تشمل الكتابة على الإنترنت العديد من التحدّيات الفريدة، فإذا كنت تملك مهارةً وخبرةً جيّدة في الكتابة خارج الإنترنت، فهذا لا يُعَد دليلًا مباشرًا على أنّك ستكون متمرسًا في الكتابة الإعلانيّة للمواقع الإلكترونية.
لقد عملت مع صحفيين وأكاديميين ومسوقين ومختلف الكتّاب المحترفين، ومع ذلك أجد نفسي مرارًا وتكرارًا مجبرًا على أن أقدّم لهم النصائح والتوجيهات حول الطرق الصحيحة للكتابة على الإنترنت، وهو شعورٌ محبط.
ربما تكون صحفيًا لامعًا أو أكاديميًا متفوقًا أو مسوّقًا محترفًا في الكتابة الإعلانيّة، لكن هذا لا يعني أن كتاباتك ستكون ملائمةً لشبكة الإنترنت، وفي الواقع، غالبًا ما تكون خبرتك السابقة هذه عائقًا لك أكثر من كونها أمرًا مُساعدًا.
كتابة نصوص الإنترنت عمليةٌ تختلف عن غيرها من أشكال الكتابة، لذا سوف أشرح لك الأسباب وأعطيك بعض النصائح في حول ذلك. هناك ثلاثة جوانبٍ تجعل الكتابة على الإنترنت مختلفة:
- افتراضات تتعلّق بسهولة الوصول لمحتوى الإنترنت.
- الطريقة الفريدة التي يقرأ بها الناس على الإنترنت.
- الطابع الشخصي في التعامل مع الإنترنت.
اكتب محتوى سهل المنال
عندما نتحدث عن كتابة محتوىً سهل الفهم والاستيعاب، تذهب عقول الناس فورًا إلى قضيّة صعوبات القراءة، وفي الواقع، هذه جزئيةٌ صغيرة من المسألة، إذ يتعلق الأمر أكثر بجعل محتوى الإنترنت سهل التلقّي والهضم للجميع.
كبداية، أعيننا ليست مصممةً للقراءة من الشاشة، إذ إن القراءة على الإنترنت متعبةٌ، لذا يحتاج الكُتّاب إلى الإيجاز في كتاباتهم، وإذا كنت مسوقًا أو حتى صحفيًا، فهذه ليست مشكلة، فغالبًا أنت معتاد هذه الطريقة، لكن الكثير منّا قد تدرّبوا على أن يكونوا أكثر دقةٍ في كتاباتهم، فنحن نبرّر كل عبارةٍ ونُقدّم الاستشهادات والتحليلات المُتعمّقة، وهذا النمط لا يُناسب الإنترنت.
الافتراض الثاني هو مستوى القراءة، حيث لا يتحدث العديد من مستخدمي الإنترنت اللغة العربية، وقد يعاني البعض من عُسر القراءة، أو لا يعطون المحتوى انتباههم الكامل، لكن في رغبتنا للظهور ككتّابٍ متمرسين، نميل إلى الكتابة بمستوىً يفوق قدرة معظم الناس على القراءة، ولدينا أيضًا عادة استعمال المصطلحات المتخصّصة غير المألوفة لغالبية الناس.
حافظ على لغة كتابةٍ بسيطة، بحيث تساعد بذلك القرّاء الدوليين وأولئك الذين يعانون من عسر القراءة كلاهما معًا، وتخلّص من المصطلحات الصعبة وسوف تحسّن ظهورك في تصنيفات البحث، وهذا لأنّك سوف تستبدل الاختصارات والرموز المتخصّصة، بمصطلحاتٍ سهلةٍ يبحث عنها أغلب الأشخاص العاديين، حينها سوف يصبح لديك محتوًى يسيرًا وسلسًا، وهو عاملٌ رئيسيٌ لنجاح الكتابة على شبكةٍ متعطشةٍ للفت انتباه القرّاء.
ساعد المستخدمين على القراءة السريعة
الحقيقة أنك ربما لن تقرأ كامل هذه المقالة، لكنّك سوف تقرأها سريعًا بحثًا عمّا يهمك، وبالتالي نادرًا ما يكون لدى الناس الوقت أو الصبر لقراءة النصوص كلمةً بكلمة، إذ إنهم ينظرون إلى الروابط وينتبهون أكثر للاقتباسات والكلمات البارزة والعناوين الرئيسيّة والعبارات القليلة الأولى من كل فقرة.
هذا يتطلب شكلًا معينًا من الكتابة، فعلى سبيل المثال، كل شيءٍ يجب أن يدعم ويصبّ في سياق المحتوى، على افتراض أن شخصًا ما يقرأ رابطًا مضمّنًا في نصّك، وهذا لا يعني أنه سيقرأ النصّ المحيط، وبالتالي هذا يجعل الروابط تحت عبارة انقر هنا زائدةً عن الحاجة.
لا تفترض أن الأشخاص قد شاهدوا صفحاتٍ أخرى معينّة على موقعك قبل قراءة نصّك. يصل العديد من المستخدمين إلى صفحةٍ معيّنة من محرك البحث، فهذا يعني أن محتواك لا بدّ أن يكون مكتملًا، لأنّه بمعزلٍ عن باقي صفحات الموقع، وتحتاج إلى كتابة محتوىً يسهُل قراءته بسرعة، وهذا يعني ضرورة احتوائه على عناوين وصفيّةٍ وقوائم سهلة القراءة واتباع طريقة التحميل على المقدمة.
يشير التحميل على المقدمة إلى تلخيص صفحةٍ كاملة من المحتوى في أول جملتين، ويساعد هذا المستخدم على تحديد ما إذا كان يريد الاستمرار في القراءة أم لا. انظر إلى الجملتين في بداية هذه المقالة، ستجدهما تلخّصان كل ما يليها، ولا يقتصر استخدام مفهوم التلخيص هذا على مستوى الصفحة فحسب، بل جرّب تطبيقه على أقسامٍ كاملة أو حتى فقراتٍ فرديّة.
أخيرًا، يمكنك المساعدة في عملية القراءة السريعة بإبقاء الجمل قصيرة، حيث من الصعب استيعاب الجمل الطويلة التي تحتوي على العديد من أدوات الوصل وحروف العطف، لكن يمكن أن يكون أسلوب الكتابة هذا صعبًا لأولئك الذين اعتادوا الكتابة الأكاديميّة أو المهنيّة المتخصّصة، لكنها مهارةً يُمكن تعلمها، وأصعب خطوةٍ فيها هي التخلّي عن اللهجة الرسمية لكتابتك بحيث تُصبح أكثر جاذبيةً وإثارةً للاهتمام.
أضف لمسات شخصية إلى كتاباتك
لقد تغيّر الإنترنت كإحدى الوسائط المهمّة على مرّ السنين، ومع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي والأجهزة المحمولة، أصبحت الأمور على الإنترنت شخصيةً أكثر، حيث يُشارك الكثير منّا معلوماتهم الخاصّة على الشبكات الاجتماعية، أكثر مما نفعله حين نلتقي بهم وجهًا لوجه، ولدينا أيضًا علاقةٌ قوية جدًا مع هواتفنا الذكيّة.
لدى الأشخاص توقعاتٌ مختلفة للمحتوى عبر الإنترنت عند موازنتها بالنصوص خارجها، إذ نتوقّع مستوىً عالٍ من التفاعل وخدمة عملاءٍ ودّيةٍ وشخصيّة، أمّا بالنسبة للأشخاص الذين اعتادوا كتابة نصوصٍ مهنيةٍ أو أكاديمية، فقد يكون هذا أمرًا صعبًا، حيث يكتبون بنبرةٍ أكثر رسميّة، نبرةٌ تميل إلى فصل مشاعر الكاتب عن نصّه، وهو نوع الكتابة التي نادرًا ما يتضمّن تعليقًا شخصيًا، ويُمكن أن يشكل ذلك تحديًا للمسوّقين، على الرغم من أنّهم بطبيعة عملهم معتادون على الكتابة اللافتة، إلا أنّهم أيضًا نادرًا ما يذكرون تفاصيل عن أنفسهم في كتاباتهم، كما أنهم غير معتادين على كتابة نصوصٍ إعلانيٍة تُشجّع على فتح قنوات حوارٍ مع المستهلك؛ أما منشورات المسوّقين والكتابة على النت، فيتطلبان هذا النوع من المحادثات.
عند الكتابة للإنترنت، لا بدّ أن تسمح لإنسانيّتك بالظهور، إذ لا يمكنك الاختباء خلف واجهة الشركة، وعليك أن تكتب كما لو كنت تُخاطب شخصًا واحدًا، وليس بثًا لعموم الجمهور، لكنّ الأهم من ذلك هو أنّك تحتاج إلى أن تكتب كما تتحدّث على أرض الواقع. يُعَد استخدام أسلوب الحوار أمرًا في غاية الأهميّة لتحقيق النجاح، وغالبًا ما تكون الإجابة على سؤال كيف أُصبح كاتبًا جيدًا، هي اكتب فقط وقاوم الرغبة في التعديل في أثناء ذلك وحتى الانتهاء، كما قال إرنست همنغواي:
اقتباس"اكتب في حالة انتشاء، لكن دقّق وأنت واعٍ"
بالتأكيد، هذه طريقةٌ جيّدة لكسر عادات الكتابة القديمة التي بنيناها على مرّ السنين، لكن تذكّر أن خبرتك السابقة في الكتابة لها استخدامٌ محدود عند الكتابة للإنترنت، فبالتالي نعم قد تُساعدك، لكن وحدها لن تضمن لك النجاح في هذا المضمار، لذا احرص على اتباع النصائح والتوجيهات المذكورة وبالتوفيق.
ترجمة و-بتصرُّف- للمقال Not every good writer can write for the web لصاحبه Paul Boag.
أفضل التعليقات
لا توجد أية تعليقات بعد
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.