ما هي مميزات وعيوب عملية اتخاذ القرارات الجماعية؟ وكيف بإمكان المدير أن يرتقي بعمليّة اتخاذ القرارات الجماعيّة؟ هذا سيكون محور مناقشتنا في هذا المقال. من الممكن أن تؤدِّي مشاركة عدد أكبر من الأشخاص في عملية اتخاذ القرارات إلى تحسين جودة القرارات التي يتخذها المدير وتداعيات ذلك القرار بدرجة كبيرة، ولكن ذلك قد يزيد أيضًا من فرصة حدوث نزاع وينشأ عنه تحديات أخرى. سنتحدَّث فيما يلي عن مميزات وعيوب عملية اتخاذ القرارات الجماعية.
مميزات عملية اتخاذ القرارات الجماعية
من مميزات عملية اتخاذ القرارات الجماعية إمكانية دمج وجهات نظر وأفكار مختلفة، ولكن يجب أن تكون المجموعة متنوعة حتى تتحقَّق هذه الميزة، إذ ستختلف التفضيلات والآراء والتحيُّزات والتوجُّهات من فرد لآخر داخل المجموعة نفسها. تضيف عملية اتخاذ القرارات الجماعية أعباءً إضافية على كاهل المدير بسبب الحاجة إلى التشاور بشأن وجهات النظر المُختلفة ودراستها، ولكن غالبًا ما يؤدِّي هذا إلى تقليل آثار التحيُّزات. على سبيل المثال، قد تقوم لجنة التوظيف التي تتكوَّن من الرجال فقط بتوظيف نسبة أكبر من الذكور، ويرجع سبب ذلك ببساطة إلى أنَّهم يميلون إلى تفضيل الأشخاص المشابهين لهم بدرجة أكبر. لكن إذا كانت لجنة التوظيف تتكوَّن من عدد متساوٍ من الرجال والنساء، سيزول ذلك التحيُّز ممَّا يؤدِّي إلى توظيف المتقدِّمين بناءً على مؤهِّلاتهم وليس بناءً على خصائصهم الجسمية.
من الفوائد الأخرى لمشاركة عدد أكبر من الأشخاص في عملية اتخاذ القرارات هي أنَّ كل شخص يقدِّم معلومات أو معرفة فريدة للمجموعة، كما يمكن أن يكون لديهم وجهات نظر مختلفة بشأن المشكلة. علاوةً على ذلك، غالبًا ما تؤدِّي مشاركة العديد من الأشخاص إلى وضع المزيد من الخيارات وتوليد المزيد من الأفكار عندما يتناقش أعضاء المجموعة بشأن الخيارات المتوفِّرة. إنَّ العصف الذهني هو عملية توليد أكبر قدر ممكن من الحلول أو الخيارات وهو أسلوب شائع مرتبط بعملية اتخاذ القرارات الجماعية.
من الممكن أن تؤدِّي كل العوامل السابقة إلى نتائج ممتازة عندما تشارك المجموعات في عملية اتخاذ القرارات، كما أنَّ مشاركة الأشخاص الذين سيؤثِّر عليهم القرار في عملية اتخاذ القرارت سيزيد من تفهُّم هؤلاء الأشخاص للصعوبات أو المشكلات المُصاحبة لهذه القرار وسيصبح لديهم التزام وقناعة أكبر تجاه الحلول.
عيوب عملية اتخاذ القرارات الجماعية
لا تخلو عملية اتخاذ القرارات الجماعية من وجود تحديات، إذ تعجز بعض المجموعات عن التقدُّم بسبب النزاع بين الأعضاء. في المقابل، قد تلجأ بعض المجموعات إلى إقناع الأطراف المُعارضة لتوجّههم بالموافقة على حساب إجراء المناقشات الجيِّدة. يحدث التفكير الجمعي عندما يختار أعضاء المجموعة ألَّا يعبِّروا عن أفكارهم أو اعتراضاتهم بصورة علنيّة صريحة لأنَّهم يفضِّلون المحافظة على حالة السِلم وعدم إزعاج الآخرين أو معارضتهم. يحدث التفكير الجمعي في بعض الأحيان لأنَّ المجموعة تتمتع بروح الفريق والصداقة المتينة، بالإضافة إلى أنَّ أعضاء المجموعة لا يريدون أن تشويه بيئة الانسجام تِلك بسبب النزاع. يمكن أن يحدث التفكير الجمعي أيضًا بسبب رضا المجموعة عن ذاتها نتيجة نجاحاتها السابقة.
غالبًا ما يتمتع أحد الأفراد في المجموعة بسلطة أكبر أو يمارس نفوذًا أكثر ويحاول منع الأشخاص الذين لديهم آراء مخالفة من التحدُّث (قَمع المعارضة) ليضمن تنفيذ أفكاره الخاصة فقط. لكن -في الواقع- إذا لم يشارك أعضاء المجموعة أفكارهم ووجهات نظرهم بالفعل، فلن تحصل المجموعة على فوائد عملية اتخاذ القرارات الجماعية.
كيفية تشكيل مجموعة جيِّدة
يحرص المديرون الفعَّالون على جودة عملية اتخاذ القرارات الجماعية عن طريق تشكيل مجموعات تحتوي على أعضاء متنوعين لكي يكون هناك وجهات نظر مختلفة، كما يشجِّعون الجميع على التحدُّث والتعبير عن آرائهم وأفكارهم قبل أن تتوصَّل المجموعة إلى قرار. تُسند المجموعات في بعض الأحيان دور المعترض لأحد أعضائها من أجل الحد من التأثير السلبي للتفكير الجمعي. يتعمَّد المعترض إثارة الانتقادات، إذ تتمثَّل وظيفته في الإشارة إلى العيوب المنطقية والتشكيك في تقييمات المجموعة للخيارات المختلفة وتحديد مواطن الضعف الموجودة في الحلول المقترحة، وهذا سيدفع أعضاء المجموعة الآخرين إلى التفكير مليًّا بشأن إيجابيات وسلبيات الحلول المقترحة قبل التوصُّل إلى قرار وتنفيذه.
يمكن أن تساعد جميع الأساليب التي وضَّحناها في أن تتوصَّل المجموعات إلى قرارات جيِّدة، ولكن ما الذي يمكن أن يفعله المدير عندما يكون هناك نزاع كبير داخل إحدى المجموعات؟ ينبغي على المدير في هذه الحالة مساعدة أعضاء المجموعة على الحد من النزاع عن طريق إيجاد الأمور المشتركة (الاهتمامات، أو القيم، أو المعتقدات، أو التجارب، أو الأهداف) التي يمكن أن يتَّفقوا عليها. إبقاء تركيز المجموعة على هدف مشترك يمثّل أسلوبًا مُجديًا لكي يعمل أعضاء المجموعة مع بعضهم بعضًا بدلًا من مخالفة بعضهم، يلخِّص الجدول التالي أساليب تحسين عملية اتخاذ القرارات الجماعية.
ملخَّص الأساليب التي قد تساهم في تحسين عملية اتخاذ القرارات الجماعية | ||
---|---|---|
نوع القرار | الأسلوب | الفائدة |
القرارات الجماعية | وجود أعضاء متنوعين في المجموعة | تحسين الجودة؛ توليد المزيد من الخيارات؛ تقليل التحيُّز |
إسناد دور المعترض لأحد الأعضاء | تحسين الجودة؛ الحد من التفكير الجمعي | |
تشجيع الجميع على التحدُّث والمشاركة | تحسين الجودة؛ توليد المزيد من الخيارات؛ منع قمع المعارضين | |
مساعدة أعضاء المجموعة على إيجاد قواسم مشتركة | تحسين الجودة؛ الحد من النزاعات الشخصيّة |
(حقوق النشر محفوظة لجامعة رايس، OpenStax، مستخدمة تحت رخصة المشاع الإبداعي (CC-BY 4.0))
الخلاصة
إنَّ عملية اتخاذ القرارات من الأنشطة اليومية المهمة التي يقوم بها المديرون، وتتراوح القرارات ما بين قرارات صغيرة وبسيطة لها إجابات مباشرة إلى قرارات كبيرة ومعقَّدة لا يكون الخيار الأفضل لها واضحًا دائمًا. ينبغي عليك لكي تكون مديرًا فعَّالًا أن تدرك كيفية التعامل مع مختلف أنواع القرارات وأن تدرس جميع الخيارات المتاحة بدقّة وتنتقي أفضلها. عادةً ما تحسِّن الخبرة -التي تزداد تدريجيًا من خلال التعلُّم والتجربة- من اتخاذ القرارات الإدارية، ولكن نادرًا ما يعوِّل المديرون على خبرتهم الخاصة فقط؛ بل يُجرون أيضًا الدراسات والأبحاث ويجمعون المعلومات من الآخرين، كما ينتبهون إلى تحيُّزاتهم الخاصة وإلى الجوانب الأخلاقية ويفكِّرون بطريقة نقدية في المعلومات التي لديهم لكي يتمكَّنوا من اتخاذ قرارات تصبُّ في مصلحة المؤسسة والأطراف المعنية.
ترجمة -وبتصرف- للفصل Group Decision-Making من كتاب Principles of Management
اقرأ أيضًا
- المقال التالي: تاريخ الإدارة
- المقال السابق: تحسين جودة عملية اتخاذ القرارات
أفضل التعليقات
لا توجد أية تعليقات بعد
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.