اذهب إلى المحتوى

متى يكون الصمت حليفك لإقناع زبونك المحتمل


حنين

هل شاهدت سابقًا البرنامج التلفزيوني "Shark Tank"؟ لا بد أنك شاهدته من قبل، أما إن لم تكن قد شاهدته فهو برنامج تلفزيوني متعلق بريادة الأعمال، يتقدم فيه المتبارون للجنة مكونة من خمسة مستثمرين بأفكار شركات ناشئة ومشاريع محاولين إقناعهم للحصول على تمويل.

ثمة مشهد يتكرر في العديد من حلقات البرنامج؛ عندما يحاول رائد الأعمال (العصبي أو المتكبر) الدفاع عن المنتج أو الخدمة التي يقدمها بإلحاح ودونما توقّف وكأنه يقف في جبهة حربية؛ قد يكون الغرض من هذا الطرح المجلجل إثارة المستثمرين المحتملين وتعريفهم بمزايا المنتج، لكن المشكلة تبدأ عندما يصرّ المتسابق على الاستمرار بالحديث؛ المزيد والمزيد والمزيد من الكلمات، في هذه اللحظة غالبًا ما يحذّر أحد المستثمرين رائد الأعمال أنه على وشك حرمان نفسه من الاستثمار، الأسوأ من هذا أن الأخير في الغالب لا يستجيب للتحذير متابعًا حديثه وشرحه ودفاعه عن المنتج.

أكره هذه اللحظات بالفعل، عندما أشاهد ذلك على الشاشة أصرخ "لماذا لا تغلق فمك؟ لماذا تستمر بالكلام؟"، لكن صوت صراخي لا يصل لأحد، ما دفعني لكتابة هذا المقال.

save-sale-shutting-up.png

التسويق والمبيعات جزء أساسي مما يجب عليك القيام به إن كنت تمتلك مشروعًا صغيرًا، فهو ما سيوصلك لعرض منتجك أو فكرتك بشكل جيّد وجذاب، لذا فمن الضروري بالنسبة لك أن تصقل مهاراتك التسويقية، ولعل إحدى أبرز الزوايا التي يجدر بك تطويرها في هذا المضمار تكمن في الجملة التالية:

"عليك أن تعرف متى وكيف تصمت!"

قد تكون كلماتي قاسية بعض الشيء، ولكن إن تمكنت من تجاهل الأسلوب والتّركيز على الرسالة التي أريد إيصالها؛ ستعلم أن استخدامي لهذه الكلمات إنما هو رغبة مني في تجنيبك المواقف المزعجة واستجداء المستثمرين.

ما الفائدة من بذل كل هذا الوقت والجهد لجعل صفقتك جذابة إن كنت ستفسد ذلك أثناء عرضها؟

قبل أن نخوض في كيفية صمتك، دعنا نلقي نظرة على أهم الأسباب التي عليك لأجلها أن تغلق شفتيك بإحكام خلال لحظات معينة من عملية البيع:

1. ربما كان لدى العميل المحتمل ما يرغب بقوله

بالعودة لبرنامج "شارك تانك" مرة أخرى؛ هناك لحظات يرغب المستثمرون فيها الاستعلام عن بعض النقاط من رائد الأعمال؛ والتي تتيح لهم اتخاذ قرار الاستثمار بوضوح.

سيكون رائد الأعمال الجيد جاهزًا بأجوبة دقيقة وذكية، لكن الأفضل هو من سيكون قادرًا على الإجابة بشكل وافٍ ومن ثم التزام الصمت، أسوأ ريادي الأعمال هو من يستمر بالحديث والجدال والشرح دونما توقف؛ ولكثرة عزمه على إبقاء الكرة في ملعبه، قد لا يتيح رائد الأعمال الوقت للمستثمرين بطرح الأسئلة على الإطلاق.

يحدث هذا طول الوقت في حلقات البرنامج، وربما حدث هذا معك ذات مرة، الأمر الذي يقودنا للنقطة الثانية:

2. للعميل المحتمل الحق في طرح أسئلة

ينقسم مندوبو المبيعات الذين لا يصمتون خلال عملية المبيعات إلى فئتين:

  • الأولى: أولئك الذين يخافون أن يطرح العملاء المُحتملون أسئلة عليهم
  • الثانية: أولئك الذين لا يحترمون عملاءهم المُحتملين ويكرهون أن تُطرح عليهم أيّة أسئلة.

عادة ما يتجنب النّوع الأول الأسئلة عبر الإفراط في الحديث كمحاولة للتعويض عن عدم جاهزيتهم، فتراهم يتحدثون طويلًا وبكلمات منمّقة ومدبّجة.

هناك العديد من الصفقات التي تؤول بالفشل بسبب محاولة مندوب المبيعات أن يحسم الأمور من جانبه أو أن ينقل عن نفسه صورة تظهر مدى ذكائه والمعلومات التي بحوزته عن المنتج."

يلي ذلك النوع الثاني، الأشخاص المتغطرسون الذين يرغبون في عرض ما بجعبتهم فقط، يكره هذا النوع أن يتحكم أحد بما يقوله، حتى وإن كان ذلك عن طريق الأسئلة التي يطرحها زبون مُحتمل تدل أسئلته على اهتمامه ورغبته في الشّراء.

3. لا أحد يرغب بمحادثات من طرف واحد

إليك بعض الإشارات التي تدل على أن جلسة المبيعات أصبحت مملة بالنسبة للعملاء المُحتملين:

  • يتفحصون ساعاتهم أو يتفقدون الوقت عبر شاشات أجهزتهم الذكية.
  • يرغبون فجأة بالتحقق من البريد الإلكتروني أو رسائل مواقع التواصل الاجتماعي.
  • يبدؤون بالتثاؤب، وبالكاد يستطيعون التركيز.
  • تبدأ بفقد التواصل البصري معهم، ويفكرون بطريقة لإنهاء الحديث.
  • يتململون في أماكنهم، يبدؤون بإزاحة مقاعدهم أو تعديلها.
  • تنخفض طاقتهم بوضوح ويبدو عليهم أنهم يفضلون الاستماع لأي شيء عدا ما تقوله.

لا يمكنهم التحكم بذلك حقيقة، إنها الطبيعة البشرية لإيقاف المحادثات من جانب واحد. لماذا برأيك ينام الكثير من الطلاب أثناء محاضرات أساتذة الجامعة؟

تذكر: لا تعتمد عملية المبيعات الخاصة بك على براعتك اللفظية -أو الكتابية- فحسب، إنها تتعلق بتقديم حلول للعملاء المُحتملين، صدّقني، إنهم يهتمون على الدوام بإيجاد حلول لمشكلاتهم.

4. يكشف العميل المحتمل صاحب الخبرة حقيقتك التي تحاول إخفاءها

إذا كنت تقف أمام عميل محتمل محنّك في مجاله؛ فلست الأول بالتأكيد بهذا المقام، ما يعني أنه معتاد على هذا الأسلوب التسويقي اللفظي (ومعتاد على رفضه أيضًا)، وهنا تأتي أهمية تعلمك الحفاظ على الصمت، لأنك إن ارتكبت ما ذكرناه آنفًا من الأخطاء فإن هذا النوع من الزبائن المُحتملين لن يُخدع بها:

  • إنهم يشعرون بخوفك.
  • لديهم المقدرة ليعرفوا أنك تحاول إثارة إعجابهم.

في إحدى مقالات Salesgravy يشرح الكاتب السبب الذي يدفعك للمبالغة في طرح المزايا خلال عرض التسويق الخاص بك:

اقتباس

"كمندوب مبيعات قد تشعر في بعض الأحيان بعدم الجاهزية أو قلة الكفاءة 'على سبيل المثال عندما تجد أنك غير مطّلع بشكل جيّد على طبيعة الزّبون المُحتمل ؛ أو عندما تدرك أن أحد منافسيك يتفوق عليك في مجال أساسي'".

ويحذّر من خطورة الظّهور في مظهر اليائس:

اقتباس

"هناك فارق دقيق جدًا بين تقديم خدمة عميل ممتازة وبين عرض ما هو أكثر من اللازم، عندما تقدم عرضًا بحسومات كبيرة، وتعِد شخصيًا بالتوافر 24 ساعة يوميًا، لسبعة أيام في الأسبوع و365 يومًا في العام، عندما تفعل ذلك كله على أمل التعاقد مع العميل الجديد وتوافق على تنفيذ المطلوب دون نفقات إضافية، ربما أنت تقدم أكثر من اللازم.

في الحقيقة؛ إذا كان عميلك المحتمل يثمّن المنتج الذي تقدمه ويرغب به فحسب، سيشعر عبر طرحك كل هذه المزايا الإضافية بأن المنتج غير مؤهل، وسيبدأ في الشّك في قيمة منتجك الأصلية.

ربما يحادث العميل نفسه "لماذا يستميت في محاولة البيع بهذا الشكل اليائس؟ إذا كان رائعًا كما كنتُ أظن، لماذا يُحاول الحديث عن كل هذه المزايا الإضافية التي سيقدّمها لي مجانًا، ربما المُنتج ليس بالجودة التي كنت أظنّها"

إذا لم يتمكن العميل من رؤية القيمة في عرضك -من دون الكثير من المزايا الإضافية- فأنت لا تتحكم بعملية البيع هذه بشكل جيّد؛ إن تقديم المزايا الإضافية لمنتج بشكل عشوائي دون التركيز على القيمة الأساسية للمنتج والمشكلات التي يحلّها ليست استراتيجية تخدمك على المدى الطويل."

إلى غاية الآن؛ لا بد أنك أدركت كيف سيسهم صمتك في بعض اللحظات بفوزك بعملية البيع بشكل حاسم، لكن كيف تقوم بذلك؟

يعتمد ذلك على الجزء الحالي من حوارك مع الزّبون المُحتمل على سبيل المثال يقول كيري جونسن من LifeHealthPro:

اقتباس

"يتسم مندوبو المبيعات الاحترافيين بالكثير من اللباقة، ومن أبرز أشكالها الإنصات للآخر أثناء البيع، من خلال ذلك ستتمكن من استقصاء حاجات العميل ورغباته بدقة، ناهيك عن انتباهك التام لردود أفعاله على ما تقول.

تعطيك بعض ردود الأفعال مؤشرًا على أن العميل سمع بما فيه الكفاية ويرغب بالانتقال خطوة إضافية، وأحيانًا تحمل هذه الردود إشارات تؤكد رغبة العميل بالشراء."

إذن فإن الخطوة الأولى التي يجب عليك القيام بها هي خلق بيئة مناسبة للبيع، يجب أن تخلق جوًا يسمح بالتدفق الطبيعي للمحادثة وتتالي مراحل البيع.

بشكل أكثر دقة؛ ينبغي أن تسمح لعميلك بأن يكون صريحًا ويكشفك لك مخاوفه، ما يتيح لك معرفة نقاط الضعف ويزيد الثقة بينكما، إذ عادة ما نرغب بالشراء من أشخاص نثق بهم، ويشعروننا بتفهمهم وإصغائهم لما نقول.

يتحدث مات كوك من Salesforce Search عن أهمية تباطؤ المحادثة لتصل إلى إشارات تأكيد غير لفظية:

اقتباس

"يمكن تجنب الوقوع في أخطاء 'الإفراط' في مجال المبيعات Overselling عبر الانتباه للإشارات غير اللفظية، إن مندوبي المبيعات المُحترفين يعلمون هذا جيدًا، ما يجعلهم خبراء بمئات الإشارات غير اللفظية والتي قد يرسلها العميل".

يذكر مات أهم ثلاثة إشارات غير لفظية من قبيل:

  • الإيماء المتكرر (وهو يعني الاتفاق معك وليس غفوة مفاجئة).
  • التفاعل مع وسائل الإيضاح المرفقة لتدعيم حديثك (والتي زودت بها العميل).
  • استمرار التواصل البصري (بدل النظر للباب أو تأمل الأرضية).

إن إدراكك الوقت المناسب لإنهاء عملية البيع عادة ما يكون أكثر أهمية من طريقة العرض نفسها، ويكون ذلك عندما تعرف متى يجب عليك أن تصمت وتتيح للعميل الفرصة لإعطاء إشارات تتيح لك اتخاذ خطوة إضافية نحو إبرام الصفقة.

ترجمة -وبتصرف- للمقال How to Save Your Sale by Shutting Up لكاتبته Terri Scott.


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...