في هذا المقال من سلسلة مقالات مدخل إلى عالم الأعمال سنتعرف على كيفية قيام الشركات بدخول السوق العالمية والمشاركة فيها، من خلال عرض أبرز الطرق المتاحة أمام الشركات لتدخل إلى السوق العالمية من خلالها.
أسباب التوجه إلى السوق العالمية
هناك عدة أهداف تسعى إلى تحقيقها الشركات التي تتجه نحو الأسواق العالمية، ولعل أبرزها، رغبتُها في جني مزيد من الأرباح، وإذا كان لدى شركةٍ ما منتجٌ مميز، أو ميزة تقنية ما، لا تملكها الشركاتُ المنافسةُ لها، فلا بد أن تحقق تلك الشركة نجاحًا كبيرًا في الخارج بفضل ذلك التفرد، وفي حالاتٍ أخرى، قد يكون لدى إدارة شركةٍ ما معلوماتٌ سوقيةٌ حصريةٌ حول الزبائن الأجانب، أوِ الأسواقِ الأجنبية، أو الظروف التي تسود تلك الأسواق، ففي هذه الحال، وبالرغم من أن حصرية تلك المعلومات قد تعطي حافزًا للانتقال نحو الأسواق العالمية -فعلى المديرين المعنيين إدراكُ أن المنافسين لن يقفوا مكتوفي الأيدي، بل سيلحقون بهم في نهاية المطاف، وأخيرًا، هناك عوامل أخرى قد تشجع شركةً ما على التوجه نحو الأسواق العالمية؛ ومنها إشباع السوق المحلية بالإنتاجية الفائضة، وإمكانية توفير التكاليف، أما كيف تدخلُ شركةٌ ما السوق العالمية، فهذا ما نشرحه فيما يأتي.
طرائق الدخول إلى السوق العالمية والمشاركة فيها
التصدير
عندما تقرر شركةٌ ما دخول السوق العالمية، فأبسط الطرق، وأكثرها أمانًا لتحقيق ذلك هو التصدير؛ والذي يعني بيع المنتجات المصنَّعةِ محليًا إلى زبائن في بلد آخر، ويمكن للشركة أن تبيع منتجاتها للمستوردين، أو المشترين الأجانب، وليسَ التصديرُ حكرًا على الشركات العملاقة مثل: جنرال موتورز، أو آبل، بل يمكن في الواقع لشركات صغيرة دخول السوق العالمية من بوابة التصدير -أيضًا- هذا وتحتل الصينُ المرتبة الأولى، كأكبر مُصدِّرٍ في العالم، تليها الولايات المتحدة الأمريكية. وتدَّعي كثير من الشركات الصغيرة أن عدم قدرتها على دخول السوق العالمية هو بسبب افتقارها إلى المال، والوقت، والمعرفة بالأسواق الأجنبية؛ وكلها من متلطبات التصدير، وتقدِّم ما تُعرَف ب إدارة المشاريع الصغيرة في الولايات المتحدة (US Small Business Administration)، واختصارًا (SBA)، رأس مالٍ تشغيليٍّ (أي أموالًا) للشركات الصغيرة، والمتوسطة، لمساعدتها على إنجاز مبيعاتها المعدة للتصدير وفقًا للبرنامج المسمى برنامج رأس المال التشغيلي الخاص بالتصدير (Export Working Capital Program)، كما توفر إدارة المشاريع المذكورة، المشورةَ والمساعدة القانونية للشركات الصغيرة، الراغبة في دخول السوق العالمية، وقدِ استفادت شركاتٌ عديدة من دخولها في مجال التصدير، مثل: شركة أميريكان بيلدينغ ريستوريشن برودكتس (American Building Restoration Products)، وتبيع هذه الشركة منتجاتها إلى شركات ترميم المباني في المكسيك، وفلسطين المحتلة، واليابان، وكوريا، وتمثل صادراتُ تلك الشركة 5% من إجمالي مبيعاتها.
الترخيص والامتياز
من الوسائل الفعالة الأخرى التي على الشركات اللجوء إليها لدخول السوق العالمية، والتي ليس فيها مخاطرة كبيرة -بيعُ رُخصةِ تصنيعِ منتجاتها إلى شركةٍ أخرى في دولة أجنبية، فالترخيص، أو إصدار الترخيص، هو عملية قانونية توافق بموجبها شركةٌ ما (تسمى المرخِّصة) على السماح لشركة أخرى (تسمى المرخَّص لها) باستخدام عملية تصنيع، أو علامة تجارية، أو براءة اختراع، أو سرًّا تجاريًا، أو غير ذلك من صور الملكية الفكرية الخاصة بتلك الشركة المرخِّصة، وتلتزم الشركةُ المرخَّصُ لها في المقابل بدفع رَيعٍ، أو رسمٍ يتفق عليه الطرفان.
ويعد الترخيصُ على المستوى الدولي، من القطاعات المُدرَّة لمليارات الدولارات كل عام. وتأتي التراخيص الخاصة بالتسلية، والترفيه، مثل أفلام DVD، وتلك الخاصة بالشخصيات، مثل شخصية باتمان (Batman)، فئةَ الترخيص المنفردة الأضخم، ثم تأتي العلامات التجارية في المرتبة الثانية، بوصفها أكبر مصادرِ إيراداتِ الترخيص، وترخّصُ شركةُ كاتربيلر (Caterpillar) الماركة الخاصة بها للاستثمار في مجالَي الأحذية، والملابس، حيث تلاقي رواجًا كبيرًا في أوروبا.
وقد تبنَّتِ الشركاتُ في الولايات المتخدة مفهوم الترخيص، فشركة لابات بروينع (Labbat Brewing Company) على سبيل المثال تحوز على رخصة تصنيع منتجها ميلر هاي لايف (Miller High Life) في كندا، وتحصل شركة سبالدينغ (Spalding) على أكثر من مليونَي دولار سنويًا من اتفاقات الترخيص لصناعة منتجاتها الرياضية، وتعير شركة فرووت أوف ذا لووم (Fruit of the Loom) اسمها عبر الترخيص لخمسة، وأربعين مُنتَجًا في اليابان وحدها، مقابل نسبةٍ بحدٍّ أدنى هو 1% من صافي مبيعات الشركات التي ترخِّص لها.
وتشترط الشركة المرخِّصة ضمانًا يمكنها من ممارسةَ رقابةٍ كافية على أنشطة الشركات التي تمنحها الترخيص، حرصًا منها على الجودة، والتسعير، والتوزيع، وأمورٍ من هذا القبيل، وقد يؤدي الترخيص إلى خلقِ منافسين جدد، إذا ما قرر الطرف المرخَّص له إبطال عقد الترخيص، فلا تمتلك الدول قانونًا فعالًّا من أجل إيقاف مثل تلك التصرفات، وهناك طريقتان تُمكِّنان الطرف المرخِّص من ممارسة رقابةٍ على الطرف المرخَّص له من قبل الطرف الأول؛ الأولى: عبر شحن مكوِّنٍ أساس، أو أكثر من الولايات المتحدة الأمريكية، والثانية: عبر تسجيل براءاتِ الاختراع، والعلامات التجارية باسمه على الصعيد المحلي.
وننتقل الآن إلى الحديث عنِ الامتياز؛ الذي يعد أحد صور الترخيص التي تطورت بسرعة في السنوات الأخيرة، ويُشغِّلُ العديد من أصحاب حقوقِ الامتياز في الولايات المتحدة آلاف منافذ البيع في الدول الأجنبية، وتتبع أكثر من نصفِ الامتيازاتِ الدولية لقطاعَي مطاعم الوجبات السريعة، وخدمات الأعمال التجارية، وقد قررت ماكدونالدز بيعَ متاجرها الصينية لمجموعة من المستثمرين الخارجيين مقابل 8.1 مليار دولار، ولكنها احتفظت بنسبة 20% من الأسهم.
ولا يعني حصولُك على حق امتيازٍ من شركةٍ ذاتِ اسمٍ مشهور، أنَّ النجاح سيكون حليفكَ لا محالة، وأنَّ العمل سيكون سهلًا، ومن الأمثلة على ذلك أنَّ شركة هوم ديبوت (Home Depot) أغلقت متاجرها في الصين، حيثُ كانت قدِ افتتحت اثني عشر متجرًا، لتقدم خدماتها للشعب الصيني ذي التعداد الكبير، فلو كانت تلك الشركةُ قد أجرت بحثًا تسويقيًا لَعَلِمَت أنَّ غالبية سكان المدن يقطنون في شقق حديثة التشييد، وأن المجتمع المحلي هناك ينظر إلى أسلوب عمل تلك الشركة كنوع من الازدراء، والذي يرمز إلى الفقر هناك -أيضًا- وهو أسلوبٌ يتضمنُ بيعَ كل لوازم العمل للزبون الذي عليه إنجازُ ذلك العمل بنفسه، وهو ما يُقال فيه أنجِزِ العملَ بنفسك (DIY: Do It Yourself). وعندما افتتحت شركةُ سب واي (Subway) أول متجرِ سندويش لها في الصين، كان السكان المحليون يقفون خارج المتجر، ويكتفون بالتفرجّ، وذلك على مدى عدة أيام، إذ كان على القائمين على ذلك المحل طباعة لافتاتٍ تشرح كيفية طلب سندويش، ولم يصدِّقِ الناسُ هناك أن سلطة التونة كانت مصنوعة من السمك؛ لأنهم لم يرَوَا الرأس، ولا الذيل، ولم تَرُقْ لهم فكرةُ لمس طعامهم، ولا مسكُ السندويش بشكل عمودي، وإزالة الورق الملفوف به، وتناوُلها مثل الموزة. ففي المقام الأول، لم يُردِ الصينيون تناول السندويش.
ومن المعتاد أن تقوم سلاسل المطاعم الغربية بتعديل استراتيجياتها عند البيع في الصين، فشركة ماكدونالدز أضافت برغر دجاج حار (حِرّيف) لعلمها أن الصينيين يفضلون الدجاج على لحم الأبقار، كما تخلَّت شركة كنتاكي عن سلطة الكرنب لصالح الأطباق الموسمية، مثل: الجزر المقطَّع وأغصان الخيزران.
عقد التصنيع
بموجب عقد التصنيع، تستطيع أي شركةٍ أجنبيةٍ أن تنتجَ سلعًا ذات علامة تجارية خاصة، تحتَ اسم علامة، أو وسم شركة محلية، ويمكن تولّي التسويق، إما من قبل الشركة المحلية، أو الشركة الأجنبية المصنّعة، فشركة ليفي شتراوس على سبيل المثال، عقدتِ اتفاقًا مع دار الأزياء الفرنسية كاشاريل (Cacharel) لإنشاء خط إنتاج جديد خاص بوسم ليفايس، يسمى سمثينغ نيو (Something New)، للتوزيع في ألمانيا.
وتتمثل الفائدة من عقد التصنيع، في أنه يسمح للشركة أن تجسّ نبض الأسواق في البلد الأجنبي، كما أن سماح الشركة المحلية، لشركةٍ أجنبية بإنتاج كمية معينة من المنتجات، وفقًا للمواصفات، ووضعِ اسم الوسم، أو العلامة الخاصة بها (أي الخاصة بالشركة المحلية)على السلع التي تنتجها (الشركةُ الأجنبية)، يمكّنها من توسيع قاعة التسويق العالمية الخاصة بها، دون الحاجة إلى الاستثمار في المصانع، والمعدات في الخارج. وقد تنتقل الشركةُ المحلية إلى مشروعٍ مشترك، أو استثنارٍ مباشر، وهو ما سنشرحه فيما يأتي.
المشروعات المشتركة
تتشابه المشروعات المشتركة إلى حدٍّ ما مع اتفاقات الترخيص، ففي المشروع المشترك، تشتري الشركة المحلية جزءًا من شركةٍ أجنبية، أو تنضم إلى شركة أجنبية أخرى؛ لإنشاء كيانٍ جديد، ويعد المشروع المشترك طريقة سريعة، وغيرَ مكلفةٍ نسبيًا لدخول السوق العالمية، ولكنها قد تحملُ مخاطرة كبيرةً جدًا، إذ يفشلُ العديد منها، في حين يقع بعضها فريسةَ الاستيلاء عندما يشتري الشريكُ شريكَه.
وتشترط الدولُ أحيانًا، وجود شركاء محليين لتأسيس شركة على أراضيها، وكان هذا مطبَّقًا في الصين على سبيل المثال، حتى وقتٍ ليس ببعيد، بالنسبة لعدد من الصناعات، وبذلك، فقد كان المشروع المشترك، السبيل الوحيد لدخول السوق، وتساعد المشروعات المشتركة في تقليل المخاطر عبر المشاركة في التكاليف، والتقنية، وغالبًا ما يجمع المشروع المشترك نقاطَ القوة التي لدى كل طرف منه؛ وهذا ما كانتِ الحالُ عليه في المشروع المشترك بين شركتي جنرال موتورز وسوزوكي في كندا، الذي ساهم كل طرف فيه بما لديه من نقاط قوة وكَسِب، وقد أُنشئ التحالف المسمى كامي أوتوموتيف (CAMI Automotive) بين الشركتين المذكورتين؛ لإنتاج سيارات بالتكلفة الدنيا موجَّهة إلى السوق الأمريكية.
ويُنتجُ المصنع الذي كانت تتولى أدارتَه شركة سوزوكي، سيارات شفروليه إيكيونوكس وشيفروليه بونتياك، بالإضافة إلى سيارة سوزوكي الرياضية متعددة الأغراض الجديدة (Suzuki SUV). وقد أُتيحَ لشركة سوزوكي عبر تحالف كامي أوتوموتيف الوصولُ إلى شبكة تجار السيارات التابعة لجنرال موتورز، إلى جانب سوقٍ واسعة لقطع السيارات، ومكوناتها، أما جنرال موتورز، فقدِ استفادت من ذلك التحالف بتوفير التكاليف المترتبة على تطوير سيارات التكلفة الدنيا، كما حصلت على طرازاتٍ كانت بحاجة إليها لتنشيط التكلفة الدنيا في خط الإنتاج الخاص بها، وتصنيفِ المعدلِ الوسطي لتوفير الوقود في سياراتها، وبعد النجاح الذي حققه مشروعها المشترك مع سوزوكي، حازت جنرال موتورز على السيطرة الكاملة على عملية الإنتاج فيه، وكان ذلك في العام 2011. وقد يكون مصنع كامي أحد أكثر المصانع إنتاجيةً في أمريكا الشمالية، وقد تعلمت جنرال موتورز كيفية استخدامِ اليابانيين فرق العمل لديهم، وطريقة إدارتِهم خطوطَ تجميعٍ تتسم بالمرونة، وأسلوب مراقبة الجودة من قبلهم.
الاستثمار الأجنبي المباشر
تسمى الملكية الفعلية لشركة أجنبية، أو لمنشآت تصنيعٍ، أو تسويق في الخارج؛ استثمارًا أجنبيًا مباشرًا، ويمتلك المستثمرون المباشرون حصة مُسيطِرة، أو حصةَ أقلية كبيرة في الشركة، ولذلك فهم يحظون بأكبر العوائد المتوقعة من أرباح الشركة، ولكن عليهم في المقابل مواجهة أكبر المخاطر المحتملة، ويمكن لشركةٍ ما، القيام باستثمارٍ أجنبي مباشر باكتساب حصةٍ في شركةٍ قائمة، أو ببناء منشآتٍ جديدة، وقد يدفعها إلى القيام بذلك مشاكل في تحويل بعض الموارد لصالح عملية إنتاجٍ في بلد أجنبي، أو لصعوباتٍ في الحصول على تلك الموارد على الصعيد المحلي، ويبرز طاقم الموظفين كأحد الموارد المهمة للمستثمرين المباشرين، وخصوصًا المديرين منهم، فإذا كان سوق العمل محدودًا، فقد تشتري الشركةُ شركةً أخرى أجنبية، مع الاحتفاظ بموظفيها، بدلًا من دفع رواتب أعلى من التي يدفعها منافسوها.
وتلجأ الشركات -أحيانًا- إلى الاستثمار الأجنبي المباشر لعدم عثورها على شريكٍ محلي مناسب، كما تُجنِّبُ الاستثمارات المباشرة مشاكل التواصل، وتعارض المصالح، التي تظهر في المشاريع المشتركة؛ فقد أصرت شركة آي بي إم في الماضي على الملكية الكاملة لاستثماراتها الأجنبية، لأنها لم تُرِد مشاركة تفضي إلى السيطرة مع أي شريك محلي.
وقد أبلت شركةُ جنرال موتورز بلاءً حَسَنًا بصنعها شاحنة صغيرة يبلغ سعرها 4400 دولار أمريكي (29800 يوان صيني) والتي يكفيها غالون وقودٍ واحد لتمشيَ مسافة 43 ميلًا ضمن المدينة، أما سيارة وولينغ صن شاين (Wuling Sunshine) الصينية، فهي بربع قوة الأحصنة التي لدى السيارات الأمريكية، وتسارُعُها بطيء، ولا تتجاوز سرعتها القصوى 81 ميلًا في الساعة. كما إن سماكة مقاعد تلك السيارة الصينية لا تتجاوز ثلث سماكة مقاعد طرازات السيارات الغربية، ولكن تلك السيارة الصينية تبدو فخمةً مقارنة بالسيارات الصينية الأخرى المشابهة، وقد جعلتِ الشاحناتُ الصغيرة شركةَ جنرال موتورز أكبر بائعٍ للسيارات في السوق الصينية، كما جعلت من تلك السوق مركز ربح كبير بالنسبة جنرال موتورز.
وبالحديث عن شركة وول مارت، فهي تمتلك ما يزيد على 6000 متجر خارج الولايات المتحدة، وقد بلغت مبيعاتُها على المستوى الدولي أكثر من 116 مليار دولار. وتبلغ نسبة المتاجر الجديدة المُفتتحة في الأسواق العالمية حوالي ثلث متاجر تلك الشركة الجديدة.
ولم يُكتَبِ النجاحُ لجميع الاستثمارات الخارجية لشركة وول مارت، ففي ألمانيا، اشترت وول مارت سلسلة المتاجر الخاصة بسوق فياتكوف (Wertkauf) ذات الواحد والعشرين طابقًا، ثم اشترت 74 متجرًا تابعًا لشركة إنترسبار (Interspar) البالية وغير المربحة، وقد أدتِ المشاكل الناجمة عن دمجِ تلك المحلات، وترقيتها إلى خسائر بلغت 200 مليون دولار على أقل تقدير، كما هو حال المحلات الألمانية الأخرى. لقد كان على محلات وول مارت في ألمانيا الإغلاقُ عند الساعة الثامنة مساءً، وفي أيام العطل. وعند الساعة الرابعة مساءً أيام السبت؛ ولم يكن يُسمَح للمحلات بأن تفتح أيام الأحد أبدًا، وذلك وفقًا للقوانين هناك، فكانت التكلفة باهظة جدًا، مما دفع وول مارت إلى ترك سوق التجزئة الألماني.
ولكن وول مارت تعافت من تلك التجربة المريرة فيما يخص استثماراتها الدولية؛ إذ باتت تلقي عبء الاضطلاع بالسلطة التشغيلية على مديرين من البلد الذي تستثمر فيه، لتستجيب بشكل أفضل للثقافة المحلية في كل بلد تطؤه أقدامها، وتفرض وول مارت مبادئ جوهريةً محددة من قبيل الأسعار اليومية المنخفضة، ولكنها تفوض مديريها في تلك البلدان بإنجاز عمليات الشراء، والأمور اللوجستية، وتصميم المباني، وسواها من القرارات المتعلقة بالتشغيل.
وتغير الشركات العالمية استراتيجياتها وفقًا لتطور الظروف في الأسواق المحلية. فمثلًا، على شركات النفط العملاقة مثل شل وإكسون موبيل التكيف معَ التغيرات المتسارعة في أسعار النفط، والتي أفرزتها التطورات التقنية، ومنها إنتاجُ سياراتٍ ذات كفاءة في استهلاك الوقود، وعملياتُ استخراج النفط بالتصديع المائي، أو الهيدروليكي، وعمليات الحفر الأفقي الموجه.
التجارة التبادلية
قد لا تتضمن التجارة الدولية دفع أموال بالضرورة، فالتجارة التبادلية اليوم هي طريقة سريعة النمو لتنفيذ أي عملٍ تجاري على المستوى الدولي، ووفقًا للتجارة التبادلية، يكون المقابل الجزئي، أو الكلي للسلع، والخدمات سلعًا، وخدماتٍ أخرى، وهي شكلٌ من أشكال المقايضة (مبادلة سلعٍ بسلع) التي تعد ممارَسَةً مُغرِقة في القِدَم، ويدل اقتفاءُ أثرها على أنها تعود إلى عصر إنسان الكهف، ووفقًا لتصريحات وزارة التجارة في الولايات المتحدة، فإنَّ حوالي 30% من التبادلات التجارية الدولية، عبارة عن تجارةً تبادلية، وفي كل عام تنخرطُ حوالي 300 ألف شركة أمريكية في هذا النوع من التجارة، وتقايض شركاتٌ أمريكية مثل جنرال إلكتريك، وبيبسي، وجنزال موتورز، وبوينغ ملايين السلع، والخدمات كل عام. وقدِ اشترتِ الحكومة الماليزية مؤخرًا عشرين عربة قَطْرٍ تعمل بالديزل منَ الصين دفعت ثمنًا لها زيتَ نخيل.
ترجمة -وبتصرف- للفصل (Competing in the Global Marketplace) من كتاب introduction to business
أفضل التعليقات
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.