لا يوجد طريقة أفضل لشركتك أو لفريقك لتحقيق وعيش عقلية الناس أولًا أكثر من الالتزام بالتنوع والشموليّة. وما هو مفيد لموظّفيك هو مفيد لشركتك كذلك، إليك لماذا:
في مقالنا السابق عن أساسيات التنوع في مكان العمل، قدّمنا بعض الإحصائيات والأرقام المفاجئة عن الواقع الحالي للتنوّع والشمول في مكان العمل، ولماذا الآن هو أفضل وقت لتطبيق هذه الاستراتيجية كمفتاح رئيسي لمستقبل شركتك. سنتحدث في مقالنا هذا عن بعض الفوائد الفريدة والملموسة التي يمكن أن تجدها عندما تسعى إلى احتضان الاختلافات بمختلف أنواعها ضمن شركتك أو فريقك.
1. يجعل عملية التوظيف أسهل ويقلّل من رفض الموظفين
تُصنّف هاتان الفائدتان عادة منفصلتين عن بعضهما لكنّهما في الواقع متماثلتان. وهما مثال رئيسي عن لماذا لا يوجد تنوع بدون شمول.
نعلم سلفًا أنّ نجاح شركتك أو فريقك يعتمد على موظّفيك، والمنافسة على المواهب في هذه الأيام هي أشد من أي وقت مضى. ومع استمرار تحوّل العديد من دول العالم إلى دول متعدّدة الحضارات، من الطبيعي أن يبدأ الناس أكثر وأكثر بوضع التنوع كعامل رئيسي في اختيارهم لمكان عملهم.
وفق استطلاع رأي أجرته شركة PwC عام 2017، بحث 54% من النساء و 45% من الرجال عن سياسات التنوع والشمول التي تتّبعها الشركة قبل قبول عرض عمل فيها. بالإضافة إلى ذلك بحث 61% من النساء و48% من الرجال بشكل خاص عن تنوع الفريق الإداري في تلك الشركات. ومن غير المثير للدهشة أنّ هذه الأرقام ارتفعت بشكل كبير عند التحدث مع الأقليّات.
كما قالت فيرنا مايرس في تقرير على لينكد إن عن صيحات التوظيف حول العالم عام 2018: "التنوع هو كأن تُدعى إلى الحفلة، الشمول هو أن تدعى إلى الرقص، أما الانتماء هو كالرقص وكأنّ لا أحد يشاهدك".
أن تكون قادرًا على إثبات أنّ التنوع راسخ في جذور مؤسستك، سيساعدك على إيجاد أفضل المرشّحين للوظيفة، لكن ما إن يتم توظيفهم، فإنّ ثقافة المؤسسة الشموليّة هي التي ستساعدك على الحفاظ عليهم، وهو الجزء المهم فعليًا من هذه المعادلة.
يقع عاتق تحقيق ثقافة الشمول ضمن المؤسسة على كل فرد من أفرادها. وفي حين أنّ البدء بهذه العقليّة والثقافة هو مسؤولية القيادة والموارد البشرية، فإنّ مدراء أقسام المهام الروتينيّة واليوميّة هم من يملك القدرة على جعل الانتماء واقع لأعضاء فريقهم. فعلى الرغم من أنّ مبادرات المؤسسة لتحقيق التنوع هي أمر هام، لكن المدراء الذين يعملون على تحقيق العدالة وبناء الثقة ضمن مجموعتهم وخلق فرص للتطور والاحتفاء بالقيمة التي تجلبها اختلافات الموظفين نحو تحقيق أهداف الفريق، هم من يستطيعون حث الأشخاص على الرغبة بالبقاء.
وهو أمر عالي الأهمية عند النظر إلى الموارد والتكاليف التي يتطلّبها توظيف وتدريب موظف جديد، والتي تقدّر بما يساوي 20% من راتبه السنوي أو أكثر.
يحقق الشمول في أماكن العمل سمعة جيدة للمؤسسة، داخلها وخارجها، أمام الأشخاص الذين تسعى إلى توظّيفهم وتطويرهم. وتكسب بذلك فائدة تجنّب رفضهم، والتي تشكّل بحد ذاتها رسالة قويّة عن ثقافة شركتك. كل ذلك بالتماشي مع إثبات أنّ استراتيجية الاحتفاظ كذلك هي أفضل استراتيجية للتوظيف يمكن اعتمادها.
نصائح للمدراء:
-
لا تتحدث عن العمل فقط، تعرّف على موظفيك على مستوى شخصي. ابدأ اجتماعاتك بهذه الطريقة ويمكنك مثلًا دعوة الجميع إلى التحدث عما قاموا به خلال عطلة الأسبوع في بداية الاجتماع، مما يساعدهم على التواصل مع بعضهم بعضًا أيضًا.
-
اظهر أنّ الاحترام وقبول الآخر هما من قيم الفريق الأساسيّة من خلال تطبيقك لهما في جميع الأوقات. انشئ بيئة المتوقع فيها أن يتصرف الآخرون بنفس الطريقة، وتعمل على تسهيل الحواو والنقاش، لتحرص على حصول الجميع على حصص متساوية من الأصوات.
- افهم الاحتياجات المختلفة لفريقك بناءًا على أعمارهم وثقافاتهم وأديانهم وإعاقاتهم … إلخ، واحرص على التوفيق بينها قدر الإمكان.
2. يصنع فريقًا أفضل وأسرع أداءً وأكثر إبداعًا
الآن، بعد أن بنيت ثقافة التنوع في سياسة شركتك وجمعت فريقًا متنوّعًا، ما الذي تستطيع توقّعه كمدير من هذا الفريق؟ طالما أنّك أنشأت لهم بيئة تساعدهم على الازدهار، فإن بعض من النتائج المذهلة ستخرج منهم.
في حين قد يبدو أنّ وجود خلفيات عرقيّة وثقافيّة مختلفة سيجلب تلقائيًّا منظورات إبداعية متنوعة إلى فريقك، بدأت بعض الدراسات باستكشاف العلاقة ما بين التنوع والإبداع بشكل مباشر.
أحد الأفكار الرئيسيّة التي ظهرت هي أنّ الأشخاص الذين تعرّضوا لثقافات مختلفة وخاضوا علاقات أعمق بين مختلف الثقافات، يصبحون أكثر إبداعًا كنتيجة لذلك. ينبع ذلك الإبداع من المرونة العقلية التي يتطلّبها غالبًا التفاعل الهادف والمتكرر مع شخص من ثقافة مختلفة.
لكن المفتاح الرئيسي للحصول على هذه النتائج، هو عمق هذه العلاقات بين أعضاء فريقك. لن تتمتّع العلاقات السطحية غالبًا بنفس الفوائد، وهو سبب إضافي لماذا على المدراء صقل الشموليّة والانتماء والعلاقات التعاونية الحقيقة على مستوى فريقهم. كما قال مؤلفي أحد الدراسات المنشورة في مجلة علم النفس التطبيقي Journal of Applied Psychology:
اقتباس"بعد ضمان وجود مستوى كافي من التنوّع والتفاعل الثقافي، على المؤسسات رعاية بناء علاقات وطيدة بين الموظفين من ثقافات مختلفة".
ليست كل أنواع التنوع بسيطة كبساطة التنوع بين الجنسين أو التنوع العرقي أو العمري. فالتنوّع الفكري أو التنوع المعرفي يتمحور حول تحقيق أكبر فائدة ممكنة من وجهات النظر أو أساليب تحليل المعلومات المختلفة، وله قيمة كبيرة جدًا فيما يخص سرعة وكفاءة عمل فريقك.
في الواقع من الممكن أن تملك فريقًا متنوعًا ظاهريًّا فقط. وفي حال كان لدى جميعهم نفس طريقة التفكير عند التعامل مع مواقف جديدة معقّدة وشائكة، قد لا يتمكّن الفريق من إيجاد حلول سريعة ومبتكرة لهذه المواقف. أظهرت دراسة قامت بها مجلة Harvard Business Review أنّ الفُرق التي تملك أكبر معدّل من التنوع في كل من المعالجة المعرفية ووجهات النظر كانت الأسرع في إكمال تحديّاتها، بينما الفرق الأقل تنوعًّا معرفيًّا إما استغرقت وقتًا أطول بشكل كبير أو انسحبت من كامل الاختبار.
يجب السعي إلى التنوع المعرفي وتشجيعه والحفاظ عليه بشكل فعّال. تجنّب التحيّز أثناء التوظيف، من خلال عدم توظيف الأشخاص المناسبين لثقافة مؤسستك فقط، بل اختيار من يستطيع "الإضافة" على هذه الثقافة. انتبه أيضًا إلى أنّ التنوع المعرفي قد يُكبح بسرعة كنتيجة للضغط الناجم عن محاولة الاندماج. لذا يعد تعزيز السلام والأمان النفسي في كل فريق هو أمر هام إن كنت تريد أن يمتلك الأشخاص الثقة الكافية ليكونوا على طبيعتهم ولتقديم وجهات نظرهم الفريدة، وكشف الجوانب التي لا يمكن لأحد آخر رؤيتها. أو كما اقترح أليسون رينولدز وديفيد لويس الكتّاب في مجلة Harvard Business Review:
اقتباس".. احرص على أن تراعي عملية التوظيف لديك الاختلاف وأن يكون الاختيار معتمدًا على التنوع المعرفي. وعندما تواجهك مشكلة جديدة معقّدة وشائكة والجميع متفق على ما يجب فعله، ابحث عن الشخص الذي يعارض ذلك وشجّعه."
لمزيج التنوع والشمول والانتماء القدرة على تحقيق نتائج مذهلة للشركات التي تشجّع عليه، كما هو موضّح في الدراسات التالية عن أداء الفريق:
أظهر تحليل أجري عام 2009 على 506 شركة، أنّ الشركات التي تمتلك معدل أعلى من التنوع العرقي أو الجنسي، كان لديها إيرادات بيع وزبائن وأرباح أكثر.
ووجد تحليل أجري عام 2016 على أكثر من 20000 شركة من 91 دولة، أنّ الشركات التي لديها مدراء تنفيذيين نساء بنسبة أكبر، كانت أرباحها أكبر.
وأظهرت دراسة من عام 2011، أنّ الفرق الإدارية التي لديها نطاق أوسع من الخلفيات العلمية والعملية أنتجت منتجات أكثر ابتكارًا.
يعود جزء من السبب وراء هذا النجاح إلى أنّه في حين قد يتفق أعضاء الفريق المتشابهين مع بعضهم البعض بسرعة أكبر ويصلون إلى الحلول بسهولة أكبر، مع توّلد شعور بالفعاليّة لديهم، فإنّ ذلك يميل فعليًّا إلى تحقيق مستوى أداء كلي أسوء.
تعرُّضنا إلى التنوع الفكري والثقافي بشكل يومي يجبرنا على إعادة هيكلة و صياغة أساليبنا للتغلب على التحديات. وعند تطبيق هذا الجهد والنقاش بشكل فعّال ومثمر، هو تحديدًا ما سيقود الفرق المتنوعة إلى تحقيق نتائج أفضل لشركاتها.
نصائح للمدراء:
- خطّط لنشاطات لا علاقة لها بالعمل، خارج المكتب (خلال أوقات العمل) ويستطيع الجميع المشاركة بها، أو جرّب دعوة الفريق مرة في الشهر إلى الغداء ليتعارفوا على بعضهم البعض أكثر.
- اسمح بعدم الاتفاق. عندما تحقق وجهة نظر فريدة لأحد أعضاء الفريق نجاحًا للفريق، احتفل بذلك. سيمنح ذلك هذا الشخص الثقة للاستمرار بذلك وسيشجع الآخرين على القيام بذات الأمر.
- سلّم مهمة إدارة اجتماعات الفريق كل مرة إلى شخص مختلف. اطلعهم على أهداف الاجتماع، واترك لهم الفرصة لطرح ذلك بطريقتهم الخاصة، فهناك شيء ما لتعلّمه من كل شخص.
3. يغذّي علاقتك مع الزبائن
بقدر أهمية أن ترى القوى العاملة المتنوعة لديك نفسها ممثلة ضمن مجلس إدارة شركتك، كذلك على زبائنك الشعور بأنّ شركتك متفهّمة وملبيّة لاحتياجاتهم وتعبّر عنهم في كل مرة يتعاملون معك.
مهما كان نوع المنتج أو الخدمة التي تقدّمها، فإنّ التنوع موجود في قاعدة زبائنك (وهو بازدياد)، سواء كان موجودًا داخل مؤسستك أم لا. بمعنى آخر، عندما يتعلق الأمر بزبائنك، فإنّ استراتيجية اعتماد مقاربة واحدة لتناسب الجميع أصبحت من الماضي.
وفقًا لمركز الإحصاء الأميركي فإنّ 56% من السكان الأميركيين سيتكوّن من الأقليات بحلول عام 2060. أضف أنّنا نعيش في عصر الاقتصاد العالمي الرقمي، حيث يمكن للأشخاص من مختلف الحضارات ومن جميع أنحاء العالم العثور على شركتك والتعامل معها.
يتطلّب الأمر تنوعًا في الأفكار والخلفيات لتفهم بشكل حقيقي الشرائح المختلفة المكوّنة للسوق الخاصة بك، بالإضافة إلى امتلاكك القدرة على الوصول إلى شرائح جديدة. ولا يوجد سبيل لتحقيق ذلك أفضل من أن تعمل على أن تملك مختلف هذه الشرائح صوتًا يعبّر عنها ضمن مختلف مستويات القوى العاملة لديك.
تواجه الكثير من الشركات صعوبة في إيجاد مرشحين متنوعيّن لأدوار معيّنة، وتعمل العديد من المبادرات على إيجاد حلول لهذه المشكلة.
على سبيل المثال، على الرغم من استمرار قطّاع التصميم بالنمو فإنّ الخبراء العاملين فيه من أصول أفريقية ولاتينية لازالوا يمثلّون الأقليّة. ويشير مشروع Inneract Project الغير ربحي أنّ الأفارقة واللاتينيون لا يشكّلون سوى 6% و10% بالترتيب من جميع خريجي كليات التصميم، مقابل 52% من العرق الأبيض.
الحل المقترح كان إنشاء مجتمع أكثر تنوّعًًا من المصممين في مجال التكنولوجيا من خلال البدء مبكرًا، وربط الشباب الأقل حظًا والمحرومون بمسارات تقدّم لهم المهارات والموارد والفرص الضرورية للعمل في هذا المجال.
قال موريس وودس مؤسس Inneract Project: "تمثّل الصور التي نراها على التلفاز، في الإعلانات والتطبيقات والتصاميم في جميع أنحاء العالم (...) الطريقة التي يرى بها العالم ويبني آراءه حول العرقيات والايديولوجيات والحياة، والأهم من ذلك الطريقة التي ترى بها المجموعات المهمّشة نفسها. وبالتالي التنوّع في مجال التصميم هو أمر بالغ الأهمية".
ويرتبط ذلك كلّه بطريقة اتصالك مع زبائنك. فكلّما امتلك الزبائن فرصة أكبر لرؤية أنفسهم ممثلين بشكل حقيقي داخل وعبر الشركات التي تواصلوا معها، كلما كان بإمكانهم الارتباط بهذه الشركات، وبناء اتصال ذي معنى معها، وكذلك توليد نتائج عمل أفضل.
على نفس القدر من الأهميّة، سيرى هؤلاء أنفسهم ضمن مسارات مهنية جديدة وأكثر وضوحًا، مما يخلق مجموعة أكثر تنوعًا من المرشحين ويسهّل عملية التوظيف على الشركات في المستقبل.
يؤكّد ليشيا روميرو مدير قسم الشراكات في Inneract Project: "أن تقول لطفلٍ ممثل تمثيلًا ناقصًا أنّه يمكنك أن تكبر لتصبح ما تريد، هو شيء، وأن يرى هذا الطفل مصممًا كان مثله وتمكّن من العمل في المجال المهتم به ويجني أرباحًا جيدة، هو شيء آخر".
ترجمة -وبتصرف- للمقال 3 Powerful Benefits of Diversity in the Workplace لصاحبته Justin Fragapane
أفضل التعليقات
لا توجد أية تعليقات بعد
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.