تقود توجهاتٌ عديدةٌ في عالم الأعمال والتقنية إلى زيادة استخدام الشبكات اللاسلكيّة؛ فلم نعد مقيّدين بمكانٍ ثابت، فتسمح الشبكات اللاسلكيّة لنا بحريّة التنقل والوصول إلى شبكاتٍ عامةٍ (public network) للتواصل في أيّ وقتٍ وفي أيّ مكان؛ وكانت ظروف عمل العاملين عن بعد والموظفين المسافرين تجبرهم على استخدام الهواتف العمومية لتَفقُّد إن كانت قد وصلتهم رسائل وللرد على المكالمات القليلة التي كانت تردهم، بينما يتوفَّر الآن البريد الإلكتروني، والبريد الصوتي، والخدمات التي تعتمد على الويب والهواتف الذكية. وستمثِّل محاولة الموازنة بين العمل والحياة الشخصية عاملًا في صالح العمل من المنزل عن بُعد، وبهذا يكون العاملون عن بعد في أماكن جغرافية متباعدة. توجّهٌ آخر هو التعاون (collaboration)، فقد يتواجد الموظفون وأعضاء الفريق في أيّ مكانٍ في العالم في الشركات التي تتكون من شبكةٍ من المكاتب (grid).
أدى ما سبق -من الناحية التقنية- إلى تطوير أجهزة أسرع وأكثر ملائمةً للاتصال إلى الشبكة؛ فلم نعد نرى الحواسيب المحمولة أكثر من الحواسيب المكتبية فحسب، وإنما أصبحنا نرى تطبيقاتٍ هدفها التعاون والتواصل مع بقيّة العالم في الوقت الحقيقي (real-time)؛ وهذا يتضمن المحادثة الفورية، والبريد الإلكتروني ...إلخ. تقود كل تلك التوجهات إلى زيادة استخدام التقنيات اللاسلكيّة وتطويرها.
الفرق بين شبكات WLAN و LAN
عندما نتحدَّث عن خليطٍ من شبكات LAN السلكية وشبكات LAN اللاسلكيّة، فعلينا أن نضع الاختلافات بينهما بعين الاعتبار. فمن المؤكَّد أنَّ استخدام موجات الراديو ستسبب مشاكل لا توجد في الأسلاك، ربما تواجه مشاكل في الاتصال والتغطية (coverage)، وقد يكون اتصالك عرضةً للتداخل (interference) والتشويش (noise). فستقل جودة اتصالك عندما تتواجد قريبًا من مصدر التداخل في الأمواج؛ وقد تفقد الإشارة أثناء تجوالك أو تجدها تضعف عندما تبدِّل بين الخلايا (cells) التي تبثّ الإشارة. ربما تواجه أيضًا مشاكل في الخصوصية ومخاوف أمنيةٍ؛ لأن الموقع الفيزيائي للشبكة ومعداتها لم يعد عقبةً أمام مهاجمي شبكتك.
بكلامٍ تقنيّ؛ سيتصل العملاء لا سلكيًا إلى نقاط الوصول (access points) التي تشبه موزَّع شبكات إيثرنت (hubs) لأنها تُشارِك تراسل البيانات (shared bandwidth) على النقيض من المبدِّلات؛ فعلينا الآن أن نولي اهتمامًا لتصميم البنية التحتية للشبكات وأخذ بعين الاعتبار التنافس على تراسل البيانات ( bandwidth) ...إلخ.
وستختلف في الشبكات اللاسلكية الطبقة الفيزيائية اختلافًا جذريًا، وستختلف طبقة وصل البيانات (data link) أيضًا. وستحاول شبكات WLAN أن تتجنب التصادمات (عبر استعمالها لبروتوكول Carrier sense multiple access with collision avoidance [CSMA/CA]) بدلًا من تحسس التصادمات؛ لذلك ستكون آلية استكشاف الأخطاء وإصلاحها وجودة الخدمة مختلفةً مقارنةً مع شبكات LAN السلكية؛ والسبب بسيطٌ هو أنَّه لا توجد طريقة لتحسس التصادمات في شبكات LAN اللاسلكية؛ فلا تستطيع الأجهزة المُرسِلة أن تستقبل في نفس الوقت، فالاتصال وحيد الاتجاه (half-duplex).
الإطارات الشبكيّة (frames) مختلفةٌ أيضًا، إذ تتنوع تشريعات القوانين الناظمة لتردد الراديو (radio-frequency) وعليك الالتزام بتطبيقها تبعًا لدولتك ومكانك الجغرافي.
النقل عبر ترددات الراديو
آلية عمل الشبكات اللاسلكية هي أنَّ ترددات الراديو (radio frequencies) يتم بثّها في الهواء عبر هوائيات (antennas) تشكِّل موجات راديو (radio waves)؛ وتخضع هذا الموجات إلى تأثيرات محيطها؛ فمثلًا عندما تنتشر تلك الأمواج عبر الأشياء، فربما تمتصها الجدران أو تنعكس من على الأسطح المعدنية؛ وربما تُشتَّت (scattered) عندما تصطدم بسطحٍ غير مستوٍ، فقد تعكس السطوح الخشنة الأمواج إلى اتجاهاتٍ عديدة؛ ولأن هذه العوامل ستؤثِّر على جودة الاتصال، فيجب أن تُدرَس وثوقية (reliability) وتوفر (availability) الاتصال بعد الإطلاع على مكان تشغيل الشبكة قبل أن تصمم شبكتك اللاسلكية؛ فتصميم شبكةٍ لا سلكيةٍ في مكتبٍ عاديٍ فيه حجراتٌ مقطّعةٌ عبر جُدُرٍ رقيقةٍ سيختلف اختلافًا جذريًا عن تصميم الشبكة لطابق التصنيع الذي فيه منشآتٌ في الهواء الطلق حتى لو كان يبدو لك أنَّهما يشغلان نفس الحجم من ناحية مساحة الأرضية؛ وستصبح بعض المفاهيم مثل المدى (range) وقوة الإشارة (signal power) ونسبة «الإشارة-إلى-التشويش» (signal-to-noise) مهمةً الآن.
هنالك بعض القواعد التي تحكم عمل الشبكات اللاسلكية: فمثلًا نقل البيانات بسرعاتٍ عاليةٍ يتطلب مدىً قصيرًا لأن المستلم يجب أن يملك إشارةً قويةً ونسبةً أفضل للإشارة-إلى-التشويش؛ وبتعريف بسيط، إن نسبة «الإشارة-إلى-التشويش» هي نسبة قوة الإشارة إلى قوة التشويش الذي يؤثِّر سلبًا عليها.
يتطلَّب نقل البيانات بمعدِّل مرتفع في مدى قصير تراسلًا شبكيًا أكبر، الذي يمكن تحقيقه باستخدام ترددات عالية أو تعديلاتٍ معقَّدةً على الشبكة؛ فيمكنك زيادة المدى بزيادة قوة الإرسال وهذا يعني زيادة طاقة الهوائي؛ لاحظ أنك لو استعملت الترددات العالية، فسينخفض مدى الإرسال لأن تلك التردادات ستنفى وستكون أكثر عرضةً للامتصاص من ما حولها.
المنظمات التي تعرف WLAN
هنالك نوعان من المنظمات التي تحكم تعريف تقنيات الشبكة اللاسلكية وبنيتها التحتية؛ أولها هي وكالات التنظيم التي تتحكم باستعمال نطاقات ترددات الراديو، فيوجد مثلًا في الولايات المتحدة «لجنة الاتصالات الاتحادية» (Federal Communications Commission) أو FCC، وفي أوروبا «المعهد الأوروبي لمعايير الاتصالات» (European Telecommunication Standard Institute) أو ETSI؛ فيجب أخذ موافقة تلك الوكالات لأجهزة البث أو مجالات الترددات الجديدة. ويوجد غيرها من المنظمات في أماكن أخرى من العالم.
وعلى الجانب الآخر، هنالك هيئات لتنظيم المعايير القياسية مثل «معهد مهندسي الكهرباء والإلكترون» (Institute Of Electrical And Electronic Engineers) اختصارًا IEEE و «الاتحاد الدولي للاتصالات» (International Telecommunication Union) أو ITU. تُعرِّف هيئة IEEE معايير 802.11 لتقنيات الشبكات اللاسلكية. هنالك منظماتٌ أخرى يدفعها سوق العمل والمصنعين التجاريين مثل «Wi-Fi Alliance» التي هي هيئةٌ غير ربحيةٍ توفِّر شهاداتٍ لتكفل بها توافق الأجهزة التي تعتمد على معيار 802.11 من مختلف المصنعين؛ ما تفعله تلك الهيئة أمرٌ مهمٌ جدًا ﻷنها لا تُوفِّر راحةً وطمأنينةً للمنظمات التي تشتري تلك المنتجات فحسب، وإنما تساعد أيضًا في ترويج التوافقية بين منتجات عدِّة مصنعين، هذه المنظمة -تحديدًا- تُحسِّن وتؤثِّر على معايير WLAN تأثيرًا كبيرًا.
معيار ITU-R مع FCC للاتصالات اللاسلكية
ITU هي هيئة عالمية تحاول أن تنظِّم عملية توزيع الطيف الترددي (spectrum) بين مختلف الهيئات التنظيمية في كل منطقة جغرافية أو دولة؛ لكنها لا تستطيع أن تُجبِر الدول على الانصياع إلى توصياتها؛ فهي تأمل أن تستطيع التوفيق بين نشاطات الهيئات التنظيمية.
نطاقات الترددات المُستعمَلة في شبكات LAN اللاسلكية هي النطاقات غير المُسجّلة (unlicensed) عادةً، فهنالك نطاق 900 ميغاهرتز، ونطاق 2.4 غيغاهرتز الذي تعمل فيه المنتجات والتقنيات في معيارَيّ 802.11b و 802.11g؛ ونطاق 5 غيغاهرتز الذي يُستعمَل من 802.11a. ليس من الضروري الحصول على شهادة لتشغيل المعدّات اللاسلكية في نطاقات التردادات غير المسجلة؛ فلا يملك أي شخص أو منطقة الاستخدام الحصري لهذه التردادات؛ فيُستعمَل مثلًا النطاق 2.4 غيغاهرتز من الشبكات المحلية اللاسلكية، ومن أجهزة بث الفيديو (video transmitters) والأجهزة التي تعمل بتقنية بلوتوث، وأفران «المايكرويف»، والهواتف النقالة. إذ أنَّ هذه النطاقات غير المسجَّلة هي أفضل ما يمكن توفيره، لكنها تعاني من التداخلات وانخفاض قوة الإشارة؛ خذ بعين الاعتبار أنك ما زلت تخضع لقوانين دولتك المحلية ونُظُمِها التي تحكم طاقة النقل (transmit power)، وطاقة الهوائي (antenna gain) وهلمّ جرًا.
مقارنة بين معايير IEEE 802.11
أنشَأت IEEE معايير 802.11 لتعريف الطبقة الفيزيائية ومكونات التحكم في وصول الوسائط في طبقة نقل البيانات؛ ظهرت عدِّة نسخ (flavors) بتقنيات مختلفة في طبقة النقل تعمل بمجالات ترددات مختلفة وتملك مستوياتٍ مختلفة من التوافقية؛ فمثلًا، يعمل معيار 802.11B في نطاق 2.4 غيغاهرتز ويستخدم نقلًا للبيانات مبنيٌ على تقنية الطيف المنتشر عبر التسلسل المباشر (Direct Sequence Spread Spectrum) أو اختصارًا DSSS؛ التي تستخدم قناةً واحدةً التي تنشر البيانات عبر جميع الترددات المُعرَّفة من تلك القناة. وهنالك أيضًا تقسيم التردد المتعامد (Orthogonal Frequency Division Multiplexing) أو OFDM الذي يُقسِّم الإشارة إلى عدِّة قنوات في ترددات مختلفة؛ وهو يُستعمَل من 802.11a، بينما يَستعمل 802.11g التقنيتَين اعتمادًا على التراسل الشبكي المطلوب.
|
802.11b |
802.11a |
802.11g |
|
نطاق التردد |
2.4 غيغاهرتز |
5 غيغاهرتز |
2.4 غيغاهرتز |
|
عدد القنوات |
3 |
الحد الأقصى 23 |
3 |
|
النقل |
الطيف المنتشر عبر التسلسل المباشر (DSSS) |
تقسيم التردد المتعامد (OFDM) |
الطيف المنتشر عبر التسلسل المباشر (DSSS) |
تقسيم التردد المتعامد (OFDM) |
معدلات نقل البيانات (Mb/s) |
1، 2، 5.5، 11 |
6، 9، 12، 18، 24، 36، 48، 54 |
1، 2، 5.5، 11 |
6، 9، 12، 18، 24، 36، 48، 54 |
يمكنك ملاحظة معدلات نقل البيانات في أسفل الجدول، ويمكنك أن ترى اختلافات معدلات نقل البيانات في كل معيار لأنها تعتمد على المسافة يبن العميل ونقطة الوصول؛ فكلما ابتعدت عن نقطة الوصول، كلما قلّ معدل تراسل البيانات. لاحظ أن كل نطاق تردد مقسَّم إلى قنوات لكن هيئات التنظيم المحلية مثل FCC تُحدِّد القنوات التي يُسمَح باستعمالها؛ فمثلًا معيار 802.11 يُقسِّم نطاق 2.4 غيغاهرتز إلى 14 قناة، لكن FCC في الولايات المتحدة تسمح باستخدام 11 قناة؛ وهنالك فصل بين القنوات، فمن أصل 11 قناة تسمح FCC باستخدامها، هنالك ثلاث قنوات غير متداخلة (non-overlapping) فقط: 1 و 6 و 11.
أيّ معيار أستخدم؟ الأمر يعتمد كثيرًا على التوافقية؛ فيعمل 802.11g بنفس نطاق تردد 802.11b ولكن يستخدم تقنيات تعديل تردد (modulation) معقدة جدًا لكي يحقق معدلات نقل بيانات أعلى وهنالك توافقية بين g و b. ولم يكن 802.11a مقبولًا بسبب تكاليفه المرتفعة.
شهادات Wi-Fi
كانت التوافقية أحد أهم الدوافع في تنمية شبكات LAN المحليّة؛ فتشهد اتصالات Wi-Fi بالتوافقية بين المنتجات؛ وهذا يتضمن تقنيات IEEE مثل a و b و g، وتعريف المنتجات ثنائية النطاق (dual band)، وتجربتها من ناحية الحماية؛ وهذه الشهادة تمثِّل رسالة طمأنة للمستهلكين أن هنالك منتجاتٌ أخرى يمكن الهجرة إليها أو دمجها مع الشبكة الحالية.
تتضمن الشهادة تقنيات IEEE 802.11 RF الثلاث، وتبني مُسبَق لمسودات IEEE التي تهتم بمواضيع مثل الحماية؛ فعلى سبيل المثال، «Wi-Fi Alliance» تبنَّت مسودة IEEE 802.11i المتعلقة بالحماية، وأنشأت توصية «Wi-Fi Protected Access» المعروفة اختصارًا WPA؛ ثم عدلوها إلى WPA2 بعد إصدار المعيار الأمني النهائي 802.11i.
ترجمة -وبتصرّف- للمقال Exploring Wireless Networking.
أفضل التعليقات
لا توجد أية تعليقات بعد
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.