قد يكون من الصّعب أن تترك بكلِّ بساطةٍ الأعمال التي يجب عليك القيام بها وتفوّضها إلى شخصٍ آخر، لكنّ تفويض المَهام أمرٌ لا مناص من فعله، وهو هامٌّ لك وللشخص الذي تفوّضه في المَهمّة على حدٍّ سواء.
فإذا لم تفوّض أيّة مهام لغيرك فلن تنهي جميع الأعمال التي يجب عليك القيام بها، أما إذا كُنت تفوّض الكثير من المهام لغيرك فإنّك قد تجعل مهمة مُوظّفيك (الذين تُفوّض إليهم) صعبة جدًا.
اقتباس"حتّى إن كنت تعلَم أنك ستنجز العمل بجودة أكبر من الموظف الذي ستفوّض المهمّة إليه بنسبة 30%، فإن الوقت الذي تستغرقه لمراجعة أعمال الموظفين كلّ بضع ساعات ومطالبتهم بعدم اتّخاذ أبسط القرارات بدون موافقة مسبقة، يكلّفان المزيد في فقدان الروح المعنوية والشغف للعمل، ويدمّر احترام الذات لدى موظّفيك فيحقّق ضررًا أكثر من الـ30% التي تعتقد أنك ستضيفها " - Scott Berkun (كاتب ومتحدّث)
عندما تفوّض بعض المهام إلى مُوظّفيك، فأنت بذلك تخبرهم عن مدى ثقتك بهم وبأنّهم سيؤدون العمل على أكمل وجه. عندما تفوّض المهام، يجب عليك أن تفعل ذلك وأنت مؤمنٌ أن موظّفك سينجز العمل على النحو الصحيح.
لا تراجع أعمال موظّفيك كلّ عدّة ساعات، سيطلق عليك لقب "المدير المُدَقّق" (micro-manager) وهو في الواقع يعبّر عن ذلك النوع من المدراء الذي يتحكّم من خلال الرقابة الصارمة ولا يرضى بأي طريقة لإجراء العمل غير التي يختارها وهو بذلك يقتل الابتكار والإبداع ويشعر موظّفيه أنهم محاصَرون ولا يتمتّعون بأي نوع من الحرية في اتخاذ القرارات.
إذا كنت غير واثق من قيام موظّفيك بالعمل على أكمل وجه، فقم به بنفسك من البداية. وعِوَضًا عن ذلك، ما يجب عليك فعله هو أن تتأكّد أنّ الموظفين يفهمون المَهمّة الموكلة إليهم بشكلٍ صحيح حتى لا تدع مجالًا للخطأ الذي يمكن تفاديه. ففي غالب الأمر يكون انعدام الوضوح هو سبب سَير عملية التفويض على نحوٍ خاطئ.
الموظفون يحتاجون للاستقلال لكي يتطوّر أداؤهم. وإذا لم تمنحهم إيّاه، سيفقدون حماسهم واهتمامهم بالمهمّة التي يؤدّونها . هذا حدث لي مسبقًا، ويمكنني أن أخبرك بكلّ وضوحٍ أن هذا الأمر (انعدام الاستقلاليّة) يدمّر التّحفيز الدّاخلي لديهم. أتذكرُ كيف كان بذلي للمجهود يتضاءل كلّ مرّةٍ يُطلب مني العمل على مهمّةٍ أعلم أنّ مديري سيعيد العمل عليها على كلّ حال.
كما ذكرتُ سابقًا، إذا لم تكن تنوي الوثوق بي وبمقدرتي على أداء العمل بشكلٍ كامل، فمن الأفضل أن تفعله بنفسك.
أوصي بالمتابعة المستمرّة من خلال إجراء مسوحات الموظّفين (Employee surveys) لقياس مدى شعور الموظّفين بالاستقلاليّة. إذا كان منخفضًا، أو بدأ في الانخفاض، سيكون من الواجب اتّخاذ قرار ما حيال ذلك.
التفويض في أداء المهام أمرٌ هامٌّ لإنتاجيّتك ولتطوُّر موظّفيك، لكن هناك ثلاثة أمور يجب وضعها في الحسبان عند تفويض المهام:
1- أعط تعليمات بالغة الوضوح
هذا هو الفارق بين التفويض الناجح وغير النّاجح.
عندما توكل مهمّةً إلى موظّفيك، يجب أن تتأكّد من أنّك أعطيتهم تعليماتٍ واضحة حول الأمور التي يجب عليهم فعلها، النتائج التي تتوقعها، والمصادر التي يمكنهم الرجوع إليها إذا احتاجوا للمساعدة.
لا تذكر الكثير من التفاصيل، فذلك يمكن أن يوحي للشخص الذي تفوّض إليه أنّك تشكّ في ذكائه أو شيء من هذا القبيل، لكن تأكّد من أن الموظّف يفهم بوضوح ما الذي يجب عليه أداؤه والأطُر الزمنيّة لذلك.
يمكنك أيضًا تقسيم الوظيفة إلى مهَمَّات صغيرة لتستطيع وضع معالم عامة للإطار الزّمني وتتبّع تقدّم المهمَّة.
2- تعقب وتابع التقدم
قد تكون هذه النقطة شائكةً بعض الشيء، لأنني ذكرت مسبقًا أنّك عندما تفوّض مهمّة ما إلى أحد الموظّفين فإنّك يجب أن تمنحه الاستقلاليّة. لكن في الوقت ذاته، قد تسير الأمور على نحوٍ خاطئ إذا لم تشرف على المهمّات حتى تمام إنجازها.
قد لا يقوم الموظّف بأداء المهمّة على النّحو الصحيح، وليس من الجيّد بالتّأكيد أن تظلّ بمعزلٍ عن ذلك طوال الوقت.
يمكن للتقنية أن تساعدك. يمكنك استخدام تطبيق Trello في هذا المجال، وهو تطبيق لإدارة المهام يحتوي على العديد من القوائم المتنوّعة لعرض سير المهمات. على سبيل المثال، في حالة متابعة كتابة التدوينات، أوّل قائمة في الواجهة تكون "ما يجب إنجازه" والثانية "ما تمت كتابته" والثالثة "ما تم تحديد تاريخ نشره في ووردبريس" (تمّت جدولته)) والأخيرة "ما تم نشره”.
استعمال هذا التطبيق يُساهم في جعل كل شخص مَعنيّ بالمهمّة ملمًّا بمسار العمل والتقدّم. القيام بذلك لا يُدرج تحت بند "الإدارة الدقيقة" micromanaging التي سبق وأن ذممتها في المقال، لأنك بذلك لن تطالب الموظّف باستمرار بالتحديثات المستمرّة في كلّ وقتٍ وحين. لكن على سبيل احترام العمل والانضباط، يجب أن يكون جميع المعنيين بالمهمّة عالمين بمسار التقدّم.
3- علم موظفيك وادعمهم
هذا هامٌّ خاصّةً في البداية. يجب أن تدعم موظّفيك في البداية لتتأكّد أن أمورهم ستسير على ما يرام قبل أن تطلق لهم العنان.
اعرِض عليهم أن تجالسهم لمدة نصف ساعة مثلًا لتعلمهم المهارات الأساسيّة واستخدام الأدوات التي يمكن أن تفيدهم في أداء المهمة.
التغذية الراجعة في البداية قد تكون جيّدة، وقد تساعد في إرشاد الموظّفين للاتجاه الصحيح.
أتمنى أن يكون المقال قد وضعك على الطريق الصحيح للتفويض، إذا كنت تتبع طريقةً معيّنة لتفويض المهام فحدّثنا عنها في خانة التعليقات
ترجمة -وبتصرُّف- للمقال 3Simple Things To Remember When Delegating Tasks لصاحبه Jacob Shriar.
حقوق الصورة البارزة: Designed by Freepik.
أفضل التعليقات
لا توجد أية تعليقات بعد
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.