سواء أكنت رائد أعمال يدير مشروعه التجاري أو متخصّصًا في صناعة المحتوى وتكتب في موقعك الإلكتروني عن المنتجات التي تقدّمها شركتك، فأعتقد أنّه من الضرورة بمكان أن تكون متقنًا لفن التسويق.
وسبب كتابتي لهذا المقال هو ما يصرّح به الكثير من الأشخاص من أنهم "لا يرغبون في الترويج لأنفسهم".
إن كانت لديك مشكلة في الترويج لنفسك، فمن الأفضل أن تتوقف عن التفكير في الأمر على أنه "تسويق" أو "ترويج ذاتي"، وحاول أن تفكر في المنافع التي سيحصل عليها الناس عند استخدامهم للمنتج الذي تقدمه، أو الفائدة التي سيجنيها الناس من المحتوى الذي تقدمه، ثم ابدأ بتعريفهم عنه.
فيما يلي بعض النصائح العملية التي تساعدك على الترويج لنفسك دون أن تشعر بالذّنب حيال قيامك بذلك.
أكد على الفائدة التي تقدمها
إن كانت طبيعة عملك تقتضي منك إنشاء محتوى يتكلّم عن شركتك وكنت ترغب في الترويج لمقالاتك وكتاباتك، فابدأ بتقديم محتوى ذي جودة عالية، ويفضل أن يكون المحتوى الذي تقدّمه مفعمًا بالنصائح المفيدة المصوغة بأسلوب قصصي جميل يجعل من تذكّرها أمرًا سهلًا ويسيرًا.
المحتوى الجيّد سيتكلم عن نفسه، ولكنّه قد يحتاج في بعض الأحيان إلى بعض المساعدة، فكيف تقوم بذلك بشكل فعّال؟
لا تتحدّث عن مدى جودة المقالات التي تكتبها، بل تحدّث عن الأثر الذي ستتركه هذه المقالات في حياة عملائك أو في مشاريعهم التجارية. سلّط الضوء على ما يمكن أن يتعلّمه الناس من المحتوى الذي تقدمه، وبعبارة أخرى، لا تتحدّث عن نفسك بل عمّا يمكنك فعله من أجلهم.
تخيّل أن يراسلك أحدهم وبشكل مباشر قائلًا: "لقد لاحظت مدى اهتمامك بمجال [اسم مجال ما]، لذا أقدّم إليك هذه التدوينة التي ستتعرّف من خلالها على [أحد فروع المجال] . قراءة ممتعة". فتتوجّه بدورك إلى مطالعة هذه التدوينة لتجد أنّها مفيدة جدًّا بالنسبة إليك.
سيجنّبك ذلك عناء البحث عن مُحتوى مفيد لتقرأه، فقد تعرّف هذا الشخّص على ما يُثير اهتمامك، وأرسل إليك هذه المقالة الملهمة والتي تتلاءم بشكل كامل مع اهتماماتك. بإمكانك تقديم فائدة لغيرك بنفس الأسلوب.
امتدح الآخرين وأثن عليهم
نادرًا ما تكون أنت الشخص الوحيد المسؤول عن نجاح الأعمال التي تقوم بها، فعادة ما يكون هناك العديد من الأشخاص الذين ساهموا في هذا الإنجاز. لذا إن نشرت كتابًا إلكترونيًا ذا تصميم جميل وجذّاب، فهذا يعني أن هناك شخصًا ما قد قام بعمله على أكمل وجه، وهذا يتطلّب منك تقديم الشكر والثناء للمصمّم الذي قام بهذا العمل الرائع؛ لأنّه يستحقّ ذلك بالفعل.
إن شكر الآخرين والثناء عليهم يجعل منك شخصًا محبوبًا، كما يجعل العمل معك ممتعًا للغاية، وهذا يمهّد للحديث عن النقطة التالية.
روج للآخرين
قد يبدو هذا غريبًا بعض الشيء، فكيف يمكن أن يساعدك الترويج للآخرين في الترويج لنفسك؟ في الواقع يمكن أن يقدّم إليك الترويج للآخرين الكثير من الفوائد.
أولًا، عندما يزور الناس صفحاتك على وسائل التواصل الاجتماعي سيجدون أنّك لا تتحدّث عن نفسك كثيرًا، ولا تقتصر على نشر المحتوى الخاصّ بك فقط.
احرص على أن تكون منشورات الآخرين قيّمة جدًّا وتقدّم الفائدة والمنفعة للناس، وسيحسّن هذا من صورتك أمام الآخرين، وسيمنحك تأثيرًا ونفوذًا في مجال تخصّصك، كما أن ذلك سيدفع الآخرين بالقيام بالمثل (أي أن يروّجوا لك).
إن تأسيس علاقة بينك وبين من ترغب في أن يشارك أعمالك سيزيد من احتمالية استجابته لهذا الطلب، والعكس بالعكس، فإن التواصل مع أحد الأشخاص بشأن مشاركة أعمالك دون وجود سابقة اتصال بينك وبينه سيقلل من احتمالية الاستجابة لهذا الطلب.
التوصية الشفهية
إن التوصية الشفهية من أفضل وسائل الترويج على الإطلاق، وعندما تستحقّ تلك التوصية بجدارة، لن تكون بحاجة إلى القلق بشأن الترويج لنفسك على الإطلاق، وسيتكفّل الآخرون بذلك نيابة عنك.
وعندما ترغب في الترويج عن نفسك، يفضّل أن تتحدّث عن كيفية مساعدتك للناس بما تقدّمه إليهم، فالأسلوب القصصي نافع جدًّا، وقد بيّنت الأبحاث أن:
- القصص تحفّز الدماغ إضافة إلى أنّها تؤثّر على سلوكنا في الحياة.
- الأسلوب القصصي يطلق الدوبامين في الدماغ ويساعد في تقوية الذاكرة.
تترك القصص أثرًا عميقًا في المتلقي، ويمكن القول أنّهم يعيشون معك تلك اللحظات، بشرط أن تقوم بذلك بطريقة صحيحة.
إذًا، كيف ستطلق الشرارة التي ستدفع الناس إلى الحديث عنك؟
لا تبدأ الحديث بالقول: "أنا ماهر جدًّا في التسويق" بل تحدّث عن أحد المشاريع التي عملت عليها مؤخّرًا والتي حقّقت نجاحًا كبيرًا. فقد تكون مثلًا مسؤولًا عن حملة تسويقية رائعة، تطلّبت منك الكثير من الإبداع ولاقت رواجًا منقطع النظير في وسائل التواصل الاجتماعي.
إن اتباع الأسلوب القصصي في الحديث عن هذا الموضوع سيترك أثرًا أكبر في نفوس المتلقين، كما أنّهم لن يكونوا قادرين على نقل هذه القصّة إلى الآخرين دون أن يأتوا على ذكرك، أليس كذلك؟
كن متواضعا
إن كنت تجد صعوبة في الترويج لنفسك فمن المحتمل أنّك تحاول الابتعاد عن التفاخر، ولكن في بعض الأحيان قد يفسّر الناس امتناعك عن الترويج على أنّه شكل من أشكال الغرور والتّرفّع.
لنقل أنّك قد عملت في فرنسا لبضع سنوات وسألك أحد الأشخاص عمّا إذا كانت مجيدًا للغة الفرنسية. يمكنك الإجابة عن هذا السؤال بالقول: "أنا أتكلم الفرنسية بطلاقة"، ولكنّك ستبدو وكأنّك ترغب في أن تبهر المُستمع بمهارتك في التكلم باللغة الفرنسية بطلاقة. ولكن يمكنك أن تكون أكثر لطفًا وتقول: "والدي أستاذ في الجامعة، وقد حصل على عمل في فرنسا فانتقلنا إلى هناك منذ بضع سنوات، ودرست في إحدى المدارس الفرنسية الأمر الذي ساعدني في تعلم اللغة الفرنسية والتكلم بها بطلاقة".
لا تزال مهاراتك تبدو مؤثّرة حتى بعد استخدام هذا الأسلوب، ولكنّك تسلط الضوء عليها دون أن تُشعر المقابل بالسوء تجاه نفسه، وسيكون لسان حاله: "لو أنني عشت في فرنسا لسنتين، فسأتعلّم اللغة الفرنسية".
وبهذا الطريقة فإنّك تسلط الضوء على نقاط القوة التي تمتلكها دون أن تظهر بمظهر سيّء. وأقرّ أنّ هذا الأسلوب يحتاج إلى القليل من الحديث عن النّفس، ولكن النتيجة هي أن يشعر الناس تجاهك بالارتياح.
قد تحتاج إلى مساعد
ربّما تواجه بعض الصعوبات في الحديث عن نفسك وبالخصوص أمام الأشخاص الذين تقابلهم للمرة الأولى.
تخيّل نفسك في غرفة مليئة بالأشخاص الذين لا تعرفهم، وكل واحد منهم يسألك السؤال ذاته: "ما هي طبيعة عملك؟". إن ذكر مكان عملك قد لا يكون كافيًا، ويجب عليك حينها مساعدتهم في تصوّر ذلك ليتمكنوا من مشاهدة الصورة الكاملة.
لقد لاحظت أنّني أميل إلى الإجابات القصيرة في مثل هذه الحالات، ولا أشعر بأنّي أتكلم عن نفسي أمام أشخاص قد قابلتهم للتوّ.
لذا يسعدني كثيرًا وجود شخص يقف إلى جانبي ويساعدني من خلال التوسّع فيما كنت أتحدّث عنه مسبقًا، إضافة إلى التطرّق إلى ما حققتُ من إنجازات، فأنا أرغب في أن يتعرّف الناس على تلك النجاحات وفي نفس الوقت لا أرغب في أن يكون ذلك عن طريقي؛ لذا إن وجود شخص مساعد يقف خلفك ويساعدك على التألّق لهو أمر رائع جدًّا.
وسائل التواصل الاجتماعي
إن صفحات التواصل الاجتماعي الخاصّة بك هي بمثابة بطاقة الأعمال، فأول ما يقوم به أي شخص يرغب في توظيفك هو الاطّلاع على حسابك في Facebook ،Instagram أو LinkedIn، وغالبًا ما يتّخذ قرارًا سريعًا بشأنك بالاستناد إلى ما يراه في هذه الحسابات.
وهذا الأمر دفع الكثير من المستقلين وأصحاب المشاريع التجارية إلى الامتناع عن نشر المواضيع الشخصية على فيس بوك، حيث يرغب هؤلاء في أن يظهروا أمام الناس بمظهر احترافي، وهذا يدفعهم إلى نشر أعمالهم بدلًا من نشر صور من الحفلات التي يقيمونها، كما يدفعهم إلى نشر مقالات جيّدة تساعد في تحسين صورتهم أمام الناس، بدلًا من نشر مقالات لا فائدة منها سوى التسلية وإضحاك الآخرين، وسواء إن أرادوا البقاء بمنأى عن النقد أم لا، فإنّهم يعرفون حقّ المعرفة أن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي سيعود عليهم بالفائدة والمنفعة.
يمكن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بطريقة أخرى، وذلك بأن تُعلم الآخرين بوجودك عن طريق التعليق على أعمالهم المنشورة، ولن تحتاج حتى إلى وضع رابط لموقعك الإلكتروني في التعليقات. وفي كثير من الأحيان يكفيك التعليق على المقالات في المجموعات المرتبطة بموضوع معيّن في LinkedIn أو +Google لتُعلم الناس بوجودك.
الترويج الذاتي الطبيعي
العالم الرقمي صاخب للغاية، ويتفاخر الناس بمنجزاتهم ومعلوماتهم، وكلّهم يتبعون الطريقة نفسها: "اشتري كتابي"، "شاهد هذا الفيديو"، "اقرأ مقالتي، إنّها رائعة". "لقد نجحت، هذا رائع، أنا رائع" .... الخ.
يعود الترويج الذاتي بنتائج ممتازة عندما يكون طبيعيًا وغير اصطناعي أو مُتكلّف فيه، وأعتقد أنّه ليس من الضروري أن تلجأ إلى الصراخ لكي يسمعك الآخرون، حيث يمكنك الترويج لنفسك بطريقة مختلفة وذكية، وذلك بتقديم الفائدة إلى الناس ومدّ يد العون إليهم.
نصيحتي إليك هي: "اعمل بجدّ وبصمت، وسيثير نجاحك الضجيج".
ترجمة -وبتصرّف- للمقال How to Promote Yourself without Feeling Exposed لصاحبته Olga Kolodynska.
أفضل التعليقات
لا توجد أية تعليقات بعد
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.