يعبر المستهلك عن رغبته في شراء منتج معين بواسطة قرار يصدر عنه يترجم لك القرار إما بشرائه للمنتج المنشود أو بالإمتناع عن شرائه، وإن مهمة دراسة المراحل الّتي يمر بها المستهلك قبل اتخاذه لقرار الشراء تعدّ مهمة صعبة لأنها ترتبط أساسًا بشخصية الفرد ورغباته والّتي تختلف من فرد لآخر وعمومًا سنحاول في هذا المقال التطرق إلى المراحل التفصيلية الأساسية الّتي يمر بها أي فرد مقبل على شراء منتج معين.
سنتعرف في هذا المقال عن مفهوم قرار الشراء ونتطرق إلى أنواعه، ثم سنكمل في المقال التالي والذي يليه الحديث عن مراحل عملية الشراء التي تنقسم إلى ما قبل اتخاذ قرار الشراء وعند الإقدام على فعل الشراء.
مفهوم عملية قرار الشراء
تعد عملية الشراء عملية ديناميكية تتكون من مجموعة من الخطوات والتأثيرات الّتي يمر بها المستهلك لاتخاذ قرار الشراء، وإن معظم النظريات الّتي اهتمت بدراسة وتفسير عملية اتخاذ القرارات الشرائية تعد هذه القرارات برمتها من أجل حلّ مشكلة تواجهه ويختلف نوع تعقيد المنتج بحسب صعوبة حل المشكلة الّتي تواجه هذا المستهلك وبالتالي يمكننا القول بأن عملية اتخاذ قرار الشراء هي: "عبارة عن مجموعة من المراحل الّتي يسلكها المستهلك من أجل حلّ مشكلة تتعلق بتلبية حاجة تخصه".
أنواع قرار الشراء
تختلف نوعية اتخاذ قرار شراء منتج معين من مستهلك إلى آخر بناءً على جملة من العوامل منها مدى تعقيد الموقف الشرائي وعدد المتدخلين في قرار الشراء، إلا أن الباحثين اختلفوا في تصنيف أنواع قرار الشراء، فمنهم من صنفه على الشكل التالي:
1. قرار الشراء الروتيني Habitual Decision Making
ويشار إليه أيضًا Routine Response Behaviour، هو أقل المواقف الشرائية تعقيدًا ويحدث في حالة كون المستهلك على معرفة جيدة بنوع المنتج وخصائصه وبالتالي يعتمد على خبرته السابقة لشراء المنتج وعادة ما يحدث هذا النوع من السلوك الشرائي عند شراء منتج ذو تكلفة قليلة من ناحية المال والجهد والوقت. فمثلا في حالة المنتجات الغذائية (مثل الملح واللبن …إلخ)، يدرك المستهلك المشكلة، ويتخذ القرار ويبذل القليل من الجهد للحصول على المعلومات من مصادر خارجية، وتقييم البدائل وتكون عملية شراء مثل هذه المنتجات مكررة وروتينية وتعد مثال على الشراء ذو الارتباط المنخفض.
2. قرار شراء المحدود Limited Problem Solving
وهو قرار شرائي متوسط التعقيد ويكون المستهلك في هذه الحالة متآلف مع منتج ما لأنه تعود على شرائه ولكنه غير متآلف مع كلّ البدائل المتاحة لذلك يحتاج للتفكير ولو بصورة بسيطة لأنه على علم بالمنتج وبحاجة إلى بعض المعلومات عن المنتجات المنافسة.
يشيع استخدام هذه الطريقة في الكثير من القرارات الشرائية للأفراد والأسر وتعتمد هذه الطريقة على تبسيط عملية الشراء عن طريق تخفيض المعلومات وتخفيض عدد البدائل ومعايير تقييمها ففي أسلوب الحل المحدود يسعى المستهلكون إلى الحصول على بعض المعلومات أو يعتمدون على صديق لمساعدتهم في تقييم البدائل وفي هذه الطريقة يقيم المستهلك مجموعة من العلامات التجارية البديلة تبعًا لميزات قليلة أو محدودة وغالبًا لا يكون لدى المستهلك متسع من الوقت والجهد مثل قرار اختيار إحدى المحمصات أو مطعم لتناول غداء سريع.
3. قرار الشراء الممتد Extended Problem Solving
ويسمى أيضًا قرار الشراء المعقد Complex Purchasing Behavior، في هذه الحالة من القرارات يكون المنتج ذو تكلفة كبيرة كشراء منزل أو سيارة …إلخ، إذ يبذل المستهلك جهدًا كبيرًا في البحث والتمحيص والاستفسار من أجل اختبار المنتج المناسب.
يتضح هذا النوع في الحالات الشراء المعقدة مثل شراء السلع والخدمات المعمرة إذ نلاحظ أن عملية جمع المعلومات أكثر تعقيدًا وصعوبة كما أن ارتباط المستهلك بالمنتج عالي وتكلفة شراء المنتج مرتفعة كما أن الوقت المستغرق في شراء سيكون طويلًا إذ تكون الفروقات بين البدائل كبيرة وتستدعي بذل جهد في الموازنة بين كلّ هذه التفاصيل مما يجعل عملية شراء مثل هكذا منتجات مرتبطة بدرجة عالية من المخاطرة ومن الأمثلة عليها شراء السيارات وانظمة الصوت.
يلخص الشكل التالي كيف تتدرج التكلفة والمخاطرة وجهد الشراء ومستوى الارتباط بالمنتج من قرارات الشراء الروتينية إلى قرارات الشراء بالغة التعقيد.
ففي قرار الشراء الروتيني الذي غالبًا ما نجده في حال شراء السلع والخدمات الأقل تكلفة في المال والجهد مثل شراء السلع الميسرة، مثل: الأطعمة والمشروبات والبنزين …إلخ، ويجب على الشركات الموجودة في السوق أن تحافظ على مستوى جودة علامتها التجارية والاستمرار بتذكير العملاء بها والحفاظ عليها في عقولهم عن طريق برامج الاتصال وتوفر العلامة التجارية في المنافذ العرض حتى لا يتحول المستهلك إلى شركة منافسة في حال عدم وجود المنتج في المنافذ القريبة منه، أما الشركات التجارية الجديدة التي تخطط لدخول أسواق شديدة المنافسة فستحتاجُ لإعادة بناء رحلة الشراء للمستهلك من خلال استخدام العينات المجانية والتخفيضات لتشجيع المستهلكين في جميع الشرائح المستهدفة على تجربة علاماتها التجارية وكسر حاجز الخوف من المجازفة وتركيز برامج الاتصال على خلق وعي بالعلامة وضمان دخولها ضمن قائمة البدائل الاعتبارية.
بالرغم من أن التصنيف السابق يغطي الكثير من قرارات الشراء إلا أن بعض الباحثين في هذا المجال وجدوا بأنه مازال لدينا بعض من القرارات العشوائية الّتي يتخذها المستهلك بخصوص قرار الشراء وهي قرار الشراء الاندفاعي Impulse Buying، وقرار الشراء الساعي للتنوع Variety Seeking Purchasing Behavior.
4. الشراء الاندفاعي Impulse Buying
ويعرف أيضًا بعملية الشراء غير المخطط لها وهي حالة من الرغبة الّتي يواجهها المستهلك عند رؤيته لشيء ما في بيئة التسوق مثل منتج معين أو علامة تجارية فهي رغبة تلقائية ومفاجئة وتسبق بوضوح سلوك الشراء الاندفاعي والّذي يحدث نتيجة للحالات الداخلية والعوامل البيئية الّتي تدفعهم للشراء، كما يتميز الشراء الاندفاعي بوجود رغبة مفاجئة بالشراء تخلق حالة من الصراع الداخلي فيحاول المستهلك حل هذا الصراع بشراء سريع بدون تقييم موضوعي للبدائل المتاحة مدفوعًا باعتبارات عاطفية ومن دون اعتبار للنتائج المترتبة على الشراء.
وعمومًا يمكن تصنيف العوامل الّتي تسبب الشراء الاندفاعي على الشكل التالي:
-
خصائص المستهلك: مثل حالته الاجتماعية والاقتصادية وجنسه ونمط حياته وخلفية الأسرة فمثلًا يمكن أن يميل المستهلك العازب الّذي يتمتع بمركز اجتماعي ومالي منخفض إلى الشراء الاندفاعي.
-
خصائص المتجر: تؤدي بيئات المتاجر التقليدية إلى تحفيز المستهلك على الشراء الاندفاعي وبينما يكتشف المستهلكون بيئة المتجر يواجهون الكثير من إشارات التحفيز مما يزيد من احتمال الرغبة في عمليات شراء اندفاعية غير مخطط لها.
-
خصائص المنتج: تشجع طبيعة بعض المنتجات المستهلكين على الشراء المنتجات مثل المنتجات منخفضة الثمن أو صغيرة الحجم أو خفيفة الوزن.
-
العوامل الظرفية: تلعب إعلانات العروض والتخفيضات للمتاجر دورًا كبيرًا في تحفيز المستهلك على الشراء وفي بعض الأحيان تلعب موظفة المتجر الودودة دورًا كبيرًا في الشراء الاندفاعي أيضًا.
لذلك أصبح من الضروري لأصحاب المتاجر امتلاك مزيج تسويقي قوي داخل المتجر بالإضافة إلى دراسة كيفية تصميم مناخ وبيئة المتجر من أجل تحقيق أرباح أعلى عن طريق تحفيز المستهلكين لعمليات شراء اندفاعية.
5. قرار الشراء الساعي للتنوع Variety Seeking Purchasing Behavior
في هذه الحالة من القرارات تكون تكلفة تبديل المنتجات منخفضة، وبالتالي قد ينتقل المستهلك، ربما بدافع الملل من علامة تجارية إلى أخرى. هذا هو الحال غالبًا مع الحلويات والمثلجات والمشروبات الغازية. ستحاول الشركات المهيمنة في مثل هذا الوضع في السوق تشجيع الشراء المعتاد وستحاول منع المستهلك من النظر في العلامات التجارية الأخرى. هذه الاستراتيجيات تقلل من سلوك تبديل العملاء. من ناحية أخرى، تسعى الشركات المنافسة لتحويل المستهلكين لشراء منتجاتها من خلال العروض الترويجية والعينات المجانية والإعلانات الّتي تشجع المستهلكين على كسر الروتين تجربة شيء جديد.
بهذا نكون قد تعرفنا على مفهوم قرار الشراء وأنواعه الخمسة حسب التصنيف المعتمد، لنتابع بالمقال التالي الذي يكمل الحديث عن مراحل عملية الشراء ما قبل اتخاذ قرار الشراء.
أفضل التعليقات
لا توجد أية تعليقات بعد
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.