اذهب إلى المحتوى

قد تتساءل عن المزايا والخصائص التي يتفرّد بها المديرون المتمرّسون، أو الصفات التي يجب أن يمتاز بها المدير الناجح حتى يقود شركته إلى النجاح والريادة وسط المنافسة العالمية. في مقالنا هذا سنوضّح هذه النقاط ونتطرّق إلى أبرز الخصائص التي يجب أن يتمتّع بها المدير الناجح.

إنَّ الوقت مجزَّأ، وقد أدرك المديرون منذ زمن بعيد أنّّ الوقت لا يُسعفهم لإنجاز مهامهم بشكل كامل وأنه لا مُتّسع من الوقت لإنهاء جميع الأشياء والمهام المُناطة بهم. على الرغم من ذلك، نشأت ظاهرة جديدة في السنوات الأخيرة من القرن العشرين وهي تزايد حاجة الأشخاص الذين يقومون بأدوار قياديّة إلى الوقت، في حين أنَّ عدد ساعات اليوم بقيت ثابتة، وقد تم زيادة عدد ساعات العمل استجابةً لتلك الحاجة، ولكن سرعان ما اكتشف المديرون أنَّ اليوم مكوَّن من 24 ساعة فقط وأنَّ العمل لساعات أكثر أدَّى إلى تناقص العائدات الهامشية، ووفقًا لأحد الباحثين فإنَّ:

اقتباس

المديرين لديهم الكثير من الالتزامات التي تثقل كاهلهم، ولكنَّهم لا يستطيعون تفويض تلك المهام إلى الغير بسهولة، لذلك هم مدفوعون إلى إرهاق أنفسهم بالعمل الإضافي ومضطرون إلى القيام بالكثير من المهام بسطحية. بعبارة مختصرة: تجزئة الوقت وتوزيعه على المهام والتواصل اللفظي من خصائص عمل المديرين.

تتنافس مهام المديرين وأدوارهم من ناحية أهميتها، ومن الواضح أنَّ المديرين لا يستطيعون إرضاء الجميع؛ فالموظفون يريدون مزيدًا من الوقت لإنجاز أعمالهم، ويريد الزبائن استلام المنتجات والخدمات بسرعة وبمستويات جودة عالية، ويريد المشرفون أن يُنفق المزيد من المال على المعدَّات وعلى التدريب وتطوير المنتجات، ويريد المساهمون أن تزداد عوائد الاستثمار. لا يستطيع المدير العالق في هذا الوضع أن يمنح كل هؤلاء أقصى ما يريدون، وغالبًا ما تُتَّخذ القرارات استنادًا إلى مدى ضرورة تلبية الحاجات ومدى دنو المشكلة.

الوظيفة الإدارية ممتلئة بالمهام، وقد أُعيد تنظيم العديد من الشركات العالمية وشركات في أمريكا الشمالية في السنوات الأخيرة لكي تصبح أكثر كفاءة وسرعة في العمل وأكثر قدرة على المنافسة، وغالبًا ما تضمَّن إعادة التنظيم جعل العديد من العمليات لامركزية بالإضافة إلى الإزالة الشاملة لطبقات الإدارة الوسطى، وقد وجد العديد من المديرين الذين لم تطلهم عملية التقليص هذه أنَّ عدد المرؤوسين الذين يقعون تحت إمرتهم مباشرة قد تضاعف. تشير نظرية الإدارة الكلاسيكية إلى أنَّ أكبر عدد من المرؤوسين الذين يستطيع المدير التعامل معهم مباشرة بطريقة معقولة هو سبعة مرؤوسين. تكنولوجيا المعلومات فائقة السرعة وأنظمة الاتصالات الفعَّالة في وقتنا الحالي أدَّت إلى أن يكون لدى العديد من المديرين حوالي 20 أو 30 شخصًا يُطلعونه على أعمالهم مباشرة.

أصبحت الكفاءة هي المهارة الإدارية الأساسية في القرن الحادي والعشرين نتيجة قلة توفر الوقت الذي يحتاجه المديرون، وتجزئة الوقت إلى وحدات أصغر أثناء ساعات العمل، وملاحقة العمل للعديد من المديرين خارج أماكن عملهم وحتى في أوقات الإجازات، وتزايد المسؤوليات الملقاة على كاهل المديرين بسبب تقليص حجم المؤسسات.

ما الأمر الذي يتغير في وظيفة المدير؟ محور الأهمية والتركيز

أهمية الدور الريادي للمديرين في ازدياد، إذ يجب عليهم أن يكونوا مدركين للمخاطر والفرص المحيطة ببيئة العمل. تتضمن المخاطر التطورات التكنولوجية لدى المنافسين، وتقادم المؤسسة التي ينتمي إليها المدير، والتناقص الملحوظ في دورة حياة المنتجات. وقد تشمل الفرص وجود مجالات من المنتجات والخدمات التي تعاني نقصًا أو التي لم تُستهدف بعد، وفرص التوظيف الخارجية، والاندماجات، وعمليات الشراء، وإجراء تطويرات في المعدَّات أو المساحات المكانية أو غيرها من الأصول. سيبحث المديرون المنتبهون جيدًا للأسواق والبيئة التنافسية عن الفرص للحصول على مكاسب.

أهمية الدور القيادي للمديرين أيضًا في ازدياد، ويجب عليهم أن يكونوا أكثر خبرة بصفتهم استراتيجيين أو مرشدين، إذ تتطلَّب وظيفة المدير ما هو أكثر بكثير من مجرد تسيير أعمال أحد الأقسام في مؤسسة كبيرة، وما لم تكن المؤسسات قادرة على جذب الأفراد الجيِّدين وتدريبهم وتحفيزهم والاحتفاظ بهم وتعزيزهم، فلا يمكنها أن تتوقع تفوُّقها على المنافسين، ولذلك يجب على المديرين بصفتهم قادة أن يرشدوا باستمرار الأشخاص الواعدين وأصحاب الإمكانات في المؤسسة. عندما تفقد المؤسسة موظفًا ذا كفاءة عالية، فسوف يعيق ذلك من سيرها إلى أن تتمكَّن من استبدال ذلك الموظف، وحتى لو عثرت على شخص مناسب تمامًا ويتمتَّع بأفضل المؤهلات لشغل الوظيفة الشاغرة، فإنَّ عليها تدريبه وتشجيعه وتحفيزه، بالإضافة إلى تقبُّل حقيقة أنَّ مستويات الإنتاجية ستكون أقل لبعض الوقت ممَّا كانت عليه حينما كان الموظف السابق موجودًا.

المسؤوليات الإدارية

من الأسئلة المهمة التي غالبًا ما تُثار بشأن المديرين: ما هي المسؤوليات التي تقع على عاتق المديرين في المؤسسات؟ ووفقًا للتعريف الذي ذكرناه، يتوجَّب على المديرين التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة، ويمكن تقسيم مسؤولياتهم إلى تسع فئات من الأنشطة وهي:

  1. التخطيط طويل المدى: كثيرًا ما يتوجَّب على المديرين الذين يشغلون المناصب التنفيذية القيام بالتخطيط والتطوير الاستراتيجي.
  2. الضبط والتحكم: يقيِّم المديرون الأوضاع ويتَّخذون إجراءات تصحيحية فيما يخص توزيع واستغلال الموارد البشرية والمالية والمادية.
  3. المسح البيئي: يجب على المديرين باستمرار الانتباه إلى التغييرات في بيئة العمل ومراقبة مؤشرات العمل مثل العوائد على حقوق المساهمين أو على الاستثمار، والمؤشرات الاقتصادية، ودورات الأعمال التجارية وما إلى ذلك.
  4. الإشراف: يشرف المديرون باستمرار على أعمال مرؤوسيهم.
  5. التنسيق: غالبًا ما يجب على المديرين تنسيق أعمال الآخرين داخل القسم الذي يعملون فيه وخارجه.
  6. إدارة العلاقات مع الزبائن والتسويق: يتوجَّب على بعض المديرين التواصل المباشر مع الزبائن الحاليين والزبائن المحتملين.
  7. إدارة العلاقات مع المجتمع: يجب على المديرين إقامة صلات قوية مع ممثلين من مختلف الجهات المعنية خارج الشركة والتي تتضمن الوكالات الحكومية والفيدرالية وفئات المجتمع المدني المحلية والمورِّدين.
  8. تقديم الاستشارات الداخلية: يستغل بعض المديرين خبرتهم التقنية في حل المشكلات الداخلية ويتصرَّفون كمستشارين داخليين في شؤون التغيير والتطوير التنظيمي.
  9. مراقبة المنتجات والخدمات: يتوجَّب على المديرين التخطيط ووضع الجداول الزمنية ومراقبة عمليات التصميم والتطوير والإنتاج والتوصيل الخاصة بمنتجات وخدمات المؤسسة.

كما سنرى لاحقًا، لا يقوم كل المديرين بجميع هذه الأنشطة؛ بل يؤدِّي المديرون المختلفون أدوارًا مختلفة ويتحمَّلون مسؤوليات مختلفة تبعًا لموضعهم في الهرم التنظيمي. سنبدأ بإلقاء نظرة على الفروقات الموجودة بين الأعمال الإدراية.

الفروقات بين الأعمال الإدارية المتنوعة

مع أنَّ كل مدير قد يكون لديه مجموعة متنوعة من المسؤوليات -بما فيها المسؤوليات التي ذكرناها سابقًا-، فإنَّ مقدار الوقت الذي يستغرقه كل نشاط وأهمية ذلك النشاط ستتفاوت بدرجة كبيرة. أشهر تقسيمين للأعمال الإدارية هما:

  1. تقسيم الأعمال الإدارية حسب المستوى الذي يشغله المديرون في الهرم التنظيمي.
  2. تقسيم الأعمال الإدارية حسب نوع القسم أو الوظيفة المسؤولين عنها.

فيما يلي شرح مختصر لكل منهما.

الإدارة حسب المستوى: هناك ثلاثة مستويات عامة للإدارة وهي: الإدارة التنفيذية والإدارة الوسطى و الإدارة المباشرة (انظر الشكل التالي). المديرون التنفيذيون هم في قمة الهرم الإداري وهم مسؤولون عن المؤسسة بأكملها، وخصوصًا توجهها الاستراتيجي. المديرون في مستوى الإدارة الوسطى (في منتصف الهرم الإداري) مسؤولون عن الأقسام الرئيسية وقد يشرفون على المديرين الأقل منهم رتبة. أخيرًا، المديرون في مستوى الإدارة المباشرة يشرفون على الموظفين العاديين ويقومون بالأنشطة اليومية داخل الأقسام.

management-by-level.jpg

يبيِّن الشكل السابق الاختلافات في الأنشطة الإدارية من خلال التسلسل الهرمي للمستويات الإدارية. سيكرِّس كبار المسؤولين التنفيذيين المزيد من أوقاتهم للقضايا التي تحتاج إلى إعمال الفكر، في حين سيركِّز المديرون في مستوى الإدارة المباشرة جهودهم على القضايا الفنية (التقنية). على سبيل المثال، تتمحور الأنشطة التي يقوم بها المديرون في مستوى الإدارة العليا على التخطيط طويل المدى ومراقبة مؤشرات العمل والتنسيق وتقديم الاستشارات الداخلية. في المقابل، تتمحور الأنشطة التي يقوم بها المديرون في مستوى الإدارة المباشرة على الإشراف لأنَّ مسؤوليتهم تتمثَّل في إنجاز المهام بواسطة الموظفين العاديين. المديرون في مستوى الإدارة الوسطى يقومون بأنشطة متنوعة.

يمكننا تصنيف المهارات الإدارية إلى ثلاثة أنواع:

  1. المهارات الفنية: يجب على المديرين أن يكونوا قادرين على استخدام الأدوات والأساليب والتقنيات الخاصة بمجالاتهم. على سبيل المثال، يجب على المحاسب أن يمتلك خبرة في المبادئ المحاسبية، في حين يجب على مدير الإنتاج أن يكون ذا معرفة بإدارة العمليات. تمثِّل هذه المهارات آليات العمل.

  2. المهارات الإنسانية: تتطلَّب هذه المهارات القدرة على العمل مع الآخرين وفهم أساليب تحفيز الموظفين وطبيعة سلوك الأفراد في المجموعات. تسمح هذه المهارات للمدير بأن يصبح مرتبطًا بمجموعته وقائدًا لها.

  3. المهارات الإدراكية: تصوِّر هذه المهارات قدرة المدير على تنظيم المعلومات وتحليلها سعيًا إلى تحسين أداء المؤسسة، وتتضمَّن القدرة على رؤية المؤسسة ككل وفهم كيف تتصل الأقسام المختلفة مع بعضها بعضًا لكي تعمل كوحدة متكاملة. هذه المهارات ضرورية لنجاح التنسيق بين الدوائر والأقسام حتى تتحدَّ المؤسسة بأكملها في سبيل تحقيق الأهداف.

كما هو واضح في الشكل التالي، فإنَّ القدر المطلوب من هذه المهارات تختلف باختلاف المستوى الإداري، وهذا يعني أنَّ النجاح في المناصب التنفيذية يتطلَّب مهارات إدراكية عالية ومهارات فنية أقل في معظم الحالات (وليس جميعها)، في حين يحتاج المديرون في مستوى الإدارة المباشرة عادةً إلى مهارات فنية أكثر ومهارات إدراكية أقل. لكن علينا الانتباه إلى أنَّ المهارات الإنسانية تبقى مهمة لنجاح جميع المستويات الإدارية الثلاث.

managerial-skills.jpg

الإدارة حسب القسم أو الوظيفة: بالإضافة إلى تقسيم الإدارة إلى مستويات في الهرم الإداري، تختلف المسؤوليات الإدارية أيضًا باختلاف نوع القسم أو الوظيفة، إذ توجد هناك اختلافات بين أقسام ضمان الجودة، والتصنيع، والتسويق، والمحاسبة والتمويل، وإدارة الموارد البشرية. على سبيل المثال، سيركِّز المديرون الذين يعملون في قسم التصنيع جهودهم على المنتجات والخدمات والضبط والتحكم والإشراف. في المقابل، سيقل تركيز مديري التسويق على التخطيط والتنسيق وتقديم الاستشارات وسيزداد تركيزهم على إدارة العلاقات مع الزبائن والجهات الخارجية. إنَّ التركيز على الأنشطة الإدارية يتفاوت بدرجة كبيرة تبعًا لاختلاف القسم الذي يكون المدير مسؤولًا عنه.

على المستوى الشخصي، هناك فائدتان مهمتان على الأقل لمعرفة أنَّ توليفة المهارات الإدراكية والإنسانية والفنية تتغير بمرور الزمن وأنَّ كل مجال وظيفي يحتاج إلى قدر متفاوت من أنشطة إدارية معينة. الفائدة الأولى هي أنَّك إذا قررت أن تكون مديرًا، فإنَّ معرفة أنَّ توليفة المهارات تتغير بمرور الزمن قد يساعدك على تجنُّب شكوى شائعة وهي أنَّ الموظفين صغيري السن يريدون التفكير والتصرف مثل المديرين التنفيذيين قبل أن يصبحوا مشرفين بارعين في مستوى الإدارة المباشرة. أمَّا الفائدة الثانية فهي أنَّك إذا علمتَ المزيج المختلف من الأنشطة الإدارية الذي تحتاجه كل وظيفة من الوظائف، فهذا قد يُسهِّل عليك اختيار المجال أو المجالات الوظيفية الأنسب لمهاراتك واهتماماتك.

يُنقل المديرون عبر الأقسام عندما يترَّقون في السلَّم الإداري في العديد من الشركات، ويتكوَّن لديهم بهذه الطريقة نظرة شاملة على المسؤوليات الخاصة بالأقسام المختلفة، ويجب عليهم خلال مهامهم اليومية التركيز على الأنشطة المناسبة لأقسامهم ولمستوياتهم الإدارية. إنَّ معرفة الأنشطة التي يجب التركيز عليها من صميم عمل المدير. على أي حال، سنتطرق إلى هذا الموضوع عندما نتحدَّث عن طبيعة الفروق الفردية في المقال التالي.

ترجمة -وبتصرف- للفصل Major Characteristics of the Manager's Job من كتاب Principles of Management

اقرأ أيضًا


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...