هل قمت مسبقًا بتعبئة نموذج ما على الويب وطُلب منك إدخال نفس البيانات مرّتين؟
هذا ما يسمى بالإدخال المزدوج (double entry) يدعى أيضًا "إعادة الإدخال" (re-entry) أو "التأكيد" (confirm) ، ومن المؤكَّد أنّك قد صادفت هذا الشيء في العديد من المواقع المشهورة مثل Google (يتم طلب إدخال كلمة المرور مرّتين) و Facebook (يتطلب إدخال البريد الإلكتروني مرّتين. أُنظر الشكل 1).
الشّكل 1: نموذج التسجيل لموقع Facebook يتطلب إدخال البريد الإلكتروني مرَّتين.
لماذا يطلب منك إدخال نفس المعلومات مرتين
كل حقل إضافي في النّموذج يعني عملًا وجهدًا إضافيًا على من سيقوم بتعبئة هذا النّموذج، وهذا يعني زيادة محتملة في الأخطاء ونقصًا في معدَّل إكمال النماذج. إذاً لماذا يتم إضافة حقل إضافي يحتوي على معلومات تمت تعبئتها مسبقًا في حقل آخر؟
يهدف الإدخال المزدوج إلى منع الأخطاء
الهدف الرئيسي من الإدخال المزدوج (double entry) هو منع الأخطاء. فعندما يُطلَب من المستخدم إعادة كتابة بريده الإلكتروني أو كلمة المرور فإنّ ذلك يعطينا القُدرة للتّأكد بأنّ معلومات الحقلين متطابقة. أمّا إذا لم تتطابق الحقول، فهذا يعني احتمالية وجود خطإ مطبعي/إملائي (بسبب الإستعجال في الكتابة مثلًا أو عدم الإنتباه). الشّكل 2 يحتوي على لقطة من نموذج التسجيل الخاص بشركة Google وكيف يظهر الخطأ بسبب عدم تطابق الحقلين.
الشّكل 2: نموذج تسجيل Google وكيف يظهر الخطأ في حالة عدم تطابق الحقلين.
(كلمة احتمالية مهمة هنا لأن الخطأ قد يكون في حقل إعادة الإدخال وليس في الحقل الأصلي. وفي هذه الحالة، سيُطلب من المستخدم إعادة إدخال الحقلين معًا).
الإدخال المزدوج يمنع الأخطاء ولكنه يسبب المشاكل أيضا
عند استخدام الإدخال المزدوج في أحد النماذج، فإنّنا نطلب من جميع المستخدمين القيام بجهدٍ إضافي مقابل منع ما قد يكون عددًا صغيرًا من الأخطاء. قبل الشُّروع في بناء نماذج الإدخال المزدوج، يجب عليك أن تحدّد حجم المشكلة الّتي تحاول منعها وأن تُقرِّر فيما إذا كانت تستحق التضحية المحتملة بعدد النماذج التي سيتم إكمالها.
حتى وإن قمت باستخدام الإدخال المزدوج، فالبشر أذكياء وسيقومون بالبحث عن أفضل الوسائل لتقليل العمل المطلوب منهم. ومن أحد السلوكيات الشائعة نسخ البريد الإلكتروني وكلمة المرور من الحقل الرئيسي وإلصاقه في الحقل الآخر، وهذا التصرف بكل تأكيد ينافي الفائدة المرجوَّة من الإدخال المزدوج.
يمكنك أن تبرمج النموذج بحيث يتم منع النسخ واللصق داخل تلك الحقول. ولكن قد يسبب هذا التصرف الإرباك والحيرة لبعض الأشخاص، فقد لا يستطيعون إدارك السبب الكامن وراء توقف اللصق عن العمل. وقد لا يمنع ذلك المستخدمين من نسخ ولصق المعلومات من مصادر أخرى (أحد برامج إدارة كلمة المرور على سبيل المثال).
قد يَستخدم بعض الأشخاص أدوات مبرمجة تقوم بتعبئة النماذج بشكل آلي. وقد تكون هذه الأدوات مبنية في المتصفّح أو على شكل إضافة يتم تحميلها وإضافتها للمتصفّح. لهؤلاء المستخدمين، ستكون النماذج المزدوجة معدومة الفائدة (بالنّسبة لحقل البريد الإلكتروني على الأقل).
قد يجد بعض المستخدمين في الإدخال المزدوج نوعًا من التعالي عليهم أو الإستهانة بهم. فقد يُفهَمُ من وجود الإدخال المزدوج بأنَّ صاحب النّموذج لا يثق بقدرات المستخدم على إكمال النموذج بشكل صحيح. وبالتالي، فقد يُهَدِّدُ الإدخال المزدوج الثقة المبنية بين المستخدم وصاحب النّموذج والتي تعتبر مُهِمَّة في زيادة نسبة التّحويل (conversion) ومعدلات إكمال النّماذج.
لماذا يستخدم الإدخال المزدوج في أغلب الأحيان لعناوين البريد الإلكتروني وكلمات المرور فقط؟
مع وجود كل هذه العيوب، فقد يتساؤل أحدكم عن سبب استخدام الإدخال المزدوج. بكل تأكيد، تعتبر هذه العيوب السبب الرئيسي في نُدرة استخدام الإدخال المزدوج وسببًا لتواجدها في حقول البريد الإلكتروني وكلمة المرور فقط. لمَ هذه الحقول فقط؟ لأنه بالنّسبة للعديد من الأنظمة والخدمات، يُعتبر البريد الإلكتروني وكلمة المرور المفاتيح الرّئيسية التي تمنح المستخدم حق الوصول واستخدام العديد من الخدمات. لذلك، فإن الأثر المترتب على وجود خطأ ما في أحد هذه الحقول سيكون أكبر من الأثر المترتب على اختيار خاطئ لعنوان (title) أو كتابة اسمك بشكل خاطئ.
قد يجادل بعض الأشخاص بأنّ هناك حقولًا لا تقل أهمية عن البريد الإلكتروني وكلمة المرور كرقم البطاقة الإئتمانية مثلًا. مع ذلك، فإن عمليّة التّحقق من صحة رقم بطاقة الإئتمان تتم في أغلب الأحيان عند نقطة الإدخال. علاوة على ذلك، فإن رقم بطاقة الإئتمان لا تعدّ من معلومات الإتّصال، فإذا تمَّ إدخال الرّقم بطريقة خاطئة فيمكننا التواصل مع المستخدم وإعلامه بذلك، أمّا إذا كانت معلومات الإتصال غير صحيحة فسيكون من الصعب تدارك الموقف.
سيقول أولئك الذين يفكرون بطريقة منطقية بأنَّ الإدخال المزدوج سيكون مناسبًا لأرقام الهواتف. وممّا لا شكَّ، أنّه إذا كان رقم الهاتف هو الوسيلة الوحيدة (أو الأساسية) للتواصل مع المستخدم، فسيكون استخدام الإدخال المزدوج أمرًا مناسبًا. وإن كان رقم التّواصل عبارة عن رقم هاتف محمول فيمكننا التّحقق من هويّة المستخدم عن طريق إرسال رسالة نصّيَّة قصيرة تطلب منه القيام بأمرٍ ما لإتمام العملية.
طرق أخرى للتأكد بأن البريد الإلكتروني صحيح
إن الطريقة المذكورة بالأعلى للتحقق من أرقام الهواتف يمكن أن تُستخدم أيضاً للتأكد من البريد الإلكتروني. فبالإضافة إلى التّحقق من صحَّة البريد الإلكتروني، فإنَّه يجب التحقق أيضاً بأنّ المستخدم يمكنه الدخول إلى ذلك البريد واستعماله. ويتم ذلك بإرسال "رابط تفعيل" إلى ذلك البريد، فإذا تم زيارة وفتح الرابط المُرسل (يكون هذا الرابط فريدًا ومتغيرًا لكل مستخدم) فسوف تتم العمليَّة بشكل جيد، وإذا لم يتمَّ زيارة الرابط فإن عملية التسجيل، البيع أو الخدمة لن تتم.
إذا كان عنوان البريد هو اسم المستخدم، فإنَّ طريقة التحقق هذه تعتبر-نوعًا ما- أفضل من الإدخال المزدوج. فبينما يضمن الإدخال المزدوج تطابق البريدين المدخلين في كلا الحقلين، فإنّ عملية المصادقة تضمن بأنّ يكون البريد الإلكتروني صحيحًا ومستعمَلًا.
ومما لا شك فيه، فإن طريقة المصادقة هذه تُبعِد المستخدم عن النموذج وتعتمد بشكلٍ رئيسي على وصول رسالة البريد إلى بريد المستخدم وتفاعله معها. كل هذه الأمور قد تدفع المستخدم إلى ترك الموقع أو الخدمة وبالتالي الفشل. لتقليل الأثر السَّلبي المترتب على عملية المصادقة فإنها يجب أن تكون مصمّمة ومبنيّة بعناية وحذر (يمكنك على سبيل المثال أن تُبلغ المستخدم بما يجب عليه فعله وأن تعطيه الوقت الكافي ليقوم بتفعيل الرَّابط). وإذا كان من اللازم أن يكون البريد الإلكتروني صحيحًا، فإن مزايا عملية المصادقة هذه ستتغلب على عيوبها.
لقد وُجِدَ في دراسة أجراها موقع Smashing Magazine في عام 2008 على أفضل 100 موقع إلكتروني بأن 18% فقط من تلك المواقع تتطلب من المستخدمين الإدخال المزدوج لعناوين بريدهم الإلكتروني مقارنة مع 72% من المواقع تتطلب الإدخال المزدوج لكلمات المرور.
لم يعتبر الإدخال المزدوج لكلمات المرور شائعا أكثر من البريد الإلكتروني؟
هناك العديد من الأسباب التي تكمن وراء وجود عدد أكبر من المواقع التي تتطلب الإدخال المزدوج لكلمة المرور أكثر من المواقع التي تتطلب الإدخال المزدوج للبريد الإلكتروني.
أحد أهمِّ الأسباب -وعلى عكس البريد الإلكتروني- فإنّه عند إدخال كلمات المرور في الحقول المخصَّصة لها (وعلى افتراض أنّه تمَّ تكويد هذه الحقول بشكلٍ صحيح) ، فإنّها تكون مخفيَّة أو "محجوبة" بشكلٍ افتراضي (على شكل نقاط سوداء دائريّة، كما في الشَّكل 3). وتهدف عمليَّة الحجب هذه إلى منع الأشخاص من استراق النظر ورؤية كلمة المرور التي يدخلها المستخدم.
الشكل 3: حجب كلمة المرور. تمَّ كتابة كلمة "testing" في الحقل ولكنها ظهرت على شكل نقاط سوداء.
ولأنّ المستخدم لن يتمكنّ من رؤية الرّموز التي يدخلها، فستكون نسبة حدوث الأخطاء أكبر، وبالتالي وجود حاجة أكبر إلى الإدخال المزدوج.
علاوة على ذلك، فإنّ كلمات المرور في أغلب الأحيان تكون "عشوائية" أكثر من عناوين البريد الإلكتروني. فعناوين البريد تحتوي في الغالب على اسم الشَّخص، اسم الشَّركة، مزود خدمة البريد أو مزود خدمة الانترنت، وكلُّ هذه الأشياء يُمكن تذكُّرها بسهولة. في المقابل، قد تكون كلمات المرور مزيجًا من رموزٍ وأرقام عشوائية (ليس بالضرورة أن يكون هذا أفضل خيار من ناحية أمنيّة، ولكن بشكلٍ عام، فإن كلمات المرور الطويلة والغامضة تكون آمنة أكثر).
بدائل الإدخال المزدوج لكلمات المرور
يُعتبر الإدخال الوحيد/الفرديّ أحد بدائل الإدخال المزدوج. وقد تعمل هذه الطريقة بشكل مناسب إذا ما افترضنا أنّه تم تزويد المستخدم بطريقة سهلة لِتَذكُّر كلمة المرور أو إعادة ضبطها إذا ما نسيها (يُفضَّل إضافة هذه الخاصيّة في جميع الأحوال، فقد ينسى أيّ شخصٍ كلمة المرور خاصته). ومن المثير للإهتمام بأنّ نماذج التسجيل الموجودة في Facebook ،LinkedIn وTwitter تتطلب إدخال كلمة المرور مرّة واحدة فقط.
الشكل 4: لا يوجد إدخال مزدوج في نماذج التسجيل الخاصّة بشركة LinkedIn.
و بديل آخر للإدخال المزدوج هو إعطاء المستخدم القدرة على تعطيل خاصيّة الحجب في حقل كلمة المرور. يُعطي هذا للمستخدم الحريّة الكافية لإظهار كلمة المرور إن كان يشعره ذلك بالرّاحة.
هناك العديد من الطّرق لفعل هذا ولكنّ الطّريقة التي يوصى بها موضّحة بالشّكل 5. حيث يفضّل إضافة زر "Show password" على إضافة مربّع اختيار (checkbox) أو زوج من أزرار الرّاديو (radio buttons) لأنّه يُسهّل عمليَّة إظهار أو حجب كلمة المرور.
الشكل 5: إظهار أو حجب كلمة المرور عند النَّقر على "Show password"
قد يواجه المستخدم صعوبة في تفسير مربّع الاختيار، وقد يكون من الصَّعب مَوضَعَة أزرار الرّاديو وترتيبها بشكلٍ فعّال. فقد تأخذ أزرار الرّاديو حَيِّزًا أكبر من السؤال ذاته إذا ما وضعت فوق بعضها البعض، وإذا وُضعت بجانب بعضها قد تسبب لك المشاكل في استعمال ما يسمى بالمجاورة (proximity) لتوضيح أيّ إجابة ترتبط بأيّ زرّ. إنّه لمن الصّعب أيضًا أن تربط حقل كلمة المرور بمربّع اختيار أو زوجٍ من أزرار الرّاديو مقارنة مع ربطه برزٍّ واحد.
فكر مليا قبل استخدام الإدخال المزدوج
يُعتبر منع الأخطاء في أيّ نموذج من الأمور المحبَّبة، ولكن من المهمّ جدًا أن توجد حاجة ملحّة لاستخدام الإدخال المزدوج وذلك يعود إلى النقاط التالية:
- أنّها تزيد العبء والجهد على كل المستخدمين.
- يمكن تجاوزها عن طريق النّسخ واللصق أو باستخدام أدوات تعبئة النماذج بشكل آلي.
- تضمن فقط أنّ الحقلين متطابقين ولا تضمن احتواء هذه الحقول على معلومات صحيحة.
- يمكن أن تُرى كنوعٍ من الاستخفاف والإستهانة بالآخرين.
إذا كان البريد الإلكتروني أو اسم المستخدم هما الطّريقة الوحيدة للتّواصل مع المستخدم، فيمكنك حينئذ استخدام الإدخال المزدوج. وبطريقة مشابهة، إذا لم تكن ترغب في تمكين المستخدم من إظهار كلمة المرور، فقد يكون الإدخال المزدوج ملائمًا في هذه الحالة.
حتّى في الحالات المذكورة في الأعلى، فإنّ البحث عن بدائل للإدخال المزدوج (مثل المصادقة أو بعض الطرق البسيطة لإعادة الضبط والاسترداد) يستحقُّ النَّظر فيه بِجدِّيَّة.
ترجمة -وبتصرّف- للمقال Double entry of form fields.
أفضل التعليقات
لا توجد أية تعليقات بعد
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.