اذهب إلى المحتوى

من المهم لمدير التسويق أن يفهم كيفية تجزئة الشركات، إذ أن العديد من المنتجات لا تُباع للمستهلك النهائي فقط، وإنما لشركات أخرى. ورغم وجود العديد من أوجه الشبه بين سلوك الزبائن والشركات، إلا أن هناك العديد من الاختلافات بينها، ومنها:

  1. تنظر معظم الشركات إلى عملها بطريقة منطقية، أو بطريقة حل المشكلات.
  2. تتسم إجراءات الشراء لدى الشركات بالطابع الرسمي والروتين.
  3. توجد العديد من العوامل المؤثرة على عملية الشراء في حالة الشركات.
  4. من المهم الحفاظ على التصنيف الصحيح للبضائع في المخزن عند التعامل مع الشركات.
  5. تقع مسؤولية التخلص من الفائض والخردة على عاتق مدير الشراء.

وتجدر الإشارة هنا إلى وجود العديد من الطرق لتجزئة الأسواق الصناعية (أسواق الشركات)، وذلك حسب:

  1. أنواع الزبائن (أنواع الشركات).
  2. التصنيف الصناعي المعياري.
  3. الاستخدام النهائي.
  4. عوامل الشراء المشتركة.
  5. حجم المشتري وموقعه الجغرافي.

أنواع الزبائن

يمكن تصنيف الزبائن الصناعيين، سواءً الحاليين أو المستقبليين، إلى ثلاث مجموعات أساسية وهي:

  • شركات تصنيع معدات أصلية، على غرار شركة كاتربيلر في مجال معدات الطرق.
  • مستخدمون نهائيون مثل المزارعين الذين يستعملون المعدات الزراعية التي تنتجها الشركات المصنعة للمعدات الأصلية مثل شركة جون ديري.
  • زبائن ثانويون، مثل الزبائن الذين يشترون قطع الغيار الخاصة بالمعدات.

وبالمثل، يمكن أيضًا تصنيف المنتجات الصناعية إلى ثلاثة تصنيفات، يُباع كل واحد منها لنوع معيّن من الزبائن:

  • الآلات والمعدات (مثل الحواسيب، والشاحنات، والجرافات) وهذه منتجات نهائية تُباع فقط لشريحتين هما: شركات صناعة المعدات الأصلية، والمستخدمين النهائيين.
  • المكونات والقطع (مثل المفاتيح، والمكابس، وقطع المعدات) وهي تُستخدم لصناعة أو إصلاح الآلات والمعدات وتُباع لجميع الشرائح الثلاثة السابقة.
  • المواد الخام (مثل المواد الكيميائية، والمعادن، ومبيدات الأعشاب) وهي مواد تُستعمل لصناعة المنتجات النهائية وُتباع لشريحتي المستخدمين النهائيين وشركات صناعة المعدات الأصلية.

التصنيف الصناعي المعياري

يستعمل التصنيف الصناعي المعياري (Standard Industrial Classification SIC) رموز التصنيف الصناعي المعياري الخاص بحكومة الولايات المتحدة الأمريكية. وتصنف هذه الطريقة الشركات على أساس المنتجات أو الخدمات التي تقدمها إلى عشرة أصناف رئيسية مختلفة.

ويمكن بواسطة هذه الطريقة التعرّف على كبرى المجموعات الصناعية من خلال أول رقمين في رمز التصنيف الصناعي المعياري. على سبيل المثال، يشير الرقم 22 إلى مصانع الغزل والنسيج، ويشير الرقم 34 إلى مصانع التعدين، وهكذا.

ويستعمل المُنتِج الصناعي هذه الطريقة للتعرف على المجموعات الصناعية الأخرى التي قد تستخدم المنتجات التي يقدّمها. ويحوّل الجدول رقم 5 التصنيف القائم على أساس خانتين فقط إلى تصنيف من ثلاث وأربع وخمس وحتى سبع خانات. وكما ترى في الجدول، يسمح استعمال رمز التصنيف الصناعي المعياري للمصنع بالتعرف على الشركات التي تطلب منتجًا بعينه، وهو في مثالنا في الجدول الكمّاشات. ويمكن تحديد المصانع التي تستعمل منتجًا بعينه عن طريق الاستعانة بإحدى المصادر التالية:

  • Dun's Market Identifiers سجلات محوسبة تضم ثلاثة ملايين شركة أمريكية وكندية مصنفة وفق تصنيف صناعي معياري من أربع خانات.
  • Metalworking Directory قائمة شاملة بمصانع التعدين التي يزيد عدد موظفيها عن 20 موظفًا، بالإضافة إلى موزعي المعادن، وهي مصنفة وفق تصنيف صناعي معياري من أربع خانات.
  • Thomas Register of American Manufacturers دليل شامل بالمصانع، مصنّف حسب المنتجات، وهو يتيح للباحث التعرف على معظم أو جميع المصانع التي تقدّم منتجًا معينًا.
  • Survey of Industrial Purchasing Power استطلاع سنوي لأنشطة المصانع في الولايات المتحدة وفق توزيعها الجغرافي، وهو مصنف وفق تصنيف صناعي معياري من أربع خانات.

    007sic.png

المخطط 5: التصنيف الصناعي المعياري SIC الذي يعتمد خانتين إلى سبع خانات في التصنيف.

الاستخدام النهائي

أحيانًا يعمل المسوقون الصناعيون على تجزئة الأسواق بالنظر إلى كيفية استخدام المنتج في أوضاع مختلفة، وهو ما يتيح لهم تحليل التكلفة والفائدة لكل استخدام. وعليه يجب على المُنتِج أن يسأل نفسه: ما هي الفوائد التي يرغب بها الزبون من هذا المنتَج؟ وعلى سبيل المثال، علمت شركة مختصة بصناعة المحركات الكهربائية أن زبائنها يستعملون المحركات بسرعات مختلفة.

وبعد زيارات ميدانية للحصول على رؤية واضحة، قررت الشركة تقسيم السوق إلى شريحة السرعة المرتفعة وشريحة السرعة المنخفضة، ثم ركزت في شريحة السرعة المنخفضة على تقديم منتج بسعر منافس، فيما ركزت على التفوق في شريحة السرعة المرتفعة.

معايير الشراء المشتركة

يميل بعض المسوقين الصناعيين إلى تجزئة السوق من خلال تحديد الزبائن الذين يبحثون عن المعايير ذاتها عند الشراء. ويمكن القول إن هناك خمسة معايير أساسية في معظم عمليات الشراء الصناعي وهي: أداء المنتج، جودة المنتج، الخدمة، التسليم، وأخيرًا السعر. إن التعرف على الزبائن الذين تجمعهم ذات معايير الشرائية يُعد أمرًا مهمًا للغاية، ولكنه قد يكون صعبًا أيضًا في ظل تبدّل الأولويات باستمرار لدى الشركات والبائعين.

حجم المشتري وموقعه الجغرافي

إذا لم تكن تجزئة السوق مُتاحة بأي من الأساليب السابقة، فما زال بالإمكان تجزئة السوق حسب حجم المشترين وحدودهم الجغرافية، وقد لجأ مديرو المبيعات إلى ذلك منذ سنوات طويلة، ولكن شركات التسويق تعلمت منذ وقت قريب فقط كيفية تطوير استراتيجيات تسعير متعددة بحسب قُرب الزبائن أو بعدهم جغرافيًا. وبالمثل، يمكن أيضًا تطوير استراتيجيات مختلفة للشركات على اختلاف أحجامها، سواءً كانت كبيرة أم متوسطة أم صغيرة.

التجزئة المفردة والمتعددة

لقد ناقشنا حتى الآن تجزئة السوق وفق أسس مفردة، وهي استراتيجية قد تكون بسيطة ولكنها فعّالة للغاية في أغلب الأحيان. ومن الواضح أن استعمال أسس مثل الجنس (في مجال مستحضرات التجميل) والعمر (في مجال الموسيقى ومنتجات الرعاية الصحية) والدخل (في مجال السيارات) يقدّم معلومات مفيدة حول الزبائن، ولكن تجزئة السوق وفق أساس واحد قد لا تكون دقيقة بما فيه الكفاية للخروج بشريحة تسويقية يمكن استهدافها ببرنامج تسويقي محدد.

ولهذا السبب، تستعمل العديد من الشركات استراتيجيات متعددة لتجزئة السوق، إذ يمكن مثلًا تجزئة سوق الإسكان وفق حجم الأسرة، والدخل، والفئة العمرية.

على سبيل المثال، تقدّم شركة (American Log Home) لزبائنها مجموعة واسعة من الخيارات بناءً على احتياجاتهم، ومستويات دخلهم، ومهاراتهم، وأحجام أُسَرهم، وأغراضهم. وتتراوح خيارات الشركة بين منازل من غرفة واحدة مصممة بصورة رئيسية للصيادين، إلى وحدات سكنية بمساحة 370 مترًا مربعًا مكونة من ثلاثة طوابق. كذلك يستطيع الزبائن أن يختاروا تصميم المبنى من الداخل ومن الخارج.

مع ذلك، قد يكون من عيوب هذه الاستراتيجية أنها تؤدي إلى إنتاج مجموعة هائلة من المنتجات (تنوّع زائد). أضف إلى ذلك أن استعمال أسس متعددة متفاوتة الأهمية، والمساواة بينها (جمعها في تصنيف واحد)، قد يؤدي إلى تضليل الجهود التسويقية.

اختيار الشرائح التسويقية المؤهلة

إن استعمال الأسس الملائمة لتجزئة السوق يُعد أمرًا مهمًا للغاية، وما لا يقل عنه أهمية هو اختيار الشرائح المؤهلة من بين الشرائح التسويقية الناتجة، إذ يجب على المسوقين أن يكونوا قادرين على التفريق بين الزبائن المحتملين فعلًا، والأفراد والشركات الذين يحملون صفات مشابهة ولكن لا يمكن تحويلهم إلى مشترين حقيقيين.

باختصار، يجب أن يدرك المسوقون أن بعض الشرائح التسويقية قد لا تمثل فرصًا تسويقية حقيقية. ولذلك، تُستعمل خمسة معايير لقياس القيمة النسبية للشريحة التسويقية:

  • وضوح التصنيف: وذلك يعني أن تكون حدود الشريحة التسويقية واضحة، وهو ما يتطلب أيضًا تحديد السمات الديموغرافية والاجتماعية بدقة لتسهيل قياس الشريحة التسويقية المحددة. ولكن لسوء الحظ، قد لا يكون الحصول على بيانات الشريحة التسويقية أمرًا سهلًا، وخصوصًا عند تعريف هذه الشريحة وفق سمات سلوكية. على سبيل المثال، يُعد الجنس أساسًا واضحًا لتجزئة سوق حمالات الصدر.
  • الحاجة الحقيقة أو المحتملة: يمكن القول إن الحاجات لا تُعد شريحة تسويقية ما لم تكن تعكس طلبًا واضحًا على البضائع والخدمات، وما لم يكن بالإمكان تحويلها إلى رغبات عبر التعليم والإقناع. أضف إلى ذلك أن بناء استراتيجية تجزئة منفصلة يقتضي أن تكون الحاجة إلى ذلك الصِنف من المُنتجات كبيرةً بما فيه الكفاية. ويتطلب هذا المعيار قياس حجم الحاجة، وحجم القوة الشرائية الداعمة لها. على سبيل المثال، توجد هناك حاجة واضحة للمصاعد في بناية مكونة من 40 طابقًا.
  • الطلب الفعلي: إن وجود الحاجة الحقيقية وحده لا يكفي لتوليد الطلب الفعلي، بل يجب أن تكون هناك أيضًا قوة شرائية. وتنبع القدرة على شراء المنتج من واحد أو أكثر من هذه المصادر الثلاث: الدخل، والادّخار، والاقتراض. ويجب أن يمتلك أفراد الشريحة التسويقية واحدًا من هذه المصادر الثلاث على الأقل حتى تُعد هذه الشريحة فرصة تسويقية مُعتبرة. ويمكن القول إن امتلاك بطاقة فيزا أو غيرها من بطاقات الائتمان يحقق هذا المعيار في معظم المنتجات.
  • الوصول الاقتصادي: يجب أن تتوفر في أفراد الشريحة التسويقية إمكانية الوصول إليهم بسهولة وإمكانية تحقيق الأرباح. على سبيل المثال، قد يتطلب هذا المعيار أن تكون الشريحة التسويقية مركزة جغرافيًا في مكان واحد، وتتسوق من ذات المتاجر، وتقرأ ذات المجلات. ولكن للأسف، العديد من الشرائح التسويقية المهمة -وخصوصًا تلك التي تستند إلى الدوافع مثلًالا تتوفر فيها إمكانية الوصول الاقتصادي، مثل شريحة كبار السن الأثرياء.
  • الاستجابة الإيجابية: يجب أن تستجيب الشريحة التسويقية بصورة فريدة (مختلفة) للجهود التسويقية، إذ إن استعمال برامج تسويقية منفصلة لن يكون أمرًا مُبررًا أو منطقيًا ما لم تكن الشرائح التسويقية المختلفة تستجيب بطرق فريدة للجهود التسويقية.

استراتيجية تجزئة السوق

على مدار العقدين الماضيين، أصبح هناك فهم أشمل وأدق لتجزئة السوق، ولكن ذلك لا يعني عدم وجود بعض المشاكل التي يجب أخذها في الحسبان. ولعل أكبر مشكلة تكمن في صعوبة تعريف أسس التجزئة تعريفًا دقيقًا، ولهذا السبب تتطلب تجزئة السوق قدرًا كبيرًا من الخبرة والمعرفة.

إن البحث في دوافع المستهلكين يُعد أمرًا أساسيًا، ولكنه لا يلغي أهمية البيانات التاريخية والوصفية المتعلقة بهم. ويمكن القول إن الهدف النهائي من تجزئة السوق هو تحديد سوق مُستهدف أو أكثر، وبدون تحقيق هذا الهدف تصبح عملية التجزئة بلا قيمة.

في أجزاء لاحقة من هذه السلسلة، سوف نتناول تجزئة السوق بصورة مفصلة، ولكن يكفيك في هذه المرحلة أن تعرف أن تجزئة السوق هي استراتيجية التسويق الأساسية لدى معظم المُنتجين. وتمثل تجزئة السوق، إلى جانب تمييز المُنتجات، جوهر استراتيجية التسويق المعاصر. وتنقسم عملية اختيار السوق المستهدف إلى خمس خطوات على النحو التالي:

  • تحديد الأفراد والشركات ذات الصلة، وكذلك عوامل الشراء الأخرى، إلى جانب الميزة الأساسية في المنتج. (على سبيل المثال، تُعد سهولة الاستخدام الميزة الأساسية في كاميرا Maxxum SLR الخاصة بشركة Minolta اليابانية، أما عوامل الشراء الأخرى فقد تشمل العمر، والدخل، وتركيب الأسرة، ومُناسَبة الاستخدام، والخبرة في مجال التصوير).
  • جمع وتحليل البيانات المتعلقة بالشرائح التسويقية المحتملة (مثل سمات المستخدمين الجُدد لكاميرات التصوير، ونظرتهم إلى السعر، وحجم هذه الفئة، واتجاهاتها، والحد الأدنى من المزايا المطلوبة في المنتج).
  • تطبيق معايير الشريحة التسويقية الجيّدة.
  • اختيار شريحة تسويقية أو أكثر لاستهدافها (مثل المصورين المبتدئين الذين يمتلكون أُسرًا، وتتراوح أعمارهم بين 25-45 عامًا، ويزيد دخلهم عن 35,000 دولار).
  • بناء برامج تسويقية ملائمة للوصول إلى الشريحة أو الشرائح التسويقية المستهدفة. (على سبيل المثال، تحديد السعر بـ 350 دولار، وتوزيع المنتجات عبر متاجر الكاميرات، والمتاجر العامّة، ومتاجر الخصومات، والترويج عبر الإعلانات التلفزيونية والمجلات).

لمحة عن البرامج التسويقية الفعالة: شريحة الشباب

يجب أن تعلم أن التسويق التقليدي ليس كافيًا لاستقطاب سوق المراهقين الذي يتسم بالتغيّر المستمر، ولكن شركة High Frequency Marketing (اختصارًا HFM) المختصة بالتسويق للشباب استطاعت الوصول إلى المعادلة الصحيحة، فمنذ تأسيسها في عام 1995 على يد رون فوس (Ron Vos) تمكنت الشركة من تحقيق نمو كبير في مجالات شتى، ويعزو فوس ذلك إلى حملات الترويج غير التقليدية التي تنفذها شركته.

لقد ركز فوس جهوده التسويقية في البداية على مجال الموسيقى، فاستهدف الفئة العمرية بين 12 إلى 26 عامًا، وذلك من خلال تسويق الموسيقى على المستوى الشعبي وفي الشوارع. وفي عام 1995 لم يكن التسويق في الشوارع قد أصبح منتشرًا بعد كما هو الآن. ويمكن القول إن السر في نجاح فوس هو قدرة شركته على مسايرة جيل الشباب ومواكبة التكنولوجيا. وكما يقول فوس "إذا انتشر المفهوم التسويقي لدى الجميع، فقد أصبح من الماضي."

وعند سؤال فوس حول الحملات الناجحة التي نفذتها شركته، يذكر فوس على الفور فيلم مطرب حفل الزفاف (The Wedding Singer)، فقد استعانت شركة New Line Cinema في عام 1998 بفوس لترويج الفيلم، وقد خرجت شركته في حينها بفكرة إقامة "مسابقة غنائية" في المولات التجارية في 24 مدينة. وقد حققت هذه الحملة نجاحًا مذهلًا وفتحت الأبواب أمام الشركة للدخول إلى عالم صناعة الترفيه.

كما نفذت الشركة حملة ناجحة أخرى في عام 2000، وذلك عندما استعانت شركة Food.com بها لتنفيذ حملة للتبرع بالطعام في الجامعات، وقد اقترحت Food.com مكافأة الجامعة التي تتبرع بأكبر قدر من الطعام بحفل غنائي، ولكن شركة HFM اقترحت استعمال محفزات ملموسة وأكثر واقعية لتشجيع الطلاب على التبرع بالطعام، وهكذا خرج فوس وفريقه بفكرة "الموسيقى مقابل الطعام" فقد قاموا بتوزيع أقراص موسيقية مجانية على الطلاب الذين تبرعوا بالطعام، بالإضافة إلى تذكرة لحضور حفل غنائي قريب من المكان.

مفهوم التموضع

تتيح استراتيجيات تجزئة السوق وتمييز المنتجات للشركة الوصول إلى موقع مرموق في السوق. لذلك يجب على الشركة الذكية السعي للوصول إلى الموقع الذي تتطلع إليه، لا أن تنتظر الزبائن أو الجمهور أو حتى المنافسين ليضعوها في الموقع الذي يريدونه. ويمكن تعريف التموضع بأنه تصميم عروض الشركة وبناء صورتها على نحو يمكّنها من احتلال مكانة مميزة في أذهان الزبائن. ويتلخص الهدف النهائي للتموضع في تأسيس قيمة سوقية ناجحة، أو بمعنى آخر توفير سبب مقنع للسوق المستهدف يدفعه لشراء المنتج.

وبما أن التموضع يبدأ بالمنتج، فسوف نفصّل الحديث عن هذه الاستراتيجية في باب "المنتج" من سلسلتنا الفريدة.

مستقبل السوق

مع التوسع المستمر للسوق العالمي بفضل الأقمار الصناعية والإنترنت والمشاكل العالمية، تزداد صعوبة تقييم السوق على نحو فعّال. وفي ظل انتشار التسويق عبر العلاقات، والتسويق الشخصي، وتخصيص المنتجات، يمكن القول إن التسويق قد عاد مجددًا إلى نقطة البداية، وكما كان صاحب متجر الخضراوات على ناصية الشارع يعرف جميع زبائنه شخصيًا في الماضي، من المتوقع أن يكون التسويق في المستقبل مشابهًا جدًا لذلك.

خلاصة تعريف السوق وفهمه

ما هو السوق؟ في الواقع إن تعريف السوق يعتمد على المنتج الذي تقدّمه، ولكن جميع الأسواق بصفة عامة تمتلك سمات أساسية متشابهة. فالسوق هو الناس، سواءً كانوا أفرادًا أو مجموعات، وهو كذلك الشركات أو المؤسسات. والسوق أيضًا عبارة عن مكان تجري فيه المعاملات التجارية. وأخيرًا، السوق هو مؤسسة اقتصادية تتأثر بالقوى الاقتصادية والقوانين الحكومية.

وحتى يبيع المسوقون منتجاتهم، يجب عليهم أولًا أن يعرفوا السوق معرفةً جيدة. وينقسم السوق إلى أربعة أنواع رئيسية -ولكنه لا يقتصر عليها- وهي: الأسواق الاستهلاكية، والأسواق الصناعية، والأسواق المؤسساتية، وأسواق البيع بالتجزئة. ويتميز كل سوق من هذه الأسواق بسمات ينفرد بها عن غيره، مع ذلك هناك الكثير من السمات المتداخلة. ولهذا السبب، تلجأ الشركات الناجحة إلى استراتيجية تجزئة السوق لتقديم منتج يتوافق مع احتياجات ورغبات الزبائن.

لقد ناقشنا في هذا الباب من سلسلتنا مفهوم السوق وعرّفناه من ثلاث زوايا وهي: الناس، والمكان، والنشاط الاقتصادي. ثم تطرقنا بعد ذلك إلى أنواع السوق الأربع. وقد تناول الجزء الأكبر من هذا الباب استراتيجيتين للتعامل مع السوق: وهي التسويق الموحد ، وتجزئة السوق. أما الاستراتيجية الأولى فهي تفترض أن السوق كيان متجانس، وبالتالي لا حاجة لبناء استراتيجيات مختلفة للتعامل معه.

في المقابل تقر الاستراتيجية الثانية بأن الأسواق تحتوي في داخلها أسواقًا أصغر حجمًا، تُسمى الشرائح التسويقية، وهي تسعى إلى تقييم واستهداف هذه الشرائح. وفي الختام، سلطنا الضوء على استعمال أسس متعددة لتجزئة السوق، وناقشنا حدود المعايير المستعملة في تقييم الشرائح التسويقية.

ترجمة -وبتصرف- للفصل (Understanding and approaching the market) من كتاب Core Concepts of Marketing

اقرأ أيضًا


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...