اذهب إلى المحتوى

في هذا المقال من سلسلة مقالات مدخل إلى عالم الأعمال سنتعرف على أهم التوجهات الحديثة الرئيسة التي تؤثر في الطريقة التي تدير فيها الشركاتُ الإنتاجَ والعمليات، كما سنتعرف على أبرز التوجهاتُ الحديثةُ التي ستؤثر في اﻹنتاج وإدارة العمليات في الولايات المتحدة حاليًا ومستقبلًا

التوجهات الحديثة التي ستؤثر في اﻹنتاج وإدارة العمليات في الولايات المتحدة حاليا ومستقبلا

أضافَ التوظيفُ في قطاع التصنيع مليون وظيفة للمَعامل في ذلك القطاع، منذ نهاية الركود الكبير الذي سادَ بين عامي 2007 و2009، ليصل مستوى ذلك التوظيف إلى 12.5 مليون في ديسمبر من عام 2017، وقد تضاعفت الصادرات اﻷمريكية أربع مرات على مدى السنوات الخمسة والعشرين الماضية، كما جعل دمجُ التقنية في عمليات التصنيع، الشركاتِ المصنِّعةَ اﻷمريكيةَ أكثر تنافسية، وتكشف هذه اﻹحصاءات؛ أنَّ اﻻقتصاد اﻷمريكي آخذٌ في التقدم.

ومع ذلك، فالتغيُّرات السريعة في التقنية، والمنافسة العالمية المُحتدِمة؛ وخاصة من قِبَل بعض دول آسيا، تثير القلق بشأن المستقبل؛ فهل ستحل التقنية محل كثير من الوظائف؟ أو هل يُعَدُّ اﻻعتمادُ المتزايد على التقنية أمرًا لا غنىً عنه، لقدرة الولايات المتحدة على المنافسة في السوق العالمية، في ظل توقعات بوجود عدد غير كافٍ من العمال المؤهلين؟ وهل ستفقد الولايات المتحدة مكانتها في السباق المستمر لقيادة اﻻبتكار؟ وماذا عليها أن تفعل لضمان أن يكون طلابُ اليوم مبتكرين، وعلماء في المستقبل؟

تكشف دراساتٌ استقصائيةٌ حديثة؛ أنَّ العثور على العمال المؤهلين ما يزال يمثّلُ مصدرَ قلق كبير، يواجه قطاع الصناعة اﻷمريكي في يومنا هذا، فإذا أرادت الولايات المتحدة الحفاظ على تفوقها التنافسي، فهناك حاجةٌ للمزيد من اﻻستثمار العلمي، والبحثي، على المستويَين الخاص، والفدرالي على حد سواء، وماذا عن الدور الحاسم للتقنية؟ هذه بعض التوجهات الحديثة التي تواجه الشركات اليوم، والتي سوف ندرسها فيما يأتي.

لم يعد العمال اﻷمريكيون، ببساطة، ينافس بعضُهم بعضًا فحسب، بل أصبحوا ينافسون العمالَ في البلدان اﻷقل تقدُّمًا -أيضًا- الذين يتقاضون أجورًا أقل، ويتمتعونَ بتوظيف متزايد للتقنية الحديثة، وأساليب اﻹنتاج، وينطبق هذا بوجه خاص على الشركات المصنِّعة؛ التي تعد مسؤولةً عن الجزء الأكبر من صادرات الولايات المتحدة، والتي تتنافس مباشرة مع معظم الواردات. إنَّ من شأنِ اقتصادٍ عالميٍّ أكثر اندماجًا، مع مزيد من المنافسة المتعلقة بالواردات، وفُرص التصدير، أن يفرز تحدياتٍ، وفرصًا، جديدة بالنسبة للولايات المتحدة، وقوتها العاملة، وللحفاظ على مكانتها؛ بوصفها رائد الابتكار في العالم؛ فمن الضروري أن يستمر التزامُ الولايات المتحدة باﻻبتكار، وبتطويرٍ مُنسَّق لقوةٍ عاملة أكثر تعلُّمًا، ومهارة.

أزمة قوة عاملة وشيكة تهدد القدرة التنافسية اﻷمريكية

وفقًا ﻷحدث تقرير حول فجوة المهارات، الصادر عن الجمعية الوطنية للصناعيين في الولايات المتحدة National Association of Manufacturers Skill Gap Report؛ يصنف المسؤولون التنفيذيون الصناعيون "القوى العاملة عالية اﻷداء" على أنها العامل الأكثر أهمية في النجاح المستقبلي لشركاتهم، وتتفق هذه النتيجة مع أخرى توصلت إليها دراسةٌ أجرتها وزارة العمل في الولايات المتحدة، خلصت إلى أن 85% من الوظائف المستقبلية في الولايات المتحدة ستتطلب تدريبًا متقدمًا، أو الحصول على درجة دبلوم، أو شهادة جامعية من كلية تمتد الدراسة فيها لأربع سنوات، أما الحد الأدنى من المهارات، فسيكون كافيًا لما نسبتُهُ 15% فقط من الوظائف المستقبلية.

لكن الجمعية الوطنية للصناعيين في الولايات المتحدة، تتوقع أن يُشغَل 3.5 مليون وظيفة جديدة خلال العقد المقبل، وفي المقابل، هناك مليونا وظيفة لن تُشغَل بسبب الفجوة في المهارات، وعندما طُلِب من المُستهدفين الذين شملتهم الدراسة تحديدَ المشكلة اﻷكثر خطورة لشركاتهم، صنَّفوا مشكلةَ "العثور على موظفين مؤهلين" على أنها أكثر خطورة من التكاليف المرتفعة لمصادر الطاقة، ومن أعباء الضرائب، واللوائح التنظيمية الفدرالية، والتقاضي، ولم يورِدِ المجيبون مخاوف أكثر خطورة من العثور على موظفين مؤهلين سوى تكلفة التأمين الصحي، والمنافسة على الواردات.

ومع بدء تزايدِ الطلب على العمال اﻷفضل تعليمًا، واﻷكثر مهارة، فإن هناك توجهاتٍ حديثةً مقلِقةً، تتسبب بحدوث نقص شديد في هؤلاء العمال، وسيواجه أصحاب العمل في الولايات المتحدة -الذين كانوا وما يزالون يحاولون جاهدين العثورَ على عمال مؤهلين- سيواجهون نقصًا متزايدًا في تلك الفئة من العمال، خلال السنوات القادمة، ومما زاد الطين بلّة؛ تلك التوجهات الحديثة في التعليم الثانوي في الولايات المتحدة التي تشير إلى أن العمال المستقبليين الذين يتابعون تعليمهم لدراسة الرياضيات، والعلوم، قد لا يتلقون تعليمًا تنافسيًا على المستوى العالمي.

الريادة اﻷمريكية للابتكار في خطر

أظهر تقريرٌ نُشِرَ مؤخرًا؛ أن الولايات المتحدة أمامَ خطر فقدان الريادة العالمية في مجالَي العلوم، واﻻبتكار، ﻷول مرة منذ الحرب العالمية الثانية، وقد أعدَّ ذلك التقريرَ فرقةُ العمل حول مستقبل اﻻبتكار اﻷمريكي Task Force on the Future of American Innovation؛ وتتألف مجموعةُ العمل تلك من قادة في مجالات الصناعة، والعلوم، والتعليم العالي، ومع أنَّ الولايات المتحدة ما تزال تتزعّمُ اﻻبتكار في العالم، فالدول المنافسة لها تسير -حاليًا- بخطا متسارعة في طريق الأخذ بأسباب التقنية، والطريقة الوحيدة التي تُمكِّن الولايات المتحدة منَ اﻻستمرار في توفير وظائف عالية الدخل، وذات قيمة مضافة؛ هي صعود سلّم اﻻبتكار أسرع من بقية دول العالم.

وقد حددت مجموعةُ العمل المذكورة أعلاه، تراجُعَ اﻻستثمار الفدرالي في العلوم، والبحوث، بوصفه سببًا جذريًا للمشكلة؛ حيث انخفضت حصة البحث الفدرالي من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 40% على مدى السنوات اﻷربعين الماضية، كما شهدت حصة الولايات المتحدة من صادرات التقنية عالية الجودة في جميع أنحاء العالم انخفاضًا لمدة 10 سنوات، منذ عام 2008، بعد أن حققتِ ارتفاعًا كبيرًا من 77 مليار دولار في عام 1990 إلى 221 مليار دولار في عام 2008، وتشير أحدث البيانات، إلى أن بلوغ صادرات الولايات المتحدة من المنتجات عالية التقنية 153 مليار دولار، وبالمثل، ينخفض مستوى التحاق الطلاب بالدراسات العليا في مجالَي العلوم والهندسة، في الولايات المتحدة، ويرتفع بالمقابل في الصين، والهند، وأماكن أخرى، باﻹضافة إلى ذلك، قد يؤدي التقاعد من وظائف العلوم، والهندسة في الولايات المتحدة إلى نقص خطير في المواهب اﻷمريكية، في المجالين المذكورين في المستقبل القريب.

إذًا، ما الذي يجب فعله لعكس هذا التوجُّهِ المُقلِق؟ يُعَدُّ اﻻستثمارُ اﻷقوى، جزءًا من الحل، ﻷن التطورات العلمية الممولة من الحكومة الفدرالية، والمُحَكَّمة، والمحمية ببراءات اختراع؛ أساسيةٌ بالنسبة للابتكار، إذ يعود الفضل في ذلك كله للبحث العلمي الذي نجم عنه الحصول على تقنية الليزر، وشبكة الويب، والتصوير بالرنين المغناطيسي MRI، واﻷلياف البصرية، وقد أشار رئيسُ الجمعية الوطنية للصناعيين في الولايات المتحدة، جاي تيمونز Jay Timmons إلى أنّ "التصنيع الحديث يوفر وظائف عالية اﻷجر، وطويلة اﻷمد، كما أنه مجالٌ مميز، وعالي التقنية، فقد آن الأوانُ لتضييق فجوة المهارات، وتطوير الجيل القادم من القوى العاملة الصناعية".

إدارة عمليات اﻷعمال التجارية BPM

يعد القرن الحادي والعشرون عصرَ الشركة المتوزعة، أو المنتشرة، فبوجود مجموعة من الشركاء، وعدد كبير من المورِّدين الموزعين -غالبًا- عبر آلاف اﻷميال حول العالم، تجدُ كثيرٌ من الشركات نَفْسَهَا مرتبطة بسلاسل التصميم، واﻹمداد، والخدمات اللوجستية، إلى حدِّ يُثقِلُ كاهلها، وقليلةٌ هي اليوم الشركاتُ التي تستطيع تحمُّلَ تكاليف ذلك بمفردها، بالاعتماد على المواد الخام، وعمليات اﻹنتاج الداخلية، وأنظمة التوزيع الحصرية الخاصة بها.

يقول إيريك أوستفولد Eric Austvold، وهو مدير اﻷبحاث لدى مؤسسة الأبحاث إي إم آر ريسترتش AMR Research: "تمثل إدارةُ عمليات اﻷعمال التجارية Business Operations Management السبيلَ لِرَبطِها كلها معًا". ويتابع قائلًا: "إنها توفر نظامًا موحَّدًا للعمل التجاري." إن لهذه التقنية القدرةَ على دمج وظائف الشركة الآخذة في الانتشار، والاستفادة منها، عبرَ أتمتةِ جزءٍ كبيرٍ من نشاطها، وتتحدث النتائجُ عن نفسها، فقد وفرت إدارةُ عمليات الأعمال على الشركات في الولايات المتحدة 117 مليار دولار سنويًا بخصوص تكاليف المخزون وحدها، وقد استعملت شركة الصناعات العسكرية لوكهيد مارتن Lockheed Martin مؤخرًا نظام إدارة عمليات الأعمال لإيجاد حلٍّ للاختلافات بين مئات الشركات؛ التي استحوذت عليها، فوحدتها جميعَها، ووفرت 50 مليون دولار سنويًا، من خلال اﻻستخدام الأفضل للموارد، والبيانات الموجودة.

وتُعدُّ إدارة عمليات الأعمال مفتاح نجاح الشركات ذات القدرات الكبيرة، والطموح العالي، مثل: شركتي وول مارت Wallmart وديل Dell، التي تجمع أنواع البيانات الخاصة بالإنتاج كافة، والمبيعات، والشحن، وتستوعبها، وتستفيد منها لصقل عملياتها باستمرار، إذًا، كيف يعمل نظام إدارة عمليات الأعمال فعليًا؟ عندما يُطلَب نظامُ ديل Dell عبر اﻹنترنت، وبدلًا منِ انتظار شخصٍ ما، ليبدأ العمل استجابة لذلك، تتدفق موجةٌ إلكترونية ذهابًا، وإيابًا بين المورّدين، بحيث يصل كل جزء في غضون ساعات قليلة، كما تجري جدولةُ تجميع الحاسوب، وذلك بالتوازي مع جدولة البرمجيات، واختبارها، ويسير اﻹنتاج بسلاسة فائقة، فيحصل الزبائن بفضل ذلك على أجهزة الحاسوب التي طلبوها خلال وقت قصير، ويمكن لشركة ديل Dell استيفاء فاتورة الشحن منهم، ويمكن لنظامِ إدارة عمليات أعمالٍ مدروسٍ جيدًا؛ إعادة جدولة دورات اﻹنتاج، وإعادة توجيه عمليات التسليم، أو تحويل العمل إلى مصانع بديلة. يقول بايرون كانادي Byron Canady، وهو أحد المديرين الكبار في شركة ديل: إنَّ الأساس هو "البقاء على مقربة من الزبائن، ومن سلسلة التوريد".

مذهلةٌ هي كميةُ البيانات المتاحة، ومنها ذكاء اﻷعمال Business Intelligence، وتخطيط موارد المؤسسة Enterprise Resource Planning، وإدارة علاقات العملاء Customer Relations Management، وغيرها من اﻷنظمة.

"الشركات غارقة بالمعلومات"؛ هذا ما قالته جيني بيكر Jeanne Baker، وهي رئيس مجلس إدارة مجموعة الدعم الصناعية في مبادرة إدارة عملية الأعمال التجارية Business Process Management Initiative، ونائب رئيس شركة ستيرلينغ كوميرس Sterling Commerce. وتتابع قائلة: "يكمن التحدي الحقيقي في جعل تلك المعلومات ذات معنى، وتتمثل الميزة التنافسية الحقيقية في القرن الحادي والعشرين، بكيفية استثمار سلسلة القيمة " ووفقًا لها -أيضًا- "تدفعُ مبادرةُ إدارة عملية الأعمال التجارية النموَ عبرَ أتمتةِ العملياتِ التجارية، وخصوصًا العمليات التي تدمُجُ المؤسسات، وتوحدها، فتلك العمليات هي التي توفر أفضل فرص للنمو، وقد أظهرتِ الدراساتُ أنَّ الشركاتِ التي لديها عملياتٌ تعاونية جيدة، تشهد انخفاضًا في تخزين السلع لديها بنسبة 15%، وارتفاعًا في تلبية الطلبات يصل إلى 17%، ودورات نقدية، أو دورات تحويل نقد Cash-to-cash Cycles أقصر بنسبة 35%، ونفادًا لمخزوناتها أقلَّ بنسبة 10%، وارتفاعًا في العائدات الآتية من المدخرات بنسبة 7 إلى 8%، وزيادة إجمالية في المبيعات.

ترجمة -وبتصرف- للفصل Achieving World-Class Operations Management من كتاب introduction to business


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...