حينما يضع رائد الأعمال الشاب خطة نجاحه في مشروعه أول مرة، يرسمها كخطة وردية رومانسية مفروشة بالورود واللحظات الممتعة الجميلة. غير أن هذه الأحلام بعيدة تمامًا عن أرض الواقع، لما سيلمسه الحالم الصغير من عقبات ومفاجآت قد لا يكون أعد لها العدة مسبقًا.
طبقًا لموقع Statistic Brain فإن أغلب المشاريع الناشئة معرضة للفشل في البدايات، بنسبة تتراوح من 37 و58%، تزداد مع مُضِي الأعوام على اختلاف طبيعة الصناعة.
هذا المقال يلقي الضوء على أكثر 19 خطأ انتشارًا في عالم ريادة الأعمال، يُنصح بتجنبها حال البدء، مع بعض النصائح البسيطة عن كيفية تجاوز تلك الأخطاء، أو معالجتها إن وقعت.
1. تجاهل تقديم جودة مرتفعة أو قيمة استثنائية
انتشر مفهوم سلبي اعتنقه الكثير من رواد الأعمال الجدد، خاصة أولئك الذين يعملون على الأفكار المنسوخة، وهو أنه يجب أن مستوى الجودة في منتجك/خدمتك يجب أن يوازي مستوى جودة المنافس. للأسف هذا المفهوم لم يفكر أحد في تجاوزه إلا القليل، وبامتيازات بسيطة. . أنا بالطبع لا أرفض نسخ وتكرار تنفيذ نفس الأفكار في مشاريع مختلفة – كما سيتضح في البند رقم 16 – ولكن أرفض الركون إلى مستوى مقارب من الجودة.
ما الذي يرغب فيه العملاء؟
جودة مرتفعة بسعر تنافسي .. أعلم أن هذه المعادلة صعبة في ظل تلك المنافسة المشتعلة، ولكن البحث والتفكير والتركيز، مع جلسات العصف الذهني Brain Storming مع فريق العمل، كل هذا سيساعدك على الوصول إلى ميزة تنافسية تكون لديك وليست عند منافسيك.
حينما قام ستيف جوبز بإطلاق هاتف iPhone أول مرة كان يُقدم ميزة تنافسية استثنائية، لم يسبقه فيها أحد. كان يقدم الهاتف المحمول الذي اعتدت عليه بشكل جديد، وإمكانيات استثنائية.
فما هي القيمة الاستثنائية التي تستطيع تقديمها لعملائك بشكل استثنائي؟ الآن دورك.
2. تأخير البدء خوفًا من الفشل
القضية مع الفشل ليست في الفشل في حد ذاته، ولكن في تصورنا ومنظورنا نحن للفشل. حينما تنظر إلى الفشل على أنه نهاية أحلامك، فمن الطبيعي أن تقع عند أول عثرة، وقد لا تستطيع النهوض بعدها أبدًا وأنت تفكر بهذه العقلية.
ولكن إذا تعاملت مع الفشل على أنه إحدى الخطوات المطلوبة للنجاح – وهو كذلك بالفعل – فحينها لن تعيره بالاً، وستتطور عقليتك في التعامل معه والتغلب عليه. حتى اللفظ يجب أن تمحوه تمامًا من ذهنك. كلمات مثل "فشل" أو "مشكلة" يجب أن تُستبدل بكلمات مُحَفِّزَة مثل "عقبة"، "تحدي"، "فرصة"، "تجربة"، "خبرة جديدة" وغيرها من الكلمات الجذابة.
كان الناس يسخرون من توماس إديسون Thomas Edison لإصراره الشديد على المحاولة في رحلة اختراع المصباح الكهربي، وعايره الكثيرون بأنه فشل في 10,000 تجربة في الوصول إليه. فكان يرد بقوله "لم أفشل، ولكني اكتشفت 10,000 طريقة لا تصلح لعمل المصباح الكهربي".
يدعوك مايكل بلومبرج Michael Bloomberg إلى الفشل سريعًا حتى تستطيع البدء سريعًا مرة أخرى، قائلًا "افشل سريعًا، حاول ثانية".
من الطبيعي أن تقابلك عقبات. لا يوجد شيء مثالي، لا يوجد توقيت مثالي، لا يوجد مشروع مثالي من كل جوانبه كافة. الشركات الكبرى التي تراها الآن في السوق – سواء في صناعتك أو خارجها – لم تصبح على هذه الشاكلة إلا بعد الكثير من العثرات (لاحظ، قلت "عثرات" ولم أقل "فشل") وبالمثل لن ترى شركتك النور، ولن يعرفها الناس إلا إذا تعرضت لبعض العثرات التي تُظهر معدنها الحقيقي في الجودة والثبات.
3. دراسة السوق بشكل خيالي وليس واقعيًا
بعض رواد الأعمال يظن أن الناس تحتاج إلى ما يُقدّم من سلعة/خدمة، لأنه فقط يظن ذلك. ومنذ متى كانت الأعمال تُبنى على الظنون؟
يجب أن يكون لديك دراسة واعية واقعية للسوق مبنية على احتياجات العملاء الفعلية، وحجم هذه الاحتياجات، ومدى تناسبها مع حجم الشركة الناشئة Startup التي تنوي إطلاقها. من الخطأ اختيار مجال مُهَمَّش من السوق والبدء برأس مال ضخم بناءًا على الظنون. وكذلك من الخطأ اختيار مجال المنافسة فيه مشتعلة، فتُأكل من قِبل العمالقة الكبار، ولا يطول لك مقام في سوق صناعتك.
اِلق ظنونك خلف ظهرك، واستعن بشركات الأبحاث التسويقية Marketing Research، أو قم بعمل دراسات ميدانية بنفسك، أو قم باستقصاء عملائك Survey، ومعرفة احتياجاتهم، وتقديم منتجك/خدمتك بناءًا على تلك الاحتياجات.
4. سوء اختيار المكان
على الرغم من انتقال الكثير من الأعمال الآن إلى الفضاء الإلكتروني إلا أن مسألة اختيار المكان تظل في المقدمة.
حينما تم إصدار هاتف iPhone 6 Plus من آبل، جاء حجمه مفاجأة للجميع، إذ يقترب حجمه من إصدار سامسونج Galaxy Note من الهواتف كبيرة الحجم. إلى هنا، ولا بأس. غير أن حجم الهاتف الكبير لن يكون مناسبًا لجيب المستخدمين الصغير.
قام أحد الخياطين المحترفين بعمل فكرة إبداعية. أخذ ماكينة خياطته في عربة صغيرة مكشوفة، وذهب للوقوف بها أمام أحد مراكز توزيع آبل، في ظل الطلب والزحام على هاتف iPhone 6 plus، وعرض على المستخدمين عرضًا غريبًا. طلب من كل واحد منهم على حدى أن يسمح له بإعادة تصميم جيب سرواله (البنطلون) ليتناسب مع حجم الهاتف الجديد. شاهد الفيديو.
هذا ما أسميه: اختيار عبقري للمكان مع التوقيت. فإذا قمت بترجمة هذا المشهد في عملك، فهو يعني أن تختار المكان الذي يناسب مشروعك من حيث حجم المرور Traffic والظهور الذي سيحظى به هذا المشروع أمام الناس، وأن تقدم حل استثنائي يلفت انتباه أولئك الزوار، ويدفعهم إلى الاقتراب منك أكثر، وتجربة ما تقدم.
5. أن يكون للشركة مؤسس واحد
هل مازلت تعتنق النموذج الكلاسيكي في إنشاء وإطلاق الشركات؟ هل مازلت تحب نموذج الرجل الأوحد The One Man Show؟
بول جراهام Paul Graham يرى أن من الأخطاء الفادحة في نشأة وإطلاق الشركات أن يكون لها مؤسس واحد، ويعلل ذلك بأنه يجب أن يكون معك شريك تتحدث معه بخصوص مستقبل الشركة، تعالج معه لحظات الفشل والإحباط، يساعدك في اتخاذ القرارات الصائبة، يثنيك عن القرارات الخاطئة، يعطيك المزيد من الأفكار. ويثني كذلك على فكرة أن يكون شركاؤك من أصدقائك المقربين الذين تخشى عليهم مثلما تخشى على نفسك. (انتهى كلام بول جراهام) طبعا ليس هو وحده من تحدث عن أهمية الشركاء الأصدقاء في إطلاق الشركات.
إذا تأملت نشأة شركات مثل جوجل Google، يوتيوب YouTube، ميكروسوفت Microsoft، آبل Apple، تويتر Twitter، سكايب Skype، إنتل Intel، وغيرهم، ستجد أن من ضمن عوامل نجاحها هو أن الشركة كان لها أكثر من مؤسس(غالبيتهم أصدقاء بالمناسبة). حتى الشركات التي تبدو في ظاهرها بمؤسس واحد – مثل أوراكل Oracle – فقد تحولت بالفعل ليكون لها المزيد من المشاركين في صنع القرار الآن.
بالطبع، مسألة وجود شريك مؤسس واحد فقط للشركة ليس عيبًا في حد ذاته، ولا يشكل مشكلًا بشكل دائم، فهناك شركات كانت بدايتها بمؤسس واحد مثل أمازون Amazon، ودل DELL، ولكن مازال الاتجاه الأكثر صحة في هذه المسألة يُفضل أن يكون للشركة أكثر من مؤسس.
6. سوء التعامل مع الإطلاق Launch
لا الإطلاق المبكر جدًا مطلوب، ولا الإطلاق المؤجل كذلك.
في جانب الإطلاق Launch المبكر جدًا، ترى رائد الأعمال شديد التعجل لإنشاء شركته، وخروجها إلى النور. هذا شيء رائع، ولكن الإطلاق وأنت غير مستعد، ربما يؤدي إلى خروجك من السوق مبكرًا كذلك، بل وربما سوء سمعة علامتك التجارية، كعلامة غير مسئولة.
شرع أحد أصدقائي في تأسيس مشروع مخبز، وكان شديد التعجل للإطلاق، فلم يُعد العدة لإطلاق بهذا الحجم. جاء الإطلاق جيدًا وحصد معه الكثير من المبيعات، ولكن بعدها بأقل من أسبوع أغلق المكان لعطب في الفرن. فقام بالاستغناء عن الفرن القديم واشترى آخر ولكن مستعمل، وقام بعمل إطلاق جديد. ولكن – لأنه كان متعجلًا في الإطلاق كذلك – لم يجر تجارب كافية على الفرن المستعمل، فتعطل منه بعد الإطلاق الثاني. وهو الآن يشرع في التأسيس لإطلاق ثالث.
بين هذه الوقفات المؤسفة للمشروع، حتمًا سيحدث فقد للكثير من العملاء والثقة والسمعة. لذلك فإنه من المفضل أن تقوم بعمل التجارب الكافية قبل الإطلاق، حتى لا تتعرض لعواقب التوقف المفاجيء بعد الإطلاق.
أما في جانب الإطلاق المؤجل، فهو ينشأ من المبالغة الشديدة في طلب الكمال Perfectionist. لا يوجد شيء بلا أخطاء، ولا يوجد كيان بلا عيوب. هذا أمر طبيعي. ولكن ما هو غير طبيعي أن تقوم بتأجيل إطلاق شركتك، وبدء رحلة نجاحك لأجل عدة عناصر ليس لها تأثير حقيقي على نجاح الشركة.
على سبيل المثال، إذا كانت طبيعة أتمتة Automation مشروعك متعلقة بالإنترنت، فمن المبالغة تأجيل إطلاق الشركة لأجل توافر مكان أنيق ومُجَهَّز للموظفين. العملاء لن يروا الموظفين في الأساس، فضلا عن رؤيتهم للشركة.
اصنع نوعًا من التوازن ما بين الإطلاق المبكر، والإطلاق المؤجل لمشروعك، حتى تصل إلى التوقيت الأنسب فيما بينهما.
7. تجاهل الاهتمام بتأسيس وتنمية علامة تجارية مميزة
هذا العنصر يُلقي الضوء على مقدار الطموح المتعلق بالعلامة التجارية، وهل المشروع لأجل الربح المادي فقط، أم لأجل ترك بصمة في حياة الناس. عنصر القيمة لا يجب أن يكون محل نقاش لديك، والقيمة التي تقدمها للناس – وحدها – كفيلة بأن تصنع علامة تجارية مميزة مع الوقت.
كل من درس علوم المحاسبة يعلم أن هناك بند مميز في الميزانية اسمه "الشهرة". بند "الشهرة" في الميزانية بند معنوي – غير حقيقي – ولكن يتم إعطاء قيمة نقدية حقيقية له أسفل رأس المال، وحينما يتم بيع الشركة يتم دفع مبلغ كبير في بند "الشهرة" وحده، قد يعادل – أحيانًا – قيمة الشركة ككل، أو يزيد.
8. التعامل السيء مع المال
الكثير من الناس يُهمل علوم المال ونواحي الإدارة المالية، وكأنه أمر مُسَلَّم به، على الرغم من أن المال أحد الأغراض الأساسية لفكرة أي مشروع. للأسف، سجلت الإحصائيات الكثير من الأرقام السيئة عن التعامل الشخصي مع المال وسوء إدارته، ولكن على مستوى المشاريع قد يؤدي ذلك إلى كوارث، ليس أكبرها فشل المشروع ككل.
المعادلة الأساسية التي يجب أن تعتمدها في التعامل مع المال تكون على النحو التالي:
الأرباح = رأس المال – [التكاليف + المصروفات]
كلما قلّت التكاليف والمصروفات، زادت الأرباح، والعكس صحيح.
أما في قطاع المشاريع الناشئة فهناك 4 أخطاء أساسية في التعامل مع المال يجب أن تحذرها:
- جمع القليل جدًا من المال: وهو لا يمثل تعطل إطلاق المشروع فقط، ولكن إطلاق المشروع وتعثره أو فشله في بعض الأحيان. يجب أن تكون واعيًا بشأن جمع مبلغ كاف من المال، ثم تضيف إليه نسبة مخاطرة معقولة (من 20 – 40% من إجمالي المبلغ المستثمر) حتى يمكنك الإنفاق بشكل آمن.
- جمع الكثير جدًا من المال: أمر جيد أن يكون في جعبتك الكثير من المال، ولكن تذكر أن أصحاب هذا المال ينتظرون عائد مناسب عليه، قد يكون حجم مشروعك صغير، ولا يكافيء هذا العائد. المال الكثير كذلك يشجعك على الإنفاق في أمور سطحية غير هامة، يستطيع المشروع الاستغناء عنها بدون تأثير على مساره.
- الإنفاق الشحيح على المشروع: ربما يكون هذا بسبب جمع القليل جدًا من المال، ولكنه ليس العنصر الأساسي هاهنا، فربما تكون سياسة الإدارة هي التقتير في الإنفاق خوفًا من الفشل – لأجل تقليل حجم الخسارة إلى أدنى حد ممكن – وهذا بالتأكيد سيؤثر على عدة جوانب في المشروع، مثل الجودة، العمالة، الدعاية، بناء العلامة التجارية، وغيرها.
- الإنفاق المبالغ فيه على المشروع: ربما يكون هذا بسبب جمع الكثير جدًا من المال، ولكنه كذلك ليس العنصر الأساسي هاهنا. الإنفاق يكون بسخاء على عناصر أساسية في المشروع مثل الجودة، العمالة، والتسويق. ولكن هناك عناصر إضافية تُشجّع على التبذير، يجب الحذر منها حال البدء في مشروع جديد Startup Business.
9. التعامل بشكل سيء مع نفسك
ولأن المشروع حلمه وفكرته، يظن صاحب المشروع أنه جزء من الأثاث أو أحد الأصول الأخرى، فيعمل في الشركة بدون أي مقابل، وبشكل تطوعي، ويأخذ فقط حصته من أرباح المشروع، ويرى بدهشة المساهمون في المشروع يأخذون أنصبتهم التي قد تساويه أو تفوقه بدون أن يبذلوا أي مجهود على الإطلاق.
إذا كنت تفعل ذلك بنفسك، يجب أن تتوقف على الفور. نعم، أنت صاحب المشروع، وأساس فكرته، ولكنك كفرد تعمل كموظف في المشروع. وكلمة "موظف" لا تحوي أي قدر من تقليل الشأن أو تهميش الدور، فمدير الشركة موظف، والرئيس التنفيذي موظف، ومدير المبيعات موظف، ومسئول المبيعات موظف، والمحاسب موظف، وعامل البوفيه موظف، وعامل النظافة موظف .. الجميع مُوَظّفُون بما فيهم أنت.
القائمة السابقة من المناصب تأخذ رواتب. إذًا يجب أن تحصل مثلهم على راتب. والراتب الخاص بك يجب أن يكون متناسبًا مع دورك وجهدك في الشركة بغض النظر عن كونك صاحب الفكرة في الأساس، والمؤسس الأول لها.
فربما تُفضل – بغض النظر عن كونك صاحب الفكرة – أن تعمل في قسم المبيعات كمسئول مبيعات، أو مدير مبيعات. أو أن تكون محاسب، فتُفضل أن تكون مسئولاً عن حسابات الشركة، أو الإدارة، وهكذا.
أيًا كان موقعك في الشركة، يجب أن يكون مرتبك مساويًا لمن هو في مثل هذا المنصب في هذه النوعية من الشركات بهذا المستوى وهذا الحجم، على نحو طبيعي تمامًا، وكأنك تعمل في شركة أخرى.
لا تجعل راتبك قليلًا بشكل مُبالغ فيه رغبة منك في تقليل التكاليف وزيادة الأرباح. وكذلك لا تجعل راتبك كبيرًا بشكل فجّ لمجرد أنك صاحب الشركة أو أحد المؤسسين. وانس تمامًا مسألة أن تعمل تطوعًا في الشركة.
10. التعامل بشكل سيء مع المستثمرين
المستثمر لا يدري شيئًا عن أحلامك وطموحاتك. معادلة المستثمر سهلة للغاية:
مبلغ من المال (الاستثمار) + مدة زمنية = العائد على الاستثمار ROI
ربما في البدايات تشعر بحماسة شديدة للبدء، وتخشى فقد المورد الذي يمثله المستثمر، فتعده بالكثير أكثر مما يحتمل مشروعك بالفعل، مخالفًا بذلك احتمالات المخاطرة والخسارة. خطأ. يجب أن تكون صادقًا وواقعيًا بشأن حجم النتائج المتوقعة.
كذلك قد يكون لديك طموح كبير بشأن حجم الاستثمار المتوقع من المستثمر/المستثمرين، فتتجاهل العروض الصغيرة طمعًا في صفقة واعدة من أحد المستثمرين الكبار. خطأ. تعامل مع مشروعك كشركة مساهمة، والمستثمرون هم المساهمون.
لا تُفرط في الوعود الحالمة. حينما تتحدث مع المستثمرين لا تذكر فقط أحلامك، ولكن اذكر مخاوفك كذلك. واذكر بشكل واضح للغاية حجم المخاطرة المتوقعة، وما قد يتعرض له المستثمر في حالة وقوع خسارة من أي حجم.
11. سوء اختيار فريق العمل
اختيار فريق العمل له قواعد، أُسسها الإيمان بالفكرة، الموهبة، والقدرة على التنفيذ. فإذا فقدت أحد عناصر هذه المنظومة فربما يفشل أو يتأخر حلمك عن الظهور.
هناك خطوات أساسية في اختيار فريق العمل (يتم الإشارة في هذا الجزء إلى المقال الخاص بتكوين فريق العمل) يجب أن تسير عليها فور أن تنضج الفكرة في رأسك، هي على الترتيب:
- ابدأ بنشر فكرة مشروعك في المجتمعات التي تلائمك
- ابدأ بشبكة معارفك من الأصدقاء والأقرباء
- تواجد كثيرًا في البيئات والمجتمعات التي سينشأ فيها حلمك
- ابحث عمن يؤمن بفكرتك ويتسم بالأمانة والمهارة
- اهتم بتنمية وتدريب نفسك وفريق عملك باستمرار
12. سوء إدارة الأفراد
التعامل برفق إلى حد الاستهتار مع فريق العمل يؤسس نوع من اللامبالاة بشأن الالتزام بالقواعد والقوانين الخاصة بالشركة وتحقيق المستهدف.
التعامل بشدة إلى حد البغض يحول فريق العمل إلى مجموعة من الموظفين بنظام الدوام (9 – 5) لا شأن لهم في هذه الشركة إلا رواتبهم، ينتظرونها آخر الشهر بفارغ الصبر.
أسوأ أنظمة الإدارة على الإطلاق هي تلك التي تؤسس مفهوم "الرئيس – المرؤوس" في أذهان الناس. فمع الوقت يتحول الرئيس إلى صنم ضخم يدور حوله مجموعة من المرؤوسين العبيد، الذين لا حول لهم ولا قوة. ثم يظهر عنصر النفاق في جنبات الشركة، فلا صوت إلا صوت المدير، وما الأصوات الأخرى إلى صدى لصوته، وتظهر مركزية القرارات، ويتحول مجلس الإدارة إلى إجراء شكلي ومسرحي لأوهام شركة، وليس شركة حقيقية بالمعنى المفروض.
بعض الشركات تلجأ إلى تسريح بعض الأفراد طلبًا للتوفير. حسنًا .. استمع إلى ما يقوله مايكل دل Michael Dell في كتابه الرائع "مباشرة من دل Direct from DELL":
"بعد مجهودات فريق المهندسين في إنتاج وحدات حاسب آلي بمواصفات وهمية، وصدمتي في عدم احتياج السوق لها، اقترح عليّ مجلس الإدارة تسريح هذا القسم بأكمله، لعدم جدواه وبسبب الخسارة التي سببها للشركة، ولكني رفضت الموافقة على هذا القرار. وبدلاً من ذلك طلبت من المهندسين التوقف عن أبحاث التطوير، والنزول إلى مراكز التوزيع، ومقابلة المستخدم النهائي، وإجراء استبيانات فورية معه، عن توقعه للحاسوب الذي يرغب في امتلاكه.
بمثل هذه الخطوة، احتفظت بفريق من المبدعين كان من الممكن أن يذهب إلى المنافسين ليساعدهم على هزيمتي، وقمت بتوظيفهم في قسم جديد بشكل مؤقت – أبحاث التسويق Marketing Research – لأجل انتزاعهم من أزمة الفشل المؤقت، وفي نفس الوقت استطعت اختيار أفضل من يقوم بعمل استبيانات Surveys مع الجمهور، فالمهندسين في قسم التطوير هم أفضل من يقوم بترجمة أحلام ومتطلبات المستخدم النهائي إلى منتج ملموس. وكانت النتائج في النهاية مُبهرة إلى أقصى حد". (منقول بتصرف)
وبالطبع توفير بيئة عمل ودودة لا يتعارض ضرورة التنبيه الدائم على زيادة الجهد. وأيضًا ذلك لا يعني إعطاء الحوافز بدون داع، أو أي نوع من أنواع الإنفاق المبالغ فيه على الموظفين.
13. تجاهل معالجة فتور فريق العمل
الجميع يشعر بالفتور وقلة الحماسة في بعض الأوقات، وتجاهل التعامل مع هذا الإحساس قد يحوله إلى سرطان يغزو جميع أفراد فريق العمل. لذلك يجب التعامل معه فور استشعاره لتجنب الآثار المترتبة عليه.
من اقتراحاتي لمعالجة هذه الحالة:
- منح أجازة مفاجئة: لجميع أفراد فريق العمل بدون أي أسباب، وبدون وجود مناسبات رسمية لتلك الأجازة.
- منح مكافأة مفاجئة: لجميع العاملين. لن تجد إحساسًا بالسعادة يوازي حصول الناس على مال مفاجيء بدون أي مقابل. اسأل في ذلك الملايين الذين يقومون بشراء تذاكر اليانصيب.
- رحلة عمل جماعية: وهدفها هو تغيير بيئة العمل، فبدلاً الجلوس على المكاتب الخشبية المملة، والتطلع إلى نفس المشهد الذي يُرى كل يوم، يتم اصطحاب فريق العمل بالكامل إلى مكان جديد لمباشرة العمل منه، أو حتى رؤية المدير وهو يقوم بإتمام أحد الصفقات والبقاء بصحبته.
- رحلة ترفيه جماعية: بعيدًا عن جو العمل تمامًا، وألقاب العمل، ومشاغل العمل. العامل الوحيد الذي له علاقة بالعمل في هذه الرحلة هو فريق العمل فقط. ولا بأس من أن يصطحب فريق العمل أفراد من خارج الشركة طلبًا للمزيد من المرح، مثل الزوجة، الأصدقاء، أحد الأقارب.
14. التنازع على القيادة
القيادة في عالم الأعمال ليست للتشريف بقدر ما هي للتكليف. رائد الأعمال الذكي، يجب أن يدرك أين دوره وأين تميزه، ويظل بقربه. التنازع بين المؤسسين على كرسي القيادة ليس علامة صحية لنجاح الشركة، بل ربما يؤدي ذلك إلى نوع من التنافس الداخلي الذي يسير عكس اتجاه نجاح الشركة.
قام أحد أصدقائي المتميزين في دراسة اللغات بتأسيس مركز للتدريب على اللغة الإنجليزية، وكان بارعًا للغاية في عمله. ولكن براعته في التدريس ليس لها أي علاقة ببراعته في الإدارة. وبدون الخوض في التفاصيل، فقد تم إغلاق المركز – بسبب سوء الإدارة – بعد عام ونصف فقط من إنشائه.
انظر أين هو المكان الذي تتميز فيه، وضع لمستك واثبت جدارتك، واترك كرسي الإدارة لمن هم أحق به.
15. قبول كافة أنواع العقود مع العملاء
من حماسة رائد الأعمال الناشيء حينما يأتيه عقد جديد، أن يقوم بقبوله أيًا كان حجمه وأيًا كانت شروطه. ربما يكون هذا مقبولاً نوعًا ما في فترة معينة، غير أنه غير مقبول بالمرة في مرحلة متقدمة.
العملاء ليسوا سواء، وربما يؤثر عميل واحد على 10 عملاء آخرين بالسلب نتيجة إهلاكه لموارد الشركة بكثرة طلباته. حسب مبدأ باريتو Pareto Principle فإن 80% من إيرادات الشركة تأتي من 20% العملاء. وكذلك 80% من مشاكل الشركة مع العملاء، تنتج من 20% من العملاء فقط.
حدد العميل المناسب لك فقط وتعامل معه، وابتعد تمامًا عن العميل الذي يسبب الكثير من الإزعاج، حتى لا يهلك موارد الشركة سواء المادية أو البشرية بسوء تعامله.
16. أن ترفض العمل على فكرة منسوخة
حينما ترد فكرة إلى عقل رائد الأعمال الشاب، ويكتشف أن هناك من سبقه بها، يرفض استكمال الطريق، وينهي فكرة المشروع من الأساس. لماذا؟
- قد تكون فكرتك تحوي تفاصيل ليست في المشروع الأول. قم بالنظر فيما يقدم المنافس وتفوق عليه.
- قد تبذل أنت جهدًا يفوق جهد منافسك الذي سبقك بالفكرة، فتنجح بينما يفشل هو لقلة عزمه أو حسن تعامله مع الفكرة.
- قد تنفق أنت أكثر على فكرتك من الوقت، المال، الجهد، والأفراد، ولا يفعل صاحب الفكرة الأصلي نفس الشيء، فتنجح أنت أكثر منه.
- قد تحصل أنت على دعم وشهرة أكثر من منافسك، ربما لريادتك وتفوقك في مجال آخر، أو لسمعتك وشهرتك الشخصية، أو غيرها مما يؤهلك للريادة على منافسيك كافة، ولاسيما صاحب الفكرة الأصلي.
17. تصلب رأي فرد أو أكثر من الإدارة
تصلب الرأي نتائجه وخيمة، خاصة إذا كان في المكان الخاطيء. علاجه في تفعيل مبدأ "الشورى" Voting. بهذا يكون الرأي جماعي. اجتماع مجلس الإدارة ليس هو الحدث الذي تتباهي بذكر خبره أمام أهلك أو أصدقائك، ولكنه الحدث الذي يجب أن تتغير – على أثره – الأنشطة التي كانت تُمارس من قبل في الشركة للأحسن. هذا بافتراض أن المدير هو ذلك الشخص متصلب الرأي.
أما إذا كانت الإدارة ككل متصلبة الرأي، فالأفضل في هذه الحالة هو الاعتماد على الإحصائيات والنتائج التحليلية الموثقة التي تنفي أي شك في أن اتخاذ قرار بعينه سيؤثر سلبًا على مستقبل الشركة. هناك الآن الكثير من الشركات التي تقدم الخدمات الإحصائية والاستقصائية عن أي مجال. قم باستخدام هذه النتائج وابن قراراتك عليها.
18. أن تتجاهل وضع ميزانية التسويق ضمن ميزانية تأسيس الشركة ككل
البعض – حتى الآن – يتعامل مع التسويق على أنه مجهود فردي ذاتي، وليس مجهود منظم يجب أن يضطلع به شخص مسئول، بميزانية محددة سلفًا. لذلك حينما تقوم بتأسيس الشركة وتأتي لبند الميزانية، أنفق بسخاء على التسويق، ولكن بشكل منهجي غير مبذر ولا مفرط.
إذا كانت ميزانيتك محدودة ولا تستطيع الاضطلاع بإنشاء قسم خاص للتسويق، قم بطلب خدمات إحدى الشركات المتميزة في هذا المجال، سواء كاستشارة أو إدارة كاملة للخطة التسويقية. ولكن التسويق يجب أن يأخذ حجمه الكامل عند التفكير في تأسيس الشركة، وكذلك عند وضع الأرقام في الميزانية.
19. التعامل بمبدأ "اصنعه وسوف يأتون"
كما ذكرتُ في مطلع المقال، فإن نجاح الشركات والمشاريع لا يُبنى على الأحلام والآماني الرومانسية. ومن ضمن تلك الأحلام، أن يقوم رائد الأعمال بإنشاء منتجه/إعداد خدمته، ثم الجلوس في سعادة وأمل، وانتظار مجيء العملاء بأنفسهم. هذه أوهام.
بدون وجود خطة تسويقية واضحة، متعددة الجوانب، نشطة القنوات، لن تحصل على عملاء حقيقيين مستهدفين لشركتك. كيف يدري العملاء بوجودك، بينما أنت ترقد في الظل، تخشى الخروج ومواجهة الناس، ومعرفة ردود أفعالهم، والطريقة التي بها يرغبون في التعاون معك.
تعامل مع شهرة منتجك بواقعية، وقدّم خطة منهجية قابلة للتطبيق، بخطوات محددة، مرتبطة بالزمن، تستطيع فيها قياس الإنجازات.
أعلم أن المقال كان طويلًا بعض الشيء، ولكن وصولك إلى هذه الفقرة يعني أنك حقيقة حريص على تأسيس مشروع ناجح، وإظهار حلمك للنور.
في النهاية، هل هذه هي كل الأخطاء التي يرتكبها رائد الأعمال الشاب حال البدء؟ لا أستطيع الجزم بشكل قاطع في هذا الأمر، ولكني حرصت أشد الحرص على جمع أكثر الأخطاء التي قد تتسبب في سقوط الشركة في بدايتها، أو بعد البداية بوقت قصير.
أما إذا استمرت شركتك في البقاء لوقت أطول في السوق، فأظن أنك استطعت – بشكل كبير – التغلب على معظم الأخطاء الواردة في هذا المقال.
في رأيك، هل هناك أخطاء أخرى يجب أن نقوم بإضافتها إلى هذه القائمة؟ شاركنا برأيك في التعليقات.
أفضل التعليقات
لا توجد أية تعليقات بعد
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.