اذهب إلى المحتوى

يختص كاتب المقال الأصلي في علم نفس الأداء، وحاليًا هو طالبٌ يدرس علم الأعصاب، حيث أمضى مسيرته المهنية حتى اليوم، يعمل مع قادة وفِرق موظفين من مختلف مشارب الحياة، سواءً مع الفرق الرياضية المحترفة وفِرَق القوات الخاصة العسكرية وقائدي الطائرات التجارية وقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، أوحتى فِرَق المديرين التنفيذيين في مجال العمل التجاري، ويقول:

اقتباس

استوعبتُ الكثير حول ما يُنتِج قائد فريق ناجح، وفريق موظفين ذا أداء عالٍ، كما حالفني الحظ بأن عملتُ قائدًا تنفيذيًا مع شركات كبرى مثل أديداس وزالاندو في ألمانيا، وهو ما جعلني أختبِرُ الصعوبات المترافقة مع قيادة الفريق شخصيًا.

الوضع الحالي للفرق والقيادة

هناك نزعة حالية -على المستوى العالمي- تشهد فيها النماذج التجارية تحوُّلًا نحو الاعتماد على الأنظمة البيئة بدلًا من الفِرَق التقليدية، مع وجود فِرَق مَرنة بحاجة إلى التعاون عبر الأقسام المختلفة ضمنها، حيث يتوقف نجاح مؤسسة أو فشلها على نوعية التعاون بين الشركات والأشخاص، وفي نهاية المطاف فإنّ امتلاكك فريق ذو أداء عال هو ما يمنحك الميزة التنافسية.

ولكنّ نماذج الفرق عالية الأداء ونماذج قيادة الفريق السائدة حاليًا لا تتواءم مع الأبحاث الأخيرة، كما لا توفر تلك النماذجُ مُحسِّنات عملية لقادة الفرق التي يعمل موظفوها فوق طاقتهم، بحيث تُعزِّر ديناميكيات الفريق، بل تركّز على الشخصية أو التخصصات أو العمليات.

وقد رأى -مرارًا وتكرارًا- قادةً وفِرَق موظفين يجهدون لتحقيق أيّ تقدُّم فعلي أثناء تطبيق هذه المناهج؛ فكان الأمرُ أشبه بإجراء عملية في الدماغ باستخدام سكّين المطبخ بدلًا من استعمال أدوات مخصصة لتلك العملية. ولهذا فلا عجبَ في أنها لم تنجح، وعليه فإن السؤال المطروح هو:

اقتباس

ما الذي بوسع قادة الفرق فعله لتعزيز أداء موظفيهم؟

لقد أنجز العمل الصعب لأجلك، ووفقًا للأبحاث الأخيرة في علم الأعصاب، فقد تبيّنَ أن الإجابة على السؤال أعلاه هي: "علينا العمل بوصفنا فريقًا". سنذكر المزيد حول ذلك بعد قليل، ولكن دعونا نوضِّح معنى قيادة الفريق أولًا.

ما هي قيادة الفريق بالضبط؟

قيادة الفريق هي تهيئة القائد أو حتى أعضاء الفريق، للبيئةَ الملائمة لازدهار أعضاء الفريق، بحيث يتمثّل الدور الأهم لكل قائد فريق في مضاعفة جهوده عبر ضمان توفُّر الظروف الملائمة لأعضاء فريقه، ووضعها موضع التنفيذ، بحيث يؤدون مهامهم على أكمل وجه، فإذا تمكنتَ من تحقيق ذلك بوصفك قائدًا، فستكون قد جسَّدتَ قيادة الفريق، وهنا بالتحديد وجدنا أنَّ نماذج قيادة الفرق الحالية تُمنى بالفشل، حيث لم يكن هؤلاء القادة يوفرون بيئات أداء عالٍ للآخرين ليحققوا الازدهار، بل كان اهتمامهم منصرفًا إلى الإتيان بإمكاناتٍ قيادية فردية لم تُركِّز على الفريق ككل، بل على مساعدة أشخاص بعينهم في صعود السلَّم المهني وحدهم.

لقد أحالنا هذا الواقع إلى دراسة علم الأعصاب، الذي يمكن القول عنه أنه العلم السلوكي الذي جاء بالتطوّرات المعرفية الأسرع على مدى العقود القليلة الماضية، إذ يتمحور هذا العلم حول فهم كيفية عمل الدماغ، ثم يوظِّف هذه المعرفة الجديدة في إيجاد بيئات يمتلك فيها أعضاء الفرق مقومات النجاح. ويعني هذا البحث الثوري الجديد أنَّ علينا التخلّي عن الطريقة التي اعتدنا على التفكير وفقًا لها تجاه فرق الموظفين وقيادة الفريق، ومن ثم علينا إعادة تعريفها، بحيث نكرّس بيئات فِرَق متوافقة مع الكيفية التي يعمل بها الدماغ.

نموذج قائم على العلم لأداء فريق أفضل

يقول أندي لونغلي Andy Longley:

اقتباس

أمضينا السنوات الأربعة المنصرمة نتفحّص الأبحاث العملية المتوفرة، ونتحدّث إلى الجامعات الرائدة، ونجري بحثنا الخاص حتى نجحنا في إنشاء نموذج قيادة الفريق المسمى نموذج teamup.inc لقيادة الفريق، وذلك بناءً على علم الأعصاب المُطبَّق. لكننا نودّ تبسيط الأمور وجعلها قابلةً للتذكّر بالنسبة لك، ولذا أطلقنا على هذا النموذج تسمية We-Team-Up.

يدلُّنا البحث على أنَّ نقاط التركيز الثلاثة We وTeam وUp، وهي ما تحتاج لبناء فريق ذي أداء عالٍ:

  1. نحن We: أي كيف نستخدم الهدف والهوية والعلاقات لإنشاء السياق وبناء الثقة المشترَكَين بين أعضاء الفريق وقائده.
  2. الفريق Team: كيف نستخدم وضوح الدّور وأهداف الفريق والحوافز وتخطيط السيناريوهات، والعمل بتفضيل (بانحياز) ووفقًا لعملية اتخاذ قرارات، وذلك لتهيئة الظروف لأفضل أداء فريق ممكن.
  3. الارتقاء Up: كيف نحفِّز أعضاء الفريق ونطورهم ونوسّع مداركهم وندرِّبُهم للحفاظ على رفع مستوى إنجاز فريقهم.

01model-teamup-highres-1024x692.png

لقد جُعل النموذج المسمى We-Team-Up على شكل حلقة لانهائية عمدًا، وذلك لإلقاء الضوء على المسؤوليات التتابعية والمستمرة التي يتحملها قادة الفرق بهدف تشكيل أداء عال ضمن الفِرَق.

تُعَد قيادة الفرق مهمةً صعبة، فهي ليست تمرينًا يكفي فيه وضع إشارة ضمن الصندوق الصحيح، والذي بعد أن ننتهي من نشاط ما مع فريقنا نعدّ ذلك مُنجَزًا ثم ننتقل إلى الجانب التالي؛ لا، ليس الأمر بهذه السهولة، إذ إنّ فرق الموظفين تُعَد أنظمةً اجتماعيةً ديناميكية، كما أن علينا أن نراقب باستمرار إن كانت تلك العناصر الثلاثة (نحن- الفريق- الارتقاء) موضوعةً موضع التنفيذ وناجحة كذلك أم لا.

تنقسم الأدوار الثلاثة المذكورة أعلاه أيضًا إلى 15 خطوة عملية تطبِّقها مع فريقك، ولا ترتبط أبحاث الدماغ بثقافة ولا بمجال بعينهما، ولذا يمكن لأي فريق موظفين في العالم استخدامها للوصول إلى أداء عالٍ؛ أما الآن فلننظر بمزيد من العمق كي نحظى بفهم أفضل لقيادة الفريق، ولِما بوسعك فعله لضمان جاهزية فريقك لتحقيق النجاح.

نحن: هدف وهوية مشتركان

  1. الهدف.
  2. الهوية والعدوّ.
  3. الأمان النفسي.

يُعَد بناء هذه الـ "نحن" الخاصة بالفريق أساسيًا، فبدونها لن يكون هناك أداء عالٍ، حيث تُنشِئ العواملُ التي تكوّن هذه الـ "نحن" سياقًا مشتركًا بين أعضاء الفريق، وللإتيان بتلك العوامل عليك توضيح الهدف المشترك لفريقك، وتدعيم هوية فريقٍ فريدة، وكذا التعريف بطقوس الفريق ورموزه التي ستبقى جزءًا من ذلك، إلى جانب تحديد عدوّ للفريق وتشكيل حسّ بتاريخ مشترك بين أعضائه.

أما العامل التالي الأساسي لتلك الـ "نحن"، فهو تكريس ثقافة فريق إيجابية وأمان نفسي، بحيث يشعر أفراد الفريق بأن بوسعهم أن يتصرفوا على طبيعتهم ويسهموا ويتحدوا العقبات أيضًا.

الفريق: توجيه وتعاون جماعيان

  1. الأهداف.
  2. الأدوار/ القواعد/ أوجه الترابط.
  3. الحوافز.
  4. أوجه التواصل: الذهاب أبعد من الفرضيات.
  5. تخطيط السيناريو.
  6. خرق الانحياز.

تتعلق عوامل "الفريق" بتوفير وضوحٍ لفريقك، وتقليل مَواطن الريبة أو عدم اليقين، ونزع المخاطرة عن القرارات المتخذة. ولبناء عوامل "الفريق"؛ ضع أهدافًا تحفيزيةً يتشرّبها زملاؤك، وأهدافًا توسِّع مهاراتهم، ولا تترك مجالًا للريبة حول استراتيجية الفريق ودورِه ووضعِه وحول السلوكيات المتوقعة ضمن فريقك.

احرص على أن تقود الحوافزُ مزيجًا من السلوكيات الفردية وسلوكيات الفريق المشتركة التي عليك تنفيذها، وعلى أن تكون المكافأة التي تَمنحُها قريبةً من زمن الإتيان بالفعل الإيجابي الذي تُكافِئ الموظف عليه قدر الإمكان.

يقول مايك كرزيزيسكي، مدرِّب كرة السلة الأسطوري:

اقتباس

يبدأ العمل الجماعي الفعّال بالتواصل وينتهي به.

عليك بوصفك قائد الفريق أن تعزز التواصل بين الزملاء، ويعني ذلك إجراء حوار مع الموظفين وجمع ملاحظاتهم وتقييماتهم للذهاب أبعد من الافترضات والتحيُّزات، وبدلًا من ذلك عليك جعل الفريق يتواصل بطريقة تتجنّب التفكير الجماعي وتحيّزاتِنا الأخرى اللاواعية.

الارتقاء: التحفيز والتطور والنمو

  1. التحفيز & واليقين، والرقابة والعلاقة والمساواة والحالة الاجتماعية، والتي تُختصر جميعها إلى CARES.
  2. الرفاه.
  3. تمدّد الفريق/ توسيع مدارِكِه.
  4. القدوة.
  5. التمرن والتجريب.
  6. التقييمات/ الملاحظات.

ولكي تحافظ على زيادة أداء الفريق مع مرور الوقت- بوصفك قائدًا له-؛ فعليك التركيز على عوامل "الارتقاء"، إذ يصعب فهمُ تطلّعات أعضاء فريقنا ومحفزاتهم الفردية، ولذا فمن المهم أن نفهم ما يحفّز معظم الناس عمومًا.

علينا تحفيز فريقنا، وذلك يعني ضرورة التركيز على ما "يهتم به الدماغ"، حيث سيواجه كل عضو في الفريق (بمن فيهم أنت بوصفك قائد الفريق) تهديدًا قويًا أو ردّة فعل تتمثل بمكافأة، وذلك استجابةً لخمسة عوامل متوقَّعة هي:

  • اليقين Certainty.
  • الهيئة/ الرقابة Agency.
  • العلاقة Relation.
  • المساواة Equity.
  • الحالة الاجتماعية Social Status.

فأعضاء الفريق بحاجة إلى الشعور بأنهم على يقين بما هو قادم، وبأن هناك هيئة ورقابة تشرف على عملهم، وأن لديهم علاقاتٍ إيجابية، وموقفًا اجتماعيًا ضمن الفريق، وبأن هناك معاملة قائمة على المساواة بين أعضاء الفريق. كما إنّ هناك دورًا كبيرًا عليك أن تؤدّيه لضمان جاهزية أعضاء الفريق لتنفيذ ما عليهم، وذلك بتعزيز الراحة والرفاه لهم. بالنهاية، يتطلب الارتقاء بالمعايير مع مرور الوقت؛ ضرورة تكريس ثقافة فريق ذي أداء عالٍ، مثل الاحتفال بالنجاح والامتنان للإسهامات المقدَّمة والارتقاء بنماذج القدوة الإيجابية.

يُحفِّزُ قادة الفرق العظماءُ الأعضاءَ على التمرن والتجريب، ويشجعون على تقديم الملاحظات/ التقييمات للحفاظ على مستوى عالٍ من الأداء، بالتوازي مع التشجيع على التعلُّم من الفشل.

6 نقاط أساسية لتطبيقها اليوم أثناء قيادة الفريق

نحن: نصائح حول الهدف والهوية المشتركين

  • العمل مع فريقك، والتعاون في إنشاء هدف مشترك خاص بفريقك، فمن المؤكد أنّ لذلك الهدف معنى على المستوى الشخصي، وأن كل عضو في الفريق قد أسهم في تحقيقه.
  • اعمل باستمرار لإنشاء هوية فريق فريدة، وقوِّ هذه العضوية الموجودة داخل الجماعة عبر التشكيل الجماعي لعادات الفريق وطقوسه وتاريخه المشترك، وحتى عدوّه المشترك مثل البطء في اتخاذ القرارات أو التأخر في إنجاز المهام.
اقتباس

نصيحة احترافية: إذا كنت تبحث عن الإلهام حول كيفية فعل ذلك، فلا تنظر أبعد من الفرق الرياضية العظيمة، إذ تُشكِّل تلك الفِرَق هويات راسخة عبر أسمائها وهتافاتها ولباسها الرسمي وطقوسها وحكاياتها المشتركة.

الفريق: نصائح حول التوجيه والتعاون الجماعيين

  • اضمن أن دور أعضاء الفريق ومسؤولياتهم واضحة تمامًا لهم، فمن شأن هذا الوضوح واليقين أن يقلل من التوتر، ويجنّب انخفاض الفعالية بالنسبة لأعضاء فريقك. وتبرز أهمية ذلك خصوصًا في أوقات العمل عن بُعد، والتي يقلّ خلالها الوقت الذي نقضيه معًا بوصفنا فريقًا، وهو ما يمثل المصدر الذي نستمد منه ذلك الوضوح.
  • استخدم تخطيط السيناريو الشَّرطي لمساعدة الفريق على الاستعداد لمختلف الاحتمالات، وناقِش تلك الاحتمالات وخطط لها بحيث لا يختبر الفريق تحمّل الضغط الذي يتولد عن الخطط فحسب، بل ويتصرف بِحسمٍ عند الضرورة.

الارتقاء: نصائح حول التحفيز والتطور والنمو

  • ادعم تطوّر فريقك بأهداف التمدد أو توسيع المَدارِك، فإذا شعر أعضاء فريقك بأنهم يحققون تطورًا ونموًا، فسيجدون ذلك مُحفّزًا إلى حد بعيد، وهذا مهم خصوصًا في أوقات العمل عن بُعد أو في العمل الموزَّع الذي يقل خلاله تواصُلُنا وتفاعلنا الاجتماعي، وهو ما يُفقِدُنا التحفيز. كما علينا أن نكون أكثر جدّيةً أو تعمّدًا في كيفية تحفيز زملائنا.
  • شجِّع على التجريب وذلك بالتعامل مع الفشل بوصفه فرصةً للتعلُّم، إذ سيزداد احتمال أن يجرّب أعضاء فريقك ويبتكروا، إذا لم يُعاقَبوا على الفشل الذي ينبغي أن يُستبدَل بمراجعته من منظور "الدروس المُستقاة منه".

قيادة فريقك إلى تحقيق أداء عال تتطلب وقتا

نقرّ بصعوبة إنشاء بيئةِ أداءٍ عال لفريقك بوصفك قائدًا له، وبأن الأدوات والأساليب التي ربما استخدمناها سابقًا لم تَعُد تأتي بقيمة، وذا جُمِعت آخر الأبحاث المُطبَّقة على قيادة الفريق ضمن نموذجنا teamup.inc، بحيث لم تَعُد مضطرًا لفعل ذلك.

وبفضل هذا المنظور الخاص بقيادة الفريق، وتلك الخطوات الستة المذكورة أعلاه، فستكون قد أصبحتَ جاهِزًا لتبدأ بالارتقاء بأداء فريقك.

ترجمة -وبتصرّف- للمقال What is effective team leadership, and how you can achieve it لصاحبه Andy Longley.

اقرأ أيضًا


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...