اذهب إلى المحتوى

يتسم فريقك بوجود أنماط سلوكيّة تحكم أداءه، وإذا تأملت هذه الأنماط فسوف تكتشف نقاط القوة والضعف لديه، ناهيك عن احتياجاته وسُبل تحسين أدائه.

ولاستكشاف هذه الأنماط بطريقة واضحة وسليمة، يُقسّم تطوّر فريق العمل إلى أربع مراحل، وهي التكوين، والصراع، والتوافق والأداء. لقد كان الأخصائي النفسي بروس تاكمان أوّل من وضع هذه المراحل، وذلك في محاولة لفهم تقدّم الفريق وتطور أفراده.

يُعد التعرف على هذه المراحل الأربعة ضروريًا للغاية، فهو يمكنك من فهم احتياجات الفريق في كل مرحلة، وكذلك الاستعداد لاحتياجات المرحلة اللاحقة. هيا بنا نتعرف على مراحل تطوّر الفريق الأربعة.

مرحلة التكوين

كما هو واضح من اسمها، في هذه المرحلة يتكوّن الفريق، ويتعرّف أفراده على المشاريع القادمة. من الطبيعي أن يتسم أفراد الفريق في هذه المرحلة بشيء من الحماسة، وربما التوتر والفضول تجاه ما ينتظرهم من مهمات. ولكن بغض النظر عن مشاعر أفراد الفريق، إلا أنهم يشتركون في شيء واحد، وهو أنهم جميعًا يتطلعون إلى قائدهم للحصول على المعلومات.

لذلك تقع على عاتقك في هذه المرحلة مسؤولية تزويد أفراد الفريق بمعلومات واضحة، وتحفيزهم للالتزام بها. وبمجرد أن يتعرّف أفراد الفريق على سياق المهمات المطلوبة منهم في هذه المرحلة، فسوف يزدادون ثقة بأنفسهم. يجب أن تقدّم نفسك في هذه المرحلة كقائد للفريق، وأن تعمل على تعزيز الثقة والشفافيّة، في ذات الوقت الذي توضح فيه لأفرادك مبادئ العمل في الفريق والإنجازات المتوقعة منه. يُعد الوضوح في هذه المرحلة أساس الاستعداد بنجاح للمرحلة القادمة.

سيناريو: قيادة الفريق في مرحلة التكوين

فريقك جديد ومتحمس للتعرّف على المشاريع القادمة، وكذلك للتعرف على بعضهم، وهنا يأتي دورك لتوضيح طبيعة العمل، وكذلك أبرز الإنجازات والمهام والأهداف المطلوبة من الفريق. ولأنك تدرك أن فريقك جديد، وأنه بحاجة لمن يشعره بالدعم والتحفيز والراحة النفسيّة، فإنك تستضيف لقاءً ليتعرف أفراد الفريق على بعضهم، ويشعروا بتقديرك لهم.

خلال اللقاء، سوف تستمع لكل فرد بعناية وتدوّن ملاحظاتك، لتأخذ أفكارهم وآراءهم في الحسبان عند وضع قواعد العمل في الفريق. بهذه الطريقة، سوف تكسب ثقة جميع الموظفين، وسوف تحفز أيضًا ثقة الموظفين ببعضهم.

مؤشرات وأسئلة يجب الاهتمام بها في مرحلة التكوين

ما هي أبرز سمات الفريق في مرحلة التكوين؟

  • التوتر.
  • القلق.
  • الخوف.

يتسم كل مدير بأسلوب مختلف عن غيره من المديرين، ولكن مهما كان أسلوبك، فثمة بعض الأسئلة المفيدة التي يمكن أن تطرحها على أفراد فريقك:

  • كيف تشعر حيال الأيام القادمة؟
  • هل تشعر بأنك تمتلك ما يلزم لتحقيق النجاح، وإذا لم تكن كذلك، فكيف يمكنني مساعدتك؟
  • كيف يمكنكم توفير الدعم لبعضكم؟

مرحلة الصراع

في هذه المرحلة، يبدأ فريقك بمواجهة العقبات بالتزامن مع البدء الفعلي للعمل. وفي حين أن الأمور كانت تسير في المرحلة السابقة حسب الخطة، إلا أن هذه المرحلة تتميّز بظهور عقبات لم تكن متوقعة.

ولتجاوز هذه العقبات، يجب أن يتسم التواصل بين أفراد الفريق بالوضوح، وأن يتعاونوا فيما بينهم، لا أن يتصارعوا. تُعد هذه المرحلة حساسة في عمليّة تطوير الفريق، ولذلك يتعيّن على مدير الفريق اكتشاف المعيقات، ومجالات التحسين، وكذلك نقاط القوّة في الفريق من أجل المضي به نحو الأمام.

في الحقيقة، تتفاوت الفرق فيما بينها، فقد يرى بعض أفراد الفريق في تدخلك تطفلًا ومصدرًا للإزعاج. وفي هذه الحالة، يجب أن تنزل إلى مستوى الأفراد لتفهم ما يدور بالفعل، وأن تفكر في سُبل لتحسين أداء الفريق، وتمكينه من إنجاز المهام وتجاوز العقبات.

سيناريو: قيادة الفريق في مرحلة الصراع

لقد مرت أسابيع على تشكيل الفريق، وتعرّف أفراد الفريق على بعضهم جيدًا، ولكن المشكلة أن الفريق بدأ يعاني من الضغط بسبب اقتراب مواعيد تسليم العمل، وهو ما يؤدي إلى وقوع الأخطاء. إنك تدرك أن ذلك ليس خطأ أي فردٍ من أفراد الفريق، ولكنك لا تريد في ذات الوقت أن يفقد أفراد الفريق تقديرهم لبعضهم، أو أن يتراجع أداؤهم.

لذلك تتجه إلى أفراد الفريق للحديث إليهم عن العقبات والمخاوف التي تواجههم، ونتيجةً لذلك، تدرك أنهم يخشون الحديث إليك، ويُفضلون العمل على تدارك هذه المشاكل بأنفسهم. وفي ضوء ذلك، تقرر عقد اجتماعات فرديّة مع أفراد الفريق للتعرّف على مشاكلهم عن قُرب. وبهذه الطريقة، يظل أداء الفريق ممتازًا، وتسود الثقة بين أفراده من جديد.

مؤشرات وأسئلة يجب الاهتمام بها في مرحلة الصراع

ما هي أبرز سمات الفريق في مرحلة الصراع؟

  • سماع الكثير من الشكاوى والمعوقات والمشاكل.
  • قد يكون تداول هذه الشكاوى بين أفراد الفريق أنفسهم، وقد يأتي الموظفون بها إليك مباشرةً.

أسئلة لابدّ من طرحها:

  • هل أنت متفرغ للحديث عن هذه المشكلة في اجتماع فرديّ؟
  • كيف أستطيع مساعدتك في الوقت الحالي؟

أمّا في اللقاءات الجماعيّة فيمكنك أن تسأل:

  • كيف يبدو الفريق الجيّد بالنسبة إليكم؟
  • كيف يمكنكم أن تساعدوا بعضكم لنصبح فريقًا جيدًا؟

مرحلة التوافق

في هذه المرحلة، تصبح معالم الفريق أكثر وضوحًا، إذ يكتسب أفراده الثقة بك، والثقة ببعضهم بعضًا، كما يصبحون أقدر على التعاون معًا في سبيل إنجاز المهمات وتحقيق الأهداف. في مرحلة الصرّاع، يتعرّف أفراد الفريق على سلوكيات بعضهم، ويكتشفون مواطن القوّة لديهم، وبالتالي يصبحون أقدر على توقع العقبات القادمة والاستعداد لها.

أمّا مرحلة وضع التوافق فتتسم بالانسجام، إذ يدرك أفراد الفريق في هذه المرحلة متى يتعيّن عليهم اللجوء إليك طلبًا للمساعدة أو التوجيه.

تُعد هذه المرحلة مثاليّةً لبناء علاقات وثيقة مع أفراد الفريق من خلال التجارب المشتركة، وكذلك التعرّف على كيفيّة تعامل فريقك مع المشاكل والعقبات التي تعترضهم.

سيناريو: قيادة فريقك في مرحلة التوافق

تصور التالي: لقد تطوّر فريقك كثيرًا، وبات يعرف كيف يوصل حاجاته إليك بفعاليّة. إنك فخور بالتطور الذي أحرزه فريقك، وليس ذلك فحسب، بل أنت فخور أيضًا بحفاظ أفراده على جودة العمل. في المقابل، يشعر أفرادك بالثقة والراحة عندما يتحدثون إليك عن مخاوفهم وتساؤلاتهم. في هذه المرحلة، تدرك أن فريقك قد تطوّر بالفعل وبات أفراده قادرين معًا على تحقيق إنجازات هائلة.

مؤشرات وأسئلة يجب الاهتمام بها في مرحلة التوافق

ما هي أبرز سمات الفريق في مرحلة التوافق؟

  • فريقك يطرح الأسئلة بطريقة مرتبطة بالذكاء الوجداني.
  • الفريق يتسم بالاستقلاليّة ويعرف أين يبحث عندما يحتاج شيئًا ما، كذلك يدرك أفراده متى يتعيّن عليهم مد يد المساعدة لبعضهم.
  • الموظفون يعتمدون على بعضهم ويتعاونون معًا بفعاليّة في ظل مشاعر من المودة والارتياح.

أسئلة يجب أن تطرحها على فريقك في مرحلة التوافق:

  • هل تشعر بالثقة والارتياح عندما تطلب مني المساعدة أو تستفسر مني عن شيء؟
  • ماذا تعلمت عن نفسك والآخرين حتى الآن؟ يساعد هذا السؤال أفراد الفريق على اكتشاف قدراتهم، وكذلك قدرات زملائهم.

مرحلة الأداء

بعد أن يجتاز فريقك المراحل السابقة، فإنه يصل إلى حالة من السلاسة يدرك فيها أفراد الفريق كيف يعملون معًا بطريقة متناسقة تساعدهم على تحقيق أهدافهم.

تُعد مرحلة الأداء مؤشرًا واضحًا على التناغم بين أفراد الفريق. في هذه المرحلة، يصبح أفراد الفريق قادرين على طلب المساعدة منك بأريحيّة، وليس ذلك فحسب، بل يتحينون الوقت الملائم للحديث إليك.

في مرحلة الأداء، سوف تلاحظ السلاسة في التواصل والحوار، وهو ما يتجلى في المعنويات المرتفعة والإنتاجية العالية والتفاعل الكبير بين أفراد الفريق. تُعد هذه الحالة مثاليّة لأي مدير يسعى إلى تطوير فريقه.

في هذه المرحلة كذلك، سوف يصبح فريقك قادرًا على تقييم الإيجابيات والسلبيات، واكتشاف الأمور التي سارت على ما يُرام وكذلك تلك التي لم تسر، بالإضافة إلى تحديد ما يحتاجون إليه في المستقبل.

سيناريو: قيادة الفريق في مرحلة الأداء

فريقك يمر بضغط شديد، وأنت تتابع تقدّمه، وأثناء نقاشك معهم تلاحظ قدرتهم على التعبير عن أفكارهم بثقة. كذلك تلاحظ أن أفراد الفريق يثقون ببعضهم، ويعهدون لبعضهم بتنفيذ المهمات بكل أريحيّة وسلاسة. وبينما تتابع تقدّمهم، تبدأ بطرح الأسئلة حول آليات العمل، فتلاحظ أنهم يتعاونون معًا على تقديم إجابات بناءة. في هذه المرحلة، يمكن القول إن الراحة النفسيّة قد تجسدت وأصبحت واقعًا في فريقك.

مؤشرات وأسئلة يجب الاهتمام بها في مرحلة الأداء

ما هي أبرز سمات الفريق في مرحلة الأداء؟

  • التواصل بوضوح وسلاسة، وهو ما يتجلى في تقدّم المشروع والذي يكون عادةً قد انتهى أو شارف على الانتهاء.
  • فريقك يشعر بالثقة والحماسة والرضا عن العمل.

أسئلة يجب أن تطرحها على فريقك في مرحلة التوافق:

  • كيف كانت تجربتكم مع هذا المشروع؟
  • ما هو أكثر شيء استمتعتم به؟ وما هو أكثر شيء كان شاقًا عليكم؟
  • كيف تغلبتم على العقبات سواءً على المستوى الفردي أو مستوى الفريق؟
  • كيف يمكنني دعمكم بشكل أفضل سواءً على مستوى الأفراد أو مستوى الفريق في المرّات القادمة؟

دورة تطوير الفريق

يحمل كل فريق احتياجات مختلفة عن غيره، وبالتالي قد تمر أثناء تطويرك للفريق بمراحل التطوير كما هي مرتبة أعلاه، وقد تجد نفسك في دورة متكررة من مرحلة أو مرحلتين من تلك المراحل. كذلك تتفاوت المراحل في مدّتها، وهي ليست متساويةً بالضرورة.

نعلم أن ذلك قد يبدو مربكًا، ولكن يجب أن تدرك أنه لا يوجد حد فاصل وواضح بين هذه المراحل، وذلك لأن أفراد الفريق يتطورون بوتيرة متفاوتة. وعندما تمر بمثل هذه الحالة، فمن الضروري أن تجري تقييمًا لاحتياجات فريقك.

في النهاية، يتلخص الهدف في توفير الراحة النفسيّة للموظفين، ومتابعة أنماطهم السلوكيّة، وملاحظة أي أنماط سلبيّة إن وُجدت. ابحث دومًا عن الحلول واطرح أسئلة ذات إجابات واضحة وقابلة للتنفيذ.

واعلم أن أفراد الفريق يتطلعون إليك بحثًا عن الدعم والتوجيه، لذلك يجب أن تحرص على إنشاء قناة حوار ثنائية الاتجاه، وذلك لتعبّد الطريق نحو نمو الفريق وتطوره.

في النهاية، يمكن القول إن قدرة أفراد الفريق على تجاوز العقبات وتحقيق الأهداف هي انعكاس لقدرتك على إدارة الفريق بنجاح.

ترجمة -وبتصرّف- للمقال From forming to performing: leading through the 4 stages of team development لصاحبته إريكا خانا Erika Khanna.

اقرأ أيضًا


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...