وصلتني مؤخرًا رسالة من مُتابعة تنوي إطلاق مشروع متعلّق بالتّجارة الإلكترونية:
أهلاً أندرو، أنفقت 5500 دولارًا على (الدورة التعليمية x) على الإنترنت، وأشعر أني تعرضتُ للاحتيال، ولم أجد المجال الذي يجب أن أستهدفه NICHE بعد أُعاني من تكدس في المعلومات بسبب الدروس والنِقاشات الأسبوعية.
أبلغ من العمر 60 سنة، أحب الموضة والجمال، جدة، عزباء وأعيش وحيدة، مُحتاجة للمال، لدي القدرة على العمل لكن ليست لدي خبرة بالإنترنت، طالعتُ مقالاتك وسؤالي هو: كيف أكتشف مجالًا مُخصّصًا Niche؟ أرجو المساعدة! -أليس
أتلقى عددًا مُدهشًا من الرّسائل المُشابهة على بريدي الإلكتروني، من المؤلم قراءتها، لماذا؟ لأنك ترى شخصًا في ضائقة مالية (امرأة عزباء تبلغ 60 سنة، وليس أقل) تنفق مبلغًا كبيرًا من المال في استثمار يبدو جليًا أنه لم يكن جيدًا، فحتى بوضع خسارتها للمال جانبًا، هذه السيدة الآن مُضطربة ومُحبطة. وقد يكون للأمر علاقة بتلك الفكرة السائدة التي تقول بوجود "خلطة" التي من الممكن بفضلها أن تجعل الجميع ينعمُ بالثراء عن طريق الإنترنت.
هذه ليست دعوة ضد البرامج والدورات التعليمية عبر الإنترنت أو ضد المُنتجات التعليمية في حد ذاتها، فعند وقوع هذه الأخيرة بين أيدي الأشخاص المُناسبين ولمّا تحتوي على المادة عالية الجودة، يُمكن لهذه البرامج أن تكون استثمارًا جيدًا.
عندما بدأت، أنفقت 800 دولار شهريًا، للالتحاق بدورة تعليمية حول تحسين أداء محركات البحث SEO والتسويق عبر الإنترنت، عمومًا الـ 4000 دولار التي أنفقتها يُمكن القول أنّها كانت استثمارًا جيدًا، فبفضلها تمكنت من تحصيل مئات الآلاف من الدولارات على شكل زوار، الفرق الأساسي بين حالتي وحالة أليس أنني كنت في وضعية مثالية لتجسيد ما تعلمته، سواء تعلق الأمر بالإطار الزمني أو المهارات.
الأمر الذي أريد إيصاله كرسالة، أنه لن يكون من الحكمة إطلاق مشروع متجرك الخاص، إذا كان ما ترنُو إليه واحدًا من الأهداف التي سأذكرها لاحقًا. ليس الهدف مما أكتب تثبيطك والحط من عزيمتك، وإنما لتقديم وجهة نظر واقعية لما لا يُعرض على صفحات بيع البرامج والدورات التعليمية.
الشيء الوحيد الأكثر سُوءًا من تأجيل مخططات إطلاق مشروعك أو تجارتك هو تضيع شهور بل ربما أعوام من الوقت والمال بسبب عدم النزاهة في إبراز المطلوب لتحقيق النجاح.
1- تبحث عن الربح السريع
إن كان هدفك هو تحقيق ربح سريع، فإطلاق متجر إلكتروني سيكون حقًا فكرة سيئة، إنشاء متجر إلكتروني عملٌ شاق يحتاج أشهرًا عديدة من البحث والتحضير، كما يحتاج في العادة إلى سنين لجني العائدات الضخمة والنتائج المرغوبة، فإذا كنت مُحتاجًا لمدخول إضافي لسداد إيجار هذا الشهر أو لا تملك ما يكفي لتغطية مصاريفك واحتياجاتك، فأفضل ما قد تُراهن عليه هو زيادة مدخولك عن طريق عمل تقليدي كأجير في أقرب الآجال.
هذا لا يعني أن تحكم على نفسك بالعمل أجيرًا لبقية حياتك، وإنما في الحقيقة هذا ما تحتاجه لتسوية أمورك العالقة من مصاريف وحاجيات، فأي شخص يُغريك بإمكانية البدء سريعًا في جني الأموال المُعتبرة بواسطة مشروع صغير على الإنترنت –خاصة مع "نظام" مُعد مُسبقًا-فهو يبيعك وهمًا يستحيل تحقيقه. مثلها مثل جميع المشاريع التقليدية الأخرى، التجارة الإلكترونية تحتاج وقتًا لتنمو وتكبُر.
سيكون مطلوبًا منك أيضًا اتخاذ قرارات لتحقيق أفضل منفعة، تكون طويلة الأمد وتخدم مشروعك، وهو ما يتعارض عادة مع الاحتياجات المالية التي تتميز بالإنفاق الحاني قصير الأمد. فإن كنت ممن يستخدم كل سنت من الأرباح في سداد الفواتير، فلن تستطيع تحمل عملية إعادة استثمار وتمويل مشروعك.
2- تبحث عن ضمانات
مما يصِلني بشكل مُستمر ومتكرر على بريدي الإلكتروني:
"كيف يُمكنُني أن أكون مُتأكدًا من نجاح هذا المشروع؟ لا يمكنني تحمل إضاعة الوقت في فكرة غير ناجحة."
لا توجد ضمانات في عالم ريادة الأعمال، فبالرغم مما قد تُبرمجك الدورة التعليمية على الإيمان به. يبقى المكان الوحيد الذي يضمن لك مدخولًا معلومًا، مُحددًا وفي وقته هو –لقد حزرته! –هي تلك الوظيفة التقليدية التي تعمل فيها كأجير.
كونك رائد أعمال يتطلب منك هذا الوضع اتخاذ قرارات وإجراءات من دون ضمانات النجاح، تلك التي تتخذها مُتبعًا استراتيجيةً، تفكيرًا جيدًا وخطةً مُحكمة، ثم مع نهاية اليوم تمضي قُدُمًا إلى الأمام غاضًا النظر ومُتغلبًا على شُكوكٍ اعترتك جراء اتخاذك لقرارات سابقة، فمع كل مشروع كنت أطلقته، كانت لي شُكوكٌ وتحفظات حول ما إذا كنت سأنجح أم لا، في حين انتهت بعض تلك المشاريع بطريقة مُرضية، انتهت أخرى بطريقة غير تلك. فما كنُت أبدًا لأعرف النتيجة لولا أني تغلبت على شعور الخوف وأخذت زمام المُبادرة.
ثقّف نفسك، ابحث، ثابر، ومن ثم اتخذ القرار مُتغلبًا على مخاوفك وتحفظاتك. هو فعلًا الخيار الوحيد الذي تملك. فإن كُنت لا تستطيع تحمل وقع الخسارة (رهانُك على نجاح المشروع كمثال)، فلا تبدأ فيه أصلًا.
3- لا ترغب في التّراجع خطوة إلى الخلف
البدء في مشروعك التجاري الخاص يتطلب نوعًا من التضحيات، وعادة ما يتعلّق ذلك بالوقت والمال، تحتاج أن تملك واحدة من العُملتين، فإن لم يكون بمقدورك استثمار واحدة من الاثنتين، فلن يكون بمقدورك بناء مشروع فعّال.
كلّ قصة نجاح مشروع لها علاقة جِوار مع الاستثمار، التضحية والتراجع بشكل مؤقت. بالنسبة لي، كنت أعمل كالمجنون وأدخرُ كالبخيل لمدة عامين توفيرًا للمال، بحيث يمكنني بعدها التخلي عن عملي والتركيز على مشروعي، وكمثال آخر حدث مع صديق والذي كان مُجبرًا على التضحية بعطلة نهاية الأسبوع كي يستطيع العمل على متجره الإلكتروني. وحتى بيل غايتس لم يعُد يرتاد هارفارد ليجرب حظه في إطلاق مايكروسوفت –خطوة كهذه، حينها، حتمًا كانت تُعتبر تراجعًا كبيرًا إلى الخلف.
4- معرفتك التّقنية محدودة جدًا
المُلاحظ بشكل كبير اليوم سُهولة إطلاق مشروع على الإنترنت، حتى مُقارنةً مع الأعوام القليلة التي خلت، فخدمات مثل Shopify وBigCommerce جعلت أمر إنشاء متجر إلكتروني مُمكنًا حتى بدون خبرة برمجية مُسبقة وبرصيد تكنولوجي معرفي بسيط، لكن إذا كنت تصفُ نفسك بمن "لا يجيد استعمال الإنترنت" Not Web Savvy (كأليس)، فالأكيد أنك ستجد صعوبة ومشقة.
أن تملك "معرفة بالإنترنت" هو ما ستدفعه كتكلفة محاولة الحصول عل مشروع تجاري فعّال. فإن كنت تجد صعوبة في إنشاء بريد إلكتروني، إدارة خدماتك المصرفية عبر الإنترنت أو استعمال فيس بوك، ستصاب حينها بإحباطٍ شديد جراء محاولة إنشاء متجر إلكتروني، وحتى مع توفر كلّ الأدوات سهلة الاستعمال، فعلى بساطتها لا يزال استعمالها يتطلب مهارات أساسية في استعمال الإنترنت، مثلها مثل الموارد الأخرى التي تحتاجها لبناء، تسويق وإدارة متجرك.
كُن قويًا، شُجاعًا ولا تترك للإحباط مجالًا
مما يبعث على الأمل توفر إمكانية إطلاق مشروع تجاري ناجح، حتى مع عدم توفر الأرضية الملائمة والقوية لإطلاق مشروعك. سيتطلب الأمر ترتيب أولوياتك المالية بحيث تكون مُؤَمنًا أكثر ماليًا من خلال الاستفادة المادية من الوظيفة الحالية أو تسريع المشروع مُستفيدًا من التقنيات التكنولوجية البسيطة. الظروف المذكورة أعلاه ليست ثابتة وراسخة أو سمات وصفات قد جُبلت وثبّتت. كلها عوامل قابلة للتغيير بالجهد ومع الوقت.
أما إذا تقدم بك السن كأليس وصِرت خارج قالب العشرينيات من العمر التقليدي المتعارف عليه في أوساط رُواد الأعمال على الإنترنت، فرجاءً لا يأخذنّ الإحباط منك مأخذًا ولا تُفسر المعنى من المقال أنه يٌقلل من احتمالية النجاح.
تحدثتُ في الأسبوع الماضي مع صديق يعمل في مجال التجارة الإلكترونية وكمُدرب أيضًا، أين أخبرني عن حوالي 70 شخصًا عملِ معهم أطلقوا مؤخرًا متاجر إلكترونيًة رائعًة. وأنا شخصيًا وصلني عدد مُعتبر من الرسائل الإلكترونية من مُقربين فاق عددهم 60 يُزاولون تجارتهم الإلكترونية من موقعي قوة وكفاءة.
الخلاصة؟ احرص على أن تُطلق مشروعك التجاري من المكان وبالتوقعات المُناسبين، حينها ستزيد من احتمالات النجاح.
ترجمة –وبتصرف-للمقال 4 Signs You Shouldn’t Start an Online Store لصاحبه أندرو يوديران.
أفضل التعليقات
لا توجد أية تعليقات بعد
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.