البحث في الموقع
المحتوى عن 'صغير'.
-
كنتُ أستمع قبل أيّام لكتاب ديل كارنجي "كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس"، ووجدت أن قصة هذا الكتاب وكيف بدأ -والذي بيع منه ما يزيد عن 15 مليون نسخة- مثيرة بالفعل، يقول كارنجي: "كنتُ أحضّر لكلمة قصيرة بعنوان 'كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس'، كانت كلمة 'قصيرة' بداية لكنّها سرعان ما توسّعت لتصبح محاضرة تمتدّ على ساعة ونصف". وجد كارنجي بعد تكرار إلقاء هذه الكلمة؛ أن بعض "القواعد" بدأت تتشكّل من خلال مشاركة الجمهور لتجاربهم. لتتحول الكلمة في نهاية المطاف إلى دورة تدريبية، ومن هنا كانت الحاجة إلى مرجع من نوع ما. ليصبح بين يدينا هذا الكتاب المشهور: "بدأنا بمجموعة من القواعد المطبوعة على قطعة من الورق بحجم بطاقة البريد أو أصغر، طُبعتْ في الفصل التالي بحجم أكبر، ثم أصبحت نشرة، وبعدها سلسلة من الكتيبات بتوسّع كمّي ونوعي. ليأتي أخيرًا هذا الكتاب بعد خمسة عشر عامًا من التجارب والأبحاث". لقد تشكّل هذا الكتاب من كلمة قصيرة وبضع ملاحظات على أوراق بحجم البطاقات البريدية. ولعلّه من المثير للاهتمام أن نعلم بأن العديد من النجاحات الكبيرة تبدأ بهذا الشكل فعلًا. احذر العجلةأحد التحديّات التي تواجه معظمنا في حياتهم الخاصة تكمن في نظرتنا و تعاملنا مع الأمور "الكبيرة"، إذ يبهرنا حجمها الحالي فننسى كيف كانت بدايتها الفعلية، أو حتى لا نفكّر بذلك أصلًا. جميعنا يملك تطلّعات وطموحات كبيرة نريد تحقيقها بسرعة؛ لذا سيكون من الصعب أحيانًا فهم الدور الحيوي لعملية تطوّر المنتجات والعلامات التجارية تدريجيًا، وكيف أسهم ذلك بوصولها لما هي عليه اليوم. وقعتُ شخصيًا بهذا الخطأ عدّة مرات سابقًا؛ بمحاولتي القفز المبكّر للأشياء "الكبيرة": فمثلا كان لديّ مرّة هدف كبير متمثل بالتخلص من البطاقة التجارية business cards، ولقد كافحنا لتحقيق الأمر بفعالية وعلى معايير عالية للغاية. أعتقد أن هناك عدد لا يحصى من الأمثلة حولك، حيث يحاول المبتدئون التخطيط لرؤى ضخمة مبكرًا. للمشاريع العظيمة بدايات متواضعةما بدأت بملاحظته أكثر فأكثر، هو أن الأمور العظيمة غالبًا ما تنتج عن بدايات متواضعة، يعرف معظمنا أن ريتشارد برانسون بدأ بمجلة طلابية لينتهي بالعلامة التجارية فيرجن، وليست فيرجن سوى مثال من أمثلة كثيرة لا يشبه واقعها المبهر اليوم بدايتها المتواضعة في الأمس، وعند التدقيق سنجد أنّ أفضل الأمور التي نعرفها ونحبّها بدأت من بذور صغيرة. ما وجدته أيضًا أنني إذا ما نظرت لحياتي الخاصة، سأكتشف بشكل مشابه أنّ أهم ما حققته من إنجازات بدأ بمشاريع صغيرة، مشروع Buffer بحدّ ذاته مثال واضح؛ إذ بدأ على شكل صفحتيّ وِب، إلا أن التدوينة القصيرة التي تشرح هذا المشروع تحوّلت إلى كلمة قمت بإلقائها أكثر من ثلاثين مرّة. اجعلها أصغر: ليكون حظك أكبر بالنجاحواحدة من أروع النتائج بالنسبة لي في هذا المضمار ومن خلال رؤية العديد من النماذج هو أنه ربما يجدر بنا التفكير والتنفيذ على مُستوىً بسيط. عندما نفعل هذا، سيكون حظنا من النجاح أعظم. كتبتُ عن هذا الأمر مسبقًا، في سياق عدم محاولة تغيير العالم بشكل كليّ. وكان من دواعي دهشتي وسروري عندما كتب بول غراهام تعليقا على ذاك المقال والذي كان: "لا تحاول أبدًا بناء 'شركة ناشئة' منذ البداية هذا قرار سابقٌ لأوانه، فقط قم بالأشياء التي تبدو ممتعة. وبذلك تُفسح المجال كي تُكتشف الأفكار الجيّدة لبناء شركة ناشئة، أكثر ممّا لو جهدتُ ببذل العمل الموجّه على العروض والمشاريع التي تظن أنها يجب أن تبني شركة ناشئة". لبداياتك الناجحة، جرّب مخطّطناأعتقد أن ايريك رايس أصاب بالفعل عندما قدّم فكرة MVP، ويعني بها البدء بأصغر منتج ممكن. الأمر الرائع هو اكتشافنا أنه حتى النجاحات التاريخية مثل كتاب ديل كارنجي "كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس" والذي نشر في عام 1936، بدأ ككلمة قصيرة، وعدّة ملاحظات على بطاقة صغيرة. هذا هو الـ mvp، وهي طريقة ممتازة للبدء. باعتقادي أن هذا الكتاب المشهور لم يكن ليرى النور لو لم يشارك ديل هذه الأفكار البسيطة والبدايات المتواضعة مع الناس. أؤمن أنه يمكننا -بل من الواجب علينا- أن نفكّر بكل بداية وفق منظور mvp، أي البدء بأصغر شكل ممكن على الإطلاق، حيث هناك عدد لا نهائي من الفرص في كل مجالات الحياة. هل فكّرت يومًا بعلاقة الأفكار العملاقة بالنجاح؟ هل تعطيك الأمور نتائج أفضل عندما تبدأها بشكل أبسط؟ يسرّني الاطلاع على أفكاركم حول الموضوع. ترجمة -وبتصرّف- للمقال The Habits of Successful People: They Start Small لصاحبه جويل غاسكوين مُؤسس خدمة Buffer.