اذهب إلى المحتوى

في هذا المقال سنتحدث عن رحلة ريادة الأعمال والخطوات الواجب المرور بها للوصول إلى الريادة في مجال الأعمال.

التوظيف الذاتي: رحلة ريادية

عندما يكون الاقتصاد قويّا، وسوق العمل منتعشة، يمتلك رائد الأعمال شبكة أمان تقلّل من مخاطر إنشاء مشروع جديد، أو شركة، أو مؤسسة ناشئة، أو منظّمة تدير الأعمال، أو تلبّي حاجة ما، وتسمح باسترجاع سريع إذا فشل المشروع.

تظهر المزيد من الشّركات النّاشئة الجديدة، عندما تكون هناك مستويات عالية من الثقة في نجاح المشروع من جهة، وثقة رائد الأعمال في العثور على عمل، إذا فشل مشروعه من جهة أخرى، ويستحوذ الأشخاص الّذين تزيد أعمارهم على 40 عامًا على معظم نشاط الشّركات النّاشئة، ومردّ ذلك التوجّهُ الذي تنتهجه الشّركات؛ الرغبة في اللّجوء إلى متعاقد مستقلّ، بدل تعيين موظّف دائم، حيث تحصل تلك الشركات على شخص يؤدّي المطلوب، دون أن يكون جزءًا من كشوف الرّواتب، وفي الوقت نفسه يتحمّل ضرائبه، وتأميناته بنفسه.

وبفضل معرفتهم، وخبراتهم السّابقة، يدرك روّاد الأعمال الفرص الّتي يوفّرها هذا التوجّه الذي لا يحبذ تعيين الموظّفين بدوام كامل، والمقبل على توظيف المتعاقدين المستقلّين، وأحد المساهمين في هذا التوجّه هو اقتصاد النّشاطات الصّغيرة (The gig economy)، والذي يعتمد على استخدام وظائف مؤقتة، وانتقالية، وفي كثير من الأحيان يتم التّوظيف فيها حالة بحالة، بدلًا من الاحتفاظ بطاقم عمل كامل من الموظفين بدوام كامل، ويعود هذا النّظام على صاحب العمل بمزايا انخفاض تكلفة المِنح، والتّرقيات لبعض الموظّفين، أمّا مزايا العامل المستأجَر، أو المتعاقد المستقل؛ (ويسمّى أحيانًا "المستقلّ") فمزاياه في هذا النّظام: الحريّة، حريّة العمل، كون الالتزام قصير الأجل، وحريّة الاختيار، كونه يتمتّع بمرونة في قبول العقود، أو رفضها.

من منظور ريادة الأعمال، كما يوفر إنشاء المواقع الإلكترونية الّتي تدعم اقتصاد النّشاطات الصّغيرة فرصًا لمشروعات مستقلة، وقد أصبح العديد من الناس اليوم روّاد أعمال ذوي مشاريع صغيرة، ويُطلق على هذه العملية، العديد من الأسماء، نذكر منها:

  • الاقتصاد التشاركي.

  • اقتصاد النّشاطات الصّغيرة.

  • اقتصاد الأقران، أو النّظراء.

  • الاقتصاد التعاوني

وقد تشير هذه العملية إلى قيادة النّاس كما يحصل في lyft، وUber، ويسير، وكريم، أو تقديم خدمات مثل الّتي توفّرها مواقع مستقلّ، وخمسات و Upwork.

وبلغت نسبة المتعاقدين المستقلّين، والعمّال، حسب الطلب 42 % للشركات الصغيرة في الولايات المتّحدة الأمريكيّة بحلول 2020، بزيادة نسبة 8 % عن سنة 2018. مع توقّعاتٍ بأن يصبح أكثر من 50 % من القوة العاملة الأمريكية متعاقدين مستقلين بحلول عام 2027، إذا استمر هذا الاتجاه على الوتيرة الحالية وفي تقرير "العمل الحر في أمريكا: 2019" الدراسة السنوية السادسة التي قام بها UpWork وجاء في تقرير اتحاد العمال المستقلين، أنّ 57 مليون مواطن أمريكي يعملون لحسابهم الخاص، مع اقتراب الدّخل من 5 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة بما يقرب من تريليون دولار، وكسب معدل متوسط قدره 28 دولارًا للساعة، وهو ما يمثل دخلًا سَاْعِيًّا أكثر من 70 % من العاملين في الاقتصاد الأمريكي العام .

كما وجد أحد التقارير أن 94 % من صافي نمو الوظائف من 2005 إلى 2015 كان في فئات عمل بديلة؛ 60 % منهم من المستقلين، ومتعاقدي الشّركات.

ووفقًا لمكتب الولايات المتحدة لإحصاءات العمل، فإن عدد الأمريكيين العاملين لحسابهم الخاص آخذ في الازدياد مع 9.6 مليون شخص يعملون لحسابهم الخاص في نهاية عام 2016، ومن المتوقع أن يرتفع هذا العدد إلى 10.3 مليون بحلول عام 2026.

وتوقّعت دراسة نشرها تقرير FreshBooks السنوي الثاني "للعمل الحر" أن 27 مليون موظف أمريكي، يتركون العمل التقليدي لصالح العمل الحر بحلول عام 2020، مما يزيد من عدد المحترفين ذاتيّي التّوظيف بدوام كامل إلى 42 مليونًا، وقد كان الدافع الرئيس لهذا التغيير في القوى العاملة؛ هو الرغبة الكبرى في التحكم في مهنة المرء، مع القدرة على التحكم تحكمًا أكبر في ساعات العمل، ونوعه.

كما أن العمالة الذاتية بالطّبع فئة واسعة تشمل أصحاب الأعمال الصغيرة، والشركات الناشئة، وموظّفي النّشاطات الصّغيرة المستقلّين، فمنذ عام 2016، ظهر انخفاض في عدد الموظّفين لدى الشّركات ذاتية التّوظيف، وهذا نتيجة مجموعة متنوّعة من العوامل منها:

  • صعوبة العثور على موظفين مؤهلين، فأولئك المؤهّلون صاروا يمتلكون كثيرًا من فرص التّشغيل، مثل: التّوظيف عبر النّشاطات الصّغيرة، والتّعاقد الحرّ الخارجي.

  • التّقنيات الحديثة الّتي تقلّل من الحاجة إلى الموظفين.

وهذا كلّه حافظ على بقاء نشاط ريادة الأعمال ثابتًا.

ريادة الأعمال حول العالم

كتب ديفيد جولي مقالًا في بيزنس إنسايدر (Business Insider) سنة 2017 بعنوان "تحتاج أمريكا إلى روّاد الأعمال المهاجرين". وجاء فيه: "يشكّل المهاجرون 15 بالمائة من القوى العاملة الأمريكية، و 25 بالمائة من القوى العاملة في البلاد من روّاد الأعمال تشمل 40٪ من الشّركات الناشئة مهاجرًا واحدًا على الأقل."

تستشهد مقالة جولي بدراسة خلصت إلى أنّ احتمال أن ينشئ مهاجر عملًا تجاريًّا أكبر بمرّتين، من احتمال أن يبدأه مولود في الولايات المتّحدة الأمريكيّة.

وفي عام 2016، تم تأسيس 40.2% من شركات Fortune 500 من قِبل مهاجر، أو ابنِ من أبوين مهاجرين على الأقلّ، وذكرت دينا برين في مقال كتبته في مجلة فوربس سنة 2018 أنّ المهاجرين يشكّلون 25% من الشّركات الأمريكية الجديدة، وأنّ الشّركات الجديدة المملوكة للمهاجرين أوجدت 4 إلى 5 ملايين وظيفة، وقد دفعت هذه الإحصاءات، والنّتائج الأخرى دولًا مثل كندا إلى مراجعة سياسات الهجرة الخاصة بها، لجذب المزيد من المهاجرين ذوي العقليّة الرّياديّة.

وقد صنّف تقرير البنك الدولي الصادر في مايو 2018 الولايات المتحدة في المرتبة 53 من بين 190 دولة في ترتيب الدّول حسب سهولة بدء الأعمال التجارية فيها، ويصنّف التّقرير ذاتُه الولايات المتحدة في المرتبة الثّامنة في مقياس سهولة ممارسة الأعمال التجارية، ويشير الاختلاف في هذه التصنيفات إلى أنه بمجرد إنشاء نشاط تجاري، فإنّ عوامل مثل: اللوائح، والتصاريح، والوصول إلى الائتمان، والبنية التحتية، تدعم قدرة صاحب العمل على مواصلة العمل، ولكنّ بدء العمل في الواقع يكون أكثر صعوبة.

كما تعدّ سهولة بدء نشاط تجاري في أي دولة كانت، واهتمامها بدعم نشاط ريادة الأعمال، أمرًا حاسمًا في جذب روّاد الأعمال، ودعم قدرتهم على العمل، فيما يقلّل فرض اللّوائح، والقيود، من عدد المشاريع الجديدة تقليلًا كبيرًا.

وقد كان أعلى معدّل لنشاط ريادة الأعمال في جميع أنحاء العالم في 2018 في أنغولا بنسبة 41% ، إذ إنّ اقتصاد الدّخل المنخفض في أنغولا يعني فرص عمل أقل، مما خلق ضغوطًا لإيجاد طرائق أخرى لكسب الدخل، هذا، وقد سجّلت غواتيمالا نسبة 28% والشيلي 25% من نشاط ريادة الأعمال، وتعدّ هذه النّسب عالية جدّا في الاقتصادات المتوسطة، والعالية الدخل، مع الأخذ في الحسبان، أن هذه الاقتصادات توفّر فرص عمل في الشركات القائمة.

أمّا من حيث الابتكار، فبنسبة 47% للهند، وبنسبة 48% لكلّ من لوكسمبورغ، والشيلي، حيث تأخذ هذه الدّول زمام المبادرة في تقديم منتجات، وخدمات جديدة لم تكن متاحة من قبل، ويعكس هذا النّشاط الرّيادي سهولة بدء الأعمال التجارية، في حين تصنّف هولندا، وبولندا، والسويد، أسهل الدول التي يمكن أن تبدأ فيها نشاطا تجاريًّا جديدًا، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أنّ العديد من الناس في تلك البلدان ينظرون إلى ريادة الأعمال على أنها أسلوب حياة جذّاب، كما يساهم دعم الدّولة لسلوك ريادة الأعمال بالإضافة إلى الفرص الاقتصادية المتوفّرة فيها في تحديد عدد الأشخاص الذين يمارسون أنشطة ريادة الأعمال.

ومن منظور الجنس، يوجد حاليًا أكثر من 11 مليون شركة مملوكة للنساء في الولايات المتحدة، وهذا الرّقم يشمل كلّا من أصحاب الأعمال الصغيرة، وروّاد الأعمال، فقبل ثلاثين عامًا، لم يكن هناك سوى 4 ملايين شركة مملوكة للنساء، بل ارتفع عدد الأعمال التّجارية المملوكة للنساء بنسبة 45% بين عامي 2007 و 2016، وهو أسرع بخمس مرات من المتوسّط الوطني.

بدء رحلتك الريادية

كيف تتلاءم فرصك مع الرّحلة الريادية؟ سيساعدك هذا الفصل على استكشاف إمكاناتك، وسبر أغوار فرصك في اعتماد ريادة الأعمال خيارًا وظيفيًّا.

اجعل هذه التّجربة الاستكشافية طريقة لرسم استراتيجيّة الوصول إلى أهدافك، أو أحلامك، ولنفترض أنّ عطلة أحلامك هي نزهة مشي طويل في جبال حديقة جلاسير الوطنيّة في ولاية مونتانا الأمريكية؛ حيث يتمتّع مشاة الجبال –كما تعلم- بمستويات مختلفة من الخبرة، والحال ذاتها فيما يخصّ أصحاب المشاريع، كما تتضمن خطتك لرياضة المشي لمسافات طويلة في البرية، العديد من المراحل، كذلك فإنّ رحلتك في مجال الأعمال فيها مستويات متعددة؛ من اكتشاف الذات والاستكشاف، والتجارب، والإنجازات، في طريقك إلى النجاح.

وبناء على ما شرحناه سابقًا، فإننا نعني بمصطلح "مشروع ريادة الأعمال" أيّ نوع من الأعمال التجارية الجديدة، أو المنظّمات، أو المشاريع، أو العمليّات المربحة، الّتي تنطوي على شيء من المخاطرة في اقتناص فرصة ما، لم تكن موجودة من قبل، لذلك فإنّ لكلّ قصة نجاح في ريادة الأعمال، يتم مشاركتها، مثل قصة Facebook أو Airbnb، هناك قصص نجاح ريادية أقلّ شهرة مثل Zipline، وهي شركة تقدم الإمدادات الطبية في رواندا، وغانا، بطائرة بدون طيار، وقد واجه روّاد الأعمال هؤلاء معضلات جمة في السّعي وراء شغفهم، أو الفرص التي قادتهم إلى مصيرهم في ريادة الأعمال، حيث خرجوا بشجاعة من مناطق راحتهم، لاستكشاف الاحتمالات التي تنتظرهم.

ولكنْ، ما الفرق بينك، وبين روّاد الأعمال؟ الفرق الرّئيس هو اتّخاذ الخطوة الأولى، فكثير من الناس لديهم أفكار تتناسب مع تعريف فكرة ريادة الأعمال، ولكنّهم لا يتّخذون تلك الخطوة الأولى، وكما يقول الفيلسوف الصّيني لاو تزو: "كلّ رحلة تبدأ بخطوة واحدة".

إن فتح مستقبلك لإمكانية بدء مشروعك الخاص، يجلب تجارب جديدة، ومثيرة (الشكل 2.2). حيث يخطو كلّ رائد أعمال عدّة خطوات من التفكّر في رحلة ريادة الأعمال، وبمجرد أن تفهم هذه الرحلة، ستساعدك الخطوات في تحديد مسارك نحو إنشاء مشروعك الجديد، وبدء تشغيله، إذ تقدّم كلّ خطوة من هذه العملية مستوى جديدًا من الفهم، يؤهلك للنّجاح على المدى الطويل.

كيف ستحقّق هذا النجاح؟ من خلال اتخاذ خطوة واحدة في كل مرة، والاستكشاف والتعلم، والتفكّر في أفكار، وتوقّعات جديدة، ثمّ تطبيق هذه التّجارب لتحقيق نتائجك الشخصية، فكّر في رحلة ريادة الأعمال على أنّها دليل لمعرفة ما ينتظرك، عندما تبدأ مشروعك الجديد.

Journey.jpg

"الشّكل 2.2: قد يبدو بالنّسبة للبعض أنّ الاستعداد للرحلة الرياديّة أشبه بالذّهاب في مغامرة تجديف نهريّ، حيث يجتمع جمال المناظر، مع بعض التّحدّيات المثيرة، بل والمخيفة أحيانا. حفظ الحقوق "Hadns Up" بواسطة جيرامي جانين / فليكر، CC BY 2.0."

تتمثّل إحدى مزايا رسم الخطّة خطوة بخطوة في فرصة استكشاف مسارات، أو سلوكيات مختلفة، قد تؤدّي إلى مشروع ريادي. فكّر مرة أخرى في حلمك لزيارة حديقة جلاسيير الوطنية، وكيف ستصل إلى هناك؟ ما المعدّات الّتي ستحتاجها؟ ما أنواع التّجارب الّتي تتوقّعها؟ اجعل رحلة الحديقة الوطنية، رحلتك في ريادة الأعمال، تشبيه هدفه مساعدتك أثناء إنشاء حياتك المهنية كرائد أعمال.

ما الذي يجعل شخصًا مستعدًا، أو راغبًا في اختيار ريادة الأعمال، بدلًا من أن يصبح موظفًا في شركة راسخة، أو صاحب شركة صغيرة؟ يتطلب الأمر الثّقة، والشّجاعة، والتّصميم، والمرونة، وبعض الدّراية لاختيار ريادة الأعمال مهنةً، بالإضافة إلى إدراك الفرصة.

يُعرَّف رائد الأعمال على أنه شخص فوق إدراكه للفرصة؛ فهو مستعدّ لاقتناصها، فكلا الإجراءين مطلوب، فقد نتمكّن من تحديد فرصة، لكنّ كثيرًا من الناس لا يستغلّونها، فالثقة، والشّجاعة، والرّغبة، كلّها ضروريّةٌ لاتخاذ هذه الخطوة الأولى، بالإضافة إلى تذكر ما يلي:

  • أنت فريد، حتّى ولو حاول شخصان متشابهان إطلاق المشروع ذاته، فمن المحتمل ألاّ تكون النّتائج هي نفسها، وذلك لأن لكلّ منّا أفكارًا، ونهجًا، وموارد متاحةً، ومستويات راحةٍ مختلفةً، وكلّها تؤثر على تطوير المشروع، ونجاحه في نهاية المطاف.
  • على الرّغم من عدم وجود قواعد، أو نظريّات دقيقة، وسريعة حول أفضل طريقة للانطلاق في ريادة الأعمال، إلاّ أنّه يمكننا اكتساب الحكمة من الدّروس المستقاة من أصحاب المشاريع ذوي الخبرة.
  • يتطلّب اختيار مهنة ريادة الأعمال الصّدق، والتّفكير، وميلا إلى حبّ العمل، وستحتاج إلى التعرّف على نقاط قوّتك، وحدودك، والتزامك لتحقّق الصّدق المطلوب مع نفسك، أمّا التّفكير فمطلوب لتحقيق النموّ الشّخصي بالسّعي وراء تحسين مهاراتك، وتعاملاتك، وصنعك للقرار، وأمّا الالتزام فمطلوب للحفاظ على نسق رغبتك في جعل المشروع الجديد، أولويّة قصوى في حياتك، وستحتاج -أيضًا- إلى قناعة بأنه لا يمكنك إنجاز كل شيء بنفسك، وقد تحتاج إلى طلب المساعدة، لذا، من المفيد أن تكون فضوليًا، ومنفتحًا، وقادرًا على خوض المخاطر المحسوبة، وأن تكون مرنًا، ومصمّما، عندما تواجه تحدّيات، أو عقبات.

سفرية ريادة الأعمال

رحلة ريادة الأعمال هي استكشافك لتحديد ما إذا كانت ريادة الأعمال مناسبة لك، فكلّ رحلة ريادية، هي فريدة من نوعها، ولن يواجهها شخصان بالطريقة نفسها، فسوف تجد على طول الطريق الفرص، والمخاطر إلى جانب التحدّيات، والمكافآت، لذا، فمن المفيد التّفكير في رحلة ريادة الأعمال على أنها سفريّة مثيرة، أو مغامرة جديدة.

إن معظم الاستعدادات، والخطوات التي تتّخذها من أجل التّخطيط لسفريّة، تشبه تلك المتّخذة لبدء مشروع، تمامًا كما تخطط وتستعدّ لرحلة -بدءًا من الإلهام، وحتى الانطلاق، وأخيرًا في السفريّة- يمكنك اتّباع خطوات مماثلة لبدء مشروعك، ومثلما تستعدّ لأي تحديات، قد تواجهها في السفريّة، من سوء الأحوال الجوية، أو فقدان أمتعتك، أو الضّياع في الطّريق؛ يجب أن تفكر -أيضًا- في العقبات، أو العوائق المحتملة على طول رحلتك في ريادة الأعمال (الشّكل 3.2). اجعل هذه الصعوبات فرصًا لمعرفة المزيد عن العمليّة الرّياديّة، وعن نفسك، وكيف تخوض التحديات.

Trip.jpg

"الشّكل 3.2: تتضمن رحلة ريادة الأعمال عقبات، وحواجز محتملة،و يجب على العابرين لهذه السّبيل تجاوزها. حفظ الحقوق: ""فليكر / مضمار العقبات في قاعدة تاجي التابعة للجيش الأمريكي"" بواسطة الجيش الأمريكي ويكيميديا كومنز - مادة مشاع."

ويمكن أن يكون تطوير المشروع تجربة مثيرة، ونشطة، كما يحتاج -أيضًا- إلى كثير من العمل الشاق، والّذي يمكن أن يكون مجزيًا، وممتعًا على حد سواء، ونقدّم هنا رحلة ريادة الأعمال في سبع خطوات، أو تجارب محدّدة، ستواجهها على طول الطريق، لتصبح رائد أعمال، كما ستجد المزيد من المعلومات حول رحلة ريادة الأعمال، في فصول أخرى في هذا الكتاب.

  • الخطوة 1: الإلهام: ما هو دافعك لتصبح رائد أعمال؟

  • الخطوة 2: الإعداد : هل لديك ما يلزم لتصبح رائد أعمال؟

  • الخطوة 3: التقييم: ما هي الفكرة التي تخطّط لتقديمها من خلال مشروعك؟

  • الخطوة 4: استكشاف الموارد: ما هي الموارد، والخصائص التي تحتاجها لجعل هذا المشروع يعمل؟

  • الخطوة 5: خطّة العمل: ما هو هيكل العمل، ونموذجه اللّذان ستعتمد عليهما في مشروعك؟

  • الخطوة 6: الملاحة: في أي اتّجاه ستأخذ مشروعك؟ من ستقصد لطلب الإرشاد؟

  • الخطوة 7: التّدشين: متى، وكيف، ستدشّن مشروعك؟

أثناء خوضك كلّ خطوة من رحلة ريادة الأعمال، يجب أن تستعدّ لجوانب مهمة من هذه التجربة، وسوف تقابل مكافآت وتحديّات، كما ستواجه بنتائج القرارات المتّخذة في نقاط مختلفة على طول رحلتك، لتسهيل تصوّر خطوات رحلة ريادة الأعمال. تخيّل رحلة المشي الطّويل إلى الحديقة الوطنية (الجدول 1.2). تمامًا كما تختلف خبرات ممارسي المشي الطّويل، فكذلك يتمتّع روّاد الأعمال بخبرات مختلفة.

وازن بين جوانب التّحضير للمشي الطّويل، وبين جوانب رحلتك في ريادة الأعمال.

تشبيه رياضة المشي برحلة ريادة الأعمال
نوع الرياضي مستوى مهارة المشي في الجبال ما يعادله في رحلة ريادة الأعمال
ماشٍ خبرة مشي بسيطة ،أو محدودة. اطّلاع جديد، أو محدود على ريادة الأعمال.
لم يبدأ مشروعًا من قبل.
متسلّق * خبرة مشي متوسّطة.
مهارات خاصّة في المغامرة والأسطح الصّعبة.
بعض المعرفة أو الخبرة الرّياديّة.
الاطّلاع على ريادة الأعمال، عبر العائلة، أو صديق في العمل.
جبليّ رياضيّ خبير، ذو مهارات تقنيّة في تسلّق الهضاب، والجبال. رائد أعمال خبير.
حاول، أو أطلق مشروعًا (منفردًا أو مع شريك).

الجدول 1.2

الخطوة 1: الإلهام

عندما تفكّر في أن تغدو رائد أعمال، ما هو الإلهام لمشروعك؟ فكما يكون لديك مصدر إلهام لرحلة المشي لمسافات طويلة، نحو حديقة جليشر الوطنية، ينبغي أن يكون لديك مصدر إلهام، وراء قرارك أن تصبح رائد أعمال، عندما تخطّط لرحلة إلى مكان جديد، ومثير، هناك شيء واحد يمكنك القيام به، وهو تخيّل ما ستختبره خلال الرحلة، وعند الوصول إلى وجهتك (الشّكل 4.2).

يتضمّن هذا الجزء من رحلة ريادة الأعمال، تخيّل نفسك رائد أعمال، أو جزءًا من فريق ريادة أعمال، في هذه المرحلة ستحتاج إلى حالة ذهنية إبداعية، ومنفتحة، ومبتكرة، تُعرف -أيضًا- باسم عقليّة ريادة الأعمال، والّتي نناقشها بمزيد من التفصيل في "عقليّة ريادة الأعمال" و"الإبداع، والابتكار، والاختراع". اجعل أحلامك بمستقبلك الممكن، وفرصك المحتملة، أحلامًا كبيرة. (الشّكل 5.2).

Raise.jpg

"الشّكل 4.2: رحلة ريادة الأعمال لا تقلّ أهميّة عن الوصول إلى وجهتك. حفظ الحقوق: ""تحدّي Raise في المناظر الطّبيعيّة - جبل"" بواسطة محمد حسن / بيكسابي CC0."

Inspiration.jpg

الشّكل 5.2: عندما يُلهم المرء لبدء مشروع رياديّ، لا يلبث أن يتساءل عن قدرته في تنفيذه، ويشرع في إدراك العوائق الّتي تحول دون ذلك. حفظ الحقوق: جامعة رايس، Openstax / ترخيص CC BY 4.0.

الخطوة 2: الإعداد

تحتاج من أجل التّجهيز لسفريّة، والإعداد لرحلة ريادة الأعمال إلى خطّة (الشّكل 6.2). قبل سفريّة المشي التي تحلم بها، يمكنك جمع معلومات حول الحديقة الوطنيّة، من مصدر موثوق به، مثل صديق جيد، لديه خبرة في السفر، أو يمكنك إجراء بحث عبر الإنترنت، ويمكن أن تكون تعليقات صديقك الدّافع المناسب الّذي تحتاجه لخوض هذه التّجربة بنفسك، كما يمكنك الاعتماد على بحثك لتحديد ما إذا كانت الرحلة ممكنة، كما ستحتاج إلى إلقاء نظرة على الخرائط، إمّا عبر الإنترنت، أو على الورق، وفي كلتا الحالتين، يمكنك -أيضًا- التّفكير في خيارات السفر، والإقامة، مثل: حجز رحلة طيران، والعثور على مكان للإقامة، كما قد ترغب -أيضًا- في تسجيل معايير للتّوفيق بين رحلتك، ومواردك المتاحة، مثل مقدار الوقت، ومقدار الأموال التي عليك إنفاقها على السفريّة.

معايير الموازنة؛ هي طريقة لتتبع التوقّعات المستهدفة مع النّتائج القابلة للتّنفيذ من خلال موازنة أداء شركتك مع متوسّط الأداء في مجالها، أو مع شركة رائدة في المجال، أو مع قطاع من السّوق، ويمكن أن تساعد معايير الموازنة في تصميم سفريّة تحقّق الأهداف، والجداول الزمنية المضافة، من منظور كلّ من خطة السّفر، وريادة الأعمال.

وعلى الرغم من أنّ معايير الموازنة لا تستخدم إلاّ كآليّة تحكّم، غير أنّ المواقف يمكن أن تفرض تغييرًا في الخطة، مما يستدعي تعديلًا في معايير الموازنة.

SantaRosa.jpg

"الشّكل 6.2: من المهمّ التّخطيط للرّحلة الرّياديّة كما تخطّط لسفريّة. حفظ الحقوق: ""#conservationlancd15 نسخة التواصل الاجتماعي. 15 أغسطس، في نصب سانتا روزا وسان جاسينتو بكاليفورنيا"" بواسطة Bureau Of land Management / فليكر، CC BY 2.0. "

للتخطيط لرحلة ريادة الأعمال، يجب عليك أولًا إجراء بعض الأبحاث الاستباقيّة بشأن فكرة مشروعك، وإذا أردت صورة واضحة عن المشروع، فيجب أن يكون بحثك صادقًا، وموضوعيًا، ويمكنك، بعد ذلك، تنظيم البحث، والأفكار، وتحديد أولوياتها، فعلى سبيل المثال: قد ترى فكرة مثل فكرتك عبر الإنترنت، أو على التلفزيون، وتشعر بخيبة أمل لأن أحدهم سرق فكرتك الرائعة، أو سبقك إليها، هذا أمر شائع في ريادة الأعمال، ولكن لا ينبغي أن يثبط عزيمتك، وبدلًا من ذلك، استخدم المعرفة، والطّاقة، للعثور على جانب مغْفَل، أو مختلف، من فكرتك الأصلية، فقد يكون الفرق هو التّركيز على سوق مستهدف مختلف، أو مجموعة محدّدة من المستهلكين الّذين تتصوّر تطوير منتج، أو خدمة لهم، علاوة على ذلك، من الأهمية بمكان التّركيز على توسيع نطاق المنتج، أو الخدمة لإفرادها بفوائد تختلف عن الفوائد الموجودة، أو تلك الّتي يقدّمها المنافسون، إن التّركيز على سوق مستهدف مختلف؛ هو بالضبط؛ كيفية إنشاء الهاتف الذكيّ Jitterbug، لأنه يستهدف كبار السن، حيث يوفّر هذا الهاتف الذكيّ شاشة أوسع، وأزرارًا أكبر، وميزات أبسط، تسهّل على كبار السنّ إجراء مكالمات سريعة، أو إرسال رسائل نصية.

يشمل التحضير -أيضًا- تخصيص مساحة في حياتك من الوقت، والطّاقة، تلتزم بهما في دعم مشروعك الجديد، فهل الأشخاص المهمّون في حياتك على استعداد لدعم الاهتمام، والشّغف بهذا المشروع الجديد؛ الّذي تريد تخصيص الوقت، والطّاقة، والموارد الأخرى له؟

راجع الأسئلة في (الشّكل 7.2) لتأخذ إجاباتك عليها في الحسبان، ونناقش التّحضير عبر البحث، والنّشاطات الأخرى بتفاصيل أعمق في "تحديد الفرصة الرّياديّة".

Preparation.jpg

الشّكل 7.2: في خضمّ إعدادك لمشروعك، ينبغي أن تتساءل: ماذا تريد أن تحقّق؟ وماذا تريد أن تعرض؟ وماذا تريد أن تستهدف؟ كما يجب أن تتفكّر في العوائق المحتملة، الّتي قد تشكّل تحدّيات لك. حفظ الحقوق: جامعة رايس، Openstax / ترخيص CC BY 4.0.

الخطوة 3: التقييم

الآن، بعد أن قرّرت أين تذهب لرحلتك، وجمعت المعلومات للتحضير لها، فإنّ الإجراء الآتي هو إنشاء جدولك الزمني وتحديده، وهذا الإجراء بسيط، ولكنّه حاسم، لأنه يتضمن ربط، وتنسيق المعلومات، والموارد التي تناسب نمط حياتك واحتياجاتك.

وعلى سبيل المثال: يمكنك جدولة توصيل صباحي باكر، عبر أوبر، أو ليفت، إلى المطار، واستلام بطاقة طائرتك إلكترونيّا على هاتفك، أمّا بالنسبة لرحلة ريادة الأعمال، فقد تعتمد هذه المرحلة تحديدًا، على العلاقات المناسبة، وجمع الموارد اللازمة.

بالنسبة للعديد من روّاد الأعمال، قد توفّر فرصة تلقّي التوجيه من المستشارين الموثوقين، أو الموجّهين، رؤية قيّمة حول كيفية إدارة العملية، فهذه الخطوة تسمح لك بالتأمّل في فكرتك، ونواياك، وبعد الانتهاء من البحث، وجمع المعلومات حول فكرتك من خلال خطوة التحضير، هل مازالت الفكرة قابلة للتطبيق؟ أم مازالت الفكرة مثيرة للاهتمام بالنسبة لك؟ مع فهم أفضل للصناعة، وفكرتك، واهتماماتك التي اكتسبتها في الخطوة الثّانية (الإعداد)، أترى هذه الفكرة شيئا مازلت تريد استكشافه؟

تتم مناقشة هذه الخطوة مناقشة كاملة في حل المشكلات، وتقنيات التعرف على الحاجة، مع تغطية أعمق لموضوع التعرّف على الفرص (الشّكل 8.2).

Assessement.jpg

الشّكل 8.2: يسمح تقييم العلاقات والموارد بتحسين فكرتك ونواياك. حفظ الحقوق: جامعة رايس، Openstax / ترخيص CC BY 4.0.

الخطوة 4: استكشاف الموارد

بغضّ النّظر عن المكان الذي قد تسافر إليه، لا يمكنك إكمال رحلتك بدون موارد كافية؛ مثل: التمويل المتاح، فهناك العديد من الطّرائق التي يمكنك من خلالها تمويل رحلة التنزه ومنها: المدّخرات مثلًا، أو القروض، أو الدّفع أولًا بأول، أو الرّعاية؛ (الأسرة، أو الأصدقاء)، أو أيّ مجموعة من هذه الخيارات، على سبيل المثال لا الحصر.

وبغض النّظر عن كيفيّة تمويل رحلتك، فقد يكون من المفيد أن يكون لديك رصيد متاح من النّقد، ومن بطاقات الائتمان لدعم نفقاتك اليومية، وأيّ أنشطة خارجة عن الحسبان، أو حتّى حالات الطوارئ غير المتوقعة.

يتكرّر هذا السيناريو في رحلة ريادة الأعمال، فكما أنك لن تبدأ سفريّة بدون موارد كافية، بما في ذلك توفير المال الكافي، فأنت لن تبدأ رحلتك في تنظيم المشاريع بدون الموارد اللازمة، بما في ذلك المال، فالخيارات بين تمويل سفريّة، وتمويل مشروع جديد، متشابهة، ولكنْ لها أسماء مختلفة، فعلى سبيل المثال: في السفريّة، يمكنك استخدام المال الموجود في حوزتك، من المدخرات، أو القرض الشخصي، أما بالنسبة لرحلة ريادة الأعمال، يمكنك اعتماد إدارة النّقد [والّتي تعني إدارة التدفّقات النّقدية الواردة، والخارجة، لدعم احتياجات المشروع الماليّة] لتضمين **التمويل الذاتي **(Bootstrappi)، وهي استراتيجية تمويل؛ تسعى إلى الاستخدام الأمثل للأموال الشّخصيّة، والاستراتيجيّات الإبداعيّة الأخرى (مثل المقايضة) لتقليل التدفقّات النّقدية الخارجة. (راجع التمويل، والمحاسبة الرّياديّان للحصول على مزيد من المعلومات حول Bootstrapping). يتضمن التمويل الذاتي أفكارًا مثل: الاستئجار، بدلًا من الشراء، أو اقتراض الموارد، أو استبدال الموارد الضّروريّة بالموارد غير المطلوبة.

ومن أمثلة إدارة النقد الأخرى: نموذج عمل تقدّم فيه اشتراكات دوريّةً، بدلًا من دفعة واحدة في عمليّة شراء واحدة، فنظام الاشتراكات هذا، يوفّر لرائد الأعمال المال مقدَّما، مع تلقّي المشتري للمزايا على مدار العام. تفكّر في المثال التّالي: تقدّم أمازون خدمة Prime مع اشتراك سنوي، بالإضافة إلى الاشتراك، والحفظ، وAmazon Instant Video، وAmazon Mom، وAmazon Web Services، وكلها تعتمد على نموذج أعمال الاشتراك.

ووفقًا لموقع Entrepreneur.com، تقدم النماذج المحتملة الأخرى، والقائمة على نظام الاشتراكات، وعلى خدمات، ومنتجات موجّهة للمستهلكين الأكبر سنًا، تقدّم فكرة مماثلة وهي خدمات طلاّب الجامعات، فكلتا الفكرتين تقدّمان لأفراد العائلة اشتراكًا يرسل هدايا، أو منتجات شهرية، كما نرى -أيضًا- هذا النموذج المقدم لأصحاب الحيوانات الأليفة، الّذين يدفعون اشتراكًا شهريًّا لتلقي الهدايا، والألعاب لحيواناتهم الأليفة.

وإذا عدنا إلى أمازون، فإننا نرى أنّ الشّركة تسهّل الشّراء المتكرّر للمنتجات المستخدمة بكثرة، مثل الفيتامينات، وفلاتر الهواء.

رائد أعمال في الميدان

شركة Prospurly

Prospurly هي شركة قائمة على الاشتراك، وهي تستخدم منصّة الاشتراك Cratejoy لبيع المنتجات الحرفية صغيرة الحجم للاستحمام، والجسم، والمنزل، وتسويق نمط حياة طبيعيّ، يركّز على سعادة العيش، بحياة بسيطة، وهانئة. قم بإجراء بحثك حول Prospurly، وشركات أخرى قائمة على الاشتراك الدّوري.
للمزيد من المعلومات عن هذه الشّركة، وانتقالها من فكرة مجردة إلى أموال، وأرباح. اقرأ المقالة: "كيف أنشأت نشاطًا تجاريًا للاشتراك كَسِبَ أكثرَ من 50 ألف دولار في 6 أشهر".

من الأفكار الأخرى لإيجاد التّمويل، التقدّم للحصول على "منحة تمويل"، وتتطلّب أهميّة النّقد، وإدارته تغطية متعمّقةً نقدّمها في التّمويل، والمحاسبة الرّياديّان، وخيارات هيكل الأعمال: المسائل القانونية، والضريبية، وقضايا المخاطر.

تتضمّن فكرة استكشاف الموارد، العديد من الخيارات الأخرى، إلى جانب كيفية تمويل مشروع جديد أثناء التشغيل التجريبي، قد تعرض منتجك، أو خدمتك للبيع في سوق محدود على أساس تجريبي، لتقييم الموارد الإضافية اللازمة لدعم نجاح المشروع (الشكل 9.2). ومن الأماكن الّتي يكون فيها التّشغيل التجريبي مناسبًا، اعتمادًا على منتجك؛ أسواق المزارعين، أو المبيعات داخل المنزل، أو من خلال الأصدقاء، والعائلة، وتكمن الفكرة في تتبع التعقيبات التي تتلقاها حول منتجك، أو خدمتك، وكيف يتفاعل الناس مع السعر، وجودة المنتج، والعبوة؟ ويمكنك التجربة عن طريق تحديد متغير واحد لتعديله: تغيير السّعر مثلًا، أو التغليف، أو عرض المبيعات، أو العرض التّقديمي، أو الكمية. ثمّ تتبع ردود الفعل، وإجراء التحسينات بناءً على هذه الملاحظات، وقد تقرّرُ بعد ذلك تعديل المتغيرات الأخرى لجمع المزيد من المعلومات، بالإضافة إلى التفكير في الموارد الأخرى اللازمة لنجاح المشروع الجديد.

نناقش التمويل، وأفكار الحفاظ على استقرارك المالي، مناقشةً أكثر شمولًا في التّمويل، والمحاسبة الرّياديّان.

TrialRun.jpg

الشّكل 9.2: يمكنك في التّشغيل التّجريبي استهداف سوق محدودة لاختبار منتجك، أو خدمتك. حفظ الحقوق: جامعة رايس، Openstax / ترخيص CC BY 4.0.

الخطوة 5: خطّة العمل

إن القدرة على السفر، وزيارة أماكن جديدة، هو امتياز، وفرصة رائعة، لاكتساب الخبرة، والاطلاع على فرص جديدة، بالإضافة إلى العمل المطلوب في التحضير لسفرية، فإنّ السّفر ذاته يستدعي اتخاذ قرارات مستمرة لتحقيق الأهداف، والنتائج المرجوة، فعلى سبيل المثال، هل يجب أن تسافر إلى مكان واحد في حديقة جليشر الوطنية، وتستكشف هذه المنطقة بعمق؟ أم تحاول زيارة أكبر عدد تسمح به مواردك من أماكن المنطقة؟

يتمثل التحدّي في هذه الخطوة من رحلة ريادة الأعمال، في الاستمرار، والتركيز على إدارة مواردك لتحقيق أهدافك، ونتائجك أثناء كتابة خطّة عملك لمشروعك الجديد، وسوف تحتاج إلى التركيز على المهارات، والخبرة، والموارد اللازمة لمشروعك، والإدارة، وصنع القرار المطلوبين لضمان النجاح، وتعديل خطتك بناءً على التغييرات، والمعلومات الجديدة. ويمكن أن تجد موقعًا في الحديقة حيث تريد الإقامة لبضع ليالٍ، مما يدفعك للتخلي عن خطّة عملك الأصلية (التي تمت مناقشتها في نموذج، وخطّة الأعمال ) إلى إجراء تعديلات، وتغييرات، بناءً على المعلومات، والحقائق الجديدة.

كن صادقًا مع نفسك من خلال إجراء فحص واقعي حول قدرتك على إدارة مشروع، خاصة من منظور القدرات الشخصية، فعلى سبيل المثال: إذا بدأت مشروعًا تجاريًا، فهل سيكون مشروعًا بدوام جزئي، أم بدوام كامل؟ هل ستبدأ في المدرسة؟ أم ستنتظر حتى بعد التخرج؟ يمكن أن يكون توقيت فتح المشروع هو الفرق بين النجاح، والفشل، ضع في حسبانك الفرق بين المشي لمسافات طويلة في الحديقة الوطنية في منتصف فصل الشتاء، عندما تكون درجة الحرارة نهارًا 34 درجة مئوية تحت الصّفر، والمشي لمسافات طويلة في منتصف الصيف، عندما تكون درجة حرارة النهار 26 درجة مئويّة. يعدّ توقيت زيارتك للحديقة جزءًا مهمًا من استمتاعك، ونجاحك في الوصول إلى وجهتك، فأنت ستنتبه عند التخطيط لرحلتك، إلى وقت مغادرتك، لضمان الاستمتاع، والنجاح في مغامرتك. وبالمثل، كجزء من خطة عملك، ستبحث -أيضًا- عن أفضل وقت لإطلاق مشروعك.

أخيرًا، من الممكن -كثيرًا- أثناء سفرك أن تضيع، أو تنهار تحت الضّغوط، أو تُحرف عن طريقك، فإذا تهت أثناء السفر، فقد تستعين بتطبيقات التنقل مثل خرائط Google أو Waze أو HERE WeGo للعثور على طريقك لفّة بلفّة، أو ربّما تستعين برابط إلكترونيّ، أو خريطة مطبوعة، أو خبير محليّ، أو دليل على دراية بالمنطقة. إن خطّة العمل هي خريطتك، لذا يجب عليك تحديد نقاط القرار، ومعالم الطّريق في خطتك، هذه المعالم يمكن أن تتضمّن اللّحظة الّتي تصل فيها إلى التّعادل، حيث يَنتج عن الدّخل عائدات كافية تمامًا لتغطية التكاليف.

إذا كانت التوقعات المالية في خطة عملك غير قابلة للتحقيق، فما هي خطوتك الآتية ضمن الخطة؟ إذا لم تصل إلى المعالم المحدّدة في خطة عملك، فما الخيارات البديلة التي يمكنك اتخاذها لإعادة توجيه مشروعك؟ يجب أن تعْلمك خطة العمل، في مسودتها الأولى، ما إذا كان لمشروعك فرصة للنّجاح، وإذا كانت هناك مناطق سلبية، فما الذي يمكنك تغييره؟ يمنحك تجهيز هذه الخطة قبل بدء العمل، المعرفة، والخبايا حول فكرتك، أجرِ أيّ تغييرات ضروريّة على الخطّة، لتعزيز إمكانيّة النّجاح. بعد ذلك، وعندما تبدأ المشروع، تتبّع إن كان واقع المشروع يتوافق مع توقّعات خطّة عملك، واحتمالاتها، وتؤدّي خطة العمل دور خريطة طريق لمساعدتك على رؤية وجهتك الآتية، في بناء مشروعك من جهة، ودور قائمة مرجعيّة لتتبع ما إذا كنت في المسار الصحيح، أو تحتاج إلى إجراء تعديلات.

عندما يحيد روّاد الأعمال عن المسار الصحيح، يمكنهم الاستعانة بمواقع المساعدة الذّاتيّة، أو التحدّث مع مدرب أعمال، أو مستشار، أو الاتصال بالوكالات، أو المنظمات المحلية، بما في ذلك "إدارة الشّركات الصّغيرة SBA" الفيدراليّة، وهي منظّمات تقدّم استشارات مجانية (أو منخفضة التكلفة) للمشاريع الصغيرة، والإرشاد، والتدريب. سنناقش هذه الموارد بمزيد من التعمق في بناء الشبكات، والأسس. ينظر إلى أسئلة المراجعة، وأسئلة المناقشة في نهاية هذا القسم؛ للتحضير لإنشاء خطة عملك، كما نناقش خطط الأعمال (الشكل 10.2) في نموذج، وخطّة الأعمال.

Businessplan.jpg

الشّكل 10.2: يمكن لخطّة العمل أن تمنحك رؤية عميقة حول فكرتك قبل إطلاق المشروع، وأن تساعدك في تعديل شركتك قبل افتتاحها، لمنحها فرصة أفضل للنجاح. حفظ الحقوق: جامعة رايس، Openstax / ترخيص CC BY 4.0.

الخطوة 6: الملاحة

بمجرد الانتهاء من رحلتك، فكّر في التجارب التي مررت بها، بغض النظر عن شعورك حول جودة تخطيطك، إذ لا يمكن بأيّ حال من الأحوال، الاستعداد لجميع التحديات، والتغييرات، والعقبات المحتملة التي قد تحدث: رحلات الطّائرة الفائتة، أو المتغيرة.

  • سوء الأحوال الجوية.

  • مرض غير متوقع.

  • ممر، أو طريق مغلق للإصلاح.

  • حظ جيّد غير متوقّع.

ما هي أجزاء الرحلة التي سارت على ما يرام؟ إذا واجهت مشكلة، كيف تعاملت معها؟ هل كانت المشكلة شيئًا كنت تتوقعه وخططت له؟ أم أنها كانت غير متوقعة؟ ماذا فعلت، وتعلمت من التجربة؟ إذا كنت تخطط لرحلة إلى متنزه وطني آخر، فماذا كنت ستفعل بشكل مخالف لما فعلته في مرحلة التخطيط الأولى الخاصة بك؟

تمامًا مثلما يتكيف المسافرون المخضرمون مع ظروفهم، ويتعلمون من تجاربهم، يجب عليك -كونك رائد أعمال- أن تتعلم التكيف من خلال إدارة التحديّات، ومواجهتها مباشرة، بعد الانتهاء من خطة عملك، ربما تحتاج إلى تعديل خطتك (الشكل 11.2). قد تقرّر أنّه لن يكون لديك ما يكفي من الموارد لإبقاء المشروع، حتى بلوغ نقطة التعادل، أو قد تستنتج أن الموقع الذي حددته لم يعد متاحًا، وهناك متغيرات عديدة تتطلب المزيد من الاستكشاف، والبحث.

امتلاك عقلية ريادة الأعمال، سيجعلك مستعدًا استعدادًا أفضل عندما تظهر الفرص، أو التحديات، أو العقبات، وعلى الرغم من أنك لن تكون قادرًا على التنبؤ، أو التخطيط لكل سيناريو محتمل على طول رحلة ريادة الأعمال؛ إلا أن عقلية ريادة الأعمال ستساعدك على أن تكون واسع الحيلة، عندما تحين الفرص، أو تلوح التحديات، أو تطل خيبات الأمل، من خلال جرد الموارد المتاحة لديك، ويمكنك -أيضًا- الحصول على صورة أفضل لما قد تحتاج إلغاءه، أو الاحتفاظ به، أو التخلص منه، أو حتى إذا كان الاتجاه الجديد هو أفضل مسار للعمل؛ ففي رحلتك في ريادة الأعمال، يُعد تقييم التجربة، أو الموقف، فرصة مثالية لك لتحديد مدى واقعية أحلامك، وأهدافك، أو طموحها المبالغ فيه، أو سذاجتها.

يستكشف هذا الفصل رؤيتك لمستقبلك، ومشروعك، فهل تتضمن رؤيتك مستوى من المرونة بما يتيح استكشاف خيارات جديدة عند اكتشاف معلومات جديدة؟

Navigation.jpg

الشّكل 11.2: تنطوي الملاحة على الاستعداد، وإجراء التّغييرات عند مواجهة العقبات. حفظ الحقوق: جامعة رايس، Openstax / ترخيص CC BY 4.0.

الخطوة 7: التّدشين

الإطلاق الفعلي (أو التّدشين) هو الحدث المثير عندما تفتح عملك، فعند وصولك إلى هذه النقطة، تكون قد أدخلت تحسينات على منتجك من خلال التّعقيبات الّتي تلقّيتها أثناء التشغيل التجريبي، حيث حدّدت القيمة، أو الفوائد التي يقدّمها منتجك، كما حدّدت السوق المستهدف، وموقع الإطلاق، سواء كان موقعًا جغرافيًا، أو موقعًا على الإنترنت.

ضع في حسبانك السّوق المستهدف، والموارد اللاّزمة لدعم مشروعك عند اختيار موقع الإطلاق، لذا فإننا نقترح عليك اتّباع المعمول به في عالم ريادة الأعمال، حيث تدشّن مشروعك "تحت الرادار" وبعيدًا عن الأضواء؛ حيث يمكنك ارتكاب الأخطاء، وصقل نموذج عملك وعروضك، وتصبح ناجحًا دون أن يلاحظك المنافسون. (سوف تتعلم المزيد عن هذا في التّدشين بنيّة التطوّر لتحقيق النّجاح.)

حتى أثناء إطلاق مشروعك، ستلفت العديد من المتغيرات انتباهَكَ، تمامًا كما تناولنا في الخطوة 7. هذا وتتطلّب الملاحة بين هذه المتغيّرات -بينما ينمو مشروعك- اهتمامًا مستمرًا عند ظهور فرص محتملة جديدة.

رائد أعمال في الميدان

سيكستو كانسل و"فكّروا فينا"

واجه "سيكستو كانسل" بنجاح، تحدّيات النّشأة خارج نظام رعاية الأيتام دون توجيه، ودعم الكبار. ثمّ تخيّلَ نظام رعاية أفضل للشباب ثم اشترك في تأسيس شركة Think of US "فكّروا فينا"، و هي منصّة تساعد الشباب في برنامج الحضانة، على بناء مجلسهم الاستشاري الرقمي الشخصي، من البالغين الداعمين، الذين يعملون كمجموعة افتراضية للتدريب على الحياة.

يقوم البالغون بإرشاد الشباب من خلال نظام الحضانة، والتأكّد من أنّهم قادرون على أن يصبحوا مستقلين عندما يتركون النظام في سن الثامنة عشرة.

لمزيد من المعلومات حول هذا المشروع، يرجى زيارة www.thinkofus.org

ترجمة -وبتصرف- للفصل (The Entrepreneurial Journey and Pathways) من كتاب Entrepreneurship.

اقرأ أيضًا


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...