إن كنت تبحث عن أكثر ما يجعل العمل جذابًا للموظفين الأكفاء، فستجد ضالتك في الدوام المرن. ليس الموظفون الأكفاء فحسب من يحق لهم إجراءات دوام أكثر مرونة، بل عندما يُسمح لكافة الموظفين بالعمل عن بعد أو وفقًا للجدول الزمني الذي يناسبهم، فسيلمس أصحاب العمل تحسنًا كبيرًا في الروح المعنوية والولاء والإنتاجية.
لماذا يهتم الموظفون بالدوام المرن؟
ليس الآباء وحدهم من يسعون خلف الدوام المرن. يرغب الموظفون في الدوام المرن لعدد من الأسباب -و تحقيق توازن أفضل بين العمل والحياة الشخصية هو واحد فقط من تلك الأسباب. ومع تطور فهمنا لعلم النفس، أدركنا أن لدى الأشخاص أنماط إنتاجية مختلفة. شخصيًا، أنا أعمل من المنزل كثيرًا و أكثر وقتي إنتاجية هو من 6-7 صباحًا، الفترة الصباحية جيدة بشكل خاص للتركيز على الأشياء التي تتطلب الانتباه إلى التفاصيل أو للتفكير الإبداعي، لأن الجميع لا يزال غير متصلًا بالإنترنت ولن تتم مقاطعتي برسائل البريد الإلكتروني أو الرسائل الفورية. في حين هناك من يعمل بكفاءة ضمن ساعات العمل التقليدية من 9-5، يجد البعض الآخر نفسه أكثر إنتاجية قبل 9 صباحًا من أي وقت بعد الظهيرة. علاوة على ذلك ربما يكون الأشخاص الليليين قادرين على تحقيق نتائج عظيمة، ولكن ليس خلال ساعات الذروة. قد يشعر بعض الموظفين بأنهم أكثر إنتاجية عند العمل من المنزل، حيث تقل المقاطعات ويمكنهم الاستفادة من بعض وسائل الراحة. قد يكون آخرون من مقدمي الرعاية لكبار السن أو لديهم مواعيد طبية متكررة مما يتطلب المرونة. ومهما كان الأمر، يجب أن يُدرك أصحاب العمل أن منعهم لما تحمله المرونة من فرص يحرمهم من الوصول إلى الموظفين ذوي الأداء العالي.
الدوام المرن هو مفتاح الإبداع
يكشف عدد هائل من الدراسات، والاستقصاءات، واستطلاعات الرأي أن الدوام المرن هو الملك عندما يتعلق الأمر بالامتيازات في مكان العمل. في أحد الاستبيانات، أظهر موقع Glassdoor أن 80٪ من عينة البحث اختارت الامتيازات على زيادة الرواتب، وذكر 60٪ أن الامتيازات كانت عاملًا رئيسيًا في اتخاذ القرار بشأن قبول الوظيفة من عدمه. ووجدت دراسة أخرى من قبل موقع CV Library أن ميزة الدوام المرن تجاوزت بكثير الامتيازات الأخرى لبيئة العمل، بما في ذلك قانون الزيّ غير الرسمي والمكافآت الموسمية. ووجد موقع Modis أيضًا أن 50٪ من العمال يعتبرون المرونة أعلى ميزات وظائفهم، حتى عند المقارنة بإجازة غير محدودة والرعاية المجانية للأطفال. وعلاوة على ذلك، ذكرت مجلة (Harvard Business Review) أن 88٪ من العمال يشعرون بأن ساعات الدوام المرنة يمكن أن تحملهم على الانتقال من وظيفة أعلى إلى وظيفة أدنى أجرًا.
مزايا الدوام المرن بالنسبة للشركات
لا يكفي ببساطة أن يرغب الموظفون بالدوام المرن - فالشركات بحاجة إلى رؤية مزايا الأمر. لحسن الحظ، تشير الدلائل إلى أن للعمل المرن ميزة مالية على العمل التقليدي. فالعمال عن بعد أكثر سعادة، وبالتالي أكثر إنتاجية من نظرائهم في المكاتب، هذا أولًا. علاوة على ذلك، يمكن للعمل المرن أن يعزز بشكل ملحوظ الولاء للشركة، وهذا يعني انخفاض معدل تبدل الموظفين وتسهيل عملية التعيين. يوسع الاتسام بالمرونة أيضًا نطاق مواردك للموهوبين. فبدلًا من توظيف شخص ما لمجرد أنه يعيش في المكان المناسب، يمكنك توظيف أفضل شخص لهذه الوظيفة. وتشجع المرونة والعمل عن بعد الأداء الذي يُركزّ على النتائج، و الذي له التأثير المباشر على الإنتاجية. ويمكن للدوام المرن أن يقود لتعزيز الولاء والأداء والحماسة مع تخفيضه للمصاريف الإدارية. من خلال تنفيذ خطة الدوام المرن استطاعت شركةAmerican Express توفير 10-15 مليون دولار سنويًا في تكاليف العقارات. وعلى الرغم من كل ذلك، فإن 37٪ فقط من الشركات الأمريكية لديها سياسة عمل مرنة، وقلما ما تُطرح المرونة ضمن مواصفات الوظيفة. وهنا يبرز السؤال …
لماذا لا تعتمد جميع الشركات الدوام المرن؟
هذا ليس خطأ التكنولوجيا. إن برمجيات التعاون الجماعي وأدوات إدارة الأداء توحد الأشخاص حول العالم لتنظيم الأهداف والتعاون عن بعد.
إذاً أين العائق؟
العائق الاكبر هو معارضة الإدارة - وبعبارة صريحة - عدم إيمانها بالموظفين. صرّح Cary Cooper، أستاذ علم النفس التنظيمي والصحة في كلية إدارة جامعة Lancaster للإدارة، لصحيفة الغارديان البريطانية:
اقتباس“[أصحاب العمل] لن يقولوا ذلك أبدًا، ولكن هذه هي الحقيقة. هم يريدون الناس في المكتب رغبةً في أن يروا إمبراطورياتهم الصغيرة أمامهم. الأمر يتعلق كليًّا بالثقة، وبعدم كفاءة أصحاب العمل ممن لا يعرفون كيفية إدارة الناس عن بعد. “
Luke Hughes، المدير الإداري في مركز Origym، يؤيد هذه النظرية:
اقتباس“أعتقد أن العديد من أصحاب العمل يخشون من الدوام المرن. فهم في كثيرٍ من الأحيان لا يمتلكون البنية التحتية في الشركة، سواء من الناحية التكنولوجية أو الضوابط الحكيمة، التي يمكنها أن تجعل من الشركة أنموذجًا ناجحًا. وبدون آليات لتتبع الأهداف والإنتاجية، يظهر عامل الخوف من عدم إنجاز أي عمل “.
ويبدو أيضًا أن هناك تخوفًا بسيطًا من التغيير.حيث ذكرت Sarah Jackson,، الرئيس التنفيذي لمؤسسة الأسر العاملة، لمجلة HR:
اقتباس“جزء من المشكلة هو أننا نعمل بجد وسرعة كبيرتين، لذلك إذا استقال شخص ما، فإن أسهل ما يمكن القيام به هو استبداله بشخصٍ ليقوم بنفس الأمر. لذلك تجد الرتابة للعاملين ضمن دوامٍ تقليدي مما يعني عدم الحاجة إلى التفكير بالأمر. التوظيف المرن يتطلب منك التوقف للحظة و القول: “هل يمكننا أن نفعل ذلك بشكل أفضل؟ هل يمكننا إعادة النظر في هذه الوظيفة؟”
كيف يمكن للشركات الحديثة أن تدمج المرونة؟
التغيير التنظيمي ليس سهلًا. يستغرق الأمر وقتًا وجهدًا لإصلاح الخلل وضبط التفاصيل. ولكن في النهاية، فالنتائج تؤتي ثمارها. عند الانتقال إلى بيئة عمل مرنة، يجب على موظفي الموارد البشرية والمديرين أن يضعوا في اعتبارهم الركائز الثلاث التالية
1. إعطاء الأولوية للتواصل الهادف و المنتظم
كما هو الحال مع أي تغيير تنظيمي، يجب إعطاء الأولوية للتواصل. الموظفين بحاجة إلى التواصل المنتظم مع أقرانهم من أجل أن يشعروا بأنهم جزء من الفريق. كما أنهم بحاجة إلى تواصل مستمر مع صاحب العمل، حيث سيساهم في إرشادهم، وإبقائهم على المسار الصحيح، ويمنحهم الدعم الذي يحتاجونه بشدّة. وهناك عدد من أدوات الاتصال عبر الإنترنت يمكنها أن تساعد في هذا.
2.تعزيز الثقة
إذا كنت تدخل مجال الدوام المرن مع افتراض أن موظفيك سيخونون ثقتك، فأنت تهيئ نفسك للفشل. الدوام المرن - للفريق الناجح وللشركة - يتطلب أساسًا من الثقة. تذكر: لقد وظفت هؤلاء الموظفين لسبب ما. كنت تؤمن أن لديهم المهارات والقدرات لأداء وظائفهم بشكل جيد، لذلك عليك أن تثق بهم للقيام بذلك. إصدار الأحكام ومحاولة السيطرة لهما ضريبتهما. في نهاية المطاف إذا أظهر الموظفون عدم استحقاقهم للثقة، فيمكنك عندئذٍ اتخاذ الخطوات اللازمة لتصحيح الموقف.
3. تعيين أهداف واضحة وذكية
الدوام المرن سيعمل بشكل أفضل إذا كنت تركّز على النتيجة بدلًا من ساعات العمل. وهذا سيقلل نزاعات الإدارة عند تحقيق نتائج حقيقية. وعلى هذا النحو، يحتاج الموظفون والمديرون إلى التعاون على أهداف ذكية ويتعين على الموظفين أن يكونوا واضحين تمامًا بشأن ما يجب القيام به، وكيفية القيام به، و كيفية تحقيق الأهداف. وطالما أن المديرين يتبعون هذه النصائح ويسعون باستمرار نحو طريقة مبسطة وفعالة للعمل المرن، فسيتحصلون على موظفين أكثر سعادة وأكثر ولاءً وأكثر إنتاجية من أي وقت مضى.
ترجمة -وبتصرّف- للمقال Flexible Working is a Win-Win for Employees and Companies Alike لصاحبه STUART HEARN
حقوق الصورة البارزة محفوظة لـ Freepik
أفضل التعليقات
لا توجد أية تعليقات بعد
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.