار على كلّ عميل أي 50 × 150 = 7500 أما الشهر السادس فسيكون 50 × 210 = 21000 إجمالي الإيرادات أما صافي الأرباح سيكون 10500 وهكذا.

بعد تغيير السيناريو هل تتوقع الآن بأنك ستحصل على تمويل مناسب من المستثمرين؟ في الحقيقة إن احتمالية حصولك على تمويل كبيرة جدًا في هذه الحالة. حتى إن تغيرت الأرقام ونسب الاحتفاظ بالعملاء ما يزال نظام الاشتراك يقدم للمستثمرين معلومات مهمة حول قوة الشركة وأدائها. لذلك في هذا الحال لم تعد أرقام الإيرادات المحققة قادمة من الفراغ أو من المبالغة في التفاؤل حول مستقبل الشركة. بل إنها نابعة من مجموعة من الدوافع السلوكية ففي مثالنا يكون النقاط المهمة الّتي سيسأل عنها أي مستثمر وهي:

  • إجمالي العملاء المكتسبين.
  • ديناميكيات الاحتفاظ بالعملاء.
  • متوسط الإيرادات لكلّ مستخدم.
  • القيمة الإجمالية للعميل.

وغيرها من المقاييس الدقيقة تجعل عملية التنبؤ بالإيرادات أسهل، كما أنها تقوم بمقام دكتور تشخيص يساعد المستثمرين والمديرين أيضًا على فهم مصدر خلق القيمة وما هي الأسئلة الّتي يجب طرحها عندما تكون النتائج غير متوافقة مع التوقعات (سنتعمق أكثر في هذه النقطة في المقالات القادمة).

الخاتمة

استعرضنا في المقال المفاهيم الأولية لولاء العملاء وفهمنا المنطلق الأساسي الكامن والّذي يدفعنا للتفكير بها وهو تقييم الشركات على أساس العملاء، وتعرفنا على فوائد ولاء العملاء بالنسبة للعميل وللشركات وللمستثمرين. سنكمل في المقال القادم أنواع الولاء للعلامة التجارية وكيف يمكننا تصنيف العملاء بحسب كلّ نوع.

اقرأ أيضًا


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...