خدمة العملاء الجيدة لا تعني مساعدة العميل الذي يطلب المساعدة فحسب.
ذهبتُ يومًا مع أصدقائي لتناول العشاء عندما كنت مقيمًا في سان فرانسيسكو، كان للمطعم الذي قصدناه شعبية عالية؛ ما جعله مزدحمًا حينها.
بدأت العثرات تظهر خلال دقيقتين من جلوسنا -خلافًا لتوقعاتنا العالية-، عندما قدّم النادل المشروبات التي طلبناها لطاولة أخرى، لكن الأمور لم تتوقف عند هذا الحدّ إذ سرعان ما ازدادت سوءا، فقد أحضر النادل طبقًا مغايرًا لما طلبه أحدنا، وطبقًا محترقًا لآخر، في حين نسي أن يجلب وجبة لصديق ثالث، وأغفل أحد طلباتنا من المشروبات، وفي الختام؛ كان علينا أن نسأل المحاسب شطب طبقين لم نطلبهما لكنهما ذُكرا في الفاتورة.
لم نحدث ضجّة حول ذلك فقد كان عشاء مسليًا؛ وكانت الأخطاء تتزايد بشكل كوميديّ لدرجة جعلتنا نحتاج لضبط ضحكاتنا المتكررة.
ورغم ذلك، كتبت صديقة كانت معنا في العشاء رأيها وتجربة زيارتها للمطعم في اليوم التالي؛ كما اعتادت أن تفعل مع كل مطعم تزوره عبر موقع yelp، في الحقيقة لم تكن مراجعة مليئة بالمديح؛ لكن إدارة المطعم كانت مصغية، ففي نفس اليوم تلقت الصديقة ردًا على مراجعتها من مدير المطعم يطلب منها مهاتفته لشرح ما حصل، عندما اتصلت به هاتفيًا اعتذر بشكل بالغ؛ وقدم دعوة بوجبة مجانية لنا جميعًا كنوع من التعويض.
هذه القصة مثال جيدة على استعادة خدمة العميل (customer service recovery)؛ لكنني لا أشاركها من هذا المنطلق، وإنما لأوضح أن إدارة هذا المطعم -وآلاف الشركات الأخرى- يفهمون بشكل عميق الحقيقة التالية: الكثير من العملاء لا يخبرونك دائمًا بما يواجههم من مشكلات مع منتجك؛ عوضًا عن ذلك يختارون خدمات أخرى ويشاركون تجارب استخدامهم السيئة مع الآخرين.
وتوضح الدراسات هذه النقطة بشكل أفضل؛ إذ تبعًا لإحصاء أجراه مركز لي للموارد العالمية: لقاء كل عميل يشكو لك مشكلته؛ ثمة 26 عميلًا آخرين لا يخبرونك بشيء.
ولكنهم في كثير من الأحيان يشاركون الناس شكاويهم، ومن خلال إيجادك هذه الشكاوى ومعالجة أسبابها ستجني الكثير؛ ليس فقط على صعيد بناء علاقة أفضل مع عملائك؛ وإنما بإبداء حرصك على فعل كل ما من شأنه أن يُصحّح مسار عملك.
لا ينحصر عملك بحلّ المشكلات التي تأتي إليك، وإنما يمتدّ لحلّ تلك التي لا يخبرك العميل بها.
كيف تحل مشكلات عميلك؟ اخرج من صندوق بريدك الوارد
ثمة ثلاث طرق تمكّنك من جعل خدمة العملاء الصادرة outbound support أسهل لك ولفريقك:
راقب حساباتك على الشبكات الاجتماعية
حسنًا؛ أعلم أن هذه النصيحة متأخرة ثمانية سنوات لآتي وأقول "اشترك بمواقع التواصل الاجتماعي"، لكن هذا مهمّ؛ فالشبكات الاجتماعية هي المكان الأول الذي سيقصده عملاؤك للحصول على الدعم الفني.
من المريع رؤية كمّ حسابات تويتر التجارية والمهملة من قبل أصحابها، فقد اتضح من خلال الدراسات أن هذا الخطأ يكبّد الشركات خسائر لا يستهان بها؛ على سبيل المثال تشير دراسة غارتنر المنشورة عام 2012 أن فشل الدعم عبر قنوات التواصل الاجتماعية قد يزيد نسبة تخلي المستخدم عن الخدمة بمقدار 15%.
وبرأيي فإنه من الأفضل عدم وجود حساب لك على تويتر نهائيًا، من أن تبدو بمظهر من يتجاهل رسائل زبائنه.
فائدة: البحث في تويتر
لا تفترض أن يعرف زبائنك اسم معرفك على تويتر؛ في الحقيقة فقد أظهرت دراسة أن 3% فقط من الإشارات -mentions- للعلامات التجارية تكون باستخدام اسم المعرف؛ عوضًا عن ذلك يُستخدم عادة اسم الشركة أو المنتج. ابحث عن اسم شركتك أو منتجك على تويتر بشكل منتظم -ستساعدك بعض الأدوات على ذلك، فمثلًا تعطيك HootSuite تحديثات أوتوماتيكية لنتائج بحثك على الشبكات الاجتماعية، لترى ما يقوله الناس عنك.
اعرف مكان تواجد عملائك على الشبكة
على خلاف المطاعم؛ قد لا يتحدث زبائنك عنك على موقع yelp، لذا سيتوجب عليك البحث أكثر قليلًا؛ لكن إن كنت تهتم بتنمية العملاء -كما يفترض بك- فإنك غالبًا ستفهمهم بما فيه الكفاية لمعرفة مكان طرح نقاشاتهم على الشبكات الاجتماعية.
إذا كان عملاؤك من مطوري الويب؛ ربما سيشيرون إليك على مواقع من قبيل Stack Exchange أو Stack Overflow، أما إن كانوا يهتمون بالشركات الناشئة المختصة بالخدمات البرمجية SaaS startups، سيتجهون إلى Hacker News على الفور، وبغض النظر عن الخدمة التي تقدمها واهتمامات زبائنك، فغالبًا ما ستجد بعضهم في أحد المنتديات الفرعية لموقع reddit.
ستمكّنك متابعة المنصات الاجتماعية الخاصة بعملائك والمشاركة فيها من الانتباه لأيّة إشارة تذكر منتجك، ناهيك عن تحسين علاقتك بزبائنك وفهمك المتزايد لهم.
استخدم أدوات الرصد
هناك أدوات مخصصة للبحث في الويب وتنبيهك لدى ظهور أية إشارة لمنتجك أو علامتك التجارية في مكان ما على الإنترنت، وهي تتنوع ما بين أدوات البحث المجانية مثل: Social Mention.
وأخرى ذات الخصائص الكاملة والمدفوعة من قبيل: Moz’s Fresh Web Explorer.
تمكّنك هذه الأدوات من الاطلاع الدائم على ما يُكتب عن منتجك على الإنترنت؛ أين يشار إليه ومتى، ما يجعلها من الأدوات المهمّة للتسويق؛ وبذات الأهمية لخدمة دعم العملاء أيضًا.
كيف تستجيب لشكاوى العملاء؟
حسنًا، أنت الآن تقود الأمور بالاتجاه الصحيح وتصغي لعملائك في المكان المناسب، ما الذي يتوجب عليك فعله عند قراءتك لشكوى كتبها أحدهم عن منتجك؟
ببساطة: حلّ المشكلة.
تواصل معهم إما عبر القناة التي نشروا الشكوى فيها، أو بشكل شخصي باستخدام البريد الإلكتروني، وافعل ما بوسعك لإصلاح الأمور.
قبل حوالي عام من الآن، نشر مدوّن مراجعته عن عدد من تطبيقات المساعدة المكتبية بما فيها Groove، وأشار لبعض الخصائص التي أعجبته بـ Groove ولخصائص أخرى لم تعجبه أيضًا، في النهاية، ختم تدوينته بما يلي:
"إذا ما الذي اخترتُه؟
اخترتُ Help Scout، لما لديها من مجموعة مزايا بسيطة، واجهة استخدام هادئة، وخدمة يمكن الاعتماد عليها بالشكل الذي كنت أطمح إليه، لكن هذا لا يعني أن خياري مناسب للجميع، فقد أحببت Groove حقيقة، إذا كان حجم فريقك صغيرًا أو متوسطًا وتحتاجون لحلول دعم، سيكون Help Scout و Groove خياران رائعان لكم، أما إن كنتم فريق عمل كبير وتحتاجون المزيد من المزايا المتقدمة، قد تكون تطبيقات من قبيل Zendesk و Desk خيارًا مناسبًا لكم، فهما رائدان في هذا المجال."
لم تكن هذه الخاتمة رائعة بالنسبة لنا، لكن عوضًا عن الدفاع أو المطالبة بإزالة الجزء السلبي من المراجعة -وهي واحدة من أسوأ الأخطاء التي يمكن أن ترتكبها في خدمات الدعم الصادرة- فقد تواصلنا مع المدون لجعل الأمور أفضل، بعد عدة أسابيع نشر التحديث التالي:
"تحديث12-9-2013: بعد نشر هذه التدوينة، تواصل معي أليكس من Groove مستفسرًا عن سبب عدم اختياري لتطبيقهم، وأوضحت له أن الخيار كان صعبًا للغاية بين Groove وبين Help Scout، لكنني أحجمت عن Groove نتيجة ملاحظتي لعلّتين برمجيتين bugs أثناء استخدامي له في الفترة التجريبية، وسألني إن كنت سأعطي Groove فرصة ثانية، وافقت على ذلك فقد أحببت استخدامه منذ المرة الأولى.
والآن وبعد استخدامه مجدّدًا: لقد أحببته، إنه بسيط، سهل الاستخدام ومزاياه رائعة، لم أجد العّلتين البرمجيتين السابقتين، من مزايا هذا التطبيق سرعة التحميل، وسهولة التواصل مع الدعم الفني وسرعته، لـ Groove تطبيقات أخرى رائعة مثل Twitter integration وويدجت للمواقع الشخصية والتي أفكر بتجريبها قريبًا، إذا كنت تبحث عن تطبيقات دعم مكتبية سهلة الاستخدام، يمكنك تجربة Groove، بالنسبة لنا سنستخدمه لإدارة دعمنا".
ببساطة، وعن طريق الاستماع ومعالجة مشكلة لم يخبرنا أحد عنها، استطعنا تحويل عميل سابق إلى عميل مخلص على المدى الطويل.
اخرج من صندوق بريدك الوارد
مقابل كل 26 عميل غير راض، هناك عميل واحد فقط يختار إرسال شكوى بريدية لك وإخبارك بمشكلته، والأمر ببساطة أنه لا يمكنك تجاهل أولئك الذين اختاروا مشاركة شكاويهم مع الآخرين، لذا اخرج من صندوق بريدك، ابحث عنهم واستمع لهم، وافعل كل ما بوسعك ليكونوا سعداء، فخدمة العملاء المميزة لا تتوقف عند حدود بريدك ألإلكتروني.
تُرجم بتصرف عن مقال Your Customers Aren’t Telling You Everything لصاحبه Len Markidan.
أفضل التعليقات
لا توجد أية تعليقات بعد
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.