اذهب إلى المحتوى

الخطوة الأخيرة من خطوات عملية الإدارة الاستراتيجية هي قياس الأداء وتقييم النتائج. لقد ذكرنا سابقًا أنَّ من خصائص الأهداف الذكية هي أن تكون قابلة للقياس. إنَّ من المهم قياس مدى نجاعة الإجراءات والأنشطة التي تنفَّذ في مختلف أقسام الشركة في تحقيق الأهداف المحدَّدة؛ وذلك لكي يتحقَّق المديرون من فاعلية الخطط الاستراتيجية الخاصة بالشركة. ينبغي أن يكون الأفراد الذين ينفِّذون الإجراءات المحدَّدة في الخطة والمديرون الذين يشرفون عليهم قادرين على معرفة ما إذا كانت هذه الإجراءات الذين هم بصدد تنفيذها تؤدِّي الغرض الذي وُضعت من أجله.

على الأرجح أنَّك كنتَ تطبِّق هذا الأسلوب خلال جميع فترات حياتك، إذ إنَّ للعديد من الأهداف الحياتية معاييرًا يُمكن أن تساعدك على قياس مدى نجاحك في إنجاز تلك الأهداف. على سبيل المثال، يخضع الطلاب لاختبارات قياسية لتحديد ما إذا كانوا قد تعلَّموا المطلوب منهم، ومن ثمَّ تُستخدم النتائج لتقييم مدى فاعلية التعليم في جميع المستويات.

إنَّ قياس الأداء لا غنى عنه في عالم الأعمال أيضًا. على سبيل المثال، يقرِّر المستثمرون ما إذا كانوا سيُقدمون على الاستثمار في شركة معينة أم لا استنادًا إلى أدائها، ويتعيَّن على الشركات العامة أن تكشف عن تفاصيل أدائها المالي لكي يتمكَّن المستثمرون من اتخاذ قرارات مدروسة. غالبًا ما يُحدَّد الأداء العام للشركة بناءً على أدائها المالي، ولكن كيف بإمكان المديرين إقناع المستثمرين بأنَّ الأداء المالي لشركاتهم سيكون ممتازًا؟ يمكنهم ذلك عن طريق توضيح الاستراتيجية التي يسيرون على نهجها؛ إذ من المعلوم أنَّ الخطط الاستراتيجية الجيِّدة تقود الشركات نحو النجاح. لقد وضَّحنا في مقالاتنا السابقة في هذا الباب خطوات وضع هذه الخطط، وتعدُّ خطوة قياس الأداء وتقييم النتائج آخر خطوات عملية الإدارة الاستراتيجية. في الواقع، إنَّ التحقُّق من نجاح الخطط لا يقلُّ أهمية عن وضع الخطط نفسها.

هناك عدة أشكال لمقاييس الأداء ومن ضمنها التقارير المالية ومعايير الجودة، مثل معيار معدل الخلل، ويُمكن لأي شركة وضع وتحديد مقاييس الأداء التي سوف تستخدمها لتقييم مدى نجاح أنشطتها. يبيِّن الجدول التالي بعض الأهداف الشائعة التي تضعها الشركات وبعض المعايير المقترحة لتقييم الإجراءات التي تنفِّذها الشركة في سبيل تحقيق تلك الأهداف. ينطوي التقييم على تحديد المعيار الذي سوف يُقاس الأداء بناءً عليه، ثمَّ دراسة نتائج الأنشطة التي نفَّذتها الشركة ومقارنة هذه النتائج بالمعيار المحدَّد.

تعدُّ المقارنة المرجعية (benchmarking) شكلًا من أشكال التقييم، وتشير إلى عملية تقييم أداء الشركة من خلال مقارنته بالأداء المتميِّز لشركة أخرى. على سبيل المثال، تعدُّ الأنشطة والعمليات التي تُنفَّذ في ملاهي ديزني معاييرًا تستخدمها الشركات الأخرى التي تعمل في قطاع الترفيه والضيافة في تقييم أعمالها؛ فمن المحتمل جدًّا أن تقارن شركات الملاهي العالمية رضا زبائنها برضا زبائن ديزني، وذلك من أجل أن تقيِّم ما إذا كانت تقدِّم لزبائنها تجربة ترفيهية رائعة ومُرضية حقًّا.

إجراءات مختلفة لتطبيق استراتيجية التميُّز وطرق لقياس الأداء وتقييم النتائج
الخطة الاستراتيجية الخطة التكتيكية الخطة التشغيلية مقياس الأداء
تميُّز المنتج الابتكار توظيف ثلاثة مهندسين لتطوير منتجات جديدة. عدد المنتجات الجديدة التي طرحتها الشركة
تميُّز المنتج زيادة رضا الزبائن تطوير طاقم خدمة الزبائن عن طريق إخضاعه لبرنامج تدريبي. عدد شكاوى الزبائن مقابل كل 10000 وحدة مباعة
تميُّز المنتج تحسين الجودة تقليل عدد المنتجات المعيبة من خلال تحسين عمليات التصنيع معدل الخلل لكل 10000 وحدة منتجة

(حقوق النشر محفوظة لجامعة رايس، OpenStax، مستخدمة تحت رخصة المشاع الإبداعي (CC-BY 4.0))

تقييم الأداء هو الخطوة الأخيرة التي تكمل دورة عملية الإدارة الاستراتيجية، وهو في الوقت نفسه نقطة الانطلاق لبدء دورة جديدة، إذ يستفيد المديرون من النتائج (التغذية الراجعة) التي يحصلون عليها من أداء هذه الخطوة ويستغلونها في إدخال تعديلات وتحسينات على الدورة التالية. عندما يقارن المدير الأداء بأحد المعايير، فإنَّه يحدِّد ما إذا كان مستوى الأداء مقبولًا أو بحاجة إلى تحسين.

يُطبِّق المديرون عملية الإدارة الاستراتيجية لكي يجعلوا شركاتهم متميِّزة في الأسواق، ويمكنهم من خلال مرحلة القياس والتقييم معرفة ما إذا تحقَّق ذلك أم لا. إذا كان أداء الشركة ينسجم مع الأهداف المحدَّدة أو يفوقها، حينها يُبلِّغ المدير من هم أعلى منه رتبةً بهذا النجاح. قد يقرِّر الرئيس التنفيذي للشركة بناءً على ذلك وضع أهداف أكبر وأوسع، ومن ثمَّ تُطبَّق عملية الإدارة الاستراتيجية مرة أخرى.

أمَّا إذا كان الأداء أقل ممَّا هو متوقَّع، فإنَّه يتوجَّب على المدير التشغيلي أن يحاول اتخاذ إجراءات جديدة من أجل تحقيق الأهداف، أو أن يبلِّغ المديرين الأعلى منه رتبة بأنَّ الأهداف غير قابلة للتحقيق. يترتَّب على هذه الحالة إما البدء في وضع خطط تشغيلية جديدة أو إعادة النظر في الخطط الاستراتيجية من قِبل الإدارة العليا لتحديد ما إذا كان هناك حاجة إلى إجراء بعض التعديلات.

تتميّز عملية الإدارة الاستراتيجية بأنَّها حلقة مستمرّة من الخطوات والدورات؛ أي أنَّه بمجرد أن يتم الانتهاء من خطوات العملية، يبدأ العمل على تنفيذ الخطوات مرة أخرى بعد الاستفادة من النتائج السابقة، وتصبح التغذية الراجعة التي أسفرت عن تقييم الأداء من المعطيات التي تُؤخذ في الحسبان عند إجراء تحليل استراتيجي لإمكانيات الشركة ومواردها، إذ يستخدم فريق الإدارة العليا المعلومات الجديدة في تطوير الاستراتيجيات التي من شأنها أن تُسهم في نجاح الشركة.

ترجمة -وبتصرف- للفصل Measuring and Evaluating Strategic Performance من كتاب Principles of Management

اقرأ أيضًا


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...