البحث في الموقع
المحتوى عن 'confirmation bias'.
-
كنا قد فصّلنا في الجزء الأول كيف أن انحياز التوكيد يمكن أن يضر بتسويقك، وسأريك الآن ثلاثة مخاطر شائعة كأمثلة لهذا الضرر، ثم أقدم لك نصائح لتجنّب الوقوع فيها. التسويق لجمهور وهمي إذا رغبنا نحن المسوّقين بالتأثير على الناس وتوجيه قراراتهم الشرائية، فيجب أن نعرف أولًا من هم حقًا، وكيف يرون العالم من حولهم، أما إن أخطأنا في تلك العملية فستدفعنا انحيازاتنا الشخصية إلى التسويق لجمهور وهمي صنعته فرضياتنا وتصوراتنا. وهذه النظرة المحدودة تصعِّب علينا فهم سلوك غيرنا، خاصة حين ينحرف ذلك السلوك عما توقعناه. وذلك يقود عادة إلى تسويق عام يُخفق في تحقيق أي أثر على الجمهور، أو فقر في التعاطف وميل إلى لوم المستخدم بدلًا من سؤال أنفسنا عن الطريقة التي يمكن أن نحسّن بها تجربة المستخدم. إليك مثالًا أسوقه لبيان قصدي: كنت أعمل لصالح عميل يبيع منتجًا رقميًا معقدًا وغالي الثمن، وقائم على أسلوب الاشتراك فيه، ولم يكن في موقعه سوى صفحات قليلة للمنتج تتكون من صورة وبضع فقرات ترويجية، وكان السبب وراء ذلك الفعل هو افتراض أن الناس لا تقرأ على الإنترنت، ومن ثمّ يجب لا أن نزعجهم بمعلومات مفصّلة. وحين بدأنا بإجراء استبيانات للعملاء، وجدنا أن لديهم أسئلة كثيرة لم يكن موقع المنتج يتحدث عنها أو يذكر شيئًا حولها، من كيفية عمل أسلوب الاشتراك إلى وجود رسوم خفية لتثبيت المنتج. بنينا صفحات جديدة للمنتج بناءً على تلك المعلومات الجديدة تعرّضت لكل الأسئلة والتخوفات الممكنة، بافتراض أنه كلما فهم العميل المحتمل المنتج على نحو أفضل، كانت فرصة تحوله إلى عميل حقيقي أكبر. وكانت الصفحات الجديدة كثيفة بمعلوماتها مقارنة بالصفحات الأصلية التي أثارت قلق العملاء، وعلى الرغم من تلك المعلومات الكثيرة، فقد أتت زيادات في الأرباح من خمسة أرقام في أول أسبوعين من اختبار الصفحات الجديدة. لقد فرح العميل لا ريب، لكن الأهم أنه صار ينظر بعين جديدة إلى استخراج معلومات حقيقية من العملاء، بدلًا من الافتراض والتخيل. كيف تتجنب التسويق إلى جمهور وهمي تقبل حقيقة أنك قد تكون مخطئًا إذا كنت تفترض دومًا أنك على حق، فلن تتحفز لمعرفة معلومات جديدة، ما الفائدة إن كنت قد قررت مسبقًا أنك على حق؟ لكن من ناحية أخرى، فإن كانت النقطة التي تبدأ منها هي أنك قد تكون مخطئًا، فستتقبل المعلومات الجديدة والتفسيرات البديلة بشكل أفضل، وإن كان هدفك هو اكتشاف الحقيقة فمن المهم أن يكون عقلك متفتحًا. وعلى الصعيد العملي، فإن ذلك يعني أن تنظر لأفكارك الخاصة بنقد صِحِّي ومحايد، وتُبقي عقلك متقبلًا للافتراضات البديلة، وابحث عن الدليل بغض النظر عن موافقته أو معارضته لاستنتاجاتك، وهكذا يمكنك أن تتأكد من افتراضاتك وتتحقق من كونك محقًا في شأن بذل وقت ومال من أجل هدف بعينه أم لا. احصل على معلومات من جمهورك المستهدف مباشرة اعلم أنك قد تهدر أوقاتًا ثمينة وأنت تجلس في غرفة مع فريق التسويق لديك تتخيلون ماذا يريد جمهوركم المستهدف، رغم أن أفضل طريقة حقيقية لتقييم أفكارك وإثبات افتراضاتك هي بالحصول على البيانات مباشرة من جمهورك المستهدف ذاك. لهذا فأنا أفضّل معرفة ما لدى المستخدم في أقرب فرصة ممكنة، وأختار الطريقة والأداة التي تساعدني على ذلك حسب الحالة التي بين يدي، وتتنوع تلك الأدوات والطرق بين الآتي: تحليلات الويب أسئلة التغذية الراجعة المقابلات مع العملاء الاستبيانات خرائط النقر/التمرير تسجيل الجلسات (للمستخدمين المحتملين) تحليلات الاستمارات وبصفتي المسؤول عن تهيئة التحويلات في Unbounce، فإنني أنفق 60% من وقتي أجري على أبحاث لفهم الجمهور المستهدف على نحو أفضل، وكيف يستقبلون المنتج، إذ أنّ إجاباتهم أهم عندي من إحساسي وحدسي الشخصي. لن تتخيل كم امتلأت مسيرتي المهنية بلحظات ألهمتني فيها إجابات المستخدمين وإفاداتهم التي حصلت عليها بالأبحاث التي نجريها على المشاريع، سيما تلك المقابلات مع العملاء، والتي قادتنا إلى اكتشافات عميقة سلطت الضوء على حقيقة أني أخطأت تمامًا في الحكم على الجمهور المستهدف وما يهمه. كذلك فإن قابلية الاستخدام أيضًا لها أثر كبير على نتائجك وقراراتك، حين ترى المستخدم يعاني أثناء شق طريقه في استمارة كان يجب أن تنتهي في لحظات، وأنت ترى بنفسك أن المستخدم ليس “غبيًا”. واختبار قابلية الاستخدام حل نافع جدًا مع العميل المكابر العنيد الذي لا يستطيع أن يرى قيمة الاستثمار في البحث لمعرفة ما يريد جمهوره، أره بعض اختبارات الاستخدام التي تظهر الحيْرة التي يعانيها العملاء، وسترى بنفسك أن أكثر العملاء عنادًا سيبدي اهتمامًا بتطوير منتجه، وبالتالي ستكون مهمتك أيسر كمصمم تجربة استخدام أو مسوِّق. تجاهُل الدليل الذي يتحدى افتراضاتك يشكّل انحياز التوكيد خطرًا حقيقيًا لجودة بياناتك كما ترى مما أسلفت في المقال، ولا بد أن تسيطر على نفسك كي لا تُخدَع ببحثك الخاص، أنا أحب المسار الذي في الصورة بالأسفل لأنه يوضح خطرًا قد يودي بكل العمل الذي يقوم به الباحث. لقد عملت مع علماء مخلصين حاصلين على شهادات دكتوراه، لكنهم نسوا مبادئ العملية العلمية تمامًا لأنهم تحمسوا لنتائج البحث التي أكدت فرضياتهم. وإني أعرف من واقع خبرتي الشخصية أن البيانات قد لا تكون مثيرة حين تخبرك بعكس ما كنت تتوقع. ولأن وظائفنا تتطلب منا إخراج نتائج، فمن المغري أن نتلاعب بالبيانات من أجل أن نصعد إلى القمة، وإن بحثت بجد فستجد ارتباطات في بياناتك ليس لها علاقة بالعالم الحقيقي. إليك مثالًا من tylervigen.com كدليل على التقارب بين بيانات لا علاقة لها ببعضها، فإن هذا المخطط يظهر ارتباطات قريبة للغاية 99.26% بين معدل الطلاق في ماين Miane واستهلاك الفرد للزبدة النباتية من 2000 حتى 2009. وبناءً على تلك البيانات نستنتج أن الابتعاد عن الزبدة النباتية ضروري لحياة زوجية طويلة وسعيدة! (على الأقل إن كنت تعيش في ماين). توضح هذه الأمثلة مدى أهمية أن تلتزم بسعيك وراء الحقيقة وتكون شجاعًا كفاية للاعتراف أنك كنت مخطئًا تمامًا. ذلك أن الآثار بعيدة المدى من جمع بيانات منحازة قد يكون كارثيًا، إذ أنه يزيحنا بعيدًا عن الواقع، وكلما ابتعدنا عن الواقع قل تأثير جهدنا التسويقي على الجمهور المستهدف. كيف تتجنب تجاهُل الدليل الذي يتحدى افتراضاتك انظر لبياناتك بجرعة مناسبة من النقد من السهل أن تنتقد البيانات التي يقدمها غيرك، على عكس لو كنت أنت صاحب تلك البيانات، ومن المهم أن تتعود على التحقق من استنتاجاتك، وقد يكون ذلك بأن تطرح على نفسك أسئلة مثل هذه: هل استخدمت طرقًا بحثية مناسبة؟ هل كان منظوري لتحليل البيانات مناسبًا؟ هل سمحت بانحيازي الشخصي بالتدخل أثناء الدراسة؟ (كطرح أسئلة تقود إلى إجابة بعينها)؟ هل كانت عيّنتي ممثلة لشريحة السوق التي أريد دراستها؟ هل كانت عيّنتي كبيرة كفاية لتكون ذات فائدة؟ درّب عقلك على إيجاد الخلل في نظرياتك، وهاجم ذلك الخلل حيثما تجده، بدلًا من إزاحته تحت البساط. قد يكون الأمر مرهِقًا، لكن ثق بي حين أقول لك إن هذا مفيد لك على المدى الطويل، فالهدف ليس إثبات أنك كنت محقًا، بل أن تتعلم شيئًا وتحصل على معلومات. ابحث عن آثار لانحياز التوكيد في بحثك وبياناتك قد يصعب عليك إيجاد آثار على انحياز التوكيد ما لم تبحث بعمق عن تلك الآثار، وتشمل هذه الآثار ما يلي: تفضيل بيانات بعينها وغض الطرف عن بيانات لأنها تخدم أهدافك الخاصة أفضل من الحقيقة. التلاعب بالنتائج من أجل دعم ما كنت تريد إثباته. خذ خطوة إلى الوراء بين حين وآخر وألق نظرة على ما تفعله، فمن الضروري أن تكون لديك الشجاعة الكافية للاعتراف أن ما تفعله خاطئ تمامًا، وإلا فإنك تهيئ نفسك للدفاع عن أفكارك المسبقة بدلًا من محاولة إثباتها. تعميم الملاحظات أحد الأخطاء الأخرى الشائعة نتيجة لإطلاق الأحكام بسبب انحياز التوكيد هو المبالغة في نتائج البحث وضم شريحة أكبر من العينة الحقيقية تحت تلك النتائج، والمشكلة أن انحياز التوكيد مضلل قليلًا ويخدعك أن ملاحظاتك أكثر فائدة مما هي عليه. إن أشهر مثال على ذلك هو اختبار لون الزر الذي أثبت كفاءته من قبل، فاكتشاف أن لونًا بعينه يصلح لصفحة هبوط لا يعني أبدًا أنه سيصلح لصفحة هبوط أخرى. فزرّ أخضر لا يصلح على صفحة كل ما فيها أخضر، ومن المناسب في هذه الحالة استخدام زر أحمر أو برتقالي من أجل تباين الألوان. قد يبدو هذا بديهيًا حين تنظر إليه بعقلانية، لكني لا زلت أقابل أناسًا يقولون “يجب ألا يكون الزر أحمر، فالكل يعرف أن الأخضر أفضل دائمًا!”، إن مثل ذلك التعميم مريح للغاية، فهم يبسّطون العالم ويقللون الحاجة إلى التحليل والتفكير النقدي، لكن للأسف فإنهم يخفون الحقيقة أيضًا. كيف تتجنب تعميم الملاحظات على مجموعة كبيرة بشكل غير منطقي سل نفسك “كم عدد الأمثلة التي لدي حقًا”؟ إن كان لديك مثال او اثنان من حالة ما فهذا لا يعني أن تطبق هذه الأمثلة على حالة جديدة، يجب أن تكون قادرًا على إعادة إحداث هذه الأمثلة مرة بعد مرة قبل أن تتخذها “قاعدة”. إذا حصلت على نتائج جيدة من إرسال بريد من سطر واحد مع عرض بسيط لكنه مرغوب بشدة، فهذا لا يعني أنك سترى نفس النتائج مع عرض غير معروف ودقيق وباهظ التكلفة (تمامًا كما أن خوض تجربة سيئة أو اثنتين مع شخص من ثقافة بعينها لا يعني أن كل من يأتي من تلك الثقافة سيكون سيئًا أيضًا). الحل هنا بسيط للغاية، لكنه يتطلب كثيرًا من الالتزام والتدريب لجعله جزءًا طبيعيًا من عملية صنع قرارك، لذا تحقق دومًا من نتائجك ولا تقفز لاستنتاجات مبنية على أدلة محدودة وفقيرة، وسيطر على نفسك بالبحث عن أمثلة أكثر عن الشيء الذي تراقبه وتسجل ملاحظات عليه. تعلم الإحصائيات هناك حل آخر – ولو كان مستهلكًا للوقت - وهو تعلم الإحصائيات من القاع للقمة، فتلك الإحصائيات موجودة لتتحقّق عن طريقها من الواقع، إذ أنها تزودنا ببعض القواعد النافعة التي تضمن أن نتائجك صالحة ولم تنتج عبثًا أو صُدفة. بل إنك في كل مرة تنظر إلى أي بيانات سترى الإحصائيات موجودة بشكل أو بآخر، وإن لم تكن على خبرة وعلم بها، فمن الصعب أن تفحص البيانات التي تعرض عليك من أداة أو برنامج أو زميل لك. خاتمة تقوم عقولنا ذاتيًّا بالكثير من الأعمال، ورغم أنه من المريح أن نحسب أننا نتحكم في أمرنا، غير أن الحقيقة هي أننا نتخذ الكثير من القرارات دون فهم كامل للعملية التي أدت إليها. سيساعدك تعلُّم كيف يعمل عقلك والأشياء التي تؤثر على قرارك على التفكير بوضوح والوصول إلى قرارات أفضل، والأهم من هذا أنه سيساعدك على فهم نفسك والناس من حولك بطريقة أفضل عبر مهارات مهمة تطور نتائجك التسويقية وحياتك عموما. ترجمة –بتصرف- لمقال Your Brain is Lying to You — Become a Better Marketer by Overcoming Confirmation Bias لصاحبه Michel Aagaard. حقوق الصورة البارزة محفوظة لـ Freepik
-
- 2
-
- تعميم
- انحياز توكيدي
-
(و 1 أكثر)
موسوم في:
-
أريد أن أسألك سؤالًا شخصيًا وأريدك أن تصدقني في إجابته: هل رفضت يومًا أو تجاهلت معلومات لأنها شكلت تهديدًا لنظرتك إلى العالم؟ يعني ربما رأيت عنوان مقالة تخالف رؤيتك السياسية فقلت لنفسك “لن أتعب نفسي بقراءة هذه المقالة”، أو ربما أسقطت بعض البيانات غير المثيرة للاهتمام في تقرير حملتك كي تبدو أفضل مما هي عليه؟ إن كانت إجابتك بنعم، فاعلم أنك مثل باقي البشر على كوكب الأرض، بل في الحقيقة فإن تفضيل المعلومات التي تتوافق مع نظرتك للعالم هو أمر شائع جدًا بين البشر، وفقًا لنتائج آخر أربعين عامًا من البحث الإدراكي (Cognitive Research). هذا “المرشِّح” يخدم هدفًا عمليًا، فهو يساعدنا على الحفاظ على الطاقة الإدراكية Cognitive Energy ويساعدنا على المضي بحياتنا بقناعات مستقرة. تخيل صعوبة الأمر لو كنا نسمح لكل معلومة نقابلها أن تغير في طريقنا! لكن للأسف، فإن انحيازنا إلى المعلومات التي تؤكد ما نعتقده يقودنا غالبًا إلى أخطاء في الأحكام التي نطلقها وأخطاء مكلّفة في التسويق، وفي الحياة عموما. وقد نكتشف أننا نسوّق لجمهور تخيلي وهمي صنعته انحيازاتنا وافتراضاتنا، دون أن نشعر بذلك، وتكون النتيجة تسويق يبوء بفشل سريع في تحقيق أي تأثير حقيقي على الجمهور. أيها المسوّق، قابل ألد أعدائك! يطلق علماء النفس اسم انحياز التوكيد “Confirmation Bias” على ميلنا لترشيح وتفسير المعلومات بطرق تؤكد معتقداتنا، أو الانحياز الشخصي في تسمية أخرى، ورغم أنه غير متعمد على الإطلاق، إلا أنه يحدّ من قدرتنا على التحليل الموضوعي. تذكر موسوعة بريطانيكا Encyclopedia Britannica أن “الناس في الدراسات التي فحصت الانحياز الشخصي أو انحياز التوكيد، كانوا قادرين على توليد وتذكّر أسباب تدعم وجهة نظرهم في مسألة نقاشية أكثر من تذكّر أسباب مشابهة للطرف المقابل. ولم يستطع المشاركون أن يقدموا دفاعات ضد قناعاتهم الخاصة إلا حين سألهم الباحث مباشرة أن يفعلوا ذلك”. دعنا نأخذ الانتخابات الرئاسية الأميريكية في 2016 كمثال على انحياز التوكيد، فكلا المرشحيْن قد فعلا أشياء أثارت تساؤلات عن مدى مناسبتهم لمنصب رئيس الولايات المتحدة الأميريكية. لكن أغلب مؤيدي ترامب كانوا مهتمين بتأكيد أنه أفضل من هيلاري كلينتون، بينما اهتم مؤيدو كلينتون بتأكيد أنها كانت أفضل من ترامب. وكان المؤيدون من كل جانب على استعداد أن يتغاضوا عن بعض الأخطاء الكبيرة في مرشحهم المفضّل بينما يوجهون أصابع اللوم إلى مؤيدي المرشح الآخر متهمين إياهم بتغاضيهم عن أخطاء مرشحهم. إن تناقضات الأخبار المزيفة Fake news الحالية هي مثال جيد آخر على انحياز التوكيد، فكل شخص (بما فيهم السياسيون والصحفيون) لديهم مصلحة في نزاهة الصحافة وأمانة تغطية الأحداث الجارية، لكن بالرغم من هذا فنحن يسيطر علينا تأكيد شبهة أن الطرف الآخر يلعب بالأخبار الكاذبة، بدلًا من التحقق فعلًا من الأخبار الكاذبة عموما. قد يقودنا انحياز التوكيد أيضًا إلى الاختباء في ملاجئ بعيدة عن كل ما يتحدى عقائدنا وآراءنا، ملاجئ مثل فيس بوك مثلًا حيث يمكنك ترشيح الأخبار التي تراها كي ترى ما يوافقك فقط، فإن رأيت شيئًا لا يعجبك من شخص ما فإنك تلغي صداقته ببساطة، وهكذا حتى تبني فقاعة انحيازك الصغيرة حيث كل الآراء مؤيدة لك، والآراء المعارضة تسحق بسرعة كي لا تشكل تهديدًا. يهدد الميل لتفضيل الآراء الشخصية أي التزام يسعى لكشف حقيقة بشأن العالم، وإن العِلم خير مثال على ذلك. فإذا كان العالِم يبحث عن البيانات التي تؤكد نتيجته التي يرغب فيها، فستكون الدراسة التي يجريها مليئة بالأخطاء بما أنها تدور حول إيجاد الانحياز عوضًا عن إيجاد المعلومة الحقيقية ذات الدليل، وفي النهاية تكون نتائج هذه الدراسة منحازة تجاه نتيجة بعينها، وهذا يعني أنها لا قيمة لها حقيقة. لهذا فإن الطريقة العلمية مهمة للغاية حين تجري أبحاثًا، فهي تجبرك على مهاجمة فرضياتك من كل الزوايا الممكنة وتسعى خلف الدليل حتى تصل إليه. وحين تجرب كل السبل لدحض فرضيتك وتجدها لا تزال قائمة بعدها، فحينها تعرف أنك على وشك اكتشاف مهم حقًا. لكن حتى العلماء يواجهون صعوبة في الالتزام بهذا المبدأ، كما يذكر هاربر لي Harper Lee في رواية “To Kill A Mocking Bird”: يرى الناس عادة ما يبحثون عنه، ويسمعون ما ينصتون إليه”. تابع معنا في الجزء الثاني الذي نفصّل فيه كيف تحمي أسلوبك في التسويق من انحياز التوكيد. ترجمة –بتصرف- لمقال Your Brain is Lying to You — Become a Better Marketer by Overcoming Confirmation Bias لصاحبه Michel Aagaard. حقوق الصورة البارزة محفوظة لـ Freepik