اذهب إلى المحتوى

هل تخيلت يومًا ما يجري مع العملاء الذين تمكّنوا من إيجاد موقعك وأضافوا بعض المنتجات التي يقدّمها إلى سلة المشتريات، ثم غادروا الموقع؟ هل تخيّلت يومًا ما الذي دفعهم إلى القيام بذلك؟

ببساطة، لقد واجه هؤلاء العملاء خلال عملية الشراء إحدى الخطوات التي لم يستطيعوا أو لم يرغبوا في تجاوزها، ويمكن التعبير عن هذا بأنهم قد مرّوا بـ "نقطة ألم" pain point قادتهم إلى الخروج من الموقع الإلكتروني.

customer-pain-points.png

يشبه الأمر ملاقاة سائق سيارة يقود ببطء شديد وأنت في طريقك إلى العمل، فأنت تسير في طريقك كالمعتاد وأنت متأكد من أن جميع الظروف مثالية وأنّك ستصل إلى مقرّ عملك في وقت قريب، ولكن ما تلبث أن تظهر أمامك شاحنة كبيرة لا تستطيع تجاوزها بسهولة لأنّ مسارات الطريق الأخرى مشغولة تمامًا.

لقد أفسد سائق الشاحنة هذا كل شيء، وأنت مضطر الآن إلى القيادة ببطء شديد وسيؤدي ذلك إلى تأخرّك عن عملك، وما إن تجد مخرجًا حتى تقرّر التوجه إليه لأنّك لا تستطيع تحمّل السير خلف هذه الشاحنة أكثر من ذلك.

هذا ما يجري بالضبط مع العملاء عندما يواجهون نقطة ألم في موقعك الإلكتروني، والأسباب كثيرة، فقد لا يجدون إجابة عن سؤال يدور في أذهانهم، أو أن عملية الدفع في موقعك الإلكتروني معقدة وصعبة، أو أن بعض التفاصيل الخاصّة بمنتجك والتي تعدّ مهمّة جدًّا بالنسبة إلى العملاء غير متوفّرة في الموقع الإلكتروني.

إن تحديد نقاط الألم هو الخطوة الأولى في معالجتها، وستمهّد الطريق حينها أمام العملاء لإتمام عملية الشراء وذلك من خلال تقديم خدمة عملاء استباقية مميزة.

ما هي نقطة الألم

نقطة الألم عبارة عن عائق يقف في طريق إتمام العميل لعملية الشراء.

مثلًا، قد يرغب العميل في استخدام حسابه في PayPal لإتمام عملية التسجيل في خدمة ما، وإن لم يكن هذا الخيار متاحًا فإنّه سيكون سببًا كافيًا لدى البعض لمغادرة الموقع الإلكتروني دون إتمام عملية التسجيل والبحث عن بديل آخر.

هذا العائق يشبه كثيرًا سائق الشاحنة الذي يحول دون وصولك إلى مقر عملك في الوقت المناسب ويجبرك على البحث عن طريق آخر.

واكتشاف نقاط الألم يعني إيجاد المشاكل الحقيقية التي تواجه العميل ورفعها عن طريقه، وللقيام بذلك يجب عليك الاستماع إلى العملاء والتفاعل معهم عندما تواجههم مشكلة معيّنة، وذلك إما بمتابعة تعليقاتهم في موقعك الإلكتروني وفي وسائل التواصل الاجتماعي أو بأن تطرح عليهم أسئلة معينة للتعرف على آرائهم حيال مشكلة ما.

ويمكن الاستفادة من معرفة نقاط الألم في أبحاث السوق، فإيجاد حلّ لمشكلة معينة تواجه الكثير من الأشخاص يعدّ مشروعًا تجاريًا جيدًا.

بالإضافة إلى ذلك يمكن أن تساعد معرفة نقاط الألم في ملء قمع التحويل conversion funnel، حيث سيؤدي ذلك إلى رفع عدد زوار الموقع الإلكتروني الذين سيكملون عملية الشراء ليتحوّلوا إلى عملاء يدفعون الأموال.

اكتشاف نقاط الألم لأغراض أبحاث السوق

يمكن اكتشاف نقاط الألم من خلال متابعة عبارات المستخدمة في عمليات البحث، واصطياد مشاكل العملاء المحتملة من بين هذه العبارات، ويمكنك الاستعانة بأداة مُخطِّط الكلمات الرئيسية من Google أن تراقب عدد المستخدمين الذين يبحثون عن معلومة معينة، وهذه الأداة مجّانية، ولن تكلّفك سوى القليل من الوقت.

google-kewords-planner-pic-001.png

يمكن أن تبدأ عملية البحث باستخدام بعض العبارات العامة وتتابع ما سيقدّمه إليك محرّك البحث من كلمات رئيسية، ومع أنّ النتائج التي ستحصل عليها هي نتائج عامّة إلا أنّها نتائج مفيدة، فعلى سبيل المثال يمكن لوكيل بيع السيارات أن يبحث عن كلمات رئيسية مثل "سيارات مستعملة" أو "قروض ميسرة للسيارات" ومتابعة ما تقترحه الأداة من الكلمات الرئيسية المرتبطة بالموضوع، ويشير عدد عمليات البحث إلى مدى شعبية الكلمة الرئيسية المعنيّة، فكلما كان عدد عمليات البحث أكبر كان السؤال الذي يحتوي على تلك الكلمة أكثر شيوعًا.

يسلك المسوقون بالمحتوى نفس الطريق لإيجاد المواضيع المهمّة التي يرغبون في تغطيتها.

الطريقة الثانية في اكتشاف نقاط الألم تحتاج إلى اتخاذ خطوة إضافية، وهي متابعة التعليقات التي ترد على التدوينات المنشورة في المواقع الإلكترونية المرتبطة بمجال عملك، وذلك لإيجاد المشاكل المحتملة التي تواجه الناس، ويمكنك ملاحظة أنّ كُتّاب هذه التدوينات قد قاموا بالخطوة التي تحدّثنا عنها قبل قليل وهي التحقق من رواج بعض الكلمات الرئيسية.

غالبًا ما يقوم المستخدمون بمشاركة وجهات نظرهم الشخصية والتي تساعدك في اكتشاف الإشكالات التي تواجههم وكيفية تفاعلهم معها، وهذا ما تبحث عنه أنت بالضبط، آراء حقيقية من أشخاص حقيقيين وليس مجرّد مجموعة من النتائج العامّة.

نقاط الألم في وسائل التواصل الاجتماعي

يناقش المستخدمون مشاكلهم ويشاركون الحلول التي توصّلوا إليها في مجموعات متخصّصة أو عبر إطلاق وسم خاصّ في شبكات التواصل الاجتماعي.

يمكنك أن تبدأ البحث في المجموعات التي ترتبط بمجال عملك، فعلى سبيل المثال إن كنت تبيع الأجهزة الكهربائية المنزلية، يمكنك التوجه إلى مجموعات تحسين المنازل أو مجموعات الديكور المنزلي المنتشرة في وسائل التواصل الاجتماعي لتتابع النقاشات الدائرة فيها.

وغالبًا ما يتشارك الناس فيما بينهم ما يزعجهم أو ما يجدون أنّه يمثّل مشكلة في منتج معين. احرص على متابعة النقاشات الدائرة في وسائل التواصل الاجتماعي، فعادة ما تجد تعليقات من عملاء غير مقتنعين أو راضين بالمنتج، ويقدّم إليك هذا نظرة عامة حول المشاكل المحتملة التي تواجه العملاء في مجال عملك، والأمر ينطبق كذلك على الصفحات الخاصّة بمنافسيك.

هناك أيضًا خدمات مثل Quora حيث يطرح الناس الأسئلة لإيجاد الحلول لمشكلة معينة. احرص على متابعة هذه المواقع لأنّها عبارة عن منجم من الأفكار.

الاستماع إلى عملائك لمعرفة نقاط الألم

إن متابعة توجّهات المستخدمين وإجراء بحوث السوق أمر جيد، ولكن ربما يتبادر إلى ذهنك السؤال عن كيفية حلّ مشاكل عملائك أنت على وجه التحديد، فمن المحتمل أن يواجه عملاؤك بعض نقاط الألم ومن المحتمل كذلك أن يكون البعض منهم قد اختار البحث عن طريق آخر.

إن كنت لا ترغب في أن يستمر هذا الوضع، فعليك إذًا أن تعير اهتمامًا كبيرًا إلى ما يخبرك به عملاؤك، مبتدئًا في ذلك من قنوات خدمة العملاء.

وسواء أكنت تستخدم البريد الإلكتروني، أو المحادثات، أو الهاتف أو منصات خدمة العملاء، يجب عليك مراقبة الحالات التي تظهر عبر هذه القنوات، فعندما يبلغ العملاء عن مشكلة معينة وبشكل متواصل، فإنّ ذلك ينذر بوجود نقطة ألم محتملة. على سبيل المثال يمكنك وسم رسائل البريد الإلكتروني التي تتضمن معلومات حول نقطة ألم محتملة، وستتعرف بهذه الطريقة على نطاق نقطة الألم هذه وإن كانت سببًا في مغادرة العملاء لموقعك الإلكتروني. إن كنت تستخدم Gmail يمكنك أن تنقر ببساطة على أيقونة التصنيفات Labels لتصنيف رسائل البريد الإلكتروني بشكل سريع، وهذه الخاصية متوفّرة في معظم منصّات خدمة العملاء كذلك.

gmail-labels-pic-002.png

مقابل كل عميل يخبرك عن وجود مشكلة معينة، يُحتمل أن يكون هناك عميل آخر لم يكلّف نفسه عناء القيام بذلك بل بدأ البحث عن البدائل، لذا يجب أن يكون هذا الأمر في قمّة أولوياتك.

وللحصول على المزيد من ردود الأفعال، يمكنك أن تجري استبيانًا عبر الموقع الإلكتروني أو البريد الإلكتروني، وتستطيع استخدام أداة مجانية مثل نماذج Google لإجراء الاستبيانات البسيطة.

google-forms-pic-003.png

هناك نوعان من الأسئلة التي يمكنك طرحها: الأسئلة المغلقة، والأسئلة المفتوحة.

تقدم الأسئلة المغلقة نتائج وإحصائيات أكثر تنظيمًا من الأسئلة المفتوحة، والسبب في ذلك أن هذه النتائج مبنية على الاختيارات التي تقيّد الإجابة على مثل هذه الأسئلة. وعلى الرغم من أنّها لن تساعد على تعلّم شيء جديد، إلا أنّه يمكنك استخدامها للتعرف على نطاق المشاكل التي تحاول معالجتها، فمثلًا: نصف العملاء يفضّلون وسائل التواصل الاجتماعي كوسيلة للتواصل مع مشروعك التجاري.

أما الأسئلة المفتوحة فتكون أجوبتها مختلفة ومتنوعة، الأمر الذي لا يوفّر معلومات إحصائية حقيقية، ولكن يمكنك تشخيص نقطة ألم جديدة إن قمت بطرح الأسئلة المناسبة.

كما تقدّم الأسئلة المفتوحة نتائج جيدة حتى لو كان عدد الإجابات قليلًا نسبيًا، فعشر إجابات على سؤال مغلق لا تعني الكثير، ولكن عشر إجابات على سؤال مفتوح يمكن أن تقدّم إليك الكثير من المعلومات إن قمت بصياغة الأسئلة بشكل صحيح.

بالإضافة إلى ذلك، يمكنك تجربة طريقة اللماذات الخمسة، والتي تتيح لك اكتشاف السبب الحقيقي وراء نقطة الألم، وذلك بطرح سؤال "لماذا؟" مرة بعد أخرى، وبهذا تصل إلى جذر المشكلة بدل من التعامل معها بشكل سطحي.

معالجة نقاط الألم لدى العملاء

بعد أن تمكّنت من تحديد نقطة الألم لدى عملائك، تبدأ مرحلة تقديم الحلول، فإن كانت المشكلة حديثة، ستحتاج إلى التخلّص منها بشكل كامل عن طريق إجراء بعض التعديلات في موقعك الإلكتروني أو من خلال تقديم بدائل أخرى، كإتاحة الدفع بالبطاقات الائتمانية أو بواسطة الحوالات المصرفية بدلًا من إتاحة الدفع بواسطة PayPal فقط.

قد تحتاج أيضًا إلى إنشاء مقالات قاعدة المعرفة، والتي تقدّم من خلالها إجابات حول نقاط ألم محتملة.

في بعض الأحيان، تظهر المشكلة بشكل مستمر على الرغم من أنّك قد قدّمت الحلول لهذه المشكلة، في مثل هذه الحالات تأكد من سهولة الوصول إلى الحلول التي قدّمتها، إذ لن يتمكن العملاء من استخدام حلّ معين إن لم يكن يعلم بوجوده أو يتطلب الوصول إليه بذل الكثير من الجهد، وبالنظر إلى هذا فإن مراقبة نقاط الألم التي قمت بمعالجتها سابقًا من الأمور المطلوبة على الدوام.

عندما تتمكن من معالجة إحدى نقاط الألم بشكل نسبي وتلاحظ أن نسب التحويل بدأت بالارتفاع، فإن هذا لا يعني عدم وجود مستخدمين يبحثون عن حلول أفضل.

نقاط الألم غير مرغوب بها على الإطلاق، لذا احرص دومًا على التخلّص منها واحرص كذلك على أن لا تعود إلى إزعاج عملائك مرة أخرى.

ترجمة -وبتصرّف- للمقال How to Discover Customer Pain Points لصاحبه Jacob Firuta.

حقوق الصورة البارزة: Designed by Freepik.


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...