اذهب إلى المحتوى

نقطة التحول في تصميم تجربة المستخدم


كندة شربجي

نقطة التحول هي ظاهرة افترضها المؤلف وصاحب الكتب الأكثر مبيعًا مالكوم جلادويل، إذ أراد أن يدرس التغيرات في المجتمع، فخلص إلى أن التغيرات الحادة تحدث بصورة سريعة ومفاجئة.

استنتج الكاتب أن الأفكار الجديدة يمكن أن تنتشر بنفس نمط انتشار العدوى الفيروسية في الأمراض الوبائية، أي أن هناك "نقطة تحول" عندما تصل إليها الجهود التسويقية المركّزة والموجهة جيدًا (دون استثمار ضخم) فإنها تنتشر بسرعة من بيئتها وتكتسح السوق دون بذل مجهود إضافي، بسبب تناقلها شفويًا بين الناس وغير ذلك من أشكال الانتشار في المجتمع.

01.png

إنها فكرة مفيدة جدًا لمصممي تجربة المستخدم والمسوقين، فهي تعني أنه يمكن الدخول بقوة والسيطرة على السوق دون الاعتماد على موارد ضخمة مثل الشركات الكبرى، من خلال إيصال المنتجات والخدمات إلى الأشخاص المناسبين في التوقيت المناسب.

نقطة التحول في سياق تجربة المستخدم

02.png

اقتباس

نقطة التحول في تجربة المستخدم هي اللحظة التي لا تضطر المؤسسة بعدها للتنازل عن التميز في تصميم تجربة المستخدم.

  • جيريد سبول.

ماذا يعني ذلك؟ قبل أن تصل الشركات إلى هذه النقطة بفترة طويلة، فإنها تطلق عادةً الكثير من الوعود، لكنها عمليًا تقدم تجارب دون المعايير من أجل إتمام المهمات قبل موعدها النهائي أو لمراعاة الجدول الزمني لطرح المنتج، لذا يتعين على فريق المنتج في هذه المؤسسات أن يعمل على تحسين مخطط العمل تدريجيًا.

يقترح جيريد مسارًا تطوريًا تتبعه معظم الشركات للوصول إلى نقطة التحول في تجربة المستخدم:

العصور المظلمة لتجربة المستخدم

لا تمتلك المؤسسات من الطراز القديم والمبنية على أمجاد الماضي أي مفهوم يتعلق بتجربة المستخدم على الأغلب، ورغم ذلك فهي تكسب المال، لكن هل سيستمر ذلك بشكل مضمون؟ تركز هذه الشركات جهودها على إضافة ميزات والالتزام بالجدول الزمني للتسليم، سواء كان المستخدمون يحتاجون لهذه الميزات ويرغبون بها أم لا.

الإدخال المبدئي لمفهوم تجربة المستخدم

03.png

أخيرًا يستيقظ أحدهم في منصب ما من الشركة ويدرك أن هناك مشكلة، ويحاول لفت انتباه أحد المديرين الرئيسيين، ليتمكن في النهاية من الحصول على إذن بإدخال مفهوم تجربة المستخدم بصورة أولية. تتصف مشاريع تجربة المستخدم في هذه المرحلة بأنها صغيرة ومحددة بوضوح. من السهل تحقيق النجاح على هذا النطاق، فهذا الوضع رغم محدوديته أفضل من عدم وجود أي جهود متعلقة بتجربة المستخدم. مع الأسف فإن هذه الجهود لن تثير اهتمام بقية فريق الإدارة على الأرجح، فالنجاحات التي تحققها محلية وقصيرة الأجل.

البدء بتمويل مشاريع تجربة المستخدم

يحضر المديرون الرئيسيون مؤتمرًا متعلقًا بتجربة المستخدم أو يتحدث أحد الأصدقاء المقربين للرئيس التنفيذي حول ذلك، ليجذب الموضوع اهتمامهم بعد أن أصبحت الكلمة مطروقة على آذانهم. تبدأ الإدارة بعد ذلك بتخصيص تمويل جيد لتجربة المستخدم، وتوظف مستشارين وربما بعض الأعضاء أو الفرق الدائمة. والآن أصبح هناك رصيد مخصص لمشاريع تجربة المستخدم الأوسع نطاقًا، وإذا سارت الأمور على ما يرام، فإن هذه المشاريع تحقق نجاحًا جيدًا وتوفر المزيد من المال. يخرج مفهوم تصميم تجربة المستخدم من نطاقه المحدود ويبدأ بالسيطرة على اهتمام الكثيرين.

نقطة التحول في تجربة المستخدم

إذا حققت تجربة المستخدم نتائج ملموسة بطريقة مستدامة، قد يقرر المديرون التنفيذيون أخيرًا دمجها مع برامج المؤسسة الشاملة، فهذه الخطوة موفرة للتكاليف قياسًا بتوظيف مستشارين لكل مشروع. يستحوذ التصميم على محور منهجية المؤسسة في هذه المرحلة. ومع مرور الوقت، تصل تجربة المستخدم إلى نقطة التحول عندما تصبح المؤسسة ككل غير مستعدة للتنازل عن التصميم المميز من أجل مصالح مؤقتة.

المرحلة الأخيرة - الاندماج الكامل لتجربة المستخدم

04.png

بمجرد الوصول إلى نقطة التحول هذه ضمن المؤسسة، فإن تجربة المستخدم والتصميم يصبحان محور عمل المؤسسة وجزءًا لا يتجزأ منها، إذ يتعاون الأفراد معًا لإنشاء تجارب رائعة للمستخدمين والعملاء والمورّدين والموظفين على حدٍّ سواء. لا يمكن بعد هذه المرحلة قياس تكاليف العمل على تجربة المستخدم بسبب دخولها في تفاصيل جميع الأعمال.

وبالوصول إلى نقطة التحول الداخلية هذه، يزداد احتمال وصول المشروع التجاري إلى نقطة التحول على أرض الواقع، فعندما تصبح تجربة المستخدم طبيعة متأصلة في الشركة، من المرجح أن يرغب الكثير من الناس بالحديث عن منتجاتها وخدماتها.

هل هناك طريق مختصر؟

نعم، يمكن أن تنتقل الشركات الناشئة مباشرةً إلى النقطة الأخيرة من المنحنى دون السير ببطء عبر المراحل، وهو ما تفعله الشركات الناشئة المتميزة، كما هو الحال لدى Buffer وEvernote وغيرها. أنشأت هذه الشركات تجربة مستخدم رائعة، فأصبحت علامتها التجارية معروفة ومحبوبة بين ليلة وضحاها.

لا تحمل الشركات الناشئة ثقل وجود أعراف إدارية سائدة أو ذكريات "الأيام الخوالي عندما كان كل شيء مختلفًا"والتي تتطلب وقتًا لتخطيها، لذا يمكنها الانتقال مباشرةً إلى تقديم تجارب مستخدم رائعة وبناء ثقافة تتجاوز نقطة التحول في تجربة المستخدم بسرعة، مما يعني أن لديها فرصة كبيرة للوصول إلى نقطة التحول على أرض الواقع أيضًا.

هل تصل كل الشركات إلى نقطة التحول في تجربة المستخدم؟

الجواب المختصر: لا، هناك الكثير من الشركات الكبيرة التي تحاول وتفشل باستمرار سعيًا للوصول إليها. على سبيل المثال، تواصل مايكروسوفت تقديم إصدارات ويندوز بسلبياتها وإيجابياتها، حتى ويندوز 10 الذي أُنشِئ على ضوء أبحاث المستخدم خلافًا للإصدارات السابقة لم يكن مثاليًا، لكن لا بد أن تصل مايكروسوفت في النهاية إلى نقطة التحول، ولا سيما إذا صحت المؤشرات حول إصدار Surface Pro الأخير.

ما هي الأمور التي يجب أن تتوفر للوصول إلى نقطة التحول في تجربة المستخدم؟

سؤال رائع! يطرح جيريد سبول الأمور الرئيسية التالية:

النية والعزم لدى المؤسسة

لا يمكن إنشاء تجارب رائعة عن طريق الصدفة، بل يجب أن تملك المؤسسة رؤيةً حول التجربة التي تريد إيصالها، وهذا بدوره يمكّن المؤسسة من إدراك أنها قادرة على التحكم بهذه التجربة بشكل كامل.

صورة واضحة عن التجربة الحالية

إذا لم يكن فريق الإدارة العليا على علم بطبيعة التجربة الحالية، فكيف يُتوقع منهم أن يدعوا إلى إجراء تغييرات إيجابية صحيحة؟ إذا لم يتمكنوا من رؤية الفجوة بين الأهداف المطلوبة والواقع الفعلي فسيفترضون أن كل شيء يسير على ما يرام.

إدراك التأثير

يجب أن يدرك صانعو القرار التأثيرات الإيجابية والسلبية للقرارات التي يتخذونها، وأن يحرصوا على ألا تؤدي قراراتهم إلى تقليل مستوى تجربة المستخدم للشركة. توضَع عادةً خرائط مستمرة لطريق المنتج، ويجب النظر إلى ما وراء المنعطف التالي على خريطة الطريق لجعل تجربة المستخدم فعالةً على المدى الطويل.

توظيف المهارات المناسبة في المكان المناسب

إذا لم يكن فريق العمل ماهرًا بما يكفي لإجراء أبحاث المستخدمين وتوظيف النتائج في إنشاء تجارب رائعة، يتضاءل كثيرًا احتمال الوصول إلى نقطة التحول في تجربة المستخدم، لذا يجب على المؤسسات توظيف كفاءات جيدة لتحقيق ذلك.

الخلاصة

يتطلب الوصول إلى نقطة تحول مع العملاء أن تصل الشركة إلى نقطة تحول داخلية في تجربة المستخدم، وإن الشركات التي تولي أهميةً محورية لتجربة المستخدم والتي تكون غير مستعدة للتنازل عن مميزاتها، تقدم منتجات يسهل اعتمادها والتوصية بها للآخرين.

إذا تمكنت كاتبة غير معروفة مثل جي كي رولينغ أو خدمة غير معروفة مثل فيسبوك من تحقيق الشهرة من خلال الوصول إلى نقطة التحول، فلا شك أن الأمر غير مستحيل، ويمكن لأي شخص أو مشروع أن يحققه ما دام يسعى لإيصال تجربة مستخدم يرغب بها الناس.

ترجمة -وبتصرّف- للمقال The Tipping Point in UX Design.

اقرأ أيضًا


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...