اذهب إلى المحتوى

إنّ أصعب ما يواجه رائد الأعمال هو التعامل مع العملاء، فقد يكون عميلك سيّدة لطيفة كبيرة في السنّ تطرح أسئلة مصحوبة بابتسامة الاعتذار، أو ربّما يكون عميلك طالبًا في المدرسة أو الجامعة يبحث عن أرخص العروض، وقد تكون امرأة شابة تحمل في ذراعها طفلها النائم.

ولكن في بعض الأحيان يتحوّل العميل إلى وحش متعطّش لدمائك يتمنى لو يستطيع أكل لحمك وأنت على قيد الحياة.، وتكفيك مكالمة واحدة أو ربّما تعليق واحد أو حتّى كلمة واحدة من عميل فظّ وغليظ لتكدير يومك بأكمله وإطفاء همّتك في إنجاز العمل.

rude-customer.thumb.png.d533f909e5bb1ca2

إليك بعض النصائح التي ستساعدك في تخطّي هذه المأساة، ولكن قبل الشروع في ذلك أودّ التكلم قليلًا حول جملة واحدة أعتقد أنّها تتردّد على مسامعك طوال الوقت.

التقيت خلال الفترة القصيرة التي قضيتها في خدمة العملاء بنماذج مختلفة من العملاء الأفظاظ، فقد كان حظّي السيء لا يجلب إليّ سوى العملاء الغاضبين، لذا كان كل يوم لي في هذا العمل بمثابة العيش في الجحيم، ومع الأسف لم أتلقَ أي مساعدة من مدرائي في العمل لأنّ الاتصالات كانت كثيرة.

ما هي إذًا تلك العبارة التي كنت أسمعها طوال الوقت؟

لا تأخذ هذا على محمل شخصي.

أيها الناس! توقّفوا عن قول هذه العبارة.

إن أخبرني أحدهم أن أدائي في العمل كان مريعًا، فهذا يمسّني شخصيًا، وإن أخبرني أحدهم أنّي لست محترفًا، فهذا يمسّني شخصيًا، وإن قال لي شخص ما بأنّي لم أتدرّب جيّدًا وأني سيّء الأدب، فهذا أيضًا يمسّني شخصيًا.

بل والأنكى من ذلك هو محاولة بعض العملاء التنفيس عن غضبهم على موظّف خدمة العملاء عن الطريق المساس به شخصيًا.

وهذا مؤلم فعلًا، لأنّ ما يعنيه هؤلاء ليس "يا إلهي، الشركة التي تعمل لصالحها لا تتمتع بالمصداقية" بل "أيها الجاهل الأحمق، لماذا تعطيك الشركة راتبًا؟".

كيف يمكن ألا أعتبر هذا الكلام إساءة لي؟

بالعودة إلى موضوعنا الأصلي، فهناك عدة أمور ستساعدك على الخروج ممّا قد يصيبك من أحداث سيّئة بأقل قدر ممكن من الخسائر.

ابق هادئا

قد تتساءل: "الكلام سهل، ولكن كيف يمكنني البقاء هادئًا خلال العاصفة؟".

من الطبيعي أن تشعر بالاستياء والغضب عندما تتعامل مع عميل فظّ، فهذه هي الطبيعة البشرية، ولكن بقاؤك هادئًا لا يعني أن تكون مسالمًا أثناء المعركة، وبإمكانك أن تبدي جميع مشاعرك في تلك اللحظة، ولكن ليس أمام العميل. تذكّر هذه القاعدة المهمّة: لا تُظهر مشاعرك للعملاء.

غالبًا ما يزداد غضب الإنسان عندما يرى المقابل غاضبًا أيضًا، ولهذا السبب فإن التزام الهدوء لا يجعلك تبدو محترفًا وحسب، بل سيكون ذلك لمنفعتك الشخصيّة.

على سبيل المثال لنأخذ هذه القصة من موقع Reddit لأحد العاملين في مطاعم McDonald:

اشترت امرأة وجبة من الوجبات التي يقدمها المطعم، ولكنّها ما لبثت أن بدأت بالصياح على العامل لأنّه لم يقل: (شكرًا) ولم يبتسم لها.

قد ينتهي الأمر بصورة مختلفة تمامًا لو أنّ هذا العامل تحمّل الموقف ولم يجب عليها، ولكن الذي حصل كما يقول العامل:

"سألتها عن الشعور الذي تعتقد بأنه سينتابني عندما أسمع كل هذا الصراخ؟ ولكنّها ازدادت غضبًا فرددت عليها مرة أخرى ولكنّها أصبحت تصرخ أكثر وأكثر".

المغزى من هذه القصة هو أنّك ما دمت لا تريد التعامل مع شخص يستشيط غضبًا، فعليك حينها أن تعطي الطرف المقابل الانطباع بأنّك هادئ ومهذب، وهذا يعني أنّك إن كنت تنشد السلام لا الحرب فعليك أن لا تجادل أبدًا.

قد يكون التزام الهدوء والحياد أمرًا صعبًا بادئ الأمر، ولكنه سيتحوّل إلى جزء من طبيعتك إذا ما التزمت به لبعض الوقت، وأؤكد لك أنه درع حصين سيحميك من فظاظة العملاء.

اعتذر

تقديم الاعتذار أمر مهمّ ولكنه صعب في نفس الوقت، فحينما تعتذر إلى العميل فإنك تقدّم إليه جرعة مهدّئة للغضب الذي يتملّكه، وسيشعر بأنّك متفهّم تمامًا لما يمرّ به في تلك اللحظة، وهذا كفيل بتهدئته قليلًا.

يعتبر Jason Fried و David Hansson في كتابهما "Rework" الاعتذار جيّدًا عندما يكون بالصورة التالية:

"الاعتذار الجيّد هو الذي يتقبّل تحمّل المسؤولية، ويقدّم تفاصيل حقيقية لما قد حدث فعلًا، وما ستفعله لمنع تكرار ذلك في المستقبل".

قد يكون هذا الكلام منطقيًا في حال كنت متأكدًا من أن شركتك هي المسؤولة عن الخطأ الحاصل، ولكن المشكلة تظهر عندما تبدأ بالاعتذار عن خطأ لست مسؤولًا عنه أنت أو شركتك، وسيبدو الأمر وكأنّك تتقبّل الملامة الموجّهة إليك من طرف العميل.

يفضّل أن يكن ردّك في مثل هذه الحالات بأن تقول مثلًا: "أنا آسف جدًّا لأنك تشعر بذلك" أو "أنا آسف لأنّ منتجنا لم يعجبك"، وما تعنيه أنّك لا تعتذر لما حصل مع العميل (لأنّه ليس خطأك) وإنما لما يشعر به تجاهك أو تجاه منتجك.

إبداء التعاطف والتخلّق بأخلاق حسنة قد يحول أسوأ المواقف إلى قصة ذات نهاية سعيدة.

قدم حلا للمشكلة

قد يكون هذا أصعب ما قد تواجهه، خصوصًا إن كنت لا تشعر بالراحة تجاه العميل، ولكنّ عملك في خدمة الزبائن يحتّم عليك مساعدة جميع العملاء دون استثناء وبصرف النظر عن المشاعر التي تكنّها تجاههم.

بالإضافة إلى أن عدم إيجاد الحلول للعميل الفظّ سيدفعه إلى العودة إليك مجدّدًا وقد يكون أكثر غضبًا هذه المرّة، وهذا ما لا ترغب فيه بكل تأكيد.

لذا، استمع إلى العميل وفكّر في تقديم المساعدة إليه، وإن شعرت أنّك غير قادر على تقديم الدعم الكافي فلا تتردّد في الاتصال بمسؤولك في العمل وإطلاعه على التفاصيل.

تذكّر: أنّ سرعة إنهاء النقاش غير المرغوب به يعتمد بشكل مباشر على سرعة حلّك للمشكلة، وستكون قادرًا على الاسترخاء في أسرع وقت ممكن.

تمش قليلا

هذه النصيحة مفيدة بشكل كبير، فالمشي لمدة 20 دقيقة سيرفع من مستوى السعادة لديك، فما إن يبدأ الدماغ بإفراز الإندورفين حتى يبدأ الأخير بحماية جسمك من الإجهاد والتوتر وسيغمرك الشعور بالراحة والسعادة. يبدو هذا الكلام جميلًا من الناحية النظرية، ولكن هل هناك فائدة حقيقية يمكن أن تلمسها على أرض الواقع؟

عندما أحصل على استراحة بعد مكالمة صعبة، أغادر المبنى وأبدأ بالمشي لمسافات طويلة، وأجبر نفسي على التركيز في أيّ شيء عدا العمل وأحاول الاستمتاع بيومي قدر الإمكان، ولأصدقك القول فإن هذا لم يكن سهلًا في البداية، ولكنّي عودت نفسي على تصفية ذهني، ولاحظت سريعًا أنّي عندما أعود إلى العمل مجددًا فإنّي أتمتع بقدر أكبر من الهدوء والنشاط.

جرّب ذلك بنفسك، تظاهر بأنّك لن تعود إلى المكتب وفكّر بخططك المستقبلية، هل فكّرت مثلًا فيما ستفعله في العطلة القادمة؟ هل أعجبتك الحلقة التي شاهدتها مؤخرًا لأحد المسلسلات التي تتابعها؟

أؤكّد لك أنك سترى الجانب المشرق من الحياة عندما تعود إلى عملك مرة أخرى.

لا تسمح لهم بالسيطرة عليك

العمل في قسم الدّعم الفني يعني أنّك قد تقابل العملاء الأفظاظ طوال الوقت، ولا يمكنك تجنّب ذلك، ومع هذا فهناك ما يمكنك فعله لتمنعهم من السيطرة عليك: يجب عليك فهم الأشخاص الذين يحاولون إفساد يومك.

ليس هناك وحوش يظهرون بمظهر البشر، ولا وجود لكائنات شريرة ومريبة، إنهم وبكلّ بساطة بشر مثلك، منهم من هو متعب، ومنهم من قد أصيب بالإحباط أو ليس سعيدًا ويصبّ غضبه على الآخرين.

يجب أن يدفعك هذا إلى عدم الشعور بالاستياء، فالعملاء بشر مثلك وهم ليسوا معصومين من الخطأ. لا تسمح لهم بالسيطرة على عواطفك وتحويل يومك إلى كابوس مرير.

إن سمحت لهم بالتأثير على حياتك، فلن يشعر أحد بالسعادة على الإطلاق، وتأكّد أن العملاء لا يأبهون بك ولا بمشاعرك، وسيكون لذلك أثر سلبيّ على شركتك، والمتضرّر الوحيد من كل ذلك هو أنت، لذا لا تسمح لذلك بالحدوث أبدًا.

على كل حال، فالأمر يتبع طريقة تفكيرك ونظرتك للأمور، وأنا على يقين بأنه إن لم تكن نصائحي قد أعجبتك فإنك ستجد الطرق المناسبة التي ستساعدك على زيادة قدرتك على تحمّل العملاء الأفظاظ، وعندما تسيطر على هذا الأمر سترى أنّ هؤلاء العملاء ليسوا أناسًا سيّئين وإنّما هم أناس واجهتهم بعض المشاكل، وسترى كذلك قدرتك على التعامل مع جميع الحالات بكل سهولة ويسر.

ترجمة -بتصرّف- للمقال How To Deal With a Rude Customer and Remain Sane لصاحبته Justyna Polaczyk.

حقوق الصورة البارزة: Designed by Freepik.


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...