كتبتُ في مقالي السّابق أربع خطوات لتبدأ فيها بناء شركتك الناشئة، وكانت الخطوة الأولى "إيجاد فكرة"، بمعنى التعامل الجديّ مع فكرة ما موجودة في عقلك الباطن، أو تجريب عدّة طرق للحصول على أفكار جديدة، سأتناول في هذا المقال نوعين من الأفكار: "الاجتماعية" social (أو أفكار الشّبكات الاجتماعية) و"الأدوات" (أو ما يُمكن أن نصفه بالخدمات أيضًا أو حتّى بـ “التّطبيقات”) tools.
لماذا نحبّ جميعًا الأفكار الاجتماعية
أعتقد أنّ الأفكار الاجتماعية تجذبُنا جميعًا بشكل طبيعيّ؛ وهذا ينطبق عليك سواء أكنتَ رياديّ أعمال طموح، أو رياديّ أعمال مخضرم serial entrepreneur*. فأشياء مثل تويتر وفيس بوك تأخذ وقتًا كبيرًا من الجميع، وتتربّع على عرش الإعلام وتستحوذ على انتباهنا أكثر بكثير من أية أفكار أخرى. نتّجه اليوم لنمضي معظم أوقاتنا على هذه المنصات الاجتماعية، لذا من الطبيعي أن تتولّد لدينا أفكار من وحي أكثر الأماكن التي نشعر بالألفة فيها: المنصات الاجتماعية عينها.
لهذا السبب أعتقد أنّ ولادة فكرة اجتماعية أمرٌ سهل تمامًا، يحدث بحمل المنصّة الاجتماعية إلى رأسك والتفكير بها، لتستخرج أفكارًا تودّ إضافتها لها وتحسينها فيها، الأمر بهذه البساطة.
المشكلة مع الأفكار الاجتماعية
رغم سهولة توليد أفكار اجتماعيّة، فإنّ هناك سمات عامّة تتصف بها؛ حتى لو قدّمتْ هذه الأفكار حلولًا لمشاكل مطروحة ومطلوبة، ومن هذه السمات:
- تتطلّب وقتًا أكبر للتحقّق من رغبة الناس بالخدمة-المنتج.
- غالبًا لن تكون الخدمة-المنتج الاجتماعيّ ذات جدوى مع عددٍ قليل من المستخدمين (تأثير الشّبكة).
- تتأخّر العائدات من هذه المشاريع، إذا غالبًا ما تأتي بعد "نقطة تحوّل" وهو أمر من الصعب التحكّم به.
قرأتُ مؤخّرا بعض الأبحاث الجديدة مع بيانات جُمعت مما يزيد عن 650 شركة ناشئة في تقرير genome للشركات الناشئة، يحتوي التقرير على إحصائيّات تثبتُ المشكلة التي تحدّثنا عنها للتوّ، الفقرة التالية هي جزءٌ من التقرير:
- تحتاج المشاريع الخاصة بالأفكار الاجتماعية وقتًا أطول ب 50% من الأفكار الخاصّة بالأدوات لتصل إلى المرحلة ذاتها.
- تحتاج الأفكار الاجتماعية رؤوس أموال أكبر من الأفكار الخاصة بالأدوات.
لماذا تعتبر الأدوات tools خيارات أفضل عادة؟
عندما تعيش مغامرتك الحقيقية الأولى وتحاول العمل على شركتك الناشئة على الهامش؛ ستحتاج أن تمضي جزءًا من وقتك -أو حتى معظمه- على بنائها، جرّبت هذا عندما خطرت لي فكرة Buffer منذ ستة أشهر مضت؛ إذ كنتُ أعمل كمطوّر ويب لصالح عميلين بمعدّل خمسة أيام في الأسبوع، ما يعني أنّ عملي على شركتي الناشئة كان بمعدل يومين في الأسبوع فقط. من الصعب أن أحقق تقدّمًا كبيرًا مع القليل من الوقت؛ لكن عندما يكون التفرغ -الجزئي أو الكامل- ضمن قائمة أهدافك الأساسية؛ ستستطيع فعل ذلك.
إذا كنت تشقّ بداية طريقك في ريادة الأعمال دون سجلّ خبرات سابق؛ أعتقد أنّك ستناضلُ للحصول على تمويل -كما حصل معي-، لهذا السبب أنت بحاجة للعمل على فكرتك ذاتيّا وعلى الجانب، بحيث تتضمّن عملية البناء توليدَ دخلٍ مبكّرٍ مساعد على إتمام العمل، وهي النقطة التي لن تحقّقها الأفكار الاجتماعية -حيث تتصف بتأخّر العائدات-، يشرح سبنسر فراي هذا المعنى بشكل جيد:
"حتى ينطلق أي مشروع بشكل ذاتيّ، يجب أن يُقدّم خدمة مفيدة بدءً من المستخدم الأول، دون الحاجة لمزيد من المستخدمين. وهذا حال مشروع Carbonmade، حيث يمكن للمستخدم الاتصال بالانترنت وإنشاء حساب شخصي دون الحاجة لأن يكون المشروع مفيدًا لأي شخص آخر في المحيط".
تجنّب "network effect"
أعتقد أن قوة فكرة "الأدوات" تكمن في أن مستخدمًا واحدًا سيستفيد منها عند إنشاء حساب عليها. وهذا هو الفارق الأكبر الوحيد بين مشروعي الحالي Buffer، ومشروعي السابق One Page، إذ كان مشروع One Page يخضع للتأثير الشبكي network effect**، مما جعلني أعمل بشكل جزئي أو كامل على مدى عام ونصف دون أن يحقّق مستوى نجاح ملحوظ، في حين مكّنني Buffer -والذي كان مفيدًا للمستخدمين ولديه خيارات مدفوعة الثمن منذ اليوم الأول- من إنهاء عقود عملي الأخرى بشكل تامّ خلال خمسة أشهر فقط.
رغم هذا أعتقد أن الأفكار الاجتماعية يمكن أن تكون عظيمة، لكن الحديث هنا عمّن يعملون على شركتهم الناشئة الأولى، فالعمل بالنسبة لهم على بناء أدوات مفيدة للمجتمع وغير خاضعة للتأثير الشبكيّ سيكون أقرب لتحقيق أهدافهم من العمل على أفكار اجتماعية.
هل لديك أية تجربة في بناء أفكار أدوات أو أفكار اجتماعية؟ يسرني سماع أرائكم وتجاربكم.
serial entrepreneur* ريادي الأعمال المخضرم، وهو شخص يأتي بأفكار جديدة على الدوام ويُطلق شركات ناشئة بشكل مُتواصل، فما إن ينهي مشروعًا حتى يبدأ بتاليه.
network effect** التأثير الشبكي، مصطلح يعبّر عن ازدياد قيمة خدمة أو سلعة ما بزيادة عدد مستخدميها. شبكة الانترنت من أوضح الأمثلة على هذا المصطلح، فكلّما زاد عدد المستخدمين لها زادت قيمة الشبكة وفائدتها بالنسبة للمستخدمين أنفسهم.
تُرجم وبتصرّف عن مقال Beware of the social ideas لكاتبه Joel gascoigne.
أفضل التعليقات
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.