اذهب إلى المحتوى

إن المؤسسات هي الهيكل الأساسي وعَماد أي مجتمع متقدّم، وقيادة هذه المؤسسات ليس بالأمر البسيط فهي تتطلّب حِنكة وخِبرة وباعًا طويلًا في الإدارة، وهنا يأتي دور المديرين الأكفاء في تحمّل هذه المسؤولية والنهوض بركب مؤسساتهم لمواكبة التقدّم السريع والمنافسة المتزايدة في الأسواق العالمية. ولكن هنا يتبادر إلينا أسئلة كثيرة منها: بماذا يقوم المديرون في سبيل مساعدة المؤسسات على تحقيق أعلى مستويات الأداء؟ وما هي الأدوار التي يؤدِّيها المديرون في المؤسسات؟ وما هي الخصائص التي يمتاز بها المديرون الفعَّالون؟ سنجيب عن هذه الأسئلة تِباعًا في مقالنا.

استكشاف المهن الإدارية

إن المهن الإدارية مجال قائمٌ بحدِّ ذاته، وربما تكون قد فكرَّت حيال ما ستتناوله سلسلتنا الفريدة هذه عن مبادئ الإدارة، ومن المرجَّح أن يكون لديك بعض التصوُّرات المسبقة عمَّا تتمحور حوله الإدارة. يجب عليك أن تدير وقتك وأن تحدِّد مقدار الوقت الذي ستكرِّسه لمذاكرة دروس الإدارة والمحاسبة مثلًا. قد تكون تعمل في وظيفة صيفية أو وظيفة بدوام جزئي وينبغي عليك خلالها تقديم معلومات أو تقارير إلى مديرك، أو قد تكون تابعت تقاريرًا إخبارية عن المديرين الناجحين من أمثال جيف بيزوف مدير شركة أمازون أو شيريل ساندبيرج مديرة العمليات في فيسبوك وترغب في معرفة ما الذي جعلهم ناجحين لكي تتمكَّن من محاكاة ممارساتهم في مسيرتك المهنية، أو قد يكون لديك انطباعًا (غير صائب) بأنَّ الإدارة في الأساس هي مجرَّد أمر بديهي وأنَّك في الواقع لست بحاجة إلى القراءة حول مبادئ الإدارة على الإطلاق، غير أنَّه يتوجب عليك ذلك لكي تحصل على الدرجة العلمية.

ستخبرك معظم المراجع التي تتطرّق للإدارة -مثلها مثل سلسلتنا الفريدة هذه- أنَّ المديرين يقضون أوقاتهم في التخطيط والتنظيم والتوظيف والتوجيه والتنسيق وإعداد التقارير والرقابة. لا تصف هذه الأنشطة في الحقيقة ما يقوم به المديرون وفقًا لما اكتشفته الأستاذة جين هاناواي في دراستها حول المديرين في أماكن العمل؛ بل -في أحسن الأحوال- يبدو أنَّ هذه الأنشطة تصف أهدافًا مبهمة يسعى المديرون إلى تحقيقها باستمرار. لكنَّ العالم الحقيقي ليس بتلك البساطة؛ فالعالم الذي يعمل فيه معظم المديرين كأنَّه «تيار مضطرب ومحموم من الأنشطة المتواصلة».

بماذا يقوم المديرون؟

بماذا يقوم المديرون في سبيل مساعدة المؤسسات على تحقيق أعلى مستويات الأداء؟ المديرون في عملٍ مستمر، ومما يدلُّ على ذلك إشارة جميع الدراسات عن المديرين تقريبًا إلى أنَّهم «في تنقل شبه دائم من مهمة إلى أخرى وأنَّهم يغيرون محور اهتمامهم لكي يتجاوبوا مع القضايا عندما تطرأ، وينخرطون في عدد كبير من المهام التي تتميز بقصر مدتها». لقد راقب خبير الإدارة هنري منتسبرغ عددًا من المديرين التنفيذيين وهم يعملون حتى يحصل على بعض المعلومات حول ما يقومون به وكيفية قضائهم لأوقاتهم، ووجد -على سبيل المثال- أنَّهم يتواصلون مع غيرهم بمعدل 36 مرة كتابيًا و16 مرة لفظيًا في اليوم الواحد، وتتناول كل عملية تواصل تقريبًا قضية مختلفة عن الأخرى، وتكون معظمها موجزة وتستغرق أقل من 9 دقائق.

أجرى البروفيسور جون كوتر دراسة على عددٍ من المديرين العامِّين الناجحين على مدى خمس سنوات ووجد أنَّهم يقضون معظم أوقاتهم في التعامل مع الآخرين بما فيهم المرؤوسين ورؤسائهم والعديد من الأشخاص من خارج المؤسسة. لقد وجدت هذه الدراسة أنَّ المديرين العاديين قد أمضوا 25% فقط من أوقات عملهم بمفردهم وأنَّهم أمضوا تلك الأوقات بدرجة كبيرة في البيت أو على متن الطائرات أو في التنقل إلى أماكن عملهم، كما أنَّ عددًا قليلًا منهم قد أمضوا أقل من 70% من وقتهم في التعامل مع الآخرين؛ بل إنَّ بعضهم أمضى ما يقارب 90% من أوقات عملهم في التعامل مع الآخرين.

ووجد كوتر أنَّ نطاق المواضيع التي يتناولونها أثناء نقاشاتهم مع الآخرين واسع للغاية، وأنَّ القضايا غير المهمة تأخذ من أوقاتهم إلى جانب أمور العمل المهمة، وقد كشفت الدراسة التي أجراها أنَّ المديرين نادرًا ما يتَّخذون "قراراتٍ كبيرة" خلال هذه المحادثات ونادرًا ما يصدرون الأوامر بالطريقة التقليدية، وأنَّ أفعالهم غالبًأ ما تكون استجابةً لمبادرات الآخرين، وأنَّهم يقضون مقدارًا كبيرًا من الوقت في أنشطة غير مخطط لها ليست موجودة ضمن جداول أعمالهم. وقد وجد كوتر -أيضًا- أنَّ المديرين يقضون معظم أوقاتهم في إجراء محادثات قصيرة غير مترابطة مع الآخرين، وأشار إلى أنَّ «مناقشة سؤال واحد أو قضية واحدة نادرًا ما تدوم أكثر من 10 دقائق، وأنَّه من غير الغريب إطلاقًا أن يتناول المدير العام عشرة مواضيع غير متَّصلة ببعضها خلال محادثة مدتها 5 دقائق.» كما بيَّنت دراسة حديثة أجرتها البروفيسورة لي سبرول على مجموعة من المديرين قيامهم بتصرُّفات مشابهة، إذ أظهرت أنَّهم في غضون يوم واحد انخرطوا في 58 نشاط مختلف، وأنًّ متوسط المدة التي استغرقها النشاط الواحد 9 دقائق فقط.

تبدو المقاطعات أيضًا جزءًا طبيعيًا من عمل المديرين، إذ وجدت الباحثة روزماري ستيوارت أنَّ المديرين الذين أجرت دراستها عليهم استطاعوا العمل لمدة نصف ساعة بدون توقف تسع مرَّات فقط خلال الأسابيع الأربعة التي أمضتها في هذه الدراسة. وفي الواقع، يقضي المديرون وقتًا قصيرًا جدًا بمفردهم، إذ أنَّهم -على نقيض ما تُصوِّره كتب الإدارة- نادرًا ما يكونون لوحدهم وهم يضعون الخطط أو يفكِّرون بقلق حيال القرارات المهمة؛ بل إنَّهم يقضون معظم أوقاتهم في التفاعل مع الآخرين داخل المؤسسة وخارجها. إذا حسبنا الوقت الذي تستغرقه عمليات التواصل العابرة التي تحدث في الممرات والمحادثات الهاتفية والاجتماعات الفردية واجتماعات المجموعات الأكبر، فإنَّ المديرين يقضون حوالي ثلثي أوقاتهم في التفاعل مع الآخرين. ووفقًا لمنتسبرغ: «المديرون -بخلاف الموظفين الآخرين- لا يتركون الهاتف ولا يغادرون الاجتماع لكي يعودوا إلى مباشرة العمل؛ بل إنَّ عمليات التواصل هذه هي من صميم عملهم.»

تدلُّ الطبيعة التفاعلية للإدارة على أنَّ معظم العمل الإداري عبارة عن محادثات وحوارات؛ فعندما يكون المديرون في خِضم عملهم، فهم يتحدَّثون ويستمعون. لقد بيَّنت الدراسات التي أُجريت حول طبيعة العمل الإداري أنَّ المديرين يقضون حوالي ثلثي إلى ثلاثة أرباع أوقاتهم في أنشطة لفظية، وهذه المحادثات اللفظية وفق ما وضَّحه البروفيسوران روبرت إيكلس ونيتين نهريا هي الوسائل التي بواسطتها يجمع المديرون المعلومات ويبقون على اطلاع بالمستجدَّات ويحدِّدون المشكلات ويتباحثون بشأن المعاني المشتركة ويضعون الخطط ويُسيِّرون مجريات الأمور ويُصدرون الأوامر ويفرضون سلطتهم ويقيمون العلاقات وينشرون الأقاويل. باختصار، هذه المحادثات هي ما تتمحور حوله ممارسات المديرين اليومية. وممّا كتبه البروفيسوران إيكلس ونهريا:

من خلال الأشكال الأخرى للكلام مثل الخطابات والعروض التقديمية، يضع المديرون تعريفات ومدلولات لأفعالهم الخاصة ويقدِّمون للآخرين تصوُّرًا عن المؤسسة ومكانتها وأهدافها.

أدوار المديرين

ما هي الأدوار التي يؤدِّيها المديرون في المؤسسات؟ وجد منتسبرغ في الدراسة الابتكارية التي أجراها على المديرين أنَّ غالبيتهم يدورون في فلك ثلاث فئات أساسية من الأدوار الإدارية.

أولًا: الأدوار التفاعلية: يتوجَّب على المديرين التفاعل مع عدد كبير من الناس أثناء ساعات العمل أسبوعيًا، إذ يتولَّون استقبال الضيوف واصطحاب العملاء والزبائن لتناول العشاء ومقابلة العملاء المحتملين وشركاء العمل وإجراء مقابلات التوظيف ومقابلات تقييم الأداء وتكوين التحالفات والصداقات والعلاقات الشخصية مع العديد من الآخرين، وقد أظهرت كثير من الدراسات أنَّ هذه العلاقات هي أغنى مصادر المعلومات بالنسبة للمديرين بسبب طبيعتها المباشرة والشخصية.

تنشأ ثلاثة أدوار من أدوار المدير مباشرة من سلطته الرسمية وتتطلَّب وجود علاقات شخصية أساسية. أولى هذه الأدوار هي دور ممثل المؤسسة، إذ يجب على كل مدير بصفته رئيسًا لوحدة تنظيمية أن يؤدِّي بعض المهام الرسمية. وقد بيَّنت الدراسة التي أجراها منتسبرغ أنًّ الرؤساء التنفيذيين أمضوا 12% من الوقت الذي يتواصلون فيه مع الآخرين في تأدية مهام رسمية، وأنَّ 17% من بريدهم الوارد تناول رسائل شكر وتقدير وطلبات مرتبطة بمنصبهم، وأحد الأمثلة على ذلك هو قيام رئيس شركة بطلب بضاعة مجانية لتلميذ من ذوي الإعاقة.

إنَّ المديرين مسؤولون عن أعمال الأشخاص الذين يعملون في أقسامهم أو مؤسساتهم، وتصرفاتهم مرتبطة مباشرة بدورهم كقادة. يمكننا أن نرى بوضوح النفوذ الذي يمتلكه المديرون من خلال دورهم كقادة وفقًا لما يقوله منتسبرغ، إذ أنَّ سلطتهم الرسمية تمنحهم صلاحيات كبيرة، وتحدِّد القيادة -بدرجة كبيرة- مقدار الصلاحيات التي سيحصلون عليها.

هل دور القائد ذو أهمية؟ اسأل موظفي شركة كرايسلر (التي أصبحت شركة DaimlerChrysler في وقتنا الحالي)، إذ كانت هذه الشركة العظيمة المُصنِّعة للسيارات في حالة إفلاس وعلى وشك الإندثار عندما تولَّى لي إياكوكا إدارتها في ثمانينيّات القرن الماضي والذي أنشأ علاقات جديدة مع اتحاد عمال السيارات وأعاد تنظيم الإدارة العليا للشركة و-ربما الأهم من كل ذلك- أقنع الحكومة الفيدرالية الأمريكية بكفالة سلسلة من القروض المصرفية التي من شأنها أن تجعل الشركة قادرة على سداد ديونها مجددًا. يُعزى الحصول على ضمانات القروض واستجابة الاتحاد وتفاعل السوق إلى أسلوب إياكوكا في القيادة وجاذبيته الشخصية بدرجة كبيرة. وتتضمن الأمثلة الأحدث التي تدلُّ على أهمية دور القائد: عودة هوارد شولتز مؤسس شركة ستاربكس لكي يعيد النشاط إلى الشركة ويتولَّى قيادتها، وقدرة جيف بيزوس الرئيس التنفيذي لشركة أمازون على الابتكار خلال فترة الركود الاقتصادي.

Howard-Schultz.jpg
هوارد شولتز الرئيس التنفيذي لشركة ستاربكس وهو يتحدث بعد استلامه جائزة القيادة المتميزة في عالم الأعمال (Distinguished Business Leadership Award) أثناء حفل توزيع جوائز القيادة المتميزة الذي أقامه المجلس الأطلسي في ولاية واشنطن الأمريكية. (مصدر الصورة: رئيس هيئة الأركان المشتركة / فليكر/ مستخدمة تحت رخصة المشاع الإبداعي Attribution 2.0 Generic ‏(CC BY 2.0))

قليلًا ما تحدثَّت المؤلفات الإدارية المتداولة عن دور حلقة الوصل (أو الوسيط) حتى وقت قريب، إذ أصبح هذا الدور -الذي يتعلَّق بقيام المدير بإنشاء علاقات خارج السلسلة الرأسية للإدارة- ذا أهمية خاصة في ضوء ما توصَّلت إليه الدراسات التي أُجريت حول العمل الإداري والتي بيَّنت أنَّ الوقت الذي يقضيه المديرون في التعامل مع نظرائهم وغيرهم من الأشخاص خارج أقسامهم أو مؤسساتهم لا يقل عن ذلك الذي يقضونه مع مرؤوسيهم، ومن المثير للاستغراب أنَّهم يقضون وقتًا قليلًا مع رؤسائهم. وقد كشفت الدراسة التي أجرتها روزماري ستيوارت أنَّ 160 مديرًا بريطانيًا في مستويات الإدارة الوسطى والعليا أمضوا 47% من أوقاتهم في التعامل مع نظرائهم، و41% من أوقاتهم في التعامل مع أشخاص داخل القسم الذي يعملون فيه، و12% فقط من أوقاتهم في التعامل مع رؤسائهم، كما أظهرت دراسة أجراها الباحث غيست (عام 1956) على مجموعة من مشرفي التصنيع في الولايات المتحدة نتائجًا مماثلة.

ثانيًا: الأدوار المعلوماتية: يتوجَّب على المديرين جمع أنواع عديدة من المعلومات وترتيبها وتحليلها وتخزينها وتناقلها، وبذلك يصبحون مصادرًا للمعلومات وغالبًا ما يحتفظون بكمية هائلة من المعلومات داخل رؤوسهم وسرعان ما ينتقلون من دور جامع المعلومات إلى دور ناقلها في غضون دقائق. مع أنَّ العديد من المنظَّمات التجارية لديها أنظمة ضخمة وباهظة الثمن، إلا أنَّه لا شيء يضاهي سرعة بديهة دماغ مدير مدرَّب تدريبًا جيِّدًا وقدرته على معالجة المعلومات، ومن غير المستغرب أنَّ المديرين يفضِّلون هذه الطريقة.

عندما يؤدِّي المديرون دور المراقب (أو الراصد)، فإنَّهم يتقصَّون البيئة المحيطة بحثًا عن معلومات، ويتحدَّثون مع الجهات التي تربطهم بهم صلات ومع مرؤوسيهم، ويتلقُّون معلومات لم يطلبوا الحصول عليها ويكون مصدر الكثير منها هو شبكة علاقاتهم الشخصية، ويصلهم قدرًا لا بأس به من هذه المعلومات بشكل لفظي (وغالبًا ما تكون إشاعات وأقاويل وتخمينات).

وعندما يؤدِّي المديرون دور ناقل المعلومات (أو المِرسال)، فإنَّهم ينقلون معلومات خاصة أو سرية بطريقة مباشرة إلى مرؤوسيهم الذين قد لا تكون لديهم إمكانية الوصول إليها. لا يجب على المديرين تحديد الجهات التي ينبغي أن تتلقّى مثل هذه المعلومات فحسب، ولكن مقدار هذه المعلومات ومتى يتم نقلها وبأي طريقة أيضًا. يتوجَّب على المديرين -بصورة متزايدة- تحديد ما إذا كان من المناسب أن يتمكَّن المرؤوسون والنظراء والزبائن وشركاء العمل وغيرهم من الوصول المباشر إلى المعلومات طوال الوقت دون أن يضطر هؤلاء إلى التواصل مع المديرين.

وعندما يؤدِّي المديرون دور الناطق الرسمي للمؤسسة، فإنَّهم ينقلون المعلومات إلى أشخاص خارج مؤسساتهم. على سبيل المثال، قيام رئيس تنفيذي لشركة بإلقاء خطاب أمام مجموعة من الأشخاص لدعم أهداف المؤسسة أو قيام مشرف بتقديم اقتراح لأحد الموَّردين بشأن إجراء تعديلات على منتج. يتوجَّب على المديرين -بصورة متزايدة- التعامل مع ممثلين عن وسائل الإعلام وتقديم الردود المستندة إلى الحقائق والآراء التي سوف تُطبع أو تُذاع إلى جماهير كبيرة غالبًا كما هي أو بعد تعديلات بسيطة. إنَّ المجازفات التي تتضمنها هذه الحالات كبيرة، وكذلك هي المكاسب المحتملة من ناحية تعرُّف الناس على العلامة التجارية وشهرة المؤسسة وسطوع نجمها.

ثالثًا: الأدوار القرارية: تقع على عاتق المديرين مسؤولية اتخاذ القرارات بالنيابة عن المؤسسة وأصحاب رؤوس الأموال. تُتخذ هذه القرارات في كثير من الأحيان في ظل وجود غموض كبير وعدم توفر معلومات كافية، وغالبًا ما ستساعد الفئتان السابقتان من الأدوار الإدارية -الأدوار التفاعلية والأدوار المعلوماتية- المدير في اتخاذ القرارات الصعبة في الحالات التي تكون فيها النتائج غير واضحة والمصالح متضاربة.

عندما يؤدِّي المديرون دور الريادي، فإنَّهم يسعون إلى تحسين أعمالهم والتكيف مع ظروف السوق المتغيرة والاستجابة للفرص حينما تبرز. إنَّ المديرين الذين ينظرون نظرة بعيدة المدى إلى المسؤوليات المنوطة بهم هم من أوائل من يدرك أنَّهم بحاجة إلى أن يجدِّدوا أساليبهم ومنتجاتهم وفئات الخدمات التي يقدمونها واستراتيجياتهم في التسويق وطرقهم في العمل لأنَّ الأساليب والطرق الأقدم تصبح غير مستخدمة و-بالتالي- يحصل المنافسون على الأفضلية.

في حين أنَّ دور الريادي يصف المديرين الذين يبادرون بالتغيير، فإنَّ دور معالج المشكلات يصوِّر المديرين المضطرين إلى التعامل مع الظروف. قد تنشأ الأزمات لأنَّ المديرين السيِّئين يتركون الظروف تتدهور أو تخرج عن السيطرة، ولكنَّ المديرين الجيِّدين أيضًا يجدون أنفسهم وسط أزمة لم يتوقَّعوا حدوثها غير أنَّه يجب عليهم التعامل مع مثل هذه الأزمات.

الدور الثالث من فئة الأدوار القرارية هو دور موزِّع الموارد الذي يتطلَّب من المديرين اتخاذ قرارات بشأن اختيار الأفراد الذين سيحصلون على الموارد وتحديد الموارد التي سيحصل عليها هؤلاء ومقدارها ومتى سيحصلون عليها وأسباب حصولهم عليها. تشمل الموارد الأموال والمعدَّات والقوى العاملة والمكاتب والمساحات المخصَّصة لعمليات الإنتاج وحتى الوقت الخاص بالمدير نفسه، وكل هذه الموارد محدودة، والطلب عليها يفوق ما هو متوفر منها لا محالة. يجب على المديرين أن يتَّخذوا قرارات مدروسة بشأن كيفية توزيع هذه الموارد مع الحرص على بقاء أفضل الموظفين وتحفيزهم وتطوير قدراتهم ومهاراتهم.

Thomas-Pendergast.jpg
توماس إف بريندرغاست رئيس هيئة النقل الحضري (MTA) في ولاية نيويورك وهو يتحدَّث أمام وسائل الإعلام عن آخر المستجدَّات بخصوص مفاوضات العمل الحالية مع نقابات LIRR. يتوجَّب عليه أثناء تفاوضه مع النقابات أن يتولَّى القيام بعدة أدوار إدارية. (مصدر الصورة: هيئة النقل الحضري (MTA) في ولاية نيويورك/ فليكر)

آخر دور ضمن فئة الأدوار القرارية هو دور المفاوِض، إذ يقضي المديرون قدرًا كبيرًا من الوقت في التفاوض حول مخصَّصات الميزانية واتفاقيات العمل والمساومات الجماعية وغيرها من القرارات الرسمية المتعلِّقة بتسوية النزاعات. غالبًا ما سيتَّخذ المديرون في غضون أسبوع واحد عشرات القرارات الناتجة عن عمليات تفاوض قصيرة ومهمة فيما بين الموظفين والزبائن والعملاء والمورِّدين وغيرهم ممَّن يتوجَّب على المديرين التعامل معهم. يبيِّن الشكل التالي الأدوار التي يؤدِّيها المدير.

managerial-roles.jpg

ترجمة -وبتصرف- للفصلين What Do Managers Do?‎ و The Roles Managers Play من كتاب Principles of Management

اقرأ أيضًا


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...