اذهب إلى المحتوى

«إنّ فكرتي ليست جيدة بما يكفي»؛ هكذا قال صديقي الذي يُفكِّر في تأسيس شركته الخاصة، وينتظر أن تتجسَّد الفكرة تمامًا قبل أن يُقدِم على الخطوة. إليكَ هذا الوضع: إنَّ فكرتك على الأرجح فاشلة، ولا يُهم ذلك؛ لأنَّ مشروعك سيصبح في النهاية شيئًا مُختلفًا تمامًا على الأرجح. هل يبدو ذلك خاطئًا؟ لِنَرَ.

سنة 1998 تلقَّت شركةٌ تمويلًا قيمته 4.8 مليون دولار لكي «تنقل المال بين أجهزة Palm Pilot»، سأُطلِق على هذا المُنتَج اسمًا رمزيًّا هو ناقل الأموال. الأمرُ كالتالي، ترغب آليس في منح بوب بعض المال ولكن ليس لديها نقود أو دفتر شيكات، ولا توجد ماكينة صرَّاف آلي في الجوار. يمتلك كلٌ من آليس وبوب أجهزة Palm Pilot وقد نصَّبا عليها برنامج ناقل الأموال مُسبقًا، وبرغم أنَّهما قد نسيا كل وسائلهم العادية لتحويل المال، إلَّا أنَّهما قد تذكَّرا إحضار أجهزة Palm Pilot. سيُتيح ناقل الأموال لآليس إرسال المال إلى بوب. لن يفعل ذلك في الحقيقة، وإنما سيتذكَّر أنّ آليس تريد إرسال مال إلى بوب، وبمجرد أن تعود آليس إلى منزلها وتصل جهاز Palm Pilot الخاص بها بالحاسب الآلي، وبعد أن تتَّصل بالإنترنت، سيتواصل ناقل الأموال مع خادِمٍ ويُحوِّل المال، بشرط أن يكون المال بحوزة آليس بالطبع وأنَّها لم تُغيِّر رأيها سِرًّا في تلك الأثناء.

هل كنتَ لتستثمر في هذه الشّركة النّاشئة؟ ليس بفكرةٍ كهذه. ولكنَّك كنت ستكون مخطئًا، فقد كانت تلك هي PayPal. جعل عملهم في التشفير بالإضافة إلى فكرة نظام مصرفي إلكتروني يستهدف المُستهلِك من تلك الطريقة هي الأسهل لإرسال الأموال، عبر البريد الإلكتروني. اشترتها eBay مقابل 1.3 مليار دولار. وهم يعالجون اليوم عمليات دفع قدرها ألفا دولار في الثانية.

إنَّني متأكد من أنَّك لن تتعرَّف على هذا التّطبيق:

هذه هي اللعبة اللامتناهية Neverending؛ وهي لعبة إلكترونيَّة على المتصفِّح لأكثر من لاعبٍ «دون طريقةٍ للفوز، ولا تعريفٍ للنجاح» (تبدو لي شبيهةً جدًا بشركات ويب 2.0)، وهي لم تخرج إلى النور إطلاقًا. الأمر الذي كان أكثر أهميةً، لمستخدميها الأوائل، هو إمكانيَّة مشاركة الناس لأغراض اللعبة بسحبها إلى نوافذ المحادثات، رأوا أنَّ هذا تحسينًا مُفيدًا لتطبيقات المحادثات بصورةٍ عامة، وهكذا مع إخفاق خطط اللعبة صنع المهندسون تطبيق (Flash) للمحادثات الفورية بالإضافة إلى مشاركة الملفَّات مع تأكيدٍ خاص على مشاركة الصور.

كان تطبيق Flash للأسف فوريًا فقط؛ فصورك لا تظل موجودة عندما تغلقه، وكان ذلك قاتلًا لأنَّ الناس كانوا مُهتمِّين، كما اتَّضح، بالجزء المُتعلِّق بالمشاركة أكثر من الجزء الفوري. لذا أعادوا كتابة التطبيق في لحظةٍ ثائرة أخرى على هيئة موقع إلكترونيّ عادي ووُلِد موقع فليكر Flickr، وهو الآن أحد أكبر مواقع مشاركة الصور في العالم بصور يصل عددها إلى 3 مليارات صورة وخمسة آلاف صورة تُرفَع كل دقيقة.

لن تكتمل بالطبع مثل تلك الثورة دون إدانةٍ ذاتية؛ لذا لنعد بالذّاكرة إلى بدايات شركتي؛ Smart Bear. كانت فكرتي الأولى مُنتَجًا يُدعى مؤرِّخ الشفرات، ويمكنه الغوص في تاريخ ملفٍ ما ليُريك ما تغيَّر.كان الاسم دقيقًا، ولكن اتَّضح أنَّه تقريبًا غير مجدٍ.

مَرَّت الشركة، كالمراهق، بالعديد من المراحل المُحرِجة

1. 24 من مارس 2003: كريه، «افعل شيئًا واحدًا وافعله على نحوٍ سيء».

2. 22 من ديسمبر 2003: قبيح للغاية، «ثلاثة مُنتَجات: هل تكفي لحزمةٍ؟»

3. 10 من أكتوبر 2004: مُمل، «كل العناصر في الجزء العلوي من الموقع، وأكثرها تكلفةً أولًا».

4. 11 من يناير 2006: اقتربنا، «أنت بحاجة حقًّا إلى مُصمِّم جرافيك، حقًّا».

5. 10 من سبتمبر 2007: ليس سيِّئًا، «أنت تعترف على الأقلّ أنّ مراجعة الشفرات هي كلّ ما يهم».

6. الوقت الحاضر: جيِّد، «مهلًا، إلى أين ذهبت كل تلك المُنتَجات الأخرى؟»

كُنَّا نبيع في إحدى المراحل ستَّ أدوات مختلفة؛ كانت الوحيدة التي تهمُّ حقًا هي مُراجِع الشفرات، ربما ستوضِّح لقطة الشاشة هذه الأمر:

ليس الغرض من كل هذا توبيخ أي شخصٍ بسبب أفكاره السيئة، بل العكس تمامًا في الحقيقة، فالغرض هو أنَّ فكرتك الأولى لا تهمُّ. أولًا: ذلك قولٌ خاطئ على الأرجح، وثانيًا: إنَّ الطريقة الوحيدة لمعرفة الفكرة الصحيحة هي تجربة الفكرة الخاطئة ورؤية ما سيحدث، لن تجدها من خلال العبث بشرائح عرض PowerPoint والنماذج المُصغَّرة لفوتوشوب. إذًا فاخرج إلى العالم وارتكب بعض الأخطاء، فكما قال Neil Davidson مؤخرًّا:

لا تحتاج لنموٍ هائل وسوقٍ بمليار دولار لبدء تمويل شركة برمجيَّات من مدخراتك الخاصة. ففرصة سوق قيمته 50 ألف دولار كافية لتقف على قدميك، وبمجرَّد أن تبدأ ستعرف البقيَّة.

(Neil هو عضو مؤسس بشركة Red Gate، التي بدأت كنظام إلكتروني آخر لتعقُّب الأخطاء البرمجيّة، ولم يهتمّ بها أحدٌ، ولكنّها الآن أصبحت مُتعهِّدًا شهيرًا لأدوات قواعد البيانات بلغة SQL ولديها 95 ألف عميل).

 

ترجمة -وبتصرّف- للمقال Your idea sucks, now go do it anyway لصاحبه Jason Cohen.

تم التعديل في بواسطة يوغرطة بن علي


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...