الكثير من التخصصات
لقد عملت سابقا في العديد من الشركات المختلفة كمصمم منفرد مع العديد من الفئات المختلفة من المصممين. وقبل 5 سنوات، كان الاتجاه السائد هو التخصص في التصميم؛ المصممون البصريون، مصممو تجربة المستخدم، مصممو واجهة الاستخدام، مهندسو المعلومات، ومصممو المنتجات. وأنا متأكد أنّ بعضكم يعرف من الألقاب المبهمة أكثر مما ذكرته. لم أفهم تماما لماذا كل هذا الكم من تخصّصات التصميم. ربما يكون هذا الأمر منطقيا لو كنا نتحدث عن المهندسين بحكم وجود الهياكل والمنصات، فمهندسو iOS يختلفون عن مهندسي Rails رغم أن المبرمج الحذق يُمكنك أن يعبر من لغة برمجية إلى أخرى بكل سهولة ويُسر.
مصدر الصورة: Christian Manzella
إنّ تصنيف الناس حسب التخصصات لا ينفع في شيء ولا يحل أي مشكلة. وعندما تعزل أحدهم فقط لأنّه متخصص في تصميم تجربة المستخدم لا يعني أنّه لا يعرف شيئا عن مهارات التصميم البصري أو تصميم المنتجات. وعلى الأرجح يملك كل مصمم بعض المعلومات عن التخصصات الأخرى، فمصمم واجهة المستخدم يمكن أن يملك خلفية ومهارات مصمم تجربة المستخدم. ويمكنني أن أقول أنّ معظمنا يملك نقاط قوة واهتمامات في مجالات معيّنة، ولا يمكن أن ننمي مهاراتنا كمصممين إذا كنّا نركّز على الأجزاء التي نبرع فيها فقط.
كيف تم تحديد التخصصات
عندما نتحدث من الناحية التنظيمية، من المنطقي تحديد الأدوار في الشركات. ففي العادة تضمن الممارسة القائمة على توظيف العديد من التخصصات في الشركات الكبيرة خلق مزيج جيّد من المصممين والأفكار. والفكرة هي امتلاك تعاون متكامل بين مختلف التخصصات مما يتيح للجميع تبادل الأفكار وتنفيذ المشاريع على نحو أسرع من ذي قبل.
لماذا لا يصلح تصنيف المصممين إلى تخصصات
على الرغم من أنني أؤيد وجهة النظر النّظرية القائلة إنّ العديد من عقول التصميم المختلفة يمكن أن تجتمع معا لخلق شيء عظيم، إلا أنني لم أشهد قط حالة لا ينهار فيها هذا التنظيم عمليًا. والمشكلة هي في الحواجز التي تخلقها. من هو المسؤول وعن ماذا؟ لماذا تكون الكلمة الأخيرة للمصممين البصريين حول الأمور المتعلّقة بالجماليات أكثر من غيرهم؟ من الواضح أنّ هذا الأمر يمكن معالجته بالفريق المتكامل والقيادة المناسبة، لكنني نادرا ما أرى ذلك يحدث في الواقع.
يبدو المصممون البصريون وكأنّهم حماة "العلامة التجارية" الأسطورية، بينما مصممو تجربة المستخدم هم حماة التجربة ولا يرغبون في تشويشها بالعناصر البصرية الرديئة. ولذلك أعتقد أنّ التصنيف إلى تخصصات خلق المزيد من المشاكل أكثر مما عالج.
المشكلة الأخرى هي أنّ تعليمات المشروع تصبح هلامية وغير واضحة المعالم. من هو المسؤول عن ماذا؟ كيف نجدول المشروع بحيث يتدفق العمل بصورة مثالية من الإطارات الشبكية wireframes إلى التصميم البصري في حين يلتزم العديد من الناس بإنهاء ما بأيديهم من أعمال؟ حسب تجربتي، الأمر يصبح أكثر صعوبة بإشراك العديد من الناس.
ولادة مصطلح "مصمم المنتجات"
لقد نشأ مصطلح "مصمم المنتجات" في عالم الشركات الناشئة في وادي السيليكون. والفكرة وراء هذا اللقب كانت أن يصبح دورا شاملا وملما بجميع التخصصات. يُفترض بمصمم المنتج أن يكون خبيرًا بجميع تخصصات التصميم، وفي نفس الوقت يكون خبيرًا بالمنتج أيضًا.
في هذه الحالة، أصبح بإمكان مصمم واحد أو أكثر من مصممي المنتجات السيطرة على كامل التجربة الرقمية من البداية وحتى النهاية، دون الحاجة إلى تسليم أعمالهم إلى مصممين آخرين.
إنّ إشراك العديد من مصممي المنتجات للعمل على نفس المُنتج لا يضمن طرح العديد من الأفكار فحسب، وإنّما يُوفّر عدّة مهارات لأشخاص من مستويات مُتقاربة وُمتكاملة تسمح بخلق تجربة رائعة. كما سيتعزز الشعور بالثقة عند إزالة الحواجز والمشاكل المُتعلقة بالملكية (من المسؤول عن ماذا)، ولن يقلق أحدهم بعد ذلك من التقليل من شأن عمله، لكن سيكون التركيز أكثر على أفضل الأفكار المطروحة.
مع ذلك، ليس من المثالي استخدام "المنتج" كوصف للمصمم (أي نقول "مصمم منتجات")، فهذا يوحي بأنّه يُعنى بكيفية عمل الشيء وأدائه أكثر من مظهره، بينما يجب أن يشمل التصميم كل ما يتعلّق بالتجربة التي تخلقها: كيف يعمل المنتج، كيف يبدو، لماذا قمت ببنائه، وما هي المشاكل التي يحلها أو الأهداف التي يحققها.
مصدر الصورة: Boston Interactive
لماذا يجب ألا تتخصص
لقد طُرح علي هذا السّؤال العديد من المرات من قبل طلاب الجامعات حول التخصصات، وعلى وجه التحديد كيف أختار ما أريد العمل عليه. ودائما ما أخبرهم أنّه كلما كانت مهاراتهم عامة أكثر، سيصبحون في وضع أفضل وستتاح لهم فرص أكثر. وهذا يعني امتلاك المعرفة بجميع الفنون التصميمية التي تجعلك مصمما عظيما، وليس التميّز في تخصص واحد، وامتلاك خبرة متوسطة في التخصصات الأخرى. وبذلك ستصبح مطلوبا أكثر من قبل أصحاب العمل، وكذلك من طرف الزملاء.
ماذا بعد الآن؟
لا تهتم أفضل الشركات التي عملت لديها بمفهوم الملكية آنف الذّكر. ربما يشعر أحدهم بالغضب والانزعاج إذا قام زميل برتبة أقل بالتعديل على تصميمه، لكن في الواقع، ليست هذه هي الكيفية التي تعمل بها الفرق العظيمة.
وفي نهاية المطاف، هذا هو ما يعرّف التصميم. التصميم يعني معرفة أفضل طريقة يمكن أن ينفّذ فيها أحدهم شيئا على موقعك، سواء كان تطبيقا أو صفحة تسويقية. وهذا لا يمكن حلّه بواسطة مصمم يعمل على جانب واحد فقط من المشروع، كما يجب ألّا يُحل بواسطة العديد من الأطراف مما يغيّر العمل الأصلي. وبذلك عندما نقوم بتقسيم التصميم إلى تخصصات مختلفة، فإننا بذلك نلحق الضرر بصناعتنا من خلال خلق تجارب مفككة في أغلب الأحيان.
لنعد إلى لقبنا العام، "مصممون"، ولنعمل على ما نحن شغوفون به ونبني تجربة رائعة.
ترجمة -وبتصرّف- للمقال The Versatile Designer لصاحبه: Ryan Scherf.
أفضل التعليقات
لا توجد أية تعليقات بعد
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.