-
المساهمات
8 -
تاريخ الانضمام
-
تاريخ آخر زيارة
إنجازات ريمة ضافري

عضو مساهم (2/3)
9
السمعة بالموقع
-
هل تساءلت يومًا عن قيمة العلامة التجارية لشركة تويوتا؟ هل تعلم أنها تبلغ أكثر من 290 مليار دولار؟ وهل تعلم أن قيمة علامة تجارية مثل "تسلا" تبلغ أكثر من 100 مليار دولار؟ هذه الأرقام مذهلة، لكنها ليست مفاجئة، فالعلامات التجارية القوية لها قيمة كبيرة، لأنها تتمتع بقدرتها على التأثير على قرارات المستهلك، فأنت مثلًا، عندما ترى شعار تويوتا على سيارة، فإنك تربط على الفور هذه السيارة بجودة عالية وأداء موثوق وقيمة ممتازة، وهذا الارتباط هو ما يخلق قيمة العلامة التجارية. في سلسلة المقالات السابقة، تعرفنا على مفهوم قيمة العلامة التجارية، وتأثيرها على المستهلك، وكيفية بنائها، حيث توصلنا إلى أن قيمة العلامة التجارية أكثر من مجرد اسم أو شعار، وأنها تمثل مجموعةً من الخصائص والقيم والمشاعر التي يربطها المستهلكون بالشركة أو المنتج أو الخدمة؛ كما تؤدي قيمة العلامة التجارية دورًا مهمًا في نجاح أي شركة، فهي تساعد على جذب العملاء والاحتفاظ بهم، وزيادة المبيعات، وتحسين القيمة السوقية. خلال عرضنا لهذه المفاهيم، هل خطر على بالك تساؤل حول كيفية حساب هذه القيمة؟ بطبيعة الحال، ولحسن الحظ، هناك عدة طرق بسيطة يمكننا استخدامها لتقدير القيمة الحقيقية للعلامات التجارية حولنا، وسنشارك في هذا المقال المناهج الثلاثة الرئيسية لقياس قيمة العلامة التجارية، والمتمثلة في الآتي: النهج القائم على التكلفة. النهج القائم على الدخل. النهج القائم على السوق. 1. النهج القائم على التكلفة الفكرة وراء النهج القائم على التكلفة في حساب قيمة العلامة التجارية ببساطة هي حساب كل ما أنفقته الشركة على مر السنين لبناء علامتها التجارية والارتقاء بها، إذ أن كل تلك التكاليف ساهمت في الوصول بالعلامة لما هي عليه الآن. على سبيل المثال، شركة زين للاتصالات أنفقت الملايين والمليارات منذ بداية إطلاقها على الإعلانات والدعايات لنشر علامتها التجارية، كما أنفقت على تصاميم الشعارات والألوان الخاصة بالعلامة التجارية؛ وكذلك على تسجيل براءات الاختراع والعلامات التجارية الخاصة بها لحمايتها قانونيًا، وعلى البحث والتطوير لابتكار خدمات ومنتجات جديدة ومتميزة تعزز العلامة التجارية في أذهان العملاء، وحتى تدريب الموظفين، إذ لا بد أنه كلف الشركة الكثير ليكونوا على مستوًى رفيع من الكفاءة يليق بسمعة العلامة التجارية ويحافظ على جودتها. كل هذه التكاليف منذ نشأة زين وحتى الآن، هي التي صنعت قيمة وقوة هذه العلامة الكبيرة اليوم، لذا نحسب مجموعها لمعرفة الاستثمار الحقيقي في هذه العلامة التجارية الناجحة. هذا النهج إذًا قائم على مبدأ أنه يمكن تحديد قيمة العلامة التجارية من خلال مجموع كل التكاليف اللازمة لاستبدالها أو إعادة إنشائها؛ فإذا افترضنا أنك تمتلك شركةً تبيع الملابس، وكنت تريد تقدير قيمة علامتك التجارية باستخدام النهج القائم على التكلفة، فستحتاج إلى جمع كل التكاليف التي أنفقتها الشركة على بناء العلامة التجارية والارتقاء بها منذ بدايتها، فإذا افترضنا أن شركتك أنفقت 100 مليون دولار على الإعلانات والدعايات على مدار السنوات العشر الماضية، كما أنفقت 20 مليون دولار على تصميم العلامة التجارية، ودفعت 10 ملايين دولار للحصول على حقوق الملكية الفكرية الخاصة بها، واستثمرت 30 مليون دولار في البحث والتطوير، كما أنفقت 10 ملايين دولار على تدريب الموظفين؛ فباستخدام النهج القائم على التكلفة، فإن قيمة علامتك التجارية ستكون 170 مليون دولار 100 + 20 + 10 + 30 + 10 = 170 مليون دولار ومن مزايا هذه الطريقة أنها بسيطة وموضوعية، فهي تعتمد على أرقام وبيانات مالية موثقة تاريخيًا للشركة، كما أنها سهلة التطبيق؛ غير أنه يعاب عليها أنها لا تأخذ في الحسبان القيمة السوقية الحقيقية للعلامة التجارية وسمعتها لدى المستهلكين، إذ يمكن أن تكون العلامة معروفةً لكنها غير محبوبة، أو العكس، لذلك تُعد هذه الطريقة مناسبةً أكثر للعلامات التجارية الجديدة التي لا تملك سمعةً سوقيةً بعد. 2. النهج القائم على الدخل يعتمد النهج القائم على الدخل على النظر إلى المستقبل وإلى قدرة العلامة التجارية على تحقيق الأرباح، وتتمثل الفكرة في التنبؤ بالإيرادات التي ستحققها العلامة التجارية خلال السنوات الـ 10 القادمة مثلًا، ثم تحويل هذه الإيرادات المستقبلية إلى قيمتها الحالية باستخدام معدلات الخصم. فمثلًا، إذا توقعنا أن إيرادات شركة تويوتا Toyota من بيع إحدى سياراتها ستصل إلى 500 مليار دولار خلال الـ 10 سنوات القادمة، وكان معدل الخصم 10%، فالقيمة الحالية لهذه الإيرادات المستقبلية هي حوالي 315 مليار دولار. دعنا نوضح كيف وصلنا لهذا الرقم: البيانات: الإيرادات المتوقعة لشركة تويوتا من بيع السيارة المعنية خلال 10 سنوات = 500 مليار دولار معدل الخصم = 10% الحساب: نحسب في البداية القيمة المستقبلية للإيرادات بعد 10 سنوات بافتراض نمو سنوي بنسبة 5% (معدل الخصم)، إذاً القيمة المستقبلية = 500 مليار * (1+5%)^10 = حوالي 815 مليار دولار ثم نخصم هذه القيمة المستقبلية إلى القيمة الحالية باستخدام معدل الخصم 10% القيمة الحالية = 815 مليار / (1+10%)^10 = حوالي 315 مليار دولار والرقم 315 مليار هو الذي يمثل القيمة الحقيقية لعلامة سيارة تويوتا التجارية اليوم، لأنه يأخذ في الحسبان قدرتها على تحقيق الأرباح في المستقبل. تُعَد هذه الطريقة بسيطةً جدًا وعمليةً لتقييم أي علامة تجارية ناجحة بناءً على إمكاناتها المستقبلية، غير أنها تتطلب بعض التقديرات المستقبلية، مثل الإيرادات المتوقعة للعلامة التجارية ومعدل الخصم، وهذه التقديرات يمكن أن تكون غير دقيقة، مما يقود إلى تقدير غير دقيق لقيمة العلامة التجارية. 3. النهج القائم على السوق الفكرة الأساسية للنهج القائم على السوق هي مقارنة العلامة التجارية المعنية بعلامات مشابهة بيعت مؤخرًا أو معروضة في الأسواق المالية. فإذا افترضنا أنك تمتلك شركةً تُنتج وتبيع الملابس، وتريد تقدير قيمة علامتك التجارية باستخدام النهج القائم على السوق، فستحتاج إلى البحث عن علامات تجارية مشابهة لعلامتك، تم بيعها مؤخرًا، أو علامات تجارية معروضة في الأسواق المالية. وعندما نقول مشابهة، فنحن نقصد هنا من ناحية قطاع الصناعة، والحجم، ومعدل النمو، والربحية، والوصول إلى السوق؛ إذ يمكن أن يتعلق الأمر بالعلامات التجارية التي تنافسك في نفس القطاع، أو تلك التي تستهدف نفس الفئة المستهدفة لديك، أو العلامات التجارية التي تتمتع بنفس السمعة والقوة في السوق. بعد تحديد العلامات المعنية، نستخدم البيانات المتاحة عن مبيعاتها لاشتقاق تقييم دقيق، وذلك من خلال تحليل أرقام المبيعات ومقارنتها مع علامات تجارية مماثلة للحصول على مؤشرات فعالة، ونستخدم هنا ما يُعرف بمضاعفات التقييم، مثل نسبة السعر إلى الأرباح أو نسبة السعر إلى المبيعات، وهي أدوات رياضية بسيطة تعكس العلاقة بين قيمة العلامة التجارية وأدائها المالي. ومن أجل التوضيح، لنفترض أن شركة تويوتا حققت العام الماضي أرباحًا صافيةً بقيمة 100 مليون دولار. وعند البحث، وجدنا أن شركة هيونداي Hyundai المنافسة تباع حاليًا في البورصة بسعر يعكس نسبة سعر إلى أرباح تبلغ 25 مرة، أي أن المستثمرين يدفعون 25 مرة قيمة الأرباح لشراء أسهم هيونداي. طبقاً لأسلوب التقييم بالمقارنة، سنفترض أن تويوتا مشابهة لهيونداي، لذلك ستكون نسبة سعر/أرباح هيونداي هي أيضًا 25 مرة. إذًا: الأرباح = 100 مليون دولار نسبة سعر/أرباح = 25 منها: القيمة السوقية المقدرة لهيونداي = 25 * 100 مليون = 2.5 مليار دولار في النهاية، نحصل على تقدير لقيمة العلامة التجارية بناءً على أداء نظيراتها في السوق، ويسمح لنا هذا النهج البسيط بتحقيق فهم سريع ودقيق لقيمة العلامة التجارية، من خلال تحليل الأرقام المالية بفعالية؛ كما أنه يتميز بالبساطة، إذ يشبه فهم قيمة العلامة التجارية لدى المستهلكين، فهو بمثابة مقارنة بين الأسعار في المتجر، ويعكس أيضًا القيمة الحقيقية التي يمكن أن يكون المشترون على استعداد لدفعها، مما يضيف جوًا من الواقعية والتواصل المباشر مع السوق، على الرغم من ذلك، فهو نهج لا يخلو من التحديات، مثل صعوبات إيجاد بيانات ملائمة، كما يُعَد الاختيار الحريص لأوجه المقارنة والنظر في ظروف السوق أمرًا ضروريًا لضمان تقييم موثوق لقيمة العلامة التجارية باستخدام هذه الطريقة. خاتمة ختامًا، إذا كنت تمتلك علامةً تجاريةً، فمن المهم أن تعرف قيمتها، وذلك حتى تتمكن من اتخاذ القرارات الصحيحة بشأنها، فمعرفة قيمة علامتك التجارية يمكن أن تساعدك على تحديد فرص النمو والتوسع، وتقييم العروض المحتملة، وتحديد ميزانية التسويق المناسبة، وننصح باستخدام أكثر من طريقة لتقييم قيمة علامتك التجارية، إذ سيساعدك ذلك على الحصول على تقدير أكثر دقةً لقيمة علامتك التجارية، كما يمكن أن يكون من المناسب الحصول على مساعدة من المحترفين إذا كنت غير متأكد من كيفية تقييم قيمة علامتك التجارية. ونتركك في الأخير مع هذه الفكرة: ما هي العلامة التجارية الوحيدة التي لا تفقد قيمتها مع مرور الوقت؟ الجواب: علامة تجارية جيدة الصنع. المصادر How to Make Your Brand Valuation (A Step-by-Step Guide) Brand Valuation Learn How to Calculate Your Brand's Value Brand Valuation What is brand value and how can you measure and improve it? اقرأ أيضًا المقال السابق: كيف تبني قيمة علامتك التجارية Brand Value؟ الفرق بين قيمة العلامة التجارية Brand Value وحقوق ملكية العلامة التجارية Brand Equity العلامة التجارية وأهميتها في قرار الشراء - الفرق بين العلامة التجارية والمنتج تأثير قيمة العلامة التجارية على سلوك المستهلك مدخل إلى قيمة العلامة التجارية Brand Value كيف تحصل على ولاء العملاء؟
-
شركة "نمشي" هي شركة سعودية ناشئة متخصصة في التجارة الإلكترونية، نجحت في بناء قيمة علامة تجارية قوية، من خلال التركيز على تقديم تجربة تسوق مريحة وممتعة للعملاء، وعرض مجموعة واسعة من المنتجات من أشهر الماركات العالمية، مما يتيح لمستخدمي منصتها القدرة على العثور على كل ما يحتاجونه في مكان واحد. إضافةً إلى ذلك، توفر المنصة سهولة استخدام وبساطة مميزة في واجهة المستخدم، كما توفر خدمات عملاء متميزة عبر الهاتف والبريد الإلكتروني والدردشة المباشرة؛ ما يضمن تلقي العملاء للمساعدة التي يحتاجونها في أي وقت؛ ضف إلى ذلك تقديم منتجات عالية الجودة من أشهر الماركات العالمية. نتيجةً لكل ذلك، أصبحت شركة "نمشي" واحدةً من أكثر الشركات الناشئة قيمةً في المملكة العربية السعودية، كما أنها تتمتع بقاعدة عملاء مخلصة تزداد باستمرار؛ وهذا هو النجاح الحقيقي الذي ينبغي أن يسعى إليه رواد الأعمال، فليس المهم فقط أن تكون علامتك التجارية معروفةً، بل المهم بنفس القدر وربما أكثر هو أن تبني علامةً تجاريةً تحظى باحترام وتقدير العملاء، وتجعلهم يشعرون بالارتباط بها. ولكن كيف يمكن تحقيق ذلك؟ لنأخذ الآن مثالًا أقدم وأكثر عالميةً، ولتكن علامة سيارات تويوتا Toyota، والتي بدأت كشركة صغيرة في مجال الصناعات الأوتوماتيكية في اليابان. وبدلًا من التركيز على الشهرة فقط، قرر مؤسسها كيتشيرو تويودا Toyodda Kiichiro أن يجعل تويوتا تقدم قيمةً حقيقيةً للعملاء، وبدأ في تطوير سيارات تلبي احتياجات الجمهور المستهدف وتقديم خدمة عملاء ممتازة، حيث كانت أول سيارات الشركة مثل "تويوتا آي أي" تقدم تجربةً فريدةً للمستخدمين لم يسبق لها مثيل في ذلك الوقت. بمرور الزمن، أصبحت تويوتا واحدةً من أكبر الشركات متعددة الجنسيات في العالم، وبفضل التركيز على تقديم القيمة بدلًا من الشهرة فقط، نمت لديها قاعدة عملاء مخلصين يحبون منتجاتها ويثقون في علامتها التجارية، وأصبحت مثالًا حيًا على كيفية النجاح في الأعمال التجارية من خلال التميز وتلبية احتياجات الجمهور. يبدأ كل شيء إذَا من فهم معنى قيمة العلامة التجارية، وهو ما خصصنا له مقالًا مستقلًا في مقال سابق من هذه السلسلة؛ كما أن بناء قيمة قوية للعلامة التجارية يتطلب التركيز على خلق ارتباط عاطفي مع المستهلكين، من خلال فهم دوافعهم وقيمهم الأساسية ومحاذاة العلامة التجارية مع هذه القيم بصورة استراتيجية، وهو أمر يتطلب جهدًا متواصلًا، لكنه يعود بفوائد كبيرة على المدى الطويل. ولكن ماذا أيضًا؟ من أين نبدأ؟ وكيف نبني قيمة علامة تجارية قوية؟ سنركز في هذا المقال على العناصر أو النقاط التي ينبغي التركيز عليها لبناء قيمة علامة تجارية قوية خطوةً بخطوة. 1. التركيز على خلق رابطة عاطفية مع المستهلكين يُعد الارتباط العاطفي مع المستهلكين أحد أهم مفاتيح العلامات التجارية القوية، لذلك فإن جعلهم يشعرون بأن العلامة التجارية تفهمهم وتقدرهم وتهتم لأمرهم ينبغي أن يكون أمرًا مركزيًا في عملية بناء قيمة العلامة التجارية، ويمكن تحقيق ذلك من خلال إجراء البحوث المعمقة الهادفة إلى فهم حوافز الجمهور المستهدف ومشاكله وقيمه، ومن ثم استخدام المعلومات المكتسبة أثناء التواصل والتفاعل مع المنتجات لإيصال رسالة إليهم بأن العلامة التجارية تفهمهم على مستوًى عميق. على سبيل المثال، فلنفترض أنك تمتلك شركة لإنتاج وتسويق للملابس الرياضية. يمكنك في هذه الحالة بناء رابطة عاطفية مع المستهلك من خلال مشاركة قصص ملهمة عن أشخاص عاديين يتغلبون على التحديات، بحيث يرتدون أثناء ذلك المنتجات التي تنتجها شركتك، حيث توصل هذه الصورة إلى المستهلك أن العلامة التجارية تفهم الدافع العاطفي الأعمق وراء الاستمتاع بالرياضة بدل مجرد بيع ملابس رياضية فقط. هذا بالضبط ما تفعله الكثير من الشركات مثل شركة تسلا tesla التي بنت رابطةً عاطفيةً مع عملائها من خلال استخدام تقنية التسويق العاطفي، وهي التقنية التي أثبتت حسب موقع Good Rebels قدرتها الكبيرة على جذب ولاء العملاء في كل أنحاء العالم، إذ يعتمد موقع تسلا على محتوى العلامة التجارية عالي الجودة الذي يمكن العثور عليه في "قصص العملاء" على موقعهم الإلكتروني؛ وعلى عكس بعض الشركات الأخرى التي حاولت سرد قصصها اعتمادًا على آراء العملاء، هنا يكون العملاء هم الذين يروون قصصهم بأنفسهم، وتُعَد هذه طريقةً ممتازةً لخلق الرابطة العاطفية مع العلامة التجارية. تستطيع العلامات التجارية القوية إذًا الاستثمار في الارتباط العاطفي مع عملائها من خلال التفاعل والتواصل بطرق ذات معنى، حيث تفهم احتياجات عملائها بعمق، وتقدم تجارب تتجاوز البيع البسيط، مما يعزز الولاء ويبني علاقات طويلة الأمد، وبالتالي ضمان استمرار نجاح وازدهار الشركة على المدى البعيد. 2. مطابقة هدف العلامة التجارية مع قيم الجمهور المستهدف يتوقع العملاء في عصرنا الحالي -وخاصةً عندما يتعلق الأمر بالأجيال الأصغر سنًا- من العلامات التجارية أن تمثل أكثر من مجرد الأرباح، فهم يريدون شركات ذات أهداف أكبر تتوافق وقيمهم الخاصة، لذلك ينبغي عليك إذا كنت تريد بناء علامة تجارية قوية أن تحدد بوضوح ودقة ما تمثله علامتك التجارية، وهو أمر يتجاوز المنتج أو السلعة التي تقدمها. بعد ذلك احرص على إيصال هذا الهدف الأعلى بطريقة تتوافق وقيم جمهورك المستهدف. 3. ابتكار عناصر وسمات مميزة وفريدة للعلامة التجارية تعمل الشعارات والشخصيات الرمزية والحركات المميزة والنغمات سهلة التذكر على ربط العلامة التجارية بمشاعر الارتياح والألفة لدى العملاء، فالنغمات المميزة مثلًا تنشط الذاكرة العاطفية واسترجاع التجارب الإيجابية السابقة مع العلامة التجارية، كما أن الشخصيات الكرتونية أو الرموز تخلق نوعًا من التعلق العاطفي مع المستهلكين، لتترسخ هذه الرموز والصور الذهنية في أذهان العملاء على المدى الطويل. ومثال ذلك إعلان شركة زين والذي استخدم نغمة " لا لا لا لا لا لا la la la"لتلاقي شهرةً كبيرةً في العالم العربي بسبب كلماتها البسيطة ولحنها المميز، مما يجعلها سهلة التذكر ومحببةً للجمهور؛ إضافةً إلى استخدام الإعلان لمجموعة متنوعة من الألوان الزاهية، مثل اللون الأزرق والأصفر والأخضر، والتي ترتبط بمشاعر السعادة والفرح، ولمجموعة متنوعة من الشخصيات، مثل الأطفال والكبار من مختلف الأعمار والجنسيات لعكس التنوع الثقافي الذي تمثله الشركة. لكن كيف ساعدت هذه العناصر المميزة في تعزيز العلامة التجارية لزين؟ بدايةَ، ساعدت الأغنية في خلق شعور بالسعادة والفرح لدى الجمهور، مما ساهم في تعزيز الارتباط الإيجابي بين علامة زين التجارية والمشاعر الإيجابية؛ كما ساعدت الألوان الزاهية في جذب الانتباه وخلق شعور بالإيجابية، وساهمت الشخصيات المختلفة في تعزيز الارتباط الإيجابي بين علامة زين التجارية والتنوع الثقافي، ويبين هذا الإعلان أن استخدام العناصر المميزة التي يسهل تذكرها يمكن أن يساعد في بناء وتعزيز قيمة العلامة التجارية، خاصةً إذا حرصت الشركة على استخدام ذات العناصر باستمرار في مناسبات مختلفة. 4. صياغة تجربة علامة تجارية متسقة عبر جميع القنوات يتفاعل العملاء اليوم مع العلامات التجارية عبر العديد من نقاط التواصل على الإنترنت وخارجه؛ لذلك من المهم أن تظهر قيمة علامتك التجارية باتساق عبر جميع القنوات والتفاعلات، انطلاقًا من وجودك على وسائل التواصل الاجتماعي، إلى تجربة المستخدم على موقعك الإلكتروني، إلى الجو في متاجرك. حافظ على انسجام العلامة التجارية والرسائل، إذ يسمح ذلك بتعزيز التعرف على علامتك التجارية وخلق تأثير عاطفي متماسك. يمكن استخدام شركة "زين" كمثال ممتاز على العلامة التجارية التي تحافظ على اتساق قيمها عبر مختلف نقاط التواصل، فعي تُعد من الشركات الرائدة في مجال الاتصالات المتنقلة في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، من خلال تواجدها في 7 بلدان، مقدمةً خدماتها إلى ملايين العملاء. وتظهر زين قيمة علامتها التجارية بوضوح عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إذ تشارك المحتوى الذي يعكس هويتها وتفاعلها مع العملاء، كما تقدم تجربة مستخدم متميزة على موقعها الإلكتروني، مع توفير معلومات واضحة وسهلة الوصول حول خدماتها وعروضها، وفي متاجرها. تحرص زين على تقديم تجربة تسوق متناسقة تعكس قيم العلامة التجارية، من خلال تصميم المتاجر والخدمة المقدمة للعملاء، ويعزز هذا الاتساق التعرف على زين كعلامة تجارية موثوقةً، كما يخلق تأثيرًا عاطفيًا إيجابيًا لدى العملاء. 5. وضع القصص والتسويق بالمحتوى في محور استراتيجية الشركة القصص والتسويق المرتكز على المحتوى هما وسيلتان فعالتان للغاية لتعزيز قيمة العلامة التجارية، فمن خلال قصص ملهمة وتعليمية، يمكنك تسليط الضوء على ما يجعل علامتك التجارية مميزةً، مع تعزيز الروابط العاطفية مع العملاء في نفس الوقت. على سبيل المثال، استخدمت "هدى بيوتي" هذا النهج بنجاح كبير، حيث شاركت هدى قطان رحلتها من خبيرة تجميل إلى مؤسسة إحدى أكثر العلامات التجارية تأثيرًا في عالم الجمال، مستخدمةً قصصها الشخصية وخبراتها لتعليم وإلهام جمهورها؛ كما تستغل منصتها لتقديم النصائح المتعلقة بمنتجاتها، وكل هذا يصب في سياق الرفع من قيمة علامتها التجارية. ولا يُعد هذا النهج هو الوحيد الذي يجعل هدى بيوتي مميزة، بل يُعمق أيضًا الصلة العاطفية مع العملاء الذين يرون في قصتها مصدر إلهام لهم. لذا، كن مبدعًا مع المحتوى المكتوب ومقاطع الفيديو والبودكاست وغيرها من التنسيقات لعرض قيم علامتك التجارية من خلال قصص شيقة، وتأكد من مواءمتها مع اهتمامات جمهورك المستهدف وعادات الاستهلاك لديه. 6. إعطاء الأولوية للابتكار تتميز العلامات التجارية التي تبتكر باستمرار عن غيرها بوضوح، وعادةً ما يكون لديها عملاء أوفياء، لذلك ينبغي أن تسعى دائمًا لتحسين منتجاتك أو خدماتك والتجارب الإجمالية لعملائك من خلال الابتكار، حتى لو تطلب الأمر البدء بابتكارات تدريجية صغيرة بدلًا من تحولات كبيرة، إذ يظهر ذلك للعملاء التزامك بتجاوز التوقعات، كما أنه يساعد على تموضع علامتك التجارية كرائدة في المجال بدلًا من مجرد تابعة أو مقلِّدة. تصاميم اللبناني زهير مراد للملابس هي الأخرى أصبحت علامةً تجاريةً محبوبةً بين المهتمين بالموضة في جميع أنحاء العالم، غير أن علامته التجارية لم تكتفِ بالنجاح الأولي الذي حققته، بل واصلت الابتكار والتطور. تتجلى ثقافة الابتكار لدى زهير مراد في العمل على التصاميم المتجددة، والمواد الخام الفاخرة ذات الجودة، مع استكشاف واستخدام مواد جديدة ومبتكرة، مثل الأقمشة المستدامة الصديقة للبيئة، والتعاونات المتميزة مع فنانين ومصممين وعارضين وعالميين، مما يضفي لمسات جديدة ومفاجئة على كل مجموعة؛ إضافةً إلى استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وموقع إلكتروني مميز لعرض التصاميم الجديدة والتفاعل مع الجمهور، وخلق تجربة تسوق رقمية مميزة. ثقافة الابتكار هذه سمحت لزهير مراد بجذب جمهور مخلص، إذ تتمتع علامته التجارية بقاعدة جماهيرية مخلصة تتابع كل جديد تقدمه، وتنتظر بفارغ الصبر كل مجموعة جديدة، كما أصبح من الرائدين في المجال، وتجاوز التوقعات؛ فهو يفاجئ جمهوره دائمًا بتصاميم غير متوقعة وتعاونات مبتكرة، ما يزيد من حماسهم وتعلقهم بالعلامة. الابتكار المستمر إذًا هو أحد أهم عوامل نجاح العلامات التجارية في عالم اليوم، ومن خلال الالتزام بالتحسين والتطور، يمكنك أن تجذب جمهورًا مخلصًا وتتربع على عرش الريادة في مجالك. 7. التعاون مع المؤثرين وسفراء العلامة التجارية التعاون مع المؤثرين وسفراء العلامات التجارية الذين يحبون شركتك بإخلاص هو وسيلة قوية لتعزيز قيمة العلامة التجارية ونطاقها، احرص فقط على اختيار المؤثرين والسفراء الذين يتماشون جيدًا مع هوية علامتك التجارية وجمهورك، ثم سلط الضوء على قصصهم الحقيقية وارتباطاتهم بمنتجاتك لتوسيع نطاق علامتك التجارية. شركة اتصالات Etisalat مثلًا فهمت هذا جيدًا، فوظفت استراتيجيةً ذكيةً قائمةً على التعاون مع المؤثرين الذين يحبونها فعلًا، إذ لم تختر في معاملاتها المؤثرين بناءً على عدد المتابعين فقط، بل ركزت على من يتوافقون مع هويتها كشركة رائدة، ومبتكرة، وعالمية؛ وبحثت عن أصوات تعبر عن حبها للاتصالات بطريقتها الخاصة، وتتقاسم القيم مثل الابتكار والمسؤولية الاجتماعية، والنتيجة كانت حدوث توسع هائل في قاعدة المتابعين، مع ارتفاع ملحوظ للمبيعات، وولاء لا يتزعزع من العملاء. كيف فعلتها اتصالات؟ أعطت شركة اتصالات حرية الإبداع للمؤثرين، حيث لم تقيدهم بقيود تسويقية جامدة، بل منحتهم حريةً كاملةً للتعبير عن أنفسهم وأسلوبهم، باستخدام منتجات وخدمات اتصالات كقماشة إبداعهم، ونتج عن ذلك محتوًى أصيل وتفاعلي، بعيدًا عن الإعلانات المباشرة المملة. من جهة أخرى، حرصت الشركة على استخدام قنوات التواصل الاجتماعي بذكاء، فلم تقتصر على منصة منصة واحدة، بل وسعت نطاقها لتشمل عدة منصات، مما سمح لها بمخاطبة شرائح مختلفة من جمهورها العربي والدولي، أينما كانوا. من ناحية أخرى، سلطت اتصالات الضوء على قصص مؤثريها، وكيف ساعدتهم اتصالات على التواصل مع العالم من حولهم وتحقيق أهدافهم، ولم تركز هذه القصص على المنتجات فقط، بل أظهرت القيمة الحقيقية لاتصالات كشركة رائدة في مجال نشاطها. وعليه، يمكن القول أن اختيار المؤثرين المناسبين، وإعطائهم مساحةً للإبداع، والتركيز على القصص الحقيقية، هي مفاتيح نجاح استراتيجية اتصالات مع المؤثرين. 8. التركيز على تطوير الولاء للعلامة التجارية يتطلب بناء قيمة العلامة التجارية زيادةً على العناصر سابقة الذكر، التركيز على الولاء الذي تبنيه مع العملاء، فبمجرد أن تكسب معجبين مخلصين لعلامتك التجارية، يصبح رأس مالك أكثر قابليةً للدفاع عنه وتعزيزه ذاتيًا، ويبدأ بناء الولاء بابتكار منتجات وخدمات رائعة، ولكن عليك أيضًا تقديم خدمة عملاء راقية باستمرار، وربما وضح برامج مكافآت، وتعزيز روح المجمتع، واستخدام حوافز ولاء أخرى. شركة تسلا مثلًا تستخدم استراتيجيةً متكاملةً في هذا الخصوص، إذ تقوم على تقديم منتج استثنائي من خلال سياراتها الكهربائية الفاخرة والمبتكرة، فضلًا عن شبكة محطات الشحن السريعة Supercharger الواسعة التي تسهّل السفر لمسافات طويلة، وتقديم خدمة عملاء شخصية وفعالة. يمكنك أيضًا إذا كنت عميلًا لدى تسلا الاستفادة من برامج إحالة سخي يحفّز العملاء على التوصية بأصدقائهم وعائلاتهم، بالإضافة إلى تقديم رموز مجانية لخدمات الشحن السريع، مما يوفر المزيد من القيمة لعملائها المخلصين. يمتد حرص تسلا إلى تنظيم فعاليات دورية لمالكي سياراتها، لتتيح لهم التواصل عبر منتديات ومجموعات على وسائل التواصل الاجتماعي، إذ أن هذا الشعور بالانتماء يعزز ولاء العملاء ويساعد في نشر الكلام عن العلامة التجارية. 9. لا تكتف بالشعارات: جسد قيم علامتك التجارية في كل ركن داخلي فكر في شركة طيران الإمارات، والتي تشتهر بتقديم تجربة ضيافة استثنائية لعملائها. ألم تتساءل من قبل كيف تحافظ الشركة على هذا المستوى العالي من التميز؟ الجواب يكمن في ثقافة الشركة التي تركز على القيم الإنسانية، مثل الاحترام والكرم والابتكار، ولا تقتصر هذه القيم على شعارات الشركة، بل تجسدها في كل ركن داخلي؛ فيُدرَّب جميع الموظفين على قيم الشركة، ويُقاس أداؤهم بناءً عليها، كما يشجَع الموظفون على مشاركة قصصهم الخاصة حول كيفية تطبيق هذه القيم في عملهم اليومي. في عام 2023، شاركت إحدى مضيفات طيران الإمارات في حملة تسويقية للشركة، وتحدثت عن كيفية تطبيق قيم الشركة في عملها اليومي: "أؤمن أن الضيافة هي أكثر من مجرد تقديم الطعام والشراب، بل هي إنشاء تجارب لا تنسى لعملائنا، فعندما أرى ابتسامة على وجه عميل، أعلم أنني قد نجحت في تحقيق هدفي". إذًا، لا تستهن بأهمية بناء قيمة العلامة التجارية داخليًا مع موظفيك أيضًا، فعندما يعيش الموظفون قيم علامتك التجارية بفخر، سينعكس ذلك في جميع تفاعلات العملاء، لذلك روّج لهدف وقيم علامتك التجارية داخليًا من خلال التدريب والفعاليات والأنشطة، ومكّن الموظفين من مشاركة قصصهم الخاصة وإيجاد طرق ذات مغزى لدمج قيم العلامة التجارية في عملهم اليومي، إذ أن هذا الحماس ينتقل إلى العملاء. تمثل النصائح المذكورة في هذا المقال نقطة انطلاق قوية لبناء قيمة علامة تجارية مذهلة، لكن لا تتعامل معها من منطق مجموعة من المهام التي يجب إنجازها مرةً واحدةً، فقيمة العلامة التجارية تتطلب رعايةً مستمرةً من خلال تحسين تجربة العملاء باستمرار، والابتكار ومراقبة تصورات المستهلكين؛ وعليه، اجعل قيمة العلامة التجارية بندًا دائمًا في جدول أعمال كل اجتماع تنفيذي، وربما سيكون من الذكي تكليف شخص بالإشراف على مؤشرات الأداء الرئيسية لقيمة العلامة التجارية، وإعداد تقارير دورية حولها، والاستثمار في أبحاث السوق لتتابع عن كثب كيف يرى المستهلكون علامتك التجارية مقارنةً بالمنافسين. من خلال الالتزام المتسق بفهم جمهورك ومواءمة تجربة علامتك التجارية مع رغباتهم، ستكافأ بقيمة علامة تجارية تدفع إلى نجاح تجاري حقيقي، لذا حافظ فقط على المرونة واستمر في كسب قلوب العملاء وولائهم. خاتمة دع هذه النصائح ترشدك، لكن لا تخف من الإبداع في مبادرات تعزيز قيمة العلامة التجارية المصممة خصيصًا لجمهورك الفريد، فبالتركيز والشغف، ستكون لديك القدرة على رفع علامتك التجارية من مجرد اسم يتعرف عليه المستهلكون، إلى اسم يدافعون عنه بحماس. المصادر How to build and measure brand value 10 Proven Ways to Improve Your Brand Value in 2020 Your ultimate guide to brand equity and how to build it 10 Efficient Ways to Boost Your Brand Value What is brand value and how can you measure and improve it? اقرأ أيضًا المقال السابق: الفرق بين قيمة العلامة التجارية Brand Value وحقوق ملكية العلامة التجارية Brand Equity تأثير قيمة العلامة التجارية على سلوك المستهلك مدخل إلى قيمة العلامة التجارية Brand Value
-
هل تعلم أن الكثير من العلامات التجارية العالمية تبلغ قيمتها عدة تريليونات دولار؟ كما ترى هذا المبلغ كبير جدًا، يجعل الواحد يتساءل عن هل تستحق هذه العلامات كل هذا القدر من الأموال؟ الجواب هو أن العلامات التجارية الكبرى خاصةً بالمجالات التقنية تتمتع بحقوق ملكية علاقوية للغاية، لذا فهي تتمتع بمجموعة من الأصول غير الملموسة التي تجعل علاماتها التجارية مميزة، مثل سمعتها الممتازة، ومنتجاتها عالية الجودة، وتجارب العملاء الرائعة؛ وهنا، إذا كنت ترغب في بناء علامة تجارية قوية مثل العلامات التجارية العالمية، فأنت بحاجة إلى التركيز على بناء حقوق ملكية قوية. قد يكون فهم الفرق بين بعض المصطلحات المستخدمة في هذا المجال أمرًا مربكًا، وأشهر مثال على ذلك هو الفرق بين هذين المفهومين: قيمة العلامة التجارية Brand Value، وحقوق ملكية العلامة التجارية Brand Equity التي تترجم أحيانًا في المراجع العربية إلى "الرأسمال النفسي للعلامة التجارية". في هذا الإطار، جاء هذا المقال ليساعد على إزالة كل لبس ممكن، فكما عرّفنا من قبل في المقالات السابقة قيمة العلامة التجارية، وتفاصيل تأثيرها على سلوك المستهلك، سنبسط في هذا المقال الفروقات العملية بين قيمة العلامة التجارية، وحقوق ملكية العلامة التجارية. قيمة العلامة التجارية إذا كنت تريد أن تعرف ما هو مفهوم قيمة العلامة التجارية، فننصحك بأن تبدأ أولًا من مقال سابق، والذي تناول هذا الموضوع بتبسيط ودقة عاليين، لأن ما سنقدمه هنا هو فقط بعض المفاهيم التي سيكون من المفيد عرضها مبدئيًا لمقارنتها في القسم الموالي من المقال بتلك الخاصة بحقوق ملكية العلامة التجارية، وإجراء الاسقاطات اللازمة. قيمة العلامة التجارية هي أقرب ما يكون إلى المقابل النقدي لهذه العلامة، وتدل خاصةً على القيمة المالية الحالية لأصول الشركة الحاملة للعلامة التجارية وملكيتها الفكرية؛ ومن بين الأمور الأساسية التي تحدد القيمة النقدية للعلامة التجارية، نجد الوعي بالعلامة التجارية، والقدرة على التعرف عليها، والتصورات الذهنية للعميل حول العلامة التجارية، وانطباعاته والارتباطات الذهنية التي يحملها؛ إضافةً إلى الممتلكات الحصرية للشركة مثل العلامة التجارية وبراءات الاختراع وحقوق النشر، وولاء العملاء وعودتهم المستمرة إلى التعامل مع الشركة. على سبيل المثال، تُقدَّر قيمة علامة علي بابا Alibaba التجارية بمئات المليارات من الدولارات، نظرًا للوعي العالمي الكبير بهذه العلامة وقدرة الناس على التعرف عليها فورًا، بالإضافة إلى انطباعاتهم الإيجابية عن خدمة التوصيل السريع والمنتجات ذات الجودة العالية التي تقدمها علي بابا؛ مما أدى إلى ولاء هائل من قِبل المستهلكين لهذه العلامة التجارية. وبالتالي فإن قيمة العلامة التجارية تقيس السعر الذي يمكن أن تباع به الشركة التي تحمل هذه العلامة ككيان كامل، فهي الربح الاقتصادي الصافي المرتبط بأصول العلامة التجارية والأرباح المستقبلية المتوقعة منها، فعندما تمتلك شركة ما قيمة علامة تجارية مرتفعة، فذلك يعني أن اسمها وأصولها يحملان وزنًا نقديًا كبيرًا؛ وفي المقابل، تعني قيمة العلامة التجارية المنخفضة وعيًا أقل بها، وتصورات ذهنية سلبية، وولاء عملاء منخفض. على سبيل المثال، تمتلك العلامات التجارية العالمية قيمة علامة تجارية جد مرتفعة، فأسمها، وشعارها، ومنتجاتها، وملكيتها الفكرية تعادل مليارات الدولارات؛ أما الشركات المحلية الصغرى فعادةً ما تمتلك قيمة علامة تجارية أقل، ولكنها لا تزال تتمتع بولاء عملاء وبالاعتراف داخل مجتمعاتها الصغيرة. بناءً على ما سبق، فإن الشركات ينبغي أن تضع الرفع من قيمة علامتها التجارية على قمة هرم أولوياتها، فكلما زادت هذه القيمة، كلما كانت الأصول المرتبطة بالعلامة التجارية أكثر ربحية عبر الزمن. ماذا عن حقوق ملكية العلامة التجارية؟ بعد التقديم السابق، فلنسقط الآن نفس النقاط على حقوق ملكية العلامة التجارية، فرغم ارتباط المفهومين معًا، إلا أن قيمة العلامة التجارية وحقوق ملكية العلامة التجارية يختلفان من ناحية التركيز والمعنى. تشير حقوق ملكية العلامة التجارية إلى قيمة العلامة التجارية بناءً على العوامل غير الملموسة المتعلقة بالعميل، فهي باختصار القيمة الناتجة عن وعي العميل وإدراكه والارتباطات الذهنية وتجاربه مع العلامة التجارية. ومن بين العوامل التي تشكل حقوق ملكية العلامة التجارية: صورة العلامة التجارية وشخصيتها. جودة المنتجات والخدمات. المصداقية والجدارة. رضا العميل وعودته المستمرة للشركة. التفوق المتصور على المنافسين. يمكن التفكير في حقوق ملكية العلامة التجارية إذًا على أنها قيمة اسم العلامة التجارية ووعودها في قلوب وعقول العملاء، تدفعها قوة هوية العلامة التجارية، والثقة بها، وتواصلها مع المستهلكين، وقدرتها على تلبية توقعاتهم كل مرة. بالتالي، فإن حقوق ملكية العلامة التجارية تجذب الولاء، ما يسمح بتحديد أسعار مرتفعة، ويعزز التسويق الشفوي، ويمنح للعلامة التجارية القوة في مواجهة المنافسين؛ أما حقوق ملكية العلامة التجارية الضعيفة فتعني وعيًا منخفضًا، وانطباعات سلبية، وغياب اتصالات عاطفية مع العملاء. ما هي الفروقات الرئيسية بين قيمة وحقوق ملكية العلامة التجارية؟ بعد التقديم السابق، لنلخص أهم الاختلافات بين قيمة العلامة التجارية، وحقوق ملكية العلامة التجارية. التركيز: تركز قيمة العلامة التجارية على القيمة المالية لأصول الشركة صاحبة العلامة، بينما تركز حقوق ملكية العلامة التجارية على قيمة تصورات العميل وعلاقاته. نوع القيمة: قيمة العلامة التجارية نقدية ومبنية على المال، في حين أن حقوق ملكية العلامة التجارية نفسية أكثر ومبنية على العواطف. القياس: لقياس قيمة العلامة التجارية، نستخدم المقاييس المالية ونماذج التقييم، بينما نستخدم لقياس حقوق ملكية العلامة التجارية استطلاعات العملاء وترتيب العلامة التجارية في مختلف التصنيفات ومقاييس الولاء. النطاق: تقيّم قيمة العلامة التجارية الشركة وأصولها ككل، في حين تنظر حقوق ملكية العلامة التجارية بصورة ضيقة إلى انطباعات المستهلكين عن العلامة التجارية. دوافع التغير: تتغير قيمة العلامة التجارية مع مرور الزمن بناءً على الوضع المالي، بينما يمكن أن تتغير حقوق ملكية العلامة التجارية أسرع استنادًا إلى آراء المستهلكين. الدور: تساعد القيمة التجارية على قياس القيمة النهائية وسعر البيع في حالة التنازل عن الشركة. في المقابل، تدفع حقوق ملكية العلامة التجارية القدرة التسويقية والميزة التنافسية للشركة. إذًا باختصار، ترتبط قيمة العلامة التجارية بالقيمة النقدية والمالية الحالية الخاصة بأصول الشركة الحاملة لهذه العلامة، في حين ترتبط حقوق ملكية العلامة التجارية بالروابط النفسية والولاء بين المستهلكين. ورغم أن دوافع تغير قيمة العلامة التجارية عبر الزمن تختلف عن تلك التي تقف وراء تغير حقوق ملكية العلامة التجارية، فإننا يمكن أن ننظر إلى التغيير كأحد أهم العلاقات التي تربط قيمة وحقوق الملكية العلامة التجارية ببعضهما البعض، إذ يؤدي تغير حقوق ملكية العلامة التجارية إلى تغير قيمة هذه العلامة التجارية، لكن كيف ذلك؟ عندما تتغير تصورات المستهلكين، يؤثر ذلك مباشرةً على كل من حقوق ملكية العلامة التجارية وقيمتها، إذ أن حقوق ملكية العلامة التجارية تتأثر تأثراً بالغًا بكيفية إدراك العملاء وارتباطهم عاطفيًا مع العلامة التجارية، فإذا ما مرّت علامة معينة بأزمة صورة بسبب مشكلة في الجودة، ولم يعد العملاء يربطونها بالمنتجات عالية الجودة والقيمة المعتادة، فإن حقوق ملكية علامتها التجارية ستنخفض؛ وبدوره، يمكن أن يؤثر ذلك على ولاء العملاء مما يؤدي إلى انخفاض في المبيعات وفي النهاية انخفاض قيمة علامتها التجارية. وعلى النقيض من ذلك، إذا قامت ذات الشركة بتقديم ممارسات ابتكارية للاستدامة تتوافق مع قيم عملائها، فيمكن أن يحسّن ذلك من حقوق ملكية العلامة التجارية من خلال تعزيز الارتباط العاطفي، مع تعزيز ولاء العملاء والارتباطات الإيجابية؛ ويمكن أن تزيد قيمة علامتها التجارية أيضًا نتيجةً لتحسن الإيرادات وإمكانية النمو المستقبلي. باختصار، للتغيرات في حقوق ملكية العلامة التجارية تأثير متسلسل على قيمة العلامة التجارية، يعكس بالدرجة الأولى العلاقة الديناميكية بين تصورات المستهلكين والقيمة الملموسة للعلامة التجارية. ومن أمثلة ذلك، ما حدث مع شركة Samsung عندما انفجرت بعض هواتف جلاكسي نوت 7، وتراجعت ثقة المستهلكين بسلامة منتجات الشركة، ما أدى إلى تراجع حقوق ملكية العلامة التجارية وقيمتها لبعض الوقت. خاتمة من الواضح أن كلًا من قيمة العلامة التجارية وحقوق ملكية العلامة التجارية يكملان بعضهما البعض، ولكنهما يركزان على أمور مختلفة، وتمتاز العلامات التجارية القوية بتميزها في بناء هذين المجالين معًا، حيث تكون مدفوعةً من الزاوية المالية الأصول ذات الجودة وبالملكية الفكرية، ومن زاوية المستهلك بالهوية والعلاقات القوية، وبالتالي يمكن التفكير في قيمة العلامة التجارية على أنها المحرك الاقتصادي للعلامة التجارية، ذلك الأصل المالي الجوهري؛ أما حقوق ملكية العلامة التجارية، فهي الوقود، مصدر الطاقة العاطفية من المستهلك. ولبناء علامة تجارية ذات قيمة قوية، نحتاج إلى كلا العاملين ولأن يدعما بعضهما البعض بمرور الزمن، كما نحتاج إلى التركيز على مجموعة من الأبعاد سنركز عليها في مقالنا الموالي. المصادر Brand Equity vs. Brand Value: What’s the Difference? Brand Equity vs Brand Value: Key Differences Brand Equity vs. Brand Value: A Comprehensive Guide Brand equity vs brand value: What’s the difference? Learning the Difference between Brand Equity vs. Brand Value اقرأ أيضًا المقال السابق: تأثير قيمة العلامة التجارية على سلوك المستهلك العلامة التجارية وأهميتها في قرار الشراء - الفرق بين العلامة التجارية والمنتج مدخل إلى قيمة العلامة التجارية Brand Value
-
تحدثنا في مقالنا السابق عن مفهوم قيمة العلامة التجارية، واكشفنا تعريفها من عدة زوايا، وكان الأمر أشبه باستيعاب وصفة لطبق شهي، فما الذي سيحدث إذا أخذت هذه الوصفة وطبقتها في مطبخك؟ هذا ما سنتناوله في مقالنا الحالي. لنتخيل معًا بأنك تتجول في سوق للخضر والفواكه، وتمر برواق يبيع فيه التجار فاكهة التفاح، فتشاهد بائعَيّن، أحدهما يعرض صندوقًا خشبيًا متواضعًا مع لافتة بسيطة كتب عليها عبارة "تفاح طازج - 2 دولار للرطل"، أما البائع الآخر فيستخدم لافتات ملونة تتمايل في الهواء، تعرض صورًا زاهيةً لتفاح شهي، ووجه فلاح ودود، مع عبارة "ألذ تفاح من البساتين الراقية- 4 دولار للرطل" ما تلاحظه هنا هو أن كلا التاجرين يبيعان التفاح، لكن البائع الثاني بعلامته التجارية اللامعة نجح في مضاعفة سعر منتجه، وربما تتساءل، لماذا يدفع شخص ما أكثر في هذه الحالة؟ والجواب يكمن في القيمة المدركة للعلامة التجارية، فالمستهلك لا يشتري التفاح فقط، بل يستثمر في تجربة النضارة والجودة وربما الارتباط العاطفي مع المزارع، فقيمة العلامة التجارية هي التي تدفع المستهلكين إلى اختيار التفاح الأغلى ثمنًا بدل التفاح العادي. خلال هذا المقال، سنتعرف على الأوجه المختلفة التي تعكس التأثير الواقعي لقيمة العلامة التجارية على سلوك المستهلك، وكيف يتشعب هذا الموضوع إلى جوانب إدراكه وولائه وسمعة الشركة صاحبة العلامة التجارية لديه. من أين يبدأ تأثير قيمة العلامة التجارية على سلوك المستهلك؟ عندما نطلق علامةً تجاريةً فنحن نُسلح أنفسنا بأداة ذات تأثير عالٍ على سلوك المستهلك، إذ تؤثر العلامات التجارية على سلوك المستهلكين حسب قول خبير التسويق نيكولاس صامويل Nicholas Samuel، وذلك من خلال إيجاد طرق للتوافق مع الصورة الذاتية التي يرى بها المستهلك نفسه، وعرض مستويات سعادة وأنماط حياة يريد المستهلك أن يعيشها. لتوضيح هذه الفكرة دعنا نتصور أن مستهلكًا يعشق الرشاقة ويعيش نمط حياة صحي ونشيط، يدخل ذات يوم إلى متجر يبيع الأدوات الرياضية ويشاهد زوجي أحذية رياضية، أحدهما يحمل بطاقة وصف كتب عليها "حذاء ركض مريح"، والآخر معروض بصورة مبهرة يُظهر أحذية ركض أنيقة وعالية التقنية يرتديها الرياضيون المحترفون، مع شعار ملفت "ارفع من أدائك". في هذه الحالة، فإن العلامة التجارية الثانية وضعت نفسها في توافق تام مع الصورة الذاتية التي يحملها هذا المستهلك عن نفسه، فهي تمثل نمط الحياة ومستوى الأداء الرياضي الذي يريد بلوغه، ما يدفعه إلى أن يكون أكثر ميولًا لاختيارها. بناءً على ذلك، فإن تأثير العلامات التجارية على سلوك المستهلك يتوقف أساسًا على الطريقة التي يدرك المستهلك بها هذه العلامة والعلاقة التي يبنيها معها، وتُشكل العلامات التجارية هذا الإدراك من خلال الوجود الجذاب في محيط المستهلك لخلق حالة من الألفة، كما أنها تؤدي دورًا هامًا في تعزيز ولاء العملاء وزيادة المبيعات. ولكن! نحن في هذا المقال لا نريد أن نسترسل في تأثير العلامة التجارية على سلوك المستهلك، لكننا نريد أن نركز على تأثير قيمة العلامة التجارية كمفهوم منفصل على سلوك المستهلك، وهي علاقة معقدة نوعًا ما، ويمكن أن تبدو دائريةً إذا فكرنا في أن قيمة العلامة التجارية المرتفعة عادةً ما تكون نتيجة تجربة إيجابية مع منتج جيد يجذب المستهلك ويؤثر على خياراته وسلوكياته، والمنتج الجيد هذا يولد قيمة علامة تجارية مرتفعة مع مرور الزمن، مثل علامة رولكس Rolex لساعات اليد المعروفة بقيمتها المرتفعة، والتي يمكن أن يختار المستهلكون اقتناء إحدى ساعاتها رغم وجود خيارات أقل ثمنًا، فقط لأنهم يربطون قيمة علامتها التجارية المرتفعة بالرفاهية والجودة العالية والمكانة الاجتماعية، ولكن هل ساعات رولكس جيدة لأن قيمة علامتها التجارية مرتفعة؟ أو أن قيمة علامتها التجارية مرتفعة لأنها جيدة؟ يمكن بسهولة استيعاب كيف تولد المنتجات الممتازة علامةً تجاريةً عالية القيمة، ولنأخذ لتوضيح الفكرة أكثر شركة سامسونغ Samsung كمثال على توليد المنتجات لعلامة تجارية عالية القيمة، فمنتجاتها تتمتع بتصميم مبتكر وواجهة استخدام سهلة وأداء عالي الجودة، مما جعلها تحظى بشعبية كبيرة بين عدة مستهلكين وتكتسب سمعة قوية كمنتجات عالية الجودة والابتكار، واستطاعت سامسونغ Samsung من خلال تركيزها على تصميم وهندسة منتجات متميزة تفوق توقعات المستخدمين أن تبني علامة تجارية ذات قيمة عالية جداً، فالعلامة التجارية للشركة أصبحت ترتبط في أذهان المستهلكين بالجودة والابتكار والطراز الرفيع، مما جعل الكثير من المستهلكين على استعداد لدفع علاوات سعرية مرتفعة للحصول على منتجات الشركة، وبالتالي فإن تقديم منتجات ذات جودة وأداء متميز باستمرار يمكن أن يؤدي إلى بناء علامة تجارية عالية القيمة والسمعة لدى المستهلكين. ولكن، هل يمكن أن تؤثر العلامة التجارية عالية القيمة على جودة المنتج؟ الجواب هو نعم، وسنعرض فيما يلي كيف تؤثر قيمة العلامة التجارية على جودة المنتجات والخدمات لكونها المحفز الأساس للسلوكيات الاستهلاكية، وننتقل بعد ذلك إلى تشريح الأبعاد الأخرى لتأثير قيمة العلامة التجارية على سلوك المستهلك. أثر قيمة العلامة التجارية على جودة المنتج أحيانًا، يشتري الأشخاص المنتجات التي تحمل علامةً تجاريةً معروفةً وعالية القيمة لأنهم يفترضون أن السعر الأعلى يعني جودةً أكبر، وبالتالي فإنهم يربطون بين الجودة وقيمة العلامة التجارية، وتُعد سيارات بورش Porsche مثالًا جيدًا على ذلك، فعلى الرغم من ارتفاع أسعار سيارات بورش مقارنةً بالعلامات التجارية الأخرى، إلا أن الكثير من المستهلكين يفضلون شراء تلك السيارات نظرًا لسمعة الشركة القوية عالية الجودة والأداء، لأنهم يربطون بين السعر المرتفع للسيارات مع جودتها العالية المتوقعة، لذلك يكونون على استعداد لدفع علاوة سعرية مقابل الحصول على سيارة تحمل علامةً تجاريةً مرموقةً وذات سمعة قوية في مجال السيارات، غير أن هذه العلاقة يمكن أن تكون أكثر تعقيدًا من ذلك. بدايةً، تؤثر قيمة العلامة التجارية تأثيرًا كبيرًا على توقعات المستهلكين المتعلقة بجودة المنتج، فعندما ينظر المستهلك إلى علامة تجارية ما بأنها مرتفعة القيمة، فهو تبعًا لذلك يفترض أن المنتجات المرتبطة بها ذات جودة أعلى، وتخلق هذه التوقعات ضغوطات على العلامة التجارية لتستمر في تقديم منتجات عالية الجودة تتلاءم ومعايير المستهلكين، وتُعد علامة سوني Sony مثالًا جيدًا على ذلك، إذ تمتلك سوني علامةً تجاريةً قويةً في صناعة التكنولوجيا والإلكترونيات، كما أن تاريخها الطويل وسمعتها بالجودة والابتكار تولد لدى المستهلكين توقعات عالية بجودة منتجات سوني، فعندما يشترون تلفزيونًا أو جهاز تسجيل أو كاميرا فيديو من سوني، يتوقعون أن تكون هذه المنتجات على أعلى مستوى من الجودة والأداء، وتُعزَزُ هذه التوقعات بسبب سمعة سوني كشركة تابعة للتكنولوجيا الرائدة والمبتكرة، غير أنها تضع ضغطًا على سوني للابتكار وتقديم منتجات تلبي تلك التوقعات، وبالتالي، تواصل الشركة استثماراتها في البحث والتطوير وتحسين جودة منتجاتها للحفاظ على سمعتها ورضا عملائها. من جهة أخرى، تُدرك العلامات التجارية مرتفعة القيمة الدور الهام الذي تؤديه جودة المنتجات في الحفاظ على سمعتها، ونتيجةً لذلك، فهي عادةً ما تخصص مواردًا هامةً لإجراءات ضمان الجودة، والتي تتضمن الفحوصات الصارمة، والالتزام بمعايير الجودة طيلة عملية الإنتاج، لضمان أن كل وحدة منتجة تستوفي متطلبات العلامة التجارية عالية الجودة، وكمثال توضيحي، فلنأخذ شركة تويوتا Toyota التي تولي اهتماماً كبيرًا لضمان جودة سياراتها نظرًا لقيمة علامتها التجارية كإحدى أكبر شركات تصنيع السيارات في العالم، فتويوتا تخضع منتجاتها لفحوصات دقيقة وصارمة في جميع مراحل الإنتاج، بالإضافة إلى اتباع معايير عالية لضبط الجودة في خطوط التصنيع، كما تستثمر الشركة في تدريب العاملين وتحديث المعدات لضمان التزام كل سيارة منتجة بمواصفات الجودة العالية التي تتوقعها العلامة التجارية، وساهم هذا الالتزام بإجراءات ضمان الجودة في الحفاظ على سمعة تويوتا كإحدى أكثر علامات السيارات موثوقيةً وجودةً في العالم. إضافةً إلى ما سبق، ترتبط القيمة المدركة للعلامة التجارية ارتباطًا وثيقًا بسمعتها، وتُعد جودة المنتج عاملًا جوهريًا في هذه السمعة، فالعلامات التجارية عالية القيمة تضع في قمة أولوياتها حماية سمعتها والحفاظ عليها، كما أنها تدرك أن أي تنازل عن جودة المنتج يمكن أن يؤثر على صورتها لدى المستهلك وثقته بها، وهي أمور هامة للحفاظ على قيمة العلامة التجارية. لنأخذ هنا مثال علامة تيفاني وكو Tiffany & Co، التي تُعَدّ واحدة من أشهر الشركات المتخصصة في صناعة المجوهرات والأزياء الفاخرة، والتي يدفع تاريخها الطويل وسمعتها بالجودة والتصميم الرفيع لدى العملاء توقعات عالية بجودة منتجاتها، فعندما يشتري العملاء مجوهرات من هذه العلامة التجارية، يتوقعون أن تكون هذه المنتجات مصنوعةً بأعلى درجات الحرفية والجودة، لذلك تستثمر الشركة في اختيار أفضل المواد والصاغة لضمان التفرد والتميز في منتجاتها، فهي تفهم جيدًا أبعاد سمعتها كشركة تابعة للمجوهرات الفاخرة مبنية على الجودة والتميز، وأن أي تراجع في جودة منتجاتها قد يؤثر سلبًا على مكانتها في سوق المجوهرات الفاخرة، لذلك، تجعل الجودة والتصميم الرفيع جزءًا أساسيًا من استراتيجيتها للحفاظ على سمعتها كإحدى أرقى العلامات التجارية في عالم المجوهرات. من منظور سياسات التسعير، تستطيع العلامات التجارية ذات القيمة المرتفعة فرض أسعار أعلى على منتجاتها، غير أن استراتيجية السعر الأعلى تتطلب تقديم جودة منتجات استثنائية لتبرير التكلفة المرتفعة، كما أن الشركات ذات العلامات التجارية المرتفعة تُدرك أن المستهلكين سيدفعون أكثر عندما يتصورون أن العلامة التجارية ترمز إلى الجودة، وهو ما يحفزها على الحفاظ على معايير جودة صارمة، فالعلامات التجارية المذكورة في الأمثلة السابقة جميعًا تدرك أنها بحاجة إلى المحافظة على معايير صارمة لضمان الجودة وتبرير الأسعار المرتفعة، لذلك تولي اهتمامًا كبيرًا بعمليات الفحص والاختبار لضمان تميز منتجاتها. أما من منظور ابتكاري، فعادةً ما توجد علاقة قوية بين العلامات التجارية مرتفعة القيمة وبين الالتزام بالابتكار، إذ تستثمر الشركات المرتبطة بهذه العلامات التجارية في البحث والتطوير لإدخال أحدث التقنيات والمواد والخاصيات في منتجاتها، ويدعم هذا الالتزام بالابتكار جودة المنتج، كما يميز العلامة التجارية عن منافسيها. لعل أهم مثال على ما ذكرناه هو شركة جوجل Google التي تعد واحدةً من أكبر العلامات التجارية مرتفعة القيمة في العالم والتي تلتزم بالابتكار في مجال التكنولوجيا الرقمية، وأثمر هذا الالتزام عن تطوير العديد من المنتجات والخدمات الشهيرة، مثل محركات البحث، ونظام التشغيل أندرويد، وخدمات البريد الإلكتروني وتطبيقات التواصل الاجتماعي. وتستخدم جوجل أحدث التقنيات والمواد في منتجاتها، إذ يساهم هذا الالتزام بالابتكار في تحسين جودة المنتجات، كما يدعم موقعها في السوق ويزيد من قدرتها التنافسية. زيادةً على كل ما سبق، تعلم العلامات التجارية مرتفعة القيمة أن الحفاظ على جودة المنتجات هو عملية متواصلة، لذلك فهي تسعى باستمرار إلى جمع تعليقات المستهلكين والتعرف على توجهات السوق لتحسين منتجاتها، وتسمح هذه المقاربة بضمان الإبقاء على نوعية منتج متوافقة مع تفضيلات وتوقعات المستهلكين، وأحد أمثلة ذلك شركة لويس فويتون Louis Vuitton التي تُعَد واحدةً من العلامات التجارية الرائدة في مجال صناعة السلع الفاخرة، والتي تتمتع بقيمة علامة تجارية جد مرتفعة تضاهي الـ 51 مليار دولار. تحرص الشركة على الحفاظ على جودة منتجاتها من خلال جمع تعليقات المستهلكين باستمرار عبر استطلاعات الرأي والمقابلات الشخصية، وإجراء بحوث السوق لفهم توجهات المستهلكين واحتياجاتهم، والتعاون مع مصممين وخبراء عالميين لضمان تطوير منتجات عالية الجودة تلبي توقعات المستهلكين، ولفهم كيفية تطبيق ذلك عمليًا، يمكن للشركة إجراء استطلاع رأي موجه لعملائها حول جودة حقائب اليد الخاصة بها، فإذا وجد الاستطلاع أن العملاء يرغبون في حقائب يد أكثر متانةً ومقاومة للماء، يمكن للشركة الاستجابة لهذا الاستطلاع، وتغيير تصميم وتصنيع حقائب اليد الخاصة بها، واستخدام مواد أكثر متانةً، أو إضافة طبقة مقاومة للماء على الحقائب، لتؤدي هذه التغييرات بالتأكيد إلى تحسين جودة حقائب اليد الخاصة بشركة لويس فويتون، مما يساهم في تعزيز رضا العملاء وزيادة قيمة العلامة التجارية. انطلاقًا من هذه العناصر، يبدو جليًا أن هناك علاقة قوية -غير أنها ليست بالضرورة سببيةً- بين قيمة العلامة التجارية وجودة المنتج، لكن لماذا تهمنا هذه النقطة؟ المنتج أو الخدمة ذات الجودة المرتفعة هي محرك تجربة المستهلك الإيجابية، والتي تقود بدورها القيمة المدركة للمستهلك وسلوكه المستقبلي. فكر في علامة فيمتو Vimto التي تُعرف بتقديم مجموعة متنوعة من المشروبات، مثل المياه الغازية والعصائر، والتي تلقى رواجًا كبيرًا في الوطن العربي، عندما يشتري المستهلك منتجًا من فيمتو، فهو يتوقع جودةً عاليةً ومذاقًا لذيذًا وموادًا طبيعيةً، وإذا كانت تجربة المستهلك مرضيةً والمنتج يفوق توقعاته، فسيكون أكثر عرضةً لاختيار منتجات فيمتو مجددًا، كما يمكن أن ينصح بمنتجات فيمتو لأصدقائه وعائلته استنادًا إلى تجربته الإيجابية، مما يعزز سمعة العلامة التجارية ويؤثر على سلوك المستهلك على المدى البعيد. وبالتالي، يمكننا الانطلاق من هذه النقطة إلى نقطتنا الموالية، حول تأثير قيمة العلامة التجارية على إدراك المستهلك. أثر قيمة العلامة التجارية على إدراك المستهلك تصقل قيمة العلامة التجارية الكيفية التي يُدرك بها المستهلك وزن العلامة التجارية، وموثوقيتها، وجاذبيتها النفسية، وتؤثر هذه المدركات بدورها على ثقة المستهلكين في قراراتهم الشرائية، ومدى رغبتهم في بناء علاقة قوية وطويلة المدى مع هذه العلامة، ففي عالم سلوك المستهلك، يؤدي الإدراك دورًا محوريًا، وعندما يعتقد المستهلكون أن العلامة التجارية تحمل قيمةً عاليةً، فهم يميلون إلى الثقة أكثر بأن المنتجات أو الخدمات التي تقدمها توفر عائدًا جيدًا مقابل الاستثمار فيها، وذلك بغض النظر عن السعر. خير مثال على ذلك الملابس الفاخرة من دور الأزياء العالمية، وكيف أن الأشخاص ينظرون إليها على أنها ذات جودة عالية وتعكس مستوى حياة معين مستعدون لدفع أثمان مرتفعة مقابله، فعندما يشتري شخص حقيبةً أو قطعة ملابس من لويس فيتون مثلا، فهو يدرك أنه يحصل على منتج فاخر عالي الجودة، ويعكس هذا الشراء ذوقه ومكانته الاجتماعي،. لذلك يشعر المستهلكون بالثقة في قرار شراء منتجات لويس فيتون وغيرها من دور الأزياء الفاخرة حتى مع الأسعار المرتفعة، لأنهم يثقون في قيمة وجودة العلامة التجارية، هذا الإدراك الإيجابي لقيمة العلامة التجارية يدفع المستهلكين لتكوين علاقة ولاء قوية معها على المدى الطويل. من جهة أخرى، نجد عامل الثقة من خلال الاستمرارية، فالثقة هي حجر أساس قيمة العلامة التجارية، فإذا فكرتَ في المقهى الذي تقصده باستمرار فستدرك أن الأمر الذي يدفعك إلى العودة كل مرة ليس القهوة فقط، بل استمرارية الجودة ونوعية التجربة التي تعيشها هناك، وتُبنى هذه الثقة عبر الزمن من خلال عمل العلامة التجارية على التقديم المستمر لما يميزها عن غيرها، ففي كل مرة تقصد فيها المكان، تعلم مسبقًا أنك ستتحصل على كوب قهوة ممتاز، وتخلق هذه الاستمرارية عامل الثقة، ما يجعلك عميلا وفيًا يعود باستمرار. النقطة الموالية فيما يخص إدراك المستهلك هو الرابطة العاطفية، فالعلامات التجارية لا تبيع المنتجات فقط كما أشرنا في العديد من المرات، بل تبيع التجارب والهويات، فإذا كان لديك صديق ذهبت معه إلى معرض لأحدث الهواتف الذكية، وكان دائمًا ما ينظر إلى نفسه على أنه شخص يُقدر أحدث التقنيات ويحرص على استخدامها والتعرف عليها باستمرار، فستلاحظ أنه سيميل إلى العلامات التجارية التي تضع في شعارها وفي هويتها عامل الابتكار واستخدام أحدث التقنيات كأولوية، وذلك لأنها تتوافق وصورته الشخصية، وتساعده على الحفاظ عليها، وبالتالي فهو يرتبط بها عاطفيًا ما يؤثر على خياراته وسلوكه. الثقة في الخيارات هي أيضًا إحدى الأوجه التي توضح لنا تأثير قيمة العلامة التجارية على إدراك المستهلك، فإذا فكرنا في التسوق الإلكتروني، وكنتَ تبحث مثلًا عن حذاء رياضي، فسيكون أمامك خياران هما: علامة تجارية معروفة وأخرى أقل شهرةَ، في هذه الحالة ستكون سمعت من قبل دون شك عددًا معتبرًا من الآراء والمراجعات الإيجابية حول جودة العلامة التجارية المعروفة وديمومتها، ولذلك تجد نفسك واثقًا بما ستحصل عليه منه، وهذه الثقة في خيارك بناءً على سمعة العلامة التجارية المعروفة ستجعلك ترغب في الاستثمار فيها أكثر، لأنك تعلم بأنك ستقلل من مخاطر خيبة الأمل عند استخدامها. أخيرًا، تعكس التوصيات والتفرد أيضًا تأثير قيمة العلامة التجارية على إدراك المستهلك، ولنفهم ذلك فكّر في تجربة في إحدى المطاعم التي بقيت في ذاكرتك، ربما لم تزل تلك الذكرى بسبب الخدمات والطعام الاستثنائيين، إذ كنت جد مستمتع فشاركت التجربة مع أصدقائك و نشرت حولها في حساباتك الاجتماعية، بعد ذلك بقليل، سيزور أشخاص آخرون هذا المطعم بناءً على توصياتك، ويعكس ذلك كيف يمكن لاستمرارية العلامة التجارية في تقديم التجارب المتفردة والجيدة أن يدفع بالتوصيات الشفوية العفوية، كما يعكس قوة إدراك قيمة العلامة التجارية. انطلاقًا مما سبق، فإن لقيمة العلامة التجارية أثر هام ومتعدد الأوجه على إدراك المستهلك، وإذا كانت هذه القيمة المدركة مرتفعةً، فهي تساهم دون شك في تحسين سمعة الشركة صاحبة هذه العلامة التجارية. وبطبيعة الحال، فإن لسمعة العلامة التجارية تأثير مباشر على سلوك المستهلك، لذلك، ننتقل من هنا إلى فحص أثر قيمة العلامة التجارية على سمعة الشركة. أثر قيمة العلامة التجارية على سمعة الشركة تؤدي قيمة العلامة التجارية دورًا هامًا في بناء ودعم سمعة الشركة صاحبة العلامة التجارية، إذ تعزز الثقة في الشركة وموقعها في السوق، ما يساهم في إعطاء دفعة قوية لسمعتها، وبالتالي التأثير في نجاحها على المدى البعيد. ولننطلق من الثقة، إذ تحسّن قيمة العلامة التجارية العالية من سمعة المنتج أو الخدمة من خلال اكتساب ثقة المستهلك، فعندما ينظر العملاء إلى العلامة التجارية على أنها ذات قيمة عالية، فإنهم يميلون أكثر إلى الثقة في وعودها والتزاماتها، وتساهم هذه الثقة إيجابًا في تحسين سمعة الشركة ككل، ومثال ذلك شركة فيمتو التي أشرنا لها من قبل في هذا المقال، فعندما يشتري المستهلك منتجات مثل مشروبات الفيمتو، فهو واثق تمامًا من جودتها وسلامتها لأنه يثق بسمعة والتزام الشركة. هذه الثقة العالية في قيمة ووعود علامة فيمتو تساهم في بناء سمعة إيجابية وقوية للشركة ككل، كما أن الشركة عندما تطلق منتجًا جديدًا، فإن المستهلكين أكثر قابليةً لتجربته والثقة في جودته بناءً على السمعة الطيبة السابقة للعلامة التجارية. من جهة أخرى، ينتج عن قيمة العلامة التجارية المرتفعة ارتباطات ذهنية إيجابية في عقل المستهلكين، فعندما يربط المستهلك بين علامة تجارية ما وقيمة عالية، فهو أكثر ميولًا لأن يربطها بخصائص إيجابية مثل الموثوقية والابتكار والجودة، وتساهم هذه الارتباطات الذهنية إيجابًا في بناء سمعة الشركة أو العلامة التجارية، ولنأخذ مثال شركة لينوفو Lenovo التي ينظر إليها المستهلكون على أنها مرتبطة بالابتكار والتكنولوجيا المتطورة، ويرجع ذلك إلى عدة عوامل، منها تصميم أجهزتها المميزة وسمعتها الطويلة في مجال الكمبيوتر والإلكترونيات، وتركيزها على البحث والتطوير، ونتيجةً لهذه المدركات، يربط المستهلكون بين علامة لينوفو وخصائص إيجابية مثل الابتكار والتقنية المتطورة والموثوقية، وحتى عند إطلاق منتج جديد، ينظر المستهلكون إليه على أنه مبتكر ومتطور بفضل ما ترسخ في أذهانهم عن قيمة وسمعة لينوفو العالية. ضف إلى ذلك، أنه كثيرًا ما يُنظَر إلى العلامات التجارية مرتفعة القيمة على أنها قائدة في مجال نشاطها، وتُعَد هذه النظرة ميزةً هامةً للشركات تميزها عن منافسيها وتحسن من سمعتها كرائدة في مجالها، ويميل المستهلكون إلى النظر إلى مثل هذه العلامات التجارية باحترام وإعجاب كبيرين، ومن أمثلة ذلك علامتي سامسونغ وجوجل التجاريتين اللتين أشرنا إليهما سابقًا في مقالنا هذا، واللتان كانتا سباقتين في العديد من المجالات الابتكارية في مجال نشاطهما، وغيرتا معايير السوق جذريًا مرات عدة، فيُنظر إليهما على أن كل واحدة منها رائدة في مجالها، مما منحهما ميزةً تنافسيةً كبيرةً وسمعةً قويةً كعلامات تجارية رائدة، إذ ينظر المستهلكون إلى منتجات سامسونغ وجوجل بإعجاب كبير نظرًا لابتكاراتهما المستمرة وتصاميمها المتقدمة التي غالبًا ما تحدد اتجاه السوق. وكما نعلم، يمكن أن تؤثر قيمة العلامة التجارية على نظرة المستهلكين لدرجة موثوقيتها، فعندما تقدم العلامة التجارية قيمةً مرتفعةً، فسيميل المستهلكون إلى النظر إليها على أنها جديرة بالثقة. وتساهم هذه النظرة في تحسين سمعتها، ولنفكر هنا في علامات معجون الأسنان الشهيرة ومنتجات العناية بصحة الفم، والتي كسبت ثقة وموثوقية عالية في مجالها على مدار السنين الماضية، وبفضل قيمة علامتها التجارية المرتفعة التي اكتسبتها عبر عقود من الابتكار والجودة، ينظر إليها العملاء على أنها شركة جديرة بالثقة. الأمر الآخر هو أن العلامات التجارية مرتفعة القيمة عادةً ما تكون أكثر صلابةً ومقاومةً خلال الأزمات، إذ أن المستهلكين يميلون لأن يكونوا أكثر تسامحًا مع العلامات التجارية القيّمة في نظرهم، ويحسنون الظن بها عندما تواجه تحديات، وتساعد هذه الصلابة على حماية سمعة الشركة أو العلامة التجارية والحفاظ عليها، ولنرجع إلى سنة 2010 لحالة شركة طيران الإمارات كمثال، حيث تعرضت في ذلك الوقت لأزمة كبيرة عندما أغلقت مطارات أوروبا أمام رحلاتها بسبب سحابة الرماد البركاني، لكن الشركة تعاملت بكفاءة مع الأزمة وقامت بتأمين رحلات بديلة للركاب المتضررين. ونظرًا لسمعة طيران الإمارات الطيبة كعلامة تجارية رائدة في مجالها، كان المسافرون أكثر تسامحًا وتفهمًا للموقف، مما مكّن الشركة من التعافي سريعًا من الأزمة مع الحفاظ على سمعتها وثقة عملائها بها. بناءً على العناصر المعروضة في هذا المقال، فإن لقيمة العلامة التجارية تأثير هام وجلي على كل من جودة المنتجات والخدمات المقدمة، وإدراك المستهلك، وسمعة العلامة التجارية في حد ذاتها، وكلها عناصر ترتبط مباشرةً بسلوك المستهلك، غير أن أهم نتيجةَ يمكن الوصول لها من خلال امتلاك علامة تجارية عالية القيمة هي دون شك اكتساب ولاء العملاء، فما هو أثر قيمة العلامة التجارية على ولاء العملاء؟ أثر قيمة العلامة التجارية على ولاء العملاء من المعلوم أن العلامات التجارية تزيد من ولاء العملاء، حيث أن التفاعلات تولد علاقات، والعلاقات تبني الولاء، كما أن العملاء الذي عاشوا تجربةً إيجابيةً مع علامة تجارية معينة هم أكثر ميولًا لأن يصبحوا عملاء دائمين، وأن يوصوا بالعلامة التجارية للآخرين. لتوضيح ذلك، لنفكر في شركة جرير التي تعرف بمكتبة جرير، والتي تقدم خدمات بيع جملة وتجزئة للأدوات المدرسية والتعليمية والكتب ومعدات الإعلام الآلي في دول الخليج، والتي تعتمد كثيرًا على بناء علاقات وثقة وولاء قوي من عملائها، فهي توفر منتجات متنوعة في مجال عملها وبجودة ممتازة، كما توفر عدة خيارات للتوصيل والدفع والاستبدال والصيانة وخدمة عملاء فعالة، كما توفر موقع إلكتروني وتطبيق يمكّن العديد من المستخدمين من عدة دول بالاستفادة من التسوق عبر الإنترنت، مما يسمح لعملائها بعيش تجربة تسوق سهلة وإيجابية ومميزة، تجعلهم يميلون إلى التسوق مرة أخرى من مكتبة جرير والثقة فيها، ونصح عائلاتهما وأصدقائهم باستخدام خدماتها ومنتجاتتها أيضًا. هذا الولاء والإخلاص للعلامة التجارية ناتج عن التجربة الإيجابية والعلاقة التي تبنيها الشركة مع عملائها من خلال التفاعل المستمر، فقيمة العلامة التجارية المرتفعة كما ذكرنا سابقًا تنمي ارتباطًا عاطفيًا عميقًا بين المستهلك والعلامة التجارية، ونتيجةً لذلك، يميل المستهلكون إلى الشعور بأنهم مستثمرون عاطفيًا في نجاح العلامة التجارية وأكثر ولاءً لها، كما أن العلامات التجارية العالية القيمة تتمتع بقاعدة مستهلكين أكثر وفاءً حتى في الأسواق الأشد تنافسيةَ، وهو ما يعطيها قدرةً مرتفعةً على المنافسة، فمستهلكوها لا يميلون إلى الانجذاب إلى التخفيضات المؤقتة في الأسعار أو إلى العروض التنافسية لأنهم يرون علامتهم التجارية المفضلة ذات قيمة أعلى. يعود هذا الولاء إلى الثقة والتجارب الإيجابية المستمرة التي يربطونها بقيمة العلامة التجارية، ومن أمثلة ذلك شركة فيرساتشي Versace ذات القاعدة العريضة من المستهلكين المخلصين والأوفياء لعلامتها التجارية، والذين يشعرون بارتباط عاطفي عميق مع منتجاتها من الملابس والإكسسوارات، لأنهم يربطون العلامة التجارية بتجارب إيجابية مستمرة من حيث الأناقة والجودة، وحتى مع وجود علامات تجارية أخرى تقدم أسعاراً أقل، إلا أن مستهلكي فيرساتشي يبقون وفيين للعلامة نظرًا لقيمتها العالية في أذهانهم، فهم مستعدون لدفع أسعار أعلى مقابل الحصول على الأناقة والجودة التي ترتبط ذهنيًا بفيرساتشي، وهو ما يوضح الارتباط العاطفي العميق والولاء للعلامات ذات القيمة المرتفعة. من جهة أخرى، تشجع العلامات التجارية عالية القيمة على الولاء الذي يتجاوز العلاقات التبادلية، فالمستهلكون إذا ما اعتقدوا أن علامةً تجاريةً ما عالية القيمة، فسيصبحون مدافعين عنها، ولا يقتصر سلوكهم على الشراء المتكرر، بل يمتد إلى الترويج النشط للعلامة التجارية في دائرتهم الاجتماعية، وتستطيع الكلمة المنقولة النابعة من الولاء توسيع وصول العلامة التجارية وتأثيرها. أخيرًا، فإن الشركات التي تتمتع بعلامات تجارية عالية القيمة تميل إلى إشراك المستهلك على مستوًى عميق، حيث تعرض تجارب ذات معنى، وتقدم محتوًى حصريًا أو برامج عضوية تشجع المستهلكين على المشاركة في مجتمع العلامة التجارية، وتقوي هذه المشاركة النشطة ولاء المستهلك، حيث يشعر الأفراد بالانتماء والأهمية داخل النظام البيئي للعلامة التجارية، كما تركز الشركات ذات القيمة التجارية المرتفعة على بناء علاقات طويلة الأمد مع المستهلكين، وتتضمن هذه المساعي التواصل المستمر، والتجارب المخصصة، والالتزام بالاستجابة لاحتياجات المستهلك المتغيرة. تعزز هذه الجهود الولاء من خلال التبيين للمستهلك بأن الشركة تهتم لأمره خارج نطاق العمليات التبادلية، وتبني استراتيجيات تشجع المستهلكين على المشاركة على مستوًى عميق مثلًا، وتقديم تجارب مخصصة من خلال توصيات منتجات ملائمة للمستخدمين وخدمة توصيل سريعة، وتعزز هذه الجهود الشعور بالانتماء، مما يسهم في بناء علاقات طويلة الأمد مع المستهلكين وتعزيز ولاءهم للعلامة التجارية. خاتمة يظهر جليًا مما سبق ذكره في هذا المقال الدور المحوري لقيمة العلامة التجارية في أسواق اليوم عالية المنافسة، فهي لا تقتصر على التأثير فيما يشتريه المستهلك فقط، بل يمتد تأثيرها إلى أسباب وكيفيات اتخاذ هذا القرار، وذلك مرورًا ببناء الثقة وتشكيل الإدراك، ويمكن بكل تأكيد للشركات التي تدرك هذا التأثير تحقيق ميزات هامة. المصادر The Effect of a Brand on Consumer Behavior Consumer Behavior Trends: How Brand Values Impact Customer Loyalty How does branding affect customer behaviour? The Ultimate Guide to the affect of Branding on Consumer Behaviour How Branding Affects Consumer Behavior in 2022 5 Effects Branding Has on Consumer Behavior اقرأ أيضًا مدخل إلى قيمة العلامة التجارية Brand Value العلامة التجارية وأهميتها في قرار الشراء - الفرق بين العلامة التجارية والمنتج مدخل إلى الوعي بالعلامة التجارية أنواع ولاء العملاء للعلامة التجارية الصورة والارتباطات الذهنية بالعلامة التجارية
-
سنتحدث في مقالنا هذا عن مفهوم قيمة العلامة التجارية، ولكن قبل ذلك، دعنا نفكر في سلسلة هواتف غالاكسي Galaxy الرائدة من سامسونغ Samsung، منذ الإعلان عن أول هاتف غالاكسي في عام 2009، واصلت سامسونغ قيادة مجال الصناعة من خلال إدخال أجهزة وبرمجيات تحطم القوالب الموجودة باستمرار. قد لا يعرف الجميع أن بعض الابتكارات الأكثر تغييرًا لقواعد اللعبة في المجال حتى الآن قد جاءت من هذه الشركة، ويشمل ذلك أول هاتف ذكي ذي شاشة كبيرة مع جودة عرض ممتازة، ومزيج الهاتف الذكي وقلم الشاشة الذي عزز الإنتاجية والإبداع، وأول تقنية كاميرا ثنائية البكسل في العالم. بالإضافة إلى ذلك، ساهمت سلسلة غالاكسي نوت Galaxy Note وسلسلة أجهزة غالاكسي اللوحية والأجهزة القابلة للارتداء المختلفة بما في ذلك ساعات غالاكسي Galaxy Watch وسماعات غالاكسي Galaxy Buds، في النظام البيئي الأوسع لغالاكسي الذي غيّر أنماط حياة المستخدمين. تُعَد رحلة سامسونغ مثيرة للاهتمام، فقد تأسست عام 1938 على يد المهندس الكوري لي بيونغ تشول، شركة سامسونغ التجارية في مدينة دايغو بكوريا الجنوبية، والتي كانت مجرد متجر للبقالة، وخلال العقود القليلة التالية، تنوعت سامسونغ في مجالات مختلفة، بما في ذلك تجهيز الطعام والمنسوجات والتأمين والأوراق المالية والتجزئة، وما ميز رؤية لي بيونغ، كان رغبته في أن تكون شركته قادرةً على التوسع والتطور في عدة مجالات، بما في ذلك الصناعات الإلكترونية. كان أول هاتف محمول من سامسونغ هو الطراز SGH-100، الذي أصدر في عام 1988 حصريًا في كوريا، غير أن القفزة الكبيرة للشركة في سوق الهواتف الذكية كانت مع إطلاق سلسلة سامسونغ جالاكسي الأصلية في عام 2009، والتي كانت أول جهاز يعمل بنظام أندرويد Android من سامسونغ، ومنذ ذلك الحين، أصبحت سامسونغ أكبر مُصنِّع للهواتف المحمولة والهواتف الذكية في العالم. عملت شركة سامسونغ بعد ذلك على تطوير هواتف ذكية قادرة على دعم تقنية الجيل الخامس 5G، بما في ذلك جالاكسي إس 236؛ وهواتف قابلة للطي، بما في ذلك جالاكسي Z فولد 55؛ وقد جعلت هذه التحولات سامسونغ واحدةً من أبرز الأسماء المعروفة في مجال التكنولوجيا. مع ذلك، لا يمكن ربط نجاح سامسونغ في سوق الهواتف الذكية بفرد معين، فهو نتيجة لتركيز الشركة على الابتكار الذي يخدم احتياجات المستهلك، إذ تستثمر سامسونغ بكثرة في البحث والتطوير كل عام، وكان تصورها هو تقديم هواتف ذكية عالية الجودة والابتكار للمستهلكين، وانعكست هذه الرؤية في كل شيء في سامسونغ، انطلاقًا من البحث والتطوير إلى غاية تدريب المهندسين؛ كما ساعد التفاني في تقديم تقنيات متطورة وخدمة عملاء مميزة الشركة على النمو من مصنع إلكترونيات محلي إلى شركة عملاقة عالمية. وإذا نظرنا إلى السياسة الترويجية لسامسونغ، فسنلاحظ أنها شملت الوعي بالعلامة التجارية، إذ تستثمر سامسونغ كثيرًا أيضًا في الإعلانات والتسويق، وذلك من أجل جعل المستهلكين مدركين لمنتجاتها ولنقاط سعرها. تساعد منتجات سامسونغ بتصميماتها المميزة وجودتها العالية على الترويج لنفسها بنفسها، ونتيجةً لهذه الجهود التسويقية، هناك نسبة إدراك مرتفعة بالعلامة التجارية سامسونغ، فشعارها واسمها أصبحا في حد ذاتهما مرادفًا للإلكترونيات المتقدمة التقنية للعديد من الأشخاص عبر العالم، كما نشأت لدى هؤلاء المستهلكين ارتباطات ذهنية تجعلهم يربطون سامسونغ بالابتكار والجودة والثقة، وينظرون إليها على أنها علامة تجارية تتمتع بجودة عالية، فمنتجاتها تأتي من أفضل التقنيات والمواد في العالم، وموظفوها مدربون على تقديم أفضل خدمة للعملاء. بالتالي، فإن سامسونغ بنت مع مرور السنوات صورةً لعلامتها التجارية على أنها شركة إلكترونيات رائدة؛ كما اكتسبت ثقة وولاء المستهلكين من خلال الحفاظ على جودة المنتجات والخدمات، وأصبح العديد منهم أوفياء لها، ويفضلونها على علامات الإلكترونيات الأخرى، وعادةً ما يجعلونها جزءًا من حياتهم اليومية. ولكن، ما علاقة كل هذا بقيمة العلامة التجارية؟ حسنًا، قصة نجاح سامسونغ تصف جيدًا قوة وأهمية قيمة العلامة التجارية في عالم الأعمال، فقيمة العلامة التجارية لا تتعلق فقط بأن يكون لدى الشركة شعار معروف وعبارات إشهارية جذابة، بل هي أعمق من ذلك، إذ تتعلق قيمة العلامة التجارية بامتلاك روابط عاطفية قوية مع المستهلكين، وخلق الثقة وتقديم تجربة وجودة ممتازة باستمرار، وشركة سامسونغ فهمت ذلك منذ البداية، فهي لا تبيع الأجهزة الإلكترونية فحسب، بل أنشأت ثقافةً كاملةً لاستخدام الهواتف الذكية وتجربةً فريدةً يريد الأشخاص أن يكونوا جزءًا منها. على الجانب الآخر، تمكنت شركة سامسونغ من بناء قاعدة من المستهلكين ذوي الولاء الذين يمثلون قوةَ في السوق لأنهم مستعدون لمشاركة تجاربهم الإيجابية مع الآخرين، ونتيجةً لكل ذلك، هي علامة تجارية تمتلك قيمةً عاليةً جدًا في عيون المستهلكين، حيث أصبحت مرادفًا للجودة والثقة والتقنية العالية، وهذه هي قوة قيمة العلامة التجارية. من خلال هذا المثال، نستطيع أن نفهم السياق الذي يُستخدم فيه مفهوم قيمة العلامة التجارية. ولكن، كيف ظهرت العلامة التجارية وأصبح لها قيمة؟ لنأخذ رحلة عبر الزمن لاستكشاف ذلك. الأصول التاريخية لظهور مفهوم قيمة العلامة التجارية تخيل أنك تتجول في الأزقة المزدحمة لأحد الأسواق القديمة، تحيط بك سلع غريبة من مختلف الدول، الهواء مثقل برائحة التوابل، والتجار من جميع أنحاء العالم يتساومون الكنوز والقطع الأثرية، ووسط هذا المشهد تلفت انتباهك جرة طينية أثرية تحمل علامةً مميزةً محفورةً بعناية. قد تشعر بالحيرة أو بالإعجاب اتجاه هذه العلامة، ولكنك لا تدرك أنك تنظر إلى الجد القديم للعلامة التجارية التي نعرفها اليوم، فهذه البداية المتواضعة ستتطور لتصبح القوة الدافعة للعمليات التجارية المعاصرة. قصة قيمة العلامة التجارية تشبه رحلةً مذهلةً عبر الزمن، فقد تطور هذا المفهوم جنبًا إلى جنب مع تطور التجارة والشركات ومفهوم القيمة لدى الأشخاص، ويمكن النظر إلى الأمر على النحو التالي: بدأت العلامة التجارية للدلالة على الملكية والنوع، وانتهى بها الأمر إلى ما هو أكثر من ذلك بكثير. لنعد هنا بالزمن إلى بضع آلاف السنين السابقة، أين استخدمت الحضارات القديمة، مثل المصريين والصينيين، العلامات والرموز للدلالة على ملكية أو نوعية سلعهم وحتى حيواناتهم. فتخيل أن تجد آنيةً طينيةً أثريةً، وعندما تفحصها تلاحظ علامةَ تدل على صانعها وعلى جودتها، هذا هو استخدام العلامة التجارية في القديم. يظهر لنا في هذه الصورة المأخوذة في أحد كتب التاريخ في مكتبة نيويورك العامة، رجل مصري من العصور القديمة يستخدم أداةً حديديةً ساخنةً لوضع علامة تمييز على حيوان للدلالة على ملكيته. تؤكد الباحثة الأمريكية الباحثة الأمريكية جينيفير بيليتيير Jennifer Pelletier في ورقتها المقدمة لمؤتمر البحث والتحليل التاريخي للتسويق، أن أحد صور الممارسات التسويقية الشائعة في مصر القديمة كانت العلامة التجارية، والتي كانت أقل تعقيدًا من مفهومها المعاصر، فقد أعطى المصريون القدماء علامات موحدةً لحيواناتهم المملوكة لغرض تسهيل التعرف عليها، ومن المدهش أن نعرف أنه بحلول سنة 3150 قبل الميلاد، بدأ المصريون باستخدام النص الهيروغليفي لوضع علامات مميزة على السلع. إذا انتقلنا إلى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، أي عندما كانت الثورة في الصناعية على قدم وساق، وقد كان ذلك زمنًا قد تغير فيه كل شيء، وأصبحت المنتجات فيه أكثر نمطيةً نتيجة استخدام معايير التصنيع الموحدة. والذي ترتب عنه استخدام الشركات العلامات التجارية لتمييز منتجاتها عن منتجات منافسيها، لكن هذا الاستخدام لم يقتصر على أغراض الدلالة على الصانع، فقد أصبحت العلامة التجارية تدل على النوعية والجودة، فعندما تنظر إلى منتج من علامة معينة، ستعلم أنك ستحصل على تجربة جيدة. ونتيجةً لذلك، بدأت الشركات تتحصل على ميزات تنافسية وسوقية مستفيدةً من ثقة المستهلكين بالعلامة التجارية والرغبة في الحصول عليها بغض النظر عن السعر. لنوضح هذه الفكرة أكثر، دعنا نفكر في مانتشوس Munchos، وهي علامة تجارية معروفة للشيبس، والتي يظل مذاقها ثابتًا بغض النظر عن مكان شرائها، سواء كنت في شوارع مصر الشعبية أو في أسواق أمريكا الفاخرة. ستجد نفس الجودة والمذاق اللذيذ. لكن إذا نظرنا إلى منتج شيبس آخر بعلامة تجارية غير معروفة وجذابة بشعارها البارز والألوان الزاهية والشكل الجذاب، واشتريناه وفتحنا العبوة، فيمكن أن نكتشف أن شكل القطع يختلف عن الصورة على الغلاف، أو أن المذاق عادي أو حتى سيئ، أو نجد أن الطعم مختلفًا عن المرة الأولى أو عن كل كيس جديد. هذا هو الفارق بين العلامة التجارية المعروفة والعلامات الأخرى، فإذا كانت مانتشوس تكلف ثلاث مرات أكثر من العلامة التجارية الغامضة، فإن المستهلك يفضلها دائمًا عن المنتج المجهول، لأنه يعرف بالضبط ما يحصل عليه، وبالتالي يظهر هذا المثال كيف يمكن للعلامة التجارية المعروفة أن تبني قيمتها وثقة المستهلكين عبر الزمن، بينما يمكن أن يفتقر منتج آخر بعلامة غامضة إلى تلك الثقة والاستدامة. خلال أواخر القرن التاسع عشر، أخذت بلدان مثل فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية بوضع الأطر القانونية لحماية العلامات التجارية، بحيث صارت الشركات قادرة على أن تتابِع قانونيًا أي جهة تتعدى على اسمها وعلامتها التجارية؛ كما ظهرت الوكالات التجارية بقوة خلال هذه الفترة، حيث ساعدت الشركات على صقل هوية علاماتها التجارية واكتساب ولاء العملاء. وفي القرن العشرين، ظهرت بعض من أشهر العلامات التجارية الأيقونية، ولم تكن هذه العلامات التجارية تبيع السلع فقط، بل أصبحت جزءًا من حياة الأشخاص، فأنت حين تريد مشروبًا طاقويًا تقول بأنك تريد ريد بول Red Bull وليس مشروب طاقة فقط، صحيح؟ هذه هي قوة العلامة التجارية القوية. لننتقل الآن إلى ثمانينات وتسعينات القرن الماضي، وهي الفترة التي بدأ الأشخاص خلالها يدركون أن لسمعة العلامة التجارية وولاء العملاء قيمة تقابلها أموال طائلة. فكر مثلًا في علامة سامسونغ، التي عندما ترى شعارها تعلم مباشرةَ بأنك تتعامل مع جهاز ذي تقنية عالية، أليس كذلك؟ خلال القرن الواحد والعشرين، ومع انتشار استخدامنا للإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي، نقلت العلامات التجارية اللعبة إلى مستوًى آخر، فقد كان عليها أن تدير صورتها على الإنترنت وتتواصل مع المستهلكين في العالم الرقمي. ففي عالم اليوم، عندما تندمج كبرى الشركات أو تستحوذ إحداها على الأخرى، تُشكل قيمة العلامة التجارية جزءًا كبيرًا من قيمة الصفقة، فعلامات مثل آبل، وغوغل، وأمازون لا تتعلق بالمنتجات فقط، بل تدل على الثقة وعلى تجربة المستخدم الجيدة، إذ أصبح من المعروف لدى خبراء التسويق والمحللين الماليين أن سمعة العلامة التجارية وولاء العميل تمتلكان قيمةً ماليةً ملموسةً، كما عملوا على تطوير مناهج وأساليب لتقييم قيمة العلامات التجارية. لذا في المرة القادمة التي تشاهد فيها سيارة من علامة تويوتا Toyota، تذكر أنها ليست مجرد مركبة، بل هي قطعة من التاريخ، وعلامة للجودة، ورمز لقيمة العلامة التجارية المرتفعة. لنعد الآن من رحلتنا عبر الزمن إلى جوهر مقالنا، ولنرى ما نعنيه فعلًا عندما نستخدم مصطلح قيمة العلامة التجارية. ما هو مفهوم قيمة العلامة التجارية؟ هل تساءلت من قبل لماذا تبدو بعض العلامات التجارية وكأن لديها مظهرًا سحريًا؟ ولماذا لا يهتم الأشخاص كثيرًا بسعر بعض المنتجات حتى عند توفر خيارات أقل ثمنًا؟ في الحقيقة كل هذا يعود إلى ما نسميه بقيمة العلامة التجارية. قيمة العلامة التجارية تشبه كنزًا مخفيًا في عالم الأعمال، فهي بمثابة وصفة سرية تحول المنتجات اليومية العادية إلى علامات أيقونية، يمكنك أن تنظر إليها على أنها الهالة التي تجعلك تختار هاتفًا ذكيًا دون الآخر رغم تشابه الخصائص ما هي قيمة العلامة التجارية إذًا؟ لا تتعلق قيمة العلامة التجارية بالأصول الملموسة التي تمتلكها الشركة، بل أيضًا بالأمور غير الملموسة أو المعنوية، مثل الاسم، والشعار، وحتى الارتباط العاطفي الذي يكونه المستهلكون معها؛ فعندما ترى علامةً تجاريةً شهيرةً، نجد أنه لا تمثل فقط لونًا أو شكلًا، بل تمدك بإحساس من الراحة والموثوقية، فكر في شركة كونفرس Converse مثلًا، التي تتميز فعليًا بتصاميمها الأنيقة، لكن ما يبيع منتجاتها فعليًا هو إحساس الطاقة والحركة السريعة، وكل الذكريات التي يربطها المستهلك بحذائها الأيقوني تشاك تايلور أول ستار الكلاسيكي، إنها تلك الروح والرابطة العاطفية التي تجعلك تعود مرارًا وتكرارًا. وبلغة أكثر تخصصًا، قيمة العلامة التجارية هو مصطلح يستخدم لوصف القيمة التي تُعطى لعلامة تجارية معينة في السوق، ويدل على القيمة المالية لهذه العلامة، والتي يمكن حسابها من خلال تقدير القيمة الحالية الصافية للعوائد المستقبلية المتوقع الحصول عليها من العلامة التجارية. تعكس هذه القيمة التصور الجماعي لجودة العلامة التجارية، وموثوقيتها، وسمعتها لدى المستهلكين والأطراف ذوي الصلة والصناعة الخاصة بها. ولكن، لماذا نهتم بقيمة العلامة التجارية؟ في الحقيقة، قيمة العلامة التجارية ليس مجرد مقياس أنيق تفتخر الشركات باستخدامه، بل هي قيمة تعكس قدرة العلامة التجارية على التأثير في خيارات المستهلك، إنها السبب خلف ثقتنا في علامات تجارية معينة دون الأخرى، وهي أيضًا السبب الذي يدفع المستهلكين إلى دفع أثمان مرتفعة مقابل هواتف أبل رغم كثرة الخيارات، فهم يعلمون أنه ليس مجرد هاتف ذكي، بل رمز للجودة والابتكار. من خلال هذا التقديم، تعرفنا على المفهوم العام لقيمة العلامة التجارية، ولكننا نريد أن نفهمها أيضًا من زاوية المستهلك، وكذا من الناحية المالية في السوق، لذلك سنعود قليلًا إلى الوراء لفهم كل واحد من هذين المنظورين. قيمة العلامة التجارية من وجهة نظر المستهلك فكر في منصة خدمات البث على الإنترنت المفضلة لديك، والتي تلجأ إليها كلما أردت أن تسترخي في جلسة مشاهدة، قصيرةً كانت أم طويلةً، ربما تكون منصة ايتش بي آو HBO أو منصة أخرى، وهنا أنت لا تدفع الاشتراكات في هذه المنصة فقط للوصول إلى الأفلام والبرامج، ولكنك تستثمر في تجربة معينة، لماذا؟ لأنه بمرور الوقت، أصبحت HBO أكثر من مجرد علامة تجارية، بل هي مرافق موثوق في رحلتك للتسلية. قيمة العلامة التجارية تشبه ذلك المكون السري الذي يجعلك تلتزم بمنصة خدمات بث معينة، فهي لا تتعلق فقط بالمحتوى، بل بما تمثله هذه المنصة بالنسبة لك، فعندما تفكر في HBO، ستجد أنك تربط بينها وبين السهولة، والواجهة الصديقة للمستخدم، والمكتبة الواسعة للمحتوى، وحتى تلك البرامج الأصلية التي لا يمكنك الاكتفاء منها. تخيل الآن أنك وجدت منصة خدمات بث جديدة على الإنترنت لم تسمع بها من قبل، تعرض ثمن اشتراك أقل، لكنها غير معروفة نوعًا ما، ولستَ متأكدًا مما ستتحصل عليه معها، ويواجهك الخيارات التاليان: هل ستستمر في راحتك المألوفة مع HBO؟ أو أن تجرب المنصة الجديدة؟ وهنا يظهر دور قيمة العلامة التجارية في القصة. أمضت منصة HBO أعوامًا تبني سمعةً بأنها ذات جودة وموثوقية وتجربة مشاهدة سلسة، لذا ستجد أنك تثق بما ستقدمه وتثق بأنها تمتلك قيمةً حقيقيةً، ولذلك، أنت لا تتأثر بسعر الخدمة حتى لو كانت الخيارات الأخرى أقل ثمنًا. في هذه الحالة، تتعلق قيمة العلامة التجارية بالثقة التي بنيتها عبر الزمن كمستهلك، وبأنك عندما تضغط على زر البث، ستتحصل على تجربة مشاهدة ممتازة، فكر في قيمة العلامة التجارية من وجهة نظر المستهلك على أنها السبب الذي جعلك تختار منصة خدمات بث دون الأخرى، حتى وإن كانتا تقدمان نفس المحتوى، فهي القوة غير الملموسة التي تؤثر على قرارات المستهلك. باختصار، قيمة العلامة التجارية هي ذلك الشيء الذي يجعل العلامة صديقًا موثوقًا في حياتنا اليومية، وهي السبب في اختيارنا لعلامة هاتفنا المحمول المفضلة، ولولائنا للمقهى المفضل لدينا. أو في هذه الحالة، هي السبب في استمرارك في استخدام منصة البث عبر الإنترنت التي تعرف جيدًا ما تحتاج إليه، فالموثوقية والجودة والاطمئنان بأنك اتخذت القرار الصحيح هي ما يجعل قيمة العلامة التجارية مهمةً في عالم خيارات المستهلك. أخيرًا، وبعبارات أكثر تخصصًا، قيمة العلامة التجارية من وجهة نظر المستهلكين هي قياس دقيق للصفات الجوهرية للعلامة التجارية ولارتباطهم العاطفي بها، إذ تتشكل من التجارب الشخصية للمستهلك، وتفاعلاته مع المنتج أو السلعة، وتطور تصوره لهذه العلامة التجارية عبر الزمن، وتعكس قيمة العلامة التجارية من وجهة نظر المستهلك جودة المنتج أو الخدمة، واستمرارية ذات الجودة عبر الزمن، وجدارتها بالثقة، ومدى تناسبها مع القيم التي يؤمن بها. حسنًا، ماذا عن قيمة العلامة التجارية من الناحية المالية في السوق؟ قيمة العلامة التجارية من الناحية المالية في السوق يمكن التفكير في قيمة العلامة التجارية من منظور مالي بأنها ذلك العامل السحري الذي يحول اسم الشركة إلى ذهب، فهي تشبه امتلاك قوة خارقة في عالم الأعمال، تخيل أنك شركة أبل مثلًا، علامتك التجارية ليست مجرد اسم، إنها آلة لصنع النقود! وسأخبرك لماذا. عندما يرى الأشخاص شعار سامسونغ فهم لا يشترون فقط الهاتف الذكي أو اللوحة الإلكترونية، بل هم يستثمرون في التجربة ككل، وتُترجم تلك التجربة إلى نقود حقيقية لشركة سامسونغ، فالمستهلك ولثقته وولائه للعلامة التجارية لن يمانع أن منتجات هذه الشركة أعلى ثمنًا من منافسيها، كما أن عملاء أبل الأوفياء سيستمرون في العودة إليها، ما يزيد من أرباحها. بناءً على ما سبق، عندما ينظر المستثمرون إلى قيمة علامة أبل التجارية، فهم يرون علامات الدولار! والأمر هنا لا يتعلق بالأجهزة وحدها، بل بالأموال التي تجلبها. وتؤثر قيمة العلامة التجارية القوية هذه على أسعار أسهم الشركة، مما تجلب ثقة المستثمرين، وتستطيع حتى التأثير في قرارات الاندماج والاستحواذ الكبرى، فالأمر يشبه امتلاك بطاقة ذهبية في عالم الأعمال. قيمة العلامة التجارية من منظور مالي إذًا هي أصل غير ملموس لكنه قابل للقياس المادي، يساهم مباشرةً في القيمة السوقية للشركة وأسهمها، تدخل في تقديره عدة أمور مثل القدرة على فرض أسعار أعلى مقابل منتجاتها، وتوليد عوائد اشتراكات متكررة، وجذب شريحة واسعة من المستهلكين. تُسجل الشهرة محاسبيًا عندنا تستحوذ شركة ما على شركة أخرى مقابل سعر يفوق القيمة الحقيقية لأصولها الملموسة وغير الملموسة، بما في ذلك قيمة العلامة التجارية؛ وبالتالي فإن الشهرة مفهوم أوسع من مفهوم قيمة العلامة التجارية، يشمل عدة أصول غير ملموسة تساهم في زيادة قيمة الشركة وأرباحها المستقبلية المحتملة. خاتمة كان هذا المقال بمثابة مدخل لمفهوم قيمة العلامة التجارية انطلقنا فيه من تطورها التاريخي، واستطعنا عرض عدة أمثلة لتسهيل فهم هذا المفهوم من منظوره العام، وكذا من منظور كل من المستهلك والسوق، وسنكمل في المقال القادم في ذات السياق من خلال التعرض لتأثير قيمة العلامة التجارية على سلوك المستهلك. المصادر During the industrial revolution, the use of branding spread and trademark systems emerged Brand Value and the Factors Affecting It What Are Brand Values? + Examples What Are Brand Values? A Definition and Complete Guide What Are Brand Values? Definition, Examples and Why They Matter اقرأ أيضًا العلامة التجارية وأهميتها في قرار الشراء - الفرق بين العلامة التجارية والمنتج مدخل إلى الوعي بالعلامة التجارية أنواع ولاء العملاء للعلامة التجارية الصورة والارتباطات الذهنية بالعلامة التجارية
-
تحدثنا في المقال السابق من دليلنا حول استراتيجيات تطوير المدونات عن مجموعة من الاستراتيجيات الأساسية المهمة لتطوير مدونة، وسنتابع في هذا المقال شرح الاستراتيجيات المهمة الباقية أيضًا، والتي تتمثل في الآتي: 1. بسط عملية التعليق على محتوى مدونتك تدفعك الرغبة في المحافظة على حضور المتابعين ضمن فضاء مدونتك إلى تبسيط عملية التعليق على المنشورات قدر الإمكان من أجل ضمان تفاعلهم مع محتواها، فوجود آلاف التعليقات مجتمعةً يدفعنا دائمًا إلى الاهتمام بتطوير قسم خاص بالتعليقات؛ ولهذا كان التواصل مع الآخرين من أهم دوافع إنشاء المواقع الإلكترونية. تتميز المدونات بقائمة بريدية وقسم تعليقات خاص بها ولا حاجة لها بالاستعانة بالمنصات الأخرى من أجل بناء قاعدة متابعين، لأن تحسين قسم التعليقات وتخصيص مجال مخصص لكل منشور كفيل بتحقيق التفاعل والتواصل وتبادل الأفكار مع الجمهور بشكل أفضل مما تؤديه المنصات الأخرى. ومن بين إيجابيات تحسين قسم التعليقات أيضًا أنه يوفر دليلًا اجتماعيًا فوريًا للمتابعين ويحثهم على مطالعة منشوراتك باهتمام، ولا ضير في الإشارة إلى كلماتك المفتاحية ضمن تعليق أحدهم فهذا من شأنه تحسين ظهور محتوى منشوراتك. من جانب آخر، يجب العمل على إزالة تلك العوائق التي تحول دون التمكن من التعليق على المنشورات، مثل طلب إدخال رموز التحقق captcha؛ فبقدر ما تجنبك هذه العملية تسلل الرسائل العشوائية إلى مدونتك، إلا أنها في الوقت نفسه تعيق وصول جمهورك إلى مبتغاهم على المدونة وبهذا قد تفقد تفاعلهم. 2. أضف دليلا اجتماعيا على محتوى مدونتك من المعلوم أن الإنسان اجتماعي بطبعه ولذا فهو دائمًا متردد حيال قراراته طلبًا للرأي والمشورة، خاصةً ما تعلق منها بأمر يجهله، وفي الواقع تُعَد الرغبة في وجود دليل اجتماعي من أهم قواعد الإقناع الستة التي ذكرها البروفيسور روبرت كيالديني Robert Cialdini في كتابه بعنوان "التأثير"، فإضفاء أكبر قدر ممكن من الدليل الاجتماعي على محتوى مدونتك من شأنه تعزيز سلطة نفوذك وتطوير مدونتك ضمن مجال نشاطك. يمكنك البدء بإدراج الدليل الاجتماعي ضمن منشوراتك، من خلال حسن إبراز شعارات أو الشهادات الإيجابية لأفضل المتعاملين السابقين على واجهة موقعك أو إظهار عدد المشتركين في قائمتك البريدية وفي المدونة عمومًا. 3. وظف برامج المحادثة الآلية chatbots من أفضل آليات تطوير المدونات المنتشرة حاليًا والتي تساهم في تحقيق النتائج المطلوبة، برامج المحادثة الآلية chatbots، والتي قد يراها أغلب الناس مجرد أدوات لدعم خدمة العملاء، في حين أنه على الواقع يمكنها أداء مهام كبيرة إلى جانب خدمة المحادثة الفورية إن أحسنا استغلالهما، ولعلك قد استخدمت إحدى أفضل أدوات بناء المواقع (مثل ووردبرس)، التي تتضمن عددًا من تلك الأدوات. يكفيك أن تتصور قدرة تلك البرامج على الترحيب آليًا بكل فرد من المتابعين على حدة بمجرد دخوله على موقعك، أو قدرتها على تنظيم لقاءات واستدراج الزوار عبر قمع المبيعات. ومن خلال تجربة موقع Acquire، يمكنك التعرف على منهج توظيف برامج المحادثة الآلية من أجل إثارة تفاعل الزوار، إذ يفتح البرنامج المدعم بخاصية الذكاء الاصطناعي المحادثة بالترحيب بالزائر والاستفسار عن دافع زيارته إلى الموقع بعبارة "مرحبا بك، تسرنا زيارتك ونتطلع إلى خدمتك على موقع Acquire" إضافةً إلى توفير إمكانية التواصل مع فرق الخدمات المختلفة بالضغط على إحدى الخيارات المعروضة أمامك؛ كما يوفر لك الموقع خاصية مواصلة التصفح من حيث توقف بحثك في آخر زيارة، وعرض المواد التي تناسبك. تأكد من الاطلاع على أفضل أدوات التحرير المدعم بالذكاء الاصطناعي ودليل صناعة المحتوى عبر الذكاء الاصطناعي للتأكد من رغبتك في توظيف هذه التكنولوجيا ضمن نشاط مدونتك، أو يمكنك الاكتفاء بأداة RightBlogger بفضل ما توفره لك من توجيهات. 4. أبرز خاصية الاشتراك في النشرة الإعلامية لمدونتك إن كنت ترغب في توسيع مدونتك وقائمتك البريدية، فعليك أولًا إقناع المشتركين بذلك، وهذا من خلال تصميم نشرة إعلامية ذات وقعٍ كبير، ولا تعتبرها مجرد أداة إعلام بظهور آخر أخبارك أو أحدث المحتويات على مدونتك فحسب، بل يكمن دورها في تحقيق مكاسب أكبر من ذلك، إذ تمكنك النشرة المصممة جيدًا من التواصل مع جمهورك المستهدف والتفاعل مع المتابعين شخصيًا؛ لذا احرص دائمًا على جعلهم متشوقين لفتح رسائلك الالكترونية وقراءتها باهتمام. 5.صمم مغناطيس جلب العملاء على مختلف زوايا مدونتك يُعَد مغناطيس جلب العملاء أفضل طريقة لتوسيع قائمتك البريدية. والمقصود بمغناطيس جلب العملاء، المحتوى القابل للقراءة فقط عند حصولك على العنوان الإلكتروني للآخرين؛ كما يؤدي دورًا مهمًا في توسيع القائمة البريدية عبر استقطاب متابعين أوفياء إلى جانب تحفيز العملاء المحتملين في وقت وجيز جدًا. ولعل أكثر أنواع المغناطيس فعاليةً هو الذي يوفر حلًا لمشكلة معقدة تواجه أحد المتابعين مبرزًا قيمة وخبرة مصممه ومقترحًا حلولًا عمليةً لمشكلته، وبتوفر هذه العناصر الثلاثة يمكنك تصميم مغناطيس جلب العملاء عن تحرير كتاب إلكتروني أو ربما عرض ندوة افتراضية مسجلة مسبقًا. عند إتمام تصميم مغناطيس جلب العملاء خاص بك لم يبق من عملك إلا عرضه أمام المتابعين والترويج له من خلال نافذة منبثقة أو لافتة إعلانية أو مواضع النصوص أو ضمن التصاميم البصرية المتعلقة بالمنشورات دون إغفال مشاركته عبر مختلف قنوات التواصل الاجتماعي. 6. وفر خاصية ترقية المحتوى المناسب يُعد نشر أيّ محتوًى يحقق عددًا كبيرًا من الزيارات إلى مدونتك بمثابة فرصة ذهبية لترقية محتواك، والمقصود بهذا إدراج مغناطيس جلب العملاء ضمن المحتوى المناسب للمنشورات، فقد رفعت هذه التقنية معدل تحويل مدونة Brian Dean بنسبة عالية جدًا بلغت 785 % خلال يوم واحد فقط، ويكمن السر في فعالية هذه الميزة أنها توفر للجمهور محتوًى يرغبون أنفسهم في متابعته. 7. استعد ثقتك بالمتابعين المغادرين يختلف تأثير ظهور النوافذ المنبثقة عن نية الخروج على نفسية المدون باختلاف استجابة الجمهور، فقد تكون تارةً أكثر ما يخشاه، وتارةً أخرى أفضل ما يتمناه لجلب تحويلات إضافية تساعد آليًا في تطوير مدونتك. ومهما كان موقفك من هذه التجربة، فلتعلم أن عددًا كبيرًا من المدونات والأعمال تستغل النوافذ المنبثقة عن نية الخروج لتحقيق مكاسب معتبرة، في حين قد تواجه تلك التقنية نوعًا من تذيل نتائج البحث مستقبلًا على محركات البحث. وفي نهاية الأمر، لا تتوقع أن يقضي أغلب الزوار أكثر من دقائق معدودات من أجل إطلالة سريعة على مدونتك قبل مغادرتها وقد لا يعودون مرةً أخرى، غير أن المدون النشيط البارع قادر على تحويل أولئك المغادرين إلى متابعين أوفياء. وعلى سبيل المثال والتوضيح، تعتمد مدونة the Foundr على هذه التقنية العملية عبر مختلف زوايا صفحاتها، فما إن يهمّ الزائر بإغلاق إحدى الصفحات، إلا وتظهر أمامه فورًا إحدى النوافذ المنبثقة pop-up مدعومةً بمغناطيس جلب العملاء، بحيث يقوم نظام عمل تلك النوافذ على الظهور آليًا بمجرد تحريك فأرة الحاسوب نحو إحدى وظائف الخروج كإغلاق الصفحة أو المتصفح أو فتح صفحة بحث جديدة، وكلما رغب الزائر في المغادرة إلا وتظهر أمامه إحداها لتعرض عليه محتوًى مميزًا بتصميم لافت يحفزه على الاستمرار في التجوال ضمن فضاء المدونة. 8. نظم مسابقات على شبكة الإنترنت ابدأ بتصميم مسابقتك الخاصة بهدف جلب عملاء جدد وتوسيع قائمتك البريدية. لقد أصبح أغلب المدونين مدركين تمامًا لأهمية المحتوى التفاعلي، مثل تنظيم المسابقات عبر الإنترنت ودورها في تطوير المدونة، فهي بمثابة مغناطيس ذاتي لجلب العملاء، والسر في نجاحها هو رغبة المتابعين في اختبار قدراتهم الخاصة عبر اجتياز مسابقات Facebook مثلًا ومشاركة نتائج اختباراتهم مع الأصدقاء، وهنا تكمن الاستفادة من دور المتابعين أنفسهم في توليد متابعين آخرين رغبةً منهم في خوض غمار تلك المسابقات. فما على المدون إلا الاستعانة بأدوات تصميم المسابقات عبر الشبكة مثل Interact Quiz Builder لتنظيم مسابقة مثيرة تليق بمحتوى مدونته وتوسع شبكة متابعيه. الخطوة الأخيرة لضمان نجاح تلك المسابقة هي الاجتهاد في الترويج لها عبر أفضل قنوات التواصل الاجتماعي، أو إبرازها في تصميم لائق على واجهة المدونة نفسها، وليتيقن كل مدون أن التهاون في تطوير المدونة سيؤدي حتمًا إلى زوالها عاجلًا أم آجلًا، لأن التميز في عالم التدوين لا يعترف بالوصول إلى القمة فحسب، بل بالمكوث عليها بالحرص والمثابرة. من جانب آخر، نطمئن جماعة المدونين أن عثرةً بعد خطوة إلى الأمام لا تعني بالضرورة العودة إلى نقطة الصفر في مشروع تطوير مدوناتهم، بل يجب الاستمرار والاعتبار بكل الجهد المبذول سلفًا فلا شيء يذهب سدًى. 9. راقب جيدا بياناتك التحليلية يرتبط تطوير المدونة ورفع عدد الزيارات ارتباطًا وثيقًا بمراقبة البيانات التحليلية للمدونة، ولا مناص هنا من إغفال هذه المهمة لمن يسعى حقًا إلى تطوير نشاطه. و للقيام بذلك، يجب عليك تحقيق عاملين أساسيين، أولهما معرفة المقاييس التي نقيسها، ثانيهما قائمة البيانات التي نحللها، فعند مراقبة بيانات نشاط مدونتك جيدًا، سيكون بإمكانك اقتناص الفرص وتحسين مستوى الأداء بغض النظر عن فهم آلية تطوير المدونة. وبالنسبة للمدونين النشطين على موقع ووردبرس WordPress، فالأفضل لهم زيارة موقع MonsterInsights لفهم وتحليل بيانات مدوناتهم، وهذا أمر في غاية البساطة، فما عليهم إلا ربطها بحساباتهم على موقع تحليلات جوجل Google Analytics والاستفادة فورًا من خدمة الاطلاع على عدة بيانات مهمة عن المدونة من قبيل مدة التصفح وأكثر المنشورات متابعةً وغيرها. 10. أجر اختبارات أ/ب باستمرار على محتوى مدونتك لا يجب أن يكتفي المدون بتحقيق أداء جيد حتى وإن كانت مدونته مزدهرة، لأن باب التطوير مفتوح دائمًا، ولكن بدلًا عن التقاعس والتخمين في ما قد ينفع أو لا ينفع، أجرِ اختبارات أ/ب لتحصل على بيانات رقمية حقيقية عما إن كنت على المسار الصحيح في سبيل تطوير المدونة على المدى البعيد أو لا. تقوم اختبارات أ/ب أو اختبارات الانقسام كما يسميها بعضهم على إنشاء نوعين من التجربة نفسها واختيار أيهما أحسن أداءً من الأخرى، وهذه الآلية قابلة للتطبيق افتراضيًا على مختلف عناصر بناء المدونة، مثل اختيار أحسن توقيت لنشر المحتوى، أو نسخ الدعوة إلى الإجراء أو صياغة عناوين أحدث المنشورات أو غيرها. يجب الاعتماد على فكرة اختبارات أ/ب باعتبارها عملية تفاعلية، لأن النجاح الحقيقي لا يكمن في إجراء تغيير جوهري، وإنما في الحرص على إجراء تعديلات بسيطة دوريًا، تكون كفيلةً بتحقيق الغاية من تحسين محتوى المدونة وتضمن ازدهارًا متواصلًا عبر مراجعة منهجية إدارتها. 11. استعن بأدوات التشغيل الآلي واعمل بنظام المناولة يمكن تفعيل التشغيل الآلي لأغلب المهام المتعلقة بالحفاظ على ازدهار المدونة، وذلك بمجرد إعطائها نفسًا جديدًا، فهذا أمر إيجابي جدًا يصب في مصلحة بناء مدونة ناجحة. ومن خلال الاستعانة بالأدوات المناسبة، يمكنك تقليل تركيزك على مهمة الإدارة اليومية للمدونة، وتكثيف جهودك على توظيف تقنيات التطوير بعيدة المدى، وإن كنت من منتجي التسجيلات الصوتية، فيمكنك تحويل تلك التسجيلات إلى منشورات على مدونتك لتتمكن من تفريغ نفسك وتركيز جهودك نحو أداء مهم أخرى. ولمراجعة هذا الأمر عن كثب، يمكنك مراجعة قائمة المائة أداة وأداة لتوظيف التشغيل الآلي للمدونات باختلاف مجال شاطها. 12. لا تتوقف عن التجريب أخيرا وليس آخرًا، من المهم للمدونين التحلي بالشجاعة وتجريب أفكار ومسارات جديدة قد تكون سببًا في تحقيق نتائج باهرة يعود أثرها على مدونتهم ولعل تجربةً جريئةً واحدةً منها تنتج أثرًا إيجابيًا. إن ما يميز تسويق المحتوى هو طابعه المتغير باستمرار والأكثر تميزًا منه هم المدونون الذين يحرصون دائمًا على تنويع تقنيات منهج نشاطهم حفاظًا على سمو مكانتهم، ففي بعض الأحيان، يبدأ التدوين بفكرة تحقيق دخل إضافي ونشر محتوًى في شكل استشارات تسويق المحتوى، وسرعان ما تنمو تلك الأفكار وتزدهر لتصبح مشاريع قائمةً بذاتها، وقد لا يخطر ببال أصحابها أن تلك التجارب البسيطة ستوصلهم ذات يوم إلى إنشاء مدونتهم الصوتية الخاصة podcast ذائعة الصيت أو تنظيم دورات تدريبية مجانية في مجال التدوين. خاتمة نرجو أن يكون هذا الدليل قد أنار درب كل المدونين الساعين إلى تطوير مدوناتهم من خلال جملة من أفضل التقنيات المقترحة، والتي تبقى محدودةً بالنظر إلى الكم الهائل من استراتيجيات مجال تطوير المدونة. والآن ما الخطوات التي تفكر باتباعها لتطوير مدونتك في هذه السنة؟ ترجمة -وبتصرّف- للمقال .40 Ways How to Grow a Blog in 2023 اقرأ أيضًا المقال السابق: دليل استراتيجيات تطوير المدونات- الجزء الثالث دليل استراتيجيات تطوير المدونات- الجزء الأول دليل استراتيجيات تطوير المدونات- الجزء الثاني كيفية تغيير مدونة تعاني إلى الأفضل إذا قررت الاحتفاظ بها ما هي تكلفة إنشاء مدونة؟
-
خلال سنة 2021، وفي حدث خيب بشدة آمال محبي استكشاف الفضاء عبر العالم، أجلت وكالة ناسا NASA رحلةً طال انتظارها إلى القمر بما لا يقل عن سنة كاملة، واعترفت السلطات حينها بأن الموعد المحدد سابقًا بسنة 2024 لهبوط الإنسان على القمر لم يستند إلى دراسة جدوى تقنية. لا تقتصر التقديرات التقنية الخاطئة على مشاريع الفضاء الطموحة المدعومة من الدولة، بل يمكن أن تحدث في حالة أي مبادرة باختلاف حجمها إذا لم تُحلل بعناية. يشرح هذا المثال الجوانب التي ينبغي فحصها قبل إطلاق مشروع برمجة، حتى لا ينتهي المطاف بصاحب المشروع مثل وكالة ناسا، ويطلق مشروعه بنجاح. لماذا نحتاج إلى دراسة الجدوى؟ تقيس دراسة الجدوى أو تحليل الجدوى إمكانية تنفيذ فكرة المشروع من عدة جوانب، وتهدف إلى مساعدة كبار المديرين على تضييق نطاق الخيارات واتخاذ قرارات مستنيرة بالقبول أو بالرفض. تغطي دراسة الجدوى الشاملة خمس جوانب أساسية يرمز لها اختصارًا بالحروف اللاتينية TELOS المعروفة لدى مديري المشاريع والمنتجات. كما تُظهر الصورة أعلاه، يرمز TELOS إلى العناصر التالية: تستكشف الجدوى التقنية ما إذا كان يمكن أصلًا بناء المنتج باستخدام الأدوات والخبراء المتوفرين. تفحص الجدوى الاقتصادية تكاليف المنافع الاقتصادية للمشروع، ولتحديد الجدوى الاقتصادية، كثيرًا ما يستخدم التقدير التقريبي rough order of magnitude ROM. تتأكد الجدوى القانونية من أن المنتج يتوافق مع كل التنظيمات ولا يخترق أية قوانين، على سبيل المثال، إذا كان البرنامج يتعلق ببيانات صحية، فلا بد أن يحترم اللوائح المتعلقة بخصوصية المرضى، كما ينبغي استكشاف المخاطر القانونية الممكنة وكيف يمكن أن تؤثر على المشروع. تستكشف الجدوى العملياتية كيفية تأثير مشروع جديد على العمليات اليومية في الشركة، والإجراءات التي ينبغي تطبيقها، والجهود التي ينبغي بذلها للحفاظ عليها، فإذا افترضنا على سبيل المثال أن الأمر يتعلق بإطلاق منصة عالمية للتجارة الإلكترونية، فسنحتاج تبعًا لذلك إلى مخازن وفرق عمل محلية، وفي بعض الحالات إلى مواقع إنترنت محلية في كل بلد. وعليه، من الصعب جدًا تحقيق هذا المشروع عمليًا، وربما يكون ذلك غير ممكن إطلاقًا، رغم أن الفكرة الأولية تبدوا جذابةً اقتصاديًا وقابلةً للتطبيق تقنيًا. تعطي الجدوى الزمنية للمشروع آجالًا واقعيةً للتنفيذ وتساعد على الالتزام بها. من الواضح أنه لا يمكن إجراء جدوى شاملة دون معرفة عميقة بتخصصات المالية والتقنيات والقانون، لهذا من الطبيعي أن أغلب الدراسات البحثية تُجرى عادة من قبل مستشارين خارجيين. سنركز في هذا المقال على الجانب التقني للجدوى، رغم أننا لا نستطيع اجتزاء الجانب التقني نهائيًا من أوجه التحليل الأخرى لأنها تتحرك جميعًا للأمام معًا، وتؤثر على بعضها البعض. ما هي الجدوى التقنية؟ تُعَد الجدوى التقنية أكثر أجزاء دراسة الجدوى استهلاكًا للوقت في مجال هندسة البرامج وأكثرها تعقيدًا، لذلك، عند الحديث عن جدوى المنتجات الرقمية، فنحن نعني الجدوى التقنية بالدرجة الأولى. وكما ذكرنا سابقًا، تستكشف الجدوى التقنية إمكانية تنفيذ المشروع من زاوية تقنية، غير أنها تأخذ في الحسبان بالضرورة وتتوقف على الميزانية المتوفرة، والأطر الزمنية، والقيود القانونية، وعمليات ما بعد التطوير المتعلقة بالدعم والصيانة. تُقيَّمُ الجدوى خلال مرحلة التفكير في تطوير المنتج، وذلك بعد جمع المتطلبات المبكرة للمشروع والمتمثلة في: المتطلبات الوظيفية التي يضعها محللو الأعمال وتصف الخصائص والحلول. المتطلبات عبر الوظيفية والتي تكون مجموعةً في العادة من طرف مهندس برامج وذات صلة بخصائص النظام، مثل الأداء وقابلية التوسع وغيرها. في نهاية المطاف، إذا تأكدت جدوى المشروع، فسيعمل التحليل المنجز كقاعدة لخطة أعمال تشرح كيفية نقل المشروع من فكرة إلى حقيقة؛ أما إذا تبين أن المروع غير مُجد، فسنحتاج إلى إدارة توقعات العميل وعرض طرق بديلة لتحقيق أهداف الأعمال. لا يمكن إنجاز دراسة جدوى تقنية خلال بضعة أيام قليلة. لهذا، ولتسهيل العمل، نقسم هذه العملية إلى مرحلتين كبيرتين هما الدراسة النظرية والاختبار التطبيقي مع الأشخاص ذوي الصلة. مثال عن دراسة جدوى تقنية دراسة الجدوى التقنية هي فحص متعمق للعوامل التقنية ذات الصلة بالمشروع المعني، وتشمل أمورًا مثل: مكونات الأجهزة والبرامج. المخاطر والقيود التقنية. الملاءمة مع المكونات التقنية الأخرى. قدرات فريق الهندسة. تتضمن هذه الدراسة سلسلةً من الخطوات سنتناولها فيما يلي بتفصيل أكثر. التفكير في خيارات التنفيذ الخبراء المعنيون: مهندس برامج أو مهندس حلول solution architect، خبراء تقنيون آخرون. قبل كل شيء، ينبغي التفكير في خيارات التنفيذ، وهنا، لدينا عادةً عدة بدائل: 1. ألا نفعل شيئا قد يكشف الفحص التقني الشامل أحيانًا أن أفضل خيار في الوضعية الحالية هو الاكتفاء بالنظام الموجود، إذ يمكن أن يتضمن الابتكار أخطارًا غير مبررة وإسرافًا غير ضروري للأموال، مقابل الوعد بالحصول على القليل من التحسينات. 2. تحديد برنامج جاهز وتعديله وفقا لاحتياجاتنا غالبًا ما يكون الخيار الأكثر جدوى هو شراء أداة جاهزة ودمجها مع حل جديد، ومن ثم تعديلها لتتلاءم واحتياجاتنا، وهي ممارسة شائعة خصوصًا لدى التطبيقات واسعة الاستخدام أو البنى التحتية الكبرى والمعقدة التي تستغرق سنوات لبنائها من الصفر. ومن أمثلة المنصات الضخمة صعبة التطوير: أنظمة إدارة الممتلكات الخاصة بالفنادق أنظمة خدمة المسافرين الخاصة بشركات الخطوط الجوية أنظمة السجلات الصحية الإلكترونية الخاصة بالمستشفيات. عند اختيار منتج جاهز للاستخدام ينبغي أن نقيس بحذر الجوانب التالية: الأداء. سهولة التعلم. سهولة الإطلاق. درجة الدعم المقدمة من البائع. التوافق مع التقنيات الأساسية الأخرى التي نستخدمها. قابلية التوسع. خيارات الترخيص. ورغم أننا في هذه الحالة لا نحتاج إلى تصميم كل شيء من العدم، لا يزال هناك الكثير من العمل المطلوب، مثل تطبيق واختبار الواجهات البرمجية API، وتعديل وتحسين تعليمات البرمجة حسب الاحتياجات في حالة برنامج مفتوح المصدر، والتأكد أن كل المكونات تعمل جيدًا كوحدة متكاملة؛ إذ أن الارتباط بجهات خارجيةً يحتاج في بعض الأحيان إلى عدة أشهر ويتطلب مهارةً تقنيةً وخبرةً عميقةً في المجال. 3. بناء نظام مخصص يسمح التطوير المخصص بالاستجابة الصحيحة لكل متطلبات الشركة. وإذا كان مجديًا، أو قابلًا للإكمال ضمن المدة الزمنية والميزانية المحددتان، فالخطوة الموالية ستكون فحص التقنيات والهندسة التي ستستخدم في المشروع. تقييم بيئة الأجهزة والبرامج الخبراء المعنيون هنا هم مهندس برامج أو مهندس حلول solution architect، ومحللي الأنظمة، ومهندسي تقنيات المعلومات. سواءً اخترنا منتجًا جاهزًا أو بناء نظام مخصص، لا بد من جرد أجهزة وبرامج الشركة للإجابة على السؤال: هل يمكن إدارة المشروع باستخدام مكونات البيئة الحالية؟ تُصمم الأنظمة الحديثة مع مراعاة نمو العملاء، مما يعني التعامل مع عدد متزايد يوميًا من المعاملات، ولكن هذا لن يكون قابلًا للتحقيق دون استخدام خوادم إضافية، وشراء مساحات تخزين أكبر، واتخاذ إجراءات أخرى لزيادة قدرة البنية التحتية لتقنية المعلومات. بالنسبة لمقدمي الخدمات على مدار اليوم والأسبوع 24/7، مثل وكالات السفر ومنصات البنوك الرقمية، من المهم إلى جانب امتلاك طاقة معالجة كافية الحفاظ على الاتصال الدائم بشبكة الإنترنت؛ وفي هذه الحالة، لا بد من إنشاء تكرار للشبكة Network redundancy. وإحدى الطرق المباشرة لذلك هي تثبيت نسخة واحدة على الأقل من نظام الأجهزة الحالي، بما في ذلك الخوادم وأجهزة التوجيه وغيرها، وتشغيلها جنبًا إلى جنب. وفي حالة توقف أو فشل مسار المرور الأول، سيتولى المسار الثاني المسؤولية فورًا. زيادةً على الاتصال المستقر بشبكة الإنترنت، أصبحت الكثير من مشاريع الأعمال تعتمد كثيرًا على انتقال الشبكة المنخفض low network latency، ويرتبط ذلك ببث محتوى المستخدمين، والتجارة واللعب على الإنترنت، والتحاضر بتقنية الفيديو، وغيرها من من الخدمات التفاعلية التي يصنع فيها كل جزء من الثانية فارقًا. ومن أجل تحقيق أسرع استجابة ممكنة، ينبغي على الشركة استضافة خوادم تكون قريبةَ ما أمكن إلى المستخدمين النهائيين، ما يمكن أن يتطلب إعادة بناء البنية التحتية لتقنية المعلومات كاملةً. إحدى الطرق الواعدة لحل مشكلات طول وقت الاستجابة في مجال إنترنت الأشياء الطبية Internet of Medical Things وأنظمة إنترنت الأشياء هي حوسبة الحافة Edge computing، والتي توزع بعض وظائف الحوسبة عبر خوادم دقيقة موجودة قرب مصادر البيانات، متمثلةً في المجسات والأجهزة الذكية، بدل الاعتماد الكامل على المعالجات المركزية عن بعد، غير أن هذه التقنية لا تزال غير ناضجة، مما يجعلها تنطوي على مخاطر فشل كبيرة. إضافةً إلى ما سبق، يوجد أمران آخران ينبغي فحصهما عند مراجعة البنية التحتية لتقنية المعلومات. الأول يتمثل في نقاط الضعف الأمنية، والتي تكون ذات أهمية خاصة إذا كنا نخطط لتخزين ومعالجة معلومات حساسة، والثاني هو مقدرة الأنظمة على التفاعل مع معدات وبرامج البائعين الخارجيين. إنشاء عدة تصاميم تقنية الخبراء المعنيون هنا هم مهندس برامج أو مهندس حلول solution architect، إلى جانب الخبراء التقنيين، والمستشارين الخارجيين. تتمثل إحدى القواعد الأساسية لدراسة الجدوى في تقديم عدة تصاميم ممكنة تمثل تقريبًا النظام المزمع بناءه، وينبغي أن يقدم كل تصميم منها نظرةً شاملةَ على الحل وأن يغطي ما يلي: بنية تطبيق عالية المستوى إلى جانب الوحدات الرئيسية والتفاعلات بينها. هندسة البيانات، أو كيفية جمعها ومعالجتها وتخزينها. التكامل مع مصادر البيانات الخارجية والخدمات والأنظمة. آليات الأمان. ينبغي دراسة كل واحد من الخيارات التقنية من كل جوانب الجدوى الاقتصادية والقانونية والعملياتية والزمنية. تحليل المخاطر والقيود التقنية الخبراء المعنيون: مهندس برامج أو مهندس حلول solution architect الخبراء التقنيون. زيادةً على جوانب الجدوى، ينبغي تحليل المخاطر التقنية المرتبطة بكل خيار، والتي تشمل على سبيل المثال لا الحصر: اعتماديات الأطراف الخارجية third-party dependencies. التبني المبكرة للتقنيات غير الناضجة. استخدامات أدوات جديدة على فريق العمل. التعامل مع الأنظمة القديمة. أخيرًا، ينبغي النظر في القيود التقنية والمزالق الممكنة للتصاميم المقترحة، والمتمثلة في: قيود الأداء. التعقيدات المتعلقة بالتطبيق. مخاوف قابلية التوسع: هل سيستطيع النظام تحمل الحجم المتزايد للعمل؟ مخاوف قابلية الاستهلاك: هل سيستطيع النظام دعم وظائف وواجهات جديدة وغيرها؟ التعقيدات المتعلقة بالصيانة والدعم. عند الحصول على كل المعلومات المهمة، لا يبقى إلى اتخاذ القرار واختيار أفضل بديل. المقارنة بين الحلول المقترحة واختيار الأفضل الخبراء المعنيون: كل المختصين المذكورين في العناصر السابقة. للمقارنة بين الحلول واختيار البديل الأفضل، ربما ستحتاج الشركة إلى بناء مصفوفة قرار decision matrix. حسب الجدول الموضح أعلاه، يمكن للحل الأول أن يقدم أداءً أفضل، ولكنه سيكلف ضعف الحل الثاني، كما أنه يطرح تحديات فيما يخص الصيانة؛ مما يتطلب توظيف خبراء أو استخدام خدمات دعم خارجية، وهو ما يجعل الخيار الأول أقل جاذبيةَ من ناحية الجدوى العملياتية. والجدير بالذكر هنا هو أن مصفوفة اتخاذ القرار كما هي موضحة في مثالنا هذا ليست دليلًا إرشاديًا صارمًا ينبغي اتباعه. كتابة تقرير الجدوى الخبراء المعنيون: كل المختصين المذكورين في العناصر السابقة. تتمثل المخرجات المنطقية لدراسة الجدوى في وثيقة تدعى تقرير الجدوى، حيث يمكن أن تختلف من شركة لأخرى، إلا أنها تحتوي عادةً على الأقسام التالية: ملخص يشرح باختصار هدف المشروع، ونطاقه، والمشاكل المتوقع حلها، مع تحديد الجوانب التي لن تُغطى وتبرير ذلك. وصف الوضعية الحالية، ونحدد فيها البنية التحتية الحالية لتقنية المعلومات ومشاكلها، مع وصف الأجهزة، ونسخة نظام التشغيل، وخصائص البرنامج الذي سيُستبدل أو سيُدمج مع النظام الجديد. المتطلبات، ونعني بها تلك الوظيفية وغير الوظيفية، ويمكن وضع أو إنشاء رابط إلى الوثائق المتعلقة بتفاصيل المتطلبات البرمجية المتعلقة بالمشروع حتى يتمكن القارئ من التعرف عليها دون الحاجة إلى قراءة المزيد. تحليل البدائل الممكنة، وهنا نحدد الحلول الممكنة لتحقيق هدف المشروع، بما في ذلك الأدوات الموجودة حاليًا في السوق، وتعريف المعايير الرئيسية لتقييمها، مثل التوافق مع الأهداف المرجوة، والتكاليف، والتلاؤم القانوني، وغيرها، مع تحديد الخيارات الموصى بها وتبرير هذا الاختيار، وتحديد نقاط المنافع المتحصل عليها من خلال تطبيق البديل المختار. تحليل المخاطر الممكنة، مثل تلك المتعلقة بالقيود القانونية المرتبطة بالبديل أو بالبدائل المختارة واقتراح طرق لتجنبها. التوصيات، وتلخص أهم نتائج الدراسة ومسار التحرك الموصى به. اختبار وإثبات الجدوى بعد تحديد التصميم المختار وكتابة تقرير الجدوى، يمكن تخفيف الأخطار المحتملة أكثر من خلال اختبار فرضية المنتج عن طريق: إثبات المفهوم proof of concept. النموذج الأولي prototype. منتج الحد الأدنى MVP. ورغم أنه كثيرًا ما تختلط هذه المصطلحات على الناس -حتى أنهم يستخدمونها للتعبير عن نفس المفهوم-، إلا أن العمليات التي تقف وراءها في الحقيقة تحدث خلال مراحل مختلفة من تطوير المنتج، وتختلف من ناحية الأهداف والموارد المستخدمة. إثبات المفهوم هو الوحيد من بين هذه المفاهيم الذي يرتبط بدراسة الجدوى التقنية، ولكننا سنلقي نظرةً أيضًا على المفهومين الآخرين نظرًا لارتباطهما القريب منه، وأنهما يخدمان نفس الهدف العام والمتمثل في الاختبار قبل الاستثمار. بناء إثبات المفهوم لتأكيد الجدوى التقنية الخبراء المعنيون: محللو الأعمال، ومصممو واجهة وتجربة المستخدم. إثبات المحتوى هو عرض تقريبي للمنتج المستقبلي بناءً على دراسة الجدوى، ويكون موجهًا لأصحاب المصلحة الداخليين والمستثمرين، وهو أرخص وأسرع طريقة لتأكيد أن البديل المختار سيتبع السلوك المتوقع منه في بيئة معينة؛ وإذا تبين عكس ذلك، عندها يمكن اللجوء إلى بديل آخر أو إلغاء الفكرة من أساسها. لا توجد قواعد صارمة تحدد ما يجب أن يبدو عليه إثبات المفهوم، إذ يمكن أن يأخذ شكل وثيقة تقنية، أو عرض تقديمي، أو رسم بياني، أو مخطط هيكلي بمعنى رسم غير وظيفي لواجهة المستخدم المستقبلية، أو خليط من كل هذه الأشياء، وفي غالب الأحيان، لا يتضمن إثبات المفهوم إنشاء تعليمات البرمجة coding. لا يُعَد إعداد إثبات المفهوم أمرًا إلزاميًا، إلا أنه موصى به بشدة عند تطوير منتجات جديدة لا تتوفر حاليًا في السوق، وبعد إثبات المفهوم، يمكن الانتقال إلى الخطوة التالية في عملية الاختبار، وهي إعداد النموذج الأولي. بناء النموذج الأولي لاختبار الواجهة الخبراء المعنيون: محللو الأعمال مصممو واجهة وتجربة المستخدم مطورو البرامج. النموذج الأولي prototype هو نسخة ذات تكلفة منخفضة ووظائف محدودة وهندسة بسيطة للنظام المستقبلي، إذ تحوّل إثبات المفهوم إلى أداة عرض تفاعلية مع تصميم قابل للنقر، مما يظهر تدفق المستخدم بصريًا، ويسمح النموذج التجريبي بأن نعرض على المستثمرين والعملاء النهائيين شكل المنتج والانطباع الذي سيتركه، كما ستساعد الملاحظات من الأشخاص الحقيقيين على التحديد والإصلاح السريعين لعيوب التصميم. بناء منتج الحد الأدنى للتأكد من جدوى السوق الخبراء المعنيون: مديرو المشاريع مطورو البرامج. منتج الحد الادنى هو نسخة قابلة للتشغيل للنظام مبنية على أساس إثبات المفهوم والنموذج الأولي، إضافةً إلى تفاصيل متطلبات البرنامج، التي تحتوي على الخصائص الرئيسية التي تحل مشكلات المستخدم، وتُطلق إلى السوق من أجل جمع تعليقات الجماهير الواسعة، وقياس النتائج؛ وعند الضرورة، نُدخِل تعديلات على الخطة الأولية بناءً على ذلك. متى تكون للجدوى التقنية أهمية قصوى؟ ما هي درجة العمق التي ينبغي أن تبلغها دراسة الجدوى لضمان سير الأمور على ما يرام دون أي مفاجآت غير سارة خلال مرحلة التطوير؟ كلما زادت درجة الابتكار في المنتج، زادت كمية التفاصيل التي ينبغي للدراسة أن تشملها، فقط، وتكون دراسة الجدوى التقنية ذات أهمية خاصة في المجالات التالية: تطوير منتج جديد. إضافة خصائص جديدة. إعادة التصميم الجذري، مثل تجزئة نظام العمل الشامل إلى أنظمة خدمات مصغرة جدًا. بعبارة أخرى، هل توجد حالات لا ضرورة فيها لدراسة الجدوى التقنية؟ بالتأكيد، ويمكن إحصائها على أصابع اليد الواحدة كما يلي: عندما نكون متأكدين من جدوى المشروع. عندما يدير صاحب المشروع مشروعًا مماثلًا أو أنه أجرى دراسةً مماثلةً خلال السنوات الثلاث الماضية. المشروع صغير وبسيط، مع تأثير صغير على أهداف الشركة بعيدة المدى. في كل السيناريوهات الأخرى غير المذكورة هنا، دراسة الجدوى التقنية خطوة ضرورية لفهم ما إذا كان البرنامج جديرًا بالاستثمار أساسًا، وعدد تعديلات الخطة الأولية التي سيكلفنا إياها. ترجمة -وبتصرّف- للمقال Technical Feasibility Study in Software Engineering: Things to Consider Before Development Starts اقرأ أيضًا كيفية إجراء تحليل لجدوى المشروع ما هي إدارة المنتجات؟
-
تسعى فرق العمل الناشطة في مجال تطوير البرمجيات إلى تقديم برامج تتوافق تمامًا مع احتياجات العملاء، ولذلك فإن أطر العمل المطبقة في مجال إدارة المشاريع وإدارة المنتجات من هذا النوع تضع هذا المسعى نصب أهدافها، ونجد في هذا السياق أن إطار التطوير الموجه بالخصائص Feature Driven Development FDD، والمصنف كأحد أطر عمل منهجية أجايل، يمثل خيارًا ممتازًا، حيث يركز على مقاربة تتمحور حول العميل، كما أنه مصمم ليعمل بفعالية في عالم تطوير البرمجيات المعاصر. في هذا المقال، نستكشف مبادئ وخطوات وأدوار وميزات إطار التطوير الموجه بالخصائص، لنقدم نطرةً عامةً عن إطار العمل هذا، سواءً للمهتمين عامةَ بمنهجية أجايل، أو للفضوليين الباحثين عن أطر عمل مبتكرة لتطوير البرمجيات. تعريف إطار التطوير الموجه بالخصائص FDD التطوير الموجه بالخصائص Feature Driven Development FDD هو أحد أطر عمل منهجية أجايل لتطوير البرمجيات، يشتهر بدورات التطوير قصيرة الأجل وبالإطلاقات المتواترة، ويركز على تصميم وبناء أنظمة البرمجيات تكراريًا وتراكميًا، مع التركيز على تحديد وتصميم وتطبيق الخصائص أو الوظائف الفريدة للنظام، ويُستخدم التطوير الموجه بالخصائص عادةً في حالة المشاريع كبيرة الحجم والمعقدة. وكما يدل اسمه، فإن إطار التطوير الموجه بالخصائص يتمحور حول تحديد الخصائص والوظائف المكونة لنظام البرمجيات وإعطائها الأولوية وتطويرها، إذ تُعَد كل خاصية وحدة عمل قائمةً في حد ذاتها، ويظهر هذا الاهتمام منذ مرحلة التصميم، والتي تُبنى هي الأخرى على الخصائص، فتُنشئ فرق العمل تصميمًا لكل خاصية، مما يساعد على فهم المتطلبات والعلاقات بين هذه الخصائص، والتحديات الممكنة ذات الصلة بكل خاصية، ويُدار التطوير الموجه بالخصائص من خلال قائمة خصائص مرتبة حسب أولويتها، والتي تحددها أهميتها للمشروع، وتسمح هذه المقاربة بتوفير خارطة طريق واضحة لتطوير الخصائص الأهم في المراحل المبكرة من المشروع. طُبق إطار التطوير الموجه بالخصائص لأول مرة سنة 1997 من قِبل الخبير في مجال تقنية المعلومات والمؤلف جيف دي لوكا Jeff De Luca، والذي صممه في البداية خصيصًا ليلائم احتياجات مشروع يتضمن تصميم برنامج خلال 15 شهرًا من قِبل فريق يتكون من 15 شخصًا لصالح أحد أكبر البنوك في مدينة سنغافورة، وقدم دي لوكا وصفًا مفصلًا لإطار التطوير الموجه بالخصائص لأول مرة في الفصل السادس من كتابه نمذجة جافا بالألوان باستخدام مخطط نمذجة اللغة الموحدة Java Modeling in Color with UML سنة 1999 مع زميليه بيتر كود Peter Coad وإريك ليفيبفر Eric Lefebvre. وفي سنة 2002، قدم ستيفن بالمر Stephen Palmer وماك فيلسينغ Mac Felsing كتابهما الدليل العملي للتطوير المؤطر بالخصائص A Practiccal Guide to Feature-Driven Development، والذي يحتوي على وصف أكثر عموميةً لإطار العمل بمعزل عن نمذجة جافا. إطار التطوير الموجه بالخصائص مبني عامةَ حول أفضل ممارسات هندسة البرمجيات، بما في ذلك تحديد نموذج الكائن للنطاق domain object model، أو نطاق المشكلة التي تحتاج إلى حل، من أجل مساعدة تحديد إطار العمل لتطوير الخصائص. توزيع الأدوار داخل فريق العمل في إطار التطوير الموجه بالخصائص FDD توجد عدة أدوار رئيسية داخل فرق عمل إطار التطوير الموجه بالخصائص، تتقاسم المسؤوليات بهدف ضمان نجاح المشروع، وتشمل هذه الأدوار إدارة المشروع، والتصميم، والتطوير، وضمان الجودة وتكون موزعةً عمومًا كما يلي: مدير المشروع Project Manager: يراقب مدير المشروع كامل عمليات المشروع، وهو مسؤول عن مشاركة تقارير تقدم العمل مع العملاء وضمان أن المشروع يتقدم حسب الخطط الموضوعة. المهندس الرئيسي Chief Architect: المهندس الرئيسي مسؤول عن التصميم الكلي وعن نمذجة النظام، إذ يعمل مع المطورين ذوي المهارة خلال مرحلة التخطيط من دورة التطوير. مدير التطوير Development Manager: يقود مدير التطوير ويُرشد فريق التطوير، كما يراقب أنشطة البرمجة اليومية. المطور الرئيسي Chief Programmer: المطور الرئيسي هو المسؤول عن التنسيق داخل فريق التطوير، وضمان جودة شيفرة التطوير. مالك الفئة Class Owner: مالك الفئة مسؤول عن تطوير فئة أو مجموعة معينة من الفئات داخل المشروع. خبير النطاق Domain Expert: خبير النطاق مسؤول عن تقديم المعرفة والخبرة ذات الصلة بالنطاق لفريق التطوير. مدير النطاق Domain Manager : مدير النطاق مسؤول عن إدارة خبراء النطاق وضمان استخدام المعرفة التي يقدمونها في عملية التطوير. مدير الإطلاق Release Manager: مدير الإطلاق مسؤول عن إدارة عملية الإطلاق، وضمان تسليم المنتج في الوقت المحدد وبما يتوافق ومعايير الجودة الموضوعة. خبير اللغة Language Guru: خبير اللغة مسؤول على ضمان أن فريق التطوير يستخدم لغة البرمجة الصحيحة ويلتزم بأفضل الممارسات. مهندس البناء Build Engineer: مهندس البناء مسؤول عن إدارة عملية البناء وضمان البناء الصحيح للمنتج. صانع الأدوات Toolsmith: صانع الأدوات مسؤول عن إدارة أدوات عملية التطوير وضمان الاستخدام الصحيح لهذه الأدوات. مسؤول النظام System Administrator: مسؤول النظام هو الشخص المسؤول عن إدارة بيئة التطوير وضمان التكوين الصحيح لها. المختبرون testors: المختبرون مسؤولون عن اختبار المنتج وضمان أنه يرقى إلى معايير الجودة الموضوعة. المطورون Developers: المطورون مسؤولون عن تطوير المنتج وضمان أنه يتوافق ومعايير الجودة المطلوبة. المبادئ الأساسية لإطار التطوير الموجه بالخصائص FDD بصفته أحد أطر عمل منهجية أجايل، فإن إطار التطوير الموجه بالخصائص مبني على قيم ومبادئ منهجية أجايل المحددة في بيان أجايل للتطوير، غير أنه إضافةً إلى ذلك قائم على مجموعة من المبادئ الخاصة به والتي يمكن إيجازها كما يلي: 1. التمحور حول العميل يضع إطار التطوير الموجه بالخصائص العميل في مركز عملية تطوير البرمجيات، حيث يركز على فهم وتقديم الخصائص التي تستجيب مباشرةً لاحتياجات العميل ومتطلباته، ويضمن التقارب بين جهود التطوير وأولويات العميل تقديم قيمة حقيقية لهذا الأخير. 2. دورات التطوير القصيرة والإطلاقات المتواترة يركز إطار التطوير الموجه بالخصائص على دورات التطوير قصيرة الأجل وعلى تواتر عمليات الإطلاق، حيث تسمح هذه المقاربة بالحصول الأسرع على تعليقات وآراء العملاء والأطراف ذات الصلة، مما يسهل بدوره التحديد المبكر للمشاكل وإدخال التعديلات الضرورية؛ وبالتالي عملية تطوير أكثر مرونةَ واستجابةً، مع تقليص الزمن بين تاريخ بدء العمل على ميزة معينة وتاريخ تسليمها للمستخدمين. 3. التوجيه بالنموذج يتضمن إطار التطوير الموجه بالخصائص أفضل ممارسات هندسة البرمجيات، والتي تشمل استخدام تقنيات النمذجة، حيث تنطلق من تحديد نموذج كائن النطاق domain object model، والذي يمثل الوحدات الجوهرية والعلاقات فيما بينها داخل نطاق المشكلة. يُستخدم هذا النموذج كإطار عمل قاعدي لتطوير الخصائص والمساعدة على ضمان أن البرنامج يتناسب والمشكل المرغوب حله. 4. الاعتماد على فريق العمل يعتمد إطار التطوير الموجه بالخصائص على مقاربة تقوم على التعاون بين فريق العمل في عملية تطوير البرمجيات، ويتضمن ذلك مجموعةً متنوعةً من الأدوار كما أشرنا سابقًا، إذ يسمح استخدام خبراء وأعضاء فريق متنوعي الخلفية والمهارات بضمان أن تكون عملية التطوير أكثر كفاءةً وفعالية. 5. التكرار والتراكم يتبع إطار تطوير الموجه بالخصائص عملية تطوير تكراريةً وتراكمية، حيث أن كل دورة تطوير تكون مبنيةً على الدورة التي سبقتها، مما يسمح بالتحسين المتواصل للبرنامج، ويقلل من مخاطر بناء نظام كبيرة ومعقد دون تعليقات وآراء المستخدمين، إذ يتطور المنتج في هذه الحالة استجابةَ للمتطلبات والأولويات المتغيرة. خطوات التطوير الموجه بالخصائص FDD يتمحور إطار التطوير الموجه بالخصائص حول مجموعة تتكون من خمس عمليات تغطي تطوير نموذج شامل ووضع قائمة الخصائص وتخطيطها وتصميمها وبنائها، وتتمثل هذه الخطوات فيما يلي: 1. تطوير النموذج الشامل تتضمن الخطوة الأولى تحصيل فهم واضح لنطاق وسياق نظام البرنامج الذي نرغب في تطويره، وتكون الانطلاقة هنا من عملية شرح عالية المستوى يُناقش فيها الأطراف ذوي الصلة، بما في ذلك: المطورين وخبراء النطاق أهداف المشروع العامة ومتطلباته بعد ذلك، يأتي دور إنشاء نماذج نطاق مفصلة لتمثيل الجوانب المختلفة للنظام، وتقدم هذه النماذج تمثيلات لنطاق المشكلة، كما تساعد على تحديد الخصائص الرئيسية التي ينبغي تطويرها. 2. بناء قائمة الخصائص بعد وضع النموذج الشامل، ننتقل إلى تقسيم النظام إلى أجزاء أو خصائص أصغر وأسهل للإدارة، حيث تمثل الخصائص وحدات صغيرة من الوظائف التي يمكن تطويرها باستقلالية، وتوصف كل خاصية بالوظيفة التي تؤديها، وبهدفها، أو بأي بيانات مرتبطة بها، وبعد تحديد الخصائص، ترتب حسب الأولوية بناءً على أهميتها لأهداف المشروع أو العميل، وتساعد عملية تحديد الأولويات هذه على تقرير الترتيب الذي يحدد أي الخصائص ستُطور أولًا. 3. التخطيط حسب الخصائص يضع فريق التطوير خلال هذه المرحلة الخطط المتعلقة بكل خاصية بالتفصيل، ويتضمن ذلك تحديد المهام الضرورية لإتمام كل خاصية، وتخصيص الموارد الضرورية، وتقدير الزمن المطلوب للتطبيق، والهدف من ذلك هو إنشاء خطة شاملة لكل خاصية تحدد أنشطة التطوير ومدتها الزمنية. يضمن التخطيط المفصل هنا أن يكون لدى فريق العمل خريطة طريق واضحة لعملية تنفيذ المشروع. 4. التصميم حسب الخصائص بعد الانتهاء من عملية التخطيط، ينتقل التركيز إلى التصميم المفصل لكل خاصية، ويتضمن ذلك إنشاء مواصفات تقنية لكيفية تنفيذ كل خاصية وتصميم مكونات واجهة المستخدم عند الحاجة، وتضمن مرحلة التصميم أن المطورين يمتلكون فهمًا واضحًا لكيفية بناء الخاصية وطريقة إدراجها في النظام. 5. البناء حسب الخصائص تبدأ عملية التطوير الفعلية خلال هذه المرحلة اعتمادًا على مرحتلي التخطيط والتصميم، حيث يبدأ المطورون في بناء كل خاصية حسب المواصفات والتصميم المقدم، ويتضمن ذلك كتابة تعليمات التطوير، وإجراء الاختبارات، والسهر على أن كل خاصية تعمل بالصورة المطلوبة؛ وتُنفذ عملية التطوير تكراريًا، خاصيةً بعد الأخرى، للسماح بالاختبار والتحسين المتواصلين. تتكرر هذه الخطوات ضمن إطار التصميم الموجه بالخصائص كلما ظهرت خاصية جديدة مرت بمراحل التعريف وتحديد الأولية والتطوير، وتضمن هذه المقاربة بقاء عملية تطوير البرمجيات مركزةً على تقديم الخصائص القيّمة للعميل، مع الحفاظ في نفس الوقت على عملية ممنهجة ومنظمة. ميزات إطار التطوير الموجه بالخصائص FDD ومحدوديته يجمع إطار التطوير الموجه بالخصائص بين التركيز على العميل، ودورات التطوير السريعة، والممارسات المتمحورة حول النماذج، ليُشكل مقاربةً ملائمةً لتقديم برمجيات عالية الجودة تستجيب لاحتياجات العميل بمرونة عالية، ويمكن تلخيص أهم ميزات التطوير الموجه بالخصائص كما يلي: يولي إطار التطوير الموجه بالخصائص أهميةَ كبيرةً لفهم وتقديم الخصائص التي تعالج مباشرةً احتياجات العميل، وتضمن أسلوب التركيز على العميل هذا استجابة البرنامج لمتطلبات العملاء وتقديم القيمة لهم. يوفر إطار التطوير الموجه بالخصائص عمليةً ممنهجةً ومحددةً بدقة لتطوير البرمجيات، حيث يساعد استخدام قوائم الخصائص ونمذجة النطاق وتحديد الأدوار والمسؤوليات فرق العمل على أن تبقى منظمةً وعلى المسار الصحيح طيلة فترة المشروع. يشجع إطار التطوير الموجه بالخصائص العمل الجماعي والتعاون بين الأدوار المختلفة للمطورين والمهندسين والمديرين وخبراء النطاق، حيث تحسن هذه المقاربة التعاونية التواصل وتبادل المعرفة، مما يقود إلى اتخاذ قرارات أفضل وحل المشاكل بسلاسة أكثر. تسمح مقاربة التطوير التكراري والتدريجي المتأصلة في إطار التطوير الموجه بالخصائص بتحقيق المرونة والتحسين المتواصل، إذ تتيح إمكانية تطوير البرنامج استجابةً للمتطلبات المتغيرة، وتقليص احتمالية بناء المنتج الخاطئ. يساعد التركيز على التصميم، وفحص تعليمات التطوير، واختبارات المنتج ضمن إطار التطوير الموجه بالخصائص على ضمان تقديم برامج ذات جودة عالية، حيث تساهم أدوات الفحص والرقابة على الجودة في التقليل من العيوب وزيادة الموثوقية. يستخدم إطار التطوير الموجه بالخصائص دورات تطوير قصيرة الأجل واطلاقات متكررة تتيح للأطراف ذوي الصلة القدرة على الحصول على تحديثات قابلة للتنبؤ حول تقدم العمل، وتزيد هذه الشفافية من ثقة العميل، كما تسمح بإدخال التصحيحات فيي وقت مبكر عند الحاجة. يساعد تحديد الأدوار والمسؤوليات ضمن إطار التطوير الموجه بالخصائص على تحسين تخصيص الموارد، حيث أن كل عضو في فريق العمل يعرف دوره جيدًا ويساهم في نجاح المشروع مع تقليص تداخل الأدوار وعدم الفعالية. يسمح تقسيم عملية التطوير إلى مجموعة من الخصائص الأقل حجمًا والأسهل للإدارة بتقليص المخاطر المتعلقة بالمشاريع الكبرى والمعقدة، حيث يمكن تحديد المشاكل والتحديات ومعالجتها خلال مراحل مبكرة من دورة التطوير. يتكيف إطار التطوير الموجه بالخصائص مع مختلف أحجام ومجالات المشاريع، حيث يسمح تعدد اختصاص فرق العمل بتوسيع وتخصيص إطار العمل ليناسب الاحتياجات الخاصة للمشروع. يركز إطار التطوير الموجه بالخصائص على تقديم الخصائص التي تتعلق مباشرةَ بأولويات ومتطلبات العميل، ويؤدي هذا في العادة إلى درجة أعلى من رضا العملاء، حيث يستطيعون رؤية تقدم ملموس وقيمة مضافة للمشروع عند كل إطلاق. تضمن الأدوار الشاملة مثل دور مدير المشروع ومدير الإطلاق إمكانية تحقيق إدارةَ فعالة للمشروع وتقديم التقارير الدورية للعملاء حول تقدم العمل، مما يساعد على تحقيق الأهداف في الوقت المحدد. يشجع إطار التطوير الموجه بالخصائص على تطوير نماذج عمل يمكن استخدامها مرةَ أخرى في مشاريع قادمة تدخل في ذات النطاق، مما يقلل من جهود التطوير ويحسن من تناسق العمل عبر الزمن. في المقابل، فإن التطوير الموجه بالخصائص ينطوي على مجموعة من التحديات التي تحد من منفعته رغم كل الميزات المذكورة في هذا المقال، ومن بين هذه التحديات نذكر ما يأتي: يتضمن إطار التطوير الموجه بالخصائص سلسلةً من الخطوات والعمليات المحددة بدقة، والتي ينبغي اتباعها؛ وهو ما يمكن أن يجعله إطار عمل أكثر تعقيدًا مقارنةً ببعض أطر عمل منهجية أجايل الأخرى، حيث تحتاج فرق العمل إلى الالتزام الصارم بمجموعة من الممارسات التي يمكن أن تتطلب مجهودات أكبر لفهم وتطبيق إطار العمل بفعالية. قد لا يلائم إطار التطوير الموجه بالخصائص المشاريع صغيرة الحجم، إذ يمكن أن يكون التحديد الدقيق لقوائم الخصائص، والنمذجة، والحفاظ على الأدوار الخاصة ضمن الفريق، أمورًا غير ضرورية لعمليات التطوير صغيرة الحجم، بل وحتى تزيد من التكلفة فقط دون زيادة الفعالية. يقترح التطوير الموجه بالخصائص إطارًا مهيكلًا للتطوير، والذي يمكن أن يكون أقل مرونةَ عند الحاجة إلى الاستجابة السريعة للمتطلبات المتغيرة، إذ يركز التطوير الموجه بالخصائص على التخطيط المفصل والنمذجة القبلية، مما قد يصعب من تكيفه مع المشاريع سريعة التطور، خاصةً في بيئات العمل الحركية. يعتمد إطار التطوير الموجه بالخصائص كثيرًا على وجود مطور رئيسي ماهر يؤدي عدة أدوار، بما في ذلك دور المنسق، والمصمم القائد، والمرشد؛ لذلك يمكن أن يتوقف نجاح تطبيق التطوير الموجه بالخصائص على إيجاد فرد يمتلك الخبرة اللازمة لهذا الدور والحفاظ عليه، ويمكن أن يطرح غياب شخص مماثل عدة تحديات. عادةً ما يكون إطار التطوير الموجه بالخصائص أكثر استهلاكًا للزمن مقارنةَ بأطر عمل منهجية أجايل الأخرى، ويرجع ذلك إلى الحاجة إلى إنشاء نموذج نطاق مفصل، وتخطيط الخصائص، والإعدادات الأولية؛ والتي يمكن أن تطيل من مدة المراحل الأولى للمشروع، ورغم أن هذا الإطار الدقيق يمكن أن يقود إلى نتائج أكثر جودةَ، إلا أنه ربما لا يناسب المشاريع التي تتطلب تطويرًا وإطلاقًا سريعين. ختامًا، فإن إطار التطوير الموجه بالخصائص يبقى أحد الأطر المفضلة لدى العديد من الفرق المختصة في تطوير المشاريع، حيث يساعدها على بناء برمجيات تلبي حقًا احتياجات المستخدمين النهائيين. وعند تطبيقه بصورته الصحيحة طيلة فترة المشروع وبما يتوافق ومتطلبات العميل، يمكن أن يكون أداةَ قويةَ لتقديم برمجيات عالية الجودة ضمن بيئة عمل منظمة وصحية تعمل في تناغم متواصل. المصادر Feature Driven Development (FDD) : An Agile Methodology Introduction to Feature-Driven Development(FDD) ?What is FDD in Agile FDD Full Form Feature-Driven Development: The Pros, Cons, and How It Compares to Scrum اقرأ أيضًا دليلك إلى إطار عمل تطوير الأنظمة الديناميكية DSDM من أجايل دليلك إلى أشهر أطر عمل منهجية أجايل دليل المبتدئين إلى إطار عمل كانبان Kanban ما هو إطار عمل تطوير البرمجيات المرن Lean Software Development؟ أساسيات إطار الإدارة الاستثنائية للمشاريع XPM مقدمة لإطار عمل كريستال Crystal من أجايل
-
Amr El Ramsisy2 بدأ بمتابعة ريمة ضافري
-
ماذا لو قررت الاستمرار في التدوين ولكنك تعرف بأنك تحتاج إلى إدخال بعض التغييرات؟ الجانب المضيء هنا هو أن التغيير إلى الأفضل ممكن دائمًا. فيما يلي خمس طرق لبدء عملية تغيير الأشياء في المدونة بدل اتخاذ قرار التخلي عنها. 1. إذا كنت تعاني من الإجهاد فخذ استراحة رغم أن النشر المستمر عمومًا فكرة جيّدة، إلا أنه يمكنك أخذ استراحة من التدوين إذا كنت بحاجة إلى ذلك، ولا أحد يستطيع إجبارك على نشر تدوينة جديدة كل نهاية أسبوع أو في أي يوم آخر. مع ذلك، يُنصح في هذه الحالة بإعلام القراء بأنك لن تنشر أي تحديثات لبضعة أسابيع، مع وضع روابط إلى أفضل محتوى موجود من قبل وأي منتجات ليطلع عليها القراء لحين عودتك، ولا تقتصر منفعة الاستراحة من التدوين على منحك فرصةً لأخذ قسط من الراحة، بل يمتد ذلك إلى تشجيع القراء على بحث أكثر عمقًا في موقع المدونة، ومن المأمول أن تعود مفعمًا بالحيوية لتجد القراء متحمسين لرؤيتك تدون من جديد. 2. إذا كنت تنشر تدوينات كثيرة فلتغير برنامج النشر إذا كنت تنشر في مدونتك عدة مرات خلال الأسبوع -وهو معدل من الصعب الحفاظ على استمراريته-، فهذا سيدفعك إلى الشعور بأنك مثل طاحونة تدور باستمرار وتسارع دائمًا لنشر التدوينات، وهنا يُنصح بأن تخفض من مرات النشر لتلائم نمط حياتك الحالي، فبرنامج النشر في المدونة ينبغي أن يكون واقعيًا، وأن يأخذ في الحسبان العوائق الطبيعية والالتزامات الأخرى التي تفرضها الحياة اليومية عليك. إذا كنت تنشر كل يوم مثلًا، فيمكن تخفيض هذا المعدل إلى مرتين إلى ثلاث مرات أسبوعيًا، وإذا كنت تنشر مرتين أسبوعيًا، فبإمكانك أن تجرب تخفيض النشر إلى مرة واحدة أسبوعيًا بدل ذلك، وستلاحظ على الأرجح أنك نتيجةً لذلك تستطيع أن تكتب تدوينات أقوى وأكثر تفصيلًا أيضًا، كما يمكن أن تلاحظ أن القراء يفضلون معدل نشر أقل. 3. إذا كنت تحت ضغط زمني، فلتوظف من يساعدك ستجد في بعض الأحيان أنك تعاني لتلبية كل متطلبات مشروعك، وإذا كانت مدونتك مدرةً للأرباح، فذلك يعني أن عملك لا يقتصر على كتابة المنشورات، بل يمتد إلى إرسال البريد الإلكتروني وإنشاء الرسوم البيانية، والإجابة على التعليقات، والنشر على منصات التواصل الاجتماعي، والعمل على عقد شراكات، والتنسيق مع الجهات الراعية، وغيرها من الأنشطة. لذلك، يمكنك توظيف من يساعدك في المهام ذات الصلة بالتدوين للمساعدة على تخفيف الضغط الزمني الذي تعانيه. توجد عدة طرق يمكنك اتباعها للحصول على مساعدة في المهام ذات الصلة بالتدوين، من بينها ما يلي: توظيف كاتب محتوى مستقل لتحرير منشورات المدونة. الاستعانة بمساعد افتراضي للرد على البريد الإلكتروني. استخدام مصمم جرافيكي ليصمم كل الصور الخاصة بالمدونة وبمنصات التواصل الاجتماعي. صحيح أنك تستطيع إنجاز كل الأعمال ذات الصلة بالتدوين بنفسك عند بداية مسيرتك، ولكن توجد نقطة لا يمكن توسيع مشروعك أبعد منها دون مساعدة الآخرين، لذا ستحتاج عند هذه النقطة إلى تفويض بعض الأعمال للغير لتتمكن من تطوير مشروعك أكثر والتحكم فيه كما يجب. 4. إذا لم تلحظ النتائج المرجوة فاعمل باستراتيجية واضحة واعتمد على التجربة في بعض الأحيان، تكتب عشرات أو حتى مئات التدوينات دون الوصول إلى النتائج المرجوة، كما يمكن أن يكون للمدونة عدد كبير من القراء مقابل دخل حقيقي صغير نسبيًا من هذه المنشورات، أو أن المدونة لم تصل بعد إلى العدد المطلوب من القراء، وتريد أن تعرف كيفية الوصول إلى القراء الجدد الذين يحتاجهم محتواك. في هذه الحالات، يحين وقت الحاجة لاستخدام استراتيجية واضحة وإلى الإبداع، وأن تنفتح على تجربة أشياء جديدة؛ فعندما تبدو المدونة راكدةً، يحين وقت العودة إلى لوحة القيادة والبدء باختبار أشياء جديدة. تأخذ هذه التحركات الجديدة عدة صور، بحيث يمكنك أن تختار بعض المنشورات المفتاحية وتستثمر بعض الوقت في تحسين محتوتك ليتلاءم ومحركات البحث، كما يمكنك أن تراجع منشوراتك الأكثر شعبيةً للتأكد بأن كل واحد منها يحتوي على الأقل على رابط واحد أو رابطين إلى منتج أو خدمة تقدمها، ويمكن حتى أن تلجأ إلى توظيف مدرب أعمال Business coach أو الانضمام إلى مجموعات تركز على مجال الأعمال على منصات التواصل الاجتماعي أو إلى منصة أكاديمية حسوب والاستفادة من قسم الأسئلة والأجوبة للحصول على بعض النصائح من أشخاص مروا بنفس التجربة. 5. إذا كنت تشعر بالملل فغير الاتجاه إحدى أفضل ميزات التدوين هي سهولة إمكانية التغيير والتوجه إلى وجهة أخرى في أي وقت، فالعديد من المدونين بدأوا بالكتابة حول موضوع محدد، ثم غيروا تخصصهم تدريجيًا أو حتى دفعةً واحدةً؛ لذا لا بأس بتغيير توجه المدونة إذا احتجت إلى ذلك، ولكن ينبغي أن تكون حذرًا في الطريقة التي تتعامل بها مع هذه الحالة، ففي الغالب لن ترغب في إحداث تغيير جذري، إذ بإمكانك بالتأكيد الانتقال من موضوع إلى آخر ذي صلة نوعًا ما، ومثال ذلك أن تبدأ الكتابة حول موضوع البستنة، وتنتقل لاحقًا إلى التركيز على موضوع نمط الحياة المستدام، أو الزراعة المنزلية، أو حتى هوايات ما بعد التقاعد. المدون الذي ترك مدونته لم يضيع وقته لا ينبغي عليك أن تخجل من التخلي عن مدونتك، ففي الواقع، تخلى أغلب المدونين الناجحين في وقت ما عن مدونة واحدة أو عدة مدونات قبل أن يجدوا مجال نجاحهم مع موضع يثير شغفهم، لذلك ينبغي عليك أن تتذكر أنك إذا اخترت التوقف عن التدوين، فالوقت الذي قضيته في العمل على مدونتك لم يضع هباءً للأسباب التالية: مازال بإمكانك الإبقاء على مدونتك على شبكة الإنترنت، فالمحتوى الذي كتبته سيستمر في مساعدة الآخرين، وإذا كانت لديك منتجات للبيع، أو روابط للبيع بعمولة، أو أية إعلانات على موقعك، فبإمكانك الاستمرار في جني بعض الأموال دون نشر أي محتوى جديد. تعلمت الكثير من المعارف التي ستساعدك في مشروعك القادم، وحتى عندما تقرر حذف مدونتك نهائيًا من شبكة الإنترنت، ستبقى محتفظًا بكل المعرفة التي اكتسبتها. فعلى سبيل المثال، لربما اكتسبت مهارة إعداد موقع باستخدام ووردبريس أو كيفية هيكلة تدوينة. اكتسبت عدة مهارات ستساعده في مسارك الوظيفي، فالقدرة على الكتابة الجيدة تُعَد مهارةً هامةً في العديد من الوظائف، كما أن التمكن الجيد من استخدام ووردبريس WordPress وربما بعض البرامج الأخرى مثل أدوات إدارة العملاء وأدوات البحث عن الكلمات المفتاحية يمكن أيضًا أن تكون ممتازةً لسيرتك الذاتية. تواصلك مع أشخاص جدد من الممكن أن يساعدوك في المستقبل، فلربما قابلت مدونين صاعدين آخرين، أو استضفت بعض منشوراتك في مواقع أكبر، أو أنك انضممت إلى بعض المجموعات على منصة فيسبوك، ويمكن أن تكون هذه العلاقات ذات قيمة كبيرة في إطلاق مشروعك الموالي. تبعًا للمذكور أعلاه، من الأفضل لك تخصيص بعض الدقائق للتفكير في أهم الدروس التي تعلمتها من تجربتك في التدوين، وأي مهارات خاصة أو علاقات جديدة مكتسبة لا تريد أن تنساها. ختاما، هل ينبغي أن تترك مدونتك أم لا؟ في النهاية، يعود قرار ترك مدونتك أو الاستمرار في العمل عليها وتطويرها إليك، ولا يمكن لأي أحد اتخاذه بدلًا عنك، وعليك أن تفكر جيدًا في خياراتك ومشاعرك قبل الاختيار. والجانب المشرق هنا هو أنك إذا أخذت استراحةً من التدوين عندما تشعر بالإجهاد، مع الالتزام بالعودة عندما تشعر أن الوقت حان لذلك، بنظرة منتعشة وبرغبة في اختبار أمور جديدة، فإن المدونة ستكون مازالت موجودة حيث تركتها. واقعيًا، يستغرق النجاح في التدوين وقتًا طويلًا، فإذا كانت ترغب في تحقيق أهدافك، فستحتاج إلى تقرير ما إذا كان ذلك يعني مضاعفة مجهودك مع المدونة الحالية، أو تغيير مسارها، أو التخلي عنها من أجل شيء مختلف تمامًا. ولكن ماذا لو لم تتمكن من معرفة ما إذا كان قرار ترك المدونة سليمًا في حالتك حتى بعد دراستك لكل الإيجابيات والسلبيات؟ هنا، يُنصح أن تأخذ استراحةً من التدوين، وتنشر منشورًا تشرح فيه للقراء بأنك ستبتعد لبضع أسابيع أو أشهر، مع تضمين روابط لأفضل محتوى لديك ليستمتع به القراء إلى حين عودتك، ولنأمل أن بعض الوقت بعيدًا عن المدونة سيمنحك الإدراك الذي تحتاجه لاتخاذ القرار الصحيح. ترجمة -وبتصرّف- للمقال Should You Give Up On Your Blog? How to Know When to Quit Blogging (and When to Stick it Out): 8 Considerations. اقرأ أيضًا كيفية ابتكار أفكار للمقالات على مدونتك كيف تتغلب على هوس الكمال والمثالية في كتابتك المستقلة كيف تستغل مدونتك للحصول على المزيد من أعمال الكتابة كمستقل هل ينبغي أن تهجر مدونتك؟ أو أن تستمر في التدوين؟ الطريقة الصحيحة والحذرة للتخلي عن المدونة
-
يتميز مجال إدارة المشاريع بحركية عالية وبظروف متغيرة باستمرار يتوقف النجاح في ظلها على استخدام أطر عمل تمزج بين الهيكلة القوية والقدرة العالية على التكيف. وفي هذا السياق، يُعد إطار عمل تطوير الأنظمة الديناميكية Dynamic Systems Development Method DSDM أحد الخيارات الاستراتيجية لمنظمات الأعمال ولمديري المشاريع الذين يهدفون إلى تحقيق أهدافهم بفعالية، إذ يقدم إطار العمل هذا نهجًا محددًا بدقة نحو نجاح المشروع، مع مبادئ وعمليات منظمة ومتسلسلة حسب احتياجات مستخدميه. نقدم في هذا المقال دليلًا تفصيليًا حول أهم المفاهيم المتعلقة بإطار عمل تطوير الأنظمة الديناميكية، مع توضيح أهم ميزاته ونقاط ضعفه لأولئك المهتمين بالتعرف عليه أكثر، ولما لا استخدامه في مشاريعهم. تعريف إطار عمل تطوير الأنظمة الديناميكية DSDM إطار عمل تطوير الأنظمة الديناميكية Dynamic Systems Development Method DSDM هو أحد أطر عمل منهجية أجايل، يعتمد على مقاربة تكرارية وتراكمية، ويُستخدم أساسًا في مجال تطوير البرمجيات، غير أنه يمكن تطبيقه أيضًا على أنواع المشاريع الأخرى، ويستهدف إطار العمل هذا دورة حياة المشروع كاملةً وتأثيرها على المنظمة، إذ يركز على تسليم المشاريع في الوقت اللازم وداخل حدود الميزانية الموضوعة، مع التأكد من أن المنتج المسَلَّم يلبي احتياجات العميل. يُحدد إطار عمل تطوير الأنظمة الديناميكية التكلفة والنوعية وزمن تنفيذ المشروع منذ البداية، ويستخدم طريقة موسكو لتحديد الأولويات MoSCoW priorization وتقسيم نطاق العمل إلى ما يجب فعله، وما ينبغي فعله، وما يمكن فعله، وما لن يُنفَذ؛ وذلك لغرض تعديل مخرجات المشروع من أجل أن تتلاءم والقيود الزمنية الموضوعة. من جهة أخرى، لا يرتبط إطار عمل تطوير الأنظمة الديناميكية ولا يعتمد على أي شركة أو جهة مختصة في تطوير البرمجيات، بل هو إطار عمل مستقل مصمم ليكون متكيفًا وقابلًا للتطبيق بغض النظر عن نوع التقنية أو الأدوات المستخدمة في المشروع، ويُستخدم بسهولة بالتوازي مع المناهج التقليدية، أو ليكمّل أطر عمل أجايل الأخرى، مثل سكرام Scrum. يعتمد إطار عمل تطوير الأنظمة الديناميكية على طريقة تكرارية في عملية التطوير، إذ تتبع كل مرحلة أو دورة قاعدة ال80%، والتي تعني ببساطة أن العمل المطلوب خلال دورة تطوير معينة يُصبح كافيًا عندما يسمح بتيسير الانتقال إلى دورة التطوير الموالية؛ ولذلك فهو يُعَد مناسبًا للمشاريع التي تتطلب تطوير البرمجيات وتسليمها بسرعة، مع التركيز على تسليم الأجزاء القيمة من البرنامج للعميل خلال المراحل الأولى لدورة حياة المشروع. الخلفية التاريخية لإطار عمل تطوير الأنظمة الديناميكية DSDM استخدم إطار عمل تطوير الأنظمة الديناميكية لأول مرة كطريقة لتطوير البرمجيات سنة 1994، حيث صُمم في البداية لتلبية رغبة مديري المشاريع في إضافة المزيد من التحكم والانضباط إلى طريقة التطوير السريع للتطبيقات Rapid Application Development RAD، وجعلها أكثر ملاءمةً؛ وهي طريقة أخرى للتطوير كانت مستخدمةً آنذاك، فقد تفطن المستخدمون الأوائل لإطار عمل تطوير الأنظمة الديناميكية إلى أن نماذج التطوير الخطية مثل منهجية تدفق المياه Waterfall وطريقة التطوير السريع للتطبيقات لديها نقاط قوة ومناطق يمكن تحسينها، وعلى أساسها تأسست جمعية إطار عمل تطوير الأنظمة الديناميكية DSDM Consortium سنة 1994 من قِبل مجموعة من البائعين والخبراء في مجال هندسة البرمجيات في المملكة المتحدة، بهدف التطوير المشترك لإطار عمل تطوير الأنظمة الديناميكية المستقل وترقيته، وكان ذلك خلال حدث نظمته مجموعة بالتر Bulter في لندن شمل عدة من كبرى الشركات في العالم. في سنة 2006 أُطلقت النسخة العامة لإطار عمل تطوير الأنظمة الديناميكية، والتي أعطيت الرقم 4.2، وكانت متوفرة للأشخاص للاطلاع والاستخدام، غير أن أي شخص يرغب في إعادة بيعها لا بد أن يكون عضوًا في الجمعية؛ وفي سنة 2014، أصبح دليل إطار عمل تطوير الأنظمة الديناميكية متوفرًا على الإنترنت للعامة، بالإضافة إلى إمكانية تحميل قالب إطار العمل؛ أما في أكتوبر 2016، فقد تغيرت العلامة التجارية لجمعية إطار عمل تطوير الأنظمة الديناميكية من DSDM Consortium إلى أجايل ب Agile B. المبادئ الأساسية لإطار عمل تطوير الأنظمة الديناميكية DSDM إطار عمل تطوير الأنظمة الديناميكية قائم على ثمانية مبادئ رئيسية وذلك كما يلي: 1. التركيز على احتياجات منظمة الأعمال يشمل هذا المبدأ: فهم أولويات المنظمة، حيث ينبغي على فريق العمل أن يبني فهمًا عميقًا لمتطلبات العمل، ويجعل هذه الاحتياجات على رأس أولوياته. إنشاء حالة أعمال قابلة للتطبيق، بحيث تكون واضحةً وإلزاميةَ، وتحدد أهداف المشروع ومنافعه والنتائج المتوقعة. الالتزام المستمر لكل الأطراف ذوي الصلة بالمشروع طيلة فترته لضمان الوصول إلى الأهداف المسطرة. 2. التسليم في الوقت المحدد يندرج تحت هذا المبدأ المفاهيم التالية: تحديد تكلفة ونوعية ومدة المشروع منذ البداية لتوفير قاعدة جيّدة لعملية التخطيط. استخدام طريقة موسكو MoSCoW لتحديد الأولويات، ويشمل ذلك تقسيم نطاق المشروع إلى أربع فئات تتضمن ما يجب أن يكون Musts، وما ينبغي أن يكون Shoulds، وما يمكن أن يكون Coulds، وما لن يكون Will not have، بهدف إدخال تعديلات لضمان أن مخرجات المشروع تتناسب والقيود الزمنية الموضوعة. 3. التعاون والمشاركة يشجع هذا المبدأ على نشر ثقافة التعاون بين كل الأطراف ذات الصلة بالمشروع، ويشمل ذلك فريق العمل، وممثلي منظمة الأعمال المعنية، والمستخدمين النهائيين، وذلك لضمان أن احتياجاتهم وأفكارهم أُخذت في الحسبان. 4. عدم التنازل عن الجودة أبدا ينص هذا المبدأ على التركيز على أهمية الحفاظ على معايير جودة مرتفعة لمخرجات المشروع خلال كل مرحلة من مراحله، بدايةً من التخطيط، وطيلة فترات التنفيذ. 5. البناء التدريجي على أسس قوية يحث هذا المبدأ على تطوير المشروع تدريجيًا وتراكميًا، من خلال إضافة الخصائص والوظائف على قاعدة قوية، للتخفيض من المخاطر وزيادة القدرة على التكيف. 6. التطوير التدريجي ينص إطار عمل تطوير الأنظمة الديناميكية على تبني عملية تطوير تكرارية تتضمن دورات منتظمة من التخطيط، والتصميم، والبناء، والاختبار لضمان التحسين المستمر وجمع الآراء والتعليقات. 7. التواصل المستمر والواضح يشجع إطار عمل تطوير الأنظمة الديناميكية على تبني تواصل مفتوح وشفاف بين أعضاء الفريق، والأطراف ذوي الصلة، والجهات الراعية للمشروع لمشاركة المعلومات وحل المشكلات، وتوحيد فهم كل الأطراف لمراحل تقدم المشروع. 8. إحكام الرقابة ينص هذا المبدأ على الرقابة المتواصلة لتقدم المشروع مقارنةً بالأهداف والقيود المسطرة، وتحديد أي انحرافات أو مشاكل غير متوقعة، واتخاذ قرارات صارمة لمعالجتها، سواءً تعلق الأمر بتعديل المخططات، أو بالموارد، أو بالنطاق، من أجل إبقاء المشروع على مساره المحدد. تشكل هذه المبادئ معًا أساس إطار عمل تطوير الأنظمة الديناميكية، وتقود مقاربته في تطوير المشاريع وإدارتها، مع التركيز على أهمية التقريب بين أهداف المشروع واهداف العميل، وتقديم القيمة باستمرار، وتشجيع التعاون والتواصل بين كل الأطراف ذات الصلة. عمليات إطار عمل تطوير الأنظمة الديناميكية DSDM يتضمن إطار عمل تطوير الأنظمة الديناميكية مجموعةً من العمليات يمكن تقسيمها إلى ست خطوات رئيسية كما يلي: 1. دراسات الجدوى تُعد هذه المرحلة خطوةً بالغة الأهمية في مشاريع إطار عمل تطوير الأنظمة الديناميكية، وتتضمن فحصًا معمقًا للمشروع المقترح من الجوانب التقنية والاقتصادية من أجل تحديد ما إذا كان مجديًا، وما إذا كان المشروع يتلاءم والأهداف الاستراتيجية للعميل. وتشمل دراسة الجدوى تقييم المخاطر والتكاليف والمنافع الممكنة. 2. تحليل الأعمال تحليل الأعمال هي مرحلة شاملة تهدف إلى فهم نطاق العمل وكيفية تنفيذه، والأطراف المتدخلة، والمكان والزمان. والهدف الرئيسي لهذه الخطوة هو تحديد وتوثيق متطلبات الأعمال بالتفصيل، وذلك من أجل ضمان أن أهداف المشروع تتوافق والأهداف الاستراتيجية الأوسع للمنظمة. 3. النمذجة التكرارية Iterative Prototyping تركز هذه المرحلة على التطور المتواصل للحلول من خلال دورات التطوير التكرارية، وتتضمن إنشاء نماذج للحلول الممكنة. يُعَد الهدف من ذلك هو تطوير نماذج ملموسة يمكن اختبارها وتحسينها بناءً على التعليقات والآراء، وتسمح هذه المقاربة للأطراف ذوي الصلة بمشاهدة الحلول المطورة والتفاعل معها. 4. التصميم والبناء التكراري تتضمن هذه المرحلة بناء المشروع تراكميًا، من خلال إضافة الخصائص والوظائف مع الحفاظ على أساس قوي، ويسمح التسليم التدريجي للمشروع بالتقديم المنتظم للقيمة للعميل، كما تسمح هذه الخطوة بضمان بقاء المشروع متكيفًا للمتطلبات المتغيرة، ومتوافقًا مع الاحتياجات المتطورة للعميل. 5. التنفيذ مرحلة التنفيذ هي المرحلة التي تُجمع فيها مختلف المكونات، ويُراجع فيها المنتج ويُطلق، والهدف منها هو ضمان تسليم المنتج في الوقت المحدد وداخل الميزانية الموضوعة، وبأنه يستجيب لمعايير الجودة المطلوبة، وتتضمن هذه المرحلة أيضًا تدريب المستخدمين والتأكد من أن المنتج اُدمج بسلاسة في المحيط الانتاجي أو العملياتي الذي سيُستخدم فيه. 6. عملية المراجعة ما بعد التنفيذ تأتي هذه المرحلة بعد إطلاق المنتج، وتتضمن النظر في تقدمه وأدائه، والهدف منها هو تحديد المجالات التي يمكن تحسينها، والتعرف على الدروس المستقاة من المشروع المعني، وتُستخدم التعليقات والآراء المجموعة خلال هذه المرحلة في تحسين المشاريع المستقبلية، وتشجيع التحسين المستمر، وضمان استفادة المنظمة التي احتضنت المشروع من هذه التجربة. ميزات ونقاط ضعف إطار عمل تطوير الأنظمة الديناميكية DSDM يقدم إطار عمل تطوير الأنظمة الديناميكية ميزات عديدة لفرق العمل ولمنظمات الأعمال أبرزها ما يلي: تطوير برمجيات أفضل بفعالية أكثر، إذ يقدم إطار عمل تطوير الأنظمة الديناميكية عمليةً محددةً بدقة لتطوير البرمجيات تسمح لفرق العمل بإنشاء برمجيات أفضل بفعالية أكثر، وتقديم قيمة أكبر للعميل. الالتزام بالميزانية والجداول الزمنية، حيث يحدد إطار عمل تطوير الأنظمة الديناميكية تكلفة ونوعية وزمن المشروع منذ البداية، ويستخدم طريقة موسكو MoSCoW لتحديد الأولويات؛ وبالتالي يضمن تسليم المشروع في الوقت المحدد وداخل الميزانية الموضوعة. سهولة التطبيق، حيث يتمتع إطار عمل تطوير الأنظمة الديناميكية بدرجة عالية من المرونة، ويغطي دورة حياة المشروع كاملةً، مع تقديم أفضل الممارسات من أجل تسليم المشروع في الوقت المحدد وداخل الميزانية الموضوعة. قابلية الاستخدام بالتوازي مع أطر عمل ومناهج أخرى، حيث صُمم إطار عمل تطوير الأنظمة الديناميكية ليُستخدم بسهولة في نفس الوقت مع المناهج التقليدية مثل برينس2 Prince 2، أو ليُكمِّل أطر عمل منهجية أجايل الأخرى مثل إطار عمل سكرام Scrum. منذ ظهوره، استُخدم إطار عمل تطوير الأنظمة الديناميكية بنجاح في مجموعة واسعة من الصناعات المختلفة، مثل تطوير البرمجيات، والبناء، وقطاع الصحة؛ لتنفيذ مشاريع بأحجام ودرجات تعقيد مختلفة. من بين نقاط قوة إطار عمل تطوير الأنظمة الديناميكية قدرته على تقديم الوظائف الأساسية للمنتج بسرعة، وسهولة الوصول إلى المستخدم النهائي، مع إكمال المشروع في الوقت المحدد. رغم هذه الميزات، فإن إطار عمل تطوير الأنظمة الديناميكية كغيره من مناهج وأطر عمل إدارة المنتجات وإدارة المشاريع لا يخلو من العيوب أو نقاط الضعف التي يمكن أن تشكل تحديات لفرق العمل ولمديري المشاريع الذين يتبنونه، ويمكن أن نلخص أبرز هذه النقاط فيما يلي: يتطلب تطبيق إطار عمل تطوير الأنظمة الديناميكية الالتزام الكامل بكل العملية، وهو ما يمكن أن يشكل تحديًا لبعض المنظمات، لأن جميع فرق العمل ينبغي أن تتدرب على إطار العمل هذا وأن تمتلك الرغبة في الالتزام به بصرامة. يتطلب استخدام إطار عمل تطوير الأنظمة الديناميكية مشاركةً كبيرةً وهامةً من المستخدمين طيلة فترة حياة المشروع، ويمكن أن يكون ذلك صعب التحقيق في بعض المنظمات، لأنه يعني أن يكون المستخدمون حاضرين لتقديم تعليقاتهم وآرائهم والمشاركة في عمليات الاختبار خلال فترة المشروع. يركز إطار عمل تطوير الأنظمة الديناميكية على التطوير السريع، وهو ما يمكن أن ينقص من جودة المخرجات، لأن التركيز يكون هنا على تقديم برمجيات قابلة للاشتغال في أسرع وقت ممكن بدل ضمان أن مخرجات عملية التطوير متينة ومستدامة. يتضمن إطار عمل تطوير الأنظمة الديناميكية التطوير التدريجي للمتطلبات، وهو ما يمكن أن يشكل صعوبات لبعض فرق العمل لأنه يعني بناء كل دورة تطوير على الدورة السابقة، مع ظهور متطلبات جديدة كل مرة يمكن أن تغير في نطاق المشروع؛ وهو ما يشكل بدوره تحديًا في بعض الحالات. يتطلب إطار عمل تطوير الأنظمة الديناميكية فريق عمل ذا مهارة عالية، قادر على العمل التعاوني والتكراري، وبالتالي، ينبغي أن تمتلك فرق العمل الراغبة في تطبيقه فهمًا عميقًا لإطار العمل هذا، وأن تكون قادرةً على العمل معًا بفعالية، وهي متطلبات ربما لا تتوفر في جميع فرق العمل. في النهاية، يبقى إطار عمل تطوير الأنظمة الديناميكية أحد أهم أطر عمل منهجية أجايل التي تناسب المنظمات الهادفة إلى تسليم مشاريعها بالتركيز على احتياجات عملائها، مع احترام معايير الجودة والقدرة على التكيف. ورغم أنه يمكن ألا يناسب كل فرق العمل بسبب خصوصياته المذكورة في هذا المقال، إلا أن أولئك الراغبين في تبني مبادئه يستطيعون الاستفادة من إطار عمل مصمم ليقرب بين أهداف المشروع وأهداف العميل بوضوح، ويدعم التحسين المتواصل حتى بعد الانتهاء من التنفيذ. المصادر DSDM:a Brief History. DSDM: Definition, Benefits, Principles and Practices. What Is the Dynamic Systems Development Method (DSDM)?. Advantages and Disadvantages of DSDM اقرأ أيضًا دليلك إلى أشهر أطر عمل منهجية أجايل دليل المبتدئين إلى إطار عمل كانبان Kanban ما هو إطار عمل تطوير البرمجيات المرن Lean Software Development؟ أساسيات إطار الإدارة الاستثنائية للمشاريع XPM مقدمة لإطار عمل كريستال Crystal من أجايل
-
يتميز عالم الأعمال المعاصر بالتعقيدات والتغيرات المستمرة، وبحالة من عدم التأكد تسود الكثير من المجالات، يبحث مديرو المشاريع عن أحدث المناهج والمقاربات الممكنة للتعامل مع مشاريعهم في ظل هذه الظروف، ويظهر لنا في هذا السياق إطار الإدارة الاستثنائية للمشاريع Extreme Project Management XPM كمقاربة بديلة تختلف عن المناهج التقليدية لإدارة المشاريع وإدارة المنتجات، فهو قائم على التكيف والابتكار والاستجابة السريعة للتغيير. نتناول في هذا المقال أساسيات الإدارة الاستثنائية للمشاريع، وكيف تدعم فرق العمل للنجاح في مجالات العمل غير المستقرة، سواءً تعلق الأمر بتطوير البرمجيات، أو بالتسويق، أو بأي مجال آخر يتميز بالتحديات المعقدة، حيث يوفر إطار الإدارة الاستثنائية للمشاريع منظورًا جديدًا يمكن أن يساعد المشاريع على بلوغ أفضل مستويات النجاح. تعريف إطار الإدارة الاستثنائية للمشاريع XPM الإدارة الاستثنائية للمشاريع Extreme Project Management XPM هي إطار عمل حركي متكيّف من أطر عمل منهجية أجايل لإدارة المشاريع، يمتاز بقدرته العالية على التعامل مع المشاريع المعقدة والمتطورة باستمرار في ظل حالات عدم التأكد، وذلك من خلال السماح لفرق العمل بالعمل في بيئات معقدة دون الحاجة إلى الكثير من الإرشادات والهيكلة. يركز إطار الإدارة الاستثنائية للمشاريع على المرونة، والتطوير التدريجي، والتعاون مع العميل، والتخطيط التكراري؛ ما يجعله استراتيجيةً قويةً للتعامل الناجح مع المشاريع المعقدة في مختلف المجالات. المبادئ الأساسية لإطار الإدارة الاستثنائية للمشاريع XPM يقوم إطار الإدارة الاستثنائية للمشاريع على عدد من المبادئ الأساسية التي تساهم في نجاحه في إدارة المشاريع الصعبة والمعقدة، وتتمثل هذه المبادئ حسب موقع crm.org في الآتي: 1. المرونة الإدارة الاستراتيجية للمشاريع مصممة لتكون مرنةً ومتكيفةً، لكي تسمح لفرق العمل بتعديل برنامج المشروع، والميزانيات، والنتائج المرجوة لتتناسب مع الاحتياجات مهما كانت المرحلة التي بلغها التقدم في إنجاز العمل. مثال: لنتخيل مشروع بناء يحتاج تصميمه الأولي إلى تعديلات نتيجةً لسن قوانين جديدة متعلقة بالظروف البيئية. في هذه الحالة، يسمح إطار الإدارة الاستثنائية للمشاريع لفريق العمل بتكييف تصميم المشروع وميزانية وخطته الزمنية دون حدوث اضطرابات جوهرية. 2. مقاربة التجربة والخطأ يشجع إطار الإدارة الاستثنائية للمشاريع على استخدام مقاربة التجربة والخطأ لاستكشاف ما يعمل جيدًا وما لا يعمل، وهو ما يسمح لفرق العمل بالتعلم من أخطائها وتحسين عملياتها. مثال: يمكن لفريق تطوير برمجيات إصدار نسخة تجريبية لجمع تعليقات المستخدمين، وتساعد هذه التعليقات على تحديد المشاكل والجوانب التي تحتاج إلى تحسينات، وهو ما يقود في النهاية إلى منتج أفضل. 3. عملية التصحيح الذاتي يتضمن إطار الإدارة الاستثنائية للمشاريع عمليةً للتصحيح الذاتي عندما تنحرف الأمور عن مسارها المرغوب، وتهدف إلى إعادة العمل إلى مساره الصحيح. مثال: لنفترض أن أحد المكونات الجوهرية في عملية تصنيع معينة أصبح غير متوفر بسبب الإغلاق المفاجئ لمصنع المورد الرئيسي. يدعم إطار الإدارة الاستثنائية للمشاريع في هذه الحالة فريق سلسلة التوريد للتحديد السريع للموردين البدلاء، وتعديل برامج الإنتاج، وإعادة برمجة عمليات التسليم، بغرض الحد من أثر هذا الانقطاع. وتضمن عملية التصحيح الذاتي واتخاذ القرارات الفورية بقاء سلسلة التوريد مرنةً وصامدةَ أمام التحديات غير المتوقعة، والحد من تأثير هذه التحديات على المشروع ككل. 4. تفويض السيطرة يعني هذا المبدأ تفويض السيطرة والصلاحيات إلى أعضاء الفريق بصورة موزعة، وإعطائهم أكبر حرية ممكنة لاتخاذ القرارات والتحكم في سياق المشروع، مما يعزز الفعالية والكفاءة في التعامل مع التحديات والتغيرات. مثال: في مشروع متعلق بالصحة، لدى الأطباء والممرضين القدرة على اتخاذ قراراتهم المتعلقة بالعناية بالمرضى فوريًا بناءً على خبرتهم، ما يسمح بالتكيف السلس مع الظروف الصحية المتغيرة. 5. العمل سريع الإيقاع يشير هذا المبدأ إلى الطبيعة الحركية والسريعة للأعمال ضمن إطار الإدارة الاستثنائية للمشاريع، ويسمح التركيز على العمل بسرعة وفعالية بتحقيق تقدم سريع في المشاريع، وتلبية احتياجات العملاء في أقل زمن ممكن. مثال: في مجال صناعة الأفلام، يتطلب إنتاج فلم من المستوى العالمي عادةً اتخاذ قرارات سريعة، وتغيير مواقع التصوير باستمرار، وإعادة التصوير حتى بلوغ المستوى المطلوب، ويضمن إطار الإدارة الاستثنائية للمشاريع أن فريق الإنتاج يستطيع التكيف بسهولة مع التحديات غير المتوقعة في مثل هذه المشاريع. 6. التكيف الكبير مع التغيير وعدم التأكد يتكيف إطار الإدارة الاستثنائية للمشاريع بدرجة عالية مع التغيرات وحالات عدم التأكد، مما يسمح لفرق العمل بالاستجابة الجيدة للظروف والمتطلبات المتغيرة. مثال: يتضمن إطلاق منصة جديدة للتجارة الإلكترونية وجود حالة من عدم التأكد فيما يخص الطلب السوقي وتفضيلات العملاء، ويسمح إطار الإدارة الاستثنائية للمشاريع لفريق العمل بالتحيين المتواصل للمنصة وتحسينها بناءً على سلوك المستخدم وتوجهات السوق. 7. التطوير التدريجي تقسم الإدارة الاستثنائية للمشاريع كل مشروع إلى أجزاء أصغر وأسهل للإدارة، بحيث ينتج عن كل جزء منتج أو مكون قابل للتسليم، وهو ما يسمح بالتسليم المبكر والحصول على التعليقات القيّمة من المستخدمين باستمرار. مثال: عندما يتعلق الأمر بتطوير تطبيق جديد للهواتف المحمولة، يسمح استخدام إطار الإدارة الاستثنائية للمشاريع من خلال مبدأ التطوير التدريجي بتقسيم المشروع إلى مراحل صغيرة متتالية. يُطور فريق العمل في كل واحدة منها ميزةً أو جزءًا محددًا من التطبيق، ويمكن أن تشمل هذه المراحل التصميم والتخطيط، والتنفيذ، والاختبار والتحسين، والتكامل والاستجابة للتعليقات؛ ويتيح هذا التقسيم لفريق العمل تسليم نسخة جزئية أو إصدار تجريبي في نهاية كل مرحلة، ويمكن أن تتاح هذه النسخة للتجربة للمستخدمين؛ ما يسمح بجمع تعليقاتهم واقتراحاتهم. وبناءً على ذلك، يمكن تحسين التطبيق في المراحل التالية، بما يضمن الاستجابة الأفضل لاحتياجات المستخدمين. 8. التعاون مع العميل يشجع إطار الإدارة الاستثنائية للمشاريع على التعاون مع العميل وأصحاب المصلحة الآخرين طيلة فترة المشروع، بحيث تُجمع تعليقاتهم وآراؤهم وتُدمج في المشروع مع تقدم العمل. مثال: لنفترض أن لدينا مشروعًا يتعلق بتطوير نظام لإدارة الشركات الصغيرة. وفقًا لمبدأ التعاون مع العميل، فإننا نبدأ في وقت مبكر من المشروع بالتعاون مع عدد من الشركات الصغيرة العميلة التي تهدف إلى استخدام هذا النظام، وينطلق التعاون من مرحلة التحليل والتصميم، ويستمر خلال مرحلة التطوير ثم التحسين، ويضمن ذلك توجيه الجهود نحو تحقيق أهداف جميع الأطراف ذات الصلة وتلبية احتياجات العملاء بفعالية. ما هي المشاريع التي يناسبها إطار الإدارة الاستثنائية للمشاريع XPM؟ الإدارة الاستثنائية للمشاريع كما أشرنا سابقًا هي إطار عمل مصمم لتسيير المشاريع المعقدة في حالات عدم التأكد، ومن أمثلة المشاريع التي يُناسبها إطار العمل هذا ما يلي: مشاريع تطوير البرمجيات المعقدة والمستمرة التطور، إذ تتغير متطلباتها باستمرار، ويحتاج فريق العمل إلى أن يكون على درجة عالية من المرونة والقدرة على التكيف. المشاريع التي تتطلب مقاربة التجربة والخطأ للتأكد مما يصلح تنفيذه من العكس، مثل مشاريع البحث والتطوير. المشاريع التي تتطلب عمليات التصحيح الذاتي عندما تحيد الأمور عن سياقها للعودة إلى المسار الصحيح، من مشاريع التعافي من الكوارث. المشاريع التي تتطلب محيط عمل سريع الإيقاع، مثال الحملات والأحداث التسويقية. المشاريع ذات الاحتياجات أو المخرجات عالية التعقيد، مثل مشاريع البناء أو مشاريع البنية التحتية واسعة النطاق. المشاريع التي تتطلب تغييرات متكررة في متطلباتها مع تقدم تنفيذها، مثل مشاريع تطوير المنتجات. خطوات عمل إطار الإدارة الاستثنائية للمشاريع XPM رغم اختلاف الخطوات المحدد التي تستخدم بها فرق العمل إطار الإدارة الاستثنائية للمشاريع حسب المشروع في حد ذاته وحسب سياقه، إلا أنه يمكننا عمومًا تحديد الخطوات التالية: 1. جمع فريق العمل تتمثل أول خطوة في الإدارة الاستثنائية للمشاريع في بناء فريق عمل يمتلك المهارة اللازمة، إضافةً إلى الانفتاح على مبادئ إطار العمل هذا، وينبغي أن يتضمن الفريق أفرادًا قادرين على التعاون والتكيّف، فإذا تعلق الأمر على سبيل المثال بفريق تطوير برمجيات، عندها يمكن أن يتضمن مطورين ومصممين وخبراء في ضمان الجودة، متحمسين للعمل معًا عن قرب والتعاون على تنفيذ المشروع. 2. تطوير خطة المشروع خطة المشروع في إطار الإدارة الاستثنائية للمشاريع ليست وثيقةً جامدة، بل هي مخطط ديناميكي يُتوقع أن يتغير باستمرار، وعليه فإن مرحلة التخطيط تشمل وضع خطة تتلاءم مع هذه الفكرة، مع ترك مجال للخطأ، وإعطاء مرونة فيما يتعلق بالآجال. فعلى سبيل المثال، إذا كنا ندير حملةً تسويقية، فعندها يمكن أن تتضمن خطتنا عدة نسخ مبتكرة عبر قنوات مختلفة لمواجهة التغيرات في حركية السوق، وتضمن هذه المرونة أننا جاهزون للتحول إذا استدعى الأمر ذلك. 3. القياس المتواصل للمخاطر لا بد من قياس المخاطر باستمرار ضمن إطار الإدارة الاستثنائية للمشاريع، وهذا بهدف تحديد أي خطر ممكن وتطوير استراتيجيات للحد منه أو الاستجابة له؛ فإذا كان المشروع يتعلق بالبناء مثلًا، فينبغي أن نحرص على المراقبة المتواصلة لإمكانية التأخر بسبب حالة الطقس، أو نقص اليد العاملة، أو الانقطاعات الممكنة في سلسلة التوريد؛ ويسمح التحديد المبكر لهذه المخاطر بالتخفيف من أضرارها. 4. استخدام مقاربة المحاولة والخطأ ينبغي تشجيع فريق العمل على تبني مقاربة المحاولة والخطأ، مما يسمح لهم بالتجربة والتعلم من أخطائهم، واختيار استراتيجياتهم تبعًا لذلك، ففي مشروع تطوير منتج على سبيل المثال، يمكن أن يعني ذلك إجراء اختبارات معينة لمعرفة أي الخصائص أو التصاميم تلقى قبولًا أكبر لدى المستخدمين، ويساعد التعلم من هذه التجارب على تحسين المنتج. 5. التصحيح الذاتي ينص إطار الإدارة الاستثنائية للمشاريع على تطبيق عملية تصحيح ذاتي لمعالجة المشاكل وإعادة المشروع إلى مساره الصحيح عند وقوع انحرافات، ففي مشروع صناعي مثلا، إذا حُدد انحراف ما عن معايير الجودة، فينبغي على فريق العمل أن يمتلك القدرة والأدوات اللازمة لتصحيح هذا الخطأ بسلاسة وتجنب توسعه ليتسبب في مشاكل أكبر. 6. التواصل والتعاون الفعال ينبغي تشجيع التواصل والتعاون الفعال داخل فريق العمل ومع أصحاب المصلحة الآخرين والجهات الراعية للمشروع، إذ يساعد ذلك على الإدارة الحسنة للعلاقات والتفاعلات بين مختلف الأطراف ذات الصلة بالمشروع، فإذا تعلق الأمر مثلُا بتطبيق إطار الإدارة الاستثنائية للمشاريع على مشروع في مجال الصحة، فينبغي الحرص على أن محترفي الصحة والإداريين وخبراء التقنية يتعاونون بفعالية، إذ يمكن أن يؤدي سوء التواصل إلى مشاكل متعلقة بسلامة المريض. 7. التكيف مع التغيير ينبغي على فريق العمل في إطار الإدارة الاستثنائية للمشاريع أن يتبنى درجةً عاليةً من المرونة أمام الظروف والمتطلبات المتغيرة. وتعني المرونة في حالة مشروع بحث مثلًا أن يكون الفريق مستعدًا لتعديل منهجية البحث استجابةً لمعلومات جديدة أو لتوجهات ظهرت حديثًا، وذلك لضمان أن يبقى البحث المعني ملائمًا. 8. التسليم التدريجي والمتكرر يٌقسم المشروع ضمن إطار الإدارة الاستثنائية للمشاريع إلى أجزاء صغيرة تسمح بتقديم القيمة للعميل على مراحل زمنية منتظمة، وبالتالي الحصول على تعليقات، والتعلم منها، وتعديل المشروع حسبها. ففي مجال تطوير البرمجيات مثلًا، يمكن أن يتمثل التسليم في نسخة جديدة من البرنامج مع خصائص إضافية تتيح لفريق العمل الحصول على آراء المستخدمين والأطراف ذات الصلة الآخرين، وهو ما يقود إلى الوصول إلى مخرجات أفضل. 9. التحسين المتواصل عند تطبيق إطار الإدارة الاستثنائية للمشاريع، على مدير المشروع تشجيع التحسين المتواصل من خلال متابعة تقدم المشروع، وتحديد مجالات التحسين، وتطبيق التعديلات التي يمكن أن تحسن المشاريع المستقبلية. ومثال ذلك أن يتعلق المشروع بتحسين عملية معينة. يمكن هنا تحليل ما كان إنجازه سليمًا وما لم يكن، واستخدام هذه المعلومات في تحسين المشاريع المستقبلية؛ إذ أن التعلم والتحسين المتواصلين جوهريان في الإدارة الاستثنائية للمشاريع. مقارنة إطار الإدارة الاستثنائية للمشاريع مع الأطر التقليدية في إدارة المشاريع يختلف إطار الإدارة الاستثنائية للمشاريع عن الأطر التقليدية لإدارة المشاريع في عدة أوجه أهمها: 1. درجة قابلية التنبؤ أطر إدارة المشاريع التقليدية مصممة للمشاريع ذات قابلية التنبؤ المرتفعة، والتي يحدد فيها نطاق المشروع، ودرجة تعقيده، وميزانيته بدقة وثبات. في المقابل، فإن إطار الإدارة الاستثنائية للمشاريع مصمم للمشاريع المعقدة في ظل حالة عدم التأكد، والتي تتغير فيها المتطلبات باستمرار خلال فترة المشروع استجابةً لعوامل متعلقة بمحيط العمل، مثل المنافسة، والتقدم التقني، وتغير احتياجات العملاء، والمتطلبات القانونية، والظروف الاقتصادية. 2. المقاربة المنتهجة اتجاه إدارة المخاطر عادةً ما تتضمن أطر عمل إدارة المشاريع التقليدية مقاربةً مهيكلةً لإدارة المخاطر، مع التركيز على تحديد وتحليل المخاطر والحد من أضرارها. في المقابل، يتضمن إطار الإدارة الاستثنائية للمشاريع، القياس المستمر للمخاطر طيلة فترة المشروع، بالإضافة إلى مقاربة المحاولة والخطأ، وعملية التصحيح الذاتي لمعالجة المشكلات وإعادة المشروع إلى المسار السليم. 3. التركيز على الجانب البشري يمنح إطار الإدارة الاستثنائية للمشاريع اهتمامًا كبيرًا لتسيير الأطراف ذات الصلة بالمشروع وللجوانب البشرية لإدارة المشاريع، مثل التواصل والتعاون الفعال بين أعضاء الفريق والأطراف ذوي المصلحة والجهات الراعية، عكس ما هو عليه الحال في أطر عمل إدارة المشاريع الاستثنائية، والتي يمكن أن تهتم أكثر بتقنيات الجدولة والتخطيط والجوانب الرسمية للإدارة. 4. التكيف مع التغيرات يتمتع إطار الإدارة الاستثنائية للمشاريع بقدرة عالية على التكيف مع التغيير ومع حالات عدم التأكد، مما يسمح لفرق العمل بالاستجابة الممتازة للظروف والمتطلبات المتغيرة؛ في حين يمكن أن تكون أطر إدارة المشاريع التقليدية أقل قدرةَ على التكيف وأكثر جمودًا وصرامةً في مقارباتها. 5. التسليم المتواصل والتدريجي يتضمن إطار الإدارة الاستثنائية للمشاريع تقسيم المشروع إلى أجزاء أقل حجمًا وإدارتها وتسليمها خلال فترات زمنية منتظمة، مما يسمح بجمع التعليقات والتعلم وتعديل العمل خلال فترة المشروع، فيما يمكن أن تتضمن أطر عمل إدارة المشاريع الاستثنائية مقاربةً خطيةً لعملية تسليم المشروع. ختامًا، يوفر إطار الإدارة الاستثنائية للمشاريع مقاربةً ديناميكيةً ومتكيفةً لإدارة المشاريع المعقدة وغير القابلة للتنبؤ، حيث تشجع مبادئه على المرونة والتعلم من الخطأ، والتعاون مع العملاء، والتكيف السريع، فهو ليس مقاربةَ فقط، بل عقليةَ تشجع على الابتكار والصمود في وجه التغيرات، كما أنه أداة هامة للتعامل مع المحيط المعاصر المعقد وضمان نجاح المشاريع، ويُنصح بالتفكير في استخدامه في للوصول بالمشاريع المعقدة إلى أقصى درجات النجاح. المصادر Extreme Project Management (XPM) Overview of Extreme Project Management (XPM) Extreme Project Management (XPM) ?What is Extreme Project Management and is it Right for Your Team اقرأ أيضًا مقدمة لإطار عمل كريستال Crystal من أجايل دليل المبتدئين لمنهجية أجايل Agile دليلك إلى أشهر أطر عمل منهجية أجايل المراسم الأربعة لمنهجية أجايل Agile ceremonies أهمية التخطيط لدورات التطوير في منهجية أجايل دليل المبتدئين إلى إطار عمل كانبان Kanban ما هي إدارة المنتجات؟
-
في مجال إدارة المشاريع المتسارع التطور، كثيرًا ما تجد فرق العمل نفسها تصارع مع أطر العمل والمنهجيات الصارمة، والتي لا تأخذ في الحسبان التعقيدات الفريدة لكل مشروع وحركيته الخاصة، ما يترك هذه الفرق تبحث عن حلول أكثر مرونةً وتمكينًا، ليبرز في ها السياق إطار عمل كريستال Crystal، أحد أطر عمل منهجية أجايل، والذي لا يعترف بعقلية استخدام نفس القواعد والمقاييس لكل أنواع المشاريع، بل يؤمن بأن لكل فريق عمل احتياجاته الخاصة التي ينبغي الاعتراف بها واحترامها. يمثل هذا المقال مقدمةً للتعرف على إطار عمل كريستال المبني على استخدام التكيّف والمرونة لبلوغ أفضل النتائج. ما هو إطار عمل كريستال؟ إطار عمل كريستال Crystal هو أحد أطر عمل منهجية أجايل التي تركز على المرونة والتصميم يما يناسب الاحتياجات الخاصة للمشروع، إذ يشجع على التعاون والتكيف والتحسين المستمر من أجل تسليم برمجيات ذات جودة عالية في الوقت المناسب، طوَّره خبير تطوير البرمجيات الشهير أليستير كوكبورن Alistair Cockburn سنة 1990 حين طلبت منه شركة IBM أن ينشئ مقاربةً لتطوير المشاريع تركز على الهدف، وتوصل كوكبورن بعد البحث إلى أن العديد من فرق العمل الناجحة تتشارك في نفس الأساليب والتقنيات دون أي منهجية محددة لإدارة المشاريع. ومن هنا، تولد لديه الاعتقاد بأنه لا توجد مقاربة صحيحة واحدة لكل المشاريع، وعمد إلى بناء مجموعة من مقاربات تطوير المشاريع تحت إطار عمل كريستال. يقوم إطار عمل كريستال تبعًا لذلك على فكرة أن المشاريع تختلف عن بعضها البعض من ناحية التعقيد، وحجم فرق العمل، والأهمية؛ وبالتالي فهي تتطلب مقاربات مختلفة. يشمل إطار عمل كريستال تبعًا لذلك مجموعةً من المبادئ والممارسات التي تقود عملية التطوير، حيث يركز على تشجيع التواصل والتعاون والتكيف داخل الفريق، كما يعطي إطار عمل كريستال أهميةَ كبيرةً للأفراد وتفاعلاتهم، ويعتبرهم أهم جزء من المشروع. إحدى أهم المفاهيم التي يقوم عليها إطار عمل كريستال هو "الوزن"، والذي يعبر عن درجة تعقيد وأهمية المشروع، بحيث يكون للمشاريع المختلفة أوزان مختلفة، وبالتالي فهي تتطلب مستويات مختلفة من العمليات والتوثيقات، إذ يمكن أن تتطلب المشاريع خفيفة الوزن عمليات ووثائق رسميةً أقل، بينما تتطلب المشاريع الأثقل هيكلةً ووثائق أكبر، ويركز إطار عمل كريستال كذلك على أهمية التسليم المتواصل والتغذية الراجعة، ويُشجع التطوير التكراري والتحسين المستمر من خلال الإصدارات الدورية ومشاركة العملاء، ففرق عمل كريستال مطالبة بالتسليم الدوري للبرمجيات العملية، وجمع التعليقات، وإدخال التعديلات الضرورية لتلبية الاحتياجات المتغيرة للمشروع. المعتقدان الجوهريان Core Beliefs لإطار عمل كريستال إطار عمل كريستال قائم على معتقدين جوهريين وهما كما يلي: 1. فرق العمل قادرة على إيجاد طرق لتحسين تدفق العمل يُعطي إطار عمل كريستال الأولوية للأشخاص ولتفاعلاتهم قبل العمليات والأدوات، ويعترف بأن الفرق المختلفة تقدم أداءً مختلفًا بناءً على عوامل مثل حجم الفريق، وأهمية المشروع وأولوياته؛ وتبعًا لذلك، فإن إطار عمل كريستال يؤمن بأن لفرق العمل القدرة على التقييم المستمر لسير العمل وتحسينه، ويُشجع على ثقافة التحسين الذاتي والتعلم المتواصل، أين يمكن لفرق العمل أن تسعى باستمرار لإيجاد طرق لجعل عملياتها أكثر فعاليةً وكفاءة. 2. يجب أن تكون المشاريع مرنة ومصممة بما يلائم احتياجات وتفضيلات الأشخاص المنخرطين في العمل إطار عمل كريستال مبني على فكرة أن كل مشروع فريد من حيث نوعه وحركيته والأشخاص الذين يعملون عليه، لذلك، فهو يدعم فكرة أن المشاريع لا بد أن تكون مرنةً وقابلةً للتخصيص لتناسب الاحتياجات الخاصة لفريق العمل وتفضيلاته وأسلوب عمله، حيث تسمح هذه المرونة بتحقيق بيئة عمل أكثر شمولًا وإنتاجية. يهدف إطار عمل كريستال من خلال التركيز على هذين المعتقدين الجوهريين إلى تدعيم فرق العمل لتجد حلولها الملائمة، وتخصيص إطار العمل بما يلائم احتياجاتها وأساليب عملها الخاصة؛ لذلك، يُعَد كريستال من أكثر أطر العمل خفةً ومرونةً وقابليةَ للتكيّف. مبادئ إطار عمل كريستال إضافةً إلى المعتقدين الجوهريين لإطار عمل كريستال، فحسب موقع airfocus هو مبني على مجموعة من المبادئ كما يلي: 1. التسليم المتواصل يشير هذا المبدأ إلى تقديم تحسينات مستمرة ومتكررة للمنتج أو البرنامج أثناء عملية التطوير، حيث يسمح إطار عمل كريستال بالتسليم المنتظم واختبار المنتج لضمان أن المشروع يسير على الطريق الصحيح. 2. التحسين الواعي يشجع إطار عمل كريستال فرق العمل على التفكير في عملها وإيجاد طرق لتحسين عملياتها، وينص هذا المبدأ على تعزيز ثقافة التعلم المتواصل والتحسين المستدام، وذلك من خلال بذل جهد في تقييم الأداء الشخصي، والبحث عن فرض زيادة الكفاءة وتحسين العمليات، وهو ما يسمح بتحقيق نتائج أفضل، والتكيّف مع متطلبات المشروع واحتياجات العميل بفعالية أكبر. 3. التواصل الطبيعي المباشر Osmotic Communication يشير مصطلح التواصل الطبيعي المباشر، أو كما يطلق عليه البعض "التواصل الأسموزي" في سياق تنظيم فرق تطوير البرمجيات إلى عملية تبادل المعلومات والمعرفة داخل الفريق بصورة غير رسمية وغير منظمة، حيث يتم تبادل المعلومات طبيعيًا وبسهولة بين أفراد الفريق أثناء العمل اليومي، ويعني التواصل الأسموزي كمبدأ من مبادئ إطار عمل كريستال أن المعلومات تمر طبيعيًا وبحجم صغير بين أفراد الفريق أثناء قضائهم وقت العمل معًا، ويمكن أن يكون ذلك من خلال المحادثات الشفوية، أو عبر البريد الإلكتروني، والمناقشات خلال فترات الاستراحة، واللقاءات اليومية وغيرها؛ ويمكن أن يساهم ذلك في تبادل أفضل وأسرع المعلومات مقارنةَ بالقنوات الرسمية، مما يساعد على تعزيز التعاون وحل المشاكل وتبادل الأفكار داخل الفريق. 4. السلامة الشخصية يُعَد الاهتمام بالسلامة الشخصية أحد أهم مبادئ إطار عمل كريستال، إذ يوسع هذا المبدأ هدف نجاح المشروع إلى الجانب الإنساني لفريق العمل، ويعنى أن أفراد الفريق يشعرون بالأمان النفسي والجسدي في بيئة عملهم، إذ ينبغي أن يكون لديهم الثقة في قدرتهم على التعبير عن أفكارهم ومخاوفهم بدون هواجس، كما يجب أن يكون هناك دعم نفسي واجتماعي متاح للتعامل مع التحديات والضغوطات التي يمكن أن تنشأ خلال تنفيذ مهامهم، ويمكن للفريق من خلال التركيز على السلامة الشخصية أن يعمل بكفاءة أكبر، وأن يظل ملتزمًا أكثر بأهداف المشروع، حيث يستطيع الأفراد ضمن هذه الظروف تحقيق التطوير والابتكار في مجالاتهم، مما يعزز من فعالية العمل ويساهم في تحقيق نتائج إيجابية. 5. استخدام الخبراء استخدام الخبراء هو أحد مبادئ إطار عمل كريستال الذي يعكس الالتزام بتعزيز التعاون وتحسين جودة العمل، إذ يشجع الفريق على التفاعل مع أشخاص متخصصين والاستفادة من خبراتهم ومعارفهم لمساعدتهم على تطوير مشاريعهم وتحقيق أهدافهم بكفاءة أكبر، ويتيح هذا المبدأ للفريق الاستفادة من الخبرات المتعددة والنصائح المهنية، كما يعزز قدرته على معالجة التحديات وحل المشاكل، ويمكن أن يكون لهذا التفاعل تأثير إيجابي على توجيه المشروع واتخاذ القرارات الصائبة. 6. توظيف الأدوات والتقنيات تَعَدُّد البيئة التقنية عاملًا أساسيًا في تحقيق أهداف فريق العمل وضمان نجاح المشاريع، لهذا ينص هذا المبدأ على توظيف الأدوات والتقنيات الجيدة التي من شأنها دعم أنشطة الفريق، بحيث تكون سهلة الاستخدام ومتوافقةً مع احتياجات المشروع، كما ينبغي أن تكون البيئة التقنية مستقرةً وآمنة لتمكن الأفراد من العمل بثقة، وأن تدعم الفريق في تطوير واختبار تنفيذ البرمجيات بفعالية؛ كما يجب أن تكون هناك استراتيجية لإدارة التغيير الرقمي بما يمكن فريق العمل من الانتقال السلس إلى تقنيات جديدة دون تعطيل تقدم المشروع. استخدام الألوان ودلالاتها ضمن إطار عمل كريستال يتكون إطار عمل كريستال من مجموعة من الفئات التي تٌقسم حسب مختلف جوانب المشروع، ولكل لون أهميته الخاصة، وتُستخدم الألوان للدلالة على "وزن" المنهج الذي ينبغي استخدامه، بناءً على حجم المشروع وخطره الممكن على سلامة حياة الإنسان، وتحقق هذه الألوان تبعًا لذلك الأغراض التالية: توجيه الفريق إلى المقاربات المناسبة، فاستخدام الألوان يمكن أن يكون توجيهًا فوريًا للفريق لاختيار مناهج العمل التي تناسب المشروع. على سبيل المثال، إذا كان لدينا مشروع صغير مع عدد قليل من الأعضاء، فإن لون "كريستال شفاف" يشير إلى أنه يمكننا استخدام منهجية خفيفة الوزن وبسيطة. تشجيع التواصل، إذ تستطيع الألوان أن تكون طريقةً بصريةً لتشجيع التواصل داخل الفريق. على سبيل المثال، يمكن أن تستخدم جداول الألوان في الاجتماعات لإظهار تقدم المشروع بسرعة ووضوح. إدارة المخاطر من خلال استخدام الألوان للإشارة إلى مستوى المخاطر، ما يسمح للفريق بتحديد المناطق التي تحتاج إلى اهتمام خاص وإجراءات استباقية. تحفيز الالتزام لدى أعضاء الفريق، فعندما يعلمون أنهم يعملون على مشروع مهم معرض لمخاطر عالية (مثل مشروعات يمكن تؤثر على سلامة الحياة البشرية)، عندها يمكن أن تكون الألوان مصدر إلهام والتزام إضافي لهم لضمان نجاح المشروع. فيما يلي قائمة الألوان المستخدمة للدلالة على فئات إطار عمل كريستال: 1. كريستال شفاف Crystal Clear يناسب فرق العمل التي تتكون من أقل من ثمانية أعضاء والمشاريع قصيرة الأمد التي يعمل الأعضاء فيها في مكان واحد. 2. كريستال أصفر Crystal Yellow يناسب فرق العمل التي تتكون من 10 إلى 20 عضوًا، والتي يجمع فيها الفريق تعليقات المستخدمين الحقيقيين ويُستخدم فيها الفحص التلقائي في عملية التطوير. 3. كريستال برتقالي Crystal Orange يناسب فرق العمل التي تتكون من 20 إلى 50 عضوًا، والمشاريع متوسطة الحجم التي تستغرق مدةً تتراوح بين سنة إلى سنتين، مع إطلاق دوري كل ثلاثة أو أربعة أشهر. 4. كريستال برتقالي فاتح Crystal Web Orange يناسب فرق العمل التي تتكون من 20 إلى 50 عضوًا، أي نفس حجم الفرق الخاصة بفئة كريستال برتقالي، غير أن هذا اللون مخصص للحالة التي تكون فيها قاعدة تعليمات البرمجة تتطور باستمرار، ويتعامل فريق العمل في نفس الوقت مع سلسلة من المبادرات التي تتطلب البرمجة. 5. كريستال أحمر Crystal Red يناسب فرق العمل التي تتكون من 50 إلى 100 عضوًا، حيث تُشكَل فرقًا جزئيةً صغيرةً من فريق العمل الكلي حسب الحاجة، وعادةً ما تُتبع طرق تطوير برامج أكثر تقليدية في هذا المستوى. 6. كريستال بني Crystal Maroon يناسب المشاريع كبيرة الحجم التي يتراوح فيها حجم فريق العمل بين 80 إلى 200 عضوًا، والتي تختلف فيها طرق العمل حسب متطلبات البرنامج. 7. كريستال الماس والياقوت Crystal Diamond and Sapphire يناسب المشاريع الأكبر من حيث الحجم والأهمية، والتي يمكن أن تتضمن خطرًا محتملًا على سلامة حياة الإنسان. إذا افترضنا وجود فريق عمل يتكون من 6 أفراد، ويعمل على مشروع قصير المدى لتطوير موقع ويب، فننصحه في هذه الحالة بكريستال الشفاف، لأنه يناسب حالة التعاون عن قرب في مكان عمل واحد؛ أما إذا كان لدينا فريق عمل متوسط الحجم يتكون من 15 عضوًا، ويعمل على تطوير تطبيق للهاتف المحمول، فسيكون كريستال الأصفر الأنسب له، حيث سيوفر للفريق هيكلةً وتعاونًا أكبر كونه أكثر تعقيدًا بقليل، غير أننا إذا كنا نتعامل مع فريق أكبر حجمًا يصل أعضاؤه إلى 40 عضوًا يعملون على تطوير نظام برنامج معقد سيكون كريستال البرتقالي هو الخيار الصحيح لأنه يستطيع تحمل التعقيدات المتزايدة والحاجة إلى مقاربة مهيكلة. وفي حالة مشروع أكبر من ذلك بفريق عمل يصل إلى 80 عضوًا، يتولون أنظمة برمجيات مهمة لصالح شركات كبرى، يُصبح كريستال الأحمر أنسب لهم، حيث يضمن الإدارة والرقابة الدقيقة لسير العمل. في الأخير، عندما يتعلق الأمر بخطر محتمل على سلامة حياة الإنسان، مثل مشروع بناء محطة فضاء، فإن كريستال الماس والياقوت يقدم العناية القصوى والاهتمام المطلوب لإنجاح مثل هذه المشاريع الحساسة. ميزات ونقاط ضعف إطار عمل كريستال يقدم إطار عمل كريستال العديد من المزايا لفرق العامل خاصةً في مجال تطوير البرمجيات، ومن بين أهم هذه المزايا ما يوضحه موقع developer: يتمتع إطار عمل كريستال بدرجة عالية من المرونة، وهو ما يسمح لفرق العمل بتصميم ممارساتهم ومبادئهم حسب ما يناسب الاحتياجات الخاصة لكل مشروع، وإيجاد حلولهم الشخصية والتكيف مع المتطلبات المتغيرة. زيادة الإنتاجية من خلال التركيز على تقديم خصائص ذات قيمة مرتفعة، فإطار عمل كريستال يساعد فرق العمل على إعطاء الأولوية لعملها والتركيز على الجوانب الأكثر أهمية، وتجنب الأمور الهامشية التي يمكن أن تشتتها. تحسين التواصل والتعاون بين أعضاء فريق العمل من خلال التركيز على التواصل المباشر والشفافية والمساءلة، وكذا التواصل الفعال مع أصحاب المصلحة والمستخدمين بهدف تحقيق نتائج أفضل. قابلية التكيف، حيث صُمم إطار عمل كريستال ليكون متكيفًا وليسمح لفرق العمل بالاستجابة الجيدة للظروف والمتطلبات المتغيرة، فهو يقوم على أن كل مشروع فريد من نوعه ويتطلب طرقًا واستراتيجيات خاصة. تحقيق الفعالية من خلال السير السلس للمشروع وتشجيع فريق العمل على التحسين المستمر لسير العمل والعمليات. يعطي إطار عمل كريستال أهميةً كبيرةً لفهم احتياجات المستخدمين وتطوير برمجيات تستجيب لها، ويشجع مشاركة المستخدمين والاستفادة من تعليقاتهم خلال عملية التطوير. يقدم إطار عمل كريستال مقاربات مختلفة حسب حجم فريق العمل، ما يسمح لهذه الفرق باختيار ما يناسبها حسب متطلبات المشروع، وبالتالي توفير الجهد والوقت. مع كل هذه المزايا، يمكن أن تواجه فرق العمل عند استخدام إطار عمل كريستال بعض التحديات أو نقاط الضعف على غرار أطر العمل والمنهجيات الأخرى، ويمكن ضمن هذا السياق أن نذكر العناصر التالية: إطار عمل كريستال مصمم ليكون مرنًا ومتكيفًا، وهو ما يمكن أن يفيد فرق العمل ذات الخبرة الكبيرة، غير أن غياب البنية والإرشادات الصارمة ضمن هذا الإطار، والتي تحتاجها الفرق قليلة الخبرة، يمكن أن يعطل من تقدمها. قد لا يقدم إطار عمل كريستال إرشادات واضحة لفهم كيف يمكن لفرق العمل التي تعمل عن بعد أن تشارك المعلومات بفعالية وتتعاون بسهولة، وهو ما يمكن أن يشكل بدوره تحديات لفرق العمل الموزعة التي تعتمد كثيرًا على التواصل عن بعد. يعتمد نجاح إطار عمل كريستال كثيرًا على خبرة ومهارات أعضاء فريق العمل، وبالتالي، عندما يفتقد الفريق لهذه الخبرة والمعرفة، يمكن أن يعاني لتحقيق التطبيق الفعال لكريستال وتحقيق النتائج المرجوة. يعتمد إطار عمل كريستال على مقاربة خفيفة الوزن، ويعني ذلك أنه يمكن يتطلب وثائق وتقارير محدودةً، ما يمثل ميزةَ من ناحية الفعالية، غير أن نقص التوثيق يمكن أيضًا أن يكون عائقًا أمام نقل المعرفة في المستقبل. من المهم الإشارة إلى أن نقاط الضعف المذكورة ليست مطلقةً، ويمكن أن تنطبق على بعض فرق العمل دون الأخرى تبعًا لسياق العمل وحركية الفريق، فمدى ملاءمة إطار عمل كريستال لمشروع أو لفريق معين في النهاية تُحدد بناءً على تقييم دقيق بناءً على احتياجاتها وأهدافها الخاصة. وكخلاصة لما سبق، فإن إطار عمل كريستال يجسد روح التمكين، فهو يتجاوز كونه مجرد أحد أطر عمل منهجية أجايل، ليشكل فلسفةً تقود فرق العمل وتشجعها على التعاون الفعال والتركيز على متطلبات مشروعها الفريدة، وتصميم مقاربات عملها وفقًا لذلك. وفي عالم لا يناسب فيه مقاس واحد الجميع، يبرز كريستال كمنارة للمرونة والتكيف والنجاح، من خلال قيادة فرق العمل للأخذ بزمام أمور عملها، واتخاذ قرارات حكيمة، وتقديم نتائج استثنائية. المصادر Crystal Agile Framework Colors in Crystal Methodology in Agile Intro to the Crystal Method in Agile Development Crystal Agile Methodology: Your guide to the Crystal framework in Agile Crystal methods in Agile Development/Framework اقرأ أيضًا ما هو إطار عمل تطوير البرمجيات المرن Lean Software Development؟ دليل المبتدئين لمنهجية أجايل Agile دليلك إلى أشهر أطر عمل منهجية أجايل المراسم الأربعة لمنهجية أجايل Agile ceremonies أهمية التخطيط لدورات التطوير في منهجية أجايل دليل المبتدئين إلى إطار عمل كانبان Kanban ما هي إدارة المنتجات؟
-
ينحدر إطار عمل تطوير البرمجيات المرن Lean Software Development من حركة التصنيع المرن Lean manufacturing التي انتشرت خلال ثمانينات القرن الماضي، إلا أنه يندرج في عالمنا اليوم تحت مظلة أطر عمل منهجية أجايل الشهيرة للتطوير، وهو مفهوم يركز على زيادة الفعالية والقضاء على الهدر في عملية تطوير البرمجيات، ويُعَد أحد أشهر وأنجح المقاربات المستخدمة في المجال، رغم وجود بعض النقائص والتحديات التي تتخلل تطبيقه. نتعمق في هذا المقال في عالم إطار عمل تطوير البرمجيات المرن، ومبادئه، ونقاط قوته وضعفه، في محاولة لتكوين دليل تعريفي شامل لهذا الإطار. مفهوم إطار عمل تطوير البرمجيات المرن إطار عمل تطوير البرمجيات المرن هو أحد أطر عمل منهجية أجايل، يركز على تحسين استخدام وقت وموارد عملية التطوير، والقضاء على الهدر، والاقتصار على تقديم ما هو ضروري للمنتج فقط، ويُعَد إطار العمل هذا الترجمة العملية لمبادئ وممارسات التصنيع المرن Lean manufactring في مجال تطوير البرمجيات، حيث تتمثل الفكرة الأساسية خلف إطار عمل تطوير البرمجيات المرن في تقديم القيمة للعميل والقضاء على الأنشطة التي لا تساهم في توليد هذه القيمة، وبالتالي تبسيط العمليات، والحد من العمل غير الضروري، وزيادة رضا العميل. يسعى إطار عمل تطوير البرمجيات المرن إلى تحقيق التوازن بين تلبية احتياجات العملاء، وتحقيق الكفاءة الداخلية؛ من خلال تقديم منتجات ذات قيمة عالية بأقل قدر ممكن من الهدر والتكلفة. الجذور التاريخية لإطار عمل تطوير البرمجيات المرن تعود الجذور التاريخية لإطار عمل تطوير البرمجيات المرن إلى مفهوم التصنيع المرن Lean manufacturing، والذي ظهر في شركة تويوتا اليابانية تحت اسم نظام إنتاج تويوتا Toyota Production System (TPS) خلال سنوات الأربعينات والخمسينات من القرن الماضي، ومثَّل مقاربةً ثوريةً للصناعة هدفت إلى القضاء على الهدر، وتحسين الكفاءة، وتعظيم القيمة المقدمة للعملاء؛ غير أن أول شخص وضع عملية إنتاج كاملة بناءً على هذا النظام -قبل ذلك- كان هنري فورد Henry Ford سنة 1913، إذ جمع فورد بين الأجزاء القابلة للتبديل والعمل العادي وأدوات النقل المتحركة لإنشاء ما أسماه بالإنتاج المتدفق Flow production، ورتّب خطوات التصنيع في سلسلة من العمليات كلما كان ذلك ممكنًا باستخدام آلات خاصة؛ بالإضافة إلى إدراج مقياس نعم/لا لصناعة وتجميع الأجزاء الداخلة في المركبة خلال دقائق معدودة، وتسليم أجزاء مناسبةً تمامًا مباشرةً بمحاذات الخط الإنتاجي، ومثّلت هذه المقاربة نقلةً كبيرةً من ممارسات الورشات للنظام الأمريكي التقليدي، لتتطوّر ممارسات فورد لاحقًا في شركة تويوتا ونظامها الإنتاجي TPS. أخذت مبادئ وممارسات التصنيع المرن تنتشر لتُتبنى وتُطبق في مجال تطوير البرمجيات خلال سنوات التسعينات، وكان الهدف من ذلك تحسين الإنتاجية والجودة ورضا العميل، ويُعَد كتاب "التفكير المرن: تخلص من الهدر وولّد الثروة في شركتك"Lean Thinking: Banish Waste and Create Wealth in Your Corporation لمؤلفيه جايمس ووماك James Womack ودانيال جونز المنشور سنة 1996 Daniel Jones، أحد أهم الأعمال التي كان لها أثر على إطار عمل تطوير البرمجيات المرن، فقد تعمّق الكتاب في مبادئ التصنيع المرن وقدّم لأول مرة مفهوم التفكير المرن، والذي يركز على أهمية توليد القيمة، والتقليل من الهدر، والتحسين المستمر، ليصدر بعد ذلك كتاب "تطوير البرمجيات المرن: إحدى أدوات اجايل" Lean Software Development: An Agile ToolkitK لمؤلفيه ماري بوبنديك Mary Poppendieck وتوم بوبانديك Tom Poppendieck سنة 2003؛ الذي ركز على تطبيق المبادئ المرنة على عملية تطوير البرمجيات، وقدّم سبعة مبادئ لإطار عمل تطوير البرمجيات المرن من بينها القضاء على الهدر، وتعزيز التعلم، والتسليم في أسرع وقت ممكن. منذ ذلك الوقت، اكتسب إطار عمل تطوير البرمجيات المرن شعبيةً كبيرةً كمقاربة بديلة للمناهج التقليدية لتطوير البرامج، مثل منهجية الشلال Waterfall، حيث تبنته المنظمات التي تهدف إلى تحسين عمليات تطوير البرامج لديها من خلال القضاء على الهدر، وزيادة الفعالية وتقديم القيمة للعملاء بفعالية أكبر، وأصبح جزءًا أساسيًا من منهجية أجايل للتطوير. مبادئ إطار عمل تطوير البرمجيات المرن تتمثل المبادئ الأساسية لإطار عمل تطوير البرمجيات المرن فيما يلي: القضاء على الهدر: من خلال تحديد والقضاء على أي أنشطة أو عمليات لا تضيف قيمةً للعميل، ويدخل ضمن ذلك التقليل من الوثائق غير الضرورية، وزمن الانتظار، وعيوب الإنتاج، والإنتاج الزائد. تعزيز عملية التعلم: يشجع إطار عمل تطوير البرمجيات المرن على ثقافة التعلم والتجربة، إذ يركز على أهمية حلقات التغذية الراجعة سواءً مع العملاء أو داخل فريق التطوير، وذلك من أجل التحسين المستمر للمنتج ولعملية التطوير. تأجيل القرار ما أمكن: ويعني هذا المبدأ تأجيل اتخاذ القرارات المهمة إلى آخر دقيقة معقولة ممكنة، إذ يسمح ذلك بالحصول على معلومات أكثر، وبالتالي التخفيض من مخاطر اتخاذ قرارات بناءً على معلومات غير كاملة أو غير صحيحة. التسليم السريع: إذ يهدف فريق العمل ضمن إطار عمل تطوير البرمجيات المرن إلى تقديم القيمة للعملاء بأسرع وقت ممكن، من خلال تقسيم العمل إلى أجزاء صغيرة سهلة الإدارة، مع إعطاء الأولوية للخصائص الأكبر قيمةَ لتُسلَم خلال مراحل مبكرة. تمكين الفريق: وينص هذا المبدأ على إعطاء فريق التطوير القدرة والمسؤولية عن اتخاذ القرارات وحل المشاكل، وتشجيع التعاون، والتنظيم الذاتي، والتحسين المستمر داخل الفريق. بناء الجودة داخل المنتج: ويعني هذا المبدأ التركيز على بناء الجودة في المنتج من البداية، ويشمل ذلك استخدام الاختبارات الآلية، والتكامل المستمر، والممارسات الأخرى التي تضمن اكتشاف العيوب في المراحل المبكرة، وأن المنتج يرقى لتوقعات العميل. التحسين الشامل: أي تحسين كامل نظام القيمة وليس فقط الأجزاء المنفردة، والبحث عن طرق لتحسين العملية من البداية إلى النهاية، بدءًا بجمع المتطلبات إلى غاية الإطلاق والصيانة، من أجل تعظيم الفعالية وتقديم القيمة. يهدف إطار عمل تطوير البرمجيات المرن من خلال هذه المبادئ إلى توليد عمليات تطوير أكثر فعاليةً وكفاءةً، فهي تقدم فيمةً للعميل، وتقلل في نفس الوقت من الهدر، وتعزز عملية التعلم. تطبيق إطار عمل تطوير البرمجيات المرن يمكن تطبيق إطار عمل تطوير البرمجيات المرن عبر سلسلة من الخطوات التي تتيح تطبيق مبادئه لتحسين فعالية إدارة المشروع وإدارة المنتج، ونقترح في هذا المقال المحطات الضرورية التالية من أجل تطبيقه بكل سلاسة وفعالية: 1. تحديد القيمة يبدأ تطبيق إطار عمل تطوير البرمجيات المرن بتحديد القيمة التي ينبغي للبرنامج المزمع تطويره تحقيقها، وذلك من خلال فهم المشكلة الحقيقية التي يهدف المنتج لحلها، ومثال ذلك التتبع الفعال للمهام، أو التواصل الفعال بين أعضاء فريق العمل عن بعد، وتُعد هذه الخطوة ضروريةً لأنها تسمح بتركيز المجهودات على الخصائص المهمة بالفعل بالنسبة للمستخدمين. 2. رسم سير العمل ينبغي على فريق العمل الذي يطبق إطار عمل تطوير البرمجيات المرن أن يترجم سير عمل البرنامج إلى شكل مرئي من خلال رسم بياني يوضح أهم المراحل، بدايةً من إنشاء المهام وتوزيعها، إلى غاية إنهاء المهام وكتابة التقارير إن وجدت. وتسمح هذه العملية بتحديد العقبات والتكرارات والتأجيلات التي من الممكن أن تعرقل فعالية سير المشروع. 3. إنشاء سير العمل خلال هذه المرحلة، يركز فريق العمل على استبعاد الخطوات غير الضرورية وتحسين العلميات، والاستفادة من الأتمتة لإرسال تنبيهات فورية متعلقة بالمهام ودمج أدوات التواصل مباشرةً في المنصة، وكل ما من شأنه تقليص التدخلات اليدوية، بما يضمن السير السلس منذ بداية المشروع إلى نهايته. 4. وضع نظام لسحب المهام وتعني هذه الخطوة تطبيق نظام سحب لتحسين تخصيص المهام، إذ ينبغي أن تُسحب المهام إلى سير العمل فقط عندما توجد قدرة للعمل عليها، مما يمنع الإفراط في تحميل أعضاء فريق العمل بالمهام، والحفاظ على تركيزهم؛ ويمكن استخدام الأدوات البصرية مثل لوحات كانبان لمراقبة تقدم المهام والتأكد من توازن حجم العمل لدى أعضاء الفريق. 5. السعي إلى الكمال نعلم بطبيعة الحال أن بلوغ الكمال غاية تكاد تكون مستحيلةً في هذا السياق، لذلك فإن ما نعنيه بهذه الخطوة هو المراقبة المستمرة بهدف قياس فعالية البرنامج قيد التطوير، وجمع تعليقات المستخدمين والمعلومات المبنية على البيانات من أجل تحديد مجالات التحسين، والتحديث المستمر للبرنامج من أجل تحسين خصائصها تبعًا لاحتياجات المستخدمين، وبالتالي ضمان أن تبقى أصولًا قيمة لدى العميل. مثال عملي إذا أخدنا الخطوات المذكورة أعلاه، وأردنا تطبيقها على حالة تطوير برنامج لإدارة المشاريع يركز على منهجية أجايل في أساليبه، فإننا سننطلق من تحديد القيمة والتي يمكن أن تشمل تيسير توزيع المهام، ودعم التواصل داخل الفريق، وإتاحة لمديري المشاريع اتخاذ القرارات بناءً على البيانات، ومن ثم، سينبغي إنشاء تصور مرئي لسير العمل داخل البرنامج؛ ويمكن استخدام الرسوم البيانية لتوضيح مراحل إنشاء المهام، والتعاون داخل الفريق، ومتابعة تقدم العمل، وإنهاء المشروع، إذ سيوفر ذلك رؤيةً شاملة لوظائف البرنامج. ننتقل بعدها إلى تطبيق الخصائص التي تجعل المهام الروتينية آليةً، مثل إشعارات التكليف بالمهام ومشاركة الوثائق، وكذا تسهيل التواصل المباشر بين أفراد الفريق، ومن ثم، ينبغي وضع نظام لترتيب المهام يسمح بالعمل عليها حسب قدرة الفريق. ويمكن استخدام لوحة كانبان لتوضيح وضعية المهام، بالإضافة إلى زيادة فعالية تخصيص المهام، وتجنب تراكم العمل؛ وفي الأخير ينبغي تبني مقاربة تكرارية لتطوير البرنامج، وجمع تعليقات المستخدمين باستمرار مع مراقبة أداء البرنامج، وإطلاق تحديثات تسمح بتحسين الخصائص وتحسين تجربة المستخدم، والاستجابة للاحتياجات الجديدة للمستخدمين. الفرق بين منهجية أجايل وإطار عمل تطوير البرمجيات المرن منهجية أجايل وإطار عمل تطوير البرمجيات المرن هما اثنان من أشهر المقاربات في عالم تطوير البرمجيات، وكثيرًا ما يتم الخلط بينهما رغم أن إطار عمل تطوير البرمجيات المرن يُعَد أحد أطر عمل منهجية أجايل، أي أنه يندرج تحت مظلتها، وعلى الرغم من أنهما يشتركان في بعض الجوانب؛ إلا أنهما يختلفان في العديد من النواحي التي لخصها موقع networkinterview فيما يلي: من ناحية الأصل: منهجية أجايل هي نموذج يشمل ست مراحل لدورة حياة تطوير البرمجيات، ويشمل كمفهوم عام مجموعة من أطر العمل التي تشجع على التعاون الوثيق بين فرق التطوير، والتفاعل بمرونة مع التغيرات الطارئة أثناء عملية التطوير؛ أما إطار عمل تطوير البرمجيات المرن فهو مقاربة تستند إلى مبادئ إنتاجية تنحدر من قطاعات صناعية مختلفة، وتهدف إلى تحسين الكفاءة من خلال القضاء على الهدر وتحسين السير العمل. من ناحية المبادئ: نجد أن مبادئ منهجية أجايل تنحدر من بيان أجايل Agile Manifesto، في حين تتبع مبادئ المبادئ التقليدية لنموذج الإنتاج المرن التقليدي. من ناحية التفرعات: توجد عدة أنواع لأطر عمل منهجية أجايل، مثل كانبان وسكرام وغيرها، بينما لا توجد تصنيفات أخرى لإطار عمل تطوير البرمجيات المرن. من ناحية التركيز: تركز منهجية أجايل على رضا العميل وقيمة المنتج، بينما يركز إطار عمل تطوير البرمجيات المرن على تحسين جودة المنتج وسرعة التطوير. من حيث الملاءمة لأنواع المشاريع: يمكن استخدام منهجية أجايل في كل أنواع المشاريع صغيرةً كانت أو كبيرةً، بينما يفضل استخدام إطار عمل تطوير البرمجيات المرن في المشاريع الأقل حجمًا. من ناحية المرونة: تُعد منهجية أجايل أكثر مرونةً إذ يمكن تغيير المتطلبات أو الخطة في أي مرحلة، بينما لا يُعَد إطار عمل تطوير البرمجيات المرن مرنًا بما فيه الكفاية ليُناسب التغيرات شديدة التسارع في المخرجات المطلوبة. من حيث المقاربة: تتبع منهجية أجايل مقاربة التكرار المتواصل continuous iteration، بينما يدعم إطار عمل تطوير البرمجيات المرن الفحص والتكييف المستمر للمنتج. من حيث الخطوات أو المراحل: نجد أن لمنهجية أجايل ست مراحل في نموذجها للتطوير، بينما لدى إطار عمل تطوير البرمجيات المرن سبعة مبادئ تنحدر من نموذج التصنيع المرن التقليدي. ميزات إطار عمل تطوير البرمجيات المرن ونقاط ضعفه يسمح تطبيق إطار عمل تطوير البرمجيات المرن لمديري المشاريع، ولفرق العمل، وللمنظمات التي تطبقه عمومًا، بتحقيق مجموعة من الميزات القيّمة التي تقف وراء شعبيته الكبيرة، ونذكر منها ما يلي: تخفيض التكاليف من خلال القضاء على الهدر والأنشطة غير الضرورية، فإطار عمل تطوير البرمجيات المرن يمكن أن يوفر الموارد المالية والجهد البشري والوقت. الوصول إلى منتجات ذات قيمة مرتفعة، حيث يركز إطار عمل تطوير البرمجيات المرن على تقديم القيمة للعملاء النهائيين من خلال إعطاء الأولية للخصائص والتحسينات التي تقدم أعلى قدر ممكن من القيمة. تقليص الزمن الضروري للوصول إلى السوق، من خلال التركيز على التقديم السريع والمتواصل للقيمة، ما يسمح بإطلاق أسرع للمنتج وبتخفيض مدة دورات التطوير. تحسين الجودة من خلال بنائها داخل عملية التطوير منذ البداية، والتركيز على التحسين المتواصل، فإطار عمل تطوير البرمجيات المرن يساعد على ضمان جودة منتجات أعلى. رفع رضا العميل، إذ يهدف إطار عمل تطوير البرمجيات المرن إلى التقريب بين جهود التطوير واحتياجات العملاء، وينتج عن ذلك منتجات تلائم أكثر توقعات العميل وتزيد من رضاه. الفعالية والإنتاجية من خلال ممارسات مشاهدة سير العمل، وإدارته، والتقليل من العقبات، وتحسين عملية التطوير. التعاون والدعم داخل الفريق، إذ يعزز إطار عمل تطوير البرمجيات المرن التعاون والاحترام، وبناء محيط عمل إيجابي، والرفع من أداء الفريق. المرونة والقدرة على التكيف مع تغير المتطلبات وملاحظات العميل، ما يسمح لفرق العمل باتخاذ قرارات حكيمة وإدخال التعديلات خلال عملية التطوير. دون المساس بأهمية هذه الميزات، لا بد أن نشير إلى أن إطار عمل تطوير البرمجيات المرن، كغيره من أطر العمل، ليس كاملًا ولا خاليًا من نقاط الضعف، ونذكر في هذا السياق بالتحديد، النقاط التالية: يعتمد إطار عمل تطوير البرمجيات المرن بشدة على مهارات وجهود فريق العمل المشارك في عملية التطوير، وتعاون أعضائه فيما بينهم، وهو ما يجعله صعب الاستخدام في المشاريع الأكبر حجمًا والتي تتطلب فرق عمل كبيرة. يتطلب إطار عمل تطوير البرمجيات المرن عمليات توثيق قوية لضمان التحديد الواضح للسياسات والقواعد ووصلوها للجميع. يمكن أن يتطلب تطبيق إطار عمل تطوير البرمجيات المرن تغيرات في العمليات والأدوار، وكذا في العقليات، وبالتالي يمكن أن تشكل مقاومة التغيير تحديًا هامًا في هذا السياق. يفتقر إطار عمل تطوير البرمجيات المرن إلى مؤشرات دقيقة وملائمة لقياس أداء البرمجيات، ومن شأن ذلك التقليل من فعالية الإطار لأنه بدون هذه المؤشرات يصعب تقييم التقدم، واكتشاف المجالات التي تحتاج إلى تحسين، واتخاذ قرارات صحيحة حول عملية التطوير. عدم التركيز على التخطيط، ويمكن أن يكون ذلك نقطة ضعف لإطار عمل تطوير البرمجيات المرن مقارنةً بأطر العمل الأخرى التي تعطي أهميةً كبيرةً لهذه المرحلة، خاصةً بالنسبة لفرق العمل التي تتطلب تخطيطًا وقابلية تنبؤ أكبر في عملها. يعتمد إطار عمل تطوير البرمجيات المرن كثيرًا على تواصل وتعاون الفريق لإدارة العمل بفعالية، وهو ما يمكن أن يُشكل تحديًا لفرق العمل التي تعاني من مشاكل في التواصل أو التي تعمل عن بعد. يمكن لفرق العمل من خلال استيعاب نقاط الضعف هذه، واتخاذ خطوات احتياطية لمعالجتها، أن تزيد من فعالية إطار عمل تطوير البرمجيات المرن، وتحقق نتائج أفضل من ناحية الكفاءة والجودة ورضا العملاء. في النهاية، يتميز إطار عمل تطوير البرمجيات المرن عن غيره من أطر العمل بالفلسفة التي تقف خلفه، والتي أعادت تشكيل الطريقة التي يفكر فيها مديرو المشاريع في عملية تطوير البرمجيات، حيث تنحدر مبادئه من أساسيات التصنيع المرن التي تركز على الفعالية والكفاءة والقضاء على الهدر، وتعظيم القيمة. ومع التقدم غير المسبوق في مجال تقنية المعلومات، تستمر مبادئ هذا الإطار في مساعدة فرق تطوير البرمجيات على تجاوز التعقيدات وتقديم منتجات ذات جودة عالية، ودعم قدرتها على المنافسة، ويمكن للمنظمات من خلال فهم وتطبيق إطار عمل تطوير البرمجيات المرن أن تنفذ عملياتها بمرونة، وتعزز الابتكار، وتحقق النجاح في العالم الرقمي سريع الحركة. المصادر A Brief History of Lean. What Are The 7 Principles Of Lean Software Development?. Agile vs Lean: Software Development Methodologies. Everything You Need to Know about Lean Software Development. Advantages of Lean Software Development The pros and cons of lean software development اقرأ أيضًا دليل المبتدئين لمنهجية أجايل Agile دليلك إلى أشهر أطر عمل منهجية أجايل المراسم الأربعة لمنهجية أجايل Agile ceremonies أهمية التخطيط لدورات التطوير في منهجية أجايل دليل المبتدئين إلى إطار عمل كانبان Kanban ما هي إدارة المشاريع؟ ما هي إدارة المنتجات؟
-
لا يغادر أغلب المدونين حقيقةً وقصدًا عالم التدوين، بل إنهم يتوقفون عن التدوين فجأة وبدون مقدمات في أحد الأيام، وبمرور بضعة أسابيع أو أشهر، تتواصل معهم شركة الاستضافة على شبكة الإنترنت Web hosting لتجديد نطاق domain موقع المدونة، وهنا يقررون ببساطة أن الوقت حان للتخلي عنها، وفي تلك اللحظة، يختفي كل العمل الذي أنجزه من على شبكة الإنترنت بين ليلة وضحاها. هذه الطريقة لا تساعدك ولا تساعد أي أحد آخر، حتى عندما تعتقد أن لا أحد يقرأ مدونتك، فالحقيقة أن بعض الأشخاص على الأرجح يصلون إلى كتاباتك عبر محركات البحث ومنصات التواصل الاجتماعي والمنتديات والمدونات الأخرى التي يمكن أن تضع روابط إليها. وعندما تتخلى عن مدونتك، فأنت تتخلى عن الآخرين أيضًا؛ أضف إلى ذلك أنك إذا قررت أن تُطلق مدونةَ أخرى في المستقبل، فسيكون من الأصعب جعلها تنطلق من نقطة الصفر دون أي قراء أو متابعين أوفياء للمدونة الأولى لأنهم سيتجاوزونها. نقدم في هذا المقال الطريقة المقصودة والمسالمة للتخلي عن المدونة، بما يسمح للأبواب أن تبقى دائمًا مفتوحةً في وجهك. 1. نشر تدوينة وداعية أخيرة حتى وإن كنت لم تنشر أي شيء منذ أشهر أو سنوات، فإن كتابة تدوينة وداعيّة أخيرة لمدونتك أمر منصوح به بشدة، إذ تشرح في هذا المنشور بأنك لن ننشر أي تحديثات بعد الآن، ولكنك تأمل في أن يستمتع الأشخاص بقراءة المقالات المتوفرة التي كتبتها من قبل، خاصةً إذا كنت تعلم بوجود قراء استفادوا من المحتوى الذي شاركته معهم. يمكن لك أيضًا أن تُزود أفضل مقاطع هذه التدوينة الأخيرة بروابط لأي محتوى يولد لك دخلًا بالعمولة، أو مبيعات منتجات ترغب في الاحتفاظ بها، إذ يمكن للمدونة أن تستمر في توليد المال لك حتى إذا لم تكتب محتوًى جديدًا باستمرار. 2. إعلام القراء بكيفية إيجاد مدونتك الجديدة إذا أطلقت واحدة إذا كنت تعتزم إطلاق مدونة جديدة، فينبغي أن تُعْلم قراءك القدماء بذلك حتى وإن كانت تتمحور حول تخصص جديد تمامًا، إذ أن بعض القراء سيهتمون على الأرجح بالموضوع الجديد؛ بينما يمكن للبعض الآخر أن يلقي نظرةً على المدونة الجديدة لأنهم يستمتعون بأسلوب كتابتك ومعجبون بك كشخص. يساعد ربط موقعك الجديد على الانترنت بموقعك القديم أيضًا على تحسين ترتيبه في تهيئة محركات البحث SEO، وهو ما يسهل عليك تحقيق ترتيب جيد في جوجل ومحركات البحث الأخرى، وعليه، إذا كنت تستطيع تحمل تكلفة الاحتفاظ بموقعك القديم، فهذا يعد خطوةً ذكيةً. 3. تحديث صفحتي معلومات التواصل وعن المدونة يرغب المدونون على الأرجح بإدخال بعض التعديلات على المعلومات الواردة في صفحتي التواصل Contact وعن المدونة About عند التخلي عنها، وننصح هنا إذا أرادت الإبقاء على مدونتك حيةً على المدى المتوسط باستخدام هذه الصفحات لإعلام القراء بأن تحديثات المدونة توقفت، ويمكنك حذف كل معلومات التواصل أو الإبقاء عليها إذا كنت ترغب في تلقي الاستفسارات الإعلانية أو طلبات التواصل؛ أما بالنسبة لصفحة عن المدونة About، فيمكنك ربطها بمدونتك الحديدة إذا أطلقت واحدةً، أو بأي مشروع آخر تعمل عليه. 4. إغلاق قائمة البريد الإلكتروني إذا كان لدى المدونة قائمة بريد إلكتروني تضم القراء الذين اشتركوا في تحديثاتها، فعليك إرسال بريد إلكتروني أخير إلى هؤلاء القراء لإعلامهم بإغلاق المدونة، ويمكنك أن تدعوهم في ذات الرسالة إلى متابعة موقعك الجديد أو إرشادهم إلى كيفية الاشتراك في قائمة البريد الإلكتروني الجديدة إذا كان ذلك ضمن خططك المستقبلية، وذلك لأن ثقة قراء المدونة صعبة الاكتساب وسهلة الكسر؛ لذا عليك أن يكون حذرًا في تعاملك مع قائمة البريد الإلكتروني عندما تتخلى عن مدونتك. وبعد إرسال البريد الإلكتروني الأخير، لا ينبغي أن تقع في فخ استخدام قائمة البريد الإلكتروني القديمة لمدونتك أو لمشروعك الجديد، إلا إذا كانا يتعلقان بموضوع مشابه، إذ يُعرِّضك هذا التصرف للعديد من الشكاوى من الأشخاص الذين يشعرون بأنك ترسل إليهم بريدًا غير مرغوب. 5. التفكير في إمكانية بيع المدونة بيع المدونة يمكن أن يكون طريقةً ممتازةً للحصول على مبلغ مالي أخير يمكن أن يساعدك في مشروعك الجديد، فعلى سبيل المثال، قد ترغب في استخدام عائدات بيع مدونتك القديمة للاستثمار في قالب ووردبريس مدفوع أواستضافة ووردبريس مدارة managed WordPress hosting بغرض تسريع فرص المدونة الجديدة في النمو. يُعد بيع المدونة أيضًا طريقةً ممتازةً للانتقال إلى مشروع آخر دون أن يزول كل العمل المجهد الذي بذلته، إذ يمكن لشخص شغوف بموضوع المدونة أن يشتريها ويستمر في تسييرها لعدة سنوات أخرى. ترجمة -وبتصرّف- للمقال Should You Give Up On Your Blog? How to Know When to Quit Blogging (and When to Stick it Out): 8 .Considerations اقرأ أيضًا هل ينبغي أن تهجر مدونتك؟ أو أن تستمر في التدوين؟ ما هي تكلفة إنشاء مدونة؟ كيف تحظى بسمعة مرموقة في عالم الكتابة الحرة؟
-
في عالم الأعمال المعاصر، والذي يمكن أن تبدو فيه المهام والمسؤوليات مثل متاهة معقدة، يظهر إطار عمل كانبان كحل استراتيجي يساعد على حل تعقيدات المتاهة بكل وضوح ومرونة، إذ يسمح لمديري المشاريع بتنفيذ أعمالهم بدقة وكفاءة، ولهذا السبب اكتسب تبعًا لذلك قبولًا وشهرةً كبيرين. يغوص هذا المقال في عالم كانبان المثير للاهتمام، حيث نتعرف على جذوره التاريخية وأهم مبادئه وميزاته، لنصل في النهاية إلى وضع صورة شاملة ودليل عملي للمبتدئين الراغبين في التعرف عليه. ما هو إطار عمل كانبان Kanban؟ كانبان هو إطار عمل شهير من أطر منهجية أجايل لإدارة المشاريع والمنتجات، يسمح بتصوير المهام والتخفيف من عدم الفعالية في تنفيذ المشروع، ويُستخدم لتصميم وإدارة وتحسين أنظمة سير العمل، كونه أداةً بصريةً تعتمد على لوحة تعرف بلوحة كانبان تسمح بمشاهدة كل من سير العمل وانتقال المهام خلاله، حيث تتوزع عناصر العمل على اللوحة بما يسمح لأعضاء الفريق بمشاهدة وضعية كل عنصر في أي وقت، وهو عملية تسمح بالتحسين التدريجي لأي شيء نقوم به، سواءً تعلق الأمر بتطوير البرامج، أو بتقنية المعلومات والعمليات، أو بالتوظيف والتوجيه، أو بالتسويق والمبيعات، وغيرها. يُناسب إطار عمل كانبان الوضعيات التي يسير فيها العمل بصورة غير متوقعة، والحالات التي نريد فيها أن نُسلِم العمل حال جاهزيته، بدل انتظار عناصر العمل المتبقية لتصبح جاهزةً هي الأخرى، وهو ما يسمح لفرق العمل بالانطلاق من وضعيتها الحالية لسير العمل لتحقيق تغيرات كبرى، وكثيرًا ما يُستخدم في مجال تطوير البرامج بالموازاة مع أطر أخرى مثل سكرام Scrum . الجذور التاريخية لإطار عمل كانبان وتطوره حسب موقع أداة كانبان kanbantool، فإن أصل إطار عمل كانبان يعود إلى سنوات الأربعينات من القرن الماضي، إذ وضعه تاييشي أونو Taiichi Ohno، وهو مهندس صناعي ورجل أعمال ياباني، طور لأول مرة نظام كانبان في شكله الأولي لصالح شركة تويوتا لصناعة المركبات في اليابان، وكان الهدف من النظام المراقبة والإدارة المثلى للعمل في المخازن خلال كل مرحلة من مراحل الإنتاج، وسماه كانبان بمعنى لوحة الإشارات، ليشير إلى تنظيم سير العمل بناءً على البطاقات، فكل بطاقة على لوحة كانبان تمثل عنصر عمل يتحرك عبر اللوحة في خانات عمودية تمثل الحالة. عرف نظام الإنتاج في شركة تويوتا اليابانية نجاحًا كبيرًا عقب تبني إطار عمل كانبان لإيقاف الهدر وتنظيم سير العمل، ومع زيادة شهرته، جلب كانبان اهتمام مديري المشاريع من مختلف التخصصات، حيث بدأوا بتطبيق أساسياته على مجال عملهم. يُعد مجال تطوير البرامج أحد أنجح المجالات في تبني إطار عمل كانبان، ففي العقد الأول من الألفية، كان مديرو المشاريع يبتعدون أصلًا عن طرق الإدارة التقليدية ويتجهون إلى البحث عن أطر عمل أكثر مرونة، ليُترجم هذا الاتجاه إلى موجة تبني سريع وواسع لمنهجية أجايل، وقد تطورت عدة أطر عمل سريعًا لسد هذه الحاجيات، لتشكل جوهر منهجية أجايل في تطوير البرمجيات خلال تلك الفترة، وأشهرها سكرام Scrum، والبرمجة الاستثنائية extreme programming، والتطوير المرن للبرامج Lean softare development. كل هذه الأطر كان لها دور هام فيما سيصبح لاحقًا إطار عمل كانبان. خلال هذه الفترة، أخذت بعض فرق العمل التي تستخدم لوحات سكرام بتبني تقنيات كانبان وإعادة تنظيم لوحاتها، من خلال إدخال خانات تمثل المراحل المختلفة للعمل، وهو ما زاد من شهرة لوحات كانبان؛ أضف إلى ذلك أساليب تطوير البرمجيات المرنة وطرق إدارة أجايل التي أعطت دفعةً لظهور أسلوب كانبان في تطوير البرامج، والذي لقي قبولًا كنظام في حد ذاته، لأنه يساعد في تجاوز النقائص التي لا يغطيها إطار عمل سكرام، مثل تخفيض الفترة الزمنية من لحظة تقديم العميل لطلبه إلى لحظة التسليم، وضمان السير المستمر للعمل. ورغم أن انتشار استخدام إطار عمل كانبان كان بطيئًا في البداية، إلا أنه عرف تسارعًا كبيرًا وزيادةً في الشهرة بعد تبنيه من قِبل شركات كبرى عرف معها النجاح، مثل مايكروسوفت وياهو. ومع تبلور المعرفة المتعلقة باستخدام إطار عمل كانبان، تبين أنه ليس ناجحًا فقط في مجال تطوير البرامج، ولكن في أي عملية تتطلب التكرار، بما في ذلك الإنتاج، والمبيعات، والتسويق، والتوظيف، حتى أن الجيش الأمريكي أبدى رغبته في تبني مبادئ كانبان. تبعًا لهذا النجاح الكبير، ظهرت العديد من المجهودات التي هدفت لوضع مبادئ جوهرية لكانبان، وبدأ الخبراء بنشر المقالات والكتب التي تهدف إلى تحديد أساسياته، وتوجت هذه الجهود سنة 2016 بإصدار كتاب الأساسيات المختصرة لكانبان Essential Kanban Condensed لصاحبه ديفيد أندرسون David Anderson، والذي قسّم تطبيق كانبان إلى خمس ممارسات: تصور سير العمل. تحديد حدود العمل الجاري. قياس وإدارة تدفق العمل. جعل سياسات العمليات صريحة. استخدام النماذج لاكتشاف فرص تحسين العمليات. ويؤكد ديفيد أندرسون أن الأشخاص الذين لا يطبقون كل هذه العمليات، لا يستفيدون كليًا من إطار عمل كانبان حتى لول استخدموا لوحة كانبان. لوحات كانبان: ما هي وكيف تستخدم؟ لوحة كانبان هي أداة بصرية لإدارة المشاريع، تساعد الفرق على تصور العمل، وتحديد العمل الجاري تنفيذه، وزيادة الفعالية، وتُمثل عناصر العمل أو المهام في لوحة كانبان ببطاقات على اللوحة تسمح لأعضاء فريق العمل برؤية حالة كل عنصر في أي وقت، بحيث يَسهُل تخصيص هذه البطاقات لتتماشى والاحتياجات الخاصة للفريق، فيما تُمثَل مراحل العمل بخانات عمودية تنتقل بينها هذه البطاقات، وتُساعد هذه الطريقة فريق العمل على الالتزام بحجم العمل الضروري للوصول إلى أهدافها. تجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن لوحات كانبان يمكن أن تكون ماديةً أو رقميةً، إذ توجد تطبيقات رائدة في هذا المجال، كما يمكن أن تكون شخصيةً مخصصةً لمشروع شخصي أو مخصصةً لفريق عمل كامل يتداول على العمل عليها. خطوات إنشاء لوحة كانبان حسب موقع أداة كانبان Kanbantool، يمكن إنشاء لوحة كنبان لأي غرض كان من خلال خمس خطوات رئيسية كما يلي: وضع التصور البصري لسير العمل: خلال هذه الخطوة، ينبغي أخذ لوحة أو ورقة بيضاء ورسم تدفق العمل منذ انطلاقه إلى نهايته، مع تقسيمه إلى خطوات مستقلة وتحديد خانة لكل خطوة. تحديد أنواع المهام أو عناصر العمل: وهنا نحدد أنواع العمل التي ينجزها فريق العمل عادةً، ويمكن أن تأخذ صورة طلبات العملاء، أو مهام الصيانة؛ وخلال هذه المرحلة، نعطي لونًا محددًا لكل واحد من هذه المهام، ليكون اللون الذي ستأخذه البطاقات اللاصقة التي تمثله على لوحة كانبان. كتابة المهام على البطاقات وإلصاقها على اللوحة: خلال هذه المرحلة، نكتب كل أمر نعمل عليه على ورقة لاصقة مستقلة يتوقف لونها على نوع المهمة، و نلصقها على اللوحة في الخانة الملائمة لها، وينبغي أن تأخذ البطاقات في كل خانة ترتيبًا يعكس أولويتها النسبية، لتكون البطاقات المتعلقة بالمهام المستعجلة في أعلى الخانة. البدء باستخدام لوحة كانبان: عند البدء في استخدام لوحة كانبان، فإننا نبدأ بالمهام الموجودة في أعلى الخانات، وعندما يصبح العنصر جاهزًا للنقل إلى الخانة الموالية، نضعه أدنى هذه الخانة، وتسمح طريقة العمل هذه بالحفاظ على سير عمل سريع على اللوحة. تحسين سير العمل: عند استخدام لوحة كانبان، ينبغي أن نكون قادرين على الحصول على نظرة شاملة حول حالة العمل والتحديد الفوري لأي مشكلة أو نقطة تعثر، فلا ينبغي أن تتأخر أي مهمة عن المهام الاخرى، كما لا يجب أن تتراكم المهام في خانة معينة، ويُعَد تقييد حجم العمل قيد التنفيذ إحدى أنجع الطرق لضمان السير المستمر للعمل. مثال عن إنشاء بطاقة كانبان لمشروع خيري إذا افترضنا أننا بصدد تنظيم حدث لجمع التبرعات لصالح منظمة خيرية، فعندها يمكننا استخدام إطار عمل كانبان لإدارة وتحسين مختلف مراحل تخطيط وتنفيذ الحدث، وفيما يلي مثال عن إحدى الطرق الممكنة لاستخدام لوحة كانبان في مثل هذه الحالة. الانتهاء التنفيذ التخطيط توليد الأفكار مراسيم نهاية الحدث الإعلان للحدث تحديد الميزانية أفكار العصف الذهني شكر المتبرعين التنسيق مع البائعين حجز مكان الحدث اختيار الموضوع إرسال رسائل الامتنان تسيير الإمدادات خطة التسويق تطوير البرنامج إجراءات تكميلية توفير الدعم في الموقع التنسيق بين المتطوعين تحديد الأنشطة في هذا المثال، تُمثل كل مرحلة من مراحل تنظيم فعاليات جمع التبرعات بخانة على لوحة كانبان، أما عناصر العمل وهي المهام والأنشطة، فتُمثل من خلال بطاقات ضمن كل خانة؛ ومع التقدم في مراحل العمل، ننقل البطاقات من اليمين إلى اليسار، فعلي سبيل المثال، نبدأ بالعصف الذهني في مرحلة توليد الأفكار، ومع إكمال كل مهمة، ننقل البطاقة المذكورة إلى المرحلة الموالية حتى تنتهي الفعاليات بنجاح. يساعد استخدام إطار عمل كانبان في هذا السياق على تتبع تقدم فعاليات جمع التبرعات، وتحديد أي عائق يواجه العمل، وضمان السير الحسن للمهام، وهو ما يقود في النهاية إلى تنظيم وتنفيذ ممتازين. مبادئ إطار عمل كانبان عند الاطلاع على المراجع التي اهتمت بوضع الأسس الجوهرية لإطار عمل كانبان، نجد أن الخصائص الخمس الأساسية التي وضعها ديفيد أندرسون في كتابه الأساسيات المختصرة لكانبان، هي المبادئ الأكثر شهرةً في مختلف المصادر ذات الصلة، وتتمثل هذه المبادئ فيما يلي: 1. تصور سير العمل Visualize Workflow سير العمل هو مجموعة المهام أو المراحل المحددة لتحقيق هدف معين، ولضمان تقدم فعال ومنظم؛ وأول خطوة ينبغي تنفيذها عند استخدام إطار عمل كانبان، هي وضع تصور لسير العمل حتى نتمكن من تحديد الخانات التي ستظهر على لوحة كانبان، فإذا تعلق الأمر مثلًا بإدارة فريق لخدمة العملاء، فعندها يمكننا وضع مراحل مثل "استقبال الرسالة"، و"تحت المراجعة"، و"تم تقديم الحل"، و"محلول" كخانات على لوحة كانبان، ويساعد ذلك على ضمان استمرارية معالجة طلبات الدعم، كما يسهل الرقابة والتوجيه طيلة العملية. 2. تحديد حدود العمل الجاري Limit Work in Progress عند العمل على قائمة تتكون من عدة مهام، تتصاعد الرغبة في العمل على عدة مهام في آن واحد، غير أن تعدد المهام يخفض من الأداء على المستويين الفردي والجماعي، لذلك، وضمن إطار عمل كانبان، يُعَدّ وضع حدود لعدد المهام المسموح بالعمل عليها في ذات الوقت أمرًا جوهريًا، لغرض تجنب التكدس وتحسين سير العمل. وكمثال توضيحي، فلنتخيل أن شخصًا ما يعمل على كتابة مقال ولكنه يفتح من حين لآخر بريده الإلكتروني للاطلاع على البريد الوارد، فرغم إحساسه بأنه حقق إنجازًا بالعمل على هذين النشاطين في نفس الوقت، فإن التشتت الذهني الناتج عن الاطلاع على البريد يمكن أن يؤثر على جودة المقال ويزيد من الوقت اللازم لتحريره، ويسمح تبني إطار عمل كانبان في هذه الحالة من زيادة كل من الإنتاجية وجودة المخرجات. 3. قياس وإدارة سير العمل Measure and Manage Flow ينبغي على مدير المشروع مراقبة تقدم فريق العمل من خلال لوحة كانبان، إذ سيشاهد بانتظام انتقال البطاقات ضمن سير العمل، فإذا تراكمت بطاقات معينة على غير العادة في خانة معينة، دل ذلك على أن الوقت حان لتدخل صاحب هذه المهمة، فالتشخيص المبكر للعوائق الممكنة، مثل المعلومات المفقودة أو التجهيزات المعطوبة، يسمح بتفادي التعطيلات الهامة للمشروع، وبلوغ مرحلة التسليم في الوقت المحدد. 4. جعل السياسات صريحة Make Policies Explicit تتضمن هذه النقطة توثيق وتوضيح سياسات وقواعد العمليات لجميع أفراد الفريق من أجل تحقيق فهم واضح لكيفية العمل، حيث أن توحيد هذه السياسات بالنسبة لكل العمليات باستخدام لوحة كانبان يوحّد المقاربة التي ينتهجها كل عضو في الفريق لتنفيذ المهام، كما يسهّل اندماج الأعضاء الجدد، وتعزيز روح العمل الجماعي والاعتماد على النفس ضمن الفريق، ويمكن لمدير المشروع بهذه الطريقة أن يرتاح من عبء كونه الملجأ الوحيد للمعلومات حول سير العمل. وكمثال على ذلك، يمكن لقسم التسويق في شركة ما مثلًا تبني لوحة كانبان. عندها، يمكن لفريق العمل، أن يتبع طريقًا واضحًا ومتماسكًا من خلال تنميط العمليات بدءًا من توليد الأفكار إلى تنفيذ الحملات الإعلانية، ويمكن للمسوقين الجدد في الفريق استيعاب العملية بسرعة من خلال الاستفادة من لوحة كانبان، مما يعزز التكامل السلس والإنتاج المتناسق، كما يقلل من الاعتماد على شخص واحد في توجيه سير العمل. 5. استخدام النماذج لاكتشاف فرص تحسين العمليات Use Models to Recognize Process Improvement Opportunities ويعني هذا المبدأ استخدام التمثيلات المرئية أو النماذج التي تعبر عن سير العمل لتحديد المجالات التي تحتاج إلى التحسين. يسمح تحليل هذه النماذج بالحصول على معلومات قيّمة حول نقاط تعطيل العمل، وعدم الكفاءة، والمجالات المحتملة لتبسيط أو تنقيح العمليات؛ فإذا طبقنا هذا المبدأ على فريق تطوير برامج يستخدم لوحة كانبان لإدارة مهامه، فيمكنه أن يلاحظ بمرور الزمن أن المهام تتراكم باستمرار في بعض الخانات، وهو ما يدل على نقطة يتعطل فيه سير العمل. يسمح التمثيل البياني لهذا السير وتحليل النموذج باكتشاف الحاجة إلى تخصيص موارد أكثر، أو إلى تقسيم العملية إلى عمليات أصغر حجمًا عند هذه النقطة، وتساعد هذه المقاربة على التحديد المستمر لفرص التحسين، وتعديل سير العمل بما يحقق أكبر كفاءة ممكنة. وضمن تطبيقات هذا المبدأ أيضًا، يحرص إطار عمل كانبان على الاستفادة من التغذية الراجعة، ويتجسد ذلك في تركيزه على تنظيم اجتماعات دورية تشجع على تقديم الملاحظات والأفكار حول العمل المنجز والجاري انجازه، حيث تسمى هذه المعلومات الراجعة في مصطلحات إطار العمل هذا بإيقاعات كانبان Kanban cadence، ويبلغ عدد الاجتماعات المنصوح بها ضمن إطار كانبان حسب بعض المراجع سبعة اجتماعات كما يلي: الاجتماع اليومي أو الوقفة اليومية. الاجتماع الأسبوعي أو الاجتماع التجديدي. الاجتماعي نصف الأسبوعي أو جلسة مراجعة تسليم الخدمة. الاجتماعي الشهري: ويتناول مراجعة المخاطر والعمليات. الاجتماع من حين لآخر لتخطيط التسليم. الاجتماع ربع السنوي لمراجعة الاستراتيجية. ميزات إطار عمل كانبان ومحدوديته يوفر إطار عمل كانبان عدة ميزات لمديري المشاريع فيما يتعلق على وجه الخصوص بتحسين العمليات، ويمكن أن نلخص ميزاته الرئيسية كما يلي: امكانية مشاهدة سير العمل على لوحة كانبان، وبالتالي تسهيل تحديد نقاط العرقلة وتحسين كفاءة العمل. المشاهدة السهلة لمرور المهام عبر المراحل المختلفة للمشروع، ما يسمح لفريق العمل بتحديد وضعية كل مهمة في أي وقت يريد. زيادة الكفاءة من خلال الحد من حجم العمل قيد التنفيذ، وبالتالي حماية أعضاء الفريق من تحمل حجم كبير من ضغط العمل، وضمان أن العمل المطلوب أُنجِز تمامًا قبل البدء في مهمة أخرى، ويساهم هذا بدوره في التخفيض من زمن العمل وتحسين سيره، وبالتالي زيادة الفعالية. المرونة العالية التي تتمتع بها لوحة كانبان، وإمكانية استعمالها في عدة مجالات خارج إطار تطوير البرامج، مثل التسويق، والموارد البشرية، والمالية. التخفيض من حجم الزمن والعمل الضائع، فألواح كانبان تزيد من إنتاجية فرق العمل، وتساعدها على إنجاز المزيد من العمل بأقل زمن وجهد ممكنين، ما يسمح بدوره بتخفيض التكلفة وزيادة المنفعة. تعزيز التعاون بين أعضاء فريق العمل من خلال تحسين التواصل، إذ توفر لوحة كانبان رؤيةً موحدةً وشاملةً لسير العمل. إمكانية مراقبة أداء الفريق وقياس تقدم المهام بسهولة، وهو ما يسمح لمدير المشروع باتخاذ قرارات حكيمة تستند على معطيات واقعية فيما يخص تحسين الأداء. تساعد لوحة كانبان على إدارة الأولويات من خلال تحديدها الفعال، ما يسمح بتنفيذ المهام الأكثر أهميةً أولًا بأول. على الرغم من هذه الميزات العملية والقيّمة، توجد بعض الأمور التي ينبغي أن يأخذها مدراء المشاريع في الحسبان بخصوص محدودية استخدام إطار عمل كانبان، وأبرز هذه النقاط ما يلي: لا يركز إطار عمل كانبان كثيرًا على مرحلة التخطيط، ويمكن أن يشكل ذلك نقطة ضعف بالنسبة لفرق العمل التي تتطلب مشاريعها مستوى عالي من التخطيط. يعتمد إطار عمل كانبان كثيرًا على تواصل الفريق وتعاونه من أجل إدارة المشروع بفعالية، ويمكن أن يشكل ذلك عائقًا لفرق العمل التي لا تتواصل جيدًا أو تلك التي تضم أعضاءً يعملون عن بعد، وكذا لفرق العمل كبيرة الحجم. عند الاعتماد على إطار عمل كانبان، يمكن أن يواجه مديرو المشاريع صعوبات في العمل على المشاريع المعقدة التي تتطلب الكثير من التنسيق والتخطيط، فهو يناسب المشاريع الأصغر والأقل تعقيدًا. لا يركز إطار عمل كانبان كثيرًا على إدارة الوقت، ويمكن تبعًا لذلك ألا يناسب فرق العمل التي تحتاج إلى الالتزام بمواعيد تسليم صارمة. عند حدوث تغيرات كبيرة أو مفاجئة، يمكن أن يكون من الصعب على مدير المشروع تكييف إطار عمل كانبان بفعالية لملاءمة هذه التغيرات. ختامًا، فإن إطار عمل كانبان ليس عبارةً رنانةً فقط، بل هو مقاربة منطقية وواقعية تدعم فرق العمل وتنسق تعاونهم بكل مرونة، ويمكن لمنظمات الأعمال، من خلال تبني مبادئ مشاهدة سير العمل وتحديد حجم العمل قيد التنفيذ والتعرف على فرص التحسين، تحقيق نسق متناغم في عملياتها، ولنتذكر في النهاية أن إطار عمل كانبان لا يتمحور فقط حول إدارة المهام، بل يتجاوز ذلك إلى وضع أسلوب للكفاءة والإنتاجية في خضم عالم العمل المتغير باستمرار. المصادر ?What is a kanban board !What Is Kanban? A Beginner’s Guide ?What is kanban History of Kanban اقرأ أيضًا دليل المبتدئين لمنهجية أجايل Agile دليلك إلى أشهر أطر عمل منهجية أجايل المراسم الأربعة لمنهجية أجايل Agile ceremonies أهمية التخطيط لدورات التطوير في منهجية أجايل ما هي إدارة المشاريع؟ ما هي إدارة المنتجات؟